9 Nov 2008
خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول يوجب العلم
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ): (وَلِهَذَا
كَانَ جُمْهُورُ أَهْلِِ العِلْمِِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوائفِ عَلَى أنَّ
خَبَرَ الوَاحِدِ إِِذَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالقَبُولِ تَصْدِيقًا
لَهُ أَوْ عملاً بِهِ ، أنَّهُ يوجِبُ العلمَ ، وهَذَا هو الَّذِي ذَكَرَهُ
المصنِّفُونَ فِي أُصُولِ الفِقْهِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ
وَمَالِكٍ وَالشَّافعيِّ وَأَحْمَدَ ، إِلاَّ فِرْقَةً قَلِيلَةً مِنَ
الْمُتَأَخِّرِينَ اتَّبعُوا فِي ذَلِكَ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكَلاَمِ
أَنْكَرُوا ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْكَلامِ ، أَوْ
أَكْثَرَهُمْ يُوافِقُونَ الفُقَهَاءَ وَأَهْلَ الْحَدِيثِ وَالسَّلَفَ
عَلَى ذَلِكَ .
وَهُوَ
قَوْلُ أَكْثَرِ الأَشْعَرِيَّةِ كَأبِي إِسْحَاقَ وابنِ فُورَكَ . وأمَّا
ابنُ الباقلانيِّ فَهُوَ الَّذِي أَنْكَرَ ذَلِكَ ، وَتَبِعَهُ مِثْلُ
أَبِي الْمَعَالِي، وَأَبُو حَامِدٍ ، وابنُ عَقَيلٍ ، وابْنُ الْجَوْزِيِّ
، وابنُ الْخَطِيبِ وَالآمِدِيُّ ، وَنَحْوُ هَؤُلاَءِ .
وَالأَوَّلُ
هُوَ الَّذِي ذكَرَهُ الشَّيخُ أَبُو حَامِدٍ ، وَأبُو الطَّيِّبِ ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ ، وَأَمْثَالُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافعيَّةِ .
وَهُوَ
الَّذِي ذَكَرَهُ القَاضِي عَبْدُ الوهَّابِ ، وَأَمْثَالُهُ مِنَ
الْمَالِكِيَّةِ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ شَمْسُ الدِّينِ السَّرَخْسِيُّ
، وَأَمْثَالُهُ مِن الْحَنَفِيَّةِ .
وهو
الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلََى ، وَأَبُو الخطَّابِ ، وَأَبُو الْحَسَنِ
بْنُ الزَّاغونيِّ ، وَأَمْثَالُهُم مِن الْحَنْبَلِيَّةِ).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: محمد بن صالح العثيمين (مفرغ)
القارئ: ("ولهذا
كان جمهور أهل العلم من جميع الطوئف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة
بالقبول تصديقاً له أو عملاً به أنه يوجب العلم , وهذا هو الذى ذكره
المصنفون فى أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد إلا فرقة
قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك.
ولكن
كثيراً من أهل الكلام أو أكثرهم يوافقون الفقهاء وأهل الحديث والسلف على
ذلك , وهو قول أكثر الأشعرية كأبي إسحاق وابن ( غير مسموع ) وأما ابن أبي
الباقلاني فهو الذي أنكر ذلك وتبعه مثل أبي المعالي وأبي حامد وابن عقيل
وابن الجوزي وابن الخطيب والآمدي ونحو هؤلاء , والأول هو الذي ذكره الشيخ
أبو حامد وأبو الطيب وأبو إسحاق وأمثاله من أئمة الشافعية وهو الذي ذكره
القاضي عبد الوهاب وأمثاله من المالكية , وهو الذي ذكره شمس الدين السرخسي
وأمثاله من الحنفية , وهو الذى ذكره أبو يعلى وأبو الخطاب وأبو الحسن بن
الزاغوني وأمثالهم من الحنبلية وإذا كان...").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (ذكر
المذاهب الأربعة الآن...أقول إن المؤلف رحمه الله ذكر عن علماء المذاهب
الأربعة وهو يدل على سعة اطلاعه رحمه الله , وهذه المسألة من مسائل أصول
الفقه وأصول الحديث أي في المصطلح وفي أصول الفقه , هل الخبر خبر الآحاد
إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقاً له إن كان خبرا وعملاً به إن كان طلباً هل
ذلك يفيد العلم واليقين؟
فيه الخلاف الذي ذكره المؤلف , ولكن جمهور علماء المسلمين على أنه يفيد العلم واليقين.
وقد
سبق لنا هذا في المصطلح , وذكر ابن حجر أنه يفيد العلم بالقرائن , وهذا هو
الحق فإن أحدا لا يتطرق إليه الشك في أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) مع أنه خبر آحاد , ولا نشك في أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) مع أنه خبر آحاد إلى غير ذلك مما هو خبر آحاد , ومع ذلك يفيد العلم اليقيني لكثرة الشواهد التي تثبته ولتلقي الأمة له بالقبول نعم
ردا
على سؤال غير مسموع:لا السفاريني متأخر نعم لا الأخير أبو الخطاب لكن
الخطيب (غير مسموع ) أبو المعالي وأبو حامد هذا شافعية , وابن عقيل وابن
الجوزي هؤلاء حنابلة , وكذلك الآمدي من الحنابلة أما ابن الحطيب لا أدري
,نعم).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (ت: 1430هـ): (قوله:(ولهذا
كانَ جمهورُ أهلِ العلْمِ مِنْ جميعِ الطوائفِ على أنَّ خَبرَ الواحدِ إذا
تَلَقَّتْهُ الأمَّةُ بالقَبولِ تَصديقاً لهُ أوْ عَمَلاً بهِ، أنَّهُ
يُوجِبُ العِلْمَ).
وهذا
فيهِ خِلافٌ، فمِنهم مَنْ قالَ: إنَّهُ يُوجِبُ العلْمَ القطعِيَّ، وهذا
هوَ الصحيحُ، ومنهم مَنْ قالَ: إنَّهُ يُوجِبُ العلْمَ بالقرائنِ إذا
احْتَفَّتْ بهِ ومنهم مَنْ قالَ: يُوجِبُ العلْمَ الظَّنِّيَّ، ومنهم مَنْ
قالَ: يُوجِبُ العملَ ولا يُوجِبُ العلْمَ، وأكثرُ المُتَكَلِّمينَ على
أنَّهُ يُوجِبُ الظَّنَّ، ولأجلِ ذلكَ رَدُّوا أحاديثَ الصِّفَاتِ، وقالوا:
إنَّها أحاديثُ آحادٍ، ولا يُفيدُ إلاَّ الظنَّ، وإنَّ الظنَّ أَكذَبُ
الحديثِ، وإنَّ الصفاتِ لا بُدَّ أنْ يُعْتَمَدَ فيها على اليقينِ،
فَصَارُوا يَرُدُّونَهَا، ولأجْلِ ذلكَ تَصَدَّى للرَّدِّ عليهم ابنُ
القَيِّمِ، في كتابِهِ الذي سَمَّاهُ: (الصواعقُ المُرْسَلَةُ على
الْجَهميَّةِ والْمُعَطِّلَةِ)؛ فإنَّهُ كَسَرَ طَوَاغِيتَهم التي
يَدَّعُونَ بها رَدَّ الأحاديثِ.
فمنها قولُهم: إنَّ هذا خَبَرُ واحدٍ، وخبرُ الواحدِ لا يُفيدُ إلاَّ الظنَّ. والصحيحُ أنَّهُ يُفيدُ العلْمَ اليقينيَّ.
ورَجَّحَ
ذلكَ أيضاً ابنُ حَجَرٍ في شَرْحِهِ للنُّخْبَةِ، وكَتَبْنَا فيهِ أيضاً
كتابَنا المطبوعَ: (أخبارُ الآحادِ)، ونَقَلْنَا فيهِ الأقوالَ الصحيحةَ
التي تَدُلُّ على أنَّهُ يُوجِبُ العلْمَ، (وهذا هوَ الذي ذَكَرَهُ المصَنِّفُونَ في أصولِ الفقهِ)،
يعني: الْمُحَقِّقُونَ، ومِنْ أَقْدَمِهم ابنُ الصَّلاحِ؛ فإنَّهُ جَزَمَ
بأنَّهُ يُفيدُ العلْمَ، ومعَ الأسَفِ خالَفَهُ كثيرٌ، مِثْلُ النَّوَوِيِّ
عفا اللهُ عنهُ، فقد رَجَّحَ أنَّهُ يُفيدُ الظنَّ في كتابِهِ (التقريبُ)،
وَتَبِعَهُ على ذلكَ السيوطيُّ، في شرحه لهذا الكتاب الذي سَمَّاهُ:
(تدريبُ الرَّاوِي في شرْحِ تقريبِ النَّوَاوِيِّ) وفيه تَوَسَّعَ في أصولِ
الحديثِ.
ومِن الذينَ أيضاً جَعَلُوهُ لا يُفيدُ العلْمَ: الصنعانيُّ في التوضيحِ؛ فإنَّهُ خَطَّأَ مَنْ قَبْلَهُ، ولكلِّ جَوادٍ كَبْوَةٌ.
قولُه: ( هذا هو الذي ذَكَرَهُ الْمُنْصِفونَ في أصولِ الفقهِ، مِنْ أصحابِ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ)
يعني: بذلك الْمُنْصِفونَ الذينَ قالُوا بالحقِّ؛ لأنَّهُم اتَّفَقُوا على
العملِ بهِ لَمَّا رَأَوا الصحابةَ والتابعينَ يَعملونَ بهِ، ومن قال نعمل
به ممن خالفهم، نقول لهم: كيفَ تَعملونَ بهِ وهوَ ظَنِّيٌّ؟ الظنُّ
أَكذَبُ الحديثِ، فقالوا: يُوجِبُ العملَ ولا يُوجِبُ العلمَ، فقُلْنَا:
هذا تَناقُضٌ؛ لأنَّ الظنَّ لا يُوجِبُ العلْمَ، ولا يُوجِبُ العملَ؛ لأنَّ
اللهَ عابَ المشركينَ بقولِهِ: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً}، (إلاَّ فِرْقَةً قليلةً مِن المُتَأَخِّرينَ اتَّبَعُوا في ذلكَ طائفةً مِنْ أهلِ الكلامِ، أَنْكَرُوا ذلكَ)، أَنْكَرُوا أنَّهُ يُفيدُ العلْمَ، (ولكنَّ كثيراً مِنْ أهلِ الكلامِ؛ أوْ أكثرَهم يُوافِقُونَ الفقهاءَ)، على أنَّهُ يُفيدُ العلْمَ، ولا يُفيدُ الظنَّ.
(أهلُ الحديثِ والسلَفِ على ذلكَ)، (وهذا قولُ أكثرِ الأشاعرةِكَأَبِي إسحاقَ، وابنِ فُورَكٍ، وابنِ البَاقْلانيِّ).
هؤلاءِ مِن المُتَكَلِّمينَ مِن الأشاعرةِ، وأَشْهَرُهم: ابنُ الباقلانيِّ، الذي يُقَالُ لهُ: أبو بكرٍ، (فهوَ الذي أَنْكَرَ ذلكَ)، يعني: أَنْكَرَ إفادتَهُ للعلْمِ، وتَبِعَهُ على ذلكَ كثيرٌ مِنْ مُتَأَخِّريهِمْ، (تَبِعَهُ أبو المَعَالِي)، صاحبُ (الإرشادِ)، ويُعرَفُ بالجُوَيْنِيِّ، وهوَ إمامُ الحرَمَيْنِ، (وأبو حامدٍ)، معَ شُهْرَتِهِ وهو أبو حامدٍ الغزاليُّ: صاحبُ (الْمُسْتَصْفَى)، وصاحبُ (الإحياءِ).
(وابنُ عَقيلٍ)،أبو الوفاءِ ابنُ عَقيلٍ، تلميذُ أبي يَعْلَى، مع أنه حنبلي.
(وابنُ الْجَوْزِيِّ) معَ أنَّهُ أيضاً حنبليٌّ، ولهُ مؤلَّفاتٌ كثيرةٌ، ولكنْ: لكلِّ جَوَادٍ كَبوةٌ، (وابنُ الخطيبِ)، وهوَ صاحبُ (التفسيرِ الكبيرِ)، و باسمِ الرازيِّ، وهوَ أَشهَرُ، (والآمديُّ)، صاحبُ (الإحكامُ في أصولِ الفقهِ)، (ونحوُ هؤلاءِ).
(والأولُ
- أنَّهُ يُفيدُ العلْمَ- هوَ الذي ذَكَرَهُ الشيخُ أبو حامدٍ -، يُرادُ
بأبي حامدٍ هذا غيرُ أبي حامدٍ الغزاليِّ، فهذا أبو حامدٍ الإسفرائينيُّ-،
وأبو الطيِّبِ - بنُ الطَّبَرِيِّ -، وأبو إسحاقَ - بنُ الباقلانيِّ.
(أبو إسحاقَ وأمثالُهُ مِنْ أئمَّةِ الشافعيَّةِ، وهوَ الذي ذَكَرَهُ القاضي عبدُ الوَهَّابِ وأمثالُهُ مِن المالكيَّةِ) .
وهو
الذي ذكره أبو يعلى - وهوَ إمامُ الحنابلةِ -، وابنُ الفَراءِ -، وأبو
الخطابِ - ، وهوَ الكلوذَانِيُّ تلميذُ أبي يَعْلَى -، وأبو الحسَنِ ابنُ
الزاغُونِيِّ، وأمثالُهم مِن الحنابلةِ)، (وهوَ الذي ذَكَرَهُ شمسُ الدين السَّرَخْسِيُّ وأمثالُهُ مِن الحنفيَّةِ).
والسرخسيُّ هوَ صاحبُ الكتابِ المشهورِ: (المبسوطُ) في فقهِ الأحنافِ).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)
القارئ: (. . .
ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته
الأمة بالقبول تصديقاً له، أو عملاً به، أنه يوجب العلم وهذا هو الذي ذكره
المصنفون في أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد إلا فرقة
قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك.
ولكن
كثيراً من أهل الكلام، أو أكثرهم يوافقون الفقهاء، وأهل الحديث، والسلف على
ذلك، وهو قول أكثر الأشعرية كأبي إسحاقَ، وابن فُورَك، وأما ابن الباقلاني
فهو الذي أنكر ذلك، واتبعه مثل أبي المعالي، وأبي حامد، وابن عقيل، وابن
الجوزي، وابن الخطيب والآمدي ونحو هؤلاء.
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: (ابن
الخطيب يعني الرازي، الرازي يسمى في كثير من الكتب ابن الخطيب؛ لأن أباه
كان خطيباً في الري يقال له ابن خطيب الري أو اختصاراً ابن الخطيب).
القارئ: (والأول هو الذي ذكره الشيخ أبو حامد، وأبو الطيب، وأبو إسحاق وأمثاله من أئمة الشافعية.
وهو الذي ذكره القاضي عبد الوهاب وأمثاله من المالكية.
وهو الذي ذكره شمس الدين السرخسي وأمثاله من الحنفية.
وهو الذي ذكره أبو يعلي، وأبو الخطاب، وأبو الحسن بن الزاعوني وأمثالهم من الحنبلية).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: مساعد بن سليمان الطيار
قال الشيخ مساعد بن سليمان الطيار: (قولُه: (وَلِهَذَا
كَانَ جُمْهُورُ أَهْلِِ العِلْمِِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوائفِ عَلَى أنَّ
خَبَرَ الوَاحِدِ إِِذَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالقَبُولِ تَصْدِيقًا
لَهُ أَوْ عملاً بِهِ، أنَّهُ يوجِبُ العلمَ، وهَذَا هو الَّذِي ذَكَرَهُ
المصنِّفُونَ فِي أُصُولِ الفِقْهِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ
وَمَالِكٍ وَالشَّافعيِّ وَأَحْمَدَ، إِلاَّ فِرْقَةً قَلِيلَةً مِن
الْمُتَأَخِّرِينَ اتَّبعُوا فِي ذَلِكَ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكَلاَمِ
أَنْكَرُوا ذَلِكَ، وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْكَلامِ، أَوْ
أَكْثَرَهُمْ يُوافِقُونَ الفُقَهَاءَ وَأَهْلَ الْحَدِيثِ وَالسَّلَفَ
عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الأَشْعَرِيَّةِ كَأبِي إِسْحَاقَ
وابنِ فُورَكَ. وأمَّا ابنُ الباقِلاَّنِيِّ فَهُوَ الَّذِي أَنْكَرَ
ذَلِكَ، وَتَبِعَهُ مِثْلُ أَبِي الْمَعَالِي، وَأَبُو حَامِدٍ، وابنُ
عَقيلٍ، وابْنُ الْجَوْزِيِّ، وابنُ الْخَطِيبِ وَالآمِدِيُّ، وَنَحْوُ
هَؤُلاَءِ، وَالأَوَّلُ هُوَ الَّذِي ذكَرَهُ الشَّيخُ أَبُو حَامِدٍ،
وَأبُو الطَّيِّبِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَأَمْثَالُهُ مِنْ أَئِمَّةِ
الشَّافعيَّةِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ القَاضِي عَبْدُ الوهَّابِ،
وَأَمْثَالُهُ مِن الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ شَمْسُ
الدِّينِ السَّرَخَسِيُّ، وَأَمْثَالُهُ مِن الْحَنَفِيَّةِ، وهو الَّذِي
ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلََى، وَأَبُو الخطَّابِ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ
الزَّاغونيِّ، وَأَمْثَالُهُم مِن الْحَنْبَلِيَّةِ).
هذا
كلُّه – كما تُلاحِظون – من الاستطرادِ المتعلِّقِ بقضيةِ قبولِ الأخبارِ
والخلافِ في حُجِّيَّةِ خَبرِ الواحدِ. وهو موضوعٌ متعلقٌ بأصولِ الفقهِ أو
بمصطلحِ الحديثِ.
وكما
ذَكرَ الشيخُ فإنَّ خبرَ الواحدِ لا شكَّ أنه يُعملُ به إذا تُلُقِّيَ
بالقَبولِ، وحَكمَ علماءُ الحديثِ بصِحَّتِهِ، وإلا لَلَزِمَ ردُّ الكثيرِ
من السُّنَّةِ في بابِ الاعتقادِ وبابِ العملِ؛ لأنَّ غالِبَ السُّنَّةِ
منقولٌ بطريقِ الآحادِ.
فتقسيمُ
الأخبارِ إلى متواتِرٍ وآحادٍ هذا تقسيمٌ فنيٌّ، وليس معناه أنه لا يُقبلُ
إلا المتواتِرُ؛ لأنَّ ذلك سيؤدِّي على عدمِ قَبولِ كثيرٍ من أحكامِ
الشـرعِ).