9 Nov 2008
عامة ما لا سبيل لنا إلى الجزم بصدقه لا فائدة منه
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ): (وهَذَا القِسْمُ الثَّانِي من المنْقُولِ ، وهُوَ مَا لا طَرِيقَ لنا إلى الجَزْمِ بالصِّدقِ منْهُ ، عَامَّتهُ مِمَّا لا فَائِدَةَ فيهِ ، والكَلامُ فِيهِ منْ فُضُولِ الكَلامِ . وَأمَّا مَا يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إِلى مَعْرِفَتِهِ فَإِنَّ اللهَ تعالى نَصَبَ على الحَقِّ فِيهِ دَلِيلاً .
فَمِثَالُ مَا لا يُفِيدُ وَلا دَلِيلَ علَى الصَّحيحِ منْهُ اخْتِلافُهُم فِي لَوْنِ كَلْبِ أَصْحَابِ الكَهْفِ ، وفي البَعْضِ الَّذِي ضُرِبَ بِهِ قَتِيلُ مُوسَى من البَقَرَةِ . وَفِي مِقْدَارِ سَفِينَةِ نُوحٍ ، وَمَا كَانَ خَشَبُهَا ، وَفي اسْمِ الغُلامِ الَّذِي قتَلَهُ الخَضِرُ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَهَذِهِ الأُمُورُ طَرِيقُ العِلْمِ بِهَا النَّقْلُ .
فَمَا كَانَ منْ هَذَا منْقُولاً نقْلاً صَحِيحًا عنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كاسْمِ صَاحِبِ مُوسَى أنَّهُ الْخَضِرُ - فهَذَا مَعْلُومٌ).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: محمد بن صالح العثيمين (مفرغ)
القارئ: (. . . وهذا القسم الثاني من المنقول وهو ما لا طريق لنا إلى الجزم بالصدق من عامته مما لا فائدة فيه , والكلام فيه من فضول الكلام.
وأما ما يحتاج المسلمون إلى معرفته فإن الله تعالى نصب على الحق فيه دليلاً , فمثال مالا يفيد ولا دليل على الصحيح منه اختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف وفي البعض الذي ضُرب به...").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (ضَربَ به..صح اختلافهم في لون الكلب هذا فيه فائدة؟ أبدا , ما هو بفائدة ً أحمر أبيض أسود , وهل لنا طريق إلى العلم به؟… أقول: ما لنا طريق إلى العلم به , ولا فائدة لنا من معرفته, لون كلب أصحاب الكهف ما له طريق إلا الإسرائيليين والإسرائيين ما هُم موثوقين ولا فائدة لنا في العلم بلونه إذ لا يهم لونه أسود أبيض أحمر ما يهم.
قائل: قال الرسول: إن الكلب الأسود شيطان يعني ما نعرف ما لونه؟
الشيخ: أبداً ما نعرف منه شيء.
طيب كذلك أيضاً في البعض الذي ضرب به موسى من البقرة {فقلنا اضربوه ببعضها} و(إيش) البعض؟ هل اليد , الرجل , الرقبة , الرأس؟ ما ندري.
رداً على سؤال غير مسموع: لا والله اللون أقرب إلى الصواب.نعم).
القارئ: ("وفي البعض الذي ضرب به موسى من البقرة ").
الشيخ: هذا (غير مسموع) هذا أشد خطأ , لو قال: وفي البعض الذي ضرب به البقرة , كان لا بأس. على كل حال الآية ما هي بواضحة {فقلنا اضربوه ببعضها} ظاهر أن الخطاب لمن تدارؤا فيها للقوم.
سائل: ما ورد في السنة؟
الشيخ: ما أدري , راجع التفسير إن شاء الله وبلغوني (علشان) أصحح النسخ على أساسه.إي نعم).
القارئ: ("وفي مقدار سفينة نوح وما كان خشبها , وفي اسم..").
الشيخ: طيب هذه فيها فائدة؟ أبداً , ما هي الخشبة؟ من الأثل من الثمر من الساج , ما يهمنا, مقدارها , وإيش طولها في السماء (وايش) طولها في الأرض (وايش) عرضها , ما يهم. أي نعم).
القارئ: ("وفى اسم الغلام الذي قتله الخضر , ونحو ذلك , فهذه الأمور طريق العلم بها النقل , فما كان من هذا منقولاً نقلاً صحيحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم كاسم صحاب موسى أنه الخضر فهذا معلوم).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (ت: 1430هـ): (قولُه: (وهذا القِسمُ الثاني مِن المنقولِ)
أي: مِن التفسيرِ بالمنقولِ .
(وهوَ ما لا طَرِيقَ لنا إلى الْجَزْمِ بالصدقِ منهُ)
أي: ما لا طريقَ لنا إلى الجزْمِ بصِحَّتِهِ؛ (عامَّتُهُ ممَّا لا فائدةَ فيهِ)، أي: الاختلافُ الذي يَقَعُ فيهِ عامَّتُهُ لا فائدةَ في الاختلافِ فيهِ، (والكلامُ فيهِ مِنْ فُضولِ الكلامِ) فلا حاجةَ إلى التكَلُّفِ وإلى القولِ فيهِ بغيرِ دليلٍ، (أمَّا ما يَحتاجُ المسلمونَ إلى مَعرفتِهِ فإنَّ اللهَ تعالى نَصَبَ على الحقِّ فيهِ دليلاً). الأشياءُ التي يَحتاجونَ إلى مَعرفتِها كالعباداتِ والمحرَّماتِ، بَيَّنَها النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، ونَصَبَ اللهُ تعالى على مَعرفتِها أَدِلَّةً واضحةً، (وأمَّا ما لا فائدةَ فيهِ، ولا دليلَ على الصحيحِ منهُ، فمِثْلُ اختلافِهم في لونِ كَلْبِ أصحابِ الكهفِ)، ما الفائدةُ مِنْ ذلكَ؟ هلْ هوَ أَحْمَرُ أوْ أَسْوَدُ أوْ أبيضُ؟ ليس هناك فائدةَ من ذكر لونه، إنَّما ذَكَرَ اللهُ {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ}، (ومِثلُ البعضِ الذي ضَرَبَ بهِ موسى مِن البقرةِ) في قولِهِ تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا}، قالَ بعضُهم: إنَّهُ ذَنَبُها، وقالَ بعضُهم: إنَّهُ يَدَيْهَا، وقالَ بعضُهم: إنَّهُ قَلبُها، وقالَ بعضُهم: قِطعةٌ مِنْ فَخِذِها.
هذا مِن الْمُجْمَلِ ولا فائدةَ في تعيينِهِ ببعضِها، كما قالَ اللهُ، والبحْثُ فيهِ من التَكَلُّفٌ. والتكلُّفَ في الشيءِ الذي لا فائدةَ فيهِ يُعتبَرُ مِنْ فضولِ الكلامِ. قالَ بعضُهم: إنَّ قومَ موسى تَكَلَّفُوا وتَشَدَّدُوا فشُدِّدَ عليهم لمَّا قالَ لهم: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}، كلمةُ بقرةٍ مُطْلَقٌ، فلوْ ذَبَحُوا أَدْنَى واحدةٍ لأَجْزَأَتْ، ولكنَّهُم شَدَّدُوا، فقالوا: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا} {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}، يقولونَ: لوْ ذَبَحُوا أدْنَى بقرةٍ لأَجْزَأَتْ، فالتكَلُّفُ والسؤالُ يُوجِبُ لهم وْ يُوقِعُهم في الشِّدَّةِ.
ومِثلُ ذلكَ أيضاً الإِطْلاقَاتُ التي تأتي في الشرْعِ، مثالُها: لَمَّا قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا))، تَكَلَّفَ الأقرَعُ فقالَ: أفي كلِّ عامٍ؟ فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ مَا اسْتَطَعْتُمْ))، فقالَ: ((ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ))، يعني: إذا أَطْلَقْتُ لكم القولَ فلا تَتَكَلَّفُوا. لأن في قوله : ((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ)) كلمةُ الْحَجِّ تعني: حَجَّةٌ واحدةٌ. وكذلكَ اخْتَلَفوا (في مِقدارِ سفينةِ نوحٍ وما كانَ خَشَبُها)، اختلفوا في طُولُها وارتفاعُها ونوع خَشَبِها ولا فائدةَ في ذلكَ. وكذلكَ اختَلَفوا (في اسمِ الغلامِ الذي قَتَلَهُ الْخَضِرُ)؛ وهذا أيضاً مما لا فائدةَ فيهِ، إنَّما قالَ اللهُ: {لَقِيَا غُلاَماً}، فلم يَذْكُر اسْمَهُ ولا مِقدارَ سِنِّهِ.
(فهذهِ الأمورُ طريقُ العلْمِ بها النقْلُ ، فما كانَ من هذ ا مَنقولاً نَقْلاً صحيحاً عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، كاسمِ صاحبِ موسى أنَّهُ الْخَضِرُ، فهذا معلومٌ)، فالشيءُ الذي ثَبَتَ بهِ النقْلُ يُقْبَلُ ويُعلَمُ، كاسمِ صاحبِ موسى في قولِهِ تعالى: {فَوَجَدَا فِيهَا رَجُلاً}، قالَ لهُ موسى: السلامُ عليكم. قالَ: وأنَّى بأرْضِكَ السلامُ؟! فقالَ: أنا مُوسَى. قالَ: مُوسَى بني إسرائيلَ؟ قالَ: نعم. قالَ: جِئْتُكَ لأَتَعَلَّمَ منكَ. قالَ: يا مُوسَى، إنَّكَ على عِلْمٍ مِن اللهِ لا أَعْلَمُهُ، وأنا على عِلْمٍ مِن اللهِ لا تَعلَمُهُ. {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً}، وفي الحديثِ تَسميتُهُ: ((فَوَجَدَ خَضِراً)) ).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)
القارئ: (. . . وهذا القسم الثاني من المنقول وهو ما لا طريق لنا إلى الجزم بالصدق منه عامته مما لا فائدة فيه والكلام فيه من فضول الكلام).
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: (لعلها (بالصدق فيه) كلكم منه اللي عندكم كل النسخ منه على كل حال تراجع والأقرب أنها (فيه) ).
القارئ: (وأما ما يحتاج المسلمون إلى معرفته فإن الله – تعالى – نصب على الحق فيه دليلاً. فمثل ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه: اختلافهم في (لون كلب أصحاب الكهف) وفي البعض الذي ضرب به قتيل موسى من البقرة، وفي مقدار سفينة نوح وما كان خشبها، وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر ونحو ذلك.
فهذه الأمور طريق العمل بها النقل، فما كان من هذا منقولاً نقلاً صحيحاً عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم كاسم صاحب موسى أنه الخضر فهذا معلوم).
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: (في ضبط في الصحيح أنه (الخِضرْ) لكن المشهور أنه (خَضِر) سمي بذلك لأنه جلس على حشيشة يابسة بيضاء فاهتزت تحته خضراء فيقال له الخضر لأجل ذلك).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: مساعد بن سليمان الطيار
قال الشيخ مساعد بن سليمان الطيار: (. . . وهَذَا القِسْمُ الثَّانِي من المنْقُولِ، وهُوَ مَا لا طَرِيقَ لنا إلى الجَزْمِ بالصِّدقِ منْهُ، عَامَّتُه مِمَّا لا فَائِدَةَ فيهِ، والكَلامُ فِيهِ منْ فُضُولِ الكَلامِ. وَأمَّا مَا يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إِلى مَعْرِفَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ تعالى نَصَبَ على الحَقِّ فِيهِ دَلِيلاً؛ فَمِثَالُ مَا لا يُفِيدُ وَلا دَلِيلَ علَى الصَّحيحِ منْهُ اخْتِلافُهُم فِي لَوْنِ كَلْبِ أَصْحَابِ الكَهْفِ، وفي البَعْضِ الَّذِي ضُرِبَ بِهِ قَتِيلُ مُوسَى من البَقَرَةِ، وَفِي مِقْدَارِ سَفِينَةِ نُوحٍ، وَمَا كَانَ خَشَبُهَا، وَفي اسْمِ الغُلامِ الَّذِي قتَلَهُ الخَضِرُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذِهِ الأُمُورُ طَرِيقُ العِلْمِ بِهَا النَّقْلُ، فَمَا كَانَ منْ هَذَا منْقُولاً نقْلاً صَحِيحًا عنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ - كاسْمِ صَاحِبِ مُوسَى أنَّهُ الْخَضِرُ - فهَذَا مَعْلُومٌ) .
ومَا لَمْ يَكُنْ كذلِكَ بَلْ كَانَ ممَّا يُؤْخَذُ عَنْ أهْلِ الكتَابِ -كالمنْقُولِ عنْ كَعْبٍ، وَوَهْبٍ، ومُحمَّدِ بنِ إسْحَاقَ، وغيرِهِمْ مِمنْ يَأْخُذُ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ - فهَذَا لا يَجُوزُ تصدِيقُهُ , ولا تَكْذِيبُهُ إلا بِحُجَّةٍ.
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحيحِ عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ، أنَّهُ قَالَ: ((إِذَا حَدَّثَكُمْ أهْلُ الكِتَابِ فَلا تُصَدِّقُوهُمْ ولا تُكَذِّبُوهُمْ، فإمَّا أنْ يحدِّثُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوهُ، وإمَّا أنْ يحدِّثُوكُمْ بباطِلٍ فتُصَدِّقُوهُ)).
وكذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ التَّابعينَ، وإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أنَّهُ أَخَذََهُ عنْ أهْلِ الكِتَابِ، فَمَتَى اخْتَلَفَ التَّابعُونَ لَمْ يَكُنْ بَعْضُ أَقْوَالِهِم حُجَّةً علَى بَعْضٍ، وَمَا نُقِلَ في ذلِكَ عَنْ بَعْضِ الصَّحابَةِ نَقْلاً صَحِيحاً، فَالنَّفْسُ إِلَيْهِ أَسْكَنُ ممَّا نُقِلَ عن بَعْضِ التَّابعينَ؛ لأَنَّ احْتِمَالَ أَنْ يَكونَ سَمِعَهُ من النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ , أَوْ منْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ منْهُ أَقْوَى؛ وَلأَنَّ نَقْلَ الصَّحابةِ عن أَهْلِ الكتابِ أَقَلُّ منْ نَقْلِ التَّابعينَ.
وَمَعَ جَزْمِ الصَّاحِبِ بمَا يَقُولُهُ، كَيفَ يُقالُ: إِنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ وقدْ نُهُوا عن تَصْدِيقِهِم ؟! والمقصُودُ أنَّ مِثْلَ هَذَا الاخْتِلافِ الَّذِي لا يُعْلَمُ صَحِيحُهُ وَلاَ تُفِيدُ حِكَايَةُ الأَقْوَالِ فِيهِ هُوَ كَالْمَعْرِفَةِ لِمَا يُرْوَى من الْحَدِيثِ الَّذِي لاَ دَلِيلَ على صحَّتِهِ وَأَمْثَالِ ذَلِِكَ.
وَأمَّا القِسْمُ الأَوَّلُ الَّذِي يُمْكِنُ مَعْرِفةُ الصَّحيحِ منْهُ فَهَذَا مَوْجُودٌ فِيمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ وَللهِ الحمدُ، فَكَثِيرًا مَا يُوجَدُ في التَّفسيرِ وَالْحَدِِيثِ وَالمْغَازِي أُمُورٌ منْقُولَةٌ عَن نبيِّنَا، صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ، وَغَيرِهِ من الأنبيَاءِ، صَلَواتُ اللَّهِ عَليهِمْ وَسَلامُهُ، والنَّقلُ الصَّحيحُ يَدْفَعُ ذَلِكَ، بَلْ هَذَا موجودٌ فيمَا مُسْتَنَدُهُ النَّقلُ، وَفِيمَا قَدْ يُعْرَفُ بِأُمُورٍ أُخْرَى غَيْرِ النَّقلِ.
فَالمقصُودُ أَنَّ الْمنْقُولاتِ الَّتِي يُحْتاجُ إليها في الدِّينِ قَدْ نَصَبَ اللَّهُ الأَدِلَّةَ عَلَى بَيَانِ مَا فِيهَا منْ صَحِيحٍ وَغَيْرِهِ.
المقصودُ هنا أن الخلافَ يقَعُ في المنقولِ عمومًا، سواءٌ كان منقولًا عن معصومٍ أو عن غيرِ معصومٍ، والاختلافُ الواقِعُ بينَ المفسِّرين في المنقولِ قد يكونُ راجعًا إلى مصدرِ النقْلِ في الأصلِ، وضَربَ لذلك مثالًا بما يتعلََّّقُ بالنقْلِ عن أهلِ الكتابِ من أخبارِ الأممِ السابقةِ، وغالبُ الاختلافِ الواردِ في مِثلِ هذا لا فائدةَ فيه.
فمثلًا كَلبُ أصحابِ الكَهفِ ما الفائدةُ مِن معرفةِ لَونِه هل هو أحمرُ أو أسودُ؟ وكذلك معرفةُ اسمِه أيضًا مما لا فائدةَ فيه. وهكذا معرفةُ أسماءِ أصحابِ الكهْفِ وعددِهم ومعرفةُ مدينَتِهم، كلُّ هذا لا يُفيدُ في العِلمِ إطلاقًا فضلًا عن أن يكونَ مُفيدًا في بيانِ الآيةِ.
ولو كان المسلمون يحتاجُون إلى معرفةِ مِثلِ هذه الأمورِ لنَصَبَ اللَّهُ سبحانه وتعالى للحَقِّ فيها دليلًا.
هذه الأمورُ التي ذَكرَها المصنِّفُ هي في الغالِبِ تُنقَلُ عن أهلِ الكتابِ , وهي التي اصْطُلِحَ عليها بالإسرائيلياتِ , وما دام المؤلِّفُ قد طَرَقَ هذا الموضوعَ فإنه ينبغي الكلامُ عنه بشيءٍ من التفصيلِ).