الدروس
course cover
باب الضاد والظاء
9 Nov 2008
9 Nov 2008

11936

0

0

course cover
المقدمة الجزرية

القسم الثاني

باب الضاد والظاء
9 Nov 2008
9 Nov 2008

9 Nov 2008

11936

0

0


0

0

0

0

0

باب الضاد والظاء

قال الحافظ محمد بن محمد ابن الجزري (ت: 833هـ) : (باب الضاد والظاء

وَالـضَّـادَ باسْتِـطَـالَـةٍ وَمَـخْــرَجِ ... مَيِّـزْ مِـنَ الـظَّـاءِ وَكُلُّـهَـا تَـجِـي
في الظَّعْنِ ظِـلِّ الظَّهْـرِ  عُظْـمُ  الْحِفـظِ
... أَيْقِـظْ وَأَنْظِـرْ عَظْـمَ ظَهْـرِ  اللَّـفْـظِ
ظَاهِـرْ لَظَـى شُـوَاظَ كَظْـمٍ  ظَلَـمَـا
... أُغْلُـظْ ظَـلاَمَ ظُفْـرٍ انْتَـظِـرْ  ظَـمَـا
أَظْفَرَ ظَنّـاً كَيْـفَ جَـا وَعِـظْ  سِـوَى
... عِضِيـنَ ظَـلَّ النَّحْـلِ زُخْـرُفٍ سَــوَا
وَظَـلْـتَ ظَلْـتُـمْ وَبِــرُومٍ ظَـلُّـوا
... كَالْحِـجْـرِ ظَـلَّـتْ شُـعَـرَا تـظَـلُّ
يَظْلَلْـنَ مَحْـظُـوراً مَــعَ  المُحْتَـظِـرِ
... وَكُـنْـتَ فَـظّـاً وَجَمِـيْـعَ النَّـظَـرِ
إِلاَّ بِوَيْـلٍ هَــلْ  وَأُولَــى  نـاضِـرَهْ
... وَالْغَيْـظِ لاَ الرَّعْـدِ وَهُــودٍ قَـاصِـرَهْ
وَالحَـظُّ لا الْحَـضُّ عـلـى  الطَّـعَـامِ
... وَفــي ضَنِـيـنٍ الْـخِـلاَفُ سَـامِـي

هيئة الإشراف

#2

11 Nov 2008

الدقائق المحكمة لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري

قال الإمام زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاريِّ السُّنَيْكِيِّ (ت: 926هـ): (المتن:

(52) وَالضَّـادَ باسْتِطَالَـةٍ وَمَخْـرَجِ ... مَيِّـزْ مِـنَ الظَّـاءِ وَكُلُّهَـا  تَـجِـي
(53) في الظَّعْنِ ظِلِّ الظَّهْرِ عُظْمُ الْحِفظِ
... أَيْقِظْ وَأَنْظِـرْ عَظْـمَ  ظَهْـرِ  اللَّفْـظِ
(54) ظَاهِرْ لَظَى شُوَاظَ  كَظْمٍ  ظَلَمَـا
... أُغْلُـظْ ظَـلاَمَ ظُفْـرٍ انْتَظِـرْ  ظَمَـا
(55) أَظْفَرَ ظَنّاً كَيْفَ جَا  وَعِظْ  سِوَى
... عِضِينَ ظَـلَّ النَّحْـلِ زُخْـرُفٍ  سَـوَا
(56) وَظَلْتَ ظَلْتُـمْ وَبِـرُومٍ  ظَلُّـوا
... كَالْحِجْـرِ ظَلَّـتْ شُـعَـرَا تـظَـلُّ
(57) يَظْلَلْنَ مَحْظُوراً مَـعَ  المُحْتَظِـرِ
... وَكُنْـتَ فَظّـاً وَجَمِـيْـعَ  النَّـظَـرِ
(58) إِلاَّ بِوَيْلٍ هَـلْ وَأُولَـى ناضِـرَهْ
... وَالْغَيْـظِ لاَ الرَّعْـدِ وَهُـودٍ  قَاصِـرَهْ
(59) وَالحَظُّ لا الْحَضُّ  على  الطَّعَـامِ
... وَفـي ضَنِيـنٍ الْـخِـلاَفُ سَـامِـي

_______________

(52)"والضَّادُ باسْتِطالَةٍ ومَخْرَجٍ مَيَّزِ" أي ميِّزْهَا بهِمَا "مِنَ" "الظَّاءِ". "وكلُّها" أي الظَّاءاتُ التي في القُرآنِ "تجي" في سبْعَةِ أبياتٍ. وقدْ أخَذَ في بيانِهَا، فقالَ:

في الظَّعْنِ ظِلِّ الظَّهْرِ عُظْمُ الْحِفظِ ... أَيْقِظْ وَأَنْظِرْ عَظْمَ  ظَهْرِ  اللَّفْـظِ
ظَاهِرْ لَظَى شُوَاظَ  كَظْمٍ  ظَلَمَـا ... أُغْلُظْ ظَلاَمَ ظُفْرٍ انْتَظِـرْ  ظَمَـا
(53)في "الظَّعْنِ" ولَمْ يأتِ إلاَّ في قولِهِ تعالَى في سورةِ النَّحلِ: (يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) [النحل: 80] "ظِلُّ" وقَعَ منه في القُرآنِ اثنانِ وعِشرونَ مَوْضِعًا. أوَّلُهَا قولُهُ تعالى في البقرةِ: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ) [البقرة: 57]. ومنه الظُّلَّةُ، وقعَ منهُ في القُرآنِ مَوْضِعانِ: قولُهُ تعالى في "الأعرافِ": (كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) [الأعراف: 171]، وقولُهُ تعالَى في الشُّعراءِ: (يَوْمِ الظُّلَّةِ) [الشعراء: 189].

"الظُّهرُ" بضمِّ الظَّاءِ، وهو انتصافُ النَّهارِ وَقَعَ منهُ في القُرآنِ مَوْضِعانِ: قولُهُ تعالَى في "النُّور": (وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ) [النور: 58]، وقولُهُ تعالَى في "الرُّومِ": (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) [الروم: 18].
"عَظُمَ" مِنَ العَظَمَةِ وَقَعَ منْهُ في القُرآنِ مائةٌ وثلاثَةُ مَواضِعَ، أَوَّلُهَا قولُهُ تعالَى في "البَقرةِ": (وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [البقرة: 7].

"الحِفظُ" وقَعَ منهُ في القُرآنِ اثنانِ وأربعونَ مَوْضِعًا، أوَّلُها قولُهُ تعالَى : (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا) [البقرة: 255].
"أيقَظَ" منَ اليَقَظَةِ لم يأتِ منهُ في القُرآنِ إلاَّ قولُهُ تعالَى- في "الكَهْفِ": (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا) [الكهف: 18].
"وأَنْظِرْ" مِنَ الإِنظارِ وهُوَ التَّأخيرُ وقَعَ منهُ في القُرآنِ اثنانِ وعِشرونَ مَوضِعًا، أوَّلُها قولُه تعالَى في "البقرةِ": (وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ) [البقرة: 162].
"عَظُمَ" وقَعَ منهُ في القرآنِ أربعةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، أوَّلُهَا قولُهُ تَعالَى في البقرةِ: (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ) [البقرة: 259].
"ظَهَرَ" وَقَعَ منهُ في القُرآنِ أربعةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، أوَّلُهَا قولُهُ تعالَى في "البقرةِ": (كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ) [البقرة: 101].
"اللَّفظُ" لم يأتِ منهُ في القُرآنِ إلاَّ قولُهُ تعالَى في "ق": (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ) [ق: 18].

(54)"ظَاهِرٌ" ضَدُّ الباطنِ وقعَ منهُ في القُرآنِ ستَّةُ مواضِعَ، أوَّلُها قولُهُ تعالَى في "الأنعامِ": (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ) [الأنعام: 120]. وبمعنى الإعانةِ، وقعَ منهُ في القُرآنِ ثمانيةُ مواضعَ، أوَّلُهَا قولُه تعالى في "البَقَرةِ": (تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [البقرة: 85].
وبمعنى العُلُوِّ، وقعَ منه في القُرآنِ سِتَّةُ مواضعَ، أوَّلُهَا قولُهُ تعالَى في "بَرَاءة": (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) [التوبة: 33]، [الفتح: 28]، [الصف: 9]. وبمعنى الظَّفَرِ، وقَعَ منهُ في القُرآنِ ثلاثةُ مواضِعَ أوَّلُهَا قولُهُ تعالَى في "براءة": (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) [التوبة: 8]، وقولُهُ تعالَى في "الكَهْفِ": (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) [الكهف: 20]، وقولُهُ تعالَى في "التَّحريمِ": (وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ) [التحريم: 3].
وبمعنى الظِّهارِ وقعَ منه في القُرآنِ ثلاثةُ مواضِعَ:
أَوَّلُها قولُهُ تعالَى في "الأحزاب": (وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ) [الأحزاب: 4].
وقولُهُ تعالَى- في "المجادلة": (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ) [المجادلة: 2]. و (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) [المجادلة: 3].

"لَظَى" وقعَ منه في القُرآنِ موضِعَانِ، قولُهُ تعالى في "المَعَارجِ": (كَلَّا إِنَّهَا لَظَى) [المعارج: 15]. وقولُهُ تعالى في "الْلَيْلِ": (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى) [الليل: 14].
"شُوَاظٌ" بِضَمِّ الشِّينِ وكسْرِهَا، لهبٌ لا دُخَانَ معَهُ-. ولم يأتِ منه في القُرآنِ إلاَّ قولُه تعالَى في "الرَّحمن": ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ) [الرحمن: 35].
"كَظَمَ" وقَع منه في القرآنِ ستَّةُ مواضِعَ، أَوَّلُهَا قولُه تعالى في "آل عمران": (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) [آل عمران: 134].
"ظَلَمَا" وقعَ منه في القرآنِ مئتانِ واثنانِ وثمانونَ مَوْضِعًا، أَوَّلُهَا قولُهُ تعالَى في "البقرة": (فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) [البقرة: 35].

"أَغْلَظَ" من الغَلاظَةِ وقعَ منه في القُرآنِ ثلاثةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، أوَّلُهَا قولُه تعالى في "آل عمران": (غَلِيظَ الْقَلْبِ) [آل عمرانَ: 159].

"ظَلامٌ" وقَعَ منه في القرآنِ مئةُ موضِعٍ، أوَّلُهَا قولُه تعالى في "البقرة": (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ) [البقرة: 17].
"ظَفْرَ"- بإسْكانِ الفاءِ مُخَفَّفًا أشهرُ مِن ضمِّها لم يَأتِ منهُ في القُرآنِ إلاَّ قولُهُ تعالى في "الأنعامِ": (حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) [الأنعام: 146].

"انْتَظَرَ" مِنَ الانتظارِ بمعنى الارْتِقابِ وقَعَ منهُ في القُرآنِ أربعةَ عشَرَ مَوْضِعًا، أوَّلُها قولُهُ تعالى في "الأنعامِ": (قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) [الأنعام: 158].
"ظَمَا" وقَعَ منه في القُرآنِ ثلاثةُ مواضِعَ. قولُهُ تعالَى في "براءةٌ": (لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ) [التوبة: 130]، وقولُهُ في "طه": (وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا) [طه: 119]. وقوله في "النور": (يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً) [النور: 39].

(55)"أَظَفَرٌ" من الظَّفَرِ، بفتحِ الظَّاءِ والفَاءِ، بمعنى النَّصْرِ لم يأتِ في القُرآنِ إلاَّ قولُهُ تعالى في "الفَتْحِ": (مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) [الفتح: 24].
"ظنًّا" "كيفَ جَا" أي: تَصَرَّفَ، ولو بمعنى العِلمِ. وقعَ منه في القُرآنِ سبعةٌ وَسِتُّونَ مَوْضِعًا، أوَّلُهَا قولُهُ تعالَى في "البقرةِ": (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ) [البقرة: 46].
و"عِظْ" بمعنى التَّخويفِ منْ عذابِ اللهِ، والتَّرغيبِ في ثوابِهِ وقَعَ منهُ في القُرآنِ تسعةُ مواضِعَ، أوَّلُهَا قولُهُ تعالى في "البقرة": (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة: 66].
"سوى عِضين" مِن قولِهِ تَعالَى في "الحِجْرِ": (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْءَانَ عِضِينَ) [الحجر: 91]. فإنَّهُ بالضَّادِ المُعجمةِ. وهو جمعُ "عِضَةٍ" أي: مُتفرِّقينَ فيه، فقالَ بعضُهُم: سِحْرٌ. وقالَ بعضُهم: شِعْرٌ. وقالَ بعضُهُم: كَهانةً. وآمنَ بعضُهم ببعضِهِ وكفَرَ بعضُهُم ببعضِهِ.

والاستثناءُ في كَلاَمِ النَّاظِمِ مُنقطِعٌ، لأنَّ عِضَةَ ليستْ من الوَعْظِ.
"ظلَّ" بمعنى الدَّوامِ وقعَ منه في القُرآنِ تسعةُ مواضِعَ: اثنانِ منها في "النّحلِ" و "الزُّخرفِ" حالةَ كونِها في السُّورتيْنِ.
"سِوا". أي مُستوِيَيْنِ. وهُمَا: قولُه تعالَى -: (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) [النحل: 58] [الزخرف: 17]. وفي نسخةٍ "زُخرفًا" بالنَّصبِ على الحكايةِ.

(56)"و" البقيَّةُ قولُهُ تعالَى في "طه": (ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا) [طه: 97]. وقولُهُ تعالَى في "الواقِعةِ" "ظَلْتُم" من قولِهِ تعالَى -: (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) [الواقعة: 65].
"و" قولُهُ "بِرُومٍ ظَلُّوا" من قولِهِ: (لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) [الروم: 51].
"كالحِجرِ" من قولهِ في "الحجرِ": (فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) [الحجر: 14].
وقولُه: "ظلّت" من قولِهِ في "شُعَرَا": (فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) [الشعراء: 4].
وقولُهُ تعالى فيها: "نظلُّ" من قولِهِ تعالَى -: (فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ) [الشعراء: 71].

(57)وقولُهُ في "الشُّورى" "يظلَلْنَ" من قولِهِ تعالَى فيها: (فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ) [الشورى: 33].
"مَحظورا" من الحَظْرِ، وَهُوَ المنعُ وقعَ منه في القُرآنِ موضعانِ: قولُهُ تعالى في "سبحانَ": (وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) [الإسراء: 20].
"مَعَ" قولِهِ في "القَمَرِ": (فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) [القمر: 31].
أي:كَهشيمٍ يجمعُهُ صَاحبُ الحظيرةِ لغنمِهِ؛ والهشيمُ: النَّبَاتُ اليابِسُ المُتَكَسِّرُ.
و "كنتَ فظًّا" لم يأتِ منهُ في القُرآنِ إلاَّ قولُهُ تَعَالى في "آلِ عمرانَ": (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا) [آل عمران: 159].
وجميعُ "النَّظَرِ" بمعنى الرُؤيةِ. وقعَ منه في القُرآنِ سِتَّةٌ وثمانونَ مَوْضِعًا: أوَّلُهُ قولُهُ تعالى في "البقرةِ": (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) [البقرة: 50].

(58)"إلا" قولُهُ: بـ "ويلٌ"، أي في (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطفِّفين: 1]، (نَضْرَةَ النَّعِيمِ)، وفي (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ) [الإنسان: 1]: (نَضْرَةً وَسُرُورًا).
و "أُولَى" أي وفي الأُولَى مِن "القيامة": (وُجُوهٌ يَوْمَئذٍ نَاضِرَةٌ) [القيامة: 22]. فإنَّ الثلاثةَ بالضَّادِ، لا بالظَّاءِ. وهي من النَّضارةِ (أي الحُسنُ؛ ومنه خَبَرُ: "نضّرَ اللهُ امرأً سَمِعَ مَقَالَتِي فوعَاهَا، فأدَّاهَا كمَا سَمِعَهَا". والاستثناءُ في كَلامِهِ منقطِعٌ.
و "الغَيْظُ" وقعَ منه في القُرآنِ أحدَ عشَرَ مَوْضِعًا: أوَّلُهَا قولُه – تعالَى – في "آل عِمران": (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ) [آل عمران: 119].
"لا الرعدِ" أي: قولُهُ – تعالَى – في "الرَّعدِ": (وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ) [الرعد: 8]. "و" لا "هودٍ"، أي: قولهُ – تعالى – فيها: (وَغِيضَ الماءُ) [هود: 44]، فإنَّهُمَا لكَونِهمَا مِنَ الغَيْضِ – بمعنى النَّقْصِ –بالضَّادِ لا بالظَّاءِ. "قاصِرَةٌ" عليْهِمَا.

(59)و "الحظُّ" بمعنى: النَّصيبُ وقعَ منه في القُرآنِ سبعةُ مواضِعَ، أوَّلُهَا قولُهُ – تعالى – في "آلِ عمرانَ": (أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا في الآخِرَةِ) [آل عمران: 176].
لا "الحضُّ على" الطَّعامِ، أي: قولُهُ – تعالَى – في "الحاقَّةِ" و "الماعونَ": (وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ) [الحاقَّة: 34] [الماعون: 3]. وقولُهُ – تعالَى – في "الفجْر": (وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسْكينِ) [الفجر: 18]. فإنَّ الثَّلاثَة، لِكَوْنِهَا من الحضِّ بمعنى الحثِّ، بالضَّادِ لا بالظَّاءِ.
وفي "ضَنين" من قولِهِ – تعالَى – في "التَّكويرِ": (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنينٍ) [التكوير: 24] "الخلافُ سَامي" أي: عالٍ مشهورٌ، فقِراءةُ ابْنِ كثيرٍ، وأبي عمرٍو، والكِسائيِّ بالظَّاءِ. بمعنى مُتَّهَمٍ. وقرَأهُ الباقونَ من السَّبعةِ بالضَّادِ بمعنى بَخِيلٍ.
والكلماتُ التي ذَكَرَ فيها الظَّاءَ في الأبياتِ السَّبعةِ بعدَ "الظَّعنِ" مجرورةٌ، بَعضُهَا بالعَطْفِ عليه لفظًا، أَوْ محلاً، أَوْ تقديرًا بعاطِفٍ مُقدَّرٍ أَوْ مذْكورٍ. وبعضُها بالإضافَةِ؛ وإنْ جازَ نَصْبُ بعضِهَا حكايةً، أو بعامِلٍ قَبْلَهُ.

هيئة الإشراف

#3

19 Nov 2008

المنح الفكرية لنور الدين علي بن سلطان محمد القاري

قال الإمام نور الدين علي بن سلطان محمد القاري (ت:1014هـ): ( (والضادَ باستطالةٍ ومَخْرَجٍ) بالإشباعِ، والضادُ منصوبٌ، ويَجُوزُ رفعُه، والعاملُ فيه قولُه (مَيِّزْ) أي: مَيِّزْهَا بصفةِ اسْتِطَالِتِها وبإخراجِها من مَخْرَجِها(من الظاءِ) فإنَّ الضادَ مِن حافَةِ اللسانِ , والظاءَ مِن رأسِ اللسانِ (وكُلُّها تجي) بحذفِ الهمزةِ على قاعدةِ حمزةَ، لا كما قالَ الروميُّ إنَّهُ للضرورةِ، وضميرُه راجعٌ إلى الكُلِّ، والتأنيثُ باعتبارِ المعنى وهو الجماعةُ، أو إلى الظاءاتِ،
ثمَّ الاستطالةُ هي: الامتدادُ مِن أَوَّلِ حافَةِ اللسانِ إلى آخرِها كما قالَ الجُعْبُرِيُّ.
وقد انفردَ الضادُ بالاستطالةِ، حتى تتَّصِلَ، بمَخْرَجِ اللامِ؛ لما فيه من قوَّةِ الجهرِ والإطباقِ والاستعلاءِ، وليسَ في الحروفِ ما يَعْسُرُ على اللسانِ مثلُه، وألسنةُ الناسِ فيه مختلفةٌ، فمنهم مَن يُخْرِجُه ظاءً، ومنهم مَن يُخْرِجُهُ دالًا مُهْمَلَةً أو مُعْجَمةً، ومنهم من يخرجُه طاءً مهملةً كالمصريِّين، ومنهم مَن يُشِمُّه ذالًا ومنهم مَن يَشُوبُها بالظاءِ المُعْجَمةِ، لكن لمَّا كانَ تمييزُه عن الظاءِ مُشْكِلًا بالنسبةِ إلى غيرِه أمرَ الناظمُ بتمييزِه عنه نطقًا، ثمَّ بيَّنَ ما جاءَ في القرآنِ بالظاءِ لفظًا، والمعنى أنَّ جميعَ موادِ الظاءاتِ المُشَالَةِ , وهي تسعةٌ وعشرونَ ظاءً مِن الكلماتِ الواردةِ في القرآنِ مجموعةٌ باعتبارِ أصولِها في الأبياتِ الستَّةِ الآتيةِ، وإنَّما ضبطَ الظاءَ لكونِها أقلَّ من الضادِ، فهو أقربُ إلى ضبطِ المرادِ، يتعلَّقُ بتجِىء قولُه (في الظَّعْنِ ظلُّ الظهر) بفتحِ الأَوَّلِ وكسرِ الثاني وضمِّ الثالثِ،
( وعُظْمُ الحفظِ) بضمِّ العينِ (أَيْقَظَ وأَنْظِرْ) بفتحِ الهمزةِ وكسرِ الثالثِ منها (عَظُمَ ظَهرُ اللفظِ) بفتحِ العينِ والظاءِ الأُولَى وحذفِ العاطفةِ غالبًا للضرورةِ، فالظَّعْنُ: منحصرٌ في قولِه تعالى:}يومَ ظعْنِكم{ وهو بفتحِ العينِ لنافعٍ وابنِ كثيرٍ وأبى عمرٍو، ومَعْناه الرحلةُ مِن مكانٍ إلى آخرَ ضدُّ الإقامةِ، وبابُ الظلِّ: جميعُه كيفما تصرَّفَ منهَ، وأَوَّلُ ما جاءَ منه في سورةِ النساءِ }وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاّ ظَلِيلًا{ ووقعَ منه في القرآنِ اثنانِ وعشرونَ موضعًا، والظاهرُ أنَّهُ أربعةٌ وعشرونَ، منها اثنانِ في البقرةِ: وهي قولُه تعالى: }وظَلَّلْنَا عليكمُ الْغَمَامَ { وقولُه: }في ظُلَلٍ مِن الغَمَامِ{ وكانَ ابنُ المصنِّفِ ومَن تبعَه في عدِّ اثنينِ وعشرينَ غَفَلَ عن موضعينِ في البقرةِ، بدليلِ قولِهم: وأَوَّلُها في سورةِ النساءِ }وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاّ ظَلِيلًا{، ومنه الظُّلَّةُ (كأنَّه ظُلَّةٌ) في الأعرافِ و (يومِ الظُّلَّةِ) في الشعراءِ، ومنه قولُه تعالى: }في ظُلَلٍ على الْأَرَائِكِ{ بضمِّ الظاءِ وفتحِ اللامِ , كما قرأَ به حمزةُ والكِسَائِيُّ، ومنه قولُه: } وَظَلَّلْنَا عليهمُ الغَمَامَ{.
وبابُ الظهرِ: وهو وقتُ انتصافِ النهارِ في سورةِ النورِ: } حينَ تَضَعُونَ ثَيَابَكُمْ مِن الظَّهِيرةِ{ وفي سورةِ الرومِ }حينَ تُظْهِرُونَ { أي تدخلونَ في الظهيرةِ، وبابُ العُظْمِ: بمعنى العَظَمَةِ كيفما تصرَّفَ منهَ، وأَوَّلُ ما جاءَ منْه في القرآنِ }وَلَهُمْ عَذَابٌ عظيمٌ{، ووقعَ منه في القرآنِ مائةُ موضعٍ وثلاثةُ مواضعَ، وبابُ الْحِفْظِ: وما تصرَّفَ منه، وأَوَّلُ ما جاءَ منه في البقرةِ }حَافِظُوا على الصلوات{ووقعَ في اثنين وأربعينَ موضعًاَ، وقالَ المصريُّ في أربعٍ وأربعينَ، وأيقظَ: من اليقظةِ ضدُّ النومِ، ليسَ في القرآنِ منه إلا في الكهفِ }وَتَحْسَبُهُمْ أيقاظًا وهمْ رقودٌ{، وبابُ أَنْظِرْ: وهو الإنظارُ، بمعنى التأخيرِ والإمهالِ، وقعَ منه في القرآنِ اثنانِ وعشرونَ موضعًا، أَوَّلُه }لا يُخَفَّفُ عنهم العذابُ ولا هم يُنْظَرُونَ{، كذا ذكرَه ابنُ المصنِّفِ وتبعَه غيرُه، لكنَّه يحتملُ أنْ يكونَ صيغةَ المجهولِ مِن الْإِنْظَارِ، وأنْ يكونَ مِن النظرِ، كما فُسِّرَ بهما، فالمثالُ المُتَّفَقُ عليه }قالَ أَنْظِرْنِي إلى يومِ يُبْعَثُون{ ومِن المُخْتَلِفِ قولُه تعالى: }انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُورِكُمْ{ فقرأَ حمزةُ مِن الْإِنْظَارِ والباقونَ مِن النظرِ، ثمَّ اعلمْ أنَّ مادةَ النظرِ والإنظارِ والانتظارِ مُتَّحِدَةٌ في أصلِ اللغةِ، والاختلافُ إنَّما هو بحسبِ الأبوابِ الواردةِ، وإنَّما غايَرَ المصنِّفُ بينهما للإيضاح، لاسيَّما وهو قد خَفِيَ على بعضِ الشرَّاحِ، وبابُ العَظْمِ: وقعَ في أربعةَ عشرَ موضعًا جمعًا وفردًا، وقالَ المِصْرِيُّ: خمسةَ عشرَ وأَوَّلُه{ وانْظُرْ إلى العِظَامِ{ في البقرةِ،وبابُ الظَّهْرِ: من الآدميِّ كقولِه تعالى }وَرَاءَ ظُهُورِهم{ أوَّلُ ما جاءَ في البقرةِ، ومن غيرِها كقولِه تعالى: }لِتَسْتَوُوا على ظهورِه{ ووقعَ منه في القرآنِ أربعةَ عشرَ موضعًا، وقالَ المصريُّ: ستَّةَ عشرَ، أمَّا قولُ خالدٍ وقعَ في القرآنِ موضعٌ واحدٌ فخطأٌ فاحشٌ، واللفظُ لم يجىءْ منه إلا حرفٌ بقافٍ {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ} (ظاهِرْ) بكسرِ الهاءِ وسكونِ الراءِ ضرورةً أو تنزيلًا للوصلِ منزلةَ الوقفِ، وقد يُكْسَرُ على ارتكابِ زحافِ }لَظَى شُوَاظِ{ بالجرِّ غيرِ مُنَوَّنٍ (كَظْمٍ) بالتنوين مَجْرُورًا (ظَلَمَا) فعلٌ ماضٍ مِن الظلمِ، وَأَلِفُه للإطلاقِ، وفي نسخةٍ (ظُلْمَا) بضمٍّ وسكونٍ، فألفُه مُبْدَلٌ من التنوينِ وقفًا، ونصبُه على الحكايةِ (اغْلُظْ) بضمِّ الهمزةِ واللامِ (ظَلاَّمِ) بفتح الظاءِ وكسرِ الميمِ (ظَفَرٍ) بالتنوينِ مجرورًا (انْتَظِرْ ظَمَا) بالألفِ كوقفِ حمزةَ، لا قَصْرَ للوزنِ كما قيلَ، والمعنى أنَّ كُلَّ ما جاءَ من لفظٍ ظاهرٍ، وهو ضدُّ الباطنِ، وهو ستَّةٌ، ويأتي بمعنى العُلُوِّ وهو ثلاثةٌ: }لِيُظْهِرَه على الدينِ كُلِّه{، وبمعنى النصرِ والعونِ نحوَه }تَظَاهَرُونَ عليهم بالْإِثْمِ والعُدْوَانِ{ فجميعُه بالظاءِ، ونحوُ }وذَرُوا ظاهرَ الإثمِ{ في الأنعامِ، وهو أَوَّلُ ما جاءَ، ونحوُ قولِه تعالى }وإنْ تَظَاهَرَا عليه{، وبمعنى الاطلاعِ أيضًا }أَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ{ }فلا يُظْهِرُ على غَيْبِه أحدًا{ كذا ذكرَه شارحٌ، والظاهرُ أنَّهُما مُتَعَدِّيا ظَهَرَ، فَتَدَبَّرْ، وأغربَ زكريَّا: وبمعنى الظَّفَرِ وقعَ منه في القرآنِ ثلاثةُ مواضعَ قولُه تعالى في (براءةٌ): {كيفَ وإنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكَم} وقولُه في الكهفِ:{إنَّهُمْ إنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} وقولُه في التحريمِ: {وَأَظْهَرَهُ اللهُ} ا.هـ.
ومِن غرابتِه إدخالُ ما في التحريمِ في سِلْكِ ما تقدَّمَ، والفِرَاقُ أنَّ أَظْهَرَهُ هو بمعنى أَطْلَعَهُ، لا بمعنى أَظْفَرَهُ، ولا بمعنى ظَفَرَ، كما يدلُّ عليه تعديَةُ الأَوَّلَيْنِ بعلى وتعديَةُ الأخيرِ بنفسِه في المفعولِ الأَوَّلِ، فَتَأَمَّلْ، قالَ ابنُ المصنِّفِ: وظاهرٌ مُشْتَرِكٌ بينَ هذا المعنى وبينَ الذي بمعنى الظِّهَارِ الذي هو الحلفُ / ا.هـ.
وتبِعَه الشرَّاحُ، وأقولُ: الظاهرُ أنَّ الظِّهَارَ مِن مادةِ الظَّهْرِ لا مِن مادةِ الظَّاهِر؛ لأنَّ الظِّهَارَ هو أنْ يقولَ الرجلُ لامرأتِه أنتِ عليَّ كظهرِ أُمِّي، وقد جاءَ في موضعٍ مِن الأحزابِ، وموضعينِ من المُجَادَلَةِ، وَمَحلُّ بيانِ اختلافِ قراءتِها الكتبُ المبسوطةُ فيها. ثمَّ اعلمْ أنَّ الظهرَ والبطنَ مادَّتُهُمَا مُتَّحِدَةٌ مَعَ الظاهرِ والباطنِ في الحقيقةِ بحسبِ أصلِ اللغةِ، على احتمالِ أنَّ أيَّهُمَا هو السابقُ منهما، إلا أنَّهُ لما غايَرَ الناظمُ بينهما وجبَ على الشرَّاحِ أن يتبِّعُوهُ فيما بينَهما، وبابُ لَظَى في سورةِ المَعْارجِ {كَلاَّ إنَّها لَظَى} وهو: اسمٌ من أسماءِ جَهَنَّمَ، أو طبقةٌ مِن طبقاتِها، وفي الليلِ {فَأَنْذَرْتُكُمْ نارًا تَلَظَّى} أي تَتَلَهَّبُ وَتَتَوَقَّدُ، فهذا يدلُّ على أنَّ أصلَ هذه المادةِ بمعنى الاشتعالِ، الذي هو من الصفةِ اللازمةِ للنارِ، وأمَّا قولُ ابنِ المصنِّفِ ومَن تبعَه مِن الشرَّاحِ: إنَّ أصلَه اللزومُ والإلحاحُ، يقالُ: أَلَظَّ بكذا إذا لزِمَه وألحَّ به، ومنه قولُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلِظُّوا بياذَا الجلالِ والإكرامِ) أي: أَلْزِمُوا أَنْفُسَكُم وَأَلِحُّوا بكثرةِ الدعاءِ بهما، وسُمِّيَتْ جَهَنَّمُ بها للزومِها العذابَ على مَن يدخلُها، قالَ تعالى: {وما هم بخارجينَ منها} أَجَارَنَا اللهُ وَأبعدَنا عنها / ا.هـ.
فخطأٌ ظاهرٌ، لأنَّ مادَّةَ لَظَى وأَلَظَّ مُخْتَلِفَانِ، إذ الأَوَّلُ مُعْتَلُّ اللامِ والثاني مُضَاعَفٌ بلا كَلاَمٍ، وأمَّا قولُ المصريِّ: إلا أنْ يكونَ من بابِ ما أُبْدِلَ منه أحدُ حرفي في التضعيفِ ياءً نحوُ (يَتَمَطَّى) في قولِ مَن جعلَ أصلَه يَتَمَطَّطُ، فغيرُ مستقيمٍ؛ إذ الصحيحُ في القاموسِ مِن أنَّ اللَّظَى كالفَتَى: النارُ أو لَهَبُها، أو لَظَيْتُ كرضى، والْتَظَّتْ وتَلَظَّتْ لَهِبَتْ، هذا في المَعْتلِّ، وذكرَ في الأجوفِ أنَّ اللَّظَّ اللزومُ والإلحاحُ وأَلَظَّ لازمَ وداومَ / ا.هـ.
فَافْتَرَقَا في المبنى والمعنى، فلا يَصِحُّ وضعُ أَحَدِهما مكانَ الآخرِ، وأمَّا مطَّهُ بمعنى مدَّهُ، وَتَمَطَّطَ تَمَدَّدَ، وكذا أَمْطَى بالقومِ مدَّ بهم في السيرِ، وتَمَطَّى النهارُ وغيرُه امتدَّ وطالَ، كذا في القاموسِ أيضًا، فاتَّحَدَا معنىً , وإن اختلفا مبنىً، فيصحُّ إبدالُ إحدى الطاءينِ ياءً كما في تَقَضَّى بمعنى تَقَضَّضَ، بخلافِ الأَوَّلِ، فَتَأَمَّلْ، وأمَّا شُواظٌ فجاءَ في سورةِ الرحمنِ { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِن نارٍ} وهو لَهَبٌ لا دُخَانَ معَهُ، وقيلَ معَه دُخَانٌ، وقَرَأَ المكيُّ بكسرِ شِينِه، وأمَّا بابُ الكَظْمِ وهو اجتراعُ الغيظِ وابتلاعُ الغضبِ وعدمُ إظهارِه باحتمالِه وتركِ المؤاخذةِ به، فوقعَ منه ستَّةُ ألفاظٍ، أَوَّلُها ما في آلِ عمرانَ {والكَاظِمِينَ الغيظَ} وأمَّا بابُ الظلمِ وهو وضعُ الشيءِ في غيرِ موضعِه والتعدِّي في ملكِ غيرِه أو على نفسِه، فوقعَ منه مائتانِ واثنانِ وثمانونَ موضعًا، أَوَّلُه في البقرةِ {فَتَكُونَا مِن الظَّالِمِينَ} وأمَّا الغِلْظةُ ضدُّ الرِّقَّةِ وما تصرَّفُ منها فثلاثةَ عشَرَ موضعًا، أَوَّلُها ما في آلِ عمرانَ {غَلِيظُ القلبِ} وأمَّا الظُّلْمَةُ وهي ضدُّ النورِ فوقعتْ في مائةِ موضعٍ، كذا ذكَرُه ابنُ المصنِّفُ وتبِعَه زكريَّا، وفي شرحِ الروميِّ والمصريِّ في ستةٍ وعشرينَ موضعًا، وهو الصوابُ، أَوَّلُها في البقرةِ {وَتَرَكَهُمْ في ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ} وأمَّا الظُّفُرُ بضمتين، ويجوزُ إسكانُ الفاءِ لغةً وَقُرِيءَ بها، فليسَ إلا في سورةِ الأنعامِ {كُلُّ ذي ظُفُرٍ} وإلا فقدْ قُرِئَ شاذًّا بالسكونِ، وهو لغةٌ، كما في القاموسِ، قالَ ابنُ المصنِّفِ وأَتْبَاعُه: وسكَّنَ الناظمُ الفاءَ في ظُفُرٍ ضرورةً، يعني لأنَّه وقعَ في القرآنِ بضمِّ الفاءِ، وقالَ الروميُّ أو لم يَقْصِدْ ذِكْرَها في القرآنِ بعينِه بل قصَدَ الإشارةَ إلى ذلكَ ا.هـ.
وبعدَه لا يَخْفَى، وأمَّا بابُ الانتظارِ وهو الارتقابُ للشيءِ فأربعةَ عشرَ موضعًا، أَوَّلُها في الأنعامِ { قُلِ انْتَظِرُوا إنَّا مُنْتَظِرُونَ} وأمَّا الظمأُ وهو العطشُ فثلاثةُ أحرفٍ في آخرِ (براءةٌ) {لا يُصِيبُهُمْ ظمأٌ} وفي (طه) {وأنَّكَ لا تَظْمَأُ} وفي النورِ {يَحْسَبُهُ الظمآنُ ماءً}. (أَظْفَرَ ظَنّا) بالنصبِ حكايةً (كيفَ جاءَ) بالقصرِ ضرورةً، وهو قيدٌ للثاني أو لقولِه (وَعْظٌ) وهو بفتحٍ فسكونٍ وفي أصلِ خالدٍ وَعِظْ بالواوِ العاطفةِ وكسرِ العينِ على أنَّهُ أمرٌ حاضرٌ، وضَبْطُ الروميِّ بفتحتينِ على أنَّهُ فعلٌ ماضٍ سَكَنَ آخرُه ضرورةً، من العظةِ والوعظِ بمعنى التذكيرِ والنصيحةِ (سوى) بكسرِ السينِ ويجوزُ فتحُه مَقْصُورًا أيضًا وفتحُه ممدودًا، وهو استثناءٌ منقطعٌ أي لكن (عِضِينَ) بالضادِ لِمَا سيأتي من بيانِ لامُرَادَ (ظلِّ النحلِ) أي: ظلِّ الكائنِ فيها (زُخْرُفِ) بحذفِ العاطفِ أي وفي زُخْرُفٍ، وفي نسخةٍ بالنصبِ على الحكايةِ أو على نزعِ الخافضِ (سِوَا) بالقصرِ على لغةٍ وقراءةٍ، أي: حالةَ كونِهما في السورتينِ مُسْتَوِيَتَيْنِ، وهو قولُه تعالى: {ظلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} في السورتين، وجعَلُ الروميُّ (زُخْرُفًا) نصبًا على أنَّهُ مفعولُ (سِوَا) بِناءً على أنَّهُ فعلٌ بمعنى ساوى، أي لفظُ (ظلٍّ) الواقعُ في سورةِ النحلِ سِوَا (ظلَّ) الواقعُ في الزخرفِ بمعنى ساواهُ في التلفُّظِ بالظاءِ، ولا يخفى ما فيه من التكَلُّفِ في المبنى والتعسُّفِ في المعنى، والغريبُ أنَّهُ أتَى بهذا المعنى العجيبِ وهو أنَّ (سواءً) في المصراعِ الثاني بمعنى العدلِ، ثمَّ اعْتُرِضَ على ابنِ المصنِّفِ بقولِه: ولا حاجةَ إلى حملِ الثاني على الفتحِ ثمَّ العُذْرِ عن قصرِه بما فعلَه حمزةُ وهشامٌ في حالةِ الوقفِ، أمَّا (أَظْفَرَ) فمِن الظَّفَرِ بفتحتينِ، بمعنى الفوزِ والنصرِ، فليسَ إلا في سورةِ الفتحِ {مِن بعدِ أنْ أَظْفَرَكُم} وأمَّا بابُ (الظَّنِّ) بمعنى ترجيحِ أحدِ الأمرينِ، أو الشكِّ، ومنه قولُه { وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} وقد يُطْلَقُ علي اليقينِ ومنه قولُه تعالى {فَظَنُّوا أنَّهُم مُوَاقِعُوهَا} وقد يأتي بمعنى التُّهَمَةِ كما في "بِظَنِينٍ" فكيفَ وردَ ماضيًا أو مضارعًا أو وصفًا أو مصدرًا فهو بالظَّاءِ، وأَوَّلُ ما جاءَ منه في البقرةِ {الذين يَظُنُّونَ أنَّهُم مُلاَقُوا ربِّهِمْ} وعبارةُ ابنِ المصنِّفِ مُوهِمَةٌ أنَّهُ بمعنى التُّهَمَةِ، وليسَ كذلكَ، فإنَّه ههنا بمعنى العلمِ واليقينِ لا بمعنى الحسبانِ والتَّخْمين، فإنَّهُ لا ينفعُ في أمرِ الديِن. ثُمَّ اعلمْ أنَّ اصطلاحَ الفقهاءِ أنَّ الظنَّ هو التردُّدُ بينَ أمرينِ، سواءٌ اسْتَوَيَا أورُجِّحَ أحدُهما على الآخرِ، وأمَّا عندَ المُتَكَلِّمِينَ فالشكُّ تجويزُ أمرينِ لا مَزِيَّةَ لأحدِهما على الآخرِ، والظنُّ تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ أحدُهما أرجحُ مِن الآخرِ، والمرجوحُ هو الوهمُ، ووقعَ منه في القرآنِ سبعةٌ وستُّونَ موضعًا، وأمَّا بابُ (الوعظِ) بمعنى التخويفِ من العذابِ والترغيبِ في الثوابِ فكُلُّه باعتبارِ جميعِ ما يتصرَّفُ منه بالظاءِ تسعةُ مواضعَ، كذا قيلَ: والصوابُ خمسةٌ وعشرونَ، وأَوَّلُ ما جاءَ منه في البقرةِ {وَمَوْعَظَةً لِلْمُتَّقِينَ} لكنْ قولُه تعالى في سورةِ الحِجْرِ {الذينَ جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ} ليسَ منه، فإنَّهُ بالضادِ بلا خلافٍ، وهو جمعُ عِضَةٍ، على أنَّ أصلَها إمَّا عِضَةٌ ثمَّ حُذِفَت الهاءُ الأصليَّةُ، كما في شِفَاهٍ، بدليلِ أنَّهَا تُجْمَعُ على عِضَاه مثلَ شِفَاه، وإمَّا عِضْوَةٌ، ثمَّ حُذِفَت الواوُ، فعلى الأَوَّلِ معْناها الكذبُ والبهتانُ , وعلى الثاني معْناها التفرُّقُ، أي: فَرَّقُوا فيه القولَ وقالُوا: هو شِعْرٌ وكهانةٌ وسحرٌ، أي: متفرِّقِين فيهَ، فآمَنُوا ببعضِه وكفرُوا بباقِيه، وقالَ شارحٌ: (عِضِينَ) جمعُ عِضَةٍ بمعنى الجزءِ من الشيءِ , ومنه أعضاءُ الإنسانِ، وقالَ زكريَّا بمعنى فرقةٍ. وأمَّا بابُ (ظلَّ) إذا كانَ بمعنى دامَ أو صارَ فجاءَ في تسعةِ مواضعَ، استوعبَها المصنِّفُ، ففي النحلِ {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} ومثلَه في الزخرفِ، قالَ ابنُ المصنِّفِ: وإلى المثليَّةِ أشارَ بقولِه (سواءٌ) وأصلُه سَوَاءٌ بالمدِّ ففعلَ فيه كما فعل حمزةُ وهشامٌ في حالةِ الوقفِ، يعنى مِن حذفِ الهمزةِ وتجويزِ المدِّ والقصرِ، قالَ اليَمَنيُّ: أي سواءٌ في كونِها بالظاءِ , وغيرُهما بالضادِ، كقولِه تعالى {وقالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا} بمعنى غِبْنَا، ومنه {قالُوا ضَلُّوا عَنَّا} و {لا يَضِلُّ رَبِّي ولا يَنْسَى} وكذا الضلالةُ ضدُّ الهِدَايَةِ بالضادِ، وكذا الضلالُ بمعنى الهلاكِ، كقولِه تعالى: {إنَّ المُجْرِمِينَ في ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ} أو بمعنى البطلانِ كقولِه تعالى: {الذينَ ضلَّ سَعْيُهُمْ} و {أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} أو بمعنى التَّحَيُّرِ {وَوَجَدَكَ ضَالاّ} وقالَ خالدٌ: ولكونِهما بمعنىً أشارَ إلى ذلكَ بقولِه: (سواءٌ). أقولُ: الصوابُ أنَّهُ لما كانَ التركيبُ في الجملتينِ مُسْتَوِيًا بحسبِ المبنى والمعنى فقالَ: (سِوَا) والحاصلُ أن سوى الأَوَّلَ مقصورٌ من أصلِه، وسواءٌ الثاني ممدودٌ لكن قُصِرَ لوزنِه، وقالَ الروميُّ وسواءٌ إذا كانَ بمعنى غيرِ كما في آخرِ المصراعِ الأَوَّلِ، أو بمعنى العدلِ كما في آخرِ المصراعِ الثاني يكونُ فيه ثلاثُ لغاتٍ، إنْ ضَمَمْتَ السينَ أو كَسَرْتَ قَصَرْتَ فيهما جميعًا، وإنْ فَتَحْتَ مَدَدْتَ، ولابدَّ أنْ يُحْمَلَ هنا على الضمِّ، أو على الكسرِ فيهما، لِيَتَعَادَلَ الكلمتانِ قلت: الصوابُ أنَّ الأَوَّلَ مكسورةٌ أو مضمومٌ، والثاني مفتوحٌ سواءٌ أُرِيدَ به المصدرُ بمعنى التسويَةِ، أو يُقْصَدُ به الوصفُ، أي مستوٍ، كقولِه تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِم}، أو أُرِيدَ به الفعلُ الماضي، كما اختارَه الروميُّ على ما سبقَ، بل يَتَرَتَّبُ على مُخْتَارِه أنْ يكتبَ (سِوَى) بالياءِ كما لا يخفى على أربابِ الرسومِ بالمبنى , ولا يبعُدُ أنْ يقالَ: المرادُ به سواءٌ أُرِيدَ بظلٍّ في الموضعينِ بمعنى دامَ، أو صارَ، فإنَّهُ بالظاءِ المُشَالَةِ لا محالةَ. وأمَّا قولُ ابنِ المصنِّفِ: (والنحلُ) في البيتِ مخفوضٌ، (وَزُخْرُفًا) منصوبٌ، وكِلاَهما على الحكايةِ، فلعلَّه محمولٌ على ما عندَه من الروايةِ، وإلا فيجوزُ جرُّ (النحلِ) على الإضافةِ، معَ أنَّ وجهَ الحكايةِ يحتاجُ إلى تَكَلُّفٍ في مقامِ الدِّرايةِ، رزقَنَا اللهُ الهدايةَ في البدايةِ والنهايةِ.

(وَظَلَّتْ ظَلْتُمْ وَبِرُومٍ ظَلُّوا = كالحِجْرِ ظَلَّتْ شُعَرَا نَظَلُّ)


بإشباعِ اللامِ وقصرِ همزِ (شُعَرَا)، يعني: الثالثُ مِن (ظَلَّ) بمعنى دامَ، في سورةِ (طه) {إلى إلَهِكَ الذي ظَلْتَ عليه عَاكِفًا} والرابعُ في سورةِ الواقعةِ {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} وَأَصْلُهُمَا ظَلَلْتَ وظَلَلْتُمْ، باللامينِ، فحذفَ الثانيَ منهما تخفيفًا، والخامسُ في الرومِ {لَظَلُّوا مِن بعدِه يَكْفُرُونَ} والسادسُ في الحِجْرِ {فَظَلُّوا فيه يَعْرُجُونَ} وإليه أشارَ بقولِه: كالحِجْرِ , والسابعُ في الشعراءِ {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ} والثامنُ فيها {فَنَظَلُّ لها عَاكِفِينَ} والتاسعُ في الشُّورى {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ على ظَهْرِهِ} وإليه أشارَ بقولِه: (يَظْلَلْنَ محظورًا معَ المُحْتَظِرِ) بكسرِ الظاءِ (وكنتَ فظًّا وجميعِ النَّظَرِ) يجوزُ في لفظِ (جميعِ) جميعُ أنواعِ الإعرابِ، والجرُّ أظهرُ، فَتَدَبَّرْ، وأمَّا بابُ (الحَظْرِ) بمعنى المنعِ والحَجْرِ فمنه في القرآنِ حرفانِ، أَوَّلُهما في سبحانَ {وما كانَ عطاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا } والثاني في القمرِ {كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ} أي: كالنباتِ اليابسِ المُتَكَسِّرِ، والمُحْتَظِرُ، صاحبُ الحظيرةِ كانوا كهشيمٍ يجمعُه صاحبُ الحظيرةِ، وهي التي تُعْمَلُ للغنمِ مِن أغصانِ شجرٍ وشوكٍ يمنعُها البردُ والريحُ، ويمنعُها من الخروجِ ودخولِ غير عليها وقيلَ المُتَّخِذِ حَظِيرَةً على زَرْعَةٍ يمنعُ الداخلَ، وما عدَاهما من الضادِ؛ لأنَّه من الحُظُورِ ضدُّ الغَيْبةِ، وأمَّا الفَظَاظَةُ وهي الجَفَاءُ والغِلاَظَةُ ففي القرآنِ موضعٌ واحدٌ في آلِ عمرانَ {ولو كُنْتَ فَظًّا} ولم يذكرْهُ ابنُ المصنِّفِ، وليسَ منه قولُه: {لانْفَضُّوا مِن حولِكَ} وقولُه: {انْفَضُّوا إِلَيْهَا} أي: تَفَرَّقُوا، وأمَّا بابُ (النظرِ) بجميعِ أنواعِ تصرُّفِه فستَّةٌ وثمَّانونَ مَوْضِعًا. أَوَّلُها قولُه تعالى في البقرةِ: {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} لكن اسْتُثْنِيَ منه ثلاثةُ مواضعَ، فلا يُتَوَهَّمُ أنَّهَا منه في بادىءِ النظرِ بقولِه: (إلا بويلٍ هلْ وأُولِى نَاضِرَه) إلا قولَه تعالى: {نَضْرَةَ النعيمِ} في سورةِ ويلٌ للمُطَفِّفِينَ، وقولَه سبحانَه وتعالى: {ولَقَّاهُم نَضْرَةً وَسُرُورًا} في سورةِ هلْ أتى على الإنسانِ، وقولَه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إلى ربِّها نَاظِرَةٌ} في سورةِ القيامةِ، فإنَّ هذه الثلاثةَ الضادُ مِن النضارةِ وهي الحُسْنُ والبهجةُ، ونَضُرَ ككَرُمَ وفَرُحَ، ونَضُرَ بمعنى نَعِمَ، والتشديدُ للتعديةِ، أو للتقويةِ، ورُوِيَ بهما حديثُ (نَضَّرَ اللهُ امرءًا سَمِعَ مقالَتي فَوَعَاهَا وَأَدَّاهَا كما سمِعَها) واحْتُرِزْ بالأُولَى عن الثانيَةِ وهو قولُه: {إلى ربِّها نَاظِرَةٌ} فإنَّها بالظاءِ، ثمَّ (النَّظَرُ) بالظاءِ سواءٌ كانَ بمعنى الرؤيةِ نحوُ: {وأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}و {تَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} وهذا يتعدَّى بإلى، أو بمعنى الفكرِ لكنَّه متعدٍّ بفي، نحوُ قولِه تعالى: {أَوَ لَمْ يَنْظُرُوا في مَلَكُوتِ السَّمَواتِ} فقولُ زكريَّا: وجميعَ النظرِ بمعنى الرؤيةِ ففيه نظرٌ (والغيظُ لا الرعدُ وهودٌ قاصِرَهُ) أي وجميعُ موادِّ (الغيظِ) وهو غضبٌ كما مَن للعَجْزِ، وأصلُه فورانُ حرارةِ القلبِ، فوقعَ منه في القرآنِ أحدَ عشرَ مَوْضِعًا، وأَوَّلُها في آلِ عمرانَ {عَضُّوا عَلَيْكُم الأناملَ مِن الغيظِ} ويُشْبِهُ هذا اللفظَ في المبنى لكنَّه مغايرٌ له في المعنى حرفانِ: أحدُهما في سورةِ هودَ {وَغِيضَ الماءُ} وثانيهما في سورةِ الرعدِ {وما تَغِيضُ الأرحامُ وما تَزْدَادُ} فكِلاَهما بالضادِ؛ لأنَّ معْناهما النُّقْصَانُ، وهوَ لازمٌ ومتعدٍّ، لا من الغيظِ، فأشارَ باستثنائِهما منقطعًا بقولِه (لا الرعدُ وهودُ) أي: ليسَ الواقعُ فيها من هذا البابِ؛ فإنَّ ضادَهما قاصرةٌ، أو حالَ كونِ ضادِهما قاصرةً، لا ظاءً مُشَالَةً، فالمعنى قَصْرُ ألفِ ظائِهما فصارا ضادًا في تلفُّظِهِمَا، وذلكَ لأنَّ الضادَ بخطِّ الكوفيِّ لابدَّ لَها مِن ألفٍ قصيرةٍ، دونَ ألفِ الظاءِ فإنَّها طويلةٌ في الكتابةِ، تفرقةً بينهما في الكلماتِ المُرَكَّبَةِ، وأمَّا بخطِّ غيرِهم على حسبِ العُرْفِ، فالفرقُ بينهما بزيادةِ المركزِ في الضادِ، وتركُها في الظاءِ، كما لايخفى عَلَى مَن يَعْرِفُ تحقيقَ حروفِ الهجاءِ،
وأمَّا ما ذكرَهُ الروميُّ: مِن أنَّ الناظمَ عبَّرَ عن معنى النقصانِ بالقصورِ فقصورٌ عن دَرَجِ المبنى ودَرَكِ المعنى، وأمَّا قولُ زكريَّا: قاصرةٌ عليهما، فإشارةٌ إلى أنَّ القَصْرَ بمعنى الحَصْرِِ، أي: النفيُ مُنْحَصِرٌ فيهما، ومُقْتَصِرٌ عليهما، (والحظِّ لا الحضِّ) بالجرِّ فيهما، ويجوزُ الرفعُ، خصوصًا في ثانيهما (على الطعامِ) أي: وبابُ الحظِّ بمعنى النصيبِ فسبعةُ ألفاظٍ، أَوَّلُها في آلِ عمرانَ {يريدُ اللهُ أنْ لا يجعلَ لهم حظًّا في الآخرةِ} ويُشْبِهُهُ في المبنى ويخالِفُهُ في المعنى ثلاثةُ أحرفٍ لا رابعَ لها، الأَوَّلُ قولُه تعالى: {ولا يحضُّ على طعامِ الْمَسْكِينِ} في الحاقَّةِ، والثاني قولُه تعالى: {ولا تَحَاضُّونَ على طعامِ الْمَسْكِينِ} على وجوهِ قراءتِه الثلاثةِ في سورةِ الفجرِ، والثالثُ {ولا يَحُضُّ على طعامِ الْمَسْكِينِ} في سورةِ الماعونِ، فإنَّها من الحضِّ بمعنى التحريضِ على فعلِ الشيءِ، واللامُ في الطعامِ للجنسِ إذا أُشِيرَ إلى ما في القرآنِ تَلْوِيحًا أو للعوضِ عن المضافِ إليه أي: على طعامِ المسكينِ إذا أُرِيدَ به ذِكْرُ ما في القرآنِ تصريحًا، والأَوَّلُ أظهرُ، فَتَأَمَّلْ وَتَدَبَّرْ ( وفي ضَنِينٍ الخلافُ سامي) بإثباتِ الياءِ كقراءةِ ابنِ كثيرٍ في نحوِ باقي وواقي، ولا يبعُدُ أنْ يكونَ بإشباعِ كسرةِ الميمِ بعدَ حذفِ تنوينِها، أي: وفي قولِه تعالى: {وما هو على الغيبِ بِضَنِينٍ} في سورةِ التكويرِ المكتوبِ في مصحفِ الإمامِ بالضادِ خلافَ القُرَّاءِ، باعتبارِ القِراءةِ مشهورٌ شهرةَ حالِ مرتفعٍ ظاهرٍ في القراآتِ السبعِ المتواترةِ، فقرأَ ابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو والكِسَائِيُّ بالظاءِ، على أنَّهُ فَعِيلٌ بمعنى مَفْعُولٍ، مِن ظننتُ فلانًا اتَّهَمْتُه، وعليه رسمُ ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه وقراءتُه، أي: وما مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُتَّهَمٍ فيما يُوحِيه اللهُ سبحانَه إليه مِن تحريفٍ أو تصحيفٍ أو تغييرٍ بزيادةٍ أو نقصانٍ، وهذا تأكيدٌ لقولِه تعالى: {وما يَنْطِقُ عن الْهَوَى} والباقونَ قَرَءُوا بالضادِ، إلى أنَّهُ فعيلٌ بمعنى فاعلٍ من ضنَّ يَضِنُّ بكسرِ ضادِه وَفَتْحِه: بَخِلَ، وهو رسمُ الإمامِ وسائرِ المصاحفِ العثمانيَّةِ، وعليه رسمُ ما في النظمِ على ما في الأصولِ المُعْتَمَدةِ، وأمَّا قولُ المصريِّ: وفي إيثارِ الناظمِ ذكرَ (ظَنِينٍ) بالظاءِ إيماءٌ إلى اختيارِه الظاءَ على الضادِ في القِراءةِ، وهو اختيارُ المُحَقِّقِ الجُعْبُرِيِّ، على أنَّ نفيَ المُحَقَّقِ أَوْلَى من نفيِ المُقَدَّرِ، فَمَحلُّ بحثٍ ونظرٍ ظاهرٍ؛ إذ الترجيحُ في المعنى لا يُغَيِّرُ رسمَ المبنى، وما مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَخِيلٍ على الناسِ في بيانِ الوحيِ مِن اللهِ سبحانَه وتعالى إليه، وهو تحقيقٌ لقولِه: {يا أيُّها الرسولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إليكَ مِن ربِّكَ} الآيةَ.

هيئة الإشراف

#4

19 Nov 2008

الفوائد التجويدية للشيخ: عبد الرازق بن علي موسى

قال الشيخ عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى المصري (ت: 1429هـ): (لمَّا تَقدَّمَ أن الضادَ أعسرُ الحروفِ على اللسانِ والناسُ يَتفاضلون في النُّطقِ به وبعضُ العامَّةِ يُخرجُه من مَخرجِ الظاءِ المشالَةِ وكانَ التمييزُ بينَ الضادِ والظاءِ أمراً مهِمًّا أمَرَكَ الناظمُ بتمييزِ الضادِ من الظاءِ فقالَ رحِمَه اللهُ:

52- والضادَ باستطالةٍ ومَخرجِ = مَيِّزْ من الظاءِ وكلُّها تَجِي


أي يَجبُ عليك أيُّها القارئُ أن تُميِّزَ الضادَ المعجَمَةَ من الظاءِ المُشالَةِ بالاستطالةِ والمَخرجِ المعروفَيْن لهما مما تقدَّمَ، ثم إن الناظمَ رحِمَه اللهُ تعالى أرادَ حصْرَ جميعِ ما في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ من الظاءِ المُشالَةِ فى سبعةِ أبياتٍ تسهيلاً على القارئِ من حيثُ إنه إذا قرأَ كلمةً من الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ واشْتَبَهَتْ عليه هل هي بالضادِ المعجَمَةِ أو الظاءِ المُشالَةِ فيَعْرِضُها على هذه الأبياتِ السبعةِ الآتيةِ فإن وَجَدَها فيها كانت بالظاءِ المُشالَةِ، وإلا فبالضادِ المعجَمَةِ، فجزاه اللهُ عن خيراً ثم أَخَذَ في ذِكرِ الأبياتِ السبعةِ فقالَ:

53- في الظُّعْنِ ظِلِّ الظُّهْرِ عُظْم الحِفْظِ = أيْقِظْ وأَنْظُرْ عَظْمَ ظَهْرِ اللفظِ
54- ظاهِر لَظَى شُوَاظُ كَظْم ظَلَمَـا = أُغْلُظْ ظَلام ظُفْر انتَظِرْ ظَمَـا


وقبل أن نشرحَ هذين البيتين نقولُ: إن الفرْقَ بينَ الضادِ المعجَمَةِ والظاءِ المُشالةِ من ناحيتين، ناحيةِ المَخرجِ وناحيةِ الصفةِ.

أما من ناحيةِ المَخرجِ: فالضادُ تخرجُ من إحدى حافَتَي اللسانِ وما يَليها من الأضراسِ في الجانبِ الأيسرِ كما تَقدَّمَ في المخارجِ والظاءُ تَخرجُ من طرَفِ اللسانِ وأطرافِ الثنايا العُليا أيْ رؤوسِها على ما تَقدَّمَ في المخارجِ أيضاً.
وأما من ناحيةِ الصفةِ: فالضادُ تمتازُ أيْ تزيدُ عن الظاءِ صِفةَ الاستطالةِ ويَشتركان في بقيَّةِ الصفاتِ ولولا الاستطالةُ لكانت صفاتُهما واحدةً ولكانت إحداهُما عَيْنَ الأخرى، ومن أجْلِ هذا وَجَبَ التمييزُ بينهما بهذين الفَرْقَيْن وهذا معنى قولِ الناظمِ (والضادُ باستطالةٍ ومَخرجِ.... إلخ) ويَجدرُ بنا أن نذْكُرَ أسماءَ من قالوا باشتباهِ الضادِ بالظاءِ في السمْعِ حسْبَ التسلسلِ الزمنيِّ كما نَذكرُ موقفَ العلماءِ منهم - كما وَعَدْنا من قبلُ - فنقولُ:
بحثٌ مهِمٌّ في الضادِ وأنها لا تُشبِهُ الظاءَ المُشالةَ بحالٍ من الأحوالِ أوَّلُ من ادَّعَى بأن النُّطقَ بالضادِ كالظاءِ أو ممزوجةٍ به، ما نُسِبَ الى الشيخِ عليِّ بنِ محمَّدِ بنِ غانمٍ المقدسيِّ ت (004هـ)
وقد ذَكرَ الشيخُ عليُّ بنُ محمَّدٍ الضبَّاعُ رحِمَه اللهُ ت (1376هـ) أنَّ ابنَ غانمٍ المذكورَ ألَّفَ رسالةً في هيئةِ النُّطقِ بالضادِ سمَّاها "بُغيةُ المرتادِ لتصحيحِ حرفِ الضادِ" فرَغَ من تأليفِها سنةَ خمسٍ وثمانين وتسعمائةٍ من الهجرةِ (985هـ)، وأنه لما أَعلنَها ناقَشَه الشيخُ شحاذةُ اليمنيُّ بحضورِ عَددٍ من القرَّاءِ في وقتِه فتَراجعَ ابنُ غانمٍ عن قولِه واعتذَرَ بأنه لا يقولُ بامتزاجِ الضادِ بالظاءِ وإنما يقولُ باختلاسِ الضادِ ليَضعُفَ إطباقُها وتَخِفَّ قوَّتُها.
وقد ذكرَ الشيخُ العلاَّمةُ/ عليٌّ المنصوريُّ في كتابِه "ردُّ الإلحادِ في النُّطقِ بالضادِ" أنَّ نِسبةَ رسالةِ "بُغيةِ المرتادِ" إلى المقدسيِّ غيرُ صحيحةٍ وإنما نَسبَها إليه بعضُ المبتدِعين، وهي أحقُّ أن تُسمَّى بُغيةُ الفسادِ بالابتداعِ بالضادِ اهـ.
ثم أَتى الشيخُ محمَّدٌ الْمَرْعَشِيُّ ت (1150هـ) المعروفُ بساجُقْلِي زادَهْ فجَدَّدَ دَعْوى الشيخِ ابنِ غانِمٍ المقدسيِّ فأَلَّفَ كتاباً سمَّاهُ "جَهْدُ المُقِلِّ" يَذكرُ فيه تحريفَ الضادِ واشتباهَها بالظاءِ في اللفظِ والسمْعِ، فرَدَّ عليه الشيخُ أبو عبدِ اللهِ محمَّدُ بنُ يوسفَ المعروفُ بيوسفَ أفندي زادَهْ، في رسالةٍ بَيَّنَ فيها أن الشيخَ المَرْعَشِيَّ استَندَ على أقوالِ بعضٍ من أصحابِه بأنّ الضادَ شبيهةٌ بالظاءِ المُعجَمَةِ وأنهما لا يُفرَّقُ بينَهما بحاسَّةِ السمعِ، ففنَّدَ الشيخُ يوسفُ زادهْ أقوالَه وأنها لا تُثْبِتُ مدَّعَى صاحبَها.
ولقد اغتَرَّ بقولِ المقدسيِّ في "بُغيةِ المرتادِ والمَرْعَشِيِّ في جَهْدِ المُقِلِّ" عددٌ من المشايخِ منهم الشيخُ/ محمَّد مَكِّي نصر في كتابِه "نهايةُ القولِ المفيدِ في علْمِ التجويدِ" وكذلك الشيخُ/ علي أحمد صبره الغرْيَانيُّ في كتابِه "العِقْدُ الفريدُ في فنِّ التجويدِ" وكذلك الشيخُ/ محمَّد السباعي عامر.
ولقد بَذلَ علماءُ المسلمين في ذلك العصْرِ الذي ظهرَتْ فيه تلك الفتنةُ ما في وُسعِهم لدَحْضِ تلك الدعوى الباطلةِ فقاموا بتصنيفِ عدَّةِ كتبٍ للرَّدِّ على من قالَ بذلك، ومن تلك المؤلَّفاتِ:
1. ردُّ الإلحادِ في النُّطقِ بالضادِ، للعلاَّمةِ الشيخِ/ عليٍّ المنصوريِّ.
2. الاقتصادُ في النُّطقِ بالضادِ، للشيخِ/ عبدِ الغنيِّ النابلسيِّ ت (1126 هـ).
3. رسالتان، للشيخِ/ الحاجِ محمودٍ وهما مخطوطتان. إحداهُما: هدايةُ الطلابِ في النُّطقِ بالضادِ على سبيلِ الصوابِ - وثانيهُما: رسالةُ ضادٍ، وهما بدارِ الكتبِ المصريَّةِ برقم: 119.
4. رسالةٌ، للشيخ/ محمَّدٍ الأَزْمِيرِيِّ.
5. رسالةُ الضادِ وأحكامُها، للحافظِ إسماعيل محمَّد القونويِّ. (مخطوط).
6. رسالةٌ، للشيخِ/ يوسفَ أفندي زادهْ - المذكورِ آنفاً - (مخطوط).
7. رسالةٌ لأحدِ تلاميذِ الشيخِ يوسفَ أفندي زادهْ (مخطوط).
ثم يقولُ الشيخُ الضبَّاعُ في رسالتِه ص3 أنه في سنةِ 1280 هـ وصلَ إلى الشيخِ/ سليمانَ أفندي البروسويِّ، وكانَ من نزلاءِ الأزهرِ نسخةٌ من كلٍّ من (البُغْيَةِ) و (جَهْدُ المُقِلِّ)، فاغتَرَّ بهما ولَخَّصَ منهما رسالةً في الضادِ وأخذَ في نشرِها حتى قامتَ فتنةٌ عظيمةٌ في الأزهرِ، فقامَ الشيخُ/ أحمد مقيبل واستَفْتَى في أمْرِه مُفتي السادةِ المالكيَّةِ وقتئذٍ فأَفْتى بضربِه وحبسِه ورفْعِ أمْرِه إلى الشيخِ خليفةَ الصفْتيِّ شيخِ المقارئِ ووكيلِ الأزهرِ فاستحضَرَه ومن تَبِعَه واستتابَهم فتابوا ورَجَعوا إلى الصوابِ.

الخُـلاصــــةُ
أن الضادَ لا تُشبِهُ الظاءَ المُشالَةَ إطلاقاً لأنَّ لكلٍّ منهما مَخرجاً يَخصُّه والتمييزُ بينَهما واجبٌ كما قالَ ابنُ الجَزْرِيِّ: "والضادَ باستطالةٍ ومَخرجِ ميِّزْ من الظاءِ".
أقولُ: التمييزُ ضروريٌّ لنستطيعَ التفرقةَ بينَ النضارةِ والحُسْنِ، وبينَ النظرِ والرؤيةِ في قولِه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ولولا التمييزُ لما استَطَعْنا أن نُفَرِّقَ بينَهما، وقالَ - رحِمَه اللهُ - أيضاً:

وإن تَلاقَيــا البيــانُ لازمُ = أَنْقَضَ ظهْركَ يَعضُّ الظالمُ
واضْطُرَّ مع وَعَظْتَ مع أَفَضْتُمْ = ..........................


يعني أن الضادَ والظاءَ إذا تَلاقيا بأن لم يَفصلْ بينَهما فاصلٌ في اللفظِ فبيانُهما لازمٌ سواءً فَصلَ بينَهما فاصِلٌ في الخطِّ نحوُ: {يَعَضُّ الظَّالِمُ} أم لم يَفصِلْ بينَهما فاصلٌ في الخطِّ نحوُ:{أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} وأمَرَ الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ بهذا التمييزِ لئَلاَّ يَختَلطَ أحدُهما بالآخرِ كما فعلَ ابنُ غانمٍ والمَرْعَشِيُّ ومن قلَّدَهما فيَفسدُ المعنى واللفظُ، وتَبطلُ الصلاةُ كما أفتى بذلك صاحبُ المُغنِي حيثُ قالَ " وقيلَ في من قرأ {وَلاَ الضَّالِّينَ} بالظاءِ لا تَصِحُّ صلاتُه لأنه يُحيلُ المعنى"، أيْ: يُفسدُه لأن الضلالَ بالضادِ ضِدُّ الهُدَى والظُّلُولُ بالظاءِ هو الصيرورةُ كقولِه تعالى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا}.
واللهُ سبحانه وتعالى خَلَقَ لكُلِّ حرفٍ من الحروفِ الهجائيَّةِ مَخرجاً يَخرجُ منه وإذا حاولَ أحدٌ أن يُخرجَ حرفاً منها من غيرِ مَخرجِه لا يُمكنُه ذلك فسبحان من دَقَّتْ في كلِّ شيءٍ حكمتُه وفي هذا رُوِيَ أنَّ أبا حنيفةَ رضيَ اللهُ عنه ناظَرَ مُعتزِليًّا فقالَ له قلْ: باء فقالَ باء، فقالَ له: قلْ خاء، فقالَ خاء، فقالَ له بَيِّنْ مَخرجَهما، فبيَّنَهما، فقالَ له: إن كنتَ خالِقاً فِعلَك فأَخْرِج الباءَ من مَخرجِ الخاءِ، فبُهِتَ المعتزِلِيُّ وانصرفَ، والذين يَنطقون بالضادِ شبيهةً بصوتِ الظاءِ قد خالفوا كلامَ ابنِ الجَزْرِيِّ المذكورِ الذي يُعتبرُ مقرئَ الدنيا وإمامَها في هذا الفنِّ ولا يُوجدُ سنَدٌ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها في القراءاتِ إلاَّ والإمامُ ابنُ الجَزْرِيِّ رجلٌ من هذا السَّنَدِ إلاَّ نادراً.
وقد خالَفَ الظائيُّون ابنَ الجَزْرِيِّ واتَّبَعوا عليَّ بنَ غانِمٍ والمَرْعَشِيَّ ومن تابعَهم من الذين ابتدَعوا هذا الرأيَ من عندِ أنفسِهم ولم يَسبقْهم إليه أحدٌ، مخالِفين بذلك الإجماعَ والتلَقِّي ولم يَشتهرْ بالاستفاضةِ والذيوعِ ولم تتلقَّفْه الأمَّةُ بالقَبولِ فهو رأيٌ شاذٌّ تمتنعُ القراءةُ به منْعَ تحريمٍ في الصلاةِ وغيرِها، ونحنُ ننكرُ عليهم هذا الرأيَ لأسبابٍ، منها:
أن هناك فرْقاً بينَ الضادِ والظاءِ المُشالَةِ من عدَّةِ وُجوهٍ:
أولاً: أن الضادَ لا يَشركُها في صِفةِ الاستطالةِ غيرُها من الحروفِ.
ثانياً: الضادُ في ذاتِها قويَّةٌ والظاءُ ضعيفةٌ، إذ على قدْرِ ما في الحرفِ من الصفاتِ القويَّةِ تكون قوَّتُه، وعلى قدْرِ ما فيه من الصفاتِ الضعيفةِ يكونُ ضعفُه، والضادُ قد حَوَتْ من الصفاتِ القويَّةِ مالم تحوِ الظاءُ ومن ثَمَّ كانت الضادُ من أقوى الحروفِ بعدَ الطاءِ.
ثالثاً: الضادُ العربيَّةُ الفصيحةُ لا تُشبِهُ الظاءَ المُشالَةَ بحالٍ من الأحوالِ، لاستقلالِ كلٍّ منهما بمَخرجِه، وزيادةِ صِفةِ الاستطالةِ في الضادِ، ودعوى تَشابُهِ الضادِ بالظاءِ المُشالَةِ دَعْوى غيرُ قائمَةٍ على دليلٍ واضحٍ أو قياسٍ صحيحٍ، ولو اجتمعَ أكثرُ من حرفٍ في مَخرجٍ واحدٍ فلابدَّ أن يتميَّزَ كلُّ حرفٍ من الحروف المشترَكةِ في هذا المَخرجِ ولو بصفَةٍ واحدةٍ، على الأقلِّ، وتكونَ هذه الصفةُ كافيةً لتمييزِ كلِّ حرفٍ عن الآخَرِ تمييزاً كاملاً واضحا بحيثُ لا يُشبِهُ صوتُ أحدِهما صوتَ الآخَرِ, ولا يَلتبسُ على السامعِ حرفٌ بحرفٍ آخَرَ، فكيفَ إذا اختَلَفا في المَخرجِ أيضاً.
فإن كانت الصفاتُ هي التي اشتَركتْ بينَ حرفين، فإن استقلالَ كلٍّ منهما بمَخرجِه عن الآخرِ، هو الذي يُميِّزُه عن مثيلِه في الصفاتِ، وفي هذه الحالةِ لا يُشبِهُ صوتُ أحدِهِما صوتَ الآخَرِ، ولا يَلتبسُ على السامعِ حرفٌ بحرفٍ آخَرَ.
مثالُ ذلك: حرفان اتَّحدا مَخرجاً وصفةً إلاَّ في صِفةٍ واحدةٍ كالزايِ والسينِ نجِدُ أن كلاّ منهما، اشترَكا في المَخرجِ وفي الرَّخاوةِ والاستِفَالِ والانفتاحِ والإصماتِ والصفيرِ، ولم يَفترقَا إلاَّ في الجهْرِ الذي في الزايِ والهمْسِ الذي في السينِ، فلولا الجهْرُ الذي في الزايِ لصارتْ سيناً، ولولا الهمْسُ الذي في السينِ لصارتْ زاياً، وعلى الرغمِ من هذا التشابُهِ في الصفاتِ والاتحادِ في المَخرجِ، فإنَ صوتَ السينِ وصوتَ الزايِ مُتميِّزان من بعضِهما تمييزاً خالصاً, لا يَشكُّ سامعٌ أنَّ هذه سينٌ وهذه زايٌ، ولم يقُلْ أحدٌ بضرورةِ اشتباهِ هذين الحرفين في السمعِ أو بالنُّطقِ بأحدِهما مُشرَباً بصوتِ الآخَرِ لاشتراكِهما في المَخرجِ وتفاوتِهما في الصفةِ كما فعلَهُ الظائِيُّون.
مثالٌ آخَرُ: لحرفين تَقارَبَا مَخرجاً وصفةً ولم يَفترِقا إلاَّ في صِفةٍ واحدةٍ وهما اللامُ والراءُ،، فإنهما متقاربان جدًّا في المَخرجِ بل من العلماءِ من عدَّهُما من مَخرجٍ واحدٍ (كالفَرَّاءِ) كما أنهما اشتَرَكَا في الجهْرِ والتوسُّطِ والاستِفَالِ والانفتاحِ والإذلاقِ، والانحرافِ، ولم يَفترِقا إلاَّ في صِفةِ التكريرِ التي تميَّزت بها الراءُ عن اللامِ، وعلى الرغمِ من التقاربِ الشديدِ أو قلْ: الاتِّحادِ في المَخرجِ والتقارُبِ الكبيرِ في الصفاتِ بينَ اللامِ والراءِ، إلاَّ أنَّ صوتَ الراءِ وصوتَ اللامِ مُتميِّزان من بعضِها تماماً، لا يَشكُّ سامعٌ أنَّ هذه لامٌ وهذه راءٌ، ولم يَقُلْ أحدٌ بضرورةِ اشتباهِ هذين الحرفين في السمْعِ أو بالنُّطقِ بأحدِهما مُشرَباً بصوتِ الآخَرِ، لأنهما متقاربان في المَخرجِ والصفاتِ، بل لو نَطقَ شخصٌ بلامٍ يُداخلُها صوتَ الراءِ، أو بالراءِ يُداخلُها صوتَ اللامِ، لما شكَّ أحدٌ أنَّ في لسانِه عيْباً وكذا يُقالُ في الدالِ والتاءِ، والتاءِ والكافِ والنونِ والميمِ، ولم يقلْ أحدٌ باشتباهِ التاءِ في الدالِ، أو النونِ والميمِ في السمْعِ، ولا بضرورةِ اشتباهِ التاءِ والكافِ أو النونِ والميمِ في السمْعِ، ولا بضرورةِ نُطقِ التاءِ مشرَبةً بصوتِ الكافِ أو الدالِ، أو النونِ مشرَبةً بصوتِ الميمِ لاتِّحادِهم في الصفاتِ، فما بَالُكم وقد جَمَعَت الضادُ بينَ اختلافِ الصفةِ وهي الاستطالةُ عن صفاتِ الظاءِ وكذلك اختلافُ مَخرجِها عن مَخرجِ الظاءِ، فهذان الحرفان أَوْلى بالتمييزِ عن بعضِهما من الزايِ والسينِ، والتاءِ والكافِ، واللامِ والراءِ، والميمِ والنونِ وهذا ما دعا إليه الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ، ولو سَمَحَ إنسانٌ لنفسِه أن يَنطقَ بالضادِ شبيهةً بالظاءِ في السمْعِ أو مُشرَبةً بصوتِها بِحُجَّةِ تقارُبِ المخارجِ والصفاتِ لتَحتَّمَ عليه، أن يَنطِقَ بالزايِ مُشربَةً بصوتِ السينِ، واللامِ بصوتِ الراءِ، والتاءِ بصوتِ الدالِ، ومعلومٌ ما في هذا من فسادٍ وظهَرَ بُطلانُ الحُجَّةِ التي يَتمسَّكون بها وعلى أساسِها النُّطقُ بهذه الضادِ العجيبةِ، وتَعيَّنَ النُّطقُ بالضادِ خالصةً خاليةً من صوتِ الظاءِ الدخيلِ عليها، لأنَّ مَخرجَ الضادِ الصحيحةِ المتواترةِ يُميِّزُها عمَّا عداها لأنه لا يُشاركُها حرفٌ آخَرُ في مَخرجِها عندَه. واللهُ أعلمُ.
وخروجُها من الجهةِ اليُسرى أكثرُ وأسهلُ, ومن اليُمنى أقلُّ وأصعَبُ ومنهما معاً أعزُّ وأعسَرُ، وهذا معنى قولِ الإمامِ الشاطبيِّ وهو: لديهما يَعِزُّ وباليُمنى يكونُ مُقَلَّلاً، وكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخرجُها من الجانبَيْن وقيلَ كان سيِّدُنا عمرُ كذلك أيضاً.
وأما الظاءُ فتَخرجُ من بينِ ظهْرِ اللسانِ مما يلي رأسَه وبينَ رأسِ الثَّنِيَّتَيْن العُلْيَيَيْن.
رابعاً: لو تأمَّلْنا ما بينَ مَخرجِ الضادِ الذي ذكرْناه ومَخرجِ الظاءِ لوجَدْنا أن بينَهما خمسَ مخارجَ لتسعةِ أحْرُفٍ وهي مَخرجُ اللامِ ومَخرجُ النونِ ومَخرجُ الراءِ، والمَخرجُ الرابعُ مَخرجُ الطاءِ والدالِ والتاءِ والمَخرجُ الخامسُ مَخرجُ حروفِ الصفيرِ، فكيف نَنطقُ بالضادِ شبيهةً بالظاءِ وبينَهما هذا البُعدُ، فهل هناك أعظمُ من هذا دليلاً على أن الضادَ لا تُشبِهُ الظاءَ وقد أُمِرْنا بالتمييزِ بينَهما.
خامساً: إنَّ قولَهم: الضادُ رِخْوَةٌ كالظاءِ فيجبُ النُّطقُ بها كالظاءِ لأن النُّطقَ الآخرَ كالدالِ المفخَّمةِ ليس فيه رَخاوةٌ، وفيه شِدَّةٌ، فالجوابُ عليهم بأمرَيْنِ:
الأمرُ الأوَّلُ: أن الضادَ والظاءَ وإن اشتَرَكا في صِفةِ الرخاوةِ، إلاَّ أنَّ الرخاوةَ في الضادِ أقلُّ منها في الظاءِ، كما صرَّحَ بذلك سيبويهِ أنَّ رَخاوةَ الظاءِ أكثرُ من رَخاوةِ الصادِ.
ومن الثابتِ أنَّ الضادَ أقوى من الصادِ، لأن الجهْرَ الذي في الضادِ أقوى من الصفيرِ الذي في الصادِ فدَلَّ هذا على أنهما مُتفاوِتان في صِفةِ الرخاوةِ.
الأمرُ الثاني: أن الضادَ وإن شاركَت الظاءَ في خروجِ مِثلِ النَّفْخِ الناشئِ عن الرخاوةِ إلاَّ أن بينَهما تفاوُتٌ، فيه على حسْبِ ما يَحويه كلٌّ منهما من صفاتِ القوَّةِ، ولما كانت الضادُ قد حَوَتْ من الصفاتِ القويَّةِ ما لم تَحْوِه الظاءُ كان خروجُ مثلِ النفْخِ مع الضادِ أقلَّ منه مع الظاءِ وذلك كما قالَ الأَزْمِيرِيُّ: فلو وقَفْتَ على الضادِ يَخرجُ معها مِثْلُ النَّفْخِ ولكنَّه لما اتَّصَفَت الضادُ بصفاتٍ قويَّةٍ غيرِ موجودةٍ في أخواتِها الثلاثِ لم تَكُنْ مثلَ أخواتِها في خروجِ مِثلِ الريحِ، أقولُ: المرادُ بأخواتِها الثلاثِ من حروفِ الإطباقِ وهي الصادُ المهمَلةُ والطاءُ المهمَلةُ والظاءُ المعجَمَةُ، واللهُ أعلمُ.
سادساً: إنَّ الذين يَنطِقونُ بالضادِ مَشوبَةً بصوتِ الظاءِ قِلَّةٌ جدًّا بالقياسِ إلى من يَنطِقون بالضادِ المتواترةِ، والعالَمُ كلُّه مجْمِعٌ على قراءةِ الْقُرْآنِ بها حتى في بعضِ البلادِ العربيَّةِ الذين يَنطقون بها شبيهةً بصوتِ الظاءِ كالسعوديَّةِ فإنهم يَتحدَّثون بها في كلامِهم خارجَ الْقُرْآنِ, وأمَّا الْقُرْآنُ فإنهم يَقرءُونه بالضادِ المتواترةِ، كما تلقَّوْها عن شيوخِهم الذين يَتَّصِلُ سندُهم بابنِ الجَزْرِيِّ وغيرِه ويَظهرُ ذلك واضحاً جليًّا في وسائلِ الإعلامِ عندَهم وفي قراءةِ قرَّائِهم وأئمَّةِ الحرمين الشريفين، وليس هذا فحسْبُ بل في البلادِ الأوربيَّةِ الذين لا يَعرفونَ اللغةَ العربيَّةَ، والذين عندَهم أقليَّاتٌ إسلاميَّةٌ يُذاعُ القرآنُ عندَهم بالضادِ المتواترةِ فظَهَرَ من هذه الفروقِ لكلِّ منصِفٍ أن الضادَ والظاءَ مختلِفان في اللفظِ والسمْعِ، والإجماعُ منعقِدٌ على ذلك، وأنَّ الضادَ المتواترةَ هي التي تَختلفُ عن الظاءِ في اللفظِ والسمْعِ والضادُ حرفٌ من القرآنِ، ولا نَقبلُ فيه نُطقاً إلاَّ إذا كان هذا النُّطقُ قد تَواترَ واستفاضَ ونَقلتْه مئاتُ الألسنةِ وسَمِعَتْه مئاتُ الآذانِ أما ما يَنطقُ به لسانٌ أو لسانان فلا حُجَّةَ له علينا وهو مردودٌ على صاحبه، ولو لم يكن هناك دليلٌ على بُطلانِ الضادِ الظائيةِ إلاَّ أنها لم تَتواتَرْ (فضْلاً عن كونِها غيرَ متَّصِلَةِ الإسنادِ) لكفى بذلك دليلاً، فإن الْقُرْآنَ لا يُعرفُ إلاَّ بالتواترِ.
سابعاً: الذين يَنطقونُ بالضادِ مشوبةً بصوتِ الظاءِ يُشركون مَخرجَ الظاءِ معهم في أثناءِ نطقِهم بالضادِ إلى أنَّ هذه المشاركةَ لا تَستوعِبُ مَخرجَ الظاءِ بالكُليَّةِ وإلا لتَحوَّلَتْ الضادُ إلى ظاءٍ خالصةٍ ولكنَّهم يَستعملون جُزءاً صغيراً من مَخرجِها وهو الذي يُعطي للضادِ أثناءَ نطقِهم بها الاشتباهَ بالظاءِ حتى يَتقاربا في السمْعِ، ومن أراد أن يَتأكَّدَ من هذا فلَيَنْطِقْ بالضادِ على الهيئةِ التي يَنطقونها بها ويرى من نفسِه كيفَ امتدَّ صوتُ الضادِ الناشئُ من عدَمِ إحكامِ الاعتمادِ على مَخرجِ الضادِ حتى اتَّصَلَ بمَخرجِ الظاءِ الذي شارَكَ بدورِه في النُّطقِ حتى ظهَرَ أثرُه، ونتَجَ من الحرفين حرفٌ لا هو بضادٍ ولا هو بظاءٍ، وهو ما يُسمِّيه العلماءُ بالضادِ الضعيفةِ من لُغَةِ قومٍ اعتَاضَتْ عليهم فربما أَخرَجوها طاءً، قالَ ابنُ يَعيشَ رحِمَه اللهُ تعالى: والضادُ الضعيفةُ من لغةِ قومٍ اعتاضَتْ عليهم (يَعني صَعُبَتْ) فربما أَخرَجوها طاءً وذلك أنهم يُخرجونها من طرَفِ اللسانِ وأطرافِ الثنايا وربما رَاموا إخراجَها من مَخرجِها فلم يَتأتَّ لهم فخَرَجتْ بينَ الضادِ والظاءِ اهـ، مخالِفين بذلك إجماعَ القرَّاءِ والمسلمين في جميعِ الأمصارِ والأعصارِ.
ثامناً: ذكرْنا أنَّ الإجماعَ منعقدٌ على النُّطقِ بالضادِ المتواترةِ التي تلقَّيْناها عن شيوخِنا عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والإجماعُ حُجَّةٌ والعملُ به واجبٌ حتى ولو كان ضعيفاً فإن الإجماعَ عليه يَجعلُه صحيحاً كما قرَّرَه علماءُ الأصولِ، فإذا كان الإجماعُ على العملِ بالحديثِ الضعيفِ يَجعلُه صحيحاً، ويَنزلُ منزلةَ المتواترِ في أنه يَنسَخُ المقطوعَ به فإجماعُ القرَّاءِ على النُّطقِ بالضادِ المتواترةِ التي يَنطقُ بها مهَرَةُ القرَّاءِ وكَمَلَةُ أهلِ الأداءِ في جميعِ أنحاءِ العالمِ يَجعلُه صحيحاً متَّفَقاً عليه، خُصوصاً وأنَّ القائلين بالضادِ الظائيَّةِ عددٌ قليلٌ جدًّا لم يَتلقَّ الناسُ نُطقَهم بالقَبولِ.
وقُدِّمَ بعضُهم للمحاكمةِ وبعضُهم للإهانةِ واسْتُتِيبوا كما مَرَّ، والدليلُ على وجوبِ العملِ بما أَجمعَ عليه القرَّاءُ قديماً وحديثاً في جميعِ الأعصارِ والأمصارِ، ما ذكرَه الإمامُ اللَّكْنَوِيُّ في الأجوبةِ الفاضلةِ حيثُ قالَ ما نصُّهُ:
ولهذا قالَ الشافعيُّ في حديثِ (لاَ وصِيَّةَ لِوَارِثٍ) إنه لا يُثبتُه أهلُ الحديثِ ولكن العامَّةَ تلقَّتْه بالقَبولِ وعمِلوا به حتى جَعلوه ناسخاً لآيةِ الوصيَّةِ، قالَ الشيخُ عبدُ الفتاحِ أبو غُدَّةَ -رحِمَه اللهُ- في تعليقِه على هذا بقولِه: أي يُعملُ به وُجوباً ويكون ذلك العملُ تصحيحاً له، كما صرَّحَ به الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في نُكَتِهِ على مقدِّمةِ ابنِ الصلاحِ، ونقَلَه عن جماعةٍ من أئمَّةِ الأصولِ، ويُفهَمُ هذا من قولِ تلميذِه السخاويِّ هنا، حتى إنه يَنزلُ مَنزِلةَ المتواترِ.
أقولُ: إن إجماعَ المسلمين والقرَّاءَ على العملِ بالضادِ المتواترةِ العربيَّةِ في جميعِ الأعصارِ والأمصارِ من عهْدِ الحافظِ ابنِ الجَزْرِيِّ ت (833 هـ) وما قبلَه عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى اليومِ يَدلُّ على أنه نُطقٌ صحيحٌ ومُجمَعٌ عليه ومتواترٌ، وأنَّ النُّطق بالضادِ مشوبةً بصوتِ الظاءِ تَغييرٌ لها عن النُّطقِ الصحيحِ، وتؤدِّي إلى التباسِ المعنى وتغييرِه فتبطُلُ به الصلاةُ كما سبَقَ أو على الأقلِّ يُوهمُ التباسَ المعنى، وهذا لا يَجوزُ في كلامِ الله عزَّ وجلَّ.
ومما يَجدرُ التنبيهُ إليه أنه ظهَرَ في الآونةِ الأخيرةِ أَشْرِطَةُ كاسيت مسَجَّلٌ عليها حوارٌ مع بعضِ الشيوخِ يَزعُمون فيها أن النُّطقَ بالضادِ ظاءً أمْرٌ مُجْمَعٌ عليه، وأنه النُّطقُ الصحيحُ مما أَحدثَ فتنةً بينَ الناسِ وتشويشاً على القرَّاءِ بينَ آونةٍ وأخرى.
نقولُ للأستاذِ الذي أَجرى هذا الحديثَ ومِن بينِهم الأستاذُ سيد عبد الفتاحِ سلامة: إنَّ الشيوخَ الذين أَجرَيْتَ معهم هذا الحديثَ منهم شيوخٌ لنا حضَرْنا عليهم ومنهم زملاءُ لنا حضَرْنا معهم في معهدِ القراءاتِ أيضاً.
أما الشيوخُ الذين حضَرْنا عليهم ممن سجَّلوا هذا الحوارَ معكَ فهو الشيخُ إبراهيم شحاتة السَّمنُّودي أطالَ اللهُ عمرَه وكذا الشيخُ سليمان إمام الصغير.
وهذان العالمان حضَرْنا عليهما وكنا نقضي معهما أغلَبَ أوقاتِنا في معهدِ القراءاتِ وخارجِه، فلم نَسمعْ أحداً منهم يَنطقُ بهذه الضادِ الظائيَّةِ ولا أقْرءُوا بها طلاَّبَهم، وكما قالَ الشيخُ إبراهيم شحاتة في هذه الأَشرِطَةِ: إنه كان عضواً في لجنةِ الإشرافِ على تَسجيلِ المصحفِ المرَتَّلِ في مصرَ بصوتِ الشيخِ الحصريِّ ومعه الشيخُ عامر السيد عثمان واقتَرَحا على المسئولين أن يكونَ التسجيلُ بالنُّطقِ بالضادِ الظائِيَّةِ فقالوا لهما اتركوا الأمرَ على ما هو عليه، وقد رجعَ الشيخُ السَّمنُّوديُّ عن هذا القولِ، ورجوعُه مسجَّلٌ بصوتِه عندَ الشيخِ " أيمن سويد" بِجدَّةَ، ولما سُئِلَ هل قَرأْتَ بهذه الضادِ المشوبةِ بالظاءِ؟ قالَ لا وإنما أخذتُها من كتبِ أهلِ النحوِ والأصواتِ اهـ. وفي هذا دليلٌ على عدمِ قَبولِ كلامِهما ولو كان واجباً لأمكنَهم تطبيقُه، فلا أدري لماذا يَحكمون على أنفسِهم بأنهم كانوا مُخطئين وهم في شبابِهم وقدرتِهم على البحثِ ويَختِمون حياتَهم بهذا الرأيِ المرفوضِ، والمخالِفِ لما عليه إجماعُ المسلمين، هدانا اللهُ وإيَّاهم إلى الحقِّ.
وأما بقيَّةُ الشيوخِ المسجَّلِ لهم فهم زُملاؤُنا، ولم يَقرأْ أحدٌ منهم بهذه الضادِ ولا شيوخُهم كذلك قَرءُوا بها، هدانا اللهُ وإيَّاهم سواءَ السبيلِ.
وأما شيخُنا الشيخُ محمَّدٌ السباعيُّ عامرٌ يرحَمُه اللهُ فكان هو الوحيدُ من بينِ مدرِّسِي معهدِ القراءاتِ الذي كان يَنطقُ الضادَ مشوبةً بالظاءِ وكانَ لا يُصلِّي مأموماً من أجْلِ هذا واشتَغلَ في بدايةِ حياتِه الوظيفيَّةِ واعظاً فذَكرَ لنا يرحَمُه اللهُ تعالى أنه كان يُعاني كثيراً من المشاكلِ بسببِ تمسُّكِه بهذه الضادِ الظائيَّةِ وعدمِ قَبولِ الناسِ لها، ففي يومٍ من الأيامِ حَكى لنا أنه ذهبَ إلى المحلَّةِ الكُبرى التابعةِ لمحافظةِ الغربيَّةِ فخَطَبَ الجمعةَ هناك وأُعجِبَ الناسُ به وصلَّى بهم إماماً وقرأَ بهذه الضادِ الظائيَّةِ، فقالَ رحِمَه اللهُ تعالى: إنّ الناسَ أتَوْا إليه في المحرابِ وأَهانُوه وضربوه قائلين له، أفْسَدْتَ علينا صلاتَنا يا شيخُ وانقلَبَ حُبُّهم له كُرْهاً وعداوةً وضرباً ودعاءً عليه، انتهى كلامُه يرحمُه اللهُ.
وهذه حادثةٌ يُستفادُ منها أن النُّطقَ بالضادِ مشوبةً بالظاءِ غيرُ مُجْمَعٍ عليه ولم يَتلقَّاه الناسُ بالقَبولِ ولا يَرضى أحدٌ من المسلمين أن يُقرأَ بها القرآنُ حتى لا يَتغيَّرَ المعنى أو على الأقلِّ يُوهمُ تغييرَ المعنى على العوامِّ.
فإلى الذين حرَّفوا الضادَ واغترُّوا بها بنُطقِ بعضِ العوامِّ من العربِ ممن ضعُفَ لسانُهم عن الإتيانِ بالضادِ الصحيحةِ أدعوهم أن يُراجعوا أنفسَهم وأن يَثوبوا إلى رُشدِهم ويتوبوا إلى ربِّهم ويَرجعوا عما وَقعوا وأوقعوا الناسَ فيه من بدعةٍ, والحقُّ أحقُّ أن يُتَّبَعَ كما رجَعَ قُدوتُهم والمنتسِبين إليهم كابنِ غانمٍ المقدسيِّ وساجقلي زادهْ ومن قَلَّدَهم في هذا لأنها بدعةٌ أَوقعوا الناسَ فيها، وأحدثوا فتنةً بينَ القرَّاءِ، والخيرُ كلُّ الخيرِ في اتِّباعِ ما نقَلَه إلينا القرَّاءُ العشرةُ نافعٌ وابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو وابنُ عامرٍ وعاصمٌ، وحمزةُ والكِسائيُّ وأبو جعفرٍ ويعقوبُ وخلفٌ البزارُ، فقد تَواترتْ قراءاتُهم عن المصطفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولم يَردْ عنهم أنهم جَعلوا الضادَ كالظاءِ.
وقد رَوى عن هؤلاءِ الأئمَّةِ أئمَّةُ القراءاتِ جيلاً بعد جيلٍ حتى وَصلَ إلينا القرآنُ وقراءاتُه بالأسانيدِ الصحيحةِ إلى عصرِنا هذا ولم يَقرأْ أحدٌ الضادَ شبيهةً بالظاءِ، هذا هو الصحيحُ في القراءةِ، ولْيُعْلَمْ أن جعْلَ الضادِ كالظاءِ خطأٌ، لا يَجوزُ لأنه مخالِفٌ لأئمَّةِ القراءةِ الذين تَواترتْ قراءاتُهم إلى الحبيبِ المصطفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد تلقَّيْنا عنهم الضادَ كما نَطقَ بها ضاداً خالصةً لا شبيهةً ولا مشبهةً فيما تلقَّيْنا من القرآنِ عن المشايخِ الأثباتِ الذين تلقَّوْها هكذا خالصةً عن العلاَّمةِ المتولى رحِمَه اللهُ وابنِ الجَزْرِيِّ يرحَمُه اللهُ وهكذا وجدْنا الإجماعَ على هذا النُّطقِ فيمَن عاصرْنا من المشايخِ الكبارِ من القرَّاءِ كالشيخِ الفاضلِ أحمد عبد العزيز الزياتِ أطالَ اللهُ في عُمرِه، ومشايخِ مصرَ والشامِ والمغربِ ومن يُعتدُّ بقراءتِهم، والله الموفِّقُ والهادي إلى سواءِ السبيلِ.
وهذا آخِرُ ما يسَّرَ اللهُ جمْعَه في هذا الموضوعِ وأرجو اللهَ أن يَنفعَ به وأن يَجعلَه خالصاً لوجهِه الكريمِ.
ولا يَردُّ على عرْضِنا التاريخيِّ في شأنِ القائلِين بالرأيِ المخالِف، وأن ابنَ غانمٍ المقدسيَّ هو أوَّلُ من قالَ به، ما كَتبَه المدعوُّ "محمَّد مهدي النقشبنديُّ" وأمثالُه فيما أسماه "رسالةُ النُّطقِ الفصيحِ في مَخرجِ الضادِ الصحيحِ" وذكْرُه عدداً من النقولِ عن بعضِ كتبِ التجويدِ.
وذلك أن من ذَكرَهم متأخِّرِين عن ابنِ غانمٍ - رحِمَه اللهُ - وقد وَقعَ مُسطِّرُ تلك الرسالةِ بجملةِ أخطاءٍ منها:
1. ادِّعاؤه أنَّ مَكِّيَّ بنَ أبي طالبٍ يقولُ بهذا الرأيِ، وقد نَقلَ من كتابِ "الرعايةِ" وزادَ عبارةَ "في السمْعِ ليؤيِّدَ مذهبَه" وهي لا تُوجدُ في نُسَخِ "الرعايةِ" بهذا المعنى الذي أرادَ صاحبُ الرسالةِ، وإنما المرادُ به في الرعايةِ، أنه معطوفٌ على خبرِ لولا: حيثُ قالَ: ما نصُّه: ولولا اختلافُ المَخْرَجَين وما في الضادِ من الاستطالةِ، لكان لفظُهما واحداً، ثم عطَفَ قائلاً ولم يَختلفا في السمْعِ أي هما مختلِفان في السمْعِ لاختلافِهما في المَخرجِ وصفةُ الاستطالةِ، لأن لولا حرْفُ امتناعٍ لوجودٍ، فدَلَّ على عدمِ الاشتباهِ في السمْعِ لاختلافِهما في المَخرجِ والاستطالةِ واللهُ أعلمُ.
ومقصودُ مَكِّيٍّ أن الضادَ تُشبهُ الظاءَ من حيثُ اتِّفاقِهما في الصفاتِ المشترَكةِ، كما صرَّحَ بذلك، وهما مختلِفان في السمْعِ.
2. ادِّعاؤه أن ابنَ الأنباريِّ كمالَ الدينِ أبا البركاتِ ت (577 هـ) يقولُ بهذا الرأيِ في كتابهِ "زِينةُ الفضلاءِ".
ثم عمَدَ إلى كلامِ المحقِّقِ في صدرِ الكتابِ ونَقلَ رأيَه المؤيِّدَ لقولِه، بينما الكتابُ في الفرْقِ بينَ الضادِ والظاءِ في كلماتٍ بالعربيَّةِ ورَدَتْ تارةً بالظاءِ وأخرى بالضادِ، وبينَهما فرقٌ في المعنى.
وادَّعى أن الرسائلِ التي ساقَها المحقِّقُ فيما ألَّفَ في هذا الموضوعِ تُعزِّزُ رأيَه وهذا مغالَطةٌ وتخليطٌ.
3. حشْدُه لأسماءِ (17) كتاباً فيما ألَّفَ دعْماً لهذا الرأيِ، ومن هذه الكتبِ: "الفرْقُ بينَ الظاءِ والضادِ" لأبي القاسمِ سعدِ بنِ عليِّ بن محمَّدٍ الزِّنْجَانِيِّ ت (471هـ)، وكتابُ "الفرْقُ بينَ الحروفِ الخمسةِ "لابنِ السِّيدِ البطليوسيِّ ت (521 هـ)، وكتابُ "الاعتضادُ في الفرْقِ بينَ الضادِ والظاءِ" لابنِ مالكٍ الأندلسيِّ النحويِّ صاحبِ الألفيَّةِ، وثلاثتُها مطبوعةٌ وهي من الكتبِ التي أَوردَ فيها مؤلِّفوها الفرْقَ بينَ الحرفَين من الناحيةِ المعنويَّةِ، وليس كما اشتهى هذا الرجلُ.
ولا يَكفي من طالبِ العلْمِ معرفةُ عنوانِ الكتابِ ليَحكمَ على مُحتواهُ دونَ الوقوفِ عليه ومعرفةِ ما فيه.
4. نقَلَ عن الرازيِّ نصًّا يَدعمُ رأيَه، وما أورَدَه عنه ليس فيه دليلٌ.
5. وهناك عدَّةُ ملاحظاتٍ على هذه الرسالةِ لا داعيَ للإطالةِ بذكرِها.

بابُ الظاءاتِ المُشالَةِ الواردةِ في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
لما كانت الضادُ المعجَمَةُ أصعبَ الحروفِ وأشدَّها على اللسانِ كما تقدَّمَ ويختلِفُ الناسُ في النطقِ بها فمنهم من يُخرجُها من مَخرجِها الحقيقيِّ ضاداً مستطيلةً وهم قِلَّةٌ، ومنهم من يُخرجُها من مَخرجِ الظاءِ المُشالَةِ أو يُخرجُها طاءً مهملَةً، ومنهم من يَلتَبِسُ عليه الفرْقُ بينَ الضادِ والظاءِ فيَضعُ إحداهُما مكانَ الأخرى, وهذا كلُّه لَحْنٌ لا تَصِحُّ القراءةُ به؛ لأن فيه تغييرَ اللفظِ وإخراجاً للكلمةِ عن معناها المقصودِ منها.
ولهذا اهتَمَّ العلماءُ بحصْرِ الظاءاتِ المُشالَةِ والمواضعِ التي وَردتْ في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وأَفردوها بالتأليفِ نثراً ونظْماً كالحافظِ أبى عمرٍو الداني وابنِ الجَزْرِيِّ في التمهيدِ والصَّفَاقسيِّ، وغيرِهم رحِمَهُم اللهُ ورَضِيَ عنهم، وإنما فَعلوا ذلك لقلَّتِها بالنسبةِ للضادِ وجمْلةُ ما وَرَدَ في القرآنِ الكريمِ من الظاءاتِ المُشالَةِ حسْبَما جاءَ في المقدِّمةِ الجَزْرِيَّةِ ثلاثون موضعاً متَّفَقٌ عليها، وواحدٌ مختلَفٌ فيه بين القرَّاءِ، ومن هذه المواضعِ ما وَقعَ في موضعٍ واحدٍ ومنها ما وقعَ في غيرِ موضعٍ وإليك هذه المواضعَ مفصَّلةً حسْبَ ترتيبِ المقدِّمةِ الجَزْرِيَّةِ ليَسْهُلَ فهمُها إن شاءَ اللهُ تعالى.

اللفظُ الأولُ: (الظَّعَنُ)، بفتحِ الظاءِ والعَيْنِ أو سكونِ العَيْنِ أيضاً لغتان في اللفظِ وقُرئَ بهما في المتواتِرِ، ومعناه الرحلةُ من مكانٍ إلى آخرَ. ووَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ موضعٌ واحدٌ، وهو {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} (النحل: آية 80).

اللفظُ الثاني: (الظِّلُّ)، بكسرِ الظاءِ المُشالَةِ ووقعَ منه في القرآنِ اثنان وعشرون موضعاً أوَّلُها {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} (البقرة: آيه 57)، وآخِرهُا قولُه تعالى بالمرْسَلات: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ} (المرسلات: آية 41)، ومن هذا اللفظِ بابُ "الظُّلَّة" أيضاً، ووقع في موضِعَيْن {كَأَنَّه ظُلَّةٌ} (الأعراف: آية 171) {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} (الشعراء: آية 189).

اللفظُ الثالثُ: (الظُّهْر)، بضمِّ الظاءِ وهو وقتُ الظُّهْرِ في موضعَيْن أوَّلُهُما: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} (النور: آية 58)، وثانيهُما: {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} (الروم: آية 18).

اللفظُ الرابعُ: (العُظْمُ)، بضمِّ العينِ وسكونِ الظاءِ بمعنى العَظَمَةِ ووقعَ منه في القرآنِ الكريمِ مائةٌ وثلاثةُ مَواضعَ الأوَّلُ منها قولُه تعالى بالبقرةِ: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (البقرة: آية 7).

اللفظُ الخامسُ: (الحِفْظُ)، بكسرِ الحاءِ، وَقعَ منه في القرآنِ اثنان وأربعون مَوضعاً، أوَّلُها قولُه تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى} (البقرة: آية 238) وآخِرُها قولُه تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} (الطارق:آية 4).

اللفظُ السادسُ: (أَيْقَظَ)، من اليَقَظَةِ ضِدَّ النَّوْمِ وَقعَ منه في القرآنِ مَوضعٌ واحدٌ بالكهفِ وهو قوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ} (الكهف: آية 18).

اللفظُ السابعُ: (النَّظْرُ)، من الإنظارِ بمعنى:المُهْلَةِ والتأخيرِ وَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ عشرون موضعاً، أوَّلُها قولُه تعالى: {لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ} (البقرة: آية162)، وآخِرُها قولُه تعالى: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} (الحديد: آية 13).
قالَ العلاَّمةُ ابنُ يالوشَهْ في شرحِ المقدِّمةِ الجَزْرِيَّةِ: وأما {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلاَئِكَةُ} (الأنعام: آية 158) و(النحل: آية33) فَهِيَ مِنَ الانتظارِ لا من الإنظارِ.

اللفظُ الثامنُ: (العَظْمُ)، بفتحِ العَيْنِ وسكونِ الظاءِ، وهو العَظْمُ المعروفُ سواءً أكانَ عَظْمَ آدميٍّ أمْ غيرَه، وسواءً أكانَ مفرَداً أم جمْعاً، وَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ خمسةَ عشرَ موضِعاً.
الأوَّلُ منها: قولُه تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} (البقرة:آية 259)، وآخِرُها قولُه تعالى: {عِظَاماً نَخِرَةً} (النازعات:آية 11)

اللفظُ التاسعُ: (الظَّهْرُ)، بفتحِ الظاءِ وسكونِ الهاءِ وهو خلافُ البطنِ سواءً كان ظهْراً لآدميٍّ أو لغيرِه، ووَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ ستَّةَ عشرَ موضِعاً، أوَّلُها: قولُه تعالى: {وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} (البقرة: آية 101)، وآخِرُها قولُه تعالى: {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} (الانشراح:آية 3).

اللفظُ العاشرُ: (اللَّفْظُ)، بمعنى التَّلَفُّظِ، وَقعَ منه في التنزيلِ موضِعٌ واحدٌ وهو قولُه تعالى في سورةِ ق: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق: آيه 18).

اللفظُ الحادي عشرَ: (ظاهِر) بكسرِ الهاءِ، ومادَّةُ هذا اللفظِ تُفيدُ ستَّ معانٍ وهي كالآتي:
الأوَّلُ: "الظاهِر" ضِدُّ الباطنِ وَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ ثلاثةَ عشرَ موضِعاً:
الأوَّلُ منها: قولُه تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} (الأنعام:آية 120)، والآخَرُ قولُه تعالى: {وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} (الحديد: آية 13).
الثاني: "الظُّهورُ"، بمعنى العُلُوِّ والانتصارِ، وَقعَ منه في الْقُرْآنِ العظيمِ ثمانيةُ مواضِعَ، الأوَّلُ منها: قولُه تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (التوبة: آية 33)، وآخِرُها قولُه تعالى: {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (الصف: آية 14).
الثالثُ: "الظُّهور" بمعنى الظَّفَرِ وَقعَ منه في التنزيلِ موضعان: الأوَّلُ: قولُه تعالى: {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} (التوبة: آية 8)، والثاني: قولُه تعالى: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} الكهف: آية 20).
الرابعُ: "الظُّهور"، بمعنى الاِطِّلاعِ والإحاطةِ، وَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ ثلاثةُ مواضِعَ:
أوَّلُها: قولُه تعالى: {الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (النور: آية 31).
وثانيها: قولُه تعالى: {وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ}(التحريم: آية 3)
وثالثُها: قولُه تعالى: {فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً} (الجن: آية 26).
الخامسُ: "التَّظاهُر"، بمعنى التعاونِ، وقعَ منه في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ اثنا عشرَ موضعاً:
الأوَّلُ منها: قولُه تعالى: {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (البقرة: أية 85)، وآخِرُها قولُه تعالى: {وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} (التحريم: آية4).
السادسُ: "الظِّهْر"، بمعنى الظِّهارِ وهو الحَلِفُ به، وَقعَ منه في التنزيل ثلاثةُ مواضِعَ الأوَّلُ قولُه تعالى: {تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} (الأحزاب: آية 4) والثانى والثالثُ قولُه تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} وقولُه سبحانه: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} كِلاهما بالمجادَلَةِ (الآية: 3،2).
والحاصلُ أن مادَّةَ لفظِ "ظَاهَرَ" بمعانِيها المذكورةِ اشتَمَلتْ على واحدٍ وأربعين موضِعاً في التنزيلِ.

اللفظُ الثاني عشرَ: (لَظَى)، وهو اسمٌ من أسماءِ جَهنَّمَ نَسألُ اللهَ النجاةَ منها، وَقَعَ منه في القرآنِ العظيمِ موضعان، قولُه تعالى: {كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى} (المعارج:آية 15)، وقولُه سبحانه:{فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى} (الليل:آية 14).

اللفظُ الثالثَ عشرَ: (شُوَاظ)، وهو اللهبُ الذي لا دُخَانَ معه نَسألُ اللهَ السلامةَ منه، وَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ موضِعٌ واحدٌ وهو قولُه تعالى {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} (الرحمن: آية 35).

اللفظُ الرابعَ عشرَ: (الكَظْم)، وهو تَجَرُّعُ الغيْظِ وعدمُ ظُهورِه وذلك بتحمُّلِه، وَقعَ منه في التنزيلِ ستَّةُ مَواضعَ:
أوَّلُها: قولُه تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} (آل عمران: آية 134).
وثانيها: قولُه تعالى: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} (يوسف:آية 84).
وثالثُها: قولُه تعالى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} (النحل: آيه 58).
ورابعُها: قولُه تعالى: {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} (غافر: آية 18).
وخامسُها: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} (الزخرف: آية 17).
وسادسُها: قولُه تعالى: {إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} (القلم: آية 48).

اللفظُ الخامسَ عشرَ: (الظُّلْم)، وهو وضْعُ الشيءِ في غيرِ محَلِّه، وَقعَ منه في القرآنِ مِائتان وثمانيةٌ وثمانون مَوضعاً على الصحيحِ.
الأوَّلُ منها:قولُه تعالى: {وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} (البقرة: آيه 35)، وآخِرُها قولُه تعالى: {وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيماً} (الدهر: آية31).

اللفظُ السادسَ عشرَ: (الغِلَظ)، من الغَلاظَةِ ضِدُّ الرِّقَّةِ وَقعَ منه في التنزيلِ ثلاثةَ عشرَ مَوضعاً:
الأوَّلُ منها: قولُه تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران:آية 159)، وآخِرُها قولُه تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} (التحريم: آية 9).

اللفظُ السابعَ عشرَ: (الظَّلاَم)، ضِدُّ النورِ، وقد اختلَفَ العلماءُ في عددِ مَواضِعه فذكَرَ الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في التمهيدِ أن مَواضعَه في التنزيلِ ستَّةٌ وعشرون مَوضعاً، وقالَ ابنُه المعروفُ بابنِ الناظمِ إن مَواضعَه مائةُ مَوضعٍ وتابَعَه على ذلك جماعةٌ من شارحي المقدِّمةِ الجَزْرِيَّةِ وغيرُهم، والصوابُ ما قاله والدُه وهو ستَّةٌ وعشرون مَوضعاً، وبه قالَ العلاَّمةُ سيِّدي عليٌّ النوريُّ الصَّفَاقِسِيُّ، والعلاَّمةُ ابنُ يَالوشةَ، وكذلك المُلاَّ عليٌّ القارئُ، وغيرُهم.
هذا: والموضعُ الأوَّلُ من الستَّةِ والعشرين قولُه تعالى: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَ يُبْصِرُونَ} (البقرة:آية 17)، وآخِرُها قولُه تعالى: {لِيُخْرِجَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}(الطلاق: آية 11).

اللفظُ الثامنَ عشرَ: (الظُّفُر)، بضمِّ الظاءِ والفاءِ وهو معروفٌ وجمْعُه أَظافرُ، جاءَ منه في القرآنِ الكريمِ موضِعٌ واحدٌ وهو قولُه تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حرَّمْنَا كُلَّ ذي ظُفُرٍ} (الأنعام: آية 146).

اللفظُ التاسعَ عشرَ: (الاِنتظار) بمعنى الارتقابِ وَقعَ منه في التنزيلِ ستَّةٌ وعشرون مَوضِعاً على الصحيحِ، أوَّلُها قولُه تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلاَئِكَةُ} (البقرة: آية 210)، وآخِرُها قولُه تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} (القتال: آية 18).

اللفظُ العشرون: (الظَّمأُ)، وهو العَطَشُ وَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ ثلاثةُ مَواضعَ:
أوَّلُها: قولُه تعالى: {لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ} (التوبة: آية 120).
وثانيها: قولُه تعالى: {وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا} (طه: آية 119).
وثالثُها: قولُه تعالى: {يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً} (النور: آية 49).
وقد أشارَ إلى هذه الألفاظِ العشرين الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في المقدِّمةِ الجَزْرِيَّةِ بقولِه:


52-.............................. = ............... وكلَّها تَجِي
53- في الظُّعنِ ظِلُّ الظهْرِ عُظْمُ الحِفْظِ = أيقِظْ وأَنْظِر عَظْم ظَهْر اللفْظِ


أي وكلُّ أفرادِ الظاءِ يَجيءُ في صيغةِ (ظُعْن) ومادَّةِ الكلماتِ المذكورةِ الخ

54- ظاهِر لَظَى شُواظُ كَظْم ظَلَمَا = أُغْلَظْ ظَلام ظُفْر انتَظِرْ ظَمَا


اللفظُ الحادي والعشرون: (الظَّفَرُ)، بمعنى الغلَبَةِ والنصرِ، وَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ مَوضِعٌ واحدٌ في قولِه تعالى: {مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} (الفتح: آية 24).

اللفظُ الثاني والعشرون: (الظَّنُّ)، وهو تَجويزُ أمرَيْن أحدُهما أقربُ من الآخَرِ، ويأتي بمعنى الشكِّ أو اليقينِ، فالأوَّلُ كقولِه تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا} (الأحزاب: آية 10)، وقولِه: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} (الفتح: آية 12).
والثاني نحوُ: قولِه تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أنَّهُمْ مُلاَقُو رَبِّهِمْ } (البقرة: آية 46) وقولِه: {فَظَنُّوا أنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} (الكهف: آية 53)، وقد يأتي بمعنى التُّهْمَةِ، كقولِه تعالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} (التكوير: آية 21)، وذلك عندَ من قرأَ بالظاءِ المُشالَةِ، والحاصلُ أن بابَ الظنِّ كيف وَرَدَ في القرآنِ الكريمِ سواءً كان بمعنى الشكِّ أو اليقينِ أو العلْمِ أو التُّهمةِ وسواءً كان اسماً أو فِعلاً فهو بالظاءِ المُشالَةِ واستُفيدَ هذا الإطلاقُ من قولِ الحافظِ "ظَنًّا كيفَ جَا" والواردُ منه في التنزيلِ تسعةٌ وستُّون مَوضعاً على الصحيحِ.
أوَّلُها: قولُه تعالى {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو رَبِّهِمْ} (البقرة: آية 46)، وآخِرُها قولُه سبحانه: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} (الانشقاق: آية 14).

اللفظُ الثالثُ والعشرون: (الوَعْظُ)، وهو التخويفُ من عذابِ اللهِ، والترغيبُ في ثوابِه، وَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ أربعةٌ وعشرون مَوضعاً على الصحيحِ:
أوَّلُها: قولُه تعالى: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة آية66)، وآخِرُهَا {ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ} (المجادلة:آية 3).
وليس منه لفظُ عِضِينَ في قولِه تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} (الحجر: الآية 91) فإنه بالضادِ المعْجَمَة وهو جمْعُ عِضَةٍ بمعنى فِرْقَةٍ، وهذا معنى قولِه في المقدِّمَةِ الجَزْرِيَّةِ (وِعِظْ سِوى عِضِين) وجاءَ في بعضِ الشروحِ وغيرِها أن الواردِ منه في القرآنِ من مادَّةِ الوعظِ تسعةُ مَواضعَ وقال المسعديُّ سبعةُ مَواضعَ، والصوابُ ما ذَكرْناه وبه قالَ غيرُ واحدٍ من الثقاتِ كسيِّدِي عليٍّ النوريِّ الصَّفَاقِسِيِّ، والعلاَّمةِ ابنِ يالوشةَ.

اللفظُ الرابعُ والعشرون: (ظَلَّ)، بفتحِ الظاءِ بمعنى دامَ أو صارَ، وَقعَ منه في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ تسعةُ مَواضعَ، وفيما يلي ذِكرُها على الترتيبِ في المقدِّمَةِ، فأَخبرَ أن الأوَّلَ والثاني قولُه تعالى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} في النحل: آية 58)، و (الزخرف: آية 17).
والثالثُ قولُه تعالى: {الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً} (طه:آية 97).
الرابعُ قولُه تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} (الواقعة: آية 65).
الخامسُ قولُه تعالى: {لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} (الروم:آية 51).
السادسُ قولُه تعالى: {فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} (الجحر:آية 14).
السابعُ والثامنُ قـولُه تعالى:{فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ}وقـولُه تعالى:{فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} كِلاهمـا بالشعَـَراء ِ (الآيتان:17،4).
التاسعُ قولُه تعالى: {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} (الشورى: آية 33).

قالَ العلاَّمةُ ابنُ يالوشةَ في شرْحِ المقدِّمةِ عَقِبَ تعْدَادِ هذه المواضعِ التسعةِ للَفْظِ ((ظَلَّ)) المذكورِ ما نَصُّهُ: وما سوى هذه المواضعِ فإنه بالضادِ لأنه إما من الضلاَلِ ضِدِّ الهُدَى كقولِه تعالى: {يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ} (النحل:آية 93)، أو من الاختلاطِ والمَزْجِ نحوَ: {أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ} (السجدة: آية 10)، أو بمعنى الهلاَكِ كقولِه تعالى: {إِنَِّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضِلاَلٍ وَسُعُرٍ} (القمر: آية 47)، أو بمعنى البُطلانِ كقولِه تعالى: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الكهف:آية 104)، أو بمعنى التغيُّبِ كقوله تعالى: {قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا} (الأعراف:آية 37)، فهذا جميعُه بالضادِ لأنه ليس بمعنى الدوامِ أو الصَّيْرُورَةِ) انتهى منه بلفظِه.

اللفظُ الخامسُ والعشرون: (الحَظْرُ)، وهو المنْعُ والحَجْرُ، وَقعَ منه في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ موضعٌ واحدٌ، وهو قولُه تعالى: {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} (الإسراء:آية 20).

اللفظُ السادسُ والعشرون: (الْمُحْتَظِر)، بكسرِ الظاءِ بمعنى صاحبِ الحظِيرةِ، وَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ موْضعٌ واحدٌ.
وهو قولُه تعالى: {فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} (القمر: آية 31).

اللفظُ السابعُ والعشرون: (الْفَظُّ)، من الفَظاظةِ وهي الغِلظةُ والتَّجافي وَقعَ منه في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مَوضعٌ واحدٌ، {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: آية 159).

اللفظُ الثامنُ والعشرون: (النَّظَرُ)، بمعنى الرؤيةِ أو بمعنى التفكيرِ فالأوَّلُ نحوُ: قولِه تعالى: {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ} (الأعراف: آية 198)، والثاني {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} (الأعراف: آية 185)، والواردُ في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ من بابِ النَّظَرِ مُطْلَقاً ستَّةٌ وثمانون مَوضعاً على الصحيحِ: -
أوَّلُها قولُه تعالى: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} (البقرة: آية 50).
وآخرُها قولُه سبحانه: {أَفَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} (الغاشية:آية 17) قالَ العلاَّمةُ عليٌّ النوريُّ الصفاقسيُّ بعد أن تَكلَّمَ على مادَّةِ النظرِ هذه ما نصُّه: لا يَخفى أن بعضَه نظَرُ بَصَرٍ مثلُ قولِه تعالى: {تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} (البقرة:أية 69)، وبعضُه للاستدلالِ مثلُ {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} (يونس:آية 101)، ومثلُ {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللهِ} (الروم: آية 50)، وبعضُه للاعتبارِ مثلِ {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} (النمل:آية 14)، وبعضُه نظَرُ تعَجُّبٍ مثلُ {انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (المائدة:آية 75)، انتهى كلامُه.
هذا وليس من بابِ النظَرِ كلمةُ "نَاضِرَةٌ" في قولِه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (القيامة: آية 22)، وكلمةُ (نَضْرَة) في قولِه تعالى: {وَلَقَّاهُمُ نَضْرَةً وَسُرُوراً} (الدهر: آية 11)، وقولُه تعالى: {نَضْرَةَ النَّعِيمِ} (المطففين: آية 24)، فالكلماتُ الثلاثُ بالضادِ المعْجَمَةِ لأنها من النضَارةِ بمعنى الحُسنِ والإضاءةِ، ومنه قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (نَضَّرَ اللهُ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا ثُمَّ أَدَّهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقَيهٍ).
وهذا معنى قولِ الحافظِ في الجَزْرِيَّةِ، (وجميعُ النظرِ إلا بوَيْلٌ هَلْ وأُولَى) أي جميعُ مادَّةِ النظرِ مطلَقاً في التنزيلِ بالظاءِ المُشالَةِ إلا {نَضْرَةَ النَّعِيمِ} بسورةِ "وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ"، {نَضْرَةً وَسُرُوراً} بسورةِ "هَلْ أَتَى"، {وَنَاضِرَةٌ} الأُولى بالقيامةِ كما مَرَّ وخرَّجَ بقولِه وأُولَى ناضرةٍ كلمةَ {نَاظِرَةٌ} الثانيةَ بنفسِ سورةِ القيامةِ في قولِه تعالى: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (الآية: 23) فهي بالظاءِ المُشالَةِ لأنها بمعنى الرؤيةِ والمشاهدةِ.
نسألُ اللهَ تبارك وتعالى بمنِّه وكرمِه أن يُمتِّعَنا بالنظرِ إلى وجهِه الكريمِ في دارِ الكرامةِ والتنعيمِ إنه سميعٌ مجيبٌ آمينَ.

اللفظُ التاسعُ والعشرونَ: (الْغَيْظُ)، وهو شدَّةُ الغضبِ وثورانُ طبعِ النفسِ، وَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ أحَدَ عشرَ موضعاً، أوَّلُها قولُه تعالى: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} (آل عمران: آية 119)، وآخِرُها قولُه تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} (الملك: آية 8) وليس من هذا اللفظِ (غِيضَ) و (تَغِيضُ) في قولِه تعالى: {وَغِيضَ الْمَاءُ} (هود: آية 44)، وفي قولِه تعالى: {وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} (الرعد: آية 8)، فإنهما بالضادِ المُعجَمَةِ لكونِهما من الغَيْضِ بمعنى النَّقْصِ، ولم يَقعْ غيرُهما في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وهذا معنى قولِ الحافظِ في المقدِّمةِ: (والغيظِ لا الرعدِ وهودِ قاصِرَةْ).

اللفظُ الثلاثون: (الحظُّ)، بمعنى النصيبِ، وَقعَ منه في الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ سبعةُ مَواضعَ وهي كالآتي: - الأوَّلُ: قولُه تعالى: {يُرِيدُ اللهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ} (آل عمران: آية 176).
الثاني والثالثُ بالنساءِ في قولِه تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} (النساء:آية11)، وفي {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} (النساء: آية 176).
الرابعُ والخامسُ بالمائدةِ في قولِه تعالى: {وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} (المائدة: آية 13)، وقولُه تعالى: {فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} (المائدة: آية 14).
السادسُ قولُه تعالى: {إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } (القصص: آية 79).
السابعُ: قولُه تعالى: {إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: آية 35).
وأما الحَضُّ بمعنى التحريضِ والحَثِّ على فِعلِ الخيرِ فهو بالضادِ المعجَمَةِ، ووَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ ثلاثةُ مَواضعَ:
الأوَّلُ والثاني لفظُ (يَحُضُّ) في قولِه تعالى: {وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} في كلٍّ من (الحاقة: آية 34)، (الماعون:آية 3).
وثالثُها: قولُه تعالى: {وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} (الفجر: آية 18)، وهذا معنى قولِه في المقدِّمةِ: (والحَظُّ لا الحضُّ على الطعامِ).

اللفظُ الحادي والثلاثون: (ضَنِين)، وهذا هو اللفظُ المختلَفُ فيه بين القرَّاءِ، وقد وَقعَ منه في القرآنِ الكريمِ لفظٌ واحدٌ، وهو قولُه تعالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنَينٍ} (التكوير: آية 24)، فقُرئَتْ بالظاءِ المُشالَةِ بمعنى متَّهَمٍ، وقُرِئَتْ بالضادِ المعجَمَة.

وما سوى هذه الألفاظِ الجامعةِ للظاءاتِ المُشالَةِ في التنزيلِ فإنه بالضادِ المعجَمَةِ لفظاً وكتابةً وقد أشارَ إلى بقيَّةِ الألفاظِ من الحادي والعشرين إلى نهايةِ الواحدِ والثلاثين الحافظُ ابنُ الجَزْرِيِّ في المقدِّمةِ بقولِه:

55- أَظْفَرَ ظنًّا كيفَ جَا وَعِظْ سِوَى = عِضِينَ ظَلَّ النحْل زُخرفٍ سَوَى
56- وظلْـتُ ظَلْتُم وبـرومٍ ظَلُّـوا = كالحِجْرِ ظَلَّتْ شُعَـرا نَظـلُّ
57- يَظلَلْنَ محظوراً مـع المحتـظِـْر = وكنتَ فظًّا وجميـعُ النَّظَـر
58- إلا بويلٌ هـلْ وأُولَى ناضِـرَهْ = والغيظِ لا الرعدِ وهودِ قاصِرَهْ
59- والحظِّ لا الحضِّ على الطعـامِ = وفي ضَنِينٍ الخلافُ سـامِي

هيئة الإشراف

#5

25 Nov 2008

شرح المقدمة الجزرية للشيخ المقرئ: عبد الباسط هاشم

قال الشيخ عبد الباسط بن حامد بن محمد متولي [المعروف بعبد الباسط هاشم] (ت: 1441هـ): (المبحث الحادي عشر: في الضاد والظاء قال الناظم: (والضاد باستطالة ومخرج ميز) أي ميز أيها القارئ الضاد بالمخرج، وصفة الاستطالة من الظاء، أي لا تقرأها بحالة كالظاء، وهذا يرد على من يقول, ولاالظالين فهو من ظل أي أقام لا من الضلال، وإنما تنطع القراء في الضاد حرصاً على خروجها من مخرجها.
وقد قال ربنا {فاتقوا الله ما استطعتم} ميز من الظاء أي لا تقرأها بحالة كالظاء، (وكلها) أي كل حالات الظاء (تجي) أي سأذكرها وأجيء بها.


في الظعن ظل الظهر عظم الحفظ = أيقظ وأنظر عظم ظهر اللفظ


وقد أتى بجميع ظآت القرآن في سبعة أبواب: أولها في الظعن، ولم يأت منه في القرآن إلا قوله تبارك وتعالى في سورة النحل: {يوم ظعنكم}.
ثانياً: (ظل) وقع منه في القرآن اثنان وعشرون موضعاً، أوله قوله تعالى في البقرة: {وظللنا عليهم الغمام}، ومنه الظلة، ووقع منه في سورة الأعراف {كأنه ظلة}، وفي الشعراء {فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة}.
ثالثاً: (ظهر) وهو انتصاف النهار، بضم الظاء وقع منه في القرآن موضعان، قوله في النور: {وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة}، وفي الروم: {وعشيا وحين تظهرون}
رابعاً: (عظم) من العظمة، وقع منه في القرآن مائة وثلاثة مواضع، منها قوله تعالى في البقرة: {ولهم عذاب عظيم}
خامساً: (الحفظ) وقع منه في القرآن اثنان وأربعون موضعاً منها قوله تعالى في سورة البقرة: {ولا يؤوده حفظهما}.
سادساً: أيقظ، وهو موضع واحد في سورة الكهف {وتحسبهم أيقاظاً}
سابعاً: وأنظر، وقع منه في القرآن اثنان وعشرون موضعاً وهو بمعنى التأخير، منها قوله تعالى في البقرة: {ولا هم ينظرون}.
ثامناً: ظهر، وقع منه في القرآن أربعة عشر موضعاً، منها قوله تعالى: {نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم}.
تاسعاً: اللفظ، لم يأت منه في القرآن إلا {ما يلفظ من قول} بسورة ق.
قال الناظم:

ظاهر لظى شواظ كظم ظلما = أغلظ ظلام ظفر انتظر ظما

عاشراً: ظاهر، ضد الباطن وقع منه في القرآن ستة مواضع، منها قوله تعالى في سورة الأنعام: {وذروا ظاهر الإثم}.
الحادي عشر: ظاهر، بمعنى الإعانة وقع منه في القرآن ثمانية مواضع، منها قوله تعالى في سورة البقرة: {تظاهرون عليهم بالإثم}.
الثاني عشر: ظاهر، بمعنى العلو، وقع منه في القرآن ستة مواضع، منها قوله تعالى: {ليظهره على الدين كله} في سورة براءة والصف.
الثالث عشر: ظاهر، بمعنى الظفر وقع منه في القرآن ثلاثة مواضع منها قوله في سورة براءة: {كيف وإن يظهروا عليكم}، وفي سورة الكهف {إنهم إن يظهروا عليكم}، وقوله في سورة التحريم: {وأظهره الله عليه}.
الرابع عشر: بمعنى الظهار، وقع منه في القرآن ثلاثة مواضع، أولها في الأحزاب {وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون}، وفي المجادلة {الذين يظاهرون منكم}، {والذين يظاهرون من نسائهم}.
الخامس عشر: لظى، وقع منه في القرآن موضعان، قوله تعالى في سورة المعارج: { كلا إنها لظى} وفي سورة الليل: {فأنذرتكم ناراً تلظى}.
السادس عشر: شواظ، وهو في موضع واحد في سورة الرحمن {يرسل عليكما شواظ}.
السابع عشر: كظم، وقع منه في القرآن ستة مواضع منها في آل عمران: {والكاظمين الغيظ}.
الثامن عشر: ظلم، وقع منه في القرآن مائتان واثنان وثمانون موضعاً، أولها قوله في سورة البقرة: {فتكونا من الظالمين }.
التاسع عشر: أغلظ، من الغلظة وقع منه في القرآن ثلاثة عشر موضعاً، منها في آل عمران {ولو كنت فظاً غليظ القلب}.
العشرون: ظلام، وقع منه في القرآن مائة موضع، منه في سورة البقرة {وتركهم في ظلمات}.
الحادي والعشرون: ظفر، بإسكان الفاء، لم يأت منه في القرآن إلا قوله تعالى في سورة الأنعام: {حرمنا كل ذي ظفر}.
الثاني والعشرون: انتظر، من الترقب، وقع منه في القرآن أربعة عشر موضعاً منها قوله تعالى في سورة الأنعام: {قل انتظروا إنا منتظرون}.
الثالث والعشرون: ظمأ، وقع منه في القرآن ثلاث مواضع منها قوله تعالى: { لا يصيبهم ظمأ} بسورة براءة، وفي سورة طه ­{وأنك لا تظمأ }، وفي سورة النور {يحسبه الظمآن}.
قال الناظم:

أظفر ظنا كيف جا وعظ سوى = عضين ظل النحل زخرف سوا


الرابع والعشرون: أظفر. من الظفَر بمعنى النصر، لم يأت منه في القرآن إلا قوله في سورة الفتح: {من بعد أن أظفركم}.
الخامس والعشرون: ظناً، وقع منه في القرآن سبعة وستون موضعاً منها قوله تعالى في سورة البقرة: {الذين يظنون} ومنها قوله: {وظنوا ألا ملجأ} بسورة التوبة {اجتنبوا كثيراً من الظن}.
السادس والعشرون: وعظ، بمعنى التخويف، وقع منه في القرآن تسعة مواضع منها قوله تعالى في سورة البقرة: {وموعظة للمتقين } ثم نبه على قوله: {الذين جعلوا القرآن عضين} بأنها ضاد وليس ظاء، وهو جمع عضة...
...فنقول: كنا نتكلم في باب الضاد والظاء، ووصلنا إلى النوع السابع والعشرين، وهو لفظ (ظل) بمعنى الدوام، وقد وقع في القرآن في تسعة مواضع، منه قوله تعالى في سورة النحل، وفي سورة الزخرف، {ظل وجهه مسوداً وهو كظيم} وقوله تعالى في طه: {ظلت عليه عاكفاً}، وفي سورة الواقعة: {فظلتم تفكهون} وفي سورة الروم: {فرأوه مصفراً لظلوا} وفي الحجر: {فظلوا فيه يعرجون} وفي الشعراء: {فظلت أعناقهم}، وفيها أيضاً: {فنظل لها عاكفين} وفي سورة الشورى: {يظللن روا كد على ظهره}.
هذا معنى قوله

..................... = ... ظل النحل زخرف سوا
وظلت ظلتم وبروم ظلوا = كالحجر ظلت شعرا نَظَلُّ
يظللن محظوراً مع المحتظر = وكنت فظاً وجميع النظر.


الثامن والعشرون: محظورا من المنع، ووقع منه في القرآن موضعان، قوله في الإسراء: {وما كان عطاء ربك محظورا} وفي سورة القمر: {فكانوا كهشيم المحتظر}، أي كهشيم يجمعه صاحب الحظيرة لغنمه، وهو النبات اليابس المتكسر.
التاسع والعشرون: وكنت فظاً من قوله في سورة آل عمران: {ولو كنت فظاً}.
الثلاثون: وجميع النظر، بمعنى الرؤية، وقع منه في القرآن ستة وثمانون موضعاً، منها قوله تعالى في سورة البقرة: {وأنتم تنظرون}.
قوله: (إلا بويل هل) يعني قوله {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} بالتطفيف، {ولقاهم نضرة وسرورا} بالإنسان، فهما بالضاد لا بالظاء.
قوله: (وأولى ناضرة) يعني: قوله: {وجوه يومئذ ناضرة} بسورة القيامة فهي بالضاد لا بالظاء وهذا كله بمعنى النضارة وهو الجمال والبهاء والحسن، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((نضَّر الله امرء سمع مقالتي فوعاها فبلغها كما سمعها))، وفي رواية: ((فأداها كما سمعها)).
الثلاثون: الغيظ، وقع منه في القرآن أحد عشر موضعاً منه قوله تعالى في سورة آل عمران: {عضوا عليكم الأنامل من الغيظ}.
وقوله: (لا الرعد) يعني: {وما تغيض الأرحام} فهو بالضاد.
(وهود) أي قوله: {وغيض الماء} ذلك بالضاد أيضاً وهما بمعنى النقص.
قوله (قاصرة) أي: لم يأت في القرآن الغيض بمعنى النقص إلا فى هاتان السورتان. وهذا معنى قوله:

إلا بويل هل وأولى ناضرة = والغيظ لا الرعد وهود قاصرة


الحادي والثلاثون: الحظ بمعنى النصيب ومنه في القرآن سبعة مواضع، منها قوله في آل عمران {يريد الله أن لا يجعل لهم حظا في الآخرة}، وفي فصلت: {ذو حظ عظيم}، وكذلك بالقصص
وقوله: (لا الحض على الطعام) يعني: قوله في سورة الحاقة والماعون {ولا يحضون على طعام} {ولا يحض على طعام}، وفي سورة الفجر: {ولا يحضون على طعام} فإن الثلاثة لكونها بمعنى الحض أي الحث بالضاد لا بالظاء.
وقوله:

*وفي ضنين الخلاف سام *

أي مشهور، فقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالظاء بظنين بمعني: متهم، والباقي بالضاد بضنين بمعنى بخيل وهذا معنى قوله:

والحظ لا الحض على الطعام = وفي ضنين الخلاف سام