31 Mar 2011
الدرس الأول: مقدمات مهمة في طلب العلم، وبيان منهج دراسة العقيدة
الملفات الصوتية للمحاضرة
مقاصد الدرس الأول
· المقصد الأول: بيان شدة الحاجة إلى الهداية، وأنها لا تكون إلا بالعلم الصحيح، وأن إهمال العلم يعرّض صاحبَه لخطر الضلال.
· المقصد الثاني: بيان عداوة الشيطان للإنسان وحرصه على إضلاله.
· المقصد الثالث: بيان فضل العلم، والتحذير من العلم الذي لا ينفع.
· المقصد الرابع: بيان معالم المنهج الصحيح لطلب العلم، والميزان الذي توزن به طرق طلب العلم.
· المقصد الخامس: بيان المنهج المقترح لدراسة العقيدة.
· المقصد السادس: بيان أهمية دراسة سير المجدّدين.
· المقصد السابع: ترجمة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
· المقصد الثامن: التعريف برسالة ثلاثة الأصول وأدلتها.
الملف الأول:
للتحميل اضغط هنـا
الملف الثاني:
للتحميل اضغط هنـا
الملف الثالث:
للتحميل اضغط هنـا
الملف الرابع:
للتحميل اضغط هنـا
الملف الخامس: [أعيد تسجيله بسبب خلل في تسجيل الملف الأصلي ، وفيه إضافات]
للتحميل اضغط هنـا
* بثت المحاضرة يوم الأربعاء 15 جمادى الأولى 1432 هـ الساعة الخامسة عصراً بتوقيت مكة المكرمة .
بيان شدة الحاجة إلى الهداية، وأنها لا تكون إلا بالعلم الصحيح، وأن إهمال العلم يعرّض صاحبَه لخطر الضلال
الحمد لله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء رحمة وعلماً وتقديراً، وتبارك
الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، والصلاة والسلام على من
بعثه الله هادياً وبشيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فصلى
الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمابعد:
فهذا اللقاء التمهيدي لدورة شرح رسالة ثلاثة الأصول وأدلتها لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله تعالى .
اليوم الأربعاء السادس عشر
من شهر جمادى الأولى من السنة الثانية والثلاثين بعد الأربعمائة والألف من
هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد رغبت أن تكون هذه
المحاضرة التمهيدية في بيان بعض المقدمات المهمات في طلب العلم عموماً وطلب
علم العقيدة على وجه الخصوص وبيان أهمية التدرج في تحصيل العلم ومواصلة
طلبه، وارتباط الحاجة إلى العلم بحياة المسلم الفردية وشدة احتياج الأمة
إلى العلم والهدى.
فحاجة الأمة إلى العلم الرباني ملحة ماسة فإنه لا نجاة لهم إلا بما يهديهم الله عز وجل به كما قال الله عز وجل في الحديث القدسي: [يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ] رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
وهذا يشمل جميع ما يحتاجون إلى الهداية فيه، والهداية أصلها العلم.
ولو تأملنا أول وصية وصى
الله بها الناس عند بدء هذه الحياة الدنيا لما أهبط الله عز وجل أبوينا آدم
وحواء إلى الأرض قال الله تعالى: {قُلْنَا
اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ
تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
فتضمنت هذه الآية وصية
عظيمة ووعداً لا يخلفه الله وتحذيراً شديداً لمن يخالف هذه الوصية ، وهذه
الأمور قائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
فضمن الله لمن اتبع هداه
ألا يخاف ولا يحزن، وضمن لمن اتبع هداه ألا يضل ولا يشقى وضمن لمن اتبع
هداه أن يخرجه من الظلمات إلى النور وأن يهديه سبل السلام ، وأن ينجيه مما
يخاف، وهذا وعد صادق للفرد والأمة.
بيان عداوة الشيطان للإنسان وحرصه على إضلاله
ونحن
قد جاءنا أعظمُ الهدى وهو القرآن الكريم خير كتاب أنزل، وبعث إلينا
نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو خير نبي أرسل، أحسن الهدي هديه كما
ثبت في الحديث الصحيح: (إن أحسن الهدي هدي محمد) وقال الله تعالى عن القرآن: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}.
ولهذا كانت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، لأنها أعظم الأمم هداية.
وهذه الهداية مبناها على
العلم الصحيح، واتباع رضوان الله عز وجل بطاعة أمره وتصديق وعده والحذر من
طاعة الشيطان وحزبه كما قال الله تعالى: {وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ
شَيْطَانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ
يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ}.
وتولي الشياطين يكون باتباع خطواتها وتصديق ما تعد به وتمني وفعل ما تزينه من المعاصي كما قال الله تعالى: {وَمَنْ
يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ
خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ
الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}.
وقد أخبر الله تعالى أن أعداءه أولياء للشياطين، وأن الناس حزبان : حزب مع الله وحزب مع الشياطين.
وقال: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (تفسير)
فالعداوة الحقيقية بين الإنسان والشيطان قضية كبيرة بينها الله عز وجل لنا أتم بيان، قال الله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}.
وبيَّنها النبي صلى الله
عليه وسلم بل جاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله
عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه).
ومن شأن الشيطان حرصه على الإضلال كما قال الله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: {قَالَ هَٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ}
وقال تعالى: {أَلَمْ
أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ
إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَٰذَا صِرَاطٌ
مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ
تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} جبلاً : أي خلقاً كثيراً كانوا مجبولين على الفطرة الصحيحة التي فطر الله الناس عليها.
لكن من آمن بالله واتبع هداه عصمه الله ووقاه وكفاه.
فيحتاج المؤمن إلى اتباع
هدى الله في كبير الأمور وصغيرها وحاجته إلى الهداية أعظم من حاجته إلى
الطعام والشراب والنفس ، والمهتدون يتفاضلون في الهداية تفاضلاً عظيماً
ولذلك أمر الله المسلمين أن يسألوه الهداية مراراً كثيرة في اليوم الواحد
فلا تصح صلاة لا يدعو فيها المسلم بدعاء {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}.
وما يعترض الإنسان من
عوارض الفتن والمحن والشرور والمعاصي والهموم والأحزان والجهل والشك
والحيرة وغيرها هي من الظلمات التي وعد الله المؤمنين أن يخرجهم منها كما
قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، وقال تعالى: {قَدْ
جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ
مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ
الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ}.
وكم من ظلمة في اليوم والليلة تعترضك وأنت تدري أو لا تدري.
فتبينت بذلك حاجة الفرد
والأمة إلى الهداية في كل شأن من الشؤون ، وأن الحاجة لذلك ماسة، وأن
الهداية لا تكون إلا بالعلم النافع واتباع رضوان الله تعالى وما وصى به
عباده المؤمنين.
وإن الله لم يترك أمراً يحتاج الناس إلى بيانه إلا بينه لهم بما أنزل في كتابه الكريم وبما أرسل به نبيه صلى الله عليه وسلم
فقد أكمل الله الدين وأتمه كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك) أي
أنه بلغنا الرسالة وبين لنا أحكام الدين بياناً شافيا كافياً وافياً بما
نحتاجه، وجاءنا بشريعة سمحة ودين يسره الله لنا تيسيراً عظيماً حتى لم يعد
لأحد عذر في ترك اتباعه صلى الله عليه وسلم .
ولما اجتمع الناس في أعظم جمع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قال لهم في خطبة الوداع العظيمة : ((وقد
تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني
فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت وقال بإصبعه السبابة
يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات)) رواه مسلم من حديث جابر.
وفي مستدرك الحاكم وسنن البيهقي وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله و سنتي و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض). صححه الألباني.
فالتفقه في الكتاب والسنة والتمسك بهما عصمة من الضلالة ، وهذا هو العلم النافع الذي نريده.
بيان فضل العلم، والتحذير من العلم الذي لا ينفع
فطلب العلم لهذا المقصد
العظيم من أفضل القربات إلى الله تعالى ، والعلم أصل كل عبادة، وبيان ذلك
أن كل عبادة يؤديها العابد لا تقبل إلا إذا كانت خالصة لله تعالى وعلى سنة
النبي صلى الله عليه وسلم، ومعرفة ذلك تستدعي قدراً من العلم.
وكذلك معرفة ما يحبه الله وما يكرهه إجمالاً وتفصيلاً لا تكون إلا بالعلم.
والناس متفاضلون في العلم تفاضلاً كبيراً كما قال الله تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} وكلما كان الإنسان أكثر علماً فيما ينفع كان أكثر فضلاً.
وقد تواترت الأدلة ببيان
فضل العلم وأهله ، وفضل طلبه، ورتب على ذلك من الثناء العظيم والثواب
الجزيل في القرآن الكريم والسنة النبوية ما يجعل المؤمن حرياً بأن يكون
حريصاً على نيل هذا الفضل العظيم مجتهداً في طلبه.
قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}
فأسند الرفع إليه جل وعلا وتكفل به ، والله لا يخلف وعده، وهذا فضل من
الله عظيم يفيد بأن من تحقق فيه وصف العلم والإيمان نال الرفعة بإذن الله
جل وعلا.
وقال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} وقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، وقال: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}.
وفي الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ )) .
والتفقيه في الدين يشمل جميع أبوابه في الاعتقاد والأحكام والأخلاق والآداب والتزكية والجزاء وغيرها.
• وفي صحيح مسلم من حديث أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ )).
• وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(( مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَبْتَغِي فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ
طَريقاً إِلَى الجَنَّةِ، وَإنَّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا
لِطَالِبِ العِلْمِ رِضاً بِمَا يَصْنَعُ ، وَإنَّ العَالِمَ
لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّماوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ حَتَّى
الحيتَانُ في المَاءِ ، وَفضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ
القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ ، وَإنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ
الأنْبِيَاءِ ، وَإنَّ الأنْبِيَاءَ لَمْ يَوَرِّثُوا دِينَاراً وَلاَ
دِرْهَماً وَإنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بحَظٍّ
وَافِرٍ)) . رواه أَبُو داود والترمذي.
ذكر ابن عبد البر في
التمهيد أن استغفار الملائكة دليل على أن الله يغفر له إن شاء الله، وقال:
(ألا ترى أن طلب العلم من أفضل الأعمال وإنما صار كذلك والله أعلم لأن
الملائكة تضع أجنحتها له بالدعاء والاستغفار).
وقد أدرك أئممتنا هذه
الحقيقة فاجتهدوا في تعلم العلم وتعليمه وصبروا على ما أصابهم في ذلك حتى
تبوؤوا المكانة التي رفع الله بها ذكرهم وأعلى شأنهم فكانوا أئمة الدين
وأولياء رب العالمين، وآثارهم في بيان فضل العلم مذكورة مشهورة .
o روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أنه قال: (ما عبد اللهَ بمثل الفقه).
o وقال مطرف بن عبد الله بن الشخير: (فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة وخير دينكم الورع) رواه الإمام أحمد في الزهد.
o وقال سفيان الثوري : (ما أعلم عملاً أفضلَ من طلب العلم وحفظه لمن أراد الله به خيراً) رواه الدارمي.
وروى ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله عن عبد الله بن المبارك أنه قال: قال لي سفيان الثوري: (ما يراد الله -عز وجل- بشيء أفضل من طلب العلم، وما طلب العلم في زمان أفضل منه اليوم).
فتأملوا عظيم فقهه رحمه الله ، فنحن اليوم إنما نتعلم مما ورثوه لنا من العلم رواية ودراية.
فعنهم نتلقى مسائل
الاعتقاد، وعنهم نتلقى مسائل الفقه، وعنهم نتلقى معرفة صحيح الحديث من
ضعيفه ومن تقبل روايته ومن ترد، وعنهم نتلقى الأخلاق الفاضلة والتزكية
والسلوك .
وهذه صفة العلماء الربانيين يجدهم طالب العلم فيما يَحتاج إليه من أبواب الدين أئمةً يقتدى بهم ويتلقى عنهم العلم والهدي.
o وروى البيهقي بإسناده إلى الربيع بن سليمان المرادي أنه قال: سمعت الشافعي يقول: (ليس بعد أداء الفرائض شيء أفضلَ من طلب العلم ، قيل له : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ ، قال : ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل).
وقال مهنا بن يحيى السلمي: (قلت: لأحمد بن حنبل ما أفضل الأعمال قال: طلب العلم لمن صحت نيته.
قلت: وأي شيء تصحيح النية؟
قال: ينوي يتواضع فيه وينفي عنه الجهل).
o ونقل ابن هانئ في مسائله عن الإمام أحمد أنه قال: (العلم لا يعدله شيء).
وقد نقل النووي في المجموع
اتفاق السلف على أن الاشتغال بالعلم أفضلُ من الاشتغال بنوافل الصوم
والصلاة والتسبيح ونحو ذلك من نوافل عبادات البدن.
وقد صنف العلماء في فضل
العلم وأهله مصنفات عظيمة النفع جليلة القدر، وأفرد له بعضهم أبواباً في
بعض كتبهم فأفرد البخاري في صحيحه كتاب العلم وضمنه باباً في فضل العلم،
وكذلك فعل الإمام مسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي والدارمي وغيرهم كثير.
وصنف بعض العلماء في فضل
العلم كتباً مفردة منهم : أبو نعيم الأصبهاني وأبو العباس المُرْهِبي (أحمد
بن علي ، من شيوخ أبي نعيم) وابن عبد البر وابن رجب وغيرهم.
وقد ذكرت لكم أهم ما استُدل به على فضل العلم.
بل لا توجد أمة من الأمم اعتنت بتعلم أحكام دينها كعناية هذه الأمة المباركة؛ فإنها قد بلغت فيه غاية لم تبلغها أمة من الأمم قبلها.
تنبيه:
ومما ينبغي أن يعلم أنَّ
العلم منه نافع وغير نافع، وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من علم لا
ينفع؛ فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه
وسلم : (( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها)) رواه مسلم.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سلوا الله علماً نافعاً، وتعوذوا بالله من علم لا ينفع)) رواه ابن ماجة.
والتعوذ من العلم الذي لا ينفع دليل على أن فيه شرٌّ يجب التحرز منه.
فينبغي لطالب العلم أن يعتني بالعلم الذي ينفعه في دينه ودنياه، ويحفظ وقته مما لا ينفعه.
والعلوم التي لا تنفع كثيرة ومن أبرز علاماتها مخالفة مؤداها لهدي الكتاب والسنة.
فكل علم تجده يصد عن طاعة
الله أو يزين معصية الله أو يؤول إلى تحسين ما جاءت الشريعة بتقبيحه أو
تقبيح ما جاءت الشريعة بتحسينه فهو علم غير نافع.
وسنأتي على شرح بعض المسائل المتعلقة بالعلم في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.
بيان معالم المنهج الصحيح لطلب العلم، والميزان الذي توزن به طرق طلب العلم
وبعد أن عرفنا فضل طلب العلم فكيف يكون طلب العلم؟ وما هي الأصول التي ينبغي لطالب العلم أن يراعيها حتى يسلك المنهج الأمثل في طلب العلم؟ قبل بيان المنهج الأمثل ينبغي أن نعتبر بحقيقة مشاهدة تسهل علينا معرفة الميزان الذي توزن به طرق طلب العلم. فلو تأملنا صنعة من
الصنائع المعروفة كالطب أو الهندسة أو الزراعة أو النجارة أو غيرها من
الصنائع التي يحتاجها الناس في حياتهم تجد أن لكل صنعة أصحابَها القائمين
بها الذين أمضوا سنوات من أعمارهم في تعلمها حتى حذقوها وأفادوا بها وعرف
الناس تمكنهم فيها حتى أمنوهم على مصالحهم وشهدوا لهم فيها بالإجادة
والإحسان. فهذه البراعة في الصناعة لم تأتهم سهواً رهواً ولا عفواً صفوا ، وإنما كابدوا في تحصيلها ما كابدوا ! وقد تأملت أحوال أرباب الصنائع فوجدت أن المناهج المختلفة في التعلم تجتمع في أربعة أمور: الأمر الأول: الإشراف العلمي والأمر الثاني: التدرج. والأمر الثالث: النهمة في التعلم. والأمر الرابع: الوقت الكافي للتعلم. فتجد طالب تلك الصنعة يبدأ
تعلمها تحت إشراف علمي من معلم يرشده ويقومه وربما يقوم ببعض العمل أمامه
ويطلب منه إعادته وقد يخطئ المتعلم مرات كثيرة فيقومه معلمه ويبين له
خطأه حتى يتعلم شيئاً فشيئاً. وتجده يبدأ في التعلم بما
يتيسر له مما يحسن معرفته بالتدريب اليسير ثم يتدرج لما هو أصعب منه
قليلاً وهكذا لا يزال يتدرج في التعلم حتى يترقى في تلك الصنعة ويبلغ ما
قدر له أن يبلغ من التمكن فيها. ولا ينال ذلك إلا بالنهمة
في التعلم والحرص عليه وتكرار المحاولات وعدم الإياس إذا فشل ، بل يبقى
حريصاً على التعلم حتى يشتد عوده في تلك الصنعة. ومع هذا كله لا بد له من
الصبر على التعلم مدة كافية من الزمن حتى يصل إلى الدرجة التي يشهد له فيها
أرباب تلك الصنعة بالحذق والتمكن فيها، ويطمئن الناس إلى تمكنه من صنعته
فيأمنونه على مصالحهم. فلو رام إنسان اختصار هذا
كله فتلبس بلباس أهل تلك الصنعة وتحدث بلسانهم، واستعمل شيئاً من أدواتهم
وهو ولم يسلك طريقة أصحاب تلك الصنعة في تعلمها فإنه لا يكون من أهلها
وإنما هو مدعٍ كذاب لا يوثق به ولا يأتمنه من يعرف حاله، بل ما أسهل ما
يبيِّن الامتحان كذبه وادعاءه. إذا تبين ذلك فإن من أراد
أن يكون عالماً وهو لم يسلك طريقة أهل العلم في التعلم فإنه لا يحصل
مراده؛ فإن تكلم في العلم وتصدر مع ذلك فهو جاهل متعالم ضرره أكبر من
نفعه. وسلوك المنهج الصحيح في
طلب العلم يفيد طالب العلم في حفظ وقته وجهده ويعرِّفه بمعالم كل علم
فيأتيه من بابه ويتعلمه على وجهه الصحيح فإن سار فيه وصل ونجح، وإن تذبذب
وانقطع لم يصل فيه إلى ما كان يأمل. وقد بينت لكم في مقالة
مفردة مسارات طلب العلم لدى العلماء ، وتلك المسارات وإن كانت متنوعة إلا
أن لها ثوابت محددة تجمعها ، وهي أن كل علم يؤخذ عن أهله ولكل علم مصادره
التي ينهل منها العلماء، وأن طالب العلم يحتاج إلى من يرشده بادئ الأمر حتى
يصلب عوده ويشتد ، فيعرف ما يأتي وما يذر. فإذا أراد طالب العلم أن
يتعلم العقيدة فليأخذها عن أهلها من الأئمة المعتبرين الذين لهم قدم صدق في
الأمة فيقرأ كتبهم وسيرهم ، ويستعين على فهم تلك الكتب بما يوضحها
ويبينها من الشروح النافعة. وإذا أراد أن يتعلم الحديث
فليأخذه عن أهله، وإذا أراد أن يتعلم الفقه والنحو والبلاغة وغيرها من
العلوم النافعة فكذلك، فيحتاج الطالب في كل علم يتعلمه أن يعرف أئمته
المعتبرين وكتبه المعتمدة التي يشهد لها أهل العلم في ذلك الاختصاص
بالمتانة العلمية.
والغرض من هذه الوصية أن يعي طالب العلم هذا الأمر جيداً حتى يحفظ وقته وجهده
بيان المنهج المقترح لدراسة العقيدة ومن
هذه العلوم علم العقيدة الذي عُقدت هذه الدورة في أول متون تعلمها في هذا
المعهد، أسأل الله تعالى أن يبارك في هذه الدورة وينفع بها إنه سميع
مجيب.
وتعلم علم العقيدة يسير
ولله الحمد إذا سار فيه طالب العلم سيراً صحيحاً، وأرجو أن يبلغ فيه مرحلة
التقدم في وقت ليس بالطويل ، وهو من العلوم التي يحتاج طالب العلم إلى
التأني في دراستها وفهمها جيداً وحفظ ما يحسن حفظه من مسائلها وأن يسير فيه
بالتدرج دون استعجال، فلو مكث الطالب في الباب الواحد أياماً حتى يضبطه
جيداً لما كان كثيراً ، لأن الرسوخ في فهمه يعينه على حسن فهم ما بعده من
الأبواب.
ومسائل الاعتقاد لا تخرج عن بابين عظيمين من أبواب الاعتقاد:
الباب الأول:
الشهادتان شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسول الله صلى الله
عليه وسلم ولوازم هاتين الشهادتين العظيمتين، وفي الصحيحين من حديث ابن
عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل إلى
اليمن قال له: (إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله). وفي رواية في صحيح البخاري : (فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله). فأول ما يجب تعلمه التوحيد كما دل عليه الحديث. الباب الثاني: مراتب الدين المذكورة في حديث جبريل الطويل التي هي : (الإسلام والإيمان والإحسان). وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في تمام الحديث: (هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم). والشهادتان مذكورتان في
حديث جبريل، وإنما أفردت ذكرهما في الباب الأول للاهتمام بتقديمهما لتحقيق
التدرج في التعلم، وأحسن ما يتعلمه طالب العلم أن يبدأ بدراسة هذا الحديث
العظيم. وقد استهلّ الإمام مسلم بن الحجاج صحيحه بهذا الحديث العظيم. ولذلك اخترنا لكم في
البداية رسالة ثلاثة الأصول وأدلتها لأنها تضمنت هذين البابين وتضمنت حديث
جبريل ، وإلا لو درس الطالب متناً آخر يفي بهذا المقصد التعليمي لكفاه إن
شاء الله. ذلك أن طالب العلم إذا درس
شهادة أن لا إله إلا الله دراسة جيدة عرف معنى التوحيد وأقسامه وواجباته
وآدابه وما يقدح فيه، وعرف معنى العبادة التي يجب إفراد الله تعالى بها،
وأنواعها، وأحوال دخول الشرك في العبادة وما يعتبر شركاً وما ليس بشرك، إلى
غير ذلك من المسائل المهمة التي دلت عليها كلمة التوحيد العظيمة. وإذا درس شهادة أن محمداً
رسول الله صلى الله عليه وسلم دراسة جيدة عرف معنى المتابعة وشروطها
وواجباتها وآدابها وعرف معنى البدعة وحكمها، وعرف ما ينقض الشهادتين، وعرف
مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم من طاعة أوامره
واجتناب نواهيه وتصديق أخباره وقبول أحكامه، واعتقاد أن هديه أحسن الهدي في
الأمور كلها، وأن محبته مقدمة على محبة النفس والأهل والولد، وعرف أن ما
ينافي تحقيق هذه الشهادة فهو مخرج عن دين الإسلام والعياذ بالله. فالشهادتان أصل الإسلام ومفتاح الدخول فيه وارتكاب أي أمر ينقضهما يعد ناقضاً من نواقض الإسلام. ثم بعد ذلك ينتقل إلى دراسة مراتب الدين فيدرس أركان الإسلام ومنها الشهادتان، وأركان الإيمان وركن الإحسان. وغالب مسائل الاعتقاد التي
يذكرها الأئمة في كتبهم ترجع إلى أركان الإيمان الستة، حتى إن بعض الأئمة
يرتب الكلام في أبواب الاعتقاد على ترتيب أركان الإيمان. فالمرحلة الأولى من مراحل تعلم العقيدة أن يدرس معنى الشهادتين ومعنى مراتب الدين دراسة جيدة مؤصلة. وهذه المرحلة يكفيه فيها
دراسة ثلاثة الأصول وأدلتها أو ما يقوم مقامها، ولو درس شرح حديث جبريل
الطويل دراسة جيدة يعتني فيها بمسائل التوحيد كفاه ذلك إن شاء الله تعالى. ثم يدرس بعد ذلك بشيء من
التفصيل ما يتعلق بالإيمان بالله جل وعلا ويعرف معنى التوحيد بتفصيل مناسب
فيدرس معنى التوحيد وأقسامه وفضله وثواب من حققه وواجباته وآدابه ويعرف ما
يناقضه وهو الشرك فيدرس خطره وأقسامه وأنواعه والأبواب التي يدخلها الشرك
، ويدرس معنى العبادة التي يجب إفراد الله تعالى بها. وهذه الموضوعات يكفيه في دراستها كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب فهو كتاب قيم في هذا الباب. وأوصيه أن يقرأ مع ذلك
شرحاً ميسراً للأسماء الحسنى لما في دراستها من فوائد جليلة تعرف طالب
العلم بربه جل وعلا، وإذا عرف الله تعالى بأسمائه الحسنى وفقه معانيها
ولوازمها وآثارها وجد في ذلك من العلم والإيمان ما يدفع عنه كثيراً من
الشبه بإذن الله، ويعينه على الاستقامة على دين الله. وأوصيه أن يدرس أشراط
الساعة اهتداء بحديث جبريل عليه السلام ، وفي دراسة أشراط الساعة فوائد
جليلة فهي معينة على الزهد في الدنيا وإيثار الآخرة عليها، واستشعار قصر
هذه الحياة ، وفيها فقه هذه الأشراط ما يعينه على فهم بعض أبواب العلم في
العقيدة والسلوك. فإذا أحكم طالب العلم هذه
المعرفة جيداً واستقرت في قلبه تأهل لدراسة أصول الرد على شبهات الطاعنين
في عقيدة التوحيد وهذه المرحلة يكفيه فيها دراسة كشف الشبهات في مسائل
توحيد العبادة. ثم بعد ذلك يحتاج إلى دراسة نواقض الإسلام وأحكام التكفير. فهذا هو التسلسل المقترح في دراسة التوحيد والذي كان يوصي به علماؤنا في هذه البلاد رحم الله أمواتهم وحفظ أحياءهم. والمهم هو تحقيق هذه المقاصد التعليمية. والتفضيل بين المتون
والكتب التي تعتني بهذه الموضوعات يدخله الاجتهاد ، فإذا عرف الطالب
المقصود لم ينشغل بمسألة التفضيل بين الكتب والمتون والتذبذب بينها بل كان
همه مجتمع على فهم هذه الموضوعات المهمة ودراسة مسائلها جيداً. ولذلك لا يحسن بطالب العلم
الجاد أن يقف كثيراً عند كل ألفاظ المتون حتى يكاد يعربها لأن الإغراق في
جزئيات المسائل الجانبية يشغله عن فهم المقصود الذي لأجله درس هذه
المتون، ويشتت ذهنه ويضعف تركيزه. فاعتن بهذه المسألة جيداً ، ولتكن عنايتك متوجهة لفهم المقاصد أولاً ، ثم ما تحصِّله بعد ذلك من العلم فهو خير على خير. ومَن فقِه ذلك سهل عليه أن
يدرس في الفن الواحد متوناً كثيرة، لأنه إذا درس متناً منها فهم مقاصده
ومسائله فإذا قرأ متناً آخر في نفس العلم كانت عنايته متجهة لمعرفة ما فيه
من زيادة علم، ولم يكن واقفاً عند رسوم الألفاظ. وتنوع الاطلاع يحتاجه طالب العلم بعد أن يضبط أصلاً في كل علم. ذكرنا لكم ما يتعلق بمنهج دراسة التوحيد. وأما مسائل الاعتقاد
المتعلقة بالأسماء والصفات ومباحث الإيمان والقرآن والقدر والغيبيات فأوصي
بدراسة متن مختصر سهل العبارة يعرضها على سبيل الإجمال وقد اخترنا لكم في
المعهد رسالة لمعة الاعتقاد لموفق الدين ابن قدامة المقدسي، ثم بعد ذلك
يدرس مسائل الاعتقاد بتوسع في العقيدة الواسطية، ثم يدرس العقيدة الطحاوية
لما فيها من مسائل زائدة على ما في الواسطية، مع وجود بعض المسائل التي
نبه عليها بعض الشراح ، وهكذا يجد الطالب أنه يتوسع في دراسة العقيدة
شيئاً فشيئاً وتتوسع مداركه كذلك. فإذا حافظ طالب العلم على هذا التسلسل واجتهد في عدم الانقطاع عن الدراسة حصَّل تحصيلاً جيداً مؤصلاً في وقت ليس بالطويل. وأما إذا كان يدرس متناً
ثم لا يتمه وينتقل إلى متن آخر ثم ينقطع فإنه يبقى مغبوناً في وقته وجهده
محروماً من بلوغ مأموله إلى أن يعاود العزيمة الصادقة فيجتهد في تحصيل
العلم على وجهه الصحيح. فمراعاة التدرج ومتابعة الطلب مهمة جداً لطالب العلم فهي المنهجية الصحيحة في التعلم. وهذه المتون التي اخترناها
لكم هي على سبيل الاجتهاد في التفضيل، وإلا لو درس الطالب كتباً أخرى
تعتني بتلك الموضوعات وفهم مقاصدها فإنه يكون قد أتى على المطلوب. فإن رام التوسع بعد ذلك
حسن به أن يدرس الفتوى الحموية والرسالة التدمرية ويقرأ القصيدة النونية
لابن القيم وشرحها وكتاب الصواعق المرسلة ويعتني بكتب شيخ الإسلام ابن
تيمية وتلميذه ابن القيم في الاعتقاد لما تضمنته من تحرير علمي عزيز وتعليم
حسن بديع. وفي هذا القدر كفاية لكم
الآن، وأرجو أن ييسر الله تخصيص محاضرة علمية في بيان الطريقة المؤصلة
لدراسة العقيدة حتى يبلغ الطالب مستوى طلاب العلم المتقدمين فيها.
بيان أهمية دراسة سير المجدّدين ومما
يعين على فهم العقيدة فهماً حسناً قراءة تاريخ الدعوات الإصلاحية وسير
المجددين من الأئمة ففيها فوائد جليلة تعين على فهم دعوة الإسلام كما ينبغي
وتعرف طالب العلم بما أعترض القائمين عليها من ابتلاءات ومحن وكيف صبروا
وثبتوا وما جرت به سنة الله تعالى من نصر من ينصر دينه وجعل العاقبة
لأوليائه.
فيتعرفوا على أسباب نجاح
دعوة أولئك المجددين وانتفاع الناس بدعوتهم ويتعرفوا أيضا على أنواع مكائد
أعداء الدين في المكر بها لردها وإجهاضها وتنفير الناس منها ، ويتعرفوا
أيضاً على مناهج الأئمة في معالجة هذا الأمر ، وما كان هديهم في مواجهة تلك
التحديات من أعداء الداخل والخارج ، وأقصد بأعداء الداخل المنافقين
وأعداء الخارج الكفار ، وهؤلاء يأتمنون بينهم كثيرا في محاربة دعوة
الإسلام الصحيحة ، وغالب مكائد الأعداء ترجع إلى أنواع إذا ضبطها طالب
العلم ودرسها جيدا فهم كثيرا من مسائل الدعوة المعاصرة ، وتكشفت له بعض
مكائد أعداء الدين اليوم ، ومن تأمل سير أئمة الدين من المجددين الكبار
وغيرهم وجد منهم عناية بارزة بسير الأئمة قبلهم ، ومن قرأ كتبهم وجد
استشهادهم بحوادث جرت للأئمة قبلهم ظاهرة ، وهذه المادة قد لايحتاج طالب
العلم فيها إلى متن يدرسه لكن ينبغي له أن يقرأ في هذا العلم أو في هذه
المادة التاريخية شيئا فشيئا من كتب السير والتراجم وما جمع في سير بعض
المجددين من المألفات المفردة الخاصة يقرأ سيرهم قراءة المعتني بفقه أسباب
نجاح الدعوة وماكان يعترضهم من عقبات و صعوبات وكيف تصدوا لمكآئد الأعداء
، فالمقصد الذي يكون في نفس القارئ عند القراءة مهم جداً في انتفاعه من
الكتاب ، فالقراءة بغرض الثقافة قد تفيد الطالب في توسيع مداركه وازدياده
من المعرفة ، لكنها قد لاتصل به الى الفهم والفقه المطلوب الذي نريد منه
أن يبنى من هذه القراءة ما يفيد في نصر الدعوة وإمداددها وحسن التدبير لها
وأول ما ينبغي دراسته في ذلك سيرة إمام المجددين صلى الله عليه وسلم ،
فقد جعل الله في سيرته وهديه نبراساً للأئمة ومشكاة يقتبسون منها الهدي
القويم في الملمات والشدائد التي تمر بهم بل قل أن يمر على عالم موقف من
مكيدة الأعداء إلا وجد له أصلاً في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم
يدرس سير المجددين بعده من علماء الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى
عصرنا هذا .
وقد روى أبو داوود والحاكم في مستدركه وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)
والحديث صححه جماعة من أهل العلم.
وروى الخطيب البغدادي في تاريخه عن الإمام أحمد أنه قال: (إن
الله يقيض للناس في كل رأس مائة سنة مَن يعلمهم السنن وينفي عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم الكذب فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز
وفي رأس المائتين الشافعي).
ولفظ (مَن) في الحديث يحتمل الواحد والجماعة .
فقد يقوم بالتجديد واحد ، وقد يقوم به جماعة ، وقد نص على ذلك جماعة من أهل العلم.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين )
وهذا الحديث روي من حديث أبي أمامة وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم وطرقه
فيها ضعف بين، والحديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه نقل عن الإمام أحمد أنه
صححه، وصححه ابن القيم رحمه الله باعتبار تعدد طرقه،ومن أهل العلم من ضعفه
ومنهم من حسنه لكن معناه صحيح.
ويؤيده ما في الصحيحين من
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((
إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ
الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى
إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا
فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا )).
وهذا يدلك على أن حاجة
الناس إلى العلم ماسة وضرورية أنهم بحاجة إلى السؤال ، فإن وجدوا عالماً
سألوه وإن لم يجدوا اتخذوا رءوساً جهالاً فسئلوهم ، فالحاجة إلى السؤال
باقيه ولذلك ينبغي لطلاب العلم أن يفقهوا هذه المسألة جيدا وهو أنهم هم
شباب اليوم وغداً تحتاجهم الأمة فينبغي لهم أن يتأصلوا بالعلم المفيد حتى
إذا كانوا في السن والقدر الذي يؤهلهم إلى الإفتاء والتعليم والدعوة إلى
الله عز وجل على بصيرة كانوا من خير من يقوم بهذا الأمر.
عبدالله بن عمر رضي الله
عنه كان في شبابه حريصاً على التعبد وكان يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم
خيرا كثير من العلم النافع ، لكنه لم يكن يخطر في باله أن سيعمر ويحتاج
الناس إليه في الإفتاء ورواية الحديث ونحو هذا من الأمر حتى قال في أواخر
حياته رضي الله عنه قال لو كنت أعلم أنكم تحتاجون إلى لتفقهتُ لكم وهو من
فقهاء الصحابة رضي الله عنه لكنه أراد أن يزداد من التفقه لأجل أن ينفعهم
ويزداد من الخير بنشر العلم النافع .
وما أجمل ماقاله الإمام أحمد رحمه الله في خطبة كتابه (الرد على الجهمية) قال: (الحمد
لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل
إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون
بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد
هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم! ينفون عن كتاب
الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية
البدعة، وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب،
مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير
علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبّهون عليهم،
فنعوذ بالله من فتن المضلين).
فما أجمل هذا الكلام ، وقد
تضمن هذا الكلام من هذا المجدد البصير العارف أصول انحرافات المنحرفين
فمن درسها دراسة جيدة عرف أن غالب انحرافات المنحرفين وأعداء الدين ترجع
إلى هذه المسائل.
وكلام العلماء في تعيين
المجددين كثير وفيه اختلاف كبير، لكن من المجددين من عرف لهم كبير أثرهم في
الأمة ولهم دعواتهم الإصلاحية الظاهرة ومن أشهر هذه الدعوات دعوة شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ودعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه
الله.
فأما سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية ومزايا دعوته فأرجو أن نأتي على بيانها في دروس قادمة إن شاء الله تعالى.
وأما سيرة شيخ الإسلام
محمد بن عبد الوهاب فقد كتبت فيها مقالة تجدونها منشورة في قسم سير العلماء
، وسأذكر لكم خلاصتها هنا للفائدة ، وأنا أحب منكم أن تقرأوا سيرته قراءة
جيدة و تتأملوا مافيها من الفوائد والدروس والعبر، وما يمكن أن يستفيده
طالب العلم من المواقف التي تعرض لها شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب في
دعوته التي نرجو أن يقوم بها ،فإن لكل واحد منا رسالة ينبغي أن يقوم بها ،
فيتعلم العلم النافع ويعمل به ويدعوا إلى الله على بصيرة ، ومن كان هذا
شأنه فقد جرت سنة الله تعالى أن يبتلى ببعض الإبتلاءات ليختبر صدقه وايمانه
وثباته ، وكلما كان أكثر أخذاً بهذه الأمور كان أكثر رفعة بإذن الله
تعالى .
ترجمة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
• هو شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي
• ولد فِي بلدة العُيَينةِ سنة 1115هـ
• نشأ نشأة صالحة فحفظ القرآن قبل بلوغه عشر سنين، وتتلمذ على والده قاضي العيينة.
• ظهرت عليه أمارات النبوغ من حدة الذهن وقوة الحفظ وحسن الفهم وعلو الهمة.
• قرأ على صغر سنه كتباً كثيرة في التفسير والحديث والاعتقاد والفقه وغيرها.
• رحل في طلب العلم إلى الحرمين والأحساء والبصرة والزبير.
• كان سريع الكتابة حاد الذكاء قوي الحفظ جاداً مقبلاً على العلم والعمل.
• أقبل على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ففهم مقاصدها واختصر بعضها.
• أسف لما آل إليه حال الناس من غربة الدين وانتشار الشرك والجهل حتى عبدت الأشجار والأحجار والقبور والجن.
• اتفق مع أمير الدرعية محمد بن سعود على الدعوة إلى التوحيد ونصرة الدين بالحجة والسنان، وتبايعا على ذلك.
• أقام مدرسة لتعليم التوحيد وعلوم الشريعة وألف لهم المناهج ورتب لهم الدروس فوفد إليه طلاب العلم وانتشرت دعوة الشيخ المباركة.
• كاتب الشيخ العلماء والأمراء والوجهاء وأقام الحجج وكشف الشبه.
• استجاب لدعوة الشيخ طائفة من الناس وأيدوه وناصروه، واستنكف آخرون وعادوه وآذوه واجتهدوا في تنفير الناس عنه ورميه بالعظائم.
• رفعت راية الجهاد بعد عام 1158هـ ففتح الله لهم القلوب والبلاد وأعلا الله كلمته ونصر أولياءه ودحض الشرك وأهله.
• وفي
عام 1188 هـ انقطع الشيخ للعبادة والتعليم إلى أن توفاه الله عز وجل في
الدرعية سنة 1206 هـ فرحمه الله رحمة واسعة وألحقه بالصالحين، وجمعنا به في
مقعد صدق عند مليك مقتدر.
التعريف برسالة ثلاثة الأصول وأدلتها
(خلاصة الدرس الأول) الحاجة إلى الهداية أمنزلتي مَيٍّ سلامٌ عليكما...هل الأزمن اللائي مضين رواجع وهل يرجع التسليم أو يدفع البكا...ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع ما زال مُذْ عَقَدَتْ يداهُ إزارَه...ودنا فأدرك خمسة الأشبار
· لا نجاة للعبد ولا للأمة إلا بما يهديهم الله عز وجل به كما قال الله عز وجل في الحديث القدسي: [يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ] رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
o وهذا يشمل جميع ما يحتاجون إلى الهداية فيه، والهداية أصلها العلم.
· أول وصية وصى الله بها الناس عند بدء هذه الحياة الدنيا ما تضمنه قوله تعالى: ﴿قُلْنَا
اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى
فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[البقرة: 38].
· وقد
ضمن الله تعالى لمن اتبع هداه أن لا يخاف ولا يحزن، وأن لا يضل ولا يشقى،
وأن يخرجه من الظلمات إلى النور وأن يهديه سبل السلام وأن ينجيه مما
يخاف، وهذا وعد صادق للفرد والأمة.
o قال الله تعالى: ﴿قُلْنَا
اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى
فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[البقرة: 38].، وقال: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾[الإسراء: 9]، وقال: ﴿يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم﴾[المائدة: 16].
· ونحن
قد جاءنا أعظمُ الهدى وهو القرآن الكريم خير كتاب أُنزِل، وبعث إلينا
نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو خير نبي أرسل، أحسن الهدي هديه كما
ثبت في الحديث الصحيح: (إن أحسن الهدي هدي محمد) وقال الله تعالى عن القرآن: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾[الإسراء: 9].
o لهذا كانت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، لأنها أعظم الأمم هداية.
· الهداية
مبناها على العلم الصحيح، واتباع رضوان الله عز وجل بطاعة أمره وتصديق
وعده والحذر من طاعة الشيطان وحزبه كما قال الله تعالى: ﴿وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ
شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ
يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4)﴾[الحج: 3، 4].
· تولّي الشيطان يكون باتباع خطواته، وتصديق ما يعدّ به ويمنّي، وفعل ما يزيّنه من المعاصي كما قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ
يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ
خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ
الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾[النساء: 119، 120].
· أخبر الله تعالى أن أعداءه أولياء للشياطين، وأن الناس حزبان: حزب مع الله وحزب مع الشياطين، وقال: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾[الأنعام: 121].
· العداوة الحقيقية بين الإنسان والشيطان قضية كبيرة بينها الله عز وجل لنا أتم بيان، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [الأنعام: 142].
· تكرر قوله تعالى: ﴿لا تتبعوا خطوات الشيطان﴾ أربع مرات في القرآن الكريم.
· أمرنا الله تعالى أن نتخّذ الشيطان عدوّا؛ وبيّن لنا مقاصده، ولهذا الأمر والبيان آثارهما.
· وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم عداوة الشيطان للإنسان بيانا شافيا، بل جاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه)).
· مِنْ شأن الشيطان حرصه على الإضلال كما قال الله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام، قَالَ ﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ﴾[القصص: 15]، وقال تعالى: ﴿أَلَمْ
أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ
إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ
مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ
تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)﴾[يس: 60-62]، جبلاً: أي خلقاً كثيراً كانوا مجبولين على الفطرة الصحيحة التي فطر الله الناس عليها.
· من آمن بالله واتبع هداه عصمه الله من كيد الشيطان وكفاه وأغناه ﴿أليس الله بكاف عبده﴾[الزمر: 36].
· يحتاج
المؤمن إلى اتباع هدى الله في كبير الأمور وصغيرها وحاجته إلى الهداية
أعظم من حاجته إلى الطعام والشراب والنفَس؛ لأن فوزه بالثواب ونجاته من
العذاب متوقف على الهداية.
· المهتدون
يتفاضلون في الهداية تفاضلاً عظيماً ولذلك أمر الله المسلمين أن يسألوه
الهداية مراراً كثيرة في اليوم الواحد فلا تصح صلاة مسلم لا يدعو فيها
بدعاء ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾[الفاتحة: 6].
· ما
يعترض الإنسان من عوارض الفتن والمحن والشرور والمعاصي والهموم والأحزان
والجهل والشك والحيرة وغيرها هي من الظلمات التي وعد الله المؤمنين أن
يخرجهم منها.
· لم
يترك الله أمراً يحتاج الناس إلى بيانه إلا بيَّنه لهم بما أنزل في كتابه
الكريم وبما أرسل به نبيَّه صلى الله عليه وسلم، فقد أكمل الله الدين
وأتمه كما قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3].
· لما اجتمع الناس في أعظم جمع في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قال لهم في خطبة الوداع العظيمة: ((
وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون
عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت وقال بإصبعه
السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث
مرات ))رواه مسلم من حديث جابر.
· في مستدرك الحاكم وسنن البيهقي وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض )). صححه الألباني.
فضل طلب العلم
· طلب العلم من أفضل القربات إلى الله تعالى.
· العلم
أصل كل عبادة، وبيان ذلك أن كل عبادة يؤديها العابد لا تقبل إلا إذا كانت
خالصة لله تعالى وعلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومعرفة ذلك تستدعي
قدراً من العلم.
· معرفة ما يحبه الله وما يكرهه إجمالاً وتفصيلاً لا تكون إلا بالعلم.
· الناس متفاضلون في العلم تفاضلاً كبيراً كما قال الله تعالى: ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾[يوسف: 76]، وكلما كان الإنسان أكثر علماً بما ينفع كان أكثر فضلاً.
· تواترت
الأدلة ببيان فضل العلم وأهله، وفضل طلبه، ورُتِّب على ذلك من الثناء
العظيم والثواب الجزيل في القرآن الكريم والسنة النبوية ما يجعل المؤمن
حرياً بأن يكون حريصاً على نيل هذا الفضل العظيم مجتهداً في طلبه.
· قال الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾[المجادلة: 11]، فأسند الرفع إليه جل وعلا وتكفل به، والله لا يخلف وعده.
· قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾[فاطر: 28]، وقال: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾[الزمر: 9]، وقال: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾[طه: 114].
·في الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ )).
· التفقّه في الدين يشمل جميع أبوابه في الاعتقاد والأحكام والأخلاق والآداب والتزكية والجزاء وغيرها.
· عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ)) رواه مسلم.
· عن أَبي موسى الأشعري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
((
مَثَلُ مَا بَعَثَنِي الله بِهِ مِنَ الهُدَى وَالعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ
أصَابَ أرْضاً؛ فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبةٌ قَبِلَتِ المَاءَ
فَأَنْبَتَتِ الكَلأَ، وَالعُشْبَ الكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أجَادِبُ
أمْسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا
وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى إنَّمَا هِيَ
قِيعَانٌ؛ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كلأً، فَذلِكَ مَثَلُ مَنْ
فَقُهَ في دِينِ اللهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ، فَعَلِمَ
وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلِكَ رَأسَاً، وَلَمْ يَقْبَلْ
هُدَى اللهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ)). متفقٌ عَلَيْهِ.
· عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((
مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَبْتَغِي فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ
طَريقاً إِلَى الجَنَّةِ، وَإنَّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا
لِطَالِبِ العِلْمِ رِضاً بِمَا يَصْنَعُ، وَإنَّ العَالِمَ
لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّماوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ حَتَّى
الحيتَانُ في المَاءِ، وَفضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ
القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، وَإنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ
الأنْبِيَاءِ، وَإنَّ الأنْبِيَاءَ لَمْ يَوَرِّثُوا دِينَاراً وَلاَ
دِرْهَماً وَإنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بحَظٍّ
وَافِرٍ )). رواه أَبُو داود والترمذي.
o ذكر
ابن عبد البر في التمهيد أن استغفار الملائكة دليل على أن الله يغفر له
إن شاء الله، وقال: (ألا ترى أن طلب العلم من أفضل الأعمال وإنما صار كذلك
والله أعلم لأن الملائكة تضع أجنحتها له بالدعاء والاستغفار)ا.هـ.
· أدرك
أئمة الهدى من علماء الأمة هذه الحقيقة فاجتهدوا في تعلّم العلم وتعليمه
وصبروا على ما أصابهم حتى تبوؤوا المكانة التي رفع الله بها ذكرهم وأعلى
شأنهم فكانوا أئمة الدين وأولياء رب العالمين، وآثارهم في بيان فضل العلم
مذكورة مشهورة.
· روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أنه قال: (ما عُبِدَ اللهُ بمثل الفقه).
· قال مطرف بن عبد الله بن الشخِّير: (فضل العلم أحب إليَّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع) رواه الإمام أحمد في الزهد.
· قال سفيان الثوري: (ما أعلم عملاً أفضلَ من طلب العلم وحفظه لمن أراد الله به خيراً) رواه الدارمي.
· وروى ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله عن عبد الله بن المبارك أنه قال: قال لي سفيان الثوري: (ما يُرادُ الله عزَّ وجل بشيء أفضل من طلب العلم، وما طلب العلم في زمان أفضل منه اليوم)ا.هـ.
· نحن
اليوم إنما نتعلم مما ورّثه لنا أئمة الهدى من العلم رواية ودراية؛ فعنهم
نتلقى مسائل الاعتقاد، وعنهم نتلقى مسائل الفقه، وعنهم نتلقى معرفة صحيح
الحديث من ضعيفه ومن تقبل روايته ومن ترد، وعنهم نتلقى الأخلاق الفاضلة
والتزكية والسلوك.
· من صفات العلماء الربانيين أن يجدهم طالب العلم فيما يَحتاج إليه من أبواب الدين أئمةً يقتدى بهم ويتلقى عنهم العلم والهدي.
· روى البيهقي بإسناده إلى الربيع بن سليمان المرادي أنه قال: سمعت الشافعي يقول: (ليس بعد أداء الفرائض شيء أفضلَ من طلب العلم، قيل له: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل).
·وقال مهنا بن يحيى السلمي: قلت: لأحمد بن حنبل ما أفضل الأعمال؟ قال: (طلب العلم لمن صحت نيته) قلت: وأي شيء تصحيح النية؟ قال: ينوي يتواضع فيه وينفي عنه الجهل).
· نقل ابن هانئ في مسائله عن الإمام أحمد أنه قال: (العلم لا يعدله شيء).
· نقل
النووي في المجموع اتفاق السلف على أن الاشتغال بالعلم أفضلُ من الاشتغال
بنوافل الصوم والصلاة والتسبيح ونحو ذلك من نوافل عبادات البدن.
· صنَّف
العلماءُ في فضل العلم وأهله مصنفات عظيمة النفع جليلة القدر، وأفرد له
بعضهم أبواباً في بعض كتبهم فأفرد البخاري في صحيحه كتاب العلم وضمنه باباً
في فضل العلم، وكذلك فعل الإمام مسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي
والدارمي وغيرهم كثير.
· وممَّن
أفرد فضل العلم بالتصنيف: أبو نعيم الأصبهاني، وأبو العباس المُرْهِبي
(أحمد بن علي، من شيوخ أبي نعيم)، وابن عبد البر، وابن القيّم، وابن رجب،
وغيرهم.
· لا
توجد أمة من الأمم اعتنت بتعلم أحكام دينها كعناية هذه الأمة المباركة؛
فإنها قد بلغت فيه غاية لم تبلغها أمة من الأمم قبلها، واختصها الله فيه
بخصائص.
التحذير من العلم الذي لا ينفع
· مما ينبغي أن يُعلم أنَّ العلم منه نافع وغير نافع، وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من علم لا ينفع؛ فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها )) رواه مسلم.
· وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( سلوا الله علماً نافعاً، وتعوذوا بالله من علم لا ينفع ))رواه ابن ماجة.
o التعوذ من العلم الذي لا ينفع دليل على أن فيه شراً يجب التحرز منه.
· ينبغي لطالب العلم أن يعتني بالعلم الذي ينفعه في دينه ودنياه، ويحفظ وقته مما لا ينفعه.
· (العلم
الذي لا ينفع) فسّر بتفسيرين: أحدهما: العلوم الضارة، والآخر: عدم
الانتفاع بالعلوم النافعة في أصلها لسبب أفضى به إلى الحرمان من بركة
العلم.
· من العلوم الضارة: السحر والتنجيم والكهانة وعلم الكلام والفلسفة وغيرها.
· العلوم
التي لا تنفع كثيرة ومن أبرز علاماتها مخالفة مؤداها لهدي الكتاب والسنة؛
فكل علم تجده يصد عن طاعة الله أو يزين معصية الله أو يؤول إلى تحسين ما
جاءت الشريعة بتقبيحه أو تقبيح ما جاءت الشريعة بتحسينه فهو علم غير نافع.
· الفضول قد يدفع المتعلّم إلى القراءة في ما لا ينفع؛ فيعرّض نفسه للافتتان وهو ضعيف الآلة في العلم.
· قال الله تعالى: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾[النور: 63].
· افتتن بعض المتعلّمين بعلم الكلام بعد أن كانوا في عافية منه، وسبب ذلك مخالفة هدى الله تعالى، واتباع غير سبيل المؤمنين.
المنهجية في طلب العلم
· مناهج طلب العلم كثيرة متنوعة؛ لكن لها أصول جامعة ينبغي أن لا يخرج عنها طالب العلم؛ وإلا أضاع وقته وجهده.
· كلّ
من أراد أن يتعلّم صنعة من الصنائع فلا بدّ له أن يصحب أستاذاً فيها
يتعلّم منه، ويقوّمه إذا أخطأ؛ حتى يشتدّ عوده في تلك الصنعة.
· من
تلبّس بلباس أهل العلم وتحدث بلسانهم واستعمل شيئاً من أدواتهم وهو ولم
يسلك سبيلهم في تحصيله ورعايته فليس من أهل العلم، وإنما هو جاهل متعالم لا
يوثق به ولا يأتمنه من يعرف حاله، بل ما أسهل ما يبيِّن الامتحان كذبَه
وادّعاءه.
· المناهج الصحيحة في التعلم تجتمع في أربعة أمور: الإشراف العلمي، والتدرج، والنَّهمة في التعلم، والوقت الكافي.
· يؤخذ
العلم شيئاً فشيئاً؛ على مرّ الأيام والليالي؛ بالنهمة والمواصلة والصبر
تحت إشراف علمي من عالمٍ بصير بطرق التعلم حتى يجتاز الطالب مرحلة
المتوسطين في طلب العلم.
· من
أراد أن يكون عالماً وهو لم يسلك طريقة أهل العلم في التعلم فإنه لا يحصل
مراده؛ فإن تكلّم في العلم وتصدر مع ذلك فهو جاهل متعالم ضرره أكبر من
نفعه.
· سلوك
المنهج الصحيح في طلب العلم يفيد طالب العلم في حفظ وقته وجهده ويعرِّفه
بمعالم كل علم فيأتيه من بابه ويتعلمه على وجهه الصحيح؛ فإن سار فيه وصل
ونجح، وإن تذبذب وانقطع لم يصل فيه إلى ما كان يأمل.
· مسارات
طلب العلم لدى العلماء متعددة إلا أن لها ثوابت محددة تجمعها، وهي أن كل
علم يؤخذ عن أهله ولكل علم مصادره التي ينهل منها العلماء، وأن طالب العلم
يحتاج إلى من يرشده بادئ الأمر حتى يصلب عوده ويشتد، فيعرف ما يأتي وما
يذر.
المنهج المقترح لدراسة العقيدة
· تعلم علم العقيدة يسير ولله الحمد، وإذا سار فيه طالب العلم سيراً صحيحاً، اختصر على نفسه كثيراً من الجهد والوقت.
· من
المهمّ لطالب علم العقيدة أن يدرس مسائلها بتأنّ وتؤدة، وأن يحرص على حسن
فهم المسائل وحفظ أدلتها، ويتعرّف على منهج أهل السنة في تلك المسائل.
· لو مكث الطالب في الباب الواحد أياماً حتى يضبطه جيداً لما كان كثيراً، لأن الرسوخ في فهمه يعينه على حسن فهم ما بعده من الأبواب.
· الأصل
في منهج دراسة العقيدة حديث جبريل الطويل، وفي آخره قال النبي صلى الله
عليه وسلم: (هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم)، وفيه مراتب الدين الثلاثة:
الإسلام والإيمان والإحسان، وفيه: أشراط الساعة.
· وأوّل ركن من أركان الإسلام: الشهادتان، وبهما يدخل العبد في دين الإسلام؛ فلذلك كان أوّل ما يجب على العبد أن يتعلمّه: التوحيد.
o في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال له: (( إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله)). وفي رواية في صحيح البخاري: (( فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله)).
· اخترنا
لكم في البداية رسالة ثلاثة الأصول وأدلتها لأنها تضمنت حديث جبريل، وإلا
لو درس الطالب متناً آخر يفي بهذا المقصد التعليمي لكفاه إن شاء الله.
· إذا
درس طالب العلم شهادة أن لا إله إلا الله دراسة جيدة عرف معنى التوحيد
وأقسامه وواجباته وآدابه وما يقدح فيه، وعرف معنى العبادة التي يجب إفراد
الله تعالى بها، وأنواعها، وأحوال دخول الشرك في العبادة وما يعتبر شركاً
وما ليس بشرك، إلى غير ذلك من المسائل المهمة التي دلت عليها كلمة التوحيد
العظيمة.
· وإذا
درس شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم دراسة جيدة عرف معنى
المتابعة وشروطها وواجباتها وآدابها وعرف معنى البدعة وحكمها، وعرف ما ينقض
الشهادتين، وعرف مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم من
طاعة أوامره واجتناب نواهيه وتصديق أخباره وقبول أحكامه، واعتقاد أن هديه
أحسن الهدي في الأمور كلها، وأن محبته مقدمة على محبة النفس والأهل
والولد، وعرف أن ما ينافي تحقيق هذه الشهادة فهو مخرج عن دين الإسلام
والعياذ بالله.
· الشهادتان أصل الإسلام ومفتاح الدخول فيه، فارتكاب أيِّ أمرٍ ينقضُهما يعدُّ ناقضاً من نواقض الإسلام.
· ثم بعد ذلك ينتقل إلى دراسة مراتب الدين فيدرس أركان الإسلام ومنها الشهادتان، وأركان الإيمان وركن الإحسان.
· غالب
مسائل الاعتقاد التي يذكرها الأئمة في كتبهم ترجع إلى أركان الإيمان
الستة، حتى إن بعض الأئمة يرتب الكلام في أبواب الاعتقاد على ترتيب أركان
الإيمان.
·يوصَى
طالب العلم في المرحلة الأولى بدراسة ثلاثة الأصول وأدلتها أو ما يقوم
مقامها مما فيه بيان مراتب الدين وشرح التوحيد وكتاب مختصر في شرح أسماء
الله الحسنى.
·وفي المرحلة التالية: كتاب التوحيد والعقيدة الواسطية أو ما يقوم مقامهما.
· وفي
المرحلة التي تليها: كشف الشبهات، ونواقض الإسلام، والعقيدة الطحاوية
والفتوى الحموية والرسالة التدمرية أو ما يقوم مقام هذه الكتب.
· وفي
المرحلة التي تليها يقرأ في كتب الاعتقاد المسندة وما كتبه شيخ الإسلام
ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما ممن كتب في الاعتقاد.
· وفي
المرحلة التي تليها يوسّع الطالب قراءاته في العقيدة، وليعتنِ بكتب
الأئمة المجدّدين في كلّ قرن وما اعترض دعواتهم من فتن الملل والنحل.
· ينبغي
أن يُعلم أن المهم هو تحقيق هذه المقاصد التعليمية؛ وأمّا المفاضلة بين
المتون والكتب التي تعتني بهذه الموضوعات فهي مما يدخله الاجتهاد واختلاف
المسالك، وإذا عرف الطالب المقصود لم ينشغل بمسألة التفضيل بين الكتب
والمتون والتذبذب بينها بل كان همّه مجتمع على فهم هذه الموضوعات المهمة
ودراسة مسائلها جيداً.
· لا
يحسن بطالب العلم الجاد أن يقف كثيراً عند كل ألفاظ المتون حتى يكاد
يعربها لأن الإغراق في جزئيات المسائل الجانبية يشغله عن فهم المقصود الذي
لأجله يدرس تلك المتون، ويشتت ذهنه ويضعف تركيزه.
· اعتنِ بهذه المسألة جيداً، ولتكن عنايتك متوجهة لفهم المقاصد أولاً، ثم ما تحصِّله بعد ذلك من العلم فهو خير على خير.
· مَنْ
فقِه ذلك سهل عليه أن يدرس في الفنّ الواحد متوناً كثيرة، لأنه إذا درس
متناً منها فهم مقاصده ومسائله فإذا قرأ متناً آخر في ذلك العلم كانت
عنايته متوجهة إلى معرفة ما فيه من زيادة علم، ولم يكن واقفاً عند رسوم
الألفاظ.
· تنوّع الاطلاع يحتاجه طالب العلم لكن بعد أن يضبط أصلاً في كل علم.
· من
كان يدرس متناً ولا يتمه ثم ينتقل إلى متن آخر وينقطع فإنه يبقى مغبوناً
في وقته وجهده محروماً من بلوغ مأموله إلى أن يعاود العزيمة الصادقة
فيجتهد في تحصيل العلم على وجهه الصحيح.
· مراعاة التدرج ومتابعة الطلب مهمة جداً لطالب العلم فهي المنهجية الصحيحة في التعلم.
· هذه
المتون التي اخترناها لكم هي على سبيل الاجتهاد في التفضيل، وإلا لو درس
الطالب كتباً أخرى تعتني بتلك الموضوعات وفهم مقاصدها فإنه يكون قد أتى
على المطلوب.
· من
ابتلي بمخالطة أصحاب ملّة من الملل أو نِحْلَة من النحل أو تيّار فكري
فليعتن بقراءة ما كتبه أهل العلم عنها قراءة جيّدة؛ لأن تعامله معهم فتنة
توجب له التيقظ ومعرفة الهدى فيما يعاملهم به.
أهمية دراسة الدعوات الإصلاحية:
· مما يعين على فهم العقيدة فهماً حسناً قراءة تاريخ الدعوات الإصلاحية وسير المجددين من الأئمة.
· القراءة
في سير المجددين وكتبهم تعين على فهم دعوة الإسلام كما ينبغي وتُعرِّفُ
طالب العلم بما اعترض القائمين عليها من محن وابتلاءات، وما جرت به سنة
الله تعالى من نصر من ينصر دينه وجعل العاقبة لأوليائه.
· من أهم فوائد دراسة سير المجدّدين وقراءة كتبهم:
o 1: التعرف على أسباب نجاح دعوة المجددين وانتفاع الناس بها.
o 2: التعرف على أنواع مكائد أعداء الدين في المكر بها لردها وإجهاضها وتنفير الناس منها.
o 3:
التعرف على مناهج الأئمة في معالجة هذا الأمر، وما كان هديهم في مواجهة
تلك التحديات من أعداء الداخل والخارج، من المنافقين والكافرين.
o تآمر الكفار والمنافقين على محاربة دعوة الإسلام الصحيحة يتجدد ويتنوّع في كل عصر.
o غالب
مكائد الأعداء ترجع إلى أنواع إذا ضبطها طالب العلم ودرسها جيدا فهم
كثيرا من مسائل الدعوة المعاصرة، وتكشفت له بعض مكائد أعداء الدين اليوم.
o من
تأمَّل سِيَر أئمة الدين من المجددين الكبار وغيرهم وجد منهم عناية بارزة
بسير الأئمة قبلهم، ومن قرأ كتبهم وجد استشهادهم بحوادث جرت للأئمة قبلهم
أمراً ظاهراً.
· هذه
المادة لا يحتاج فيها طالب العلم إلى متن يدرسه، لكن ينبغي له أن يقرأ في
هذا العلم أو في هذه المادة التاريخية شيئا فشيئا من كتب السير والتراجم
وما جمع في سير بعض المجددين من المؤلفات المفردة الخاصة، يقرأ سيرهم
قراءة المعتني بفقه أسباب نجاح الدعوة وما كان يعترضهم من عقبات وصعوبات
وكيف تصدوا لمكائد الأعداء؟
· المقصد
الذي يكون في نفس القارئ عند القراءة مهم جداً في انتفاعه من الكتاب،
فالقراءة بغرض الثقافة قد تفيد الطالب في توسيع مداركه وازدياده من
المعرفة، لكنها لا توصله إلى فقه ما تُنصر به الدعوة وكيف يكون إمدادها
وحسن التدبير لها.
· أوَّل
ما ينبغي دراسته في ذلك سيرة إمام المجددين صلى الله عليه وسلم، فقد جعل
الله سيرته وهديه نبراساً للأئمة ومشكاة يقتبسون منها الهدي القويم في
الملمات والشدائد التي تمر بهم، بل قلَّ أن يمر على عالم موقف من مكيدة
الأعداء إلا وجد له أصلاً في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
· ثم يدرس سير المجددين بعده من علماء الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى عصرنا هذا.
· وقد روى أبو داوود والحاكم في مستدركه وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ))والحديث صححه جماعة من أهل العلم.
· روى الخطيب البغدادي في تاريخه عن الإمام أحمد أنه قال:
(إن الله يقيِّضُ للناس في كل رأس مائة سنة مَن يعلمهم السنن وينفي عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد
العزيز وفي رأس المائتين الشافعي).
o لفظ (مَن) في الحديث يحتمل الواحدَ والجماعةَ؛ فقد يقوم بالتجديد واحد، وقد يقوم به جماعة، وقد نص على ذلك جماعة من أهل العلم.
o رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)) وهذا الحديث روي من حديث أبي أمامة وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم وطرقه فيها ضعف بيـِّن.
o هذا
الحديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه، نُقِل عن الإمام أحمد أنه صححه، وصححه
ابن القيم رحمه الله باعتبار تعدد طرقه،ومن أهل العلم من ضعفه ومنهم من
حسنه، لكن معناه صحيح.
o يؤيده
ما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ:
سَمعْتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ يقولُ: (( إِنَّ
اللهَ لا يقبضُ العِلمَ انتِزَاعًا يَنتزِعُهُ مِن العِبَادِ، ولَكِنْ
يَقْبضُ العِلمَ بقبضِ العُلَمَاءِ حَتى إِذا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا
اتَّخَذَ الناسُ رءوسًا جُهالاً فَسُئِلُوا فأَفتوا بغيرِ علمٍ فضَلُّوا
وَأَضَلُّوا )).
o هذا
الحديث يدلك على أن حاجة الناس إلى العلم ماسة وضرورية، لأنهم بحاجة إلى
السؤال، فإن وجدوا عالماً سألوه وإن لم يجدوا اتخذوا رءوساً جهالاً
فسئلوهم، فالحاجة إلى السؤال باقية.
o ينبغي
لطلاب العلم أن يفقهوا هذه المسألة جيدا؛ وهو أنهم اليوم طلاب، وغداً
تحتاجهم الأمة؛ فينبغي لهم أن يتأصلوا بالعلم المفيد حتى إذا كانوا في السن
والقدر الذي يؤهلهم للإفتاء والتعليم والدعوة إلى الله عز وجل على بصيرة
كانوا من خير من يقوم بهذا الأمر.
o قال
عبدالله بن عمر رضي الله عنه في أواخر حياته: ( لو كنت أعلم أنكم تحتاجون
إليَّ لتفقَّهتُ لكم) وهو من فقهاء الصحابة رضي الله عنه لكنه أراد أن
يزداد من التفقه لأجل أن ينفعهم ويزداد من الخير بنشر العلم النافع.
كلام العلماء في
تعيين المجددين كثير وفيه اختلاف كبير، لكن من المجددين من عرف لهم كبير
أثرهم في الأمة ولهم دعواتهم الإصلاحية الظاهرة ومن أشهر هذه الدعوات دعوة
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ودعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
رحمه الله.
ترجمة المؤلف رحمه الله
· هو شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي.
· ولد فِي بلدة العُيَينةِ من قرى نجد، سنة 1115هـ.
· نشأ نشأةً صالِحة فحفظ القرآن قبل بلوغه عشر سنين، وتتلمذ على والده قاضي العيينة.
· ظهرت عليه أمارات النبوغ من حدّة الذهن وقوة الحفظ وحسن الفهم وعلو الهمة.
· قرأ على صغر سنه كتباً كثيرة في التفسير والحديث والاعتقاد والفقه وغيرها.
· رحل في طلب العلم إلى الحرمين والأحساء والبصرة والزبير.
· كان سريع الكتابة حادّ الذكاء قوي الحفظ جادًّا مقبلاً على العلم والعمل.
· أقبل على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ففهم مقاصدها واختصر بعضها.
· أَسِفَ لما آل إليه حال الناس من غربة الدين وانتشار الشرك والجهل حتى عُبدت الأشجار والأحجار والقبور والجن.
· اتفق مع أمير الدرعية محمد بن سعود على الدعوة إلى التوحيد ونصرة الدين بالحجة والسنان، وتبايعا على ذلك.
· أقام
مدرسة لتعليم التوحيد وعلوم الشريعة وألَّفَ لهم المناهج ورتَّبَ لهم
الدروس فوفد إليه طلاب العلم وانتشرت دعوة الشيخ المباركة.
· كاتَبَ الشيخ العلماءَ والأمراءَ والوجهاء وأقام الحجج وكشف الشُّبَه.
· استجاب لدعوة الشيخ طائفة من الناس وأيدوه وناصروه، واستنكف آخرون وعادوه وآذوه، واجتهدوا في تنفير الناس عنه ورميه بالعظائم.
· رُفعت راية الجهاد بعد عام 1158هـ ففتح الله لهم القلوب والبلاد وأعلى الله كلمته ونصر أولياءه ودحض الشرك وأهله.
· كان
الشيّخ متوليّا أمانة بيت المال وأمور السلم والحرب،وفي عام 1188هـ
تركهما وانقطع للعبادة والتعليم إلى أن توفاه الله عز وجل في الدرعية سنة
1206 هـ فرحمه الله رحمة واسعة وألحقه بالصالحين، وجمعنا به في مقعد صدق
عند مليك مقتدر.
رسالة ثلاثة الأصول وأدلتها
· المؤلف
له رسالة أخرى باسم: (الأصول الثلاثة) أكثر اختصاراً من هذه الرسالة
مطبوعة ضمن مجموع مؤلفاته، حذف منها بعض العبارات، وحديث جبريل الطويل.
· رسالتا
المسائل الأربع والمسائل الثلاث أُلحقتا برسالة ثلاثة الأصول، وليست منها
في الأصل كما نبه إلى ذلك شيخنا الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله.
o كان هذا التصرف سبباً مباركاً في كثرة تدريس هاتين الرسالتين الوجيزيتن النافعتين.
· هذا الدليل هو لشرح رسالة (ثلاثة الأصول وأدلتها)، وهذه الرسالة مشهورة متداولة وقد طبعت كثيراً وشرحها كثير من أهل العلم في بلادنا، بل جعلوها من أول ما يبدؤون به تعليم العقيدة.
· والأصول الثلاثة: هي معرفة الله ومعرفة نبيه صلى الله عليه وسلم ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.
· كان الشيخ رحمه الله يكرر تأليف هذه الرسالة ويلقنها للعامة، وفي بعض نسخها اختلاف يسير وموضوعها واحد.
o منها
رسالة باسم (الأصول الثلاثة) طبعت من دون المسائل الأربع والمسائل الثلاث
وليس فيها حديث جبريل الطويل وبينها وبين هذه النسخة اختلاف يسير.
o ومنها رسالة أكثر اختصاراً باسم (أصول الدين الثلاثة) أدخل في بعضها ألفاظاً عامية ليقربها للعامة.
o من
تلاميذ الشيخ والمعتنين بتدريس هذه الأصول الثلاثة من اختصرها وصاغها
بأسلوب السؤال والجواب كما فعل ذلك الشيخ: عبد العزيز بن محمد أبو حبيب
الشثري وعلق عليها حاشية يسيرة وأسمى كتابه (المصقول في التعليق على مختصر
ثلاثة الأصول) وقد اعتنى بنشرها حفيده الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه
الله.
· هذه الرسالة غلب عليها اسم (ثلاثة الأصول) حتى صار علماً عليها.
· هذه الإضافة (ثلاثة الأصول) صحيحة فصيحة، وهي مستعملة في نجد إلى اليوم.
o قال
المبرد في المقتضب: (تقول: هذه ثلاثة أثوابٍ؛ كما تقول: هذا صاحب ثوبٍ؛
فإن أردت التعريف قلت: هذه ثلاثة الأثواب، كما تقول: هذا صاحب الأثواب؛ لأن
المضاف إنما يعرفه ما يضاف إليه فيستحيل هذه الثلاثة الأثواب؛ كما يستحيل
هذا الصاحب الأثواب، وهذا محال في كل وجه، ألا ترى أن ذا الرمة لما أراد
التعريف قال:
وقال الفرزدق:
فهذا لا يجوز غيره)ا.هـ.
o ذكر
الحريري في "أوهام الخواص" أنهم يقولون: ما فعلت الثلاثة الأثواب؛
فيعرّفون الاسمين ويضيفون الأول منهما إلى الثاني؛ قال: (والاختيار أن
يعرّف الأخير من كل عدد مضاف، فيقال: ما فعلت ثلاثة الأثواب؟ وفيم انصرفت
ثلاثمائة الدرهم؟).
· الأصول جمع أصل وهو ما يُبنى عليه، وسميت ثلاثة الأصول بهذا الاسم لأنه الدين مبني على معرفتها.
أهمية رسالة ثلاثة الأصول وأدلتها
· كان الشيخ يلقّن الطلبة والعامة هذه الرسالة ليدرسوها ويحفظوها ويعقلوا معانيها.
· الأصول الثلاثة هي: معرفة العبد ربه جل وعلا، ومعرفة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.
· هذه الأصول الثلاثة هي المسائل الثلاث التي يسأل عنها العبد في قبره: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟
· عن
البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن
الميتَ ليسمع خَفْق نعالهم إذا وَلَّوْا مدبرين حين يقال له: يا هذا، مَنْ
ربُّك ؟ وما دِينُك ؟ ومن نَبِيُّكَ ؟). رواه أبو داوود وغيره.
· جميع مسائل الدين ترجع إلى هذه الأصول الثلاثة.