الدروس
course cover
ح13: حديث أنس بن مالك: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) خ م
29 Oct 2008
29 Oct 2008

13438

0

0

course cover
الأربعون النووية

القسم الثالث

ح13: حديث أنس بن مالك: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) خ م
29 Oct 2008
29 Oct 2008

29 Oct 2008

13438

0

0


0

0

0

0

0

ح13: حديث أنس بن مالك: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) خ م


قال أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (ت: 676هـ): (

13- عن أبي حمزةَ أنسِ بنِ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ - خادمِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:((لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)) رواه البخاريُّ ومسلِمٌ.

هيئة الإشراف

#2

29 Oct 2008

شرح الأربعين النووية لفضيلة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين


قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (

الحديث الثالث عشر
عَنْ أَبِيْ حَمْزَة أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ خَادِمِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيْهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)(1) رواه البخاري ومسلم

الشرح
قوله: "لاَيُؤمِنُ أَحَدُكُمْ" أي لا يتم إيمان أحدنا، فالنفي هنا للكمال والتمام، وليس نفياً لأصل الإيمان.
فإن قال قائل: ما دليلكم على هذا التأويل الذي فيه صرف الكلام عن ظاهره؟
قلنا: دليلنا على هذا أن ذلك العمل لا يخرج به الإنسان من الإيمان، ولا يعتبر مرتدّاً، وإنما هو من باب النصيحة، فيكون النفي هنا نفياً لكمال الإيمان.
فإن قال قائل: ألستم تنكرون على أهل التأويل تأويلهم؟
فالجواب: نحن لاننكر على أهل التأويل تأويلهم، إنما ننكر على أهل التأويل تأويلهم الذي لادليل عليه، لأنه إذا لم يكن عليه دليلٌ صار تحريفاً وليس تأويلاً، أما التأويل الذي دلّ عليه الدليل فإنه يعتبر من تفسير الكلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:"اللَّهُمَّ فَقِّههُ فِي الدِّيْنِ وَعَلِّمْهُ التَّأوِيْلَ"(2).
فإن قال قائل: في قول الله تعالى: ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [النحل:98]
المراد به: إذا أردت قراءة القرآن، فهل يعتبر هذا تأويلاً مذموماً، أو تأويلاً صحيحاً؟
والجواب: هذا تأويل صحيح، لأنه دلّ عليه الدليل من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتعوّذ عند القراءة لا في آخر القراءة .
وإذا قال قائل: في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [المائدة: الآية6] إن المراد إذا أردتم القيام إليها، فهل يعتبر هذا تأويلاً مذموماً، أو صحيحاً ؟
والجواب: هذا تأويل صحيح.
وعليه فلا ننكر التأويل مطلقاً، إنما ننكر التأويل الذي لا دليل عليه ونسميه تحريفاً.
"لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ" الإيمان في اللغة هو: الإقرار المستلزم للقبول والإذعان والإيمان وهو مطابق للشرع وقيل: هو التصديق وفيه نظر؛ لأنه يقال: آمنت بكذا وصدقت فلاناً ولايقال: آمنت فلاناً. وقيل الإيمان في اللغة الإقرار واستدل القائل لذلك أنه يقال: آمن به وأقرّ به، ولا يقال: آمنه بمعنى صدقه، فلمّا لم يتوافق الفعلان في التعدّي واللزوم عُلم أنهما ليسا بمعنى واحد.
فالإيمان في اللغة حقيقة : إقرار القلب بما يرد عليه، وليس التصديق.
وقد يرد الإيمان بمعنى التصديق بقرينة مثل قوله تعالى: (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ) [العنكبوت: الآية26] على أحد القولين مع أنه يمكن أن يقال: فآمن له لوط أي انقاد له - أي إبراهيم - وصدّق دعوته.
أما الإيمان في الشرع فهوكما سبق في تعريفه في اللغة.
فمن أقرّ بدون قبول وإذعان فليس بمؤمن، وعلى هذا فاليهود والنصارى اليوم ليسوا بمؤمنين لأنهم لم يقبلوا دين الإسلام ولم يذعنوا.
وأبو طالب كان مقرّاً بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، ويعلن بذلك، ويقول:
لقدْ عَلموا أَنَّ ابننا لا مكذّب لدينا ولا يُعنى بقول الأباطل
ويقول:
ولقد علمتُ بأنّ دينَ محمّدٍ من خير أديانِ البريّة ديناً
لولا الملامة أو حذار مسبّةٍ لرأيتني سمْحَاً بذاكَ مبيناً
وهذا إقرار واضح ودفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومع ذلك ليس بمؤمن، لفقده القبول والانقياد، فلم يقبل الدعوة ولم ينقد لها فمات على الكفر - والعياذ بالله - .
ومحل الإيمان: القلب واللسان والجوارح، فالإيمان يكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بالجوارح، أي أن قول اللسان يسمى إيماناً، وعمل الجوارح يسمى إيماناً، والدليل: قول الله عزّ وجل: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ) [البقرة: الآية143] قال المفسّرون: إيمانكم: أي صلاتكم إلى بيت المقدس، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "الإِيْمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً فَأَعْلاهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وأدنْاهَا إِمَاطَةُ الأذى عَنِ الطَّرِيْقِ وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيْمَانِ"(3).
أعلاها قول: لا إله إلا الله، هذا قول اللسان.
وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق وهذا فعل الجوارح، والحياء عمل القلب. وأما القول بأن الإيمان محلّه القلب فقط، وأن من أقرّ فقد آمن فهذا غلط ولا يصحّ.
وقوله: "حَتَّى يُحَبَّ" (حتى) هذه للغاية، يعني: إلى أن "يُحَبَّ لأَخِيْه" والمحبة: لاتحتاج إلى تفسير، ولايزيد تفسيرها إلا إشكالاً وخفاءً، فالمحبة هي المحبة، ولا تفسَّر بأبين من لفظها.
وقوله: "لأَخِيْهِ" أي المؤمن "مَا يُحبُّ لِنَفْسِهِ" من خير ودفع شر ودفاع عن العرض وغير ذلك، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الجَنَّةَ فَلْتَأتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، وَلْيَأتِ إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤتَى إِلَيْهِ"(4) الشاهد هنا قوله: وَلْيَأتِ إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤتَى إِلَيْهِ .
من فوائد هذا الحديث:
1. جواز نفي الشيء لانتفاء كماله، لقول: "لايُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيْهِ" ومثله قوله: "لا يُؤمنُ مَنْ لا يَأَمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ"(5).
ومن الأمثلة على نفي الشيء لانتفاء كماله قول النبي صلى الله عليه وسلم : "لاصَلاةَ بِحَضْرَةِ طَعَام"(6) أي لا صلاة كاملة، لأن هذا المصلي سوف يشتغل قلبه بالطعام الذي حضر، والأمثلة على هذا كثيرة.
2. وجوب محبة المرء لأخيه ما يحب لنفسه، لأن نفي الإيمان عن من لايحب لأخيه ما يحب لنفسه يدل على وجوب ذلك، إذ لايُنفى الإيمان إلا لفوات واجب فيه أو وجود ما ينافيه.
3. التحذير من الحسد، لأن الحاسد لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه، بل يتمنّى زوال نعمة الله عن أخيه المسلم.
وقد اختلف أهل العلم في تفسير الحسد: فقال بعضهم "تمنّي زوال النعمة عن الغير" . وقال بعضهم الحسد هو: كراهة ما أنعم الله به على غيره، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: إذا كره العبد ما أنعم الله به على غيره فقد حسده، وإن لم يتمنَّ الزوال .
4. أنه ينبغي صياغة الكلام بما يحمل على العمل به، لأن من الفصاحة، صياغة الكلام بما يحمل على العمل به، والشاهد لهذا قوله: "لأَخِيهِ" لأن هذه يقتضي العطف والحنان والرّقة، ونظير هذا قول الله عزّ وجل في آية القصاص: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْء) [البقرة: الآية178] مع أنه قاتل، تحنيناً وتعطيفاً لهذا المخاطب.
فإن قال قائل: هذه المسألة قد تكون صعبة، أي: أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، بمعنى: أن تحب لأخيك أن يكون عالماً، وأن يكون غنياً، وأن يكون ذا مال وبنين، وأن يكون مستقيماً، فقد يصعب هذا؟
فنقول: هذا لايصعب إذا مرّنت نفسك عليه، مرّن نفسك على هذا يسهل عليك، أما أن تطيع نفسك في هواها فنعم سيكون هذا صعباً.
فإن قال تلميذ من التلاميذ: هل يدخل في ذلك أن ألقن زميلي في الاختبار لأنني أحب أن أنجح فألقنه لينجح؟
فالجواب: لا، لأن هذا غشّ، وهو في الحقيقة إساءة لأخيك وليس إحساناً إليه، لأنك إذا عودته الخيانة اعتاد عليها، ولأنك تخدعه بذلك حيث يحمل شهادة ليس أهلاً لها. والله الموفق.
____________________________________________________________________________

(1) - أخرجه البخاري – كتاب: الإيمان، باب: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، (13). ومسلم – كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، (45)، (71)
(2) - أخرجه البخاري – كتاب: الوضوء، باب: وضع الماء عند الخلاء، (143).
(3) - أخرجه مسلم – كتاب: الإيمان، باب: بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، وفضيلة الحياء، وكونه من الإيمان، (35)،(58)
(4) - أخرجه مسلم – كتاب: الإمارة، باب: وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، (1844)، (46)
(5) - أخرجه البخاري – كتاب: الأدب، باب: إثم من لا يأمن جاره بوائقه، (6016)
(6) - أخرجه مسلم – كتاب: المساجد، باب: كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحالوكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، (560)، (67)

هيئة الإشراف

#3

2 Nov 2008

شرح فضيلة الشيخ : محمد حياة السندي


قال الشيخ محمد حياة السندي (ت: 1163هـ): (

(1) ترجَمَةُ الصَّحَابِيِّ رَاوِي الحَدِيثِ:

أنَسُ بنُ مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ الخَزْرَجِيُّ خَادِمُ رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَدَمَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَدَعَا لهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرةِ المَالِ والوَلَدِ، مَاتَ في قَصْرِهِ عَلى نَحْوِ فَرْسَخٍ ونِصْفٍ مِنَ البَصْرَةِ سَنَةَ ثلاثٍ وتِسْعِينَ، عَنْ نَحوِ مائةِ سَنَةٍ.
الشَّرْحُ:
قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: (قالَ) رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ)) إِيمَانًا كَامِلاً.

(( حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ)) في الإِسْلامِ مِنَ الخيرِ الذي يَقْتَضِيهِ الإِسْلاَمُ، مثلَ الذي يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الخَيرِ، بِمُقْتَضَى الإِسْلاَمِ، فَيُحِبُّ لأَخِيهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ دِينًا مِثلَ: ((مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ))ذَلِكَ، وكذَا يَكْرَهُ لَهُ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ.

ولاَ يَصِلُ الإِنْسَانُ إلى هَذا المَقَامِ كَمَا يَنْبَغِي إلاَّ إذا فَنِيَ عَنْ مُلاحَظَةِ غَيرِ الحَقِّ تَعَالَى، فَحِينَئِذٍ يَسْتَوِي عِنْدَه نَفْسُهُ، والقريبُ، والبعيدُ، وهذا مَقَامٌ قَلَّمَا يَتَحَقَّقُ لِغَيرِ الصَّادِقِينَ، ومَا لاَ يُدْرَكْ جُلُّهُ لاَ يُتْرَكْ كُلُّهُ.

هيئة الإشراف

#4

2 Nov 2008

المنن الربانية لفضيلة الشيخ : سعد بن سعيد الحجري


قال الشيخ سعد بن سعيد الحجري (م): (

الحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ

(1) (عَنْ أَبِي حَمْزَةَ؛أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ: ((لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لنَفْسِهِ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ).

الرَّاوِي:
هو أَنَسُ بنُ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ الأَنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ، خَدَمَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وهو ابنُ عَشْرِ سِنِينَ، وكُنْيَتُهُ أبو حَمْزَةَ، كَانَ كَثِيرَ المَالِ وكَثِيرَ الوَلَدِ، طَالَ عُمُرُهُ، وهو آخِرُ الصَّحَابَةِ موْتاً فَي البَصْرَةِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وتِسْعِينَ للهِجْرَةِ، ولَهُ أَلْفَانِ ومئتانِ وسِتَّةٌ وثمانون حَدِيثاً.
مَوْضُوعُ الحَدِيثِ:
حُبُّ الخَيْرِ للغَيْرِ.
المُفْرَدَاتُ:
(( لا يُؤْمِنُ)) (لا) نَافِيَةٌ؛ إِذْ تَنْفِي كَمَالَ الإِيمَانِ إِلاَّ بالإِثْبَاتِ بِمَا بَعْدَها، وَلا تَنْفِي كُلَّ الإِيمَانِ، وهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ زِيادَةِ الإيمانِ بما يَكُونُ وعن نَقْصِهِ بِمَا يَكُونُ.
وَقَدْ عَرَّفْنَا الإيمانَ: بأنَّه اعْتِقَادٌ بالقَلْبِ، وقَوْلٌ باللِّسَانِ، وعَمَلٌ بالجَوَارِحِ، يَزِيدُ بالطَّاعَةِ ويَنْقُصُ بالمَعْصِيَةِ.
وهَذَا الرَّأْيُ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ.
ومِن أَدِلَّتِهِمْ:
- قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ}[الفتح: 4].
- وقولُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ: ((مَا رَأَيْتُ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ ودَينٍ...))الحَدِيثَ.
- وخَالَفَ في ذلك المُرْجِئَةُ الذين يقولون: (لا يَضُرُّ معَ الإيمانِ مَعْصِيَةٌ) بمَعْنَى أَنَّه لا يَزِيدُ بَلْ يَسْتَوِي الفَاسِقُ، والعَدْلُ عِنْدَهُمْ في الإيمانِ.
- وخَالَفَ كَذَلِكَ الوَعِيدِيَّةُ مِن الخَوَارِجِ والمُعْتَزِلَةِ فقالوا: (إِنَّ الإِيمَانَ لا يَنْقُصُ، ويَخْرُجُ مُرْتَكِبُ الكَبِيرَةِ مِن الإِسْلامِ).
- وأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَقَالُوا: (إِنَّ الإِيمانَ يَزِيدُ بالطَّاعَةِ ويَنْقُصُ بالمَعْصِيَةِ) وقَدْ مَضَتِ الأَدِلَّةُ.
ومِنْ أَسْبَابِ زِيادَةِ الإِيمَانِ:


- مَعْرِفَةُ أَسْمَاءِ اللَّهِ وصِفَاتِهِ.

- النَّظَرُ في الآياتِ الكَوْنِيَّةِ والشَّرْعِيَّة.
- فِعْلُ الطَّاعَاتِ.
- تَرْكُ المَعَاصِي.
ومِنْ أَسْبَابِ نَقْصِ الإِيمَانِ:
- الجَهْلُ باللَّهِ وصِفَاتِهِ وأَسْمَائِهِ.
- الغَفْلَةُ والإِعْرَاضُ عَنِ النَّظرِ في آياتِ اللَّهِ الكَوْنِيَّةِ والشَّرْعِيَّةِ.
- فِعْلُ المَعَاصِي.
- تَرْكُ الطَّاعَاتِ.
(( أَحَدُكُمْ)) الخِطَابُ لأُمَّةِ الاسْتِجَابَةِ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ القَوْلَ فيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، أَمَّا أُمَّةُ الدَّعْوَةِ فَقَدْ لا تُرَادُ لعَدَمِ الامْتِثَالِ مِنَ الجَمِيعِ، بَلْ أَهْلُ الامْتِثَالِ قِلَّةٌ، وأَهْلُ العِصْيَانِ كَثْرَةٌ.
(( حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لنَفْسِهِ)) (حَتَّى) حَرْفُ غَايَةٍ، يُرَادُ أَنَّ غَايَةَ كَمَالِ الإِيمَانِ هُوَ مَحَبَّةُ الخَيْرِ للغَيْرِ كمَحَبَّةِ النَّفْسِ.
والمَحَبَّةُ هِيَ: المَيْلُ إلى مَا يُوافِقُ المُحِبَّ.
وقَدْ تَكُونُ بِحَوَاسِّهِ كحُسْنِ الصُّورَةِ، أو بفِعْلِهِ إِمَّا لذَاتِهِ، كالفَضْلِ والكَمَالِ، وإِمَّا لإِحْسَانِهِ كجَلْبِ نَفْعٍ، أو دَفْعِ ضُرٍّ.
وهَذَا المَيْلُ اخْتِيارِيٌّ دُونَ الجِبِلِّيِّ، والقَسْرِيِّ؛ ليَظْهَرَ الصِّدْقُ في المَحَبَّةِ، ويَظْهَرَ الإِخْلاصُ للَّهِ تعالَى.
والذي يُحِبُّ لنَفْسِهِ، أي: الخَيْرُ، وهو كُلُّ مَا يُرْغَبُ فِيهِ ويُخْتَارُ على غَيْرِه، وهو كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ تَعُمُّ الطَّاعَاتِ والمُبَاحَاتِ الدُّنيويِةَ والأُخْروِيَّةَ، وتَخْرُجُ المَنْهِيَّاتُ؛ لأَنَّ الخَيْرَ لا يَتَناولُهَا.


وفي الحَدِيثِ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ ويَدْخُلَ الجَنَّةَ فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ ويَأْتِي إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ)) وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ لمُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ، وهو يَبِيعُ حِمَاراً: أَتَرْضَاهُ لِي؟ قَالَ: (لو رَضِيتُهُ لَمْ أَبِعْهُ).

ويَدْخُلُ في هذا: النُّصْحُ والدَّعْوَةُ للنَّاسِ.
ويَدْخُلُ فيه: الاسْتِقَامَةُ.
ويَدْخُلُ فِيهِ: صلاةُ الجَمَاعَةِ وكُلُّ طَاعَةٍ يَتَقَرَّبُ بِهَا العَبْدُ إِلَى اللَّهِ تعالَى يَدْعُو النَّاسَ لَهَا؛ لأنَّها مِن مَحَبَّةِ الخَيْرِ للغَيْرِ، وهو لا يُرِيدُ زَوَالَهَا عنه، وإِنَّما يُرِيدُ فِعْلَ الغَيْرِ لمِثْلِهَا عَمَلاً بالحَدِيثِ: ((مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ...))الحَدِيثَ.
(( لأَخِيهِ)) أي: أُخُوَّةِ الدِّينِ وهي الأُخُوَّةُ الجَامِعَةُ للمُسْلِمِينَ، وَهِيَ البَاقِيَةُ. وَهِي الأُخُوَّةُ العَامَّةُ، والأُخُوَّةُ الصَّادِقَةُ التي لا تَنْقَلِبُ إِلَى عَدَاوَةٍ؛ لقَوْلِه تعالَى: {الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المُتَّقِينَ}[الزخرف: 67].
الفَوَائِدُ:
1- أَنَّ الإيمانَ يَزِيدُ ويَنْقُصُ.
2- الرَّدُّ عَلَى المُرْجِئَةِ والخَوَارِجِ.
3- أنَّ الزِّيَادَةَ بالطَّاعَةِ والنَّقْصَ بالمَعْصِيَةِ.
4- عَدَمُ عِصْمَةِ الإنسانِ.
5- مُجَاهَدَةُ النَّفْسِ.
6- أَهَمِّيَّةُ الإيمانِ.
7- مِن كَمَالِ الإيمانِ مَحَبَّةُ الخَيْرِ للغَيْرِ.
8- جَمْعُ الطَّاعَةِ لأَهْلِهَا.
9- تَفْرِيقُ المَعْصِيَةِ لأَهْلِهَا.
10- البَذْلُ للمُسْلِمِينَ كالبَذْلِ للنَّفْسِ.
11- التَّعَاوُنُ والتَآلُفُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ.
12- المُسْلِمُونَ كالجَسَدِ الوَاحِدِ.

هيئة الإشراف

#5

2 Nov 2008

شرح فضيلة الشيخ : ناظم سلطان المسباح


قال الشيخ ناظم بن سلطان المسباح (م): (

(1)مَنْزِلَةُ الْحَدِيثِ:

هذا الْحَدِيثُ مِن ضِمْنِ الأَحَادِيثِ العظيمةِ الَّتي عَظَّمَهَا العُلَمَاءُ؛ لأنَّهُ يَنُصُّ عَلَى جُمَّاعِ آدابِ الْخَيْرِ، كَمَا أنَّهُ يَنُصُّ عَلَى الضَّابطِ لِمُعَامَلَةِ الآخَرِينَ، فَمَا يُحِبَّهُ الإِنسانُ لنفسِهِ مِن: قَوْلٍ، أَو فِعْلٍ، أَو شَيْءٍ، فعليهِ أَنْ يُحِبَّ ذَلِك للآخرينَ، وَمَا يَكْرَهْهُ ويَبْغَضْهُ لنفسِهِ مِن: قَوْلٍ، أَو فِعْلٍ، أَو مُعامَلَةٍ، أَو شَيْءٍ، فعَلَيْهِ أَنْ يَكْرَهَهُ ويَبْغَضَهُ للآخرينَ، وَأَنْ يُعامِلَ النَّاسَ بِمَا يُحِبُّ أَنْ يُعامِلُوهُ.
المرادُ بنفيِ الإيمانِ:


قالَ الحافظُ رَحِمَهُ اللهُ فِي (الفتحِ): (وَالْمُرَادُ بالنَّفيِ كَمَالُ الإيمانِ، ونفىُ اسْمِ الشَّيءِ عَلَى مَعْنَى نفيِ الكمالِ مُستفيضٌ فِي كَلاَمِ العربِ كقولِهِمْ: فلانٌ لَيْسَ بإنسانٍ) ويـُقصـَدُ نفيُ صِفَةٍ مِن صفاتِهِ).
وقالَ النَّوويُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ (صحيحِ مُسْلِمٍ): (قَالَ العُلماءُ رَحِمَهُمُ اللهُ: معناهُ: لاَ يؤمنُ الإيمانَ التَّامَّ، وإلا فأصلُ الإيمانِ يَحْصُلُ لِمَن لَم يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ).
وقالَ عمرُو بْنُ الصَّلاحِ رَحِمَهُ اللهُ: (معناهُ: لاَ يَكْمُلُ إيمانُ أَحَدٍ حتَّى يُحِبَّ لأخيهِ فِي الإِسْلاَمِ مِثلَ مَا يُحِبُّ لنفسِهِ).


وقالَ ابنُ رَجَبٍ الحنبليُّ رحمهُ اللهُ: (إنَّ الْمُرَادَ بِنَفْيِ الإيمانِ نفيُ بُلوغِ حقيقَتِهِ ونِهايَتِهِ).

مِن شُعَبِ الإيمانِ الواجبةِ:
قالَ البخاريُّ رحمَهُ اللهُ فِي (صحيحِهِ): (بابٌ: مِن الإيمانِ أَنْ يُحِبَّ لأخيهِ مَا يُحِبُّ لنفسِهِ) وساقَ الْحَدِيثَ.


وقالَ مسلمٌ رحمَهُ اللهُ فِي (صحيحِهِ): (مِن خِصالِ الإيمانِ أَنْ يُحِبَّ لأخيهِ مَا يحبُّ لنفسِهِ) وساقَ الْحَدِيثَ.
فالحديثُ يدلُّ عَلَى أنَّ حبَّ الْخَيْرِ للمُسْلِمِ مِن شُعَبِ الإيمانِ الواجبةِ.


والخيرُ كلمةٌ جامعةٌ تَعُمُّ الطَّاعاتِ والْمُبَاحَاتِ الدُّنيويَّةَ والأُخْرَوِيَّةَ.

فيَجبُ عَلَى المسلمِ المستقيمِ أَنْ يُحِبَّ الاسْتِقَامَةَ لإخوانِهِ، ويَبْذُلَ مَا يَستطيعُ مِن جُهْدٍ لإنقاذِهِم؛ لأنَّ الاسْتِقَامَةَ هِي سَبَبُ خَيْرَيِ الدُّنيا والآخِرَةِ.
وكذلك مِن خِصالِ الإيمانِ الواجبةِ أَنْ يسوءَهُ ويُحْزِنَهُ وَلاَ يُرْضيَهُ وُقُوعُ الشَّرِّ بإخوانِهِ المسلمينَ.
قالَ الكِرْمَانِيُّ: (ومِن الإيمانِ أيضًا أَنْ يَبْغَضَ لأخيهِ مَا يَبْغَضُ لنفسِهِ، وَلَم يَذْكُرْهُ؛ لأنَّ حُبَّ الشَّيءِ مُستلزِمٌ لبُغْضِ نَقيضِهِ، فَتَرَكَ التَّنصيصَ عَلَيْهِ اكتفاءً) وَاللهُ أعلمُ.
قالَ النَّوويُّ رحمَهُ اللهُ: (الأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ ذَلِك عَلَى عُمومِ الأُخُوَّةِ حتَّى يَشملَ الكافرَ والمسلمَ، فيُحِبُّ لأخيهِ الكافرِ مَا يُحِبُّ لنفسِهِ، مِن دخولِهِ فِي الإِسْلاَمِ، كَمَا يُحِبُّ لأخيهِ الْمُسْلِمِ دَوامَهُ، وَلِهَذَا كَانَ الدُّعاءُ بالهدايَةِ للكافرِ مُسْتَحَبًّا).
أثرُ الْحَدِيثِ فِي حياةِ سَلَفِ الأُمَّةِ:
1 - عن أَبِي ذرٍّ رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لاَ تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلاَ تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ)).


قَالَ ابنُ رجبٍ:(وإنـَّما نَهاهُ عَن ذَلِك لِمَا رَأَى مِن ضَعْفِهِ وَهُو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ هَذَا لِكُلِّ ضعيفٍ، وإنَّما كَان يَتَوَلَّى أُمورَ النَّاسِ؛ لأنَّ اللهَ قَوَّاهُ عَلَى ذَلِك، وأَمَرَهُ بدُعاءِ الْخَلْقِ كلِّهِم إِلَى طاعتِهِ، وَأَنْ يَتَوَلَّى سياسةَ دِينِهِم ودُنياهُمْ).
2 - وكانَ محمَّدُ بْنُ واسعٍ يَبيعُ حمارًا لَه، فقالَ لَه رجلٌ: أَترضَاهُ لِي؟ قَالَ: لَو رَضِيتُهُ لَم أَبِعْهُ.
وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ أَنَّه لاَ يَرْضَى لأخيهِ إِلاَّ مَا يَرتضيهِ لنفسِهِ.
3 - قالَ ابنُ عبَّاسٍ تَرْجُمَانُ الْقُرْآنِ رَضِي اللهُ عَنْهُ: (إنِّي لأَمُرُّ عَلَى الآيَةِ مِن كِتَابِ اللهِ فَأَوَدُّ أنَّ النَّاسَ كلَّهُم يَعلمونَ مِنْهَا مَا أَعْلَمُ).
4 - وقالَ الشَّافعيُّ:(وَدِدْتُ أنَّ النَّاسَ تَعَلَّمُوا هَذَا العِلْمَ وَلَم يُنْسَبْ إليَّ مِنْه شَيْءٌ) فقولُهُ: وَدِدْتُ، دَلِيلٌ عَلَى مَحبَّتِهِ الْخَيْرَ للنَّاسِ.
فحُبُّ المسلمِ لإخوانِهِ مَا يُحِبُّ لنفسِهِ دَلالةٌ عَلَى سَلامةِ صَدْرِهِ مِن الْغِشِّ والْغِلِّ والْحَسَدِ.
فوائدُ مِن الْحَدِيثِ:


1 - الحديثُ يدلُّ عَلَى ذمِّ الأنانيَّةِ، والحسدِ والكراهيَةِ والحِقْدِ؛ لأنَّ مَن كَانَتْ هَذِه صفاتُهُ لاَ يُحِبُّ لغيرِهِ مَا يُحبُّ لنفسِهِ مِن الْخَيْرِ.
2 - العملُ بمضمونِ الْحَدِيثِ يُؤَدِّي إِلَى نَشْرِ الْمَحَبَّةِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ الإسلاميِّ، ويُؤَدِّي ذَلِك إِلَى تَمَاسُكِهِ حتَّى يَكُونَ كالْجَسَدِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ مِثْلَ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)) وأُمـَّةٌ هَذَا تَمَاسُكُهَا لاَ تُقْهَرُ، وَلاَ تُغْلَبُ، وَلاَ تُنَكَّسُ لَهَا رايَةٌ.
3 - الحديثُ يَدُلُّ عَلَى أنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنقُصُ، يَزيدُ بالطَّاعةِ وفِعْلِ الخيراتِ، ويَنقُصُ بالْمَعْصِيَةِ.

هيئة الإشراف

#6

2 Nov 2008

جامع العلوم والحكم للحافظ : عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي


قال الحافظ عبد الرحمن ابن رجب الحنبلي (ت: 795هـ): (

(1) هَذَا الحَدِيثُ خَرَّجَاهُ فِي (الصَّحِيحَيْنِ) مِن حَدِيثِ قَتَادَةَ، عن أَنَسٍ، ولَفْظُ مُسْلِمٍ: ((حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ أَوْ لأَِخِيهِ)) بالشَّكِّ.

وخَرَّجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، ولَفْظُه: ((لاَ يَبْلُغُ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِن الْخَيْرِ)).


وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ مَعْنَى الرِّوَايَةِ المُخَرَّجَةِ فِي (الصَّحِيحَيْنِ)، وَأَنَّ المُرَادَ بنَفْيِ الإِيمَانِ نَفْيُ بُلُوغِ حَقِيقَتِهِ ونِهَايَتِهِ؛ فَإِنَّ الإِيمَانَ كَثِيرًا مَا يُنْفَى لاِنْتِفَاءِ بَعْضِ أَرْكَانِهِ ووَاجِبَاتِهِ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حَينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ)).


وقَوْلِهِ: ((لاَ يُؤْمِنُ مَنْ لاَ يَأمَنُ جَارُهُ بوائِقَهُ)).

وقَدْ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي مُرْتَكِبِ الكَبَائِرِ:


هَلْ يُسَمَّى مُؤْمِنًا نَاقِصَ الإِيمَانِ، أَمْ لاَ يُسَمَّى مُؤْمِنًا؟
وَإِنَّما يُقالُ: هو مُسْلِمٌ، وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ عَلَى قَوْلَيْنِ، وهُمَا رِوَايَتَانِ عَنِ الإمَامِ أَحْمَدَ.
فَأَمَّا مَنِ ارْتَكَبَ الصَّغَائِرَ، فَلاَ يَزُولُ عَنْهُ اسْمُ الإِيمَانِ بالكُلِّيَّةِ، بَلْ هو مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الإِيمَانِ، يَنْقُصُ مِن إِيمَانِهِ بِحَسَبِ مَا ارْتَكَبَ مِن ذَلِكَ.
والقَوْلُ بَأَنَّ مُرْتَكِبَ الكَبَائِرِ يُقَالُ لَهُ: مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الإِيمَانِ مَرْوِيٌّ عنِ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وهو قَوْلُ ابنِ المُبَارَك، وإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وغَيْرِهِم، والقَوْلُ بأنَّه مُسْلِمٌ، لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَرْوِيٌّ عن أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، وذَكَرَ بَعْضُهم أَنَّه المُخْتَارُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ.
- وقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: (الزَّانِي يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الإِيمَانِ).
- وقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: (يُنْزَعُ منه الإيمَانُ، فَيَكُونُ فَوْقَه كالظُّلَّةِ، فَإِذَا تَابَ عَادَ إِلَيْهِ).
- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ وأَبُو الدَّرْدَاءِ: (الإِيمَانُ كالقَمِيصِ، يَلْبَسُه الإِنْسَانُ تَارَةً ويَخْلَعُه أُخْرَى، وكَذَا قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ وغَيْرُه، والمْعَنْى: أَنَّه إِذَا كَمَّلَ خِصَالَ الإيمَانِ لَبِسَهُ، فَإِذَا نَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا نَزَعَهُ، وكُلُّ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الإِيمَانِ الكَامِلِ التَّامِّ الذِي لاَ يَنْقُصُ مِن وَاجِبَاتِهِ شَيْءٌ).
والمَقْصُودُ أَنَّ مِن جُمْلَةِ خِصَالِ الإِيمَانِ الوَاجِبَةِ أَنْ يُحِبَّ المَرْءُ لأَِخِيهِ المُؤْمِنِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، ويَكْرَهَ لَهُ مَا يَكْرَهُهُ لِنَفْسِهِ، فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ عَنْهُ، فَقَدْ نَقَصَ إيمانُهُ بذلك.
- وقَدْ رُوِيَ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأَِبِي هُرَيْرَةَ: ((أَحِبَّ للنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا)) خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وابنُ مَاجَةَ.
- وخَرَّجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ مِن حَدِيثِ مُعَاذٍأنَّه سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أَفْضَلِ الإِيمَانِ، قَالَ: ((أَفْضَلُ الإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ للهِ وتُبغِضَ للهِ، وتُعْمِلَ لِسَانَكَ فِي ذِكْرِ اللهِ)).
قَالَ: ومَاذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ:((أَنْ تُحِبَّ للنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَتَكْرَهَ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ، وَأَنْ تَقُولَ خَيْرًا أَوْ تَصْمُتَ)).


- وقَدْ رَتَّبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُخُولَ الجَنَّةِ عَلَى هَذِهِ الخَصْلَةِ؛ فَفِي (مُسْنَدِ) الإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللهُ، عَن يَزِيدَ بنِ أَسَدٍ القَسْرِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((أَتُحِبُّ الْجَنَّةَ))؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: ((فَأَحِبَّ لأَِخِيكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ)).


- وفِي (صَحِيحِ مُسْلِمٍ) مِن حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَيَأْتِي إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ)).
- وفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لاَ تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلاَ تَولَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ)).
وإِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، لِمَا رَأَى مِن ضَعْفِهِ، وهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ هَذَا لكُلِّ ضَعِيفٍ، وإِنَّما كَانَ يَتَوَلَّى أُمُورَ النَّاسِ؛ لأَِنَّ اللهَ قَوَّاهُ عَلَى ذَلِكَ، وأَمَرَهُ بِدُعَاءِ الْخَلْقِ كُلِّهِم إِلَى طَاعَتِهِ، وَأَنْ يَتَوَلَّى سِيَاسَةَ دِينِهِم ودُنْيَاهُم.
- وقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنِّي أَرْضَى لَكَ مَا أَرْضَى لِنَفْسِي، وَأَكْرَهُ لَكَ مَا أَكْرَهُ لِنَفْسِي، لاَ تَقْرَأِ القُرْآنَ وَأَنْتَ جُنُبٌ، وَلاَ وَأَنْتَ رَاكِعٌ، وَلاَ أَنْتَ سَاجِدٌ)).
- وكَانَ مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ يَبِيعُ حِمَارًا لَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَتَرْضَاهُ لِي؟
قَالَ: لَوْ رَضِيتُه لَمْ أَبِعْهُ.
وهَذِهِ إِشَارَةٌ منه إِلَى أَنَّه لاَ يَرْضَى لأَِخِيهِ إلاَّ مَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ، وهَذَا كُلُّهُ مِن جُمْلَةِ النَّصِيحَةِ لعَامَّةِ المُسْلِمِينَ الَّتِي هي مِن جُمْلَةِ الدِّينِ كَمَا سَبَقَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِه.


وقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ حَدِيثَ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ)) خَرَّجَاهُ فِي (الصَّحِيحَيْنِ) وهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ المُؤْمِنَ يَسُوءُه مَا يَسُوءُ أَخَاهُ المُؤْمِنَ، ويُحْزِنُه مَا يُحْزِنُه.

وحَدِيثُ أَنَسٍ الذِي نَتَكَلَّمُ الآنَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ المُؤْمِنَ يَسُرُّهُ مَا يَسُرُّ أَخَاهُ المُؤْمِنَ، ويُرِيدُ لأَِخِيهِ المُؤْمِنِ مَا يُرِيدُه لنَفْسِهِ مِن الخَيْرِ، وهَذَا كُلُّه إِنَّما يَأْتِي مِن كَمَالِ سَلاَمَةِ الصَّدْرِ مِن الغِلِّ والغِشِّ والحَسَدِ؛ فَإِنَّ الحَسَدَ يَقْتَضِي أَنْ يَكْرَهَ الحَاسِدُ أَنْ يَفُوقَه أَحَدٌ فِي خَيْرٍ، أَوْ يُسَاوِيَه فِيهِ؛ لأَِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَمْتَازَ عَلَى النَّاسِ بفَضَائِلِه، ويَنْفَرِدَ بِهَا عَنْهُم، والإِيمَانُ يَقْتَضِي خِلاَفَ ذَلِكَ، وهو أَنْ يَشْرَكَه المُؤْمِنُونَ كُلُّهم فيما أَعْطَاهُ اللهُ مِن الخَيْرِ مِن غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ.
وقَدْ مَدَحَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مَن لاَ يُرِيدُ العُلُوَّ فِي الأَرْضِ وَلاَ الفَسَادَ،فَقَالَ: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا}[القصص: 83]. ورَوَى ابنُ جَرِيرٍ بإِسْنَادٍ فِيهِ نَظَرٌ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: (إِنَّ الرَّجُلَ ليُعْجِبُهُ مِن شِرَاكِ نَعْلِهِ أَنْ يَكُونَ أَجْوَدَ مِن شِرَاكِ صَاحِبِه فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا للَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ}).


- وَكَذَا رُوِيَ عن الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ في هَذِهِ الآيةِ، قَالَ: (لاَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ نَعْلُه أَجْوَدَ مِن نَعْلِ غَيْرِه، ولاَ شِرَاكُهُ أَجْوَدَ مِنْ شِرَاكِ غَيْرِه).
وقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّه إِذَا أَرَادَ الفَخْرَ عَلَى غَيْرِه لاَ مُجَرَّدَ التَّجَمُّلِ.
قَالَ عِكْرِمَةُ وغَيْرُه مِن المُفَسِّرِينَ في هذه الآيةِ: (العُلُوُّ فِي الأَرْضِ: التَّكَبُّرُ، وطَلَبُ الشَّرَفِ والمَنْزِلَةِ عِنْدَ ذِي سُلْطَانِهَا، والفَسَادُ: العَمَلُ بالمَعَاصِي).
وقَدْ ورَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّه لاَ يَأْثَمُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَفُوقَه مِن النَّاسِ أَحَدٌ في الجَمَالِ، فَخَرَّجَ الإمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ والحَاكِمُ فِي (صَحِيحِه) مِن حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ مَالكُ بنُ مِرارَةَ الرَّهَاوِيُّ، فَأَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ قُسِمَ لِي مِنَ الجَمَالِ مَا تَرَى، فَمَا أُحِبُّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ فَضَلَنِي بشِرَاكَيْنِ فَمَا فَوْقَهُما، أَلَيْسَ ذَلِكَ هُوَ مِنَ البَغْيِ؟


فَقَالَ:((لاَ، لَيْسَ ذَلِكَ بِالبَغْيِ، وَلَكِنَّ البَغْيَ مَنْ بَطِرَ-أو قَالَ: - سَفِهَ الْحَقَّ وَغَمَطَ النَّاسَ)).

وخَرَّجَ أَبُو دَاودَ مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَاهُ، وفِي حَدِيثِهِ: ((الكِبْرِ))بَدَلَ ((البَغْيِ)).
فنَفَى أَنْ تَكُونَ كَرَاهَتُه لأَنْ يَفُوقَهُ أَحَدٌ في الجَمَالِ بَغْيًا أو كِبْرًا،وفَسَّرَ الكِبْرَ والبَغْيَ ببَطَرِ الحَقِّ، وهو التَّكَبُّرُ عَلَيْهِ، والامْتِنَاعُ مِن قَبُولِهِ كِبْرًا إِذَا خَالَفَ هَوَاهُ.


ومِن هنا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ:(التَّواضُعُ أَنْ تَقْبَلَ الحَقَّ مِن كُلِّ مَن جَاءَ بِهِ، وإِنْ كَانَ صَغِيرًا، فَمَنْ قَبِلَ الحَقَّ مِمَّن جَاءَ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أو كَبِيرًا، وسَوَاءٌ كَانَ يُحِبُّه أَوْ لاَ يُحِبُّه، فهو مُتَوَاضِعٌ، ومَن أَبَى قَبُولَ الحَقِّ تَعَاظُمًا عَلَيْهِ، فهو مُتَكَبِّرٌ).
وغَمْط النَّاسِ: (هو احْتِقَارُهم وازْدِرَاؤُهُم، وذَلِكَ يَحْصُلُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى النَّفْسِ بعَيْنِ الكَمَالِ، وإِلَى غَيْرِه بعَيْنِ النَّقْصِ).


وفي الجُمْلَةِ، فيَنْبَغِي للمُؤْمِنِ أَنْ يُحِبَّ للمُؤْمِنِينَ مَا يُحِبُّ لنَفْسِهِ، ويَكْرَهَ لَهُم مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ رَأَى فِي أَخِيهِ المُسْلِمِ نَقْصًا فِي دِينِهِ، اجْتَهَدَ في إِصْلاَحِهِ.

قَالَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ مِنَ السَّلَفِ:(أَهْلُ المَحَبَّةِ للهِ نَظَرُوا بنُورِ اللهِ، وعَطَفُوا عَلَى أَهْلِ مَعَاصِي اللهِ، مَقَتُوا أَعْمَالَهُم، وعَطَفُوا عَلَيْهِم ليُزِيلُوهُم بالمَوَاعِظِ عن فِعَالِهِم، وأَشْفَقُوا عَلَى أَبْدَانِهِم مِن النَّارِ، لاَ يَكُونُ المُؤْمِنُ مُؤْمِنًا حَقًّا حَتَّى يَرْضَى للنَّاسِ مَا يَرْضَاهُ لنَفْسِهِ، وإِنْ رَأَى في غَيْرِه فَضِيلَةً فَاقَ بِهَا عَلَيْهِ فتَمَنَّى لنَفْسِهِ مِثْلَهَا، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الفَضِيلَةُ دِينِيَّةً، كَانَ حَسَنًا، وقَدْ تَمَنَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنَفْسِهِ مَنْزِلَةَ الشَّهَادَةِ).
وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ أَتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَقْرَؤُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ)).
وقَالَ فِي الذِي رَأَى مَنْ يُنْفِقُ مَالَهُ في طَاعَةِ اللهِ فَقَالَ: ((لَوْ أَنَّ لِي مَالاً، لَفَعَلْتُ فِيهِ كَمَا فَعَلَ، فَهُمَا فِي الأَجْرِ سَوَاءٌ)) وَإِنْ كَانَتْ دُنْيَوِيَّةً، فَلاَ خَيْرَ فِي تَمَنِّيهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ(79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [القصص: 79 -80].
وأَمَّا قَوْلُ اللهِ عزَّ وجَلَّ: {وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ}[النساء: 32] فَقَدْ فُسِّرَ ذَلِكَ بالحَسَدِ، وهو تَمَنِّي الرَّجُلِ نَفْسَ مَا أُعْطِيَ أَخُوهُ مِن أَهْلٍ ومَالٍ، وأَنْ يَنْتَقِلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وفُسِّرَ بتَمَنِّي مَا هو مُمْتَنِعٌ شَرْعًا أو قَدَرًا، كتَمَنِّي النِّساءِ أَنْ يَكُنَّ رِجَالاً، أو يَكُونَ لَهُنَّ مِثْلُ مَا للرِّجَالِ مِن الفَضَائِلِ الدِّينِيَّةِ كالجِهَادِ، والدُّنْيَوِيَّةِ كالمِيرَاثِ والعَقْلِ والشَّهَادَةِ ونَحْوِ ذَلِكَ.
وقِيلَ: إنَّ الآيةَ تَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّه.


ومَعَ هَذَا كُلِّه، فيَنْبَغِي للمُؤْمِنِ أَنْ يَحْزَنَ لفَوَاتِ الفَضَائِلِ الدِّينِيَّةِ، ولهذا أُمِرَ أنْ يَنْظُرَ فِي الدِّينِ إِلَى مَنْ فَوْقَه، وأَنْ يُنافِسَ فِي طَلَبِ ذَلِكَ جُهْدَه وطَاقَتَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ}[المطففين: 26] وَلاَ يَكْرَهُ أَنَّ أَحَدًا يُشَارِكُه في ذَلِكَ، بَلْ يُحِبُّ للنَّاسِ كُلِّهِم المُنَافَسَةَ فِيهِ، ويَحُثُّهُم عَلَى ذَلِكَ، وهو مِن تَمَامِ أَدَاءِ النَّصِيحَةِ للإِخْوَانِ.
قَالَ الفُضَيْلُ: (إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ مِثْلَكَ، فَمَا أَدَّيْتَ النَّصِيحَةَ لرَبِّكَ، كَيْفَ وأَنْتَ تُحِبُّ أَنْ يَكُونُوا دُونَكَ؟!)
يُشِيرُ إِلَى أَنَّ أَدَاءَ النَّصِيحَةِ لَهُم أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَكُونُوا فَوْقَه، وهَذِهِ مَنْزِلَةٌ عَالِيَةٌ، ودَرَجَةٌ رَفِيعَةٌ فِي النُّصْحِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بَوَاجِبٍ، وإِنَّما المَأْمُورُ بِهِ في الشَّرْعِ أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَكُونُوا مِثْلَه، ومَعَ هَذَا، فإِذَا فَاقَه أَحَدٌ فِي فَضِيلَةٍ دِينِيَّةٍ، اجْتَهَدَ عَلَى لِحَاقِهِ، وحَزِنَ عَلَى تَقْصِيرِ نَفْسِهِ، وتَخَلُّفِهِ عن لحَاقِ السَّابِقِينَ، لاَ حَسَدًا لَهُم عَلَى مَا آتَاهُم اللهُ، بَلْ مُنَافَسَةً لَهُم، وغِبْطَةً وحُزْنًا عَلَى النَّفْسِ بتَقْصِيرِهَا وتَخَلُّفِهَا عن دَرَجَاتِ السَّابِقِين.


ويَنْبَغِي للمُؤْمِنِ أَنْ لاَ يَزَالَ يَرَى نَفْسَه مُقَصِّرًا عن الدَّرَجَاتِ العَالِيَةِ، فيَسْتَفِيدَ بذَلِكَ أَمْرَيْنِ نَفِيسَيْنِ:

- الاجْتِهَادَ فِي طَلَبِ الفَضَائِلِ.


- والازْدِيَادَ مِنْهَا.
- والنَّظَرَ إِلَى نَفْسِهِ بعَيْنِ النَّقْصِ.
ويَنْشَأُ مِنْ هَذَا أَنْ يُحِبَّ للمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا منه؛ لأَِنَّه لاَ يَرْضَى لَهُم أَنْ يَكُونُوا عَلَى مِثْلِ حَالِهِ، كَمَا أنَّه لاَ يَرْضَى لنَفْسِهِ بِمَا هي عَلَيْهِ، بِلْ هو يَجْتَهِدُ فِي إِصْلاَحِهَا.
وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ لابْنِهِ: (أَمَّا أَبُوكَ، فَلاَ كَثَّرَ اللهُ فِي المُسْلِمِينَ مِثْلَه).


فَمَن كَانَ لاَ يَرْضَى عن نَفْسِهِ، فَكَيْفَ يُحِبُّ للمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا مِثْلَه مَعَ نُصْحِهِ لَهُم؟

بل هو يُحِبُّ للمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُ، ويُحِبُّ لنَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا مِمَّا هو عَلَيْهِ.
وإِنْ عَلِمَ المَرْءُ أَنَّ اللهَ قَدْ خَصَّه عَلَى غَيْرِه بفَضْلٍ، فأَخْبَرَ بِهِ لمَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ، وكَانَ إِخْبَارُه عَلَى وَجْهِ التَّحَدُّثِ بالنِّعَمِ، ويَرَى نَفْسَهُ مُقَصِّرًا فِي الشُّكْرِ، كَانَ جَائِزًا.


فَقَدْ قَالَ ابنُ مَسْعُودٍ: (مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بكِتَابِ اللهِ مِنِّي) وَلاَ يَمْنَعُ هَذَا أَنْ يُحِبَّ للنَّاسِ أنْ يُشَارِكُوه فِيمَا خَصَّهُ اللهُ بِهِ، فَقَدْ قَالَ ابنُ عبَّاسٍ:(إنِّي لأََمُرُّ عَلَى الآيةِ مِن كِتَابِ اللهِ، فَأَوَدُّ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُم يَعْلَمُونَ مِنْهَا مَا أَعْلَمُ).
وقَالَ الشَّافِعِيُّ: (وَدِدْتُ أَنَّ النَّاسَ تَعَلَّمُوا هَذَا العِلْمَ، وَلَمْ يُنسَبْ إِلَيَّ مِنْهُ شَيْءٌ) وكَانَ عُتْبَةُ الغُلاَمُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ يَقُولُ لبَعْضِ إِخْوَانِهِ المُطَّلِعِينَ عَلَى أَعْمَالِهِ، أَخْرِجْ إِلَيَّ مَاءً أَوْ تَمَرَاتٍ أُفْطِرُ عَلَيْهَا؛ ليَكُونَ لَكَ مِثْلُ أَجْرِي.

هيئة الإشراف

#7

2 Nov 2008

شرح معالي الشيخ : صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ(مفرغ)


قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ (م): (

القارئ:
(وعن أبي حمزة أنس بن مالك -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه)) رواه البخاري ومسلم).

الشيخ:
هذا حديث أنس -رضي الله عنه- وهو الحديث الثالث عشر من هذه الأحاديث النوويه، قال: عن أبي حمزة أنس بن مالك -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
((لا يؤمن أحدكم))هذه الكلمة تدل على أنَّ ما بعدها مأمورٌ به في الشريعة، إمّا أمر إيجاب، أو أمر استحباب، ونفي الإيمان هنا قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب (الإيمان) :((لا يؤمن أحدكم))أن هذا نفيٌ لكمال الإيمان الواجب، فإذا نفي الإيمان لفعل دل على وجوبه،َ ((لا يؤمن أحدكم حتى يُحبّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه))، دل على أنَّ محبة المرء لأخيه ما يحب لنفسه واجبة).
قال: لأنَّ نفي الإيمان لا يكون لنفي شيء مستحب، فنفي الإيمان دالٌّ على أنَّ هذا الأمر واجب؛ فيكون إذاً نفي الإيمان، نفي لكماله الواجب؛ فيدل على أن الأمر المذكور، والمعلق به النفي واجب.

إذا تقرّر هذا فقوله هنا: ((لا يؤمن أحدكم حتى)) له نظائر كثيرة في السنة: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين)).
(( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
(( لايؤمن مَنْ لا يأمَنُ جاره بوائقه)) وهكذا، إذا تقرر ذلك فإن نفي الإيمان فيها على باب واحد، وهو أنه ينفى كمال الإيمان الواجب.

ثم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((حتى يحب لأخيه ما يُحب لنفسه)) هذا يشمل: جميع الأعمال الصالحة من الأقوال، والاعتقادات، والأفعال.
فقوله: ((حتى يحب لأخيه ما يُحبُّ لنفسه)) يشمل أن يحب لأخيه: أن يعتقد الاعتقاد الحسن كاعتقاده، وهذا واجب.

ويشمل أن يحب لأخيه: أن يكون مصِّلياً كفعله، فلو أحب لأخيه أن يكون على غير الهداية؛ فإنه ارتكب محَّرماً، فانتفى عنه كمال الإيمان الواجب، لو أحب أن يكون فلان من الناس، على غير الاعتقاد الصحيح الموافق للسنة، يعني على اعتقادٍ بدعي؛ فإنه كذلك ينُفى عنه كمال الإيمان الواجب.
وهكذا في سائر العبادات، وفي سائر أنواع اجتناب المحرمات، فإذا أحب لنفسه أن يترك الرّشوة، وأحب لأخيه أن يقع في الرِّشوة، حتى يُبرزَ هو كان منفياً عنه كمال الإيمان الواجب، وهكذا في نظائرها.
وقد جاء في (سنن النسائي) وفي غيره تقييد (ما يحب) هنا بما هو معلوم وهو قوله: ((حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه من الخير)) وهذا ظاهر.

أما أمور الدنيا، فإن محبة الخير لأخيه كما يحبُّ لنفسه، هذا مستحبٌ لأن الإيثار بها مستحب وليس بواجب.

- فيحبُّ لأخيه أن يكون ذا مال، مثلما يحب لنفسه، هذا مستحب.


- يحبُّ لأخيه أن يكون ذا وجاهة، مثلما له، هذا مستحب.

يعني لو فرَّط فيه لم يكن كمال الإيمان الواجب منفياًّ عنه؛ لأن هذه الأفعال مستحبة.
فإذاً صار المقام هنا على درجتين:

-إذا كان ما يحبه لنفسه متعلق بأمور الدين فهذا واجبٌ،

وهذا هو الذي تسلّط نفي الإيمان عليه: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) يعني: من أمور الدين، أو من الأمور التي يرغب فيها الشارع، وأمر بها أمر إيجاب، أو أمر استحباب.
وكذلك ما نهى عنه الشارع، فيُحب لأخيه أن ينتهي عن المحرمات، ويحب لأخيه أن يأتي الواجبات، هذا لو لم يحبه لانتفى عنه كمال الإيمان الواجب.
أمّا أمور الدنيا كما ذكرنا؛فإنها على الاستحباب.
ويتفرع عن هذا مسألة الإيثار، والإيثار منقسم إلى قسمين:
الأول: إيثار بالقُرَب.

والثاني: وإيثار بأمور الدنيا.

أما الإيثار بالقرب: فإنه مكروه؛ لأنه يخالف ما أُمرنا به من المسابقة في الخيرات والمسارعة في أبواب الطاعات، {سابقوا إلى مغفرة من ربكم}{وسارعوا إلى..} فالمسارعة والمسابقة تقتضي أن كلَّ بابٍ من أبواب الخير يسارع إليه المسلم، ويسبقُ أخاه إليه {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}.
والقسم الثاني: الإيثار في أمور الدنيا في:
- الطعام.
- في الملبس.
-في المركب.

- في التصدر في مجلس.
أو ما أشبه ذلك؛ فهذا مستحب أن يؤْثِر أخاه في أمور الدنيا، كما قال -جل وعلا- في وصف خاصة المؤمنين: {ويُؤْثرون على أنفسهم ولو كان بهم خَصاصة ومن يوق شُحَّ نفسهِ فأولئك هُمُ المفلحون}فدلت الآية على أنّ الإيثار بأمور الدنيا من صفات المؤمنين، وهذا يدل على استحبابه.
صلة هذا بالحديث:

قال: ((لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) يحب للأخ ما يحب للنفس، قد يقتضي هذا أن يقدمه، فهل إذا كان في أمور الدنيا يقدمه؟


على ما ذكرنا أن الإيثار بالقرب مكروه، الإيثار في أمور الدنيا مستحب، فحبه لأخيه ما يحب لنفسه من أمور الدنيا؛ المستحب هنا أيضاً يستحب أن يقدم أخاه على نفسه في أمور الدنيا.

هذا خلاصة ما في الحديث من البحث، وبهذا يظهر ضابط قوله: ((لا يؤمن أحدكم..)) وما يتصل بها من الفعل: ((حتى يحب لأخيه))((حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)) فإن هذا أمر مطلوب شرعاً ((من لا يأمن جاره بوائقه)).

هيئة الإشراف

#8

2 Nov 2008

الكشاف التحليلي


حديث أنس - مرفوعاً -:(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
تخريج حديث أنس
ذكر روايات أخرى لحديث أنس رضي الله عنه
موضوع حديث أنس رضي الله عنه
ترجمة أنس - رضي الله عنه -
منزلة حديث أنس
المعنى الإجمالي لحديث أنس
المراد بنفي الإيمان هنا:نفي كمال الإيمان
أسباب زيادة الإيمان:
1- مَعْرِفَةُ أَسْمَاءِ اللَّهِ وصِفَاتِهِ
2- النَّظَرُ في الآياتِ الكَوْنِيَّةِ والشَّرْعِيَّة
3- فِعْلُ الطَّاعَاتِ و تَرْكُ المَعَاصِي
أسباب نقص الإيمان:
1- الجَهْلُ باللَّهِ وصِفَاتِهِ وأَسْمَائِهِ
2- الغَفْلَةُ والإِعْرَاضُ عَنِ النَّظرِ في آياتِ اللَّهِ الكَوْنِيَّةِ والشَّرْعِيَّةِ
3- فِعْلُ المَعَاصِي و تَرْكُ الطَّاعَاتِ
شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى...)
تعريف المحبة
هل محبة المرء لأخيه ما يحبه لنفسه واجبة أو مستحبة؟
حكم محبة المرء لأخيه ما يحبه لنفسه في أمور الدين
حكم محبة المرء لأخيه ما يحبه لنفسه في أمور الدنيا
فضل محبة المرء لإخوانه ما يحبه لنفسه
محبة المرء لأخيه ما يحبه لنفسه من شعب الإيمان
جواز تمني المرء فضيلة نالها غيره
كيف يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه
أحوال السلف في محبتهم لإخوانهم ما يحبونه لأنفسهم من الخير
تنبيه: لا إثم على من كره أن يفوقه أحد
ينبغي للمؤمن أن يحزن لفوات الفضائل الدينية
ينبغي للمؤمن أن لا يزال يرى نفسه مقصِّرا عن المعالي
يستفيد بذلك الاجتهاد في الطاعة ورؤية تقصير النفس
جواز إخبار المرء عن فضائل نفسه لمصلحة دينية
مسألة: هل مرتكب الكبيرة مؤمن ناقص الإيمان أو مسلم غير مؤمن؟
القول الأول: أن مرتكب الكبيرة مؤمن ناقص الإيمان
القول الثاني: أن مرتكب الكبيرة مسلم وليس بمؤمن
مسألة: حكم الإيثار
أقسام الإيثار:
القسم الأول: الإيثار بالقُرَب
حكم الإيثار بالقُرَب
القسم الثاني: الإيثار بالمصالح الدنيوية
حكم الإيثار بالمصالح الدنيوية
من فوائد حديث أنس:
أَنَّ الإيمانَ يَزِيدُ ويَنْقُصُ
الرَّدُّ عَلَى المُرْجِئَةِ والخَوَارِجِ
التعاون والتآلف بين المسلمين
المسلمون كالجسد الواحد
مِن كَمَالِ الإيمانِ مَحَبَّةُ الخَيْرِ للمسلمين

عبد العزيز بن داخل المطيري

#9

2 Nov 2008

العناصر

حديث أنس - مرفوعاً -:(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
تخريج حديث أنس
ذكر روايات أخرى لحديث أنس رضي الله عنه
موضوع حديث أنس رضي الله عنه
ترجمة أنس - رضي الله عنه -
منزلة حديث أنس
المعنى الإجمالي لحديث أنس
المراد بنفي الإيمان هنا:نفي كمال الإيمان
أسباب زيادة الإيمان:
1- مَعْرِفَةُ أَسْمَاءِ اللَّهِ وصِفَاتِهِ
2- النَّظَرُ في الآياتِ الكَوْنِيَّةِ والشَّرْعِيَّة
3- فِعْلُ الطَّاعَاتِ و تَرْكُ المَعَاصِي
أسباب نقص الإيمان:
1- الجَهْلُ باللَّهِ وصِفَاتِهِ وأَسْمَائِهِ
2- الغَفْلَةُ والإِعْرَاضُ عَنِ النَّظرِ في آياتِ اللَّهِ الكَوْنِيَّةِ والشَّرْعِيَّةِ
3- فِعْلُ المَعَاصِي و تَرْكُ الطَّاعَاتِ
شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى...)
تعريف المحبة
هل محبة المرء لأخيه ما يحبه لنفسه واجبة أو مستحبة؟
حكم محبة المرء لأخيه ما يحبه لنفسه في أمور الدين
حكم محبة المرء لأخيه ما يحبه لنفسه في أمور الدنيا
فضل محبة المرء لإخوانه ما يحبه لنفسه
محبة المرء لأخيه ما يحبه لنفسه من شعب الإيمان
جواز تمني المرء فضيلة نالها غيره
كيف يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه
أحوال السلف في محبتهم لإخوانهم ما يحبونه لأنفسهم من الخير
تنبيه: لا إثم على من كره أن يفوقه أحد
ينبغي للمؤمن أن يحزن لفوات الفضائل الدينية
ينبغي للمؤمن أن لا يزال يرى نفسه مقصِّرا عن المعالي
يستفيد بذلك الاجتهاد في الطاعة ورؤية تقصير النفس
جواز إخبار المرء عن فضائل نفسه لمصلحة دينية
مسألة: هل مرتكب الكبيرة مؤمن ناقص الإيمان أو مسلم غير مؤمن؟
القول الأول: أن مرتكب الكبيرة مؤمن ناقص الإيمان
القول الثاني: أن مرتكب الكبيرة مسلم وليس بمؤمن
مسألة: حكم الإيثار
أقسام الإيثار:
القسم الأول: الإيثار بالقُرَب
حكم الإيثار بالقُرَب
القسم الثاني: الإيثار بالمصالح الدنيوية
حكم الإيثار بالمصالح الدنيوية
من فوائد حديث أنس:
أَنَّ الإيمانَ يَزِيدُ ويَنْقُصُ
الرَّدُّ عَلَى المُرْجِئَةِ والخَوَارِجِ
التعاون والتآلف بين المسلمين
المسلمون كالجسد الواحد
مِن كَمَالِ الإيمانِ مَحَبَّةُ الخَيْرِ للمسلمين