الدروس
course cover
العطف
3 Nov 2008
3 Nov 2008

8599

0

0

course cover
الآجرومية

القسم الثالث

العطف
3 Nov 2008
3 Nov 2008

3 Nov 2008

8599

0

0


0

0

0

0

0

العطف

قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (بَابُ العَطْفِ

وَحُروفُ العَطْفِ عَشَرَةٌ،وَهِيَ: الوَاوُ، وَالفَاءُ، وَثُمَّ، وأَوْ، وأَمْ، وإِمَّا، وبَلْ، ولاَ، وَلَكِن، وَحَتَّى في بَعْضِ المَوَاضِعِ.
فَإِنْ عَطَفْتَ عَلَى مَرْفُوع رَفَعْتَ، أَوْ عَلَى مَنْصُوبٍ نَصَبْتَ، أَوْ عَلَى مَخْفُوضٍ خَفَضْتَ، أَوْ عَلَى مَجْزُومٍ جَزَمْتَ.
تَقُولُ: (قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو)، وَ(رَأَيْتُ زَيْداً وَعَمْرًا)، وَ(مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَعَمْرٍو)، وَ(زَيْدٌ لَمْ يَقُمْ وَلَمْ يَقْعُدْ) ).

هيئة الإشراف

#2

8 Nov 2008

التحفة السنية للشيخ: محمد محيي الدين عبد الحميد

المتن:

قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (بَابُ العَطْفِ(1)

وَحُروفُ العَطْفِ عَشَرَةٌ،وَهِيَ: الوَاوُ(2)، وَالفَاءُ(3)، وَثُمَّ(4)، وأَوْ(5)، وأَمْ(6)، وإِمَّا(7)، وبَلْ(8)، ولاَ(9)، وَلَكِن(10)، وَحَتَّى(11) في بَعْضِ المَوَاضِعِ.
فَإِنْ عَطَفْتَ عَلَى مَرْفُوع رَفَعْتَ، أَوْ عَلَى مَنْصُوبٍ نَصَبْتَ، أَوْ عَلَى مَخْفُوضٍ خَفَضْتَ، أَوْ عَلَى مَجْزُومٍ جَزَمْتَ.
تَقُولُ: (قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو)، وَ(رَأَيْتُ زَيْداً وَعَمْرًا)، وَ(مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَعَمْرٍو)، وَ(زَيْدٌ لَمْ يَقُمْ وَلَمْ يَقْعُدْ)
(12) ).


الشرح:

قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد (ت: 1392هـ): (حروف العطف
(1) للعطفِ معنيانِ:
أحدُهمَا لغويٌّ.
والآخرُ اصطلاحيٌّ.
أمَّا معنَاهُ لُغةً:فهُوَ الميلُ، تقُولُ: عطفَ فلانٌ عَلَى فلانٍ يعطفُ عطفاً، تريدُ أنَّهُ مالَ إليهِ وأشفقَ عَلَيْهِ.
وأمَّا العطفُ فِي الاصْطِلاحِ
فهُوَ قسمانِ:
الأوَّلُ: عطفُ البيانِ.
والثَّانِي عطفُ النَّسَقِ.
فأمَّا عطفُ البيانِ فهُوَ:التَّابعُ الجَامدُ الموضِّحُ لمتبوعِهِ فِي المعارفِ المخصِّصُ لهُ فِي النّكراِتِ.
فمِثالُ عطفِ البيانِ فِي المعارفِ
(جَاءَنِي مُحَمَّدٌ أَبُوكَ):
فَأَبُوكَ: عطفُ بيانٍ عَلَى محمدٍ.
وكلاهُمَا معرفةٌ.
والثَّانِي فِي المِثالِ موضِّحٌ للأوَّلِ.
ومِثَالُهُ فِي النّكراتِ قوْلُهُ تعالَى: {مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ}.
فصديدٌ: عطفُ بيانٍ عَلَى ماءٍ، وكلاهُمَا نكرةٌ، والثَّانِي فِي المِثالِ مخصِّصٌ للأوَّلِ.
وأمَّا عطفُ النَّسَقِ فهُوَ:التَّابعُ الذي يتوسَّطُ بينَهُ وبيْنَ متبوعِهِ أَحَدُ الحروفِ العَشَرَةِ.
وهذِهِ الحروفُ هِيَ:
(2) الوَاوُ، وَهِيَ لمطلقِ الجمعِ:
-فَيُعْطَفُ بهَا المتقاربانِ، نحوُ: (جاءَ مُحَمَّدٌ وعلِيٌّ) إذَا كانَ مجيئُهُمَا معاً.
-ويُعْطَفُ بهَا السَّابقُ عَلَى المتأخِّرِ، نحوُ: (جاءَ عليٌّ ومحمودٌ) إذَا كانَ مجيءُ محمودٍ سابقاً عَلَى مجيءِ عليٍّ.
- ويُعْطَفُ بهَا المتأخِّرُ عَلَى السَّابقِ نحوُ: (جَاءَ عَلِيٌّ وَمُحَمَّدٌ) إذَا كانَ مجيءُ مُحَمَّدٍ متأخِّراً عن مجيءِ عليٍّ.
(3) الفاءُ، وَهِيَ للترتيبِ والتّعقيبِ.
ومعْنَى التّرتيبِ: أنَّ الثَّانِي بعْدَ الأوَّلِ.
ومعْنَى التّعقيبِ: أنَّهُ عَقِيبُهُ بلا مُهْلةٍ، نحوُ: (قَدِمَ الفُرْسَانُ فَالمُشَاةُ) إذَا كانَ مجيءُ الفرسانِ سابقاً ولَمْ يكُنْ بيْنَ قدومِ الفريقينِ مُهْلةٌ.
(4) ثمَّ، وَهِيَ للترتيبِ مَعَ التّراخِي.
ومعْنَى التّرتيبِ قدْ سبَقَ.
ومعْنَى التّراخِي: أنَّ بيْنَ الأوَّلِ والثَّانِي مُهلةً، نحوُ: (أَرْسَلَ اللَّهُ مُوسَى ثُمَّ عِيسى ثُمَّ مُحَمَّداً عَلَيِهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ).
(5) أَوْ، وهُوَ للتخييرِ أو الإباحةِ.
والفَرْقُ بينهمَا:
-أنَّ التّخييرَ لا يَجُوزُ مَعَهُ الجمعُ.
-والإِباحةُ يجوزُ معهَا الجمعُ.
فمِثالُ التّخييرِ: (تَزَوَّجْ هِنْداً أَوْ أُخْتَهَا).
ومثالُ الإِباحةِ:(ادْرُس الفِقْهَ أَو النَّحْوَ)
فإنَّ لديكَ من الشَّرْعِ دَليلاً عَلَى أنَّهُ لا يجوزُ الجمعُ بيْنَ هندٍ وأُختِهَا بالزّواجِ، ولا تشكُّ فِي أنَّهُ يجوزُ الجمْعُ بيْنَ الفقهِ والنّحوِ بالدّراسةِ.
(6) أَمْ، وَهِيَ لطلبِ التّعيينِ بعْدَ همزةِ الاستفهامِ، نحوُ: (أَدَرَسْتَ الفِقْهَ أَم النَّحْوَ؟).
(7) إمَّا، بشرطِ أن تُسبَقَ بمثلِهَا، وَهِيَ مثلُ
(أوْ) فِي المعنيينِ نحْوُ قوْلِهِ تعالَى: {فَشُدُّوا الوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}، ونحوُ: (تَزَوَّجْ إِمَّا هِنْداً وَإِمَّا أُخْتَهَا).
(8) بلْ، وَهِيَ للإضرابِ، ومعناهُ:جَعْلُ مَا قَبْلَهَا فِي حكمِ المسكوتِ عنْهُ، نحوُ: (مَا جَاءَ مُحَمَّدٌ بَلْ بَكْرٌ).
ويُشترطُ للعطفِ بهَا شرطانِ:
الأوَّلُ: أن يكونَ المَعْطُوفُ بهَا مفرداً لا جملةً.
والثَّانِي:ألاَّ يسبقَهَا استفهامٌ.
(9) لا، وَهِيَ تنفِي عمَّا بعْدَهَا نفسَ الحُكمِ الذي ثبتَ لِمَا قَبْلَهَا نحْوُ: (جَاءَ بَكْرٌ لا خَالِدٌ).
(10) لكنْ، وَهِيَ تدلُّ عَلَى تقريرِ حُكمِ مَا قَبْلَهَا وإثباتِ ضدِّهِ لِمَا بعْدَهَا، نحوُ: (لا أُحِبُّ الكُسالَى لكِن المُجْتَهِدِينَ).
ويُشْتَرَطُ:
-أن يسبقَهَا نفْيٌ أوْ نهيٌ.
-وأنْ يكونَ المَعْطُوفُ بهَا مفرداً.
-وألاَّ تسبقَهَا الوَاوُ.
(11) حتَّى، وَهِيَ للتدريجِ والغايةِ.
والتّدريجُ: هُوَ الدّلالةُ عَلَى انقضاءِ الحكمِ شيئاً فشيئاً، نحوُ: (يموتُ النَّاسُ حتَّى الأنبياءُ).
-وتأتِي (حتى) ابتدائيَّةً غيرَ عاطفةٍ، إذَا كانَ مَا بعْدَهَا جملةً، نحوُ: (جَاءَ أَصْحَابُنَا حَتَّى خَالِدٌ حَاضِرٌ).
- وتأتِي جارةً نحْوُ قوْلِهِ تعالَى: {حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ} ولهذَا قالَ المؤلِّفُ: (وحتَّى فِي بعضِ المواضعِ).
حكم حروف العطف:
(12) هذِهِ الأحرُفُ العشرةُ تجعلُ مَا بعْدَهَا تابعاً لِمَا قَبْلَهَا فِي حُكمِهِ الإعرابيِّ:
-فإنْ كانَ المتبوعُ مرْفُوعاً كانَ التَّابعُ مرْفُوعاً، نحوُ: (قَابَلَني مُحَمَّدٌ وَخَالِدٌ).
فخالدٌّ: مَعْطُوفٌ عَلَى محمد، والمَعْطُوفُ عَلَى المرفُوعِ مرْفُوعٌ، وعَلامَةُ رفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ،
-وإنْ كانَ المتبوعُ مَنْصُوباً كانَ التَّابعُ مَنْصُوباً، نحوُ: (قَابَلْتُ مُحَمَّداً وَخَالِداً):
فَخَالِداً: مَعْطُوفٌ عَلَى محمد، والمَعْطُوفُ عَلَى المَنْصُوبِ مَنْصُوبٌ، وعَلامَةُ نَصْبِهِ الفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
-وإنْ كانَ المتبوعُ مخفوضاً كانَ التَّابعُ مخفوضاً مثلَهُ، نحوُ: (مَرَرْتُ بِمُحَمَّدٍ وَخَالِدٍ):
فخالدٍّ مَعْطُوفٌ عَلَى محمد، والمَعْطُوفُ عَلَى المَخْفُوضِ مَخْفُوضٌ، وعَلامَةُ خَفْضِهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ.
وإنْ كانَ المتبوعُ مَجْزُوماً كانَ التَّابعُ مَجْزُوماً أيضاً،
نحوُ: (لَمْ يَحْضُرْ خَالِدٌ أَوْ يُرْسِلْ رَسُولاً) فَيُرْسِلْ: مَعْطُوفٌ عَلَى يحضُر، والمَعْطُوفُ عَلَى المجزومِ مَجْزُومٌ، وعَلامَةُ جَزْمِهِ السُّكونُ.

ومنْ هذِهِ الأمثلةِ، تَعْرِفُ:
-أنَّ الاسْمَ يُعْطَفُ عَلَى الاسمِ.
-وأنَّ الفِعْلَ يُعْطَفُ عَلَى الفِعْلِ.

تدريبٌ عَلَى الإعرابِ:
أعْرِب الجملَ الآتيَةَ:
(مَا رأيتُ مُحَمَّداً لكنْ وكيلَهُ)، (زارَنا أخوكَ وصديقُهُ)، (أخِي يأكلُ ويشربُ كثيراً).
الجوابُ:
1-مَا: حَرْفُ نفْيٍ، مبنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لا مَحَلَّ لهُ مِن الإعْرَابِ.
رأى مِن رأيتُ: فِعْلٌ مَاضٍ مبنِيٌّ عَلَى فتحٍ مقدَّرٍ عَلَى آخرِهِ منعَ مِن ظُهُورِهِ اشتغالُ المحلِّ بالسُّكُونِ.
والتَّاءُ:ضميرُ المُتكلِّمِ فَاعِلٌ مبنِيٌّ عَلَى الضّمِّ فِي محلِّ رفْعٍ.
مُحَمَّداً: مَفْعُولٌ بهِ مَنْصُوبٌ، وعَلامَةُ نَصْبِهِ الفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
لكنْ: حَرْفُ عطفٍ.
وكيل: مَعْطُوفٌ عَلَى محمَّدٍ، والمَعْطُوفُ عَلَى المَنْصُوبِ مَنْصُوبٌ، وعَلامَةُ نَصْبِهِ الفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ.
ووكيل مضافٌ.
والهاءُ ضميرُ الغائبِ مضافٌ إليْهِ، مبنِيٌّ عَلَى الضّمِّ فِي محلِّ جرٍّ.
2-زارَ: فِعْلٌ مَاضٍ مبنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ لا مَحَلَّ لهُ من الإعْرَابِ:
ونا: مَفْعُولٌ بهِ مبنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي محلِّ نصْبٍ.
أخو: فَاعِلٌ مرفُوعٌ، وعَلامَةُ رفْعِهِ الوَاوُ نيابةً عن الضَّمَّةِ لأنَّهُ من الأسماءِ الخَمْسَةِ.
وأخُو مضافٌ والكافُ ضميرُ المُخاطَبِ مضافٌ إليْهِ، مبنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ فِي محلِّ خفضٍ.
والوَاوُ حَرْفُ عطفٍ.
صديق: مَعْطُوفٌ عَلَى أخو، والمَعْطُوفُ عَلَى المرفُوعِ مرفُوعٌ، وعَلامَةُ رفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ.
وصديق مضافٌ.
والهاءُ ضميرُ الغائبِ مضافٌ إليْهِ، مبنِيٌّ عَلَى الضّمِّ فِي محلِّ خفضٍ.
3-أخ مِن أخِي: مبتدأٌ، مرفُوعٌ بالابتداءِ، وعَلامَةُ رفْعِهِ ضمَّةٌ مُقدَّرةٌ عَلَى آخرِهِ منَعَ مِن ظهُورِهَا اشتغالُ المحلِّ بحركةِ المناسبةِ.
وأخ مضافٌ.
وياءُ المُتكلِّمِ مضافٌ إليْهِ، مبنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي محلِّ خفضٍ.
يأكلُ: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مرفُوعٌ لتجرُّدِهِ من النَّاصبِ والجَازمِ، وعَلامَةُ رفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ، والفَاعِلُ ضميرٌ مستترٌ فيهِ جوازاً تقديرُهُ هُوَ يعودُ عَلَى أخِي.
والجملةُ من الفِعْلِ والفَاعِلِ فِي محلِّ رفْعٍ خبرُ المبتدأِ.
والرَّابطُ بيْنَ جملةِ الخبرِ والمبتدأِ هُوَ الضَّميرُ المستترُ فِي (يأكلُ).
والوَاوُ حَرْفُ عطفٍ.
يشربُ: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَعْطُوفٌ عَلَى يأكلُ، والمَعْطُوفُ عَلَى المرفُوعِ مرفُوعٌ، وعَلامَةُ رفْعِهِ الضَّمَّةُ الظَّاهِرَةُ.
كثيراً: مَفْعُولٌ بهِ لـ (يأكلُ)، مَنْصُوبٌ، وعَلامَةُ نَصْبِهِ الفَتْحَةُ الظَّاهِرَةُ).

هيئة الإشراف

#3

8 Nov 2008

حاشية الآجرومية للشيخ: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم

المتن:

قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (بَابُ العَطْفِ(1)

وَحُروفُ العَطْفِ عَشَرَةٌ(2):

وَهِيَ: الوَاوُ، وَالفَاءُ، وَثُمَّ(3)، وأَوْ، وأَمْ، و إِمَّا(4)، وبَلْ، ولاَ، وَلَكِنْ(5)، وَحَتَّى في بَعْضِ المَوَاضِعِ(6).
- فَإِنْ عَطَفْتَ بها عَلَى مَرْفُوع رَفَعْتَ.
-أَوْ عَلَى مَنْصُوبٍ نَصَبْتَ.
-أَوْ عَلَى مَخْفُوضٍ خَفَضْتَ.
-أَوْ عَلَى مَجْزُومٍ جَزَمْتَ.
تَقُولُ: (جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو)، وَ(رَأَيْتُ زَيْداً وَعَمْراً)، وَ(مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَعَمْرٍو)، وَ(زَيْدٌ لَمْ يَقُمْ وَلَمْ يَقْعُدْ)(7)
).


الشرح:

قال الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي (ت: 1392هـ): ( (1) هو لغةً: الرُّجوعُ إلى الشَّيءِ بعدَ الانصرافِ عنه.
واصطلاحًا: هو التَّابعُ المتوسّطُ بينه وبينَ متبوعِهِ أحدُ حروفِ العطفِ المذكورةِ.
ولم يذكرْ عطفَ البيانِ، وهو: التَّابعُ الموضّحُ لمتبوعِهِ، إن كانَ نكرةً، نحو: (أقسمَ باللهِ أبو حفصٍ عمرْ)،
والمخصِّصُ له نحو: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}.
(2) هذا على القولِ: بأنَّ إمَّا عاطفةٌ، والعاطفةُ إنَّما هي الواوُ الَّتي قبلَهَا.
وحروفُ العطفِ قسمانِ:
-ما يقتضي التَّشريكَ، في اللفظِ فقط، وهو: بل، ولا، ولكن.
-وما يقتضي التَّشريكَ، في اللفظِ والمعنى، أي: في الإعرابِ والحكمِ، وهو: السَّبعةُ الباقيةُ.
(3) فالواوُ: لمطلقِ الجمعِ، من غيرِ ترتيبٍ،
نحو: (جاءَ زيدٌ وعمرو).والفاءُ للتَّرتيبِ والتَّعقيبِ باتِّصالٍ، نحو: (جاءَ زيدٌ فعمرو).وثمَّ: بضمِّ الثَّاءِ، للتَّرتيبِ والتَّراخي، نحو: (جاءَ زيدٌ ثمَّ عمرو).

(4) فأو:
-للتـَّخييرِ، نحو: (انكحْ هندًا أو أختَهَا).
-أو الإباحةِ بعدَ الطَّلبِ، نحو: (جالسِ الحسنَ أو ابنَ سيرينَ).
والفرقُ بينهما:
-أنَّ التَّخييرَ لا يجوزُ الجمعُ بينهما.
-بخلافِ الإباحةِ.
و(أو): للإبهامِ، أو للشَّكِّ،
نحو: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ}، {لَبِثْنَا يَوْمَاً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}.
وأمْ: لطلبِ التَّعيينِ، نحو: (أعندَكَ زيدٌ أم عمرو).
وبعدَ همزةِ التَّسويةِ ونحوِهَا، نحو: {أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ}.
وإمَّا المكسورةُ الهمزةِ المسبوقةُ بمثلِهَا، على القولِ بأنَّها عاطفةٌ، والعاطفةُ إنَّما هي: الواوُ الَّتي قبلَهَا، مثلُ(أو) في معناها، نحو: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}؛ للتَّخييرِ بعدَ الطَّلبِ، وتكونُ للإباحةِ، وللتَّشكيكِ، وللشَّكِّ.
(5) فـ(بل): للإضرابِ، نحو: (اضربْ زيدًا بل عمراً).
وللعطفِ بها ثلاثةُ شروطٍ:
-إفرادُ معطوفِهَا.
-وأن تسبقَ بإيجابٍ أو أمرٍ أو نهي، لا استفهامٍ.
-وأن لا تقترنَ بالواوِ.
ولا: للنَّفي، نحو: (اضربْ زيدًا لا عمراً).
وللعطفِ بها أربعةُ شروطٍ:
-إفرادُ معطوفِهَ.
-وأن تسبقَ بإيجابٍ أو أمرٍ اتّفاقًا، أو ابتداءٍ على الرَّاجحِ.
-وأن لا يصدقَ أحدُ معطوفيها على الآخرِ.
-وأن لا تقترنَ بعاطفٍ.
نحو: (جاءَ زيدٌ لا عمرو).
ولكنْ: بسكونِ النُّونِ، للاستدراكِ.
ويُعطَفُ بها بثلاثةِ شروطٍ:
-إفرادِ معطوفِهَا.
-وأن تسبقَ بنفيٍ أو نهيٍ.
-وأن لا تقترنَ بالواوِ.
نحو: (لا تضربْ زيدًا لكن عمراً).
(6) حتـَّى: كالواوِ، ومعناها: للتَّدريجِ والغايةِ، ولا تفيدُ التَّرتيبَ.
وشروطُ العطفِ بها أربعةٌ:
-أن يكونَ المعطوفُ بها بعضًا من المعطوفِ عليه، أو كبعضِهِ.
-وأن يكونَ غايةً في الشَّرفِ، أو عدمِهِ.
-وأن يكونَ ظاهرًا لا مضمرًا.
-وأن يكونَ مفرداً لا جملةً.
وتكونُ عاطفةً في بعضِ المواضعِ، نحو: (ماتَ النَّاسُ حتَّى الأنبياءُ).
وقد تكونُ ابتدائيَّةً، أو جارّةً، نحو: {هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.

(7) وقسْ سائرَ حروفِ العطفِ على هذا.
وفُهِمَ من إطلاقِهِ:
أنَّهُ يجوزُ عطفُ الظَّاهرِ على الظَّاهرِ، والمضمرِ على المضمرِ، وعكسِهِ، وكذا النَّكرةُ والمعرفةُ، والمفردُ، وغيرُهَا.
وإذا عطفَ على الضَّميرِ المرفوعِ المتَّصلِ، وجبَ الفصلُ بينَهُ وبينَ ما عُطِفَ عليه بشيءٍ:
-كالضَّميرِ المنفصلِ، نحو قولِهِ تعالى {لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ}.
-وكالمفعولِ بهِ.
-ولا النَّافيةِ، نحو: (أكرمتُهُ وزيدًا)، وقولِهِ: {مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا} ).

هيئة الإشراف

#4

8 Nov 2008

حاشية الآجرومية للشيخ: عبد الله العشماوي الأزهري

المتن:

قال ابن آجُرُّوم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي (ت: 723هـ): (بَابُ العَطْفِ(1)

وَحُروفُ العَطْفِ عَشَرَةٌ،وَهِيَ: الوَاوُ(2)، وَالفَاءُ(3)، وَثُمَّ(4)، وأَوْ(5)، وأَمْ(6)، وإِمَّا(7)، وبَلْ(8)، ولاَ(9)، وَلَكِن(10)، وَحَتَّى(11) في بَعْضِ المَوَاضِعِ(12).
فَإِنْ عَطَفْتَ عَلَى مَرْفُوع رَفَعْتَ، أَوْ عَلَى مَنْصُوبٍ نَصَبْتَ، أَوْ عَلَى مَخْفُوضٍ خَفَضْتَ، أَوْ عَلَى مَجْزُومٍ جَزَمْتَ.
تَقُولُ: (قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو)، وَ(رَأَيْتُ زَيْداً وَعَمْرًا)، وَ(مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَعَمْرٍو)، وَ(زَيْدٌ لَمْ يَقُمْ وَلَمْ يَقْعُدْ) ).


الشرح:

قال الشيخ عبد الله العشماوي الأزهري: (بابُ العطفِ
(1) وهو لغةً: الرّجوعُ إلى الشَّيءِ بعد الانصرافِ عنه.
واصطلاحًا: هو التَّابعُ المتوسّطُ بينه وبين متبوعِهِ أحدُ حروفِ العطفِ العشرةِ أو التّسعةِ.
فقولُنَا: التَّابعُ جنسٌ يشملُ سائرَ التّوابعِ.
وقولُنَا: المتوسّطُ بينه وبين متبوعِهِ أحدُ حروفِ العطفِ يُخرِجُ بقيَّةَ التّوابعِ فإنَّها ليست تابعةً بواسطةٍ.
ثمَّ اعلمْ أنَّ العطفَ قسمان:
-عطفُ بيانٍ.
-وعطفُ نسقٍ.
فعطفُ النّسقِ
يكون بالواوِ وبغيرِهَا من بقيَّةِ حروفِ العطفِ.
وعطفُ البيانِ
يكون من غيرِ واسطةٍ كما في قولِكَ:
(أَقْسَمَ باللهِ أبو حفصٍ عمرْ):
فعمرُ:عطفُ بيانٍ أي مبيِّنٌ لقولِهِ أبو حفصٍ.
وكما في قولِكَ: (جاء عمرُ الفاروقُ)، سُمّيَ فاروقًا لفرقِهِ بين الحقِّ والباطلِ.
(2) قوله: (وهي الواوُ).
اعلمْ أنَّ حروفَ العطفِ على قسمين:
- منها:ما يشركُ في اللفظِ والمعنى، وهي ستَّةٌ.
- ومنها:ما يشركُ في اللفظِ فقط وهو ثلاثةٌ وهي: بل ولا ولكن.
ومعنى التَّشريكِ في اللفظِ
أن يحكمَ على المعطوفِ بإعرابِ المعطوفِ عليه.
ومعنى التَّشريكِ في الحكمِ
أن يثبتَ للمعطوفِ حكمُ المعطوفِ عليه وهو المجيءُ مثلاً في قولِكَ: (جاء زيدٌ وعمروٌ).
وبدأ المصنِّفُ بالواو
لأنَّها أمُّ البابِ، وهي لمطلقِ الجمعِ، ولا تفيدُ ترتيبًا فلا تعقيبًا ولا معيّةً.
-فتعطفُ اللاحقَ على السّابقِ كما في قولِهِ تعالى: {ولقد أرسلْنَا نوحًا وإبراهيمَ} فإنَّ إبراهيمَ متأخِّرٌ في الإرسالِ.
-وتعطفُ السّابقَ على اللاحقِ كما في قولِهِ تعالى: {ولقدْ أوحيْنَا إليكَ وإلى الَّذين من قبلِكَ}.
-وتعطفُ المصاحبَ على مصاحبِهِ كما في قولِهِ تعالى: {فأنجينَاهُ وأصحابَ السّفينةِ}.
(3) قوله: (والفاءُ) وهي للتَّرتيبِ والتَّعقيبِ،
تقول: (جاء زيدٌ فعمرو)، إذا كان مجيءُ عمرو بعد مجيء زيدٍ من غيرِ مَهلةٍ بفتحِ الميمِ يعني من غيرِ تراخٍ، وأمَّا مُهلةٌ بضمِّ الميمِ فهي عكارةُ الزّيتِ.
واعتُرِضَ على إفادةِ الفاءِ للتَّرتيبِ بقولِهِ تعالى: {وكَمْ من قريةٍ أهلكنَاهَا فجاءَهَا بأسُنَا بياتًا} فظاهرُ الآيةِ أنَّ مجيءَ البأسِ بعدَ الإهلاكِ مع أنَّ الإهلاكَ لا يكونُ إلا بعدَ مجيء البأسِ أي العذابِ.
وأجيبَ عن الآيةِ بأنَّ فيها شيئًا محذوفًا، والتَّقديرُ: وكم من قريةٍ أهلكناها أي أردْنَا إهلاكَهَا فجاءها بأسُنَا، ولا شكّ أنَّ مجيءَ البأسِ مسبّبٌ عن الاعتراضِ على كونِهَا للتَّعقيبِ بقولِهِ تعالى: {والَّذي أخرجَ المرعَى فجعلَهُ غثاءً أحوى} فإنَّ ظاهرَ الآيةِ أنْ جعلَهُ غثاءً عقبَ خروجِ المرعى وليس كذلك.
ويُجابُ عن ذلك بأنَّ التَّعقيبَ في كلِّ شيءٍ بحسبِهِ، والتَّقديرُ: فمضَتْ مدَّةٌ فجعلَهُ غثاءً أحوى.
وكذا تزوَّجَ زيدٌ فوُلِدَ له، فظاهرُهُ أنَّ الولادةَ تعقبُ التَّزويجَ.
ويُجابُ بأنَّه على حذفِ جملةٍ تقديرُهَا تزوَّجَ زيدٌ فمضَتْ مدَّةٌ فوُلِدَ له.
(4) قوله: (وثُمَّ) وهي للتَّرتيبِ والتَّراخي،
تقولُ: (جاء زيدٌ ثمَّ عمرو)، إذا كان مجيءُ عمرو بعد مجيءِ زيدٍ بمهلةٍ.
واعتُرِضَ على كونِ ثمَّ تفيدُ التَّرتيبَ بقولِهِ تعالى:
{ولقدْ خلقناكُمْ ثُمَّ صوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قلنَا للملائكةِ اسجدُوا لآدمَ} فظاهرُ الآيةِ يقتضي أنَّ الأمرَ بالسّجودِ بعد خلقِنَا وليس كذلك.
وأجيبَ بأنَّ هناك مضافًا محذوفًا والتَّقديرُ: ولقد خلقنَا أباكُمْ ثمَّ صوَّرْنَا أباكُم ثمَّ قلنَا للملائكةِ اسجدُوا لآدمَ.
(5) قوله: (وأو) وهي إمَّا أن تكونَ واقعةً:
-بعد الطّلبِ.
-أو الخبرِ.
فإن وقعَتْ بعد الطَّلبِ فلها معنيان:
-التَّخييرُ.
- والإباحةُ.
فمثالُ التَّخييرِ: (تزوَّجْ هنداً أو أختَهَا).
ومثالُ الإباحةِ:(جالسْ العبادَ أو الزّهّادَ).
والفرقُ بين التَّخييرِ والإباحةِ:
أنَّ التَّخييرَ يمتنعُ معه الجمعُ، خلافِ الإباحةِ، فإنَّ الجمعَ يجوزُ معها ولا يمتنعُ.
وإذا وقعت بعد الخبرِ فلها معنيان:
-الشّكُّ.
-والإبهامُ.
فمثالُ الشّكِّ
قولُهُ تعالى حكايةً عن عزيرٍ: {لبثْتُ يومًا أو بعضَ يومٍ}.
ومثالُ الإبهامِ:قولُهُ تعالى: {وإنَّا أو إيّاكُمْ لعلى هدًى أو في ضلالٍ مبينٍ} فالمتكلِّمُ وهو النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عالمٌ أنَّه على الحقِّ يقينًا، لكنَّه قصدَ الإبهامَ على المخاطبين.
وتكونُ للتَّقسيمِ كما تقولُ: (الكلمةُ إمَّا اسمٌ أو فعلٌ أو حرفٌ).
(6) قوله: (وأم) وهي المعادلةُ للهمزةِ كقولِهِ تعالى: {أأنذرْتَهُم أم لم تنذِرْهُم} أي إنذارُكَ وعدمُهُ سواءٌ، فسواءٌ خبرٌ مقدّمٌ، وما بعده مبتدأٌ مؤخَّرٌ فهو مؤوَّلٌ بمصدرٍ.
(7) قوله: (وإمَّا) الصَّحيحُ أنَّها ليست عاطفةً وأنَّ العاطفَ الواوُ في قولِهِ تعالى: {فإمَّا منًّا بعدُ وإمَّا فداءً} فمنًّا وفداءً كلٌّ منهما مفعولٌ مطلقٌ عاملُهُ محذوفٌ، والتَّقديرُ: فإمَّا تمنُّونَ منّاً وإمَّا تفدون فداءً.
(8) قوله: (وبل) وهي موضوعةٌ للإضرابِ الإبطاليِّ والانتقاليِّ:
فمثالُ الإضرابِ الإبطاليِّ: (لا تضربْ زيداً بل عمراً)، وتقع بين جملتين حقيقةً أوْتقديرًا.
ومثالُ الإضرابِ الانتقاليِّ قولُهُ تعالى: {قد أفلحَ من تزكَّى وذكَرَ اسمَ ربِّهِ فصلَّى بل تُؤْثِرُونَ الحياةَ الدُّنيَا}.
ولا يُعطَفُ بها إلا بشروطٍ:
الشّرطُ الأوَّلُ:إفرادُ معطوفيها.
الثَّاني: أن لا تقترنَ بالواو.
الثَّالثُ: أن يتقدَّمَها نفيٌ أو شبهُهُ أو إثباتٌ.
ففي أمثالِ تقدُّمِ النَّفي ينتقلُ حكمُ ما قبلها إلى ما بعدها، وكذا إذا وقعَتْ بعد إثباتٍ يصيرُ الأوَّلُ في حكمِ المسكوتِ عنه.
(9) قوله: (ولا) لصحَّةِ العطفِ بها شروطٌ:
الأوَّلُ:أن يتقدَّمَها إثباتٌ كقولِكَ: (جاء زيدٌ لا عمرو).
والثَّاني: إفرادُ معطوفيها.
والثَّالثُ: تعاندُهُما، بمعنى أنَّه لا يصدقُ أحدُهُما على الآخرِ.
(10) قوله: (ولكنْ) ولا يُعطَفُ بها إلا بشروطٍ ثلاثةٍ:
الأوَّلُ:إفرادُ معطوفيها، فلو تلتْهَا جملةٌ فهي ابتدائيَّةٌ وليست عاطفةً، بل هي حرفُ ابتداءٍ كما في قولِ الشَّاعرِ:

إنَّ ابنَ ورقاءَ لا تُخشَى بوادرُهُ لكـنْ وقـائعُهُ في الـحربِ تُنـْتَظَرُ

الشَّرطُ الثَّاني:أن لا تقترنَ بالواو، فإن اقترنَتْ فالعاطفُ الواوُ كما في قولِهِ تعالى: {ولكنْ رسولَ اللهِ}فرسولَ: خبرٌ لكان المحذوفةِ، والتَّقديرُ: ولكن كان رسولَ اللهِ، فالعطفُ هنا بالواوِ، ولا يصحّ أن يكونَ معطوفًا على (أبا) في قولِهِ تعالى: {ما كان محمَّدٌ أبا أحدٍ من رجالِكُم} لأنَّ متعاطفي الواو المفردين لا يختلفان بالسَّلبِ والإيجابِ.
الشَّرطُ الثَّالثُ:أن تقعَ بعد نفيٍ أو نهيٍ، فلو وقعت بعد إثباتٍ لم تكن عاطفةً كما في قولِكَ: (جاء زيدٌ لكن عمرو لم يجئْ) بل هي حرفُ ابتداءٍ.
(11) قوله: (وحتَّى) ومعناها التَّدريجُ، وهو: انقضاءُ الشَّيءِ شيئًا فشيئًا إلى أن يبلغَ الغايةَ.
إمَّا في الشَّرفِكقولِكَ: (مات النَّاسُ حتَّى الأنبياءُ).
وإمَّا في الخسّةِكقولِكَ: (استغنى النَّاسُ حتَّى الحجَّامون).
(12) قوله: (في بعضِ المواضعِ) أشار بذلك إلى أنَّها قد لا تكونُ عاطفةً كما في قولِ الشَّاعرِ:

فـمـا زالتِ القتلى تمـجُّ دمـاءَهَا بدجلةَ حتَّى ماءُ دجلةَ أشكلُ

فحتَّى هنا في قولِ الشَّاعرِ ابتدائيَّةٌ.
وماءُ: مبتدأٌ.
وأشكلُ: خبرٌ.
ومعنى (أشكلُ) مختلطٌ بالدَّمِ.
وتكونُ جارَّةً للآخرِ
كما في قولِكَ: (أكلتُ السَّمكةَ حتَّى رأسِهَا) بجرّ رأسٍ.
وتجرُّ المتّصلَ بالآخرِ
كقولِهِ تعالى: {حتَّى مطلعِ الفجرِ} ).

هيئة الإشراف

#5

8 Nov 2008

شرح الآجرومية للشيخ: حسن بن علي الكفراوي


قال الشيخ حسن بن علي الكفراوي الأزهري الشافعي (ت: 1202هـ): (بابُ العطفِ
(1) (بابُ): خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ تقديرُهُ: هذا بابُ.

وبابُ: مُضَافٌ.
و (العطفِ): مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ.
ومعنى العطفِ لُغَةً: المَيْلُ، يُقَالُ: عَطَفَ عليهِ، إذا مالَ نَحْوَهُ بالرِّفْقِ والرحمةِ.
وفي الاصطلاحِ قسمانِ:
عطفُ بيانٍ:وهوَ: التابعُ الجامدُ المُوَضِّحُ لِمَتْبُوعِهِ في الْمَعارِفِ، والْمُخَصِّصُ لهُ في النكراتِ.
فالْمُوَضِّحُ لمتبوعِهِ في الْمَعارِفِ
نحوُ: (جاءَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ).
وإعرابُهُ:
جاءَ: فعلٌ ماضٍ.
وأبو: فاعلٌ مرفوعٌ بالواوِ نيابةً عن الضَّمَّةِ؛ لأنَّهُ مِن الأسماءِ الخمسةِ.
وأبو: مُضَافٌ.
وحَفْصٍ: مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ بالكسرةِ.
وعُمَرُ: عَطْفُ بيانٍ على أبو مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ.
والثاني: عَطْفُ النَّسَقِ:وهوَ المرادُ هنا، وهوَ التابعُ الْمُتَوَسِّطُ بينَهُ وبينَ مَتْبُوعِهِ أَحَدُ حُرُوفِ العطفِ الآتيَةِ التي أشارَ لها بقولِهِ: (وحُروفُ العطفِ عَشَرَةٌ).
وإعرابُهُ:
الواوُ:للاستئنافِ.حروفُ:مبتدأٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ.وحروفُ:مُضَافٌ.والعطفِ:مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ.وعَشَرَةٌ:خبرُ المبتدأِ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهرةِ.
(2) (وهيَ): الواوُ: للاستئنافِ.هيَ:ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مبتدأٌ مَبْنِيٌّ على الفتحِ في مَحَلِّ رفعٍ.
(الواوُ)، وما عُطِفَ عليها: خبرُ المبتدأِ.
يَعْنِي أنَّ الواوَ أحدُ حُروفِ العطْفِ:
وهيَ لِمُطْلَقِ الجمْعِ فلا تَدُلُّ على مَعِيَّةٍ ولا تَرتيبٍ، نحوُ: (جاءَ زيدٌ وعمرٌو)، سَوَاءٌ كانَ مَجيءُ زيدٍ قبلَ مَجيءِ عمرٍو أوْ بعدَهُ أوْ معهُ.
وإعرابُهُ:
جاءَ: فعلٌ ماضٍ.
وزيدٌ: فاعلٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ.
وعمرٌو: الواوُ: حرفُ عطفٍ.
عمرٌو: معطوفٌ على زيدٌ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ.
(والفاءُ): الواوُ: حرفُ عطفٍ.
الفاءُ: معطوفٌ على الواوُ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ.
يعني أنَّ الفاءَ هيَ الحرفُ الثاني مِنْ حروفِ العطفِ:
وهيَ للترتيبِ والتعقيبِ، نحوُ: (جاءَ زيدٌ فَعَمْرٌو)، إذا كانَ مَجِيءُ عمرٍو بعدَ مَجيءِ زيدٍ مَنْ غيرِ مُهْلَةٍ.
وإعرابُهُ:
جاءَ: فعلٌ ماضٍ.
وزيدٌ: فاعلٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ.
فعمرٌو: الفاءُ: حرفُ عطفٍ.
عمرٌو: معطوفٌ على زيدٌ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ.
(وثمَّ): الواوُ: حرفُ عطفٍ.
ثمَّ: معطوفٌ على الواوُ مَبْنِيٌّ على الفتحِ في مَحَلِّ رفعٍ.
يَعْنِي أنَّ ثمَّ هيَ الحرفُ الثالثُ مِنْ حروفِ العَطْفِ:
وهيَ للترتيبِ والتَّرَاخِي،نحوُ: (جاءَ زيدٌ ثمَّ عَمْرٌو)، إذا كانَ مجيءُ عمرٍو بعدَ مجيءِ زيدٍ بِمُهْلَةٍ.
وإعرابُهُ:
جاءَ: فعلٌ ماضٍ.
وزيدٌ: فاعلٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ.
ثمَّ عمرٌو: ثمَّ: حرفُ عطفٍ.
عمرٌو: معطوفٌ على زيدٌ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ.
(وَأَوْ): الواوُ: حرفُ عطفٍ.
أوْ: معطوفٌ على الواوُ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رَفْعٍ.
يَعْنِي أنَّ أوْ هيَ الحرْفُ الرابعُ مِنْ حروفِ العَطْفِ، وهيَ لأَحَدِ الشيئَيْنِ أو الأشياءِ، وتُستعمَلُ لمعانٍ:
- منها الشكُّ، نحوُ: (جاءَ زيدٌ أوْ عمرٌو)، إذا لمْ تَعْلَمْ عَيْنَ الْجَائِي منهما.
وإعرابُهُ:
جاءَ: فعلٌ ماضٍ.
وزيدٌ: فاعلٌ.
أوْ عمرٌو: أوْ: حرفُ عطفٍ.
عمرٌو: معطوفٌ على زيدٌ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ.
(وأَمْ): الواوُ: حرفُ عطفٍ.
أمْ: معطوفٌ على الواوُ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رفعٍ.
يَعْنِي أنَّ أَمْ هيَ الحرفُ الخامسُ مِنْ حُرُوفِ العطفِ، وتُسْتَعْمَلُ لِمَعانٍ:
- منها طَلَبُ التعيينِ بعدَ همزةِ الاستفهامِ، نحوُ: (أجاءَ زيدٌ أمْ عمرٌو؟) إذا كُنْتَ تَعلمُ أنَّ الْجَائِيَ منهما واحدٌ، ولمْ تَعْلَمْ عَيْنَهُ.
وإعرَابُهُ:
أجاءَ زيدٌ: الهمزةُ:للاستفهامِ.
جاءَ: فعلٌ ماضٍ.
وزيدٌ: فاعلٌ.
أمْ: حرفُ عطفٍ لطلَبِ التعيينِ.
وعَمْرٌو: معطوفٌ على زيدٌ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ.
والمعنى: أَيُّهما جاءَ؟
(وإمَّا) بكسْرِ الهمزةِ: الواوُ: حرفُ عطفٍ.إمَّا:معطوفٌ على الواوُ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رفعٍ.
يَعْنِي أنَّ إمَّا هيَ الحرفُ السادسُ مِنْ حروفِ العطفِ، وتُستعملُ لِمَعانٍ؛ منها التخييرُ، نحوُ قولِهِ تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}.
وإعرابُهُ:
فإمَّا: الفاءُ: فاءُ الفصيحةِ.
إمَّا: حرفُ تخييرٍ.
ومَنًّا: مفعولٌ بفعلٍ محذوفٍ تقديرُهُ: تَمُنُّونَ مَنًّا، فتَمُنُّونَ: فعلٌ مضارِعٌ مرفوعٌ بثُبوتِ النونِ.
والواوُ: فاعلٌ.
ومَنًّا: مفعولٌ مُطْلَقٌ مَنصوبٌ بـ تَمُنُّونَ.
وإمَّا فِداءً: الواوُ: حرفُ عطفٍ.
إمَّا: حَرْفُ تخييرٍ.
وقالَ المصنِّفُ:
حرفُ عطفٍ.
وهوَ ضعيفٌ.
وفِداءً: منصوبٌ بفعلٍ محذوفٍ تقديرُهُ: تَفْدُونَ فِدَاءً، فتَفْدُونَ: فعلٌ مضارِعٌ مرفوعٌ بثُبوتِ النونِ.
والواوُ:فاعلٌ.
وفِداءً: مفعولٌ مُطْلَقٌ منصوبٌ بـ تَفْدُونَ.
فقدْ عَلِمْتَ أنَّ العاطِفَ هوَ الواوُ لا إمَّاعلى الصحيحِ، خِلافا للمُصَنِّفِ.
فعليهِ تكونُ حُروفُ العطْفِ تِسعةً لا عَشَرَةً.
(وبَلْ):الواوُ: حرفُ عطفٍ.
بلْ: معطوفٌ على الواوِ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رفعٍ.
يَعْنِي أنَّ بلْ هيَ الحرفُ السابعُ مِنْ حروفِ العَطْفِ، وتأتي لِمَعانٍ؛ منها الإضْرَابُ الانتقاليُّ، نحوُ: (جاءَ زيدٌ بلْ عمرٌو)، إذا قَصَدْتَ الحُكْمَ على عمرٍو بالمجيءِ، فصارَ زيدٌ مَسكوتًا عنهُ.
وإعرابُهُ:
جاءَ زيدٌ:فعلٌ وفاعلٌ.
بلْ: حرفُ عطفٍ.
عمرٌو: معطوفٌ على زيدٌ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ.
(ولا): الواوُ: حرفُ عطفٍ.
لا: معطوفٌ على الواوِ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رفعٍ.
يَعْنِي أنَّ لاهيَ الحرفُ الثامنُ مِنْ حروفِ العَطْفِ، وتأتي لِمَعانٍ؛ منها أَنَّها تُثْبِتُ لِمَا بَعْدَها نَقيضَ ما قَبْلَها، عَكْسَ بلْ، نحوُ: (جاءَ زيدٌ لا عمرٌو).
وإعرابُهُ:
جاءَ: فعلٌ ماضٍ.
وزيدٌ: فاعلٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ.
لا: نافيَةٌ.
عمرٌو: معطوفٌ بـِ لا على زيدٌ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ.
(ولَكِنْ): الواوُ: حرفُ عطفٍ.
لَكِنْ: معطوفٌ على الواوُ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رفعٍ.
يَعْنِي أنَّ لَكِنْ
هيَ الحرفُ التاسعُ مِنْ حروفِ العطفِ، وهيَ لإثباتِ نقيضِ ما قَبْلَها لِمَا بعدَها، نحوُ: (ما رَأَيْتُ زيدًا لَكِنْ عَمْرًا).
وإعرابُهُ:
ما: نافيَةٌ.
ورَأَيْتُ: فعلٌ وفاعلٌ.
وزيدًا: مفعولٌ بهِ منصوبٌ.
لَكِنْ: حرفُ عطفٍ.
عَمْرًا: معطوفٌ على زيدًا، والمعطوفُ على المنصوبِ منصوبٌ.
(وحتَّى): الواوُ: حرفُ عطفٍ.
حتَّى: معطوفٌ على الواوُ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ رفعٍ.
(في بعضِ): جارٌّ ومجرورٌ في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحالِ منْ حتَّى.
وبعضِ: مُضَافٌ.
و (الْمَوَاضِعِ): مُضَافٌ إليهِ مجرورٌ بالكسرةِ الظاهرةِ.
يَعْنِي
أنَّ الحرفَ العاشرَ مِنْ حروفِ العَطْفِ حتَّى بشَرْطِ أنْ يكونَ ما بعدَها بَعْضًا مِمَّا قَبْلَها كما أشارَ لذلكَ بقولِهِ: في بعضِ الْمَواضِعِ، نحوُ: (أَكَلْتُ السمكَةَ حَتَّى رَأْسَها). وإعرابُهُ:
أَكَلْتُ السمكةَ: فعلٌ وفاعلٌ ومفعولٌ.
حتَّى: حرفُ عطفٍ.
رأسَ: معطوفٌ على السمكةَ، والمعطوفُ على المنصوبِ منصوبٌ.
ورأسَ: مُضَافٌ.
والهاءُ: مُضَافٌ إليهِ مَبْنِيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ جرٍّ.
هذا إذا نَصَبْتَ رَأْسَها.
فإنْ رفَعْتَها
كَانَتْ حرفَ ابتداءٍ.
ورَأْسُ: مبتدأٌ مرفوعٌ بضَمَّةٍ ظاهرةٍ.
ورأسُ: مُضَافٌ.
والهاءُ: مُضَافٌ إليهِ في مَحَلِّ جرٍّ.
وخبرُ المبتدأِ محذوفٌ تقديرُهُ: مأكولٌ.
فمأكولٌ: خبرُ المبتدأِ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ.
وإنْ جَرَرْتَ رَأْسهَا كانتْ حَرْفَ جَرٍّ.
ورَأْسِ: مجرورٌ بـ حتَّى، وعلامةُ جَرِّهِ الكسرةُ الظاهرةِ.
ورأسِ: مُضَافٌ.
والهاءُ: مُضَافٌ إليهِ في مَحَلِّ جرٍّ.
(3) (فإنْ): الفاءُ: للفصيحةِ.
إنْ: حَرْفُ شَرْطٍ جازمٌ يَجْزِمُ فِعلَيْنِ؛ الأَوَّلُ فعلُ الشرْطِ، والثاني جوابُهُ وجَزَاؤُهُ.
(عَطَفْتَ): عَطَفَ: فعلٌ ماضٍ في مَحَلِّ جَزْمٍ بـ إنْ فِعْلُ الشرْطِ، والتاءُ: ضميرُ المُخَاطَبِ في مَحَلِّ رفعٍ فاعلٌ.
(بِهَا): جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـ عَطَفْتَ.
(على مرفوعٍ): جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ أيضًا بـ عَطَفْتَ.
(رَفَعْتَ): فعلٌ ماضٍ في مَحَلِّ جَزْمٍ بـ إنْ جَوابُ الشرطِ.
والتاءُ: ضميرُ المخاطَبِ فاعلٌ.
(أوْ): حرفُ عطفٍ.
(على منصوبٍ): جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بفِعْلِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ دَلَّ عليهِ ما قَبْلَهُ، والتقديرُ: أَوْ إنْ عَطَفْتَ بها على مَنْصُوبٍ.
(نَصَبْتَ): فعلٌ وفاعلٌ، والفعلُ في مَحَلِّ جَزْمٍ جوابُ الشرطِ الْمُقَدَّرِ، والجملةُ معطوفةٌ على جملةِ الشرطِ قَبْلَها.
وكذلكَ قولُهُ:
(أوْ على مَخْفُوضٍ خَفَضْتَ، أوْ على مَجزومٍ جَزَمْتَ).
فكلٌّ منهما جملةٌ شَرطيَّةٌ حُذِفَ شَرْطُها معَ أَداتِهِ وبَقِيَ جوابُها، والتقديرُ: أوْ إنْ عَطَفْتَ بها على مخفوضٍ خَفَضْتَ، أوْ إنْ عَطَفْتَ بها على مَجزومٍ جَزَمْتَ.
والجُمْلَتَانِ مَعطوفتانِ على الأُولى،

ولمْ يَجْعَلْ قولَهُ: على منصوبٍ..إلخ، معطوفًا على قولِهِ: على مرفوعٍ؛ لِئَلاَّ يَلْزَمَ العَطْفُ على مَعْمُولَيْ عامِلَيْنِ مُختلِفَيْنِ وهوَ ممنوعٌ.
ولا يُقَالُ:
يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِكَ: أوْ على مَنصوبٍ، مُتَعَلِّقًا بفعلٍ محذوفٍ واقعٍ بعدَ أو العاطفةِ أنْ يُحْذَفَ المعطوفُ ويَبْقَى معمولُهُ؛ وذلكَ لا يَجُوزُ إلاَّ بعدَ الواوِ خاصَّةً دونَ أوْ وغيرِها؛ لأنَّا نقولُ: المعطوفُ الجملةُ الشرطيَّةُ بأَسْرِها، لا فِعلُ الشرْطِ فقطْ.
(تقولُ): فعلٌ مضارِعٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ، والفاعلُ مُسْتَتِرٌ تقديرُهُ أنتَ.
يَعْنِي أنَّكَ تقولُ في مثالِ المرفوعِ:
(قامَ زيدٌ وعمرٌو).
وإعرابُهُ: قامَ: فعلٌ ماضٍ.وزيدٌ: فاعلٌ مرفوعٌ.وعمرٌو: معطوفٌ على زيدٌ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ. (و) تقولُ في مِثالِ المنصوبِ: (رَأَيْتُ زيدًا وعَمْرًا).
وإعرابُهُ: الواوُ: حرفُ عطفٍ. رَأَيْتُ:فعلٌ وفاعلٌ. وزيدًا: مفعولٌ بهِ منصوبٌ. وعَمرًا: معطوفٌ على زيدًا، والمعطوفُ على المنصوبِ منصوبٌ.
والجملةُ معطوفةٌ على جملةِ: (قامَ زيدٌ وعمرٌو).
(و) تقولُ في مِثالِ المجرورِ:
(مَرَرْتُ بزيدٍ وعمرٍو).وإعرابُهُ: الواوُ: حرفُ عطفٍ.مَرَرْتُ: فعلٌ وفاعلٌ.بزيدٍ: جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بـ مَرَرْتُ.وعمرٍو:الواوُ: حرفُ عطفٍ.عمرٍو: معطوفٌ على زيدٍ، والمعطوفُ على المجرورِ مجرورٌ.
وكانَ عليهِ أنْ يُمَثِّلَ للمرفوعِ والمنصوبِ والمجزومِ مِن الأفعالِ.
ومِثالُ الأوَّلُ:
(يقومُ ويَقعُدُ زيدٌ). وإعرابُهُ:
يقومُ: فعلٌ مضارِعٌ مرفوعٌ.
ويَقْعُدُ: الواوُ: حرفُ عطفٍ.
يَقْعُدُ: فعلٌ مضارِعٌ معطوفٌ على يَقومُ، والمعطوفُ على المرفوعِ مرفوعٌ.
وزيدٌ: فاعلٌ مرفوعٌ بالضمَّةِ الظاهِرَةِ.
ومِثالُ الثاني:
(لنْ يَقومَ ويَقْعُدَ زيدٌ).
وإعرابُهُ:
لنْ: حَرْفُ نفيٍ ونَصْبٍ واستقبالٍ.
يَقومَ: فعلٌ مضارِعٌ منصوبٌ بـ لَنْ.
ويَقْعُدَ: معطوفٌ على يَقومَ، والمعطوفُ على المنصوبِ منصوبٌ.
وزيدٌ: فاعلٌ مرفوعٌ.
ومِثالُ الثالثِ:
(لمْ يَقُمْ ويَقْعُدْ زيدٌ).
وإعرابُهُ:
لمْ: حرفُ نَفْيٍ وجزْمٍ وقَلْبٍ.
يَقُمْ: فعلٌ مضارِعٌ مَجزومٌ بـ لمْ، وعلامةُ جَزْمِهِ السكونُ.
ويَقْعُدْ: فعلٌ مضارِعٌ معطوفٌ على يَقُمْ، والمعطوفُ على المجزومِ مَجزومٌ.
زيدٌ: فاعلٌ).

هيئة الإشراف

#6

8 Nov 2008

شرح الآجرومية للدكتور: محمد بن خالد الفاضل (مفرغ)


القارئ: (قال المصنف رحمه الله تعالى: (باب العطف وحروف العطف عشرة،
وهي: (الواو، والفاء، وثم، وأو، وأم، وإما، وبل، ولا، ولكن، وحتى في بعض المواضع.
فإن عطفت على مرفوع رفعت.
أو على منصوب نصبت.
أو على مخفوض خفضت.
أو على مجزوم جزمت.
تقول: قام زيد وعمرو، ورأيت زيداً وعمراً، ومررت بزيد وعمرو، وزيدٌ لم يقم ولم يقعد) ).
قال الدكتور محمد بن خالد الفاضل: (هذا الباب هو الباب الثاني من أبواب التوابع وهو: باب العطف،
والمؤلف رحمه الله عامل العطف هنا معاملته للمبهم حينما ذكر أنواع المعارف، فذكر المبهم وأغفل الحديث عن الموصول من أنواع المعارف، وقلنا إنه ربما يدخل في المبهم، ونلتمس للمؤلف -رحمه الله- العذر في ذلك.
وهنا في حديثه عن العطف تحدث عن عطف النسق فقط، مع أن العطف نوعان وهما:
الأول: عطف البيان.
والثاني: عطف النسق.
عطف النسق هو الذي يكون بواسطة حروف العطف، وهو الذي تحدث عنه المؤلف هنا.
أما عطف البيان فلم يشر إليه بأي إشارة، ويحسن أن نذكره بشيء ولو بصورة سريعة.
عطف البيان هو: التابع الجامد الذي يوضح متبوعه إن كان معرفة أو يخصصه إن كان نكرة.
لو نظرتم إلى تعريفه وجدتم أنه مقارب لتعريف النعت.
ما الفرق بينهما؟
كلاهما تابع، وكلاهما يوضح متبوعه إن كان معرفة، وكلاهما يخصصه إن كان نكرة.
فما الفرق بينهما؟
الفرق بينهما:
- أن عطف البيان جامد.
- وأن النعت لا بد أن يكون مشتقّاً أو مؤولاً بالمشتق، لا بد أن يكون مشتقّاً مثل قائم وجالس وعاقل ونحو ذلك، أو مؤولاً بالمشتق مثل كلمة (أسد) مثلاً إذا نُعِت بها؛ لأنها مؤولة بشجاع، وأنت لا تريد الأسد الحيوان، وإنما تريد الشجاعة، فهو جامد مؤول بالمشتق.
أما عطف البيان فإنه: التابع الجامد الذي يوضح متبوعه إن كان معرفة، ويخصصه إن كان نكرة.
عطف البيان هو أن تأتي بلفظ يعني كأنك جئت باسمين لشخص معين لتوضحه زيادة إيضاح بالثاني بعد أن لم يكن واضحاً ب
الأول، (جاء محمدٌ أبو عمر)..
أقـسـم بـالله أبـو حفص عمر ...............
أقسم بالله الخليفة الثاني هو عمر الفاروق، إذا لم تكن نعتاً، الخليفة الثاني هو عمر أبو حفص، هو أبو حفص عمر، أو هو عمر أبو حفص، يعني حينما تأتي باسم لشخص ولكن ترى أنه لم يتضح الاتضاح الكامل فتريد أن تزيده إيضاحاً فتقول: جاء محمد فإذا بدا على صاحبك الذي تتحدث معه أن الأمر ليس واضحاً أمامه فتقول: (جاء محمد أبو عبد الله)، يعني
(محمد هو أبو عبد الله)، (وأبو عبد الله هو محمد)، فهو عطف بيان.
وهو يكاد يكون مرادفاً للبدل، بمعنى أنه كل ما صح أن يكون عطف بيان صح أن يكون بدلاً، ف
جاء محمد أبو عبد الله لك أن تقول بأن (أبو عبد الله) عطف بيان أو تعربها بدلاً، إلا في مسألتين سنتحدث عنهما إذا وصلنا إلى باب البدل، فعطف البيان يكاد يكون مرادفاً للبدل، ولعل هذا من الأمور التي تشفع للمؤلف في عدم ذكره؛ لأنه استغنى بالبدل؛ لأن كل ما صح أن يعرب عطف بيان صح أن يعرب بدلاً، إلا في مسألتين ذكرهما العلماء، ونشير إليهما إن شاء الله إذا عرفنا باب البدل.
فعطف البيان إذاً: هو التابع الجامد الذي يوضح متبوعه إن كان معرفة أو يخصصه إن كان نكرة:
مسألة توضيح المعرفة:
هذه قضية متفق عليها.
أما تخصيص النكرة:
فبعض العلماء يشكك في مجيء عطف البيان للنكرة، لكنه جاء، ويحملون عليه قوله تعالى: {يُسقى من ماءٍ صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه}
فـ(ماء) هنا وضحت نوعية هذا الماء بأنه صديد، فهو عطف بيان له، وليس صفة، وليس نعتاً له؛ لأن الصديد ليس صفة للماء، وإنما هو بيان لنوع هذا الماء، أي الماء الذي هو الصديد، فصديد هنا يقال إنها عطف بيان، وهما نكرتان.
ولذلك قلت لكم إن عطف البيان لا بد فيه أن يتبع متبوعه السابق في أربعة من عشرة، يعني في كل الأمور، يعني لا بد لعطف البيان أن يطابق المتبوع الذي قبله في الإعراب، فلا بد من رفعهما معاً، أو نصبهما معاً، أو جرهما معاً، تقول: (جاء محمد أبو عبد الله)، (رأيت محمداً أبا عبدِ الله)، و(مررت بمحمد أبي عبد الله).

ولا بد أن يطابقه في الإفراد والتثنية والجمع؛

لأنك إنما تريد أن توضحه، فلا يصح أن تقول: (جاء أبو عبد الله الرجال، أو المحمدون)، لا بد إذا كان هذا مفرداً أن يكون هذا مفرداً كذلك.

ومثله التثنية والجمع،.

ولا بد أن يتطابقا في التعريف والتنكير،

والتعريف وهو الكثير والمشهور، والتنكير فيهما قليل، ولا بد أيضاً أن يتطابقا في التذكير والتأنيث فلا يصح أن تقول: (جاء محمد أم عبد الله)؛ لأن هذا غير هذا، فلا بد من مطابقتهما، فعطف البيان إذاً: تابع جامد يوضح متبوعه إن كان معرفة، ويخصصه إن كان نكرة، ولا بد من مطابقته لمنعوته كالنعت الحقيقي في أربعة من عشرة، لا بد أن يطابقه في كل الأوجه.

أما النوع الثاني

من أنواع العطف فهو عطف النسق.

عطف النسق ما هو؟

عطف النسق:هوالذي يصدق عليه اسم العطف إذا أطلق، إذا قيل: عطف، عاطف ومعطوف، فإنه ينصرف إلى عطف النسق فقط.

عطف النسق ما هو؟

هو التابع الذي يتوسط بينه وبين متبوعه أحد حروف العطف التسعة على قول، أو العشرة على قول.

هذه التوابع بصفة عامة، لماذا سميت بالتوابع؟

أصل تسميتها بالتوابع هو لأن هذا التابع يوافق متبوعه ويتبعه في إعرابه،

هذا هو الأصل، الأصل فيها أن هذا التابع يوافق الاسم الذي قبله الذي جاء تابعاً له في إعرابه، وربما وافقه في أمور أخرى:

-في تعريفه وتنكيره.

- في تذكيره وتأنيثه.

- في إفراده وتثنيته وجمعه.

(جاء محمدٌ وعليٌّ)

، تقول في (علي) إنه معطوف، المعطوف يجب أن يتفق مع المعطوف عليه في حكمه لأنه عطف عليه، بمعنى أنه أخذ حكمه.

فتارةً يتفق هذا التابع -أنا أتحدث عن باب عطف النسق الآن لأننا فيه-

- تارةً يتفق مع متبوعه في الإعراب وفي الحكم أيضاً.

- وتارة يتفقان في الإعراب لكن يختلفان في الحكم.

فإذا قلت: (جاء محمدٌ وعليٌّ).

الآن اتفق فيهما معاً، أو في أحدهما؟

فيهما معاً.

فالإعراب واحد، كلاهما مرفوع، والحكم واحد، كلاهما حكمنا عليه بالمجيء، فإذا قلت: (الذي حضر محمدٌ لا عليٌّ).

اتفقا الآن في ماذا؟

الإعراب لا بد منه،لكن هل اتفقا في الحكم؟

لا، نحن حكمنا لمحمد بالحضور.

وحكمنا لعلي بماذا؟

بعدم الحضور، حين تقول: (الذي حضر محمد لا علي).

أو تقول: (ما حضر محمد بل علي).

فهل اتفقا الآن في الحكم؟

لم يتفقا في الحكم، وإنما اتفقا في الإعراب، فالمعطوف عطف نسق يشمل ما اتفق مع متبوعه في حكمه وإعرابه، أو ما اتفق معه في حكمه أو في إعرابه فقط.

ننظر إلى حروف العطف لكي نعرف من عرضها. ما الحرف الذي يقتضي التشريك في الإعراب والحكم معاً؟ والحروف التي تقتضي التشريك في الإعراب دون الحكم؟

يقول: (حروف العطف عشرة: وهي الواو، والفاء، وثم، وأو، وأم، وإما -

مكتوبةٌ في بعض النسخ (وأما) في بعض الطبعات وهي خطأ-، وبل، ولا، ولكن، وحتى في بعض المواضع).

(حتى) قيدها بقوله في بعض المواضع؛ لأن (حتى) أنواع:

- منها: الابتدائية وهي ليست عاطفة.

- ومنها: الناصبة للفعل المضارع وهي ليست عاطفة.

- ومنها: العاطفة، فقال: (في بعض المواضع).

لأن حتى ليست في كل مواضعها عاطفة، وإنما تكون عاطفةً حينما تقتضي التشريك، ولا تكون كذلك، تكون جارة حينما يجر ما بعدها، وناصبة حينما ينصب ما بعدها، وتكون ابتدائيةً حينما أيضاً يكون ما بعدها جملة كأنه جمله مستأنفة مرفوع.

هذه الحروف المؤلف رحمه الله جعلها عشرة وغيره من العلماء جعلوها تسعة، ما الحرف الذي فيه الخلاف؟ ما رأيكم؟

(إما) إما في الواقع هي التي مختلف فيها، وأنكرها بعض العلماء، فالفارسى أنكر أن تكون عاطفة.

وعبد القاهر الجرجاني يقول: من عدها عاطفة فقد سها؛ لأنها ليست من حروف العطف.

لماذا قالوا إنها ليست من حروف العطف؟

لأن (إما) في الواقع لا تستخدم حينما يظن أنها عاطفة إلا وهي مسبوقة بالواو، فيقولون الواقع أن العطف بالواو، وليس بها، كما في قوله تعالى:{فإمّا منّاً بعدُ وإما فداءً} تقول: (ادرس إما النحو وإما الفقه)، فـ(إما) لا تأتي حينما يظن أنها عاطفة إلا وهي مسبوقة بالواو، فلذلك العلماء يقولون: إن من عدها عاطفة فقد سها.

والصحيح: أن العطف بالواو، وأن (إما) هذه حرف تفصيل، (إما) حرف تفصيل والعطف بالواو؛ لأنك لا يمكن أن تأتي بإما بدون الواو، لو صح أن تأتي بإما بدون الواو ويكون ما قبلها تابعاً لما بعدها لقيل إنها عاطفة، لكن ملازمتها للواو يجعل حكم العطف إنما هو للواو وليس لها، ولذلك لا تستغربوا حينما ترون أن حروف العطف في بعض الكتب تسعة وليست عشرة على إبعاد (إما).

الواو تدل على ماذا؟

الواو الأشهر فيها أنها تدل على مطلق الجمع، فقط،

ولا تدل على ترتيب إلا من خلال السياق، فحينما تقول: (حضر محمدٌ وعلي)، يعني أنك جمعت بينهما في الحضور، لكن ليس بالضرورة أن محمداً هو الذي حضر الأول، وأن عليّاً هو الذي حضر الثاني.

لكن إذا قلت: (دخل محمدٌ فعلي).

هل هنا فيه ترتيب أو لا؟

واضح الترتيب

وإذا قلت:

(دخل محمد ثم علي)، واضح بأنك تريد الترتيب، لكن إذا قلت: (دخل محمد وعلي)، فالواو لمطلق الجمع ولا تدل على الترتيب.

ولذلك يصح أن تقول (اختصم زيد وعمرو)، (أو تشارك زيد وعمرو)، هنا ليس فيه ترتيب، ولا تستطيع أن تأتي في الترتيب لأن الاختصام والتشارك يفترض من الاثنين معاً، فليس فيه ترتيب، ولذلك لا يصح هنا أن تأتي بالفاء، (اختصم زيد فعمرو)؛ لأنها للترتيب، فامتناع الفاء هنا وصحة الواو هناك دليل على أن الواو لا تصلح للترتيب.

وقد جاءت في آيات في القرآن ليست للترتيب، وإنما قدم فيها المؤخر حكماً، فيصح أن تقول: (صليت العصر والظهر).

الظهر أولاً لا شك في ذلك، أو تقول:الصلوات خمس وهي: صلاة الفجر وصلاة العصر وصلاة الظهر، يجوز لك ذلك بلا حرج بالنسبة للواو؛ لأنها لا تفيد الترتيب، وإنما الترتيب قد يفهم منها بقرينة أخرى، لكن لا يصح أن تقول صليت العصر فالظهر؛ لأن الفاء تقتضي الترتيب، فلا بد أن تأتي بالأمور معها مرتبة، ولذلك جاء في القرآن {يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين}.

أيهما الأول في الصلاة السجود أو الركوع؟

الركوع مقدم على السجود، ومع ذلك (واسجدي واركعي) فدليل على أن الواو لا تستخدم للترتيب، وإنما تفيد مطلق الجمع.

أما الفاء

فإنها تفيد الترتيب والتعقيب، الترتيب أن الثاني بعد الأول، أما التعقيب فهو أنه حصل بعده بدون مهلة، بدون تراخ.

فإن أردت التراخي والمهلة فإنك تستخدم (ثم) حينئذٍ، ولذلك فرق بين أن تقول: (دخل محمدٌ فعلي)، أو (دخل محمدٌ ثم علي)، (دخل محمد فعلي)، تقتضي أنهما متعاقبان ولا مهلة بينهما، ولكن (دخل محمد ثم علي) فيه مهلة:

- فالواو لمطلق الجمع.

- والفاء للترتيب والتعقيب، يعني بدون مهلة وبدون تراخ.

- و(ثم) للترتيب والتراخي.

(أو) ماذا تفيد؟

(أو) تفيد التخيير، أو الإباحة أو الشك، ولك أن تقول:

إن جاءت بعد الطلب فهي تفيد التخيير أو الإباحة.

وإن جاءت بعد الخبر فهي تفيد الشك.

إذا قلت: (من حضر)؟

فقلت:

(حضر محمد أو علي).

هنا ليست بعد طلب، وإنما بعد خبر، ماذا تفيد هنا؟

تفيد الشك؛ لأنك لست متأكداً من الحاضر.

فإذا كانت بعد الخبر

-ليس الخبر هو خبر المبتدأ، الخبر الذي هو ضد الطلب، ضد الإنشاء- إذا كانت بعد الخبر فهي تفيد الشك.

أما إذا كانت بعد الطلب

فهي بعد الأمر أو النهي أو نحوه فهي تفيد:

- إما التخيير.

- وإما الإباحة.

ما الفرق بين التخيير والإباحة؟

الفرق بينهما:

- أن الإباحة أنت يجوز لك الجمع بين الأمرين.

- أما التخيير فأنت مخير في واحدٍ منهما.

تقول مثلا: (تزوج هنداً أو أختها)، هنا تخيير.

هل يجوز الجمع؟

لا يجوز الجمع من باب شرعي من مدخل شرعي أنه لا يصح الجمع بين المرأة وأختها، فحينما تقول: (تزوج هنداً أو أختها)، فإنه تخيير ولا ينبغي الجمع بينهما.

وحينما تقول:

(ادرس النحو والفقه)، (جالس الحسن أو ابن سيرين) -كالمثال المشهور- فإن المراد به الإباحة، يجوز لك هذا أو هذا.

فإذاً (أو)

- إن كانت بعد الطلب: فهي للتخيير أو للإباحة.

- وإن كانت بعد الخبر فهي للشك.

(أمْ) هذه تفيد التعيين وتقع بعد همزة الاستفهام، تقول مثلاً: (أحضر محمد أم علي؟) هي يطلب بها تعيين الحاضر منهما، (أحضر محمدٌ أم علي؟)(أدرست النحو أم الفقه؟) فهي يطلب بها التعيين، وهي تأتي بعد همزة الاستفهام.

(إما)

المؤلف تحدث عنها لأن صاحب المتن رحمه الله ذكرها، ونحن قلنا إن الراجح أنها ليست عاطفة، والعطف إنما هو بالواو التي قبلها، وهي حرف تفصيل، ومن جعلها عاطفة قال إنها موافقة لـ(أو) في الأحكام، تقول: (جالسْ إما الحسن وإما ابن سيرين)، (تزوج إما هنداً وإما أختها)، (وتقول: حضر إما محمد وإما علي)، للشك إذا كانت بعد الخبر، فالذي يجعلها عاطفة يجعلها موافقة لـ(أو) في الأحكام، والذي يقول ليس كذلك، والعطف إنما هو بالواو وهي حرف تفصيل.

(بل)

الحرف السابع إذا اعتبرنا (إما) وهي للإضراب، ومعناه: أن تجعل ما قبلها في حكم المسكوت عنه، يعني أنك ذكرت شيئاً ثم بدا لك أنه ليس هو المقصود، فأضربت عنه.

ما معنى الإضراب؟

أي سكت عنه وصرفت النظر عنه، فتقول مثلاً:

(ما جاء محمدٌ بل علي)، أنت تحدثت: (ما جاء محمد)، ثم أضربت عنه بالنسبة لهذا الحكم، وأثبت الحكم لمن بعده فقلت: (بل علي): ومثلها أيضاً: (جاء محمدٌ بل علي).

الثامن: (لا) وهي تنفى عما بعدها الحكم الذي ثبت لما قبلها، (لا) من خصائصها أنها تنفي عما بعدها الحكم الذي ثبت لما قبلها، إذا قال لك مثلاً: (حضر محمد أو حضر علي)، تقول: (الحاضر محمدٌ لا علي)،.

فهي تنفي عما بعدها الحكم الذي ثبت لما قبلها، (حضر محمدٌ لا علي)، يعني أنها تنفي، الحضور ثبت لمحمد، فلا تنفي عن الاسم الذي بعدها ذلك الحكم الذي ثبت للاسم الذي قبلها.

(لكن)

وهي تدل على تقرير حكم ما قبلها وإثبات ضده لما بعدها، وينبغي أن تستخدم بعد النفي وألا تدخل عليها الواو، يعني إما أن تستخدم بعد النفي أو النهي، ولا ينبغي أن تدخل عليها الواو، تقول مثلاً: (لا أحب الكسالى لكن المجتهدين)، (لا أحب المهملين لكن المجتهدين)،

ما المراد هنا؟

هي قررت الحكم السابق على ما قبلها وأثبتت ضده لما بعدها، فقررت عدم محبة المهملين ثم أثبتت ضدّه وهو محبة المجيدين أو المجتهدين، لا أحب المهملين لكن المجتهدين، أي لكن المجتهدين أحبهم، أو هم الذين أحبهم.

(حتى)

وهي الحرف الأخير ذكر عنها أنها في بعض المواضع لأن (حتى) ليست نوعاً واحداً وإنما هي أنواع:

- فمنها:

(حتى) الجارة التي تستخدم حرف جر كما في قوله تعالى:{سلامٌ هي حتى مطلعِ الفجر} فـ(مطلع) اسم مجرور بـ(حتى) وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، فهي هنا كما ترون حرف جر.

- و(حتى) العاطفة تفيد التدريج والغاية، أي أن ما بعدها ينقضي شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى الغاية وهي النهاية.

تقول مثلاً: (وصل المتسابقون حتى كبار السن).

(وصلت الحيوانات المتسابقة حتى السلاحف)

يعني الغاية في البطء، ما دام وصلت السلاحف إذاً أغلق الباب؛ لأنه قطعاً لم يبق شيء بعد ذلك، أو مثلاً لما يفترض في الأنبياء من أن لهم خصوصية، تقول: (يموت الناس كلهم حتى الأنبياء) يعني حتى الأنبياء غير مستثنين من الموت، فما بالك بمنهو أدنى منهم في المرتبة!.

فهي إذاً تستخدم للتدريج، أي أن الأمر ينقضي شيئاً فشيئاً.

وللغاية

أن الذي ما بعدها ينبغي أن يكون جزءاً مما قبلها وغاية له، غاية له في العلو، كمثل الأنبياء أو غاية له في الضعف مثل قضية السلاحف، أو نحو ذلك، المهم غاية في بطء أو سرعة أو علو أو انخفاض أو نحو ذلك.

قلت إن حروف العطف ليس من شأنها كلها التشريك، أي أن يشترك ما بعدها في حكم ما قبلها، وإنما من شأنها أن يشتركا في الإعراب، هذا لا شك فيه.

- أما الاشتراك في الحكم: فإنه ثابت لبعضها، كالواو: (حضر محمد وعلي)، الفاء: (حضر محمد فعلي) (ثم): (ثم علي)، ونحو ذلك، وقد يكون ما بعدها خالف ما قبلها في الحكم ضد التشريك تماماً، مثل: (حضر محمد لا علي)، أو (بل علي)، أو (لكن علي).

من الأمور أيضاً التي ينبغي التنبيه لها أن العطف ليس من خصائص الأسماء،

فكما أنك تقول: (حضر محمدٌ وعلي)، تقول: (محمدٌ يكتب ويأكل)، فالعطف إذاً يأتي في الأسماء ويأتي في الأفعال.

ولا بد فيه من أن يكون التابع مطابقاً للمتبوع في إعرابه،

سواء:

-عطفت اسماً على اسم ينبغي أن يتطابقا في الإعراب.

- أو عطفت فعلاً على فعل فينبغي أن يتطابقا في الإعراب أيضاً، فكما أنك إذا قلت: (محمد يكتبُ) فعل مضارع مرفوع، ينبغي أن تقول (ويأكل) وإن قلت: (محمدٌ لن يكتب)، وأردت أن تعطف عليه مماثلاً تعطف عليه بالنصب، وليس بالضرورة أن تعيد (لن): (محمدٌ لن يكتبَ ويأكلَ)، إذا أعدت (لن) صار النصب بها حينئذٍ، وهوكذلك في الجزم: (محمدٌ لم يكتبْ ويأكلْ)، فإذاً العطف ليس من خصائص الأسماء وإنما قد يقع المعطوف اسماً وقد يقع فعلاً).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#7

8 Nov 2008

العناصر

حروف العطف
بيان معنى (العطف):
تعريف (العطف) لغة: الميل
أنواع (العطف):
النوع الأول: عطف البيان
تعريف (عطف البيان): التابع الجامد الذي يوضح متبوعه إن كان معرفة أو يخصصه إن كان نكرة
الفرق بين (عطف البيان) و(النعت)
عطف البيان جامد، والنعت لا بد أن يكون مشتقاً أو مؤولاً بالمشتق
قاعدة: ما صح أن يعرب عطف بيان صح أن يعرب بدلاً
النوع الثاني: عطف النسق
تعريف (عطف النسق): هو الذي يكون بواسطة حروف العطف
تعريف آخر لعطف النسق: التابع الذي يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة
تعريف آخر لعطف النسق: هو الذي يصدق عليه اسم العطف إذا أطلق
أنواع التابع في باب (عطف النسق)
النوع الأول: يتفق مع متبوعه في الإعراب والحكم
مثال النوع الأول: (جاء محمد وعلي)
النوع الثاني: يتفق مع متبوعه في الإعراب دون الحكم
مثال النوع الثاني: (الذي حضر محمد لا علي)
أقسام (حروف العطف):
القسم الأول: ما يقتضي التشريك في اللفظ فقط، وهي (بل، لا، لكن)
القسم الثاني: ما يقتضي التشريك في اللفظ، والمعنى، وهي باقي حروف العطف
المراد بالتشريك في اللفظ
المراد بالتشريك في الحكم (المعنى)
حروف العطف
الحرف الأول: (الواو)
سبب بدء المصنف بالواو
ما يفيده الواو: (مطلق الجمع)

الحرف الثاني: (الفاء)
ما يفيده الفاء: (الترتيب والتعقيب)
معنى (الترتيب): أن الثاني بعد الأول
معنى (التعقيب): أن الثاني يعقبه بلا مهلة

الحرف الثالث: (ثمَّ)
ما يفيده (ثم): (الترتيب مع التراخي)
معنى (التراخي): أن بين الأول والثاني مهلة

الرابع: (أو)
ما يفيده (أو): (التخيير) أو(الإباحة) أو(التقسيم)
الفرق بين التخيير والإباحة
التخيير لا يجوز معه الجمع
الإباحة يجوز معها الجمع

الحرف الخامس: (أم)
ما يفيده (أم): طلب التعيين بعد همزة الاستفهام

الحرف السادس: (إمّا)
شرط (إما): أن تسبق بمثلها، وهي بمعنى (أو)
الخلاف في (إما) هل هي العاطفة، أم العاطفة هي (الواو) التي قبلها

الحرف السابع: (بل)
مايفيده (بل): (الإضراب)
معنى (الإضراب): جعل ما بعد (بل) في حكم المسكوت عنه
شروط العطف بـ(بل)
الشرط الأول: أن يكون المعطوف بها مفرداً
الشرط الثاني: أن يسبقها نفي أو شبهه أو إثبات
الشرط الثالث: أن لا تقترن بالواو

الحرف الثامن: (لا)
ما يفيده (لا): تنفي عمّا بعدها الحكم الذي ثبت لما قبلها
شروط العطف بـ(لا)
الشرط الأول: إفراد معطوفه
الشرط الثاني: أن تسبق بإيجاب أو أمر اتفاقا، أو ابتداء على الراجح
الشرط الثالث: أن لا يصدق أحد معطوفيها على الآخر
الشرط الرابع: أن لا تقترن بعاطف

الحرف التاسع: (لكن)
ما يفيده (لكن): تقرير حكم ما قبلها وإثبات ضده لما بعدها
شروط العطف بـ(لكن)
الشرط الأول: أن يكون المعطوف بها مفرداً لا جملة
الشرط الثاني: ألاّ يسبقها استفهام
الشرط الثالث: ألاّ تسبقها الواو

الحرف العاشر: (حتى)
ما تفيده (حتى): (التدريج والغاية)
معنى (التدريج): الدلالة على انقضاء الحكم شيئاً فشيئاً
أنواع (حتى)
النوع الأول: الابتدائية، (ليست عاطفة)
ضابط (حتى) الابتدائية: أن يكون ما بعدها جملة مستأنفة مرفوعة
مثال (حتى) الابتدائية: (جاء أصحابنا حتى خالد حاضر)
النوع الثاني: الناصبة للفعل المضارع، (ليست عاطفة)
ضابط حتى الناصبة: أن يكون ما بعدها منصوباً
النوع الثالث: (حتى) الجارة
مثال (حتى) الجارة: (حتى مطلع الفجر)
ضابط (حتى) الجارة: أن يكون ما بعدها مجروراً
النوع الرابع: (حتى) العاطفة
ضابط حتى العاطفة: أن تقتضي التشريك
مثال (حتى) العاطفة
شروط العطف بـ(حتى)
الشرط الأول: أن يكون المعطوف بها بعضاً من المعطوف عليه أو كبعضه
الشرط الثاني: أن يكون غاية في الشرف أو عدمه
الشرط الثالث: أن يكون ظاهراً
الشرط الرابع: أن يكون مفرداً لا جملة
حكم حروف العطف
سبب تسمية هذه التوابع بـ(التوابع)

عبد العزيز بن داخل المطيري

#8

8 Nov 2008

الأسْئِلةٌ

س1: مَا هُوَ العطفُ، وإلَى كمْ قسْمٍ ينقسِمُ؟
س2: مَا هُوَ عطفُ البيانِ؟
س3: مثِّلْ لِعطفِ البيانِ بمثاليْنِ.
س4: مَا هُوَ عطفُ النّسقِ؟
س5: مَا معْنَى (و) العطف.
س6: مَا معْنَى (أمْ)؟
س7: مَا معْنَى (إمَّا)؟
س8: مَا الذي يُشترطُ للعطفِ ببلْ؟
س9: مَا الذي يُشترطُ للعطفِ بـ (لكِنْ).
فِيمَ يشتركُ المَعْطُوفُ والمَعْطُوفُ عَلَيْهِ؟
س10: أعْرِب الأمثْلِةَ الآتيَةَ، وبيِّن المَعْطُوفَ والمَعْطُوفَ عَلَيْهِ وَأداةَ العطفِ.

{وَجَاوزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ}.
{فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ}.
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
{وإنَّ مِنْ أَهْلِ الِكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ومَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ}.
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * ألَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى}.
{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ
}.