الدروس
course cover
باب قول الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه}
26 Oct 2008
26 Oct 2008

4506

0

0

course cover
كتاب التوحيد

القسم التاسع

باب قول الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه}
26 Oct 2008
26 Oct 2008

26 Oct 2008

4506

0

0


0

0

0

0

0

باب قول الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه}

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}[ الأَعْرَافُ: 180].
ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ { يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ }: ( يُشْرِكُونَ).
وَعَنْهُ: (سَمَّوُا اللاَّتَ مِنَ الإِلَهِ، وَالْعُزَّى مِنَ الْعَزِيزِ).
وَعَنِ الأَعْمَشِ: (يُدْخِلُونَ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا).


فِيهِ مَسَائِلُ:

الأُولَى: إِثْبَاتُ الأَسْمَاءِ.

الثَّانِيَةُ: كَوْنُهَا حُسْنَى.
الثَّالِثَةُ: الأَمْرُ بِدُعَائِهِ بِهَا.
الرَّابِعَةُ: تَرْكُ مَنْ عَارَضَ مِنَ الْجَاهِلِينَ الْمُلْحِدِينَ.
الْخَامِسَةُ: تَفْسِيرُ الإِلْحَادِ فِيهَا.
السَّادِسَةُ: الْوَعِيدُ لِمَنْ أَلْحَدَ.

هيئة الإشراف

#2

2 Nov 2008

تيسير العزيز الحميد للشيخ: سليمان بن عبدالله آل الشيخ

قال الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ (ت: 1233هـ): ((2) يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ لَهُ أَسْمَاءً وَصَفَها بكَوْنِهَا حُسْنَى؛ أيْ: حِسَانٌ، وَقَدْ بَلَغَت الغَايَةَ في الحُسْنِ فَلاَ أَحْسَنَ مِنْهَا، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ صِفَاتِ الكَمَالِ، ونُعُوتِ الْجَلاَلِ،

فأَسْمَاؤُهُ الدَّالَّةُ عَلَى صِفَاتِهِ هيَ أَحْسنُ الأَسْمَاءِ وأَكْمَلُها، فليسَ في الأسماءِ أَحْسَنُ منها، ولا يَقُومُ غيرُها مَقَامَها. وتَفْسِيرُ الاسمِ منها بغَيْرِهِ ليسَ تَفْسِيرًا بمُرَادٍ مَحْضٍ، بلْ هوَ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ والتَّفْهِيمِ، فلَهُ مِنْ كُلِّ صِفَةِ كَمَالٍ أَحْسَنُ اسمٍ وأَكْمَلُهُ وأَتَمُّهُ مَعْنًى وأَبْعَدُهُ وأَنْزَهُهُ عنْ شَائِبَةِ نَقْصٍ، فَلَهُ مِنْ صِفَةِ الإِدْرَاكَاتِ العَلِيمُ الخَبِيرُ دُونَ العَالِمِ الفَقِيهِ، والسَّمِيعُ البَصِيرُ دونَ السَّامِعِ والْبَاصِرِ، ومِنْ صِفَاتِ الإِحْسانِ البَرُّ الرَّحِيمُ الوَدُودُ، دونَ الرَّفِيقِ والشَّفِيقِ والمَشُوقِ.

وكذلكَ العَلِيُّ العَظِيمُ، دونَ الرَّفِيعِ الشَّرِيفِ، وكذلكَ الكَرِيمُ، دونَ السَّخِيّ، والخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ، دونَ الصَّانِعِ الفَاعِلِ المُشَكِّل، والعَفُوُّ الغَفُورُ، دونَ الصَّفُوحِ السَّاتِرِ.
وكذلكَ سَائِرُ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى يُجْرِي عَلَى نَفْسِهِ أَكْمَلَها وأَحْسَنَها، وَلاَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، فأَسْمَاؤُهُ أَحْسنُ الأَسْمَاءِ، كَمَا أَنَّ صِفَاتِهِ أَكْمَلُ الصِّفَاتِ، فَلاَ نَعْدِلُ عَمَّا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ إِلَى غَيْرِهِ، كَمَا لاَ يُتَجَاوَزُ ما وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، ووَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مَا وَصَفَهُ بِهِ المُبْطِلُونَ.
ومِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ لَكَ خَطَأُ مَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ الصَّانِعِ والفَاعِلِ والمُرَبِّي ونَحْوِها؛ لأَِنَّ اللَّفْظَ الذي أَطْلَقَهُ سبحانَهُ على نَفْسِهِ، وأَخْبَرَ بهِ عنها، أَتَمُّ مِنْ هذا، وأَكْمَلُ وأَجَلُّ شَأْنًا؛ فَإِنَّهُ يُوصَفُ مِنْ كُلِّ صِفَةِ كَمَالٍ بأَكْمَلِها وأَجَلِّها وأَعْلاَها، فيُوصَفُ مِن الإِرَادَةِ بأكْمَلِها، وهوَ الحِكْمَةُ وحُصُولُ كُلِّ ما يُرِيدُ بإِرَادَتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج:16].
وبإِرَادَةِ اليُسْرِ لا العُسْرِ، كَمَا قَالَ تعالى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة:185].
وبإِرَادَةِ الإِحْسَانِ وتَمَامِ النِّعْمَةِ عَلَى عِبَادِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا}[النساء:26]. فإِرَادَةُ التَّوْبَةِ لَهُ، وإِرَادَةُ المَيْلِ لمُبْتَغِي الشَّهَوَاتِ.
وقَوْلُهُ: {مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَـكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ}[المائدة:7].
وكذلكَ العَلِيمُ الخَبِيرُ أَكْمَلُ مِن الفَقِيهِ العَارِفِ، والكَرِيمُ الجَوَادُ أَكْمَلُ مِن السَّخِيِّ، والرَّحِيمُ أَكْمَلُ مِن الشَّفِيقِ، والخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ أَكْملُ مِن الفَاعِلِ الصَّانِعِ؛ ولِهَذَا لَمْ تَجِئْ هَذِهِ في أَسْمَائِهِ الحُسْنَى.
فعَلَيْكَ بمُرَاعَاةِ مَا أَطْلَقَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُطَابِقًا لمَعْنَى أَسْمَائِهِ وصِفَاتِه، وحِينَئذٍ فيُطْلَقُ المَعْنَى لمُطَابَقَتِهِ لَهَا دونَ اللَّفْظِ، ولا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مُجْمَلاً، أوْ مُنْقَسِمًا، أوْ ما يُمْدَحُ بهِ وغيرُهُ؛ فإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ إِطْلاَقُهُ إِلاَّ مُقَيَّدًا كَمَا أَطْلَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}[البروج:16]، {وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ}[إبراهيم:26].
وقولِهِ: {صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}[النمل:88]؛ فإنَّ اسْمَ الفَاعِلِ الصَّانِعَ مُنْقَسِمُ المَعْنَى إِلَى مَا يُمْدَحُ عَلَيْهِ ويُذَمُّ، فلِهَذَا المَعْنَى -واللهُ أَعْلَمُ- لَمْ يَجِئْ في الأَسْمَاءِ الحُسْنَى المُرِيدُ، كَمَا جَاءَ فِيهَا السَّمِيعُ البَصِيرُ، وَلاَ المُتَكَلِّمُ الآمِرُ النَّاهِي؛ لانْقِسَامِ مُسَمَّى هَذِهِ الأَسْمَاءِ، بلْ وَصَفَ نَفْسَهُ بكَمَالاَتِهَا وشَرَفِ أَنْوَاعِهَا.
ومِنْ هَذَا يُعْلَمُ غَلَطُ بَعْضِ المُتَأَخِّرِينَ، وزَلَقُهُ الفَاحِشُ في اشْتِقَاقِهِ لَهُ سُبْحَانَهُ مِنْ كُلِّ فِعْلٍ أَخْبَرَ بهِ عنْ نَفْسِهِ اسْمًا مُطْلَقًا، وأَدْخَلَهُ في أَسْمَائِهِ الحُسْنَى، فاشْتَقَّ منها اسْمَ المَاكِرِ، والمُخَادِعِ، والفَاتِنِ، والمُضِلِّ، تَعَالَى اللهُ عَن ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرً، انْتَهَى مُلَخَّصًا مِنْ كَلاَمِ الإِمَامِ ابنِ القَيِّمِ.
وقِيلَ: فَصْلُ الخِطَابِ في أَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى، هلْ هيَ تَوْقِيفِيَّةٌ أمْ لاَ؟
وحَاصِلُهُ أَنَّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ الأَسْمَاءِ والصِّفَاتِ تَوْقِيفِيٌّ، وَمَا يُطْلَقُ مِنْ بَابِ الإِخْبَارِ لاَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَوْقِيفِيًّا، كالقَدِيمِ والشَّيءِ المَوْجُودِ، والقَائِمِ بنَفْسِهِ، والصَّانِعِ، ونحوِ ذَلِكَ.
{فَادْعُوهُ بِهَا} ؛ أي: اسْأَلُوهُ وتَوَسَّلُوا إِلَيْهِ بِهَا، كَمَا تَقُولُ: اغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي إنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَقْرَبِ الوَسَائِلِ وأَحَبِّها إليهِ، كَمَا في (المُسْنَدِ) والتِّرْمِذِيِّ: ((أَلِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)).

والحَدِيثِ الآخَرِ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً يَدْعُو وهوَ يَقُولُ: (اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، فَقَالَ: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى))، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وغَيْرُهُ.

وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ((اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ، لاَ نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ))، حديثٌ صحيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وغَيْرُهُ.
ومنهُ: ((اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ، بِدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، يَاذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ))، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بنَحْوِهِ، واللَّفْظُ لِغَيْرِهِ.
قَالَ ابنُ القَيِّمِ: (فهَذَا سُؤَالٌ لَهُ، وتَوَسُّلٌ إِلَيْهِ بِحَمْدِهِ، وأَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هوَ المَنَّانُ، فهوَ تَوَسُّلٌ إليهِ بأَسْمَائِهِ وصِفَاتِهِ، وَمَا أَحَقَّ ذَلِكَ بالإِجَابَةِ، وأَعْظَمَهُ مَوْقِعًا عندَ السُّؤَالِ.
واعْلَمْ أَنَّ الدُّعَاءَ بِهَا أَحَدُ مَرَاتِبِ إِحْصَائِهَا الذي قَالَ فيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)). رَوَاهُ البُخَارِيُّ وغَيْرُهُ.
وهيَ ثَلاَثَةُ مَرَاتِبَ:
المَرْتَبَةُ الأُولَى: إِحْصَاءُ أَلْفَاظِهَا وأَسْمَائِهَا وعَدَدِهَا.

المَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: فَهْمُ مَعَانِيهَا ومَدْلُولِهَا.

المَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: دُعَاؤُهُ بِهَا كَمَا في الآيَةِ.

وهوَ نَوْعَانِ:

- دُعَاءُ ثَنَاءٍ وعِبَادَةٍ.

- ودُعَاءُ طَلَبٍ ومَسْأَلَةٍ.

فَلاَ يُثْنَى عَلَيْهِ إِلاَّ بِأَسْمَائِهِ الحُسْنَى وصِفَاتِهِ العُلَى، وكَذَا لاَ يُسْأَلُ إِلاَّ بِهَا، فَلاَ يُقالُ: يَا مَوْجُودُ وَيَا شَيْءُ وَيَا ذَاتُ، اغْفِرْ لِي.

بلْ يُسْأَلُ في كُلِّ مَطْلُوبٍ باسْمٍ يَكُونُ مُقْتَضِيًا لذلكَ المَطْلُوبِ، فيَكُونُ السَّائِلُ مُتَوَسِّلاً إليهِ بذلكَ الاسْم، ومَنْ تَأَمَّلَ أَدْعِيَةَ الرُّسُلِ -لاَ سِيَّما خَاتَمُهُم عَلَيْهِ وعَلَيْهِم السَّلاَمُ- وجَدَهَا مُطَابِقَةً لِهَذَا، كَمَا تَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَلاَ يَحْسُنُ: إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ البَصِيرُ.
ولَكِنْ أَسْمَاؤُهُ تَعَالَى:
مِنْهَا: مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ مُفْرَدًا، وهوَ غَالِبُ الأَسْمَاءِ؛ كالقَدِيرِ، والسَّمِيعِ، والبَصِيرِ، والحَكِيمِ. فهَذَا يَسُوغُ أنْ يُدْعَى بِهِ مُفْرَدًا ومُقْتَرِنًا بغَيْرِهِ.
فتَقُولُ: يَا عَزِيزُ، يَا حَكِيمُ، يَا قَدِيرُ، يَا سَمِيعُ، يَا بَصِيرُ، وإن انْفَرَدَ كلُّ اسْمٍ، وكذلكَ في الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، والخَبَرِ عنهُ، وبهِ يَسُوغُ لكَ الإِفْرَادُ والجَمْعُ.
ومنها: ما لاَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ مُفْرَدًا، بلْ مَقْرُونًا بمُقَابِلِهِ؛ كالْمَانِعِ، والضَّارِّ، والمُنْتَقِمِ، والمُذِلِّ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ هَذَا عنْ مُقَابِلِهِ؛ فَإِنَّهُ مَقُرونٌ بالمُعْطِي، والنَّافِعِ، والعَفُوِّ، والعَزِيزِ والمُعِزِّ، فهوَ المُعْطِي المَانِعُ، الضَّارُّ النَّافِعُ، المُنْتَقِمُ العَفُوُّ، المُعِزُّ المُذِلُّ؛ لأَِنَّ الكَمَالَ في اقْتِرَانِ كُلِّ اسْمٍ مِنْ هَذَا بمُقَابِلِهِ؛ لأَِنَّهُ يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ المُتَفَرِّدُ بالرُّبُوبِيَّةِ، وتَدْبِيرِ الخَلْقِ، والتَّصَرُّفِ فيهم إِعْطَاءً ومَنْعًا، ونَفْعًا وَضَرًّا، وانْتِقَامًا وإِعْزَازًا وإِذْلاَلاً.
فَأَمَّا الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بمُجَرَّدِ المَنْعِ والانْتِقَامِ والإِضْرَارِ فَلاَ يَسُوغُ، فهذهِ الأَسْمَاءُ المَمْزُوجَةُ يَجْرِي الاسْمَانِ منها مَجْرى الاسْمِ الوَاحِدِ الذي يَمْتَنِعُ فَصْلُ بَعْضِ حُرُوفِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ ولذلكَ لَمْ تَجِئْ مُفْرَدَةً، وَلَمْ تُطْلَقْ عليهِ إِلاَّ مُقْتَرِنَةً، فلوْ قُلْتَ: يَا ضَارُّ، يَا مَانِعُ، يَا مُذِلُّ؛ لَمْ تَكُنْ مُثْنِيًا عَلَيْهِ، وَلاَ حَامِدًا لهُ حَتَّى تَذْكُرَ مُقَابِلَتِهَا)
انْتَهَى مُلَخَّصًا مِنْ كَلاَمِ ابنِ القَيِّمِ، وفيهِ بَعْضُ زِيَادَةٍ.
وبِهِ يَظْهَرُ الجَوَابُ عَمَّا قَدْ يَرِدُ عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرَ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى التي وَرَدَ عَدُّها في الحَدِيثِ، لَمَّا كَانَ إِحْصَاءُ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى والعَمَلُ بِهَا أَصْلاً للعِلْمِ بِكُلِّ مَعْلُومٍ، وكَانَتْ سَعَادَةُ الدُّنْيَا والآخِرَةِ مُرَتَّبَةً عَلَيْهَا، فَمَا حَصَلَ مِنْ آثَارِهَا للعِبَادِ هوَ الذي أَوْجَبَ لَهُم دُخُولَ الجَنَّةِ؛ ولهذا جَاءَ الحديثُ الصَّحِيحُ المُتَّفَقُ عَلَيْهِ، أَنَّ ((مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ))، وذَكَرْنَا مَرَاتِبَ الإِحْصَاءِ؛ لأَِنَّ العَبْدَ مُحْتَاجٌ، بلْ مُضْطَرٌّ إلى مَعْرِفَتِهَا فَوْقَ كلِّ ضَرُورَةٍ.
وقَدْ قِيلَ: إنَّ اللهَ ذَكَرَها كُلَّها في القُرْآنِ، وَلاَ رَيْبَ أنَّ اللهَ تعالى ذَكَرَ أَكْثَرَها بِلَفْظِها، ومَا لَمْ يَذْكُرْهُ بِلَفْظِهِ فَفِي القُرْآنِ مَا يَدُلُّ عليهِ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَاصَفْوانُ بنُ صَالِحٍ، أَخْبَرَنَاالوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ،أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، عنْأَبِي الزِّنَادِ،عنالأَعْرَجِ، عنْأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، هوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، الرَّحْمَنُ، الرَّحِيمُ، المَلِكُ، القُدُّوسُ، السَّلاَمُ، المُؤْمِنُ، المُهَيْمِنُ، العَزِيزُ، الجَبَّارُ، المُتَكَبِّرُ، الخَالِقُ، البَارِئُ، المُصَوِّرُ، الغَفَّارُ، القَهَّارُ، الوَهَّابُ، الرَّزَّاقُ، الفَتَّاحُ، العَلِيمُ، القَابِضُ، البَاسِطُ، الخَافِضُ، الرَّافِعُ، المُعِزُّ، المُذِلُّ، السَّمِيعُ، البَصِيرُ، الحَكَمُ، العَدْلُ، اللَّطِيفُ، الخَبِيرُ، الحَلِيمُ، العَظِيمُ، الغَفُورُ، الشَّكُورُ، العَلِيُّ، الكَبِيرُ، الحَفِيظُ، المُقِيتُ، الحَسِيبُ، الجَلِيلُ، الكَرِيمُ، الرَّقِيبُ، المُجِيبُ، الوَاسِعُ، الحَكِيمُ، الوَدُودُ، المَجِيدُ، البَاعِثُ، الشَّهِيدُ، الحَقُّ، الوَكِيلُ، القَوِيُّ، المَتِينُ، الوَلِيُّ، الحَمِيدُ، المُحْصِي، المُبْدِئُ، المُعِيدُ، المُحْيِي، المُمِيتُ، الحَيُّ، القَيَّومُ، الوَاجِدُ، المَاجِدُ، الوَاحِدُ، الأَحَدُ، الصَّمَدُ، القَادِرُ، المُقْتَدِرُ، المُقَدِّمُ، المُؤَخِّرُ، الأَوَّلُ، الآخِرُ، الظَّاهِرُ، البَاطِنُ، الوَلِيُّ، المُتَعَالِي، البَرُّ، التَّوَّابُ، المُنْعِمُ، المُنْتَقِمُ، العَفُوُّ، الرَّءُوفُ، مَالِكُ المُلْكِ، ذُو الجَلاَلِ والإِكْرَامِ، المُقْسِطُ، الجَامِعُ، الغَنِيُّ، المُغْنِي، المَانِعُ، الضَّارُّ، النَّافِعُ، النُّورُ، الهَادِي، البَدِيعُ، البَاقِي، الوَارِثُ، الرَّشِيدُ، الصَّبُورُ))، قَالَ التِّرْمِذِيُّ:(هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا، حَدَّثَنَا بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ عنْ صَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَلاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وهوَ ثِقَةٌ عندَ أَهْلِ الحَدِيثِ).

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ مِنْ غيرِ وَجْهٍ عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولاَ نَعْلَمُ في كَبِيرِ شَيْءٍ مِن الرِّوايَاتِ ذِكْرَ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى إِلاَّ في هَذَا الحَدِيثِ.

وَقَدْ رَوَى آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ هَذَا الحَدِيثَ بإِسْنَادٍ غيرِ هَذَا عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذَكَرَ فيهِ الأسماءَ، ولَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.
قُلْتُ: يُشِيرُ إِلَى عَدَدِ الأَسْمَاءِ سَرْدًا، وإِلاَّ فَصَدْرُ الحَدِيثِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَدْ خَرَّجَهُ بالعَدَدِ المَذْكُورِ ابنُ المُنْذِرِ، وابنُ خُزَيْمَةَ في (صَحِيحِهِ)، وابنُ حِبَّانَ والطَّبَرَانِيُّ،والحَاكِمُ في (المُسْتَدْرَكِ)، وغيرُهم بهِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا فيهِ (المُعْطِي)، وإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

ولَكِنَّ المُسْتَغْرَبَ منهُ ذِكْرُ العَدَدِ.
ورَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ الصَّنْعَانِيِّ، عنْ زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ، عنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ، عن الأَعْرَجِ، وسَاقَ الأَسْمَاءَ، وخَالَفَ سِياقَ التِّرْمِذِيِّ في التَّرْتِيبِ والزِّيَادَةِ والنَّقْصِ.
فأَمَّا الزِّيَادَةُ فهيَ: (البَارِئُ، الرَّاشِدُ، البُرْهَانُ، الشَّدِيدُ، الوَاقِي، القَائِمُ، الحافِظُ، النَّاظِرُ، السَّامِعُ، المُعْطِي، الأَبَدُ، المُنِيرُ، التَّامُّ، القَدِيمُ، الوِتْرُ).
وعَبْدُ المَلِكِ لَيِّنُ الحَدِيثِ، وزُهَيْرٌ مُخْتَلَفٌ فيهِ، وحَدِيثُ الوَلِيدِ أَصَحُّ إِسْنَادًا، وأَحْسَنُ سِيَاقًا، وأَجْدَرُ أنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ:(هوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ).
قَالَ بَعْضُهم: (والعِلَّةُ في كَوْنِهِمَا لَمْ يُخَرِّجَاهُ بذِكْرِ الأَسَامِي تَفَرُّدُ الولِيدِ بنِ مُسْلِمٍ عَالِمِ الشَّامِيِّينَ الثِّقَةِ).
وقَدْ قِيلَ: (إِنَّ العَدَدَ المَذْكُورَ مُدْرَج)، قَالَ في (الإِرْشَادِ) مَا مَعْنَاهُ: (ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِن الحُفَّاظِ المُحَقِّقِينَ المُتْقِنِينَ أَنَّ سَرْدَ الأَسْمَاءِ في حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُدْرَجٌ فيهِ، وأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ جَمَعُوهَا مِن القُرْآنِ كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ وسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، وَأَبِي زَيْدٍ اللُّغَوِيِّ).

وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: (يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّفْسِيرُ للأسماءِ وَقَعَ مِنْ بعضِ الرُّواةِ؛ ولهَذَا الاحْتِمَالِ تَرَكَ الشَّيْخَانِ إِخْرَاجَ حديثِ الوَلِيدِ في (الصَّحِيحِ)).

قَالَ في (البَدْرِ): (والدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُما: أَنَّ أَصْحَابَ الحَدِيثِ لَمْ يَذْكُرُوهَا.

والثَّانِي: أَنَّ فيها تَغْييرًا بزِيَادَةٍ ونُقْصَانٍ، وذَلِكَ لاَ يَلِيقُ بالمَرْتَبَةِ العُلْيَا النَّبَوِيَّةِ)كذا قَالَ، وفيهِ نَظَرٌ؛ فإنَّ الزِّيَادَةَ والنُّقْصَانَ قَدْ تَكُونُ مِن الرُّوَاةِ وإنْ كَانَ الحَدِيثُ صَحِيحًا كَمَا في غَيْرِ ذَلِكَ مِن الأَحَادِيثِ.

وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في (الدُّعَاءِ)، والحَاكِمُ، وغَيْرُهُمَا، فزَادُوا: ((الرَّبُّ، الإِلَهُ، الحَنَّانُ، المَنَّانُ، البَارِئُ)).
وفي لفظٍ: ((القَائِمُ، الفَرْدُ)).

وفي لفظٍ: ((القَادِرُ)) بَدَلَ الفَرْدِ، و((المُغِيثُ، الدَّائِمُ، الحَمِيدُ)).

وفي لَفْظٍ: ((الجَمِيلُ، الصَّادِقُ، المَوْلَى، النَّصِيرُ، القَدِيمُ، الوِتْرُ، الفاطِرُ، العَلاَّمُ، المَلِيكُ، الأَكْبَرُ، المُدَبِّرُ، المَالِكُ، الشَّاكِرُ، الرَّفِيعُ، ذُو الطَّوْلِ، ذُو المَعَارِجِ، ذُو الفَضْلِ، الخَلاَّقُ))، وَلاَ أَظُنُّهُ يَثْبُتُ وإِنْ كَانَ بَعْضُ العَدَدِ صَحِيحًا.

وعَدَّ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ منها: (المُنْعِمُ، المُتَفَضِّلُ، السَّرِيعُ).

وَقَالَ ابنُ حَزْمٍ:(جَاءَتْ في إِحْصَائِهَا أَحَادِيثُ مُضْطَرِبَةٌ، لاَ يَصِحُّ منها شَيْءٌ أَصْلاً).
وَنُقِلَ عنهُ أنَّهُ قَالَ: (صَحَّ عندِي قَرِيبًا مِنْ ثَمَانِينَ اسْمًا، اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الكِتَابُ والصِّحَاحُ مِن الأَخْبَارِ، فلْيُطْلَب البَاقِي بِطَرِيقِ الاجْتِهَادِ).
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ في (شَرْحِ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى): العَجَبُ مِن ابنِ حَزْمٍ ذَكَرَ مِن الأَسْمَاءِ الحُسْنَى نَيِّفًا وثَمَانِينَ فَقَطْ، واللهُ يَقُولُ: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام:38]، ثُمَّ سَاقَ مَا ذَكَرَهُ ابنُ حَزْمٍ.
وفيهِ مِن الزِّيَادَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ: (الرَّبُّ، الإِلَهُ، الأَعْلَى، الأَكْبَرُ، الأَعَزُّ، السَّيِّدُ، السُّبُّوحُ، الْوِتْرُ، الْمُحْسِنُ، الْجَمِيلُ، الرَّفِيقُ، الدَّهْرُ).
وَقَدْ عَدَّها الحَافِظُ فَزَادَ: (الْخَفِيُّ، السَّرِيعُ، الْغَالِبُ، الْعَالِمُ، الْحَافِظُ، الْمُستَعَانُ).
وفي هَذَا نَظَرٌ يُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ ذُكِرَ بَعْضُها فيما لاَ يَثْبُتُ مِن الحَدِيثِ، فهَذِهِ خَمْسَةٌ وسِتُّونَ ومِائَةُ اسْمٍ، أَقْرَبُها مِنْ جِهَةِ الإِسْنَادِ سِيَاقُ التِّرْمِذِيِّ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ ففيهِ أَسْمَاءٌ صَحِيحَةٌ ثَابِتَةٌ، وفي بَعْضِها تَوَقُّفٌ، وبَعْضُها خَطَأٌ مَحْضٌ؛ كالأَبَدِ والنَّاظِرِ والسَّامِعِ والقَائِمِ والسَّرِيعِ، فهَذِهِ وإِنْ وَرَدَ عِدَادُها في بعضِ الأحاديثِ، فَلاَ يَصِحُّ ذَلِكَ أَصْلاً.
وكَذَلِكَ الدَّهْرُ والفَعَّالُ والعَالِقُ والمُخْرِجُ والعالِمُ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ لَمْ تَرِدْ في شَيْءٍ مِن الأَحَادِيثِ إِلاَّ حَدِيثَ: ((لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ)).
وَقَدْ مَضَى مَعْنَاهُ، وبَيَّنَّا خَطَأَ ابنِ حَزْمٍ في عَدِّهِ مِن الأَسْمَاءِ الحُسْنَى هناكَ.
واعْلَمْ أَنَّ الأَسْمَاءَ الحُسْنَى لاَ تَدْخُلُ تَحْتَ حَصْرٍ، وَلاَ تُحَدُّ بِعَدَدٍ؛ فَإنَّ للهِ تَعَالَى أسماءً وصِفَاتٍ اسْتَأْثَرَ بِهَا في عِلْمِ الغَيْبِ عنْدَهُ، ولا يَعْلَمُها مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، كَمَا في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ((أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ))، رَوَاهُ أحْمَدُ وابنُ حِبَّانَ في (صَحِيحِهِ) وغيرُهما.
قَالَ ابنُ القَيِّمِ:
(فجَعَلَ أَسْمَاءَهُ ثَلاَثَةَ أقسامٍ:
- قسمًا سَمَّى بهِ نَفْسَهُ فأَظْهَرَهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ أوْ غَيْرِهم، وَلَمْ يَنْزِلْ بِهِ كِتَابُهُ.
- وَقِسْمًا أَنْزَلَ بهِ كِتَابَهُ، وتَعَرَّفَ بِهِ إِلَى عِبَادِهِ.
- وقِسْمًا اسْتَأْثَرَ بهِ في عِلْمِ غَيْبِهِ، فَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ؛ ولِهَذَا قَالَ: ((اسْتَأْثَرْتَ بِهِ))؛ أي: انْفَرَدْتَ بعِلْمِهِ، وليسَ المُرَادُ انْفِرَادَهُ بالمُسَمَّى بِهِ؛ لأَِنَّ هَذَا الانْفِرَادَ ثَابِتٌ في الأسماءِ التي أَنْزَلَ بِهَا كِتَابَهُ.
ومِنْ هَذَا قَوْلُهُ عليهِ السَّلاَمُ في حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: ((فَيَفْتَحُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ بِمَا لاَ أُحْسِنُهُ الآنَ))، وتلكَ المَحَامِدُ هيَ بأَسْمَائِهِ وصِفَاتِهِ، ومنهُ قولُهُ: ((لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ)).
وأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ))؛ فالكَلاَمُ جُمْلَةٌ واحِدَةٌ، وقَوْلُهُ: ((مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ))، صِفَةٌ لاَ خَبَرٌ مُسْتَقْبَلٌ، والمَعْنَى: لَهُ أَسْمَاءٌ مُتَعَدِّدَةٌ، مِنْ شَأْنِهَا أَنَّ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ، وَهَذَا كقَوْلِكَ: لفُلاَنٍ أَلْفُ شَاةٍ أَعَدَّها للأَضْيَافِ، فَلاَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ غَيْرَها، وَهَذَا لاَ خِلاَفَ بَينَ العُلَمَاءِ فيهِ).
وقولُهُ تَعَالَى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}[الأعراف:179]؛ أي: اتْرُكُوهُم وأَعْرِضُوا عنْ مُجَادَلَتِهِم.

قَالَ ابنُ القَيِّمِ:

(والإِلْحَادُ في أَسْمَائِهِ هوَ: العُدُولُ بِهَا وحَقَائِقِها ومَعَانِيها عن الحَقِّ الثَّابِتِ لَهَا، وهوَ مَأْخُوذٌ مِن المَيْلِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَادَّةُ اللَّحْدِ، ومنهُ اللَّحْدُ وهوَ الشَّقُّ في جانبِ القَبْرِ الذي قَدْ مَالَ عن الوَسَطِ، ومنهُ اللَّحْدُ في الدِّينِ: المَائِلُ عن الحَقِّ إِلَى البَاطِلِ.

إِذَا عُرِفَ هَذَا فَالإِلْحَادُ في أَسْمَائِهِ أَنْوَاعٌ:

أَحَدُها: أَنْ يُسَمِّيَ الأَصْنَامَ بِهَا، كتَسْمِيَتِهِم اللاَّتَ مِن الإِلَهِ، والعُزَّى مِن العَزِيزِ، وتَسْمِيَتِهم الصَّنَمَ إِلَهًا. وهَذَا إِلْحَادٌ حَقِيقَةً، فَهُمْ عَدَلُوا بأَسْمَائِهِ إِلَى أَوْثَانِهِم وآلِهَتِهِم البَاطِلَةِ.

الثَّانِي: تَسْمِيَتُهُ بِمَا لاَ يَلِيقُ بجَلاَلِهِ، كتَسْمِيَةِ النَّصارَى لَهُ أبًا، وتَسْمِيَةِ الفَلاَسِفَةِ لهُ مُوجِبًا بذَاتِهِ، أوْ عِلَّةً فاعِلَةً بالطَّبْعِ، ونحوِ ذلكَ.

وثالثُها: وَصْفُهُ بِمَا يَتَعَالَى عنهُ ويَتَقَدَّسُ مِن النَّقَائِصِ، كقَوْلِ أَخْبَثِ اليَهُودِ: إِنَّهُ فَقِيرٌ، وقَوْلِهِم: إِنَّهُ اسْتَرَاحَ بَعْدَ أَنْ خَلَقَ خَلْقَهُ، وقَوْلِهِم: يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ، وأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا هوَ إِلْحَادٌ في أَسْمَائِهِ وصِفَاتِهِ.

ورَابِعُها: تَعْطِيلُ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى عنْ مَعَانِيهَا، وجَحْدُ حَقَائِقِها، كقولِ مَنْ يَقُولُ مِن الجَهْمِيَّةِ وأَتْبَاعِهِم: إِنَّهَا أَلْفَاظٌ مُجَرَّدَةٌ، لاَ تَتَضَمَّنُ صِفَاتٍ، وَلاَ مَعَانِيَ، فيُطْلِقُونَ عَلَيْهِ اسْمَ السَّمِيعِ والبَصِيرِ والحَيِّ والرَّحِيمِ والمُتَكَلِّمِ، ويَقُولُونَ: لاَ حَيَاةَ لَهُ، ولاَ سَمْعَ، وَلاَ بَصَرَ، ولاَ كَلاَمَ، وَلاَ إِرَادَةَ تَقُومُ بِهِ، وهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الإِلْحَادِ فيها عَقْلاً وشَرْعًا ولُغَةً وفِطْرَةً، وهوَ يُقَابِلُ إِلْحَادَ المُشْرِكِينَ؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ أَعْطَوْا مِنْ أَسْمَائِهِ وصفاتِهِ لآلِهَتِهم، وهَؤُلاءِ سَلَبُوا كَمَالَهُ وجَحَدُوهَا وعَطَّلُوها، وكِلاَهُمَا أَلْحَدَ في أَسْمَائِهِ. ثُمَّ الجَهْمِيَّةُ وفُرُوخُهُم مُتَفَاوِتُونَ في هَذَا الإِلْحَادِ، فَمِنْهُم الغَالِي والمُتَوَسِّطُ والمُتَلَوِّثُ، وكُلُّ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِمَّا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ، أوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَدْ أَلْحَدَ في ذَلِكَ فلْيُقِلَّ أوْ لِيَسْتَكْثِرْ.

وخامسُها: تَشْبِيهُ صِفَاتِهِ بصِفَاتِ خَلْقِهِ، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُ المُشَبِّهونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

فهَذَا الإِلْحَادُ في مُقَابِلِهِ إِلْحَادُ المُعَطِّلَةِ؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ نَفَوْا صِفَاتِ كَمَالِهِ وجَحَدُوها، وهؤلاءِ شبَّهُوها بصِفَاتِ خَلْقِهِ، فجَمَعَهُم الإِلْحَادُ، وتَفَرَّقَتْ بهم طُرُقُهُ، وبَرَّأَ اللهُ أَتْبَاعَ رَسُولِهِ، ووَرَثَتَهُ القَائِمِينَ بِسُنَّتِهِ عنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَلَمْ يَصِفُوهُ إِلاَّ بِمَا وَصَفَ بهِ نَفْسَهُ، ولم يَجْحَدُوا صِفَاتِهِ، وَلَمْ يُشَبِّهُوهَا بِصِفَاتِ خَلْقِهِ، وَلَمْ يَعْدِلُوا بِهَا عَمَّا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ لَفْظًا ولا مَعْنًى، بلْ أَثْبَتُوا لَهُ الأَسْمَاءَ والصِّفَاتِ، ونَفَوْا عنهُ مُشَابَهَةَ المَخْلُوقَاتِ، فكَانَ إِثْبَاتُهُم بَرِيئًا مِن التَّشْبِيهِ، وتَنْزِيهُهُم خَالِيًا مِن التَّعْطِيلِ، لاَ كَمَنْ شَبَّهَ كأَنَّهُ يَعْبُدُ صَنَمًا، أوْ عَطَّلَ حَتَّى كَأَنَّهُ لاَ يَعْبُدُ إِلاَّ عَدَمًا.

وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَسَطٌ في النِّحَلِ، كما أنَّ أهلَ الإِسْلاَمِ وَسَطٌ في المِلَلِ، تُوقَدُ مَصَابِيحُ مَعَارِفِهم مِنْ {شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ})
{سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؛ وَعِيدٌ وتَهْدِيدٌ.
قولُهُ: {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}؛ يُشْرِكُونَ، أيْ: يُشْرِكُونَ غَيْرَهُ في أَسْمَائِهِ؛ كتَسْمِيَتِهم الصَّنَمَ إِلَهًا.
ويَحْتَمِلُ أَنَّ المُرَادَ الشِّرْكُ في العِبَادَةِ؛ لأَِنَّ أَسْمَاءَهُ تَعَالَى تَدُلُّ عَلَى التَّوْحِيدِ، فالإِشْرَاكُ بِغَيْرِهِ إِلْحَادٌ في مَعَانِي أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى، لاَ سِيَّمَا مَعَ الإِقْرَارِ بِهَا، كَمَا كَانُوا يُقِرُّونَ باللهِ ويَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، فَهَذَا الاسْمُ وَحْدَهُ أَعْظَمُ الأَدِلَّةِ عَلَى التَّوْحِيدِ، فَمَنْ عَبَدَ غَيْرَهُ فَقَدْ أَلْحَدَ في هذا الاسْمِ، وعَلَى هَذَا بقِيَّةُ الأَسْمَاءِ.
وهذا الأَثَرُ لَمْ يَرْوِهِ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، إِنَّمَا رَوَاهُ عنْ قَتَادَةَ، فاعْلَمْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: ((وعنهُ: سَمَّوا اللاَّتَ مِن الإِلَهِ، والعُزَّى مِن العَزِيزِ))، هَذَا الأَثَرُ مَعْطُوفٌ عَلَى سَابِقِهِ؛ أيْ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ، وكَذَلِكَ الأَثَرُ الثَّانِي عن الأَعْمَشِ مَعْطُوفٌ عَلَى سَابِقِهِ؛ أيْ: رَوَاهُ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ عنهُ.
والأَعْمَشُ اسْمُهُ سُلَيْمَانُ بنُ مِهْرَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ الكُوفِيُّ الفَقِيهُ، ثِقَةٌ حَافِظٌ وَرِعٌ، مَاتَ سَنَةَ(147) وكَانَ مَوْلِدُهُ أَوَّلَ سَنَةِ (61).
قولُهُ: ((يُدْخِلُونَ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا))؛ أيْ: كَتَسْمِيَةِ النَّصارَى لَهُ أَبًا، ونَحْوِهِ كَمَا سَبَقَ.

هيئة الإشراف

#3

2 Nov 2008

فتح المجيد للشيخ: عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ

قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ (ت: 1285هـ): ( (4) قَالَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (بابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأعراف:180].

ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ: {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} يُشْرِكُونَ. وَعَنْهُ: سَمَّوا اللاَّتَ مِن الإِلَهِ، والعُزَّى مِن العَزِيزِ، وَعَن الأَعْمَشِ: يُدْخِلُونَ فيها مَا لَيْسَ مِنْهَا).

عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ)). أَخْرَجَاهُ في (الصحيحَيْنِ) منْ حديثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَرَوَاهُ البُخَارِيُّ عنْ أبي اليَمَانِ عنْ أبي الزِّنَادِ عن الأعرجِ عنهُ.

وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عن الْجُوزَجَانِيِّ، عنْ صَفْوَانَ بنِ صالحٍ، عن الوليدِ بنِ مُسْلِمٍ، عنْ شُعَيْبٍ بِسَنَدِهِ مِثْلَهُ.

وَزَادَ بعدَ قولِهِ: ((يُحِبُّ الوِتْرَ)): ((هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ، الرَّحِيمُ، الْمَلِكُ، الْقُدُّوسُ، السَّلاَمُ، الْمُؤمِنُ، الْمُهَيْمِنُ، الْعَزِيزُ، الْجَبَّارُ، الْمُتَكَبِّرُ، الْخَالِقُ، الْبَارِئُ، الْمُصَوِّرُ، الْغَفَّارُ، الْقَهَّارُ، الْوَهَّابُ، الرَّزَّاقُ، الْفَتَّاحُ، الْعَلِيمُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الْخَافِضُ، الرَّافِعُ، الْمُعِزُّ، الْمُذِلُّ، السَّمِيعُ، الْبَصِيرُ، الْحَكَمُ، الْعَدْلُ، اللَّطِيفُ، الْخَبِيرُ، الْحَلِيمُ، الْعَظِيمُ، الْغَفُورُ، الشَّكُورُ، الْعَلِيُّ، الْكَبِيرُ، الْحَفِيظُ، الْمُقِيتُ، الْحَسِيبُ، الْجَلِيلُ، الْكَرِيمُ، الرَّقِيبُ، الْمُجِيبُ، الْوَاسِعُ، الْحَكِيمُ، الْوَدُودُ، الْمَجِيدُ، الْبَاعِثُ، الشَّهِيدُ، الْحَقُّ، الْوَكِيلُ، الْقَوِيُّ، الْمَتِينُ، الْوَلِيُّ، الْحَمِيدُ، الْمُحْصِي، الْمُبْدِئُ، الْمُعِيدُ، الْمُحْيِي، الْمُمِيتُ، الْحَيُّ، الْقَيُّومُ، الْوَاجِدُ، الْمَاجِدُ، الْوَاحِدُ، الأَحَدُ، الْفَرْدُ، الصَّمَدُ، الْقَادِرُ، الْمُقتَدِرُ، الْمُقَدِّمُ، الْمُؤَخِّرُ، الأَوَّلُ، الآخِرُ، الظَّاهِرُ، الْبَاطِنُ، الْوَالِي، الْمُتَعَالِي، الْبَرُّ، التَّوَّابُ، الْمُنْتَقِمُ، الْعَفُوُّ، الرَّءُوفُ، مَالِكُ الْمُلْكِ، ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، الْمُقْسِطُ، الْجَامِعُ، الْغَنِيُّ، الْمُغْنِي، الْمُعْطِي، الْمَانِعُ، الضَّارُّ، النَّافِعُ، النُّورُ، الْهَادِي، الْبَدِيعُ، الْبَاقِي، الْوَارِثُ، الرَّشِيدُ، الصَّبُورُ)).
ثمَّ قالَ التِّرْمِذِيُّ:(هذا حديثٌ غريبٌ، وقدْ رُوِيَ منْ غيرِ وجهٍ عنْ أبي هُريرةَ، ولا نَعْلَمُ في كثيرٍ من الرِّوَايَاتِ ذِكْرَ الأسماءِ إلاَّ في هذا الحديثِ).
والذي عَوَّلَ عليهِ جماعةٌ من الْحُفَّاظِ أنَّ سَرْدَ الأسماءِ في هذا الحديثِ مُدْرَجٌ فيهِ، وإنَّمَا ذلكَ كما رَوَاهُ الوليدُ بنُ مسلمٍ وعبدُ الْمَلِكِ الصَّنْعَانِيُّ، عنْ زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ، أنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ غيرِ واحدٍ منْ أهلِ العلمِ أنَّهُم قالُوا ذلكَ؛ أيْ: أنَّهُم جَمَعُوهَا من القرآنِ، كما رُوِيَ عنْ جعفرِ بنِ مُحَمَّدٍوسُفْيَانَ وأبي زيدٍ اللُّغَوِيِّ. واللهُ أعلمُ.
هذا ما ذَكَرَهُ العِمَادُ ابنُ كثيرٍ في (تفسيرِهِ)، ثُمَّ قالَ: (لِيُعْلَمْ أنَّ الأسماءَ الحسنَى لَيْسَتْ مُنْحَصِرَةً في تسعةٍ وتسعينَ؛ بدليلِ ما رَوَاهُ أحمدُ عنْ يزيدَ بنِ هارونَ، عنْ فُضَيْلِ بنِ مَرْزُوقٍ، عنْ أبي سَلَمَةَ الجُهَنِيِّ، عن القاسمِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عنْ أبيهِ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، عنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:((مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلاَ حُزْنٌ فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ اللهُمَّ بِكُلِّ اسمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاَءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي. إِلاَّ أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا)).
فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ نَتَعَلَّمُهَا؟
فَقَالَ: ((بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا)). وَقَدْ أَخْرَجَهُ أبو حاتمٍ وابنُ حِبَّانَ في (صحيحِهِ).
وقالَ الْعَوْفِيُّ: عن ابنِ عَبَّاسٍ في قولِهِ تَعَالَى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} قالَ: (إِلْحَادُ المُلْحِدِينَ: أَنْ دَعَوا اللاَّتَ في أسماءِ اللهِ).

وقالَ ابنُ جُرَيْجٍ: عنْ مُجَاهِدٍ،{وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}، قَالَ: (اشْتَقُّوا اللاَّتَ من اللهِ، وَاشْتَقُّوا العُزَّى من العزيزِ).

وقالَ قَتَادَةُ:(يُلْحِدُونَ: يُشْرِكُونَ).
وقالَ عَلِيُّ بنُ أبي طلحةَ: عن ابنِ عَبَّاسٍ:(الإلحادُ: التكذيبُ).
وأصلُ الإلحادِ في كلامِ العربِ العَدْلُ عن القصدِ والمَيْلُ والجَوْرُ والانحرافُ.
ومنهُ اللَّحْدُ في القبرِ؛ لاِنْحِرَافِهِ إلى جهةِ القبلةِ عنْ سَمْتِ الحَفْرِ.
قالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: (وحقيقةُ الإِلحادِ فيها الميلُ بالإِشراكِ والتعطيلِ والنُّكْرَانِ. وَأَسْمَاءُ الربِّ تَعَالَى كُلُّهَا أسماءٌ وَأَوْصَافٌ تَعَرَّفَ بها تَعَالَى إلى عبادِهِ، وَدَلَّتْ على كمالِهِ جَلَّ وَعَلاَ).
وقالَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: ( فالإِلحادُ إمَّا بِجَحْدِهَا وإنكارِهَا، وإِمَّا بِجَحْدِ مَعَانِيهَا وتعطيلِهَا، وإِمَّا بِتَحْرِيفِهَا عن الصوابِ، وَإِخْرَاجِهَا عن الحقِّ بالتأويلاتِ، وَإِمَّا بِجَعْلِهَا أسماءً لهذهِ المخلوقاتِ؛ كإلْحَادِ أهلِ الاتِّحَادِ، فإنَّهُم جَعَلُوهَا أسماءَ هذا الكونِ مَحْمُودَهَا ومَذْمُومَهَا، حتَّى قالَ زَعِيمُهُم: هوَ الْمُسَمَّى بمعنَى كلِّ اسمٍ مَمْدُوحٍ عَقْلاً وَشَرْعًا وَعُرْفًا، وبكلِّ اسْمٍ مذمومٍ عَقْلاً وَشَرْعًا وَعُرْفًا. تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كبيرًا) انْتَهَى.
قُلْتُ: والذي عليهِ أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ قاطِبَةً؛ مُتَقَدِّمُهُم وَمُتَأَخِّرُهُم، إثباتُ الصفاتِ التي وَصَفَ اللهُ بها نفسَهُ وَوَصَفَهُ بها رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ما يَلِيقُ بجلالِ اللهِ وعظمتِهِ؛ إثباتًا بلا تمثيلٍ، وتَنْزِيهًا بلا تعطيلٍ، كما قالَ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى:11].
وأنَّ الكلامَ في الصفاتِ فَرْعٌ عن الكلامِ في الذاتِ، يَحْتَذِي حَذْوَهُ وَمِثَالَهُ، فكما أنَّهُ يَجِبُ العلمُ بأنَّ للهِ ذَاتًا حَقِيقَةً لا تُشْبِهُ شَيْئًا منْ ذواتِ المخلوقِينَ، فَلَهُ صفاتٌ حَقِيقِيَّةٌ لا تُشْبِهُ شَيْئًا منْ صفاتِ المخلوقِينَ.
فَمَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِمَّا وَصَفَ اللهُ بهِ نفسَهُ أوْ وَصَفَهُ بهِ رسولُهُ، أوْ تَأَوَّلَهُ على غيرِ ما ظَهَرَ منْ مَعْنَاهُ، فهوَ جَهْمِيٌّ قد اتَّبَعَ غيرَ سبيلِ المؤمنِينَ، كَمَا قالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء:115].
وقالَ العلاَّمَةُ أيضًا: فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ: ما يَجْرِي صِفَةً أوْ خَبَرًا على الربِّ تَبَارَكَ وتَعَالَى أَقْسَامٌ:
أحدُهَا: ما يَرْجِعُ إلى نفسِ الذاتِ، كَقَوْلِكَ: ذاتٌ وموجودٌ.

الثاني: ما يَرْجِعُ إلى صفاتِهِ وَنُعُوتِهِ، كالعليمِ والقديرِ، والسميعِ والبصيرِ.

الثالثُ: ما يَرْجِعُ إلى أفعالِهِ، كالخالقِ والرازقِ.

الرابعُ: التنزيهُ المَحْضُ، و لا بُدَّ منْ تَضَمُّنِهِ ثُبُوتًا؛ إذْ لا كَمَالَ في العَدَمِ المَحْضِ، كالقُدُّوسِ والسلامِ.

الخامسُ: ولمْ يَذْكُرْهُ أكثرُ الناسِ، وهوَ الاسمُ الدَّالُّ على جملةِ أوصافٍ عديدةٍ لا تَخْتَصُّ بصفةٍ مُعَيَّنَةٍ، بلْ دَالٌّ على معانٍ، نحوَ: المجيدُ العظيمُ الصمدُ؛ فإنَّ المجيدَ مَن اتَّصَفَ بِصِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ منْ صفاتِ الكمال، وَلَفْظُهُ يَدُلُّ على هذا؛ فإنَّهُ موضوعٌ لِلسَّعَةِ والكثرةِ والزيادةِ، فمنهُ: (اسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَارُ) وَ(أَمْجَدَ الناقةَ: عَلَفَهَا) ومنهُ: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ} صفةٌ للعرشِ لِسَعَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وشَرَفِهِ.

وَتَأَمَّلْ كيفَ جاءَ بهذا الاسمِ مُقْتَرِنًا بِطَلَبِ الصلاةِ من اللهِ على رسولِهِ كما عَلَّمَنَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بأنَّهُ في مقامِ طلبِ المزيدِ والتَّعَرُّضِ لِسَعَةِ العطاءِ وكثرتِهِ وَدَوَامِهِ، فَأَتَى في هذا المطلوبِ باسمٍ يَقْتَضِيهِ، كما تقولُ: اغْفِرْ لي وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أنتَ الغفورُ الرحيمُ، فهوَ راجعٌ إلى التَّوَسُّلِ إليهِ بأسمائِهِ وصفاتِهِ، وهوَ منْ أقربِ الوسائلِ وَأَحَبِّهَا إليهِ.

ومنهُ الحديثُ الذي في (المُسْنَدِ) والتِّرْمِذِيِّ: ((أَلِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)).
ومنهُ: ((اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)).

فهذا سؤالٌ لهُ وَتَوَسُّلٌ إليهِ بِحَمْدِهِ، وَأَنَّهُ لاَ إلهَ إلاَّ هوَ المَنَّانُ، فهوَ تَوَسُّلٌ إليهِ بِأَسْمَائِهِ وصفاتِهِ، وَمَا أَحَقَّ ذلكَ بالإِجابةِ وأَعْظَمَهُ مَوْقِعًا عندَ المَسْئُولِ.

وهذا بابٌ عظيمٌ منْ أبوابِ التوحيدِ.
السادسُ: صفةٌ تَحْصُلُ من اقترانِ أحدِ الاسمَيْنِ والوصفَيْنِ بالآخرِ.

وذلكَ قَدْرٌ زائدٌ على مُفْرَدَيْهِمَا، نحوَ: الغَنِيُّ الحميدُ، الغفورُ القديرُ، الحميدُ المجيدُ، وهكذا عَامَّةُ الصفاتِ المُقْتَرِنَةِ والأسماءِ المُزْدَوَجَةِ في القرآنِ؛ فإنَّ (الْغِنَى) صفةُ كمالٍ، و(الحمدَ) كذلكَ، واجتماعَ (الغِنَى) معَ (الحمدِ) كمالٌ آخَرُ، فَلَهُ ثناءٌ منْ غِنَاهُ، وَثَنَاءٌ منْ حَمْدِهِ، وَثَنَاءٌ من اجْتِمَاعِهِمَا، وكذلكَ الغفورُ القديرُ، والحميدُ المجيدُ، والعزيزُ الحكيمُ.

فَتَأَمَّلْهُ؛ فإنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ المَعَارِفِ).

هيئة الإشراف

#4

2 Nov 2008

القول السديد للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر السعدي

قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): ((2) {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ في أَسْمَائِهِ}أصلُ التَّوحيدِ إثباتُ ما أَثْبَتَه اللهُ لنفسِه، أو أثْبَتَه له رسولُه مِن الأسماءِ الحُسنى، ومعرفةُ ما احْتَوَتْ عليه مِن المعاني الجليلةِ، والمعارفِ الجميلةِ، والتَّعَبُّدُ للهِ بها ودعاؤُه بها.

فكلُّ مَطْلَبٍ يطلبُه العبْدُ من ربِّه مِن أمورِ دينِه ودنياه، فَلْيَتَوَسَّلْ إليه باسمٍ مناسِبٍ له مِن أسماءِ اللهِ الحُسْنَى.
فَمَن دعاه لحصولِ رِزْقٍ فليسألْه باسمِه الرزَّاقِ، ولحصولِ رحْمَةٍ ومغْفِرَةٍ فباسْمِهِ الرَّحيمِ الرَّحمنِ البَرِّ الكريمِ العفوِّ الغفورِ التوَّابِ ، ونحوِ ذلك.
وأفضلُ من ذلك أنْ يدعوَه بأسمائِه وصفاتِه دعاءَ العبادة، وذلك باستحضارِ معاني الأسماءِ الحسنى وتحصيلِها في القلوبِ حتَّى تتأثرَ القلوبُ بآثارِها ومقتضياتِها، وتمتلئَ بِأَجَلِّ المعارفِ.

فمثلاً:


- أسماءُ العظمةِ والكبرياءِ، والمجدِ والجلالِ، والهيبةِ، تملأُ القلوبَ تعظيمًا للهِ وإجلالاً له.
- وأسماءُ الجمالِ، والبِرِّ، والإحسانِ، والرحمةِ، والجُّودِ، تملأُ القلبَ محبَّةً للهِ، وَشَوْقًا له، وحمدًا له وشُكرًا.


- وأسماءُ العزِّ، والحكمْةِ، والعِلْمِ، والقدرَةِ تملأُ القَلْبَ خُضُوعًا للهِ، وخُشُوعًا، وانْكِسَارًا بينَ يديه.
- وأسماءُ العِلْمِ، والخبرةِ، والإِحاطةِ، والمراقبةِ، والمشاهدةتَمْلأُ القلْبَ مُراقَبَةً للهِ في الحركاتِ والسَّكَنَاتِ، وحِراسةً للخواطرِ عن الأفكارِ الرديَّةِ، والإِراداتِ الفاسدةِ.
- وأسماءُ الغِنى واللُّطفِ، تملأُ القلبَ افْتِقَارًا واضْطِرارًا إليه، والتفاتًا إليه كلَّ وقتٍ،في كلِّ حالٍ.
فهذه المعارفُ التي تَحْصُلُ للقلوبِ بسببِ معرِفَةِ العبدِ بأسمائِهِ وصفاتِهِ، وتعبُّدِه بها للهِ ، لا يُحَصِّلُ العبدُ في الدُّنيا أجلَّ ولا أفضلَ ولا أكملَ مِنْها، وهي أفضلُ العطايا مِن اللهِ لِعَبْدِه، وهي روحُ التوحيدِ ورَوْحُهُ ، وَمَن انْفَتَحَ له هذا البابُ انْفَتَحَ له بابُ التوحيدِ الخالصِ، والإِيمانِ الكاملِ الذي لا يَحْصُلُ إلا للكُمَّلِ مِن الموحِّدين.

وإثباتُ الأسماءِ والصفاتِ هو الأصلُ لهذا المطلبِ الأعْلَى.
وأمَّا الإِلحادُ في أسماءِ اللهِ وصفاتِه فإنَّه يُنافي هذا الْمَقْصِدَ العظيمَ أعظمَ منافاةٍ.

والإِلحادُ أنواعٌ:
- إمَّا أنْ يَنْفِيَ الْمُلْحِدُ معانِيَهَاكمَا تَفْعَلُه الجَهْمِيَّةُ ومَن تَبِعَهُم.

- وإمَّا بتَشْبيهِها بصفاتِ المخلوقِين كمَا يفعلُه المُشبِّهَةُ من الرَّافِضَةِ وغيرِهم.

- وإمَّا بتسميةِ المخلوقينَ بها كمَا يفعلُه المشرِِكون حيثُ سَمَّوا اللاتَ مِن الإِلهِ، والعُزَّى من العزيزِ، ومناةَ مِن المنَّانِ، فاشتقوا لها مِن أسماءِ اللهِ الْحُسْنَى، فشَبَّهُوها باللهِ ، ثُمَّ جعَلوا لها مِن حقوقِ العبادةِ ما هو من حقوقِ اللهِ الخاصَّةِ.
فحقيقةُ الإِلحادِ في أسماءِ اللهِ هو
الميلُ بها عَن مقصودِها لفظًا أو معنىً، تصريحًا أو تأويلاً، أو تحريفًا، وكلُّ ذلِك منافٍ للتوحيدِ والإِيمانِ.

هيئة الإشراف

#5

2 Nov 2008

تهذيب القول المفيد للشيخ: صالح بن عبدالله العصيمي

قال الشيخ صالح بن عبدالله العصيمي: ( (9) هذا البابُ يَتَعَلَّقُ بتوحيدِ الأسماءِ والصِّفَاتِ؛ لأنَّ هذا الكتابَ جامعٌ لأنواعِ التَّوحيدِ الثَّلاثةِ: توحيدِ العبادةِ، وتوحيدِ الرُّبُوبيَّةِ، وتوحيدِ الأسماءِ والصِّفَاتِ.

وتَوْحِيدُ الأسماءِ والصِّفاتِ: هوَ إفرادُ اللهِ عزَّ وجلَّ بما ثَبَتَ لهُ منْ صفاتِ الكمالِ على وجهِ الحقيقةِ، بلا تمثيلٍ ولا تَكْيِيفٍ ولا تَعْطِيلٍ؛ لأنَّكَ إذا عَطَّلْتَ لمْ تُثْبِتْ، وإنْ مَثَّلْتَ لمْ تُوَحِّدْ، والتَّوحيدُ مُرَكَّبٌ منْ إثباتٍ ونفيٍ؛ أيْ: إثباتِ الحكمِ للمُوَحَّدِ ونفيِهِ عمَّا عداهُ، فمثلاً إذا قُلْتَ: (زَيْدٌ قَائِمٌ) لمْ تُوَحِّدْهُ بالقيامِ، وإذا قُلْتَ: (زَيْدٌ غَيْرُ قائمٍ) لمْ تُثْبِتْ لهُ القيامَ، وإذا قُلْتَ: (لاَ قَائِمٌ إلاَّ زَيْدٌ) وحَّدْتَهُ بالقيامِ.

وإذا قُلْتَ: لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وَحَّدْتَهُ بالألوهيَّةِ، وإذا أَثْبَتَّ للهِ الأسماءَ والصِّفاتِ دونَ أنْ يُمَاثِلَهُ أحدٌ، فهذا هوَ توحيدُ الأسماءِ والصِّفاتِ، وإنْ نَفَيْتَها عنهُ فهذا تعطيلٌ، وإنْ مَثَّلْتَ فهذا إشْرَاكٌ.
قولُهُ: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} طريقُ التَّوحيدِ هنا تقديمُ الخبرِ؛ لأنَّ تقديمَ ما حقُّهُ التَّأخيرُ يُفِيدُ الحصرَ، ففي الآيَةِ توحيدُ الأسماءِ للهِ.
قولُهُ: {الْحُسْنَى} مُؤَنَّثُ (أَحْسَنَ) فهيَ اسمُ تفضيلٍ.
ومعنى (الْحُسْنَى) أي: البالغةُ في الحسنِ أَكْمَلَهُ؛ لأنَّ اسمَ التَّفضيلِ يَدُلُّ على هذا. والتَّفضيلُ هنا مُطْلَقٌ؛ لأنَّ اسمَ التَّفضيلِ قدْ يكونُ مُطْلَقًا، مثلَ: (زَيْدٌ الأفضلُ).
وقدْ يكونُ مُقَيَّدًا، مثلَ: (زَيْدٌ أفضلُ منْ عمرٍو).

وهنا التَّفضيلُ مُطْلَقٌ؛ لأنَّهُ قالَ: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} فأسماءُ اللهِ تعالى بالغةٌ في الحسنِ أكملَهُ منْ كُلِّ وجهٍ، ليسَ فيها نقصٌ؛ لا فَرْضًا ولا احْتِمَالاً.

وما يُخْبَرُ بهِ عن اللهِ أوْسَعُ مِمَّا يُسَمَّى بهِ اللهُ؛ لأنَّ اللهَ يُخْبَرُ عنهُ بالشَّيءِ، ويُخْبَرُ عنهُ بالْمُتكلِّمِ والمُرِيدِ، معَ أنَّ الشَّيءَ لا يَتَضَمَّنُ مدحًا، والمتكلِّمُ والمريدُ يتضمَّنانِ مدحًا منْ وجهٍ وغيرَ مدحٍ منْ وجهٍ، ولا يُسَمَّى اللهُ بذلكَ، فلا يُسَمَّى بالشَّيءِ ولا بالمُتَكَلِّمِ ولا بالمُرِيدِ، لكنْ يُخْبَرُ بذلكَ عنهُ.
قولُهُ: {فَادْعُوهُ بِهَا} الدُّعَاءُ هوَ السُّؤَالُ.
والدُّعاءُ قدْ يكونُ بلسانِالمقالِ، مثلِ: اللهُمَّ اغْفِرْ لي يا غفورُ، وهكذا. أوْ بلسانِ الحالِ، وذلكَ بالتعبُّدِ لهُ.

ولهذا قالَ العلماءُ:(إنَّ الدُّعَاءَ دعاءُ مَسأَلةٍ وعبادةٍ؛ لأنَّ حقيقةَ الأمرِ أنَّ الْمُتَعَبِّدَ يَرْجُو بلسانِ حالِهِ رحمةَ اللهِ ويَخَافُ عِقَابَهُ.

والأمرُ بدعاءِ اللهِ بها يَتَضَمَّنُ الأمرَ بمَعْرِفَتِهَا؛ لأنَّهُ لا يُمْكِنُ دعاءُ اللهِ بها إلاَّ بعدَ معرفتِهَا، والأمرُ للوُجُوبِ، ويَقْتَضِي وُجُوبَ عِلْمِنَا بأسماءِ اللهِ، ومعلومٌ أيضًا أنَّنا لا نَعْلَمُهَا أسماءً مُجَرَّدةً عن المعاني، بلْ لا بُدَّ أنَّ لها معانيَ فلا بُدَّ أن نَبْحَثَ فيها؛ لأنَّ عِلْمَهَا ألفاظًا مجرَّدةً لا فائدةَ فيهِ، وإنْ قُدِّرَ أنَّ فيهِ فائدةً بالتَّعَبُّدِ باللفظِ فإنَّهُ لا يَحْصُلُ بهِ كمالُ الفائدةِ).
وقولُهُ: {فَادْعُوهُ بِهَا}، لهُ معنيانِ:
الأوَّلُ: دعاءُ العبادةِ، وذلكَ بأنْ تتعبَّدَ للهِ بما تقتضيهِ تلكَ الأسماءُ.

ويُطلَقُ على الدُّعَاءِ عبادةٌ، قالَ تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُـمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} ولمْ يقُلْ عَنْ دُعَائِي، فَدَلَّ على أنَّ الدُّعَاءَ عبادةٌ، فَمَثَلاً: الرَّحيمُ يدُلُّ على الرَّحمةِ، وحينَئذٍ تَتَطَلَّعُ إلى أسبابِ الرَّحمةِ وتَفْعَلُهَا، والغفورُ يدلُّ على المغفرةِ، وحينئذٍ تتعرَّضُ لمغفرةِ اللهِ عزَّ وجلَّ بكثرةِ التَّوبةِ والاستغفارِ كذلكَ، وما أشْبَهَ ذلكَ.

والقريبُ: يَقْتَضِي أنْ تَتَعَرَّضَ إلى القُرْبِ منهُ بالصَّلاةِ وغيرِهَا، وأقْرَبُ ما يكونُ العبدُ منْ رَبِّهِ وهوَ ساجدٌ.
والسَّميعُ: يَقْتَضِي أنْ تتعبَّدَ للهِ بمقتضى السَّمعِ بحيثُ لا تُسْمِعُ اللهَ قولاً يُغْضِبُهُ ولا يَرْضَاهُ منكَ.
والبصيرُ: يَقْتَضِي أنْ تتعبَّدَ للهِ بمقتضى ذلكَ البصرِ بحيثُ لا يَرَى منكَ فعلاً يَكْرَهُهُ منكَ.
الثَّاني: دُعَاءُ المسألةِ، وهوَ: أنْ تُقَدِّمَهَا بينَ يَدَيْ سُؤَالِكَ مُتوَسِّلاً بها إلى اللهِ تعالى.

مثلاً: يا حَيُّ، يا قيُّومُ اغْفِرْ لي وارْحَمْني.

وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّم: ((فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)).
والإنسانُ إذا دَعَا وَعَلَّلَ فَقَدْ أثْنَى على رَبِّهِ بهذا الاسمِ طالبًا أنْ يكونَ سببًا للإجابةِ، والتَّوَسُّلُ بصفةِ المَدْعُوِّ المرغوبةِ لهُ سببٌ للإجابةِ؛ فالثَّناءُ علَى اللهِ بأسمائِهِ منْ أسبابِ الإجابةِ.
قولُهُ: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ}، {ذَرُوا} اتْرُكُوا، {الَّذينَ} مفعولٌ بهِ، وجُمْلَةُ {يُلْحِدُونَ} صلةُ الموصولِ.
ثمَّ تَوَعَّدَهُم بقولِهِ: {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وهوَ الإلحادُ؛ أيْ: سيُجْزَوْنَ جَزَاءَهُ المُطابِقَ للعملِ تمامًا.
ولهذا يُعَبِّرُ اللهُ تعالى بالعملِ عن الجزاءِ إشارةً للعدلِ، وأنَّهُ لا يُجْزَى الإنسانُ إلاَّ بقَدْرِ عملِهِ.
والمعنى: ذَرُوهُمْ؛ أيْ: لا تَسْلُكوا مَسْلَكَهُم ولا طريقَهُم؛ فإنَّهُم على ضلالٍ وعُدْوانٍ. وليسَ المعنى عدمَ مُناصحتِهِم وبيانِ الحقِّ لهم؛ إذْ لا يُتْرَكُ الظَّالمُ على ظُلْمِهِ.
والإلحادُ: مأخوذٌ من اللَّحْدِ، وهوَ الميلُ، لَحَدَ وأَلْحَدَ بمعنى مَالَ، ومنهُ سُمِّيَ الحفْرُ بالقبرِ لَحْدًا؛ لأنَّهُ مائلٌ إلى جهةِ القِبلةِ.

قال ابن فارس: (في مادة اللام والحاء والدال: هي أصل يدل على ميل عن استقامة).

والإلحادُ في أسماءِ الله الميلُ بها عمَّا يَجِبُ فيها.

قال ابن القيم رحمه الله: (في الإلحاد في أسماء الله وصفاته، وحقيقة الإلحاد فيها الميلُ بالإشراك والتعطيل والكفران)

وهوَ أنواعٌ:
الأوَّلُ: أنْ يُنْكِرَ شيئًا من الأسماءِ أوْ مِمَّا دلَّتْ عليهِ من الصِّفاتِ أو الأحكام، ووجْهُ كونِهِ إلحادًا:أنَّهُ مالَ بها عمَّا يجبُ لها؛ إذ الواجبُ إثباتُهَا، وإثباتُ ما تَتَضَمَّنُهُ من الصفاتِ والأحكامِ.

الثَّاني: أنْ يُثْبِتَ أسماءَ اللهِ ويَزِيدَ أسماءً لمْ يُسَمِّ اللهُ بها نفسَهُ؛ كقولِ الفلاسفةِ في اللهِ: إنَّهُ عِلَّةٌ فاعلةٌ في هذا الكونِ تَفْعَلُ، وهذا الكونُ مَعْلُولٌ لها، وليسَ هناكَ إِلَهٌ، وبعضُهُم يُسَمِّيهِ العقلَ الفعَّالَ، فالَّذي يُديرُ هذا الكونَ هوَ العقلُ الفعَّالُ، وكذلكَ النَّصارى يُسَمُّونَ اللهَ أبًا، وهذا إلحادٌ.
الثَّالثُ: أنْ يجعلَهَا دالَّةً على التَّشبيهِ، فيقولُ: اللهُ سميعٌ بصيرٌ قديرٌ، والإنسانُ سميعٌ بصيرٌ قديرٌ، اتَّفَقَتْ هذهِ الأسماءُ فيَلزَمُ أنْ تَتَّفِقَ المُسَمَّياتُ، ويكونُ اللهُ سُبْحَانَهُ وتعالى مُمَاثِلاً للخلقِ، فيَتَدَرَّجُ بتَوافُقِ الأسماءِ إلى التَّوَافُقِ بالصِّفاتِ.
ووجهُ الإلحادِ:

أنَّ أسماءَهُ دالَّةٌ على مَعَانٍ لائقةٍ باللهِ لا يُمْكِنُ أنْ تكونَ مُشابِهةً لِمَا تَدُلُّ عليهِ من المعاني في المخلوقِ.

الرَّابعُ: أنْ يَشْتَقَّ منْ هذهِ الأسماءِ أسماءً للأصنامِ؛ كتسميَةِ اللاتِ من الإلهِ أوْ من اللهِ، والعُزَّى من العزيزِ، ومَنَاةَ مِن الْمَنَّانِ، حتَّى يُلْقُوا عليها شيئًا من الألوهيَّةِ؛ ليُبَرِّرُوا ما هُمْ عليهِ.

قولُهُ: {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}لمْ يقُلْ: سيُجْزَوْنَ العقابَ؛ إشارةً إلى أنَّ الجزاءَ منْ جِنْسِ العملِ، وهذا وعيدٌ، وهوَ كقولِهِ تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ}وليسَ المعنى أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ مشغولٌ الآنَ وسيَلْحَقُهُ الفراغُ فيما بعدُ.
قولُهُ: {يَعْمَلُونَ}العملُ يُطلَقُ على القولِ والفعلِ، قالَ تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}وهذا يكونُ في الأفعالِ والأقوالِ.
(10) قولُهُ: {يُشْرِكونَ} تفسيرٌ للإلحادِ يَتَضَمَّنُ الإشراكَ بها من جِهَتَيْنِ:
- بأنْ يَجْعَلُوهَا دالَّةً على المُمَاثَلَةِ.

- أوْ يَشْتَقُّوا منها أسماءً للأصنامِ.
فمَنْ جعَلَها دالَّةً على المماثلةِ فقدْ أشركَ؛ لأنَّهُ جعلَ للهِ مثيلاً، ومَنْ أخَذَ منها أسماءً لأصنامِهِ فقدْ أشْرَكَ؛ لأنَّهُ جعلَ مُسَمَّيَاتِ هذهِ الأسماءِ مُشارِكةً للهِ عزَّ وجلَّ.
وقولُهُ: (عنْهُ)؛ أي: ابنِ عبَّاسٍ.
قولُهُ: (سَمَّوا اللاتَ مِن الإِلهِ...) وهذا أَحَدُ نَوْعَي الإشراكِ بها، أن يُشْتَقَّ منها أسماءٌ للأصنامِ.
قولُهُ: (عَن الأَعْمَشِ: يُدْخِلُونَ فيها ما لَيْسَ مِنها) هذا أحدُ أنواعِ الإلحادِ، وهوَ أنْ يُسَمَّى اللهُ بما لمْ يُسَمِّ بهِ نفسَهُ، ومَنْ زادَ فيها فقدْ ألحَدَ؛ لأنَّ الواجبَ فيها الوقوفُ على ما جاءَ بهِ السَّمعُ.

تَتِمَّةٌ:

جاءت النصوصُ بالوعيدِ على الإلحادِ في آياتِ اللهِ، كما في قولِهِ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} فقولُهُ: {لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}فيها تهديدٌ؛ لأنَّ المعنى سنُعَاقِبُهُم. والجُمْلَةُ مُؤَكَّدةٌ بإنَّ.

وآياتُ اللهِ تَنْقَسِمُ إلى قسمَيْنِ:

الأول: آياتٌ كَوْنِيَّةٌ وهيَ: كلُّ المخلوقاتِ من السَّماواتِ والأرضِ والنُّجُومِ والجبالِ والشَّجرِ وسائرِ الدَّوابِّ وغيرِ ذلكَ.

قالَ الشَّاعرُ:

فوَاعَجْبًا كيفَ يُعْصَى الإلهُ أمْ كـيـفَ يــَجْحَدُهُ الجاحدُ

وفـــي كـــُلــِّ شــيءٍ لــــهُ آيَةٌ تـــَدلـــُّ عــلــــى أنَّهُ واحدُ


والإلحادُ في الآياتِ الكونيَّةِ ثلاثةُ أنواعٍ:
أحدها: اعتقادُ أنَّ أحدًا سِوَى اللهِ مُنْفَرِدٌ بها أوْ ببعضِهَا.

ثانيها: اعتقادُ أنَّ أحدًا مُشارِكٌ للهِ فيها.
ثالثها: اعتقادُ أنَّ للهِ فيها مُعِينًا في إيجادِهَا وخلقِهَا وتدبيرِهَا، والدَّليلُ قولُهُ تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} (ظَهِيرٌ)؛ أيْ: مُعِينٌ.
وكُلُّ ما يُخِلُّ بتوحيدِ الرُّبُوبيَّةِ فإنَّهُ داخلٌ في الإلحادِ في الآياتِ الكونيَّةِ.

والقسم الثاني: آياتٌ شرعيَّةٌ وهوَ: ما جاءَتْ بهِ الرُّسُلُ من الوحيِ كالقرآنِ، قالَ تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}.


والإلحادُ في الآياتِ الشَّرعيَّةِ ثلاثةُ أنواعٍ:

أحدها: تَكْذِيبُهَا فيما يتَعَلَّقُ بالأخبارِ.

ثانيها: مُخَالَفَتُهَا فيما يتعلَّقُ بالأحكامِ.
ثالثها: التَّحْرِيفُ في الأخبارِ والأحكامِ. والإلحادُ في الآياتِ الكونيَّةِ والشَّرعيَّةِ حرامٌ.

ومنهُ ما يكونُ كُفْرًا: كَتَكْذِيبِهَا، فَمَنْ كذَّبَ شيئًا معَ اعتقادِهِ أنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ أخْبَرَا بهِ فهوَ كَافِرٌ.
ومنهُ ما يكونُ معصيَةً من الكبائرِ:

كقَتْلِ النَّفسِ والزِّنَا.

ومنهُ ما يكونُ معصيَةً من الصَّغائرِ:

كالنَّظَرِ لأَجْنَبِيَّةٍ بِشَهْوَةٍ.

قالَ اللهُ تعالى في الْحَرَمِ: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}. فسمَّى اللهُ المعاصيَ والظُّلْمَ إلحادًا؛ لأنَّها مَيْلٌ عمَّا يجبُ أنْ يكونَ عليهِ الإنسانُ؛ إذ الواجبُ عليهِ السَّيْرُ على صِرَاطِ اللهِ تعالى، ومَنْ خالفَ فقدْ ألْحَدَ.


فيهِ مسائلُ:
(11) الأولى:(إثباتُ الأَسماءِ) وتُؤخَذُ منْ قولِهِ: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ}، وهذا خبرٌ مُتَضَمِّنٌ لمَدْلُولِهِ منْ ثبوتِ الأسماءِ للهِ، وفي الجملةِ حصْرٌ لتقديمِ الخبرِ، والحصرُ باعتبارِ كَوْنِهَا حُسْنَى، لا باعْتِبَارِ الأسماءِ. وأنْكَرَ الأسماءَ الجهميَّةُ وغُلاةُ المعتزِلَةِ.

(12) الثَّانيَةُ: (كونُهَا حُسْنَى) أيْ: بلَغَتْ في الحسنِ أكمَلَهُ؛ لأنَّ (حُسْنَى) مُؤَنَّثُ أحسنَ، وهيَ: اسمُ تفضيلٍ.
(13) الثَّالثةُ: (الأمرُ بِدُعائِهِ بها) والدُّعَاءُ نوعانِ: دعاءُ مسألةٍ، ودعاءُ عبادةٍ. وكِلاهُمَا مأمورٌ فيهِ أنْ يُدْعَى اللهُ بهذهِ الأسماءِ الحسنى. وسبقَ تفصيلُ ذلكَ.
(14) الرَّابعةُ: (تَرْكُ مَنْ عارَضَ مِن الجَاهِلينَ الْمُلحِدينَ) أيْ: تَرْكُ سبيلِهِم. وليسَ المعنى أنْ لا نَدْعُوَهُم ولا نُبَيِّنَ لهم. والآيَةُ تتضمَّنُ أيضًا التَّهديدَ.
(15) الخامسةُ:(تفسيرُ الإِلحادِ فيها) وقدْ سبقَ بيانُ أنواعِهِ.
(16) السَّادِسَةُ:(وَعِيدُ مَنْ أَلْحَدَ)
وتُؤْخَذُ منْ قولِهِ تعالى: {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

هيئة الإشراف

#6

2 Nov 2008

شرح الشيخ: صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ 

قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: ( باب قول الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يُلحدون في أسمائه، سيجزون ما كانوا يعملون} هذا الباب في وجوب تعظيم أسماء الله الحسنى؛ وأنّ من تعظيمها ألا يُلحد فيها، وأن يُدعى الله -جل وعلا- بها.

والأسماء الحسنى: هي الحسنة البالغة في الحُسن نهايته.
فالخلق يتسمَّونَ بأسماء لكن قد لا تكون حسنة؛ أو قد تكون حسنةً ولكن ليست بالغة في الحسن نهايته؛ لأن الحُسنَ في الأسماء يكون راجعاً إلى أنَّ الصفة التي اشتمل عليها ذلك الاسم، تكون حقّاً فيمن تسمَّى بها، ويكون قد بلغ نهاية ذلك الوصف.
والإنسان لو تسمَّى باسمٍ فيه معناه؛ فإنه لا يُنظر فيه إلى أن المعنى قد اشتملت عليه خصاله:

- فيُسمَّى صالحاً، وقد لا يكون صالحاً.

- ويسمّى خالداً، وقد لا يكون خالداً.
- ويُسمّى محمداً، وقد لا يكون كثير خصال الحمد.
- وهكذا.

فإن الإنسان قد يُسمى بأسماء، لكن لا تكون في حقه حُسنى؛ والله

- جل وعلا- له الأسماء الحسنى البالغة في الحسن نهايته؛ وهي الأسماء المشتملة على الصفات.
- صفات الكمال.
- والجلال.
- والجمال.
- والقدرة.

- والعزة.
- والجبروت.
- وغير ذلك.
وله من كل اسمٍ مشتملٍ على صفة: أعلى وأعظم الصفة والمعنى الذي اشتملت عليه الصفة.
والناس وأهل العلم إذا فسروا الأسماء الحسنى، فإنما هو تقريب ليدلوا الناس على أصل المعنى؛ أما المعنى بكماله؛ فإنه لا يعلمه أحد إلا الله جل جلاله.
ولهذا قال -عليه الصلاة والسلام- في دعائه:((لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)) فالناس حين يفسرون أسماء الله جل وعلا، فإنهم يفسرون ذلك بما يُقرِّب إلى الأفهام المعنى؛ أما حقيقة المعنى على كماله فإنهم لا يعونه لأنَّ ذلك من الغيب؛ وكذلك الكيفية فإنهم لا يَعونها لأن ذلك من الغيب؛ فالله -جل وعلا- له الأسماء الحسنى والصفات العُلى.
ومن الأسماء ما لا يكون حسناً إلا بقيد، مثل: الصانع، والمتكلم، والمُريد، والفعّال، أو الفاعل، ونحو ذلك؛ فهذه الأسماء لا تكون كمالاً إلا بقيد، في أن يكون متكلماً بما شاء إذا شاء بما تقتضيه الحكمة وتمام العدل.

فهذا يكون محموداً؛ ولهذا ليس من أسماء الله (المتكلِّم).
كذلك الصانع:
قد يصنع الخير وقد يصنع غير ذلك؛ والله -جل وعلا- ليس من أسمائه الحسنى (الصانع) لاشتماله على هذا وهذا؛ فإذا أطلق من جهة الخبر، فيُعنى به ما يُقيد بالمعنى الذي فيه كمال.
كذلك فاعل، أو فعّال: فإن الفعّال قد يفعل أشياء لا توافق الحكمة، وقد يفعل أشياء لا يريدها، بل هو مُجبر عليها؛ والكمال أنْ يفعل ما يريد، ولا يكون مجبراً؛ لكمال عزته وقهره؛ ولهذا قال الله -جل وعلا- عن نفسه: {فعّال لما يريد} لأن تقييد كونه فعالاً بما يريد: هذا هو الكمال؛ في أشياء كثيرة من ذلك معروفة في مباحث الأسماء والصفات.
وأسماء الله الحسنى تنقسم باعتبارات من جهة المعنى.
قال طائفة من أهل العلم: (إنَّ منها: أسماء الجمال؛ وأسماء الجمال لله - جل جلاله- هي الأسماء المشتملة على حُسنٍ في الذات، أو حسنٍ في المعنى؛ وبِرٍّ بالعباد والمخلوقين).
فيكون من أسماء الجمال:
- صفات الذات.
- واسم الله (الجميل).
- ويكون من أسماء الجمال: البَرّ.
- والرحيم.

- والودود.
- ونحو ذلك.
- والمُحسن.
- وما أشبه ذلك.
ومن أسماء الله ما هو من الجلال، يقال: هذه أسماء الجلال؛ وأسماء الجلال لله: هي التي فيها ما يدل العباد على جلال الله، وهو عظمته، وعزته جل وعلا، وجلاله حتى يُجَلّ؛ من مثل:
- القهّار.

- والجبار.
- والقدير.
- والعزيز.

- والمُقيت.

وأشباه هذه الأسماء؛ فهذه أسماء الجلال.
وهناك أسماء في تقسيماتٍ مختلفة، تُطلب من كلام ابن القيم رحمه الله، أو من كلام الشرّاح.
فإن المقصود إذاً: أنّ العبد المؤمن الموحِّد أن يتعرف إلى الله -جل وعلا- بأسمائه وصفاته؛ ولا تتم حقيقة التوحيد في قلب العبد حتى:

- يعلمَ أسماء الله جل وعلا.

- ويعلمَ صفات الله جل وعلا؛ فإن العلم بها تتم به حقيقة التوحيد.
والعلم بها على مراتب:
منها : أن يعلَمها إثباتاً، يعني: يُثبت ما أثبت الله لنفسه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فيؤمن أنَّ هذا الاسم من أسماء الله، وأنَّ هذه الصفة من صفات الله جل وعلا.
والثاني: أنْ يسأل الله -جل وعلا- بأسمائه وصفاته بما يوافق مطلوبه؛ لأن الأسماء والصفات نتعبَّد لله -جل وعلا- بها بأن ندعوه بها؛ كما جاء في هذه الآية؛ وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.
والثالث: من الإيمان بالأسماء والصفات أنْ ينظر إلى آثار أسماء الله وصفاته

في الملكوت؛ فإذا نظر إلى آثار الأسماء والصفات في الملكوت، وتأمّل ذلك، عَلم أنَّ كل شيء ما خلا اللهَ باطل، وأن الحقيقة: أن الحق الثابت اللازم هو الله جل وعلا، وأما ما سوى الله: فهو باطلٌ، وزائلٌ، وآيلٌ إلى الهلاك {كل شيء هالك إلا وجهه}.

قال: {ولله الأسماء الحسنى} (اللام) هنا في قوله {ولله} هي لام الاستحقاق، يعني: الأسماء الحسنى البالغة في الحسن نهايته، مستحَقَّة لله جل وعلا؛ والله مستحِقٌّ ذلك.
قال: {فادعوه بها} يعني: إذا علمتم أن الله هو المستحِق لذلك، وآمنتم بذلك، فادعوه بها، وهذا أمر.

وقوله: {ادعوه بها}الدعاء هنا: فُسِّر:

- بالثناء والعبادة.

- وفُسِّر بالسؤال والطلب؛ وكلاهما صحيح.
فإننا ندعو الله بها، يعني: نحمده ونثني عليه بها؛ فنعبده متوسلين إليه بهذه الأسماء والصفات، بالأسماء الحسنى وما اشتملت عليه من الصفات العُلى.

والثاني: أن نسأل بها، يعني: إذا كان لنا مطلوب نتوجَّه إلى الله؛ فنسأله بتلك الأسماء بما يوافق المطلوب.

- فإذا سألنا الله المغفرة، نأتي بصفات الجمال.
- إذا سألنا الله -جل وعلا- النُّصرة، نأتي بصفات الجلال؛ وهكذا فيما يناسب؛ وهناك تفصيلات أيضاً لهذا الأمر.
المقصود: أنَّ قوله جل وعلا: {فادعوه بها} يعني: اسألوه بها، أو اعبدوه وأثنوا عليه بها جل وعلا؛ فيشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة.

و(الباء) في قوله (بها) يعني متوسلين بها، هي (باء) الوسيلة.

{وذروا الذين يلحدون في أسمائه} وذروا: يعني: اتركوا؛ وهذا يعني: أنّ المسلم واجب عليه أنْ يبتعد عن حال الذين يلحدون في أسماء الله جل وعلا.
والإلحاد في أسماء الله: هو الميلُ والعدولُ بها عن حقائقها إلى ما لا يليق بالله جل وعلا .

وهذا الإلحاد مراتب؛ من مراتب الإلحاد في أسماء الله وصفاته: أن يُسمِّيَ البشر المعبودين، يُسميهم بأسماء الله؛ كما سمَّوا (اللات) من الإله، و(العزى) من العزيز، ونحو ذلك.
ومن الإلحاد في أسماء الله: أن يُجْعَل لله -جل وعلا- ولد؛ وأنْ يُضاف المخلوق إليه إضافة الولد إلى والده كحال النصارى، هذا نوع من الإلحاد في أسماء الله -جل وعلا- وفي صفاته.
ومن الإلحاد إنكار الأسماء والصفات، أو إنكار بعض ذلك؛ كما فعلت الجهمية الغلاة؛ فإنهم لا يؤمنون باسم من أسماء الله، ولا بصفة من صفات الله، إلا الوجود والموجود؛ لأن هذه الصفة هي التي يستقيم معها برهانهم بحلول الأعراض في الأجسام ودليل ذلك على الوحدانية كما هو معروف في موضعه.

ومن الإلحاد أيضاً والميل بها عن الحق الثابت الذي يجب لله -جل وعلا- فيها: أن تؤول وتُصرف عن ظاهرها إلى معاني لا يجوز أن تُصرف إليها؛ فيكون ذلك مِنَ التأويل. والواجب الإيمان بالأسماء والصفات، وإثبات الأسماء والصفات، واعتقاد ما دلّت عليه، وترك التعرض لها بتأويلٍ ونحوه؛ وهذا هو قاعدة السلف، فنؤمنُ بها ولا نصرفها عن حقائقها بتأويلٍ، أو بمجازٍ، أو نحو ذلك؛كما فعل المعتزلة، وفعلته الأشاعرة، والماتريدية، وطوائف؛ كل هذا نوع من أنواع الإلحاد.

وإذا تقرر ذلك، فيكون الإلحاد إذاً:
- منه ما هو كفر.

- ومنه ما هو بدعة، بحسب الحال الذي ذكرنا.
فالحال الأخيرة، وهي التأويل، وادعاء المجاز في الأسماء والصفات: هذه بدع وإلحاد لا يصل بأصحابه إلى الكفر؛ أما نفي وإنكار وجحد الأسماء والصفات كحال الجهمية: فهذا كفر؛ وهكذا فعل النصارى ومشركي العرب.

قال: ذكر ابن أبي حاتم، عن ابن عباس:{يلحدون في أسمائه}: يشركون، يعني: يجعلون اللات من الإله؛ فينادونَ اللات، وعندهم أنهم نادوا الإله، فصار شركاً.

قال: وعنه: سمُّوا اللات من الإله، والعُزّى من العزيز؛ وعن الأعمش: (يدخلون فيها ما ليس منها).
وهذه مرتبة من مراتب الإلحاد في الأسماء؛ لأن الله -جل وعلا- له الأسماء الحسنى؛ فمن أدخل اسماً لم يثبت في الكتاب والسنة أنه من أسماء الله، فقد ألحد؛ لأنه مال وعَدَلَ عن الحق الذي يجب في الأسماء والصفات إلى غيره؛ والحق هو أنْ تُثْبَتَ لله ما أثبته لنفسه، إذ لا أحد أعلم بالله من الله جل جلاله، وتعاظم شأنه.
وكذلك: لا أحد أعلم من الخلق بالله -جل وعلا- من رسوله الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم؛ فمن أدخل فيها ما ليس منها، فقد ألحد؛ كمن قال في أسماء الله:

- الماكر.
- والمستهزئ.
- والصانع، وجعل ذلك من الأسماء الحسنى، فإن هذا لا يجوز.

وإطلاق هذه الأسماء على الله -جل وعلا- لا يجوز، ومنها ما يجوز بتقييد في باب الإخبار؛ ومباحث هذا الباب طويلةٌ؛ لاتصالها بالأسماء والصفات؛ وهي معروفةٌ في مبحث توحيد الأسماء والصفات.

عبد العزيز بن داخل المطيري

#7

2 Nov 2008

العناصر

شرح ترجمة الباب (باب قول الله تعالى: (ولله الأسماءالحسنى ...))

تفسير قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) الآية

معنى قوله: (ولله الأسماء الحسنى)
- بيان أن بعض الأسماء لا تكون حسنى إلا بقيد
- بيان أقسام أسماء الله تعالى من جهة المعنى
- بيان أقسام أسماء الله من حيث الإفراد والاقتران
- أقسام أسماء الله من حيث علم العباد بها
- أسماء الله تعالى توقيفية
- بيان أن الأسماء الحسنى غير محصورة بعدد معين
- الكلام على الأحاديث التي ورد فيها عد أسماء الله، وبيان درجتها
- بيان مراتب العلم بأسماء الله تعالى
- بيان خطورة قول من يقول: إن البحث في الأسماء والصفات لا فائدة فيه
معنى قوله: (فادعوه بها)، وذكر أحاديث فيها الدعاء بها
- بيان أن الدعاء بأسماء الله أحد مراتب إحصائها
- بيان أنواع الدعاء بأسماء الله
معنى قوله: (وذروا الذين يلحدون في أسمائه)، وبيان معنى الإلحاد
- بيان أن الإلحاد يتضمن الإشراك
- أنواع الإلحاد في أسماء الله
- بيان معنى الإلحاد في أسماء الله تعالى ومراتبه
- بيان أقسام آيات الله، وأنواع الإلحاد فيها

معنى قوله: (سيجزون ما كانوا يعملون)
التعليق على أثر ابن عباس والأعمش
- ترجمة الأعمش
- معنى قول الأعمش: (يدخلون فيها ما ليس منها)
- بيان المقصود من قول العامة: (وعزالي)، وحكمه

شرح مسائل باب قول الله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها...)