14 Jan 2010
المسألة الثانية: حكم الجار والمجرور إذا وقع بعد المعرفة والنكرة
قال أبو محمد جمال الدين عبد الله بن يوسف ابن هشام الأنصاري (ت:761هـ): (المسألة الثانية:
حكم الجار والمجرور إذا
وقع بعد المعرفة والنكرة كحكم الجملة. فهو صفة، في نحو: رأيت طائرا على
غصن، لأنه بعد نكرة محضة، وهو (طائرا).
وحال، في نحو: قوله تعالى: {فخرج على قومه في زينته} أي: متزينا، لأنه بعد معرفة محضة وهي الضمير المستتر في خرج.
ومحتمل لهما في نحو:
يعجبني الزهر في أكمامه، وهذا ثمر يانع على أغصانه، لأن (الزهر) معرف بأل
الجنسية فهو قريب من النكرة، وقولك: (ثمر) موصوف فهو قريب من المعرفة.
نظم قواعد الإعراب لابن ظهيرة المكي
قال جمال الدين محمد بن عبد الله ابن ظهيرة المكي (ت: ٨١٧ هـ): (
وإِنْ أَتَـى المَجْـرورُ والـجَـارُّ صِـلَـهْ ... أو حَـالاً أو جَــا صِـفَـةً مُكَمِّـلَـهْ
أو خَـبَـراً فَـإِنَّـهُ قَـــدْ عَـلِـقَـا ... بـكَـائِـنٍ أَوِ اسْـتَـقَـرَّ مُطْـلَـقـاَ
خَــلا الصِـلَـةِ فَـهْـيَ باسْتَـقَـرَّا ... قَـدْ عُلِّقَـتْ عِنْـدَ النُّـحـاةِ طُــرَّا
شرح قواعد الإعراب للعلامة: محمد بن سليمان الكافيجي
قال محيي الدين محمد بن سليمان الكافيجي
(ت: 879هـ): (المسألة
الثانية من المسائل الأربع في بيان أحكام الجار والمجرور بعد المعرفة
والنكرة أخر هذه المسألة الثانية لأنها من الأولى بمنزلة الكل من الجزء حكم
الجار والمجرور إذا وقع بعد المعرفة سواء كانت محضة أو غير محضة والنكرة
كذلك قيد وقوعهما بعدهما لاستيفاء الأقسام الأربعة بتمامها ألا ترى أن
الجار والمجرور إذا وقع قبل النكرة لا يكون صفة كقولك رأيت في الدار رجلا
حكم الجملة الخبرية التي عرفت حكمها على التفصيل في الباب الأول بين تعينها
للوصفية أو للحالية أو لاجتماعهما معا فإن قلت إن كان متعلق الجار
والمجرور فعلا يكون جملة فقد اندرج حكمهما في حكم الجملة الخبرية فلا فائدة
في وضع هذه المسألة على حدة وإن كان شبه فعل يكون مفردا كسائر المفردات
فليس في إفرادهما عنه وفي تشبيه أحكامهما بأحكام الجملة زيادة فائدة قلت
المراد من متعلقها مطلق المتعلق سواء كان فعلا أو غيره ليناسب وضع هذه
المسألة السابقة واللاحقة والجار والمجرور لهما شبه بالجملة بخلاف سائر
المفردات وكذا شبه أحكمهما بأحكام الجملة أوقع في النفوس فإن المحصول بعد
الطلب أعز من المنساق بلا تعب فقال على طريق نشر غير مرتب فهو صفة أي إذا
وقع الجار والمجرور بعد نكرة محضة فهو يكون صفة لا غير لا يخفى عليك أن كون
مجموع الجار والمجرور صفة إنما هو بحسب الظاهر فإن الصفة في الحقيقة هو
الجار والمجرور مع متعلقهما بشهادة فحوى الكلام مثال القسم الأول على غصن
في نحو قولك رأيت طائرا على غصن قولك على غصن جار ومجرور وقع صفة لأنه أي
الجار مع المجرور وقع بعد نكرة محضة وهو طائر ذكر الضمير نظرا إلى الخبر
فيكون الجار والمجرور مع متعلقهما منصوب المحل صفة لطائر وحال إذا وقع
الجار والمجرور بعد المعرفة المحضة مثال هذا القسم في نحو: {في زينته} في
قوله تعالى: {فخرج على قومه في زينته} قال الحسن في الحمرة والصفرة وقيل
خرج على بغلة عليها أرجوان وعليها سرج من ذهب ومعه أربعة على زيه قوله أي
متزينا تفسير للجار والمجرور بحاصل المعنى بمعونة خصوصية المقام ويملك وقع
في زينة حالا بقوله كأنه وقع بعد معرفة محضة وهي الضمير المستتر في خرج
العائد إلى قارون خرج فعل ماض فاعله مستتر في قوله على قومه ظرف لغوي متعلق
به كما أن قوله في زينته حال من فاعله ومحتمل لهما أي للوصفية والحالية
إذا وقع بعد المعرفة الغير المحضة أو بعد النكرة غير المحضة أما مثال القسم
الثالث فنحو في أكمامه في قولهم:
يعجبني الزهر في أكمامه
الأكمام جمع كم بالكسر وهو
بخلاف النور وعاؤه وأما القسم الرابع فنحو على أغصانه في قولك هذا ثمر
يانع أي ناضج على أغصانه أما بيان احتماله للوجهين في القسم الثالث فلأن
الزهر معرف بال الجنسية وقد عرفت معنى التعريف في مثل هذا فيما سبق أما كون
أل للتعريف فإنما هو على مذهب الخليل لأن عند سيبويه حرف التعريف هي اللام
وحدها كما أنها عند يونس هي الهمزة وحدها فهو قريب من النكرة في المعنى
كما عرفته فإذا نظر إلى جهة المعنى يكون صفة كما إذا نظر إلى جهة اللفظ
يكون حالا وأما بيان احتماله في مثال القسم الرابع لأن قولك ثمر موصوف
بيانع بمعنى أن المقول موصوف أو بمعنى أن القول إذا كان بمعنى المفعول لا
بمعنى المصدر فهو أي ثمر قريب من المعرفة من حيث كونه موصوفا كما أنه نكرة
في ذاته فإن نظرت إلى كونه موصوفا جعلت على أغصانه حالا منه كما إذا نظرت
إلى ذاته جعلته وصفا له وإنما جمع بين القسم الثالث والقسم الرابع في
الدعوى والدليل لاشتراكهما في الوقوع بعد غير المحضة وفي الاحتمال للوجهين
لكن المقصود هو الذي فصلناه هذا
موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب للشيخ: خالد بن عبد الله الأزهري
قال زين الدين خالد بن عبد الله بن أبي بكر الجرجاوي الأزهري (ت: 905هـ): (المسألة الثانية: في بيان حكم الجار والمجرور بعد المعرفة والنكرة
أخرها عن الأولى لأنها بمنزلة الجزء من الكل (حكم الجار والمجرور، إذا وقع بعد المعرفة) وبعد (النكرة) مع التمحض وغيره، (حكم الجملة) الخبرية المشروطة بالشروط المتقدمة (فهو) أي: الجار والمجرور (صفة في نحو) قولك: (رأيت طائرا على غصن) لأنه أي: على غصن وقع (بعد نكرة محضة وهو طائر). وهو(حال في نحو: قوله تعالى حكاية عن قارون: {فخرج على قومه في زينته} (ففي زينته) في موضع الحال (أي: متزينا) على تفسير المعنى، وكائنا في زينته على تفسير الأعراب؛ (لأنه) أي: في زينته وقع (بعد معرفة محضة وهي الضمير المستتر في {فخرج} وهو (محتمل لهما) أي: الوصفية والحالية بعد غير المحض منهما وذلك في نحو: (يعجبني الزهر في أكمامه) وفي نحو: (هذا ثمر يانع على أغصانه) وذلك لأن (الزهر) في المثال الأول (معرف بأل الجنسية فهو قريب من النكرة، وقولك ثمر) في المثال الثاني (موصوف) بـ (يانع) (فهو قريب من المعرفة) فيجوز في كل من الجار والمجرور في المثالين أن يكون صفة، وأن يكون حالا. والأكمام جمع (كم) بكسر الكاف، وهو وعاء الطلع، والأغصان جمع غصن بضم الغين.