26 Oct 2008
باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي (ت: 1206هـ): (بابُ مَنْ هزَلَ بِشَيْءٍ فيهِ ذِكْرُ اللهِ أَو القُرآنِ أو الرَّسولِ
وقَوْلُ اللهِ تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أبِاللهِ وآيَاتِهِ ورسُولِهِ كُنْتُم تَستَهْزِئونَ}[التوبة:65].
عن ابنِ عُمَرَ ومحمدِ بنِ كعبٍ، وزيدِ بنِ أسلمَ، وقَتادةَ -دخَلَ حديثُ بَعْضِهِم في بَعْضِ-:
أنَّهُ قالَ رجُلٌ في غَزْوَةِ تَبوك: مَا رَأَيْنا مِثْلَ قُرّائِنا
هَؤلاءِ أرغَبَ بُطوناً، ولا أَكْذَبَ ألَسُناً، ولا أجْبَنَ عندَ
اللِّقاءِ - يَعني الرسولَ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأَصْحَابَهُ
القُرَّاءَ فقالَ له عَوْفُ بنُ مالكٍ: كَذَبْتَ ولَكِنَّكَ مُنَافِقٌ، لأُخْبِرَنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
فَذَهبَ عوْفٌ إلى رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ فَوجَدَ القُرْآنَ قَدْ سَبَقَهُ.
فَجَاءَ ذَلَكَ الرَّجُلُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ارْتَحَلَ وَرَكِبَ ناقَتَهُ.
فقالَ:
يا رَسُولَ اللهِ إنَّما كُنَّا نَخُوضُ ونَتَحَدَّثُ حَدِيثَ الرَّكْبِ
نَقْطَعُ بِهِ عَناءَ الطَّرِيقِ، قالَ ابْنُ عُمَر: (كَأَنِّي أَنْظُرُ
إِلَيْهِ متعلِّقاً بِنِسْعَةِ ناقَةِ رَسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ
وسلَّمَ وإِنَّ الحِجَارةَ تَنْكُبُ رِجْلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّما
كُنّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ، فيقولُ لَهُ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ
وسلَّم: {أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرتُمْ بعْدَ إيمَانِكُم} ما يَلْتَفِتُ إِليْهِ وما يَزيدُهُ عَلَيْهِ).
فيه مسائل: الأُولى: -وهِيَ العَظِيمَةُ- أنَّ مَنْ هَزَلَ بِهَذا كافِرٌ. الخامِسَةُ: أنَّ مِنَ الاعتِذارِ ما لا يَنْبَغِي أنْ يُقْبَلَ.
الرَّابِعةُ: الفرقُ بينَ العفوِ الذي يُحِبُّهُ اللهُ وبينَ الغِلْظَةِ على أعداءِ اللهِ.
تيسير العزيز الحميد للشيخ: سليمان بن عبدالله آل الشيخ
قال الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ (ت: 1233هـ): ( (1) أيْ: أنَّهُ يَكْفُرُ بِذَلِكَ؛ لاسْتِخْفَافِهِ بجَنَابِ الرُّبُوبِيَّةِ والرِّسَالَةِ، وذَلِكَ مُنَافٍ للتَّوْحِيدِ، ولِهَذَا أَجْمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى كُفْرِ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
فَمَن
اسْتَهْزَأَ باللهِ أوْ بكِتَابِهِ أوْ بِرَسُولِهِ أوْ بِدِينِهِ كَفَرَ،
وَلَوْ هَازِلاً لَمْ يَقْصِدْ حَقِيقَةَ الاسْتِهْزَاءِ إِجْمَاعًا. بلْ ذلكَ عَيْنُ الكُفْرِ؛ فلذلكَ كانَ الجَوابُ مَعَ ما قَبْلَهُ {لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة: 67].
والأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ اللهَ عَفَا عنهما جَمِيعًا. (3) هَذَا الأَثَرُ ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ مَجْمُوعًا مِنْ رِوَايَةِ ابنِ عُمَرَ ومُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ وزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ وقَتَادَةَ، وَقَدْ ذَكَرَهُ قَبْلَهُ كذلكَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ.
قولُهُ:((أنَّهُ قَالَ رَجُلٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ))لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ القَائِلِ لذلكَ، أُبْهِمَ اسمُهُ في جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ التي وَقَفْتُ عَلَيْهَا.
فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِمْ مَا تَسْمَعُونَ) رَوَاهُ ابنُ المُنْذِرِ وابنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وفي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ ذِكْرُ أَسْمَاءِ القَائِلِينَ لبَعْضِهِم ذلكَ، منهم ودِيعَةُ بنُ ثابِتٍ. وفي هذا الحدِيثِ مِن الفوائِدِ:
(2) يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِبًا لرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} أيْ: سَأَلْتَ المُنَافِقِينَ الذِينَ تَكَلَّمُوا بكَلِمَةِ الكُفْرِ اسْتِهْزَاءً، {لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} أيْ: يَعْتَذِرُونَ بِأَنَّهُم لَمْ يَقْصِدُوا الاسْتِهْزَاءَ والتَّكْذِيبَ، إِنَّما قَصَدُوا الخَوْضَ في الحديثِ واللَّعِبَ، {قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}
لَمْ يَعْبَأْ باعْتِذَارِهِم؛ إِمَّا لأَِنَّهُم كَانُوا كَاذِبِينَ
فيهِ، وإِمَّا لأَِنَّ الاسْتِهْزَاءَ عَلَى وَجْهِ الخَوْضِ واللَّعِبِ
لاَ يَكُونُ صَاحِبُهُ مَعْذُورًا، وعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهَذَا عُذْرٌ
باطِلٌ؛ فإِنَّهُم أَخْطَأُوا مَوْقِعَ الاسْتِهْزَاءِ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ: (فَقَدْ
أَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ: كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمانِكُم، وقَوْلُ مَنْ
يَقُولُ: إِنَّهُم قَدْ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِم بلِسَانِهِم مَعَ
كُفْرِهِم أَوَّلاً بقُلُوبِهِم لاَ يَصِحُّ؛ لأَِنَّ الإِيمَانَ
باللِّسَانِ مَعَ كُفْرِ القَلْبِ قدْ قَارَنَهُ الكُفْرُ، فَلاَ يُقَالُ:
قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُم؛ فإِنَّهُم لَمْ يَزَالُوا كَافِرِينَ
في نَفْسِ الأَمْرِ.
وإنْ
أُرِيدَ: إِنَّكُم أَظْهَرْتُم الكُفْرَ بَعْدَ إِظْهَارِكُم الإِيمَانَ،
فَهُم لَمْ يُظْهِرُوا ذلكَ إِلاَّ لِخَوْضِهِم، وهُمْ مَعَ خَوْضِهِم مَا
زَالُوا هَكَذَا، بلْ لَمَّا نَافَقُوا وحُذِّرُوا أَنْ تَنْزِلَ عليهم
سُورَةٌ تُبَيِّنُ ما في قُلُوبِهِم مِن النِّفَاقِ وتَكَلَّمُوا
بالاسْتِهْزَاءِ؛ أيْ: صَارُوا كَافِرِينَ بَعْدَ إِيمَانِهِم.
ولاَ يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَى أَنَّهُم مَا زَالُوا مُنَافِقِينَ إلى أَنْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} فاعْتَرَفُوا.
ولِهَذَا قِيلَ: {لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً}فَدَلَّ
عَلَى أَنَّهُم لَمْ يَكُونُوا عندَ أَنْفُسِهِم قَدْ أَتَوْا كُفْرًا،
بلْ ظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِكُفْر، فَتَبَيَّنَ أَنَّ
الاسْتِهْزَاءَ بآياتِ اللهِ وَرَسُولِهِ كُفْرٌ يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ
بَعْدَ إِيمَانِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عندَهُم إِيمَانٌ ضَعِيفٌ،
فَفَعَلُوا هذا المُحَرَّمَ الذي عَرَفُوا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، ولَكِنْ
لَمْ يَظُنُّوهُ كُفْرًا، وَكَانَ كُفْرًا كَفَرُوا بِهِ، فَإِنَّهُم لم
يَعْتَقِدُوا جَوَازَهُ).
وقَوْلُهُ: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً} قَالَ ابنُ كَثِيرٍ: (أيْ: لاَ يُعْفَى عنْ جِميعِكُم، ولاَ بُدَّ مِنْ عَذَابِ بَعْضِكُم بِأَنَّهُم كَانُوا مُجْرِمِينَ بهذه المَقَالَةِ الفَاجِرَةِ.
وفي
الآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا فَعَلَ الكُفْرَ وَلَمْ
يَعْلَمْ أَنَّهُ كُفْرٌ لاَ يُعْذَرُ بِذَلِكَ، بلْ يَكْفُرُ.
فأَمَّا أَثَرُ ابنِ عُمَرَ؛ فَرَواهُ ابنُ جَرِيرٍ، وابنُ أَبِي حَاتِمٍ وغيرُهما بنَحْوٍ مِمَّا ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ.
وَأَمَّا أَثَرُ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ وزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ وقَتَادَةَ؛ فهيَ مَعْرُوفَةٌ، لكنْ بغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ.
قولُهُ: ((عن ابنِ عُمَرَ)) هوَ: عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما.
((ومُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ)) هوَ مُحَمَّدُ بنُ كَعْبِ بنِ سَلِيمٍ أَبُو حَمْزَةَ القُرَظِيُّ المَدَنِيُّ.
قَالَ البُخَارِيُّ: (إِنَّ أَبَاهُ كَانَ مِمَّنْ لَمْ يُنْبِتْ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، وهوَ ثِقَةٌ عَالِمٌ مَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ ومِائَةٍ).
((وزَيْدِ بنِ أَسْلَمَ)) هوَ مَوْلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وإِخْوَتِهِ، يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللهِ، ثِقَةٌ مَشْهُورٌ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وثَلاَثِينَ ومِائَةٍ.
(وقَتَادَةَ) هوَ ابنُ دُعَامَةَ، وتَقَدَّمَ.
قولُهُ: ((دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِم فِي بَعْضٍ)) أيْ: أَنَّ الحَدِيثَ مَجْمُوعٌ مِنْ رِوَايَاتِهِم؛ فلِذَلِكَ دَخَلَ بَعْضُهُ في بَعْضٍ.
ولَكِنْ قَدْ وَرَدَ
تَسْمِيَةُ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ نَزَلَتْ فيهم الآيَةُ مَعَ اخْتِلاَفِ
الرِّوَايَةِ فِيمَا قَالُوهُ مِن الكَلاَمِ.
ففي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُم قَالُوا مَا ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ.
وعنْ مُجَاهِدٍ في الآيَةِ: (قَالَ رَجُلٌ مِن المُنَافِقِينَ: يُحَدِّثُنا مُحَمَّدٌ أَنَّ نَاقَةَ فُلاَنٍ بِوَادِ كَذَا وكَذَا في يَوْمِ كَذَا وكَذَا، ومَا يُدْرِيهِ بالْغَيْبِ؟!) رَوَاهُ ابنُ أَبِي شَيْبَةَ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: (بَيْنَمَا
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَتِهِ إِلى
تَبُوكٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ أُنَاسٌ مِن المُنَافِقِينَ.
فَقَالُوا: (يَرْجُو هَذَا الرَّجُلُ أَنْ تُفْتَحَ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ وَحُصُونُها؟! هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ)
فَأَطْلَعَ اللهُ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ.
فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((احْبِسُوا عَلَيَّ الرَّكْبَ))
فَأَتَاهُمْ فَقَالَ: ((قُلْتُمْ كَذَا، وَقُلْتُمْ كَذَا))
وفي رِوَايَةِ جَابِرِ بنِ عبدِ اللهِ عندَ ابنِ مَرْدَوَيْهِ: (كَانَ فِيمَنْ تَخَلَّفَ مِن المُنَافِقِينَ بالمَدِينَةِ ودَاعَةُ بنُ ثَابِتٍ أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بنِ عَوْفٍ، فقِيلَ لهُ: مَا خَلَّفَكَ عنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فَقَالَ: الخَوْضُ واللَّعِبُ.
فأَنْزَلَ اللهُ فيهِ وفي أَصْحَابِهِ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} إلى {مُجْرِمِينَ}[التوبة: 66])
وسَمَّى ابنُ عَبَّاسٍ في رِوَايَةٍ عندَ ابنِ مَرْدَوَيْهِ منهم ودِيعَةَ بنَ ثابتٍ ومَخْشِيَّ بنَ حِمْيَرَ، وأَنَّهُم قَالُوا: (أَتَحْسَبُونَ أَنَّ قِتَالَ بَنِي الأَصْفَرِ كقِتَالِ غَيْرِهِم، واللهِ لَكَأَنَّكُم غَدًا تَفِرُّونَ في الجِبَالِ …) القِصَّةَ بِكَمَالِهَا.
وقيلَ: ودَاعَةُ، وزَيدُ بنُ ودِيعَةَ، ومَخْشِيُّ بنُ حِمْيَرَ الذي تَابَ اللهُ عليهِ، لَكِنَّهُ لَم يَقُلْ ذَلِكَ إِنَّمَا حَضَرَهُ.
وفي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ أُبَيٍّ هوَ الذي قَالَ ذَلِكَ، لَكِنْ رَدَّهُ ابنُ القَيِّمِ بأَنَّ ابنَ أُبَيٍّ تَخَلَّفَ عنْ غَزْوَةِ تَبُوكٍ.
وذَكَرَ ابنُ إِسْحَاقَ أَسْمَاءَ
الذينَ هَمُّوا بالْفَتْكِ برَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَعَدَّ جَمَاعَةً، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُم مِن
المُسْتَهْزِئِينَ، ويُحْتَمَلُ أَنَّهُم غيْرُهم، ولهَذَا قَالَ تعالى في
المُسْتَهْزِئِينَ: {قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} وفي الآخَرِينَ: {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ}.
قولُهُ: ((مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنَا هَؤُلاَءِ))القُرَّاءُ جَمْعُ قَارِئٍ، وَهُم عندَ السَّلَفِ الذِينَ يَقْرَءُونَ القُرْآنَ وَيَعْرِفُونَ مَعَانِيَهُ، أَمَّا
قِرَاءَتُهُ مِنْ غَيْرِ فَهْمٍ لِمَعْنَاهُ فَلاَ تُوجَدُ في ذَلِكَ
العَصْرِ، وإِنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ البِدَعِ.
قولُهُ: ((أَرْغَبَ بُطُونًا)) أيْ: أَوْسَعَ بُطُونًا، الرُّغْبُ والرَّغِيبُ: الوَاسِعُ، يُقَالُ: جَوْفٌ رَغِيبٌ، ووَادٍ رَغِيبٌ، يَصِفُونَهُم بِسَعَةِ البُطُونِ، وكَثْرَةِ الأَكْلِ.
كَمَا رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ عنْ شُرَيْحِ بنِ عُبَيْدٍ (أنَّ رَجُلاً قَالَ لأَِبِي الدَّرْدَاءِ: (مَا بَالُكُمْ أَجْبَنَ مِنَّا وأَبْخَلَ إِذَا سُئِلْتُمْ، وَأَعْظَمَ لَقْمًا إِذَا أَكَلْتُمْ؟!)
فَأَعْرَضَ عنه أَبُو الدَّرْدَاءِ ولَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، وأَخْبَرَ بذَلِكَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ؛ فانْطَلَقَ عُمَرُ
إِلَى الرَّجُلِ الذي قَالَ ذَلِكَ، فَأَخَذَهُ بثَوْبِهِ وخَنَقَهُ،
وقَادَهُ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ
الرَّجُلُ: (إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ).
قولُهُ: ((فَقَالَ لهُ عَوْفُ بنُ مَالِكٍ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ مُنَافِقٌ))
فيهِ المُبَادَرَةُ في الإِنْكَارِ والشِّدَّةُ عَلَى المُنَافِقِينَ،
وجَوَازُ وصْفِ الرَّجُلِ بالنِّفَاقِ إِذَا قَالَ أوْ فَعَلَ مَا يَدُلُّ
عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: ((لأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) فيهِ أَنَّ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ لاَ يَكُونُ غِيبَةً وَلاَ نَمِيمَةً، بلْ هوَ مِن النُّصْحِ للهِ ورَسُولِهِ.
فيَنْبَغِي الفَرْقُ
بَيْنَ الغِيبَةِ والنَّمِيمَةِ، وبَيْنَ النَّصِيحَةِ للهِ ورَسُولِهِ،
فَذِكْرُ أَفْعَالِ المُنَافِقِينَ والفُسَّاقِ لِوُلاَةِ الأُمُورِ؛
ليَزْجُرُوهُم، ويُقِيمُوا عَلَيْهِم أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ ليسَ مِن
الغِيبَةِ والنَّمِيمَةِ.
قَوْلُهُ: ((فَوَجَدَ القُرْآنَ قَدْ سَبَقَهُ)) أيْ: جَاءَهُ الوَحْيُ مِن اللهِ بِمَا قَالُوهُ في هَذِهِ الآيَةِ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ}[التوبة:66].
وفيهِ دَلاَلَةٌ عَلَى عِلْمِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وعلى قُدْرَتِهِ وإِلَهِيَّتِهِ، وعَلَى أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.
قولُهُ: ((فجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ)) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ ابنُ أُبَيٍّ كَمَا رواهُ ابنُ المُنْذِرِ وابنُ أَبِي حَاتِمٍ عن ابنِ عُمَرَ، لكنْ رَدَّهُ ابنُ القَيِّمِ بأَنَّ ابنَ أُبَيٍّ تَخَلَّفَ عنْ غَزْوَةِ تَبُوكٍ.
ويُفِيدُ الخَوْفَ مِن
النِّفَاقِ الأَكْبَرِ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى أَثْبَتَ لِهَؤُلاَءِ
إِيمَانًا قَبْلَ أَنْ يَقُولُوا مَا قَالُوهُ، كَمَا قَالَ ابنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: (أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهم يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِه) نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ والعَفْوَ والعَافِيَةَ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ.
فتح المجيد للشيخ: عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ
قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ (ت: 1285هـ): ((1) قالَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (بابُ مَنْ هَزَلَ بِشَيْءٍ فيهِ ذِكْرُ اللهِ أَو القُرآنِ أو الرَّسولِ) أيْ: فَقَدْ كَفَرَ.
(2) قالَ المُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: (وَقَوْلِ اللهِ تعالى: {وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ
أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ}[التوبة: 65])). فقالَ لهُ عَوْفُ بنُ مالكٍ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ مُنَافِقٌ، لأُخْبِرَنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
فقالَ وَدِيعَةُ بنُ ثابتٍ،
ورسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ على راحلتِهِ،
فَجَعَلَ يقولُ وهوَ آخِذٌ بِحَقَبِهَا: يا رسولَ اللهِ، إِنَّمَا كُنَّا
نَخُوضُ وَنَلْعَبُ. كما قالَ ابنُ أَبِي مُلَيْكَةَ:
(أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ).
عن ابنِ عُمَرَ، ومُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ، وزَيْدِ بنِ أسلمَ، وقَتادةَ: (دخَلَ
حديثُ بَعْضِهِم في بَعْضٍ، أنَّهُ قالَ رجُلٌ في غَزْوَةِ تَبُوكَ: مَا
رَأَيْنا مِثْلَ قُرَّائِنا هَؤلاءِ أَرْغَبَ بُطُونًا، ولا أَكْذَبَ
أَلْسُنًا، ولا أَجْبَنَ عندَ اللِّقاءِ، يَعْنِي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأَصْحَابَهُ القُرَّاءَ.
فَذَهبَ عوْفٌ إلى رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ، فَوجَدَ القُرْآنَ قَدْ سَبَقَهُ.
فَجَاءَ
ذَلَكَ الرَّجُلُ إِلى رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَد ارْتَحَلَ وَرَكِبَ ناقَتَهُ فقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، إِنَّما
كُنَّا نَخُوضُ ونَتَحَدَّثُ حَدِيثَ الرَّكْبِ نَقْطَعُ بِهِ (عَنَاءَ)
الطَّرِيقِ.
قالَ ابْنُ عُمَرَ:
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَعَلِّقًا بِنِسْعَةِ ناقَةِ رَسولِ اللهِ
صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وإِنَّ الحِجَارةَ تَنْكُبُ رِجْلَيْهِ وَهُوَ
يَقُولُ: إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ ونَلْعَبُ، فيقولُ لَهُ رسولُ اللهِ صلَّى
اللهُ عليهِ وسلَّم: {أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ما يَلْتَفِتُ إِليْهِ، وما يَزيدُهُ عَلَيْهِ).
قالَ العِمادُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ في تَفْسِيرِهِ: (قالَ أبو مَعْشَرٍ المَدَنِيُّ: عنْ مُحَمَّدِ بنِ كعبٍ القُرَظِيِّ
وغيرِهِ قالُوا: قَالَ رَجُلٌ مِن المُنَافِقِينَ: (مَا أَرَى قُرَّاءَنَا
هَؤُلاءِ إلاَّ أَرْغَبَنَا بُطُونًا، وَأَكْذَبَنَا أَلْسِنَةً،
وأَجْبَنَنَا عِنْدَ اللِّقاءِ)
فَرُفِعَ
ذَلِكَ إِلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَد
ارْتَحَلَ وَرَكِبَ نَاقَتَهُ؛ فَقَالَ: (يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا
كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ)، فَقَالَ: {أَبِاللهِ
وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُوا
قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ
نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}[التوبة:65،66]
وَإِنَّ رِجْلَيْهِ لَيَسْفَعَانِ الْحِجَارَةَ، وَمَا يَلْتَفِتُ
إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَعلِّقٌ
بِنِسْعَةِ ناقةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
وقالَ عبدُ اللهِ بنُ وهبٍ: (أَخْبَرَنِي هشامُ بنُ سعدٍ، عنْ زيدِ بنِ أسلمَ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قالَ:
قالَ رَجُلٌ في غَزْوةِ تَبُوكَ فِي مَجْلِسٍ يَوْمًا: ما رَأَيْنا مِثلَ
قُرَّائِنَا هَؤُلاءِ أَرْغَبَ بُطُونًا، وَلا أَكْذَبَ أَلسُنًا، وَلاَ
أَجْبنَ عِندَ اللِّقاءِ.
فَقَالَ
رَجُلٌ فِي المَجْلِسِ: كَذَبْتَ، ولِكنَّكَ مُنَافِقٌ، لأُخْبِرَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فبَلَغَ ذَلِكَ رَسولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ القُرْآنُ).
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ:
(وَأَنَا رَأَيْتُهُ مُتَعَلِّقًا بِحَقَبِ ناقةِ رسولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْكُبُهُ الحِجَارَةُ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا
رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، وَرَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} وقدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ عنْ هشامِ بنِ سعدٍ بِنَحْوٍ منْ هذا).
وقالَ ابنُ إِسْحَاقَ: (وَقَدْ كانَ جماعةٌ من المنافقينَ؛ منهم وَدِيعَةُ بنُ ثابتٍ أخو بَنِي أُمَيَّةَ بنِ زيدِ بنِ عمرِو بنِ عَوْفٍ، وَرَجُلٌ منْ أَشْجَعَ حَلِيفٌ لِبَنِي سَلِمَةَ يُقَالُ لهُ: مَخْشِيُّ بنُ حُمَيِّرٍ، يُشِيرُونَ إلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهوَ مُنْطَلِقٌ إلى تَبُوكَ.
فَقَالَ بَعْضُهُم لبعضٍ: أَتَحْسَبُونَ جِلادَ بني الأصفرِ كقتالِ العربِ بعضِهِم بَعْضًا؟
واللهِ لَكَأَنَّا بِكُمْ غَدًا مُقَرَّنِينَ في الحبالِ؛ إِرْجَافًا وَتَرْهِيبًا للمؤمنينَ).
فقالَ مَخْشِيُّ بنُ حُمَيِّرٍ:
(وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاضَى على أنْ يُضْرَبَ كلُّ رجلٍ مِنَّا
مِائَةَ جَلْدَةٍ، وأنَّا نَتَفَلَّتُ أنْ يَنْزِلَ فينَا قُرْآنٌ
لِمَقَالَتِكُم هذهِ، وقالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فيما بَلَغَنِي لِعَمَّارِ بنِ ياسرٍ: ((أَدْرِكِ الْقَوْمَ؛ فَإِنَّهُمْ قَدِ احْتَرَقُوا، فَسَلْهُمْ.
فَإِنْ أنْكَرُوا فَقُلْ: بَلْ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا))
فَانْطَلَقَ إليهمْ عَمَّارٌ فقالَ لَهُم ذلكَ.
فقالَ مَخْشِيُّ بنُ حُمَيِّرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَعَدَ بِي اسْمِي وَاسْمُ أَبِي.
فكانَ الذي عَنَاهُ؛ أيْ بقولِهِ تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً} في هذهِ الآيَةِ، مَخْشِيَّ بنَ حُمَيِّرٍ، فَسُمِّيَ عبدَ الرحمنِ).
وَسَأَلَ اللهَ أنْ يُقْتَلَ شَهِيدًا لا يُعْلَمُ بِمَكَانِهِ، فَقُتِلَ يومَ اليمامةِ، فلمْ يُوجَدْ لهُ أَثَرٌ.
وقالَ عِكْرِمَةُ
في تفسيرِ هذهِ الآيَةِ: (كانَ رجلٌ مِمَّنْ إِنْ شاءَ اللهُ عَفَا عنهُ
يقولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْمَعُ آيَةً أَنَا أُعْنَى بها، تَقْشَعِرُّ
منها الجلودُ، وَتَجِلُّ منها القلوبُ، اللهُمَّ فَاجْعَلْ وَفَاتِي
قَتْلاً في سَبِيلِكَ، لا يَقُولُ أَحَدٌ: أَنَا غَسَّلْتُ، أَنَا
كَفَّنْتُ، أَنَا دَفَنْتُ.
قالَ: فَأُصِيبَ يومَ الْيَمَامَةِ، فمَا أَحَدٌ مِن المسلمينَ إِلاَّ وَقَدْ وُجِدَ غَيرَهُ.
وقولُهُ: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً} أيْ: بهذا المقالِ الذي اسْتَهْزَأْتُمْ بهِ. {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً} أيْ: لا يُعْفَى عنْ جَمِيعِكُمْ، وَلاَ بُدَّ منْ عذابِ بَعْضِكُم.
{بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} أيْ: مُجْرِمِينَ بهذهِ المقالةِ الفاجرةِ الخاطئةِ).انْتَهَى.
وقولُ
مَنْ يقولُ: إنَّهُم كَفَرُوا بعدَ إيمانِهِم بلِسَانِهِم معَ كُفْرِهِم
أَوَّلاً بقُلُوبِهِم، لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الإِيمانَ باللسانِ معَ كُفْرِ
القلبِ قدْ قَارَنَهُ الكفرُ.
فَلاَ يُقَالُ: قدْ كَفَرْتُم بعدَ إيمانِكُم؛ فإنَّهُم لمْ يَزَالُوا كافرينَ في نفسِ الأمرِ.
وإنْ
أُرِيدَ أنَّكُم أَظْهَرْتُم الكفرَ بعدَ إظهارِكُم الإِيمانَ، فَهُمْ لمْ
يُظْهِرُوا للناسِ إلاَّ لِخَوَاصِّهِم؛ وهمْ معَ خَوَاصِّهِم ما زَالُوا
كذلكَ، ولا يَدُلُّ اللفظُ على أنَّهُم ما زَالُوا مُنَافِقِينَ.
وقالَ
رَحِمَهُ اللهُ في مَوْضِعٍ آخَرَ: فقَدْ أَخْبَرَ أنَّهُم كَفَرُوا بعدَ
إِيمَانِهِم معَ قولِهِم: إِنَّا تَكَلَّمْنَا بالْكُفْرِ منْ غيرِ اعتقادٍ
لهُ، بلْ إنَّمَا كُنَّا نخوضُ ونَلْعَبُ.
وَبَيَّنَ
أنَّ الاستهزاءَ بآياتِ اللهِ كُفْر، ولا يكونُ هذا إلاَّ مِمَّنْ شَرَحَ
صَدْرًا بهذا الكلامِ؛ ولوْ كانَ الإِيمانُ في قلبِهِ لَمَنَعَهُ أنْ
يَتَكَلَّمَ بهذا الكلامِ، والقرآنُ يُبَيِّنُ أنَّ إيمانَ القلبِ
يَسْتَلْزِمُ العملَ الظاهرَ بِحَسَبِهِ.
كقولِهِ: {وَيَقُولُونَ
آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ
مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَـئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47)
وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا
فَرِيقٌ مِنْهُم مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا
إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ
يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَـئِكَ
هُمُ الظَّالِمُونَ (.5) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا
دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا
سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[النور: 47 - 51].
فَنَفَى
الإِيمانَ عَمَّنْ تَوَلَّى عنْ طاعةِ الرسولِ، وأَخْبَرَ أنَّ المؤمنينَ
إذا دُعُوا إلى اللهِ ورسولِهِ لِيَحْكُمَ بينَهُم سَمِعُوا وَأَطَاعُوا،
فَبَيَّنَ أنَّ هذا منْ لَوَازِمِ الإِيمانِ) انْتَهَى.
وفيهِ: بيانُ أنَّ الإِنسانَ قدْ يَكْفُرُ بكلمةٍ يَتَكَلَّمُ بها أوْ عَمَلٍ يَعْمَلُ بهِ، وَأَشَدُّهَا خَطَرًا إِرَادَاتُ القلوبِ، فهيَ
كَالْبَحْرِ الذي لا سَاحِلَ لهُ. ويُفِيدُ الخوفَ من النفاقِ الأكبرِ؛
فإنَّ اللهَ تعالى أَثْبَتَ لهؤلاءِ إيمانًا قبلَ أنْ يَقُولُوا ما
قَالُوهُ.
القول السديد للشيخ: عبدالرحمن بن ناصر السعدي
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): ((1) أيْ: فإنَّ هذا منافٍ للإِيمانِ بالكليَّةِ، ومُخْرِجٌ مِن الدينِ؛ لأنَّ أصلَ الدينِ الإِيمانُ باللهِ وكتبِه ورُسُلِه.ومِن الإِيمانِ تعظيمُ ذلك.
ومِن
المعلومِ أنَّ الاستهزاءَ والهَزْلَ بشيءٍ مِن هذه أَشَدُّ مِن الكفرِ
المجرَّدِ؛ لأنَّ هذا كُفْرٌ وزِيَادَةُ احْتِقَارٍ وازْدِرَاءٍ. فإنَّ الكفارَ نوعان:
مُعْرِضون ومُعَارِضون.
فالمُعارِضُ المحُارِبُ للهِ ورسولِه، القادِحُ باللهِ وبدينِه ورسولِه، أغلظُ كفرًا وأعظَمُ فسادًا.
شرح الشيخ: صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن
محمد آل الشيخ: ( هذا باب من هزل بشيء فيه ذكر الله، أو القرآن، أو الرسول
التوحيد الخالص في القلب،
بل أصل التوحيد، لا يُجامع الاستهزاء بالله جل وعلا، وبرسوله، وبالقرآن؛
لأن الاستهزاء معارضة، والتوحيد موافقة.
ولهذا قال بعض أهل العلم:
الكفار نوعان:
- معرضون؛ كمن قال الله فيهم:{بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون}.
- ومعارضون: وهم المجادلون، أو الذين يعارضون بأنواع المعارضات؛ لأجل إطفاء نور الله، ومن ذلك الاستهزاء ونحوه.
فالتوحيد: استسلام،
وانقياد، وقبول، وتعظيم؛ والهُزْءُ والاستهزاء بشيء فيه ذكر الله، أو
القرآن، أو الرسول: هذا معارضة؛ لأنه منافٍ للتعظيم؛ ولهذا صار كفراً أكبر
بالله جل وعلا.
لا يصدر الاستهزاء بالله، أو برسوله صلى الله عليه وسلم، أو بالقرآن: من قلب موحدٍ أصلاً؛ بل لابد أن يكون:
- إما منافقاً.
- أو كافراً مشركاً.
قال: (باب من هزل) الهزل:
خلاف الجد، وصفته: أنْ يتكلم بكلامٍ فيه الهَزَل، والاستهزاء، والعيب: إما
بالله، أو بالقرآن، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم.
وقول الشيخ -رحمه الله- هنا (باب من هزل بشيءٍ) (الباء) هذه: هل هي التي يُذكر بعدها وسيلة الهزل، أو (الباء) التي يذكر بعدها ما هزل فيه؟
الظاهر هو الثاني.
الأول: (باب من هزل بشيء فيه ذكر الله، أو القرآن، أو الرسول)
يعني: ذَكَرَ الله هازلاً، ذكر القرآن بشيء فيه هزل، ذكر الرسول بشيء فيه هزل، يعني: هَزَلَ وهو يذكر هذه الأشياء.
والثاني: (من هزل بشيء فيه ذكر الله)
يعني: كان المستهزأ به، أو المهزول به هو: ذكر الله، أو القرآن، أو الرسول.
ومعلومٌ أن المعنى هو الثاني؛ لأن الشيخ يريد أنّ المستهزأ به هو الله، أو الرسول، أو القرآن؛ تباعاً لنص الآية.
فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة:
وهو أن الهزل والاستهزاء بالله، أو بالرسول، أو بالقرآن: منافٍ لأصل التوحيد، وكفر مخرج من الملة، لكن بضابطه، وهو ما ذكرناه: من أنَّ الاستهزاء وهو الاستنقاص، واللعب، والسخرية يكون
- بالله جل جلاله.
- أو يكون بالرسول عليه الصلاة والسلام.
- أو يكونُ بالقرآن.
وهذا هو الذي جاء فيه النص، قال جل وعلا: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}. فمن استنقص الله جل وعلا، أو هزل بذكره لله جل وعلا، يعني: حينما ذكر الله -جل وعلا- استهزأ، وهزل، ولم يُظهر التعظيم في ذلك؛ فتنقص الله -جل وعلا- كما يفعله بعض الفسقة، والذين يقولون الكلمة لا يُلقون لها بالاً، تهوي ببعضهم في النار سبعين خريفاً أو هزل بالقرآن، أو استهزأ بالقرآن، أو بالسنة، يعني: بالنبي عليه الصلاة والسلام، فإنه كافرٌ الكفر الأكبر المخرج من الملة؛ هذا ضابط هذا الباب.
ويخرج عن ذلك ما لو استهزأ بالدِّين، فإن الاستهزاء بالدين فيه تفصيل؛ فإن المُستهزئ، أو السابّ للدين، أو اللاعن للدين، أو المستهزئ بالدين: قد يريد دين المستهزأ به، ولا يريد دين الإسلام أصلاً؛ فلا يَرجع استهزاؤه إلى واحدٍ من الثلاثة.
فلهذا نقول: الكفر يكون أكبر فيمن استهزأ: إذا كان بأحد الثلاثة التي ذكرنا ونصّت عليها الآية، أو كان راجعاً إلى أحد الثلاثة.
أما إذا كان استهزاء بشيءٍ خارجٍ عن ذلك؛ فإنه يكون فيه تفصيل:
فإن هزل بالدين، فينظر: هل يريد دين الإسلام، أو يريد تديُّن فلان.
مثلاً يأتي واحد من المسلمين، ويقول: (يستهزئ مثلاً بهيئة أحد الناس -وهيئته يكون فيها التزام بالسنة- فهل هذا يكون مستهزئاً الاستهزاء الذي يخرجه من الملة؟
الجواب: لا.
لأن
هذا الاستهزاء راجعٌ إلى تَدَيُّن هذا المرء، وليس راجعاً إلى الدين أصلاً؛
فيُعرَّف بأن هذا سنَّةٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا عَلِم أنه سنة،
وأقرَّ بذلك، وأنَّ النبي فعله؛ ثم استهزأ بمعنى: استنقص، أو هزأ بالذي
اتَّبع السنة مع علمه بأنها سنة، وإقراره بصحة كونها سنة، فهذا رَجَعَ إلى
الاستهزاء بالرسول.
كذلك: الاستهزاء بكلماتٍ قد يكون مرجعها إلى القرآن؛ وقد لا يكون مرجعها إلى القرآن، فيكون فيه تفصيل.
فإذاً: إذا سمعت الاستهزاء، أو قرأته فإذا كان راجعاً إلى الاستهزاء:
- بالله، أو بصفاته، أو بأسمائه.
- أو بالرسول عليه الصلاة والسلام.
- أو بالقرآن.
فإن هذا كفر.
فإن كان الاستهزاء غير ذلك، فتنظر في التفصيل:
- إن كان راجعاً إلى أحد الثلاثة، فهو كفر أكبر
- وإن كان غير ذلك، فإنه يكون محرماً، ولا يكون كفراً أكبر.
قال: (وقول الله تعالى: {ولئن سألتهم ليقولنَّ إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذورا قد كفرتم بعد إيمانكم})
هذه الآية: نصٌّ في أنَّ المستهزئ بالله، وبالرسول، وبآيات الله جل وعلا- والمقصود بها آيات الله جل وعلا الشرعية، يعني: القرآن - أنَّ هذا المستهزئ كافر؛ وأنه لا ينفعه اعتذاره؛ لأنه كان في هزل ولَعِب؛ بل هو كافر؛ لأن تعظيم الله -جل وعلا- وتوحيده يوجب عليه ألاَّ يستهزئ.
إذاً قوله: {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} هو دليل كفر المستهزئ.
وهذه الآية نزلت في المنافقين.
وبعض أهل العلم قال: (ليست في المنافقين) وهذا غلط، وليس بصواب؛ ذلك لأسباب ومنها:
- أن هذه السورة التي منها هذه الآية، هي في حال المنافقين
- ولأنَّ السياق، سِبَاقَهُ ولِحاقهُ، يدل على أنَّ الضمائر فيها ترجع إلى المنافقين.
قال -جل وعلا- قبل هذه الآية في سورة براءة: {يحذر المنافقون أن تُنزَّل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إنَّ الله مُخرجٌ ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب} فهذه ظاهرة في أنَّ سباقها في المنافقين؛ فالضمير في قوله: {ولئن سألتهم} يعني: من ذُكِر قبل هذه الآية، وهم المنافقون في قوله: {يحذر المنافقون} ثم قال بعدها: {ولئن سألتهم}.
وكذلك ما بعدها من الآيات في المنافقين، في قوله جل وعلا: {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم} والأدلة على ذلك كثيرة.
فالصواب في ذلك: أنَّ المراد بهؤلاء أنهم المنافقون.
وأما أهل التوحيد فإنه لا يصدر منهم استهزاء أصلا؛ ولو استهزأ لعلمنا أنه غيرُ معظمٍ لله، وأنَّ توحيده ذهب أصلاً؛ لأن الاستهزاء يطرد التعظيم.
والدليل
الذي ذكره في سبب النزول، وقصة النزول ظاهرة؛ فالواجب على المسلمين جميعاً
وعلى طلبة العلم خاصة أن يحذروا من الكلام؛ لأن كثيرين يتكلمون بكلام لا
يُلقون له بالا؛ خاصةً في مجالس بعض المنتسبين إلى الخير وطلبة العلم، ربما
استهزءوا، أو ربما تكلموا بكلام فيه شيء من الهزل، وفيه شيء من الضحك،
وكان في أثناء هذا الكلام:
- فيه ذكر الله.
- أو فيه ذكر القرآن.
- أو فيه ذكر بعض العلم.
وهذا مما لا يجوز؛ وقد يدخل أحدهم في قول النبي عليه الصلاة والسلام: ((وإنَّ الرجل ليتكلم بالكلمة لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاً)) نسأل الله -جل وعلا- السلامة والعافية.
فالواجب على العبد أن يُعظِّم الله؛ وألاَّ يتلفظ بلسانه، إلاَّ بكلامٍ عَقَلهُ قبل أن يقوله؛ لأن اللسان هو مورد الهلكة؛ قال معاذ للنبي -عليه الصلاة والسلام-: (أو إنَّا يا رسول الله مؤاخذون بما نقول؟)
قال: ((ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكبُّ الناس في النار على مناخرهم.أو قال على وجوههم، إلاَّ حصائد ألسنتهم؟)).
فالله الله في اللسان، في أنه أعظم الجوارح خطراً، مما يتساهل به أكثر الناس.
فاحذر
ما تقول! خاصة فيما يتعلق: بالدين، أو بالعلم، أو بأولياء الله، أو
بالعلماء، أو بصحابة النبي عليه الصلاة والسلام، أو بالتابعين؛ فإن هذا
مورده خطير والله المستعان؛ قد عظمت الفتنة والناجي من سلَّمه الله جل
وعلا.
العناصر
مناسبة باب (من هزل بشيء...) لكتاب التوحيد
بيان أهمية هذا الباب (من هزل بشيء...)
شرح ترجمة الباب (من هزل بشيء...)
- بيان أنواع الكفر
- حكم من استهزأ بالآيات الكونية
- بيان حكم من سب الله أو الرسول من حيث قبول توبته ووجوب قتله
قاعدة مهمة في ضابط هذا الباب
تفسير قوله تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن) الآية
- بيان كفر الشاك، وحكم من فعل الكفر ولم يعلم أنه كفر
شرح حديث ابن عمر (أنه قال رجل في غزوة تبوك...)
- تخريج أثر ابن عمر، ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم
- ترجمة ابن عمر
- ترجمة محمد بن كعب
- ترجمة زيد بن أسلم
- ترجمة قتادة
- معنى قوله: (دخل حديث بعضهم في بعض)
- ذكر رواية أخرى في قصة الاستهزاء غير ما ذكر المصنف
- الأقوال في تسمية المستهزئين
- خوف السلف من النفاق
- عرض موجز لقصة غزوة تبوك
- بيان المراد بالقراء في قوله: (ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء)
- معنى قوله: (أرغب بطوناً، ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء)، وذكر روايات أخرى في ذلك
- ما يستفاد من قول عوف: (كذبت؛ ولكنك منافق)
- الفرق بين الغيبة والنميمة، والنصح لله ورسوله
- ما يستفاد من قوله: (فوجد القرآن قد سبقه)
- ترجمة مخشي بن حمير
- معنى قوله: (وقد ارتحل وركب ناقته...) الحديث
شرح مسائل باب (من هزل بشيء من ذكر الله أو القرآن أو الرسول)