الدروس
course cover
تفسير سورة قريش
24 Oct 2008
24 Oct 2008

5221

0

0

course cover
تفسير جزء عمّ

القسم الثامن

تفسير سورة قريش
24 Oct 2008
24 Oct 2008

24 Oct 2008

5221

0

0


0

0

0

0

0

سورةُ قُريش
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
{لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)}

هيئة الإشراف

#2

24 Oct 2008

تفسيرُ سورةِ لإيلافِ قريشٍ وهي مكية


(1-4){بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِنْ خَوْفٍ (4)}

قالَ كثيرٌ منَ المفسرينَ:إنَّ الجارَّ والمجرورَ متعلقٌ بالسورةِ التي قبلهَا أي: فعلنَا مَا فعلنَا بأصحابِ الفيلِ لأجلِ قريشٍ وأمنهمْ، واستقامةِ مصالحهمْ، وانتظامِ رحلتهمْ في الشتاءِ لليمنِ، والصيفِ للشامِ، لأجلِ التجارةِ والمكاسبِ.


فأهلكَ اللهُ منْ أرادهمْ بسوءٍ، وعظَّمَ أمرَ الحرمِ وأهلَهُ في قلوبِ العربِ، حتى احترموهمْ، ولمْ يعترضوا لهمْ في أي سفرٍ أرادوا، ولهذا أمرهمُ اللهُ بالشكرِ، فقالَ: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} أي: ليوحدوهُ ويخلصوا لهُ العبادةَ.


{الَّذِي أَطْعَمَهُم مِن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِنْ خَوْفٍ}



فرغدُ الرزقِ والأمنُ منَ المخاوفِ منْ أكبرِ النعمِ الدنيويةِ، الموجبةِ لشكرِ اللهِ تعالى.
فلكَ اللهمَّ الحمدُ والشكرُ على نعمكَ الظاهرةِ والباطنةِ، وخصَّ اللهَ بالربوبيةِ للبيتِ، لفضلهِ وشرفهِ، وإلا فهوَ ربُّ كلِّ شيءٍ.

محمد زبير شاكر لهذا

هيئة الإشراف

#3

24 Oct 2008

سُورَةُ قُرَيْشٍ

وَتُسَمَّى سُورَةَ الإيلافِ
1- {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ} الإيلافُ: أَنَّ قُرَيْشاً وَهُمْ قبيلةُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كَانَتْ تَخْرُجُ فِي تِجَارَتِهَا فِي الجاهليَّةِ، فَلا يُغَارُ عَلَيْهَا؛ لأَنَّ الْعَرَبَ يَقُولُونَ: قُرَيْشٌ أَهْلُ بيتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يَعْبُدُوهُ لأَجْلِ إِيلافِهِمُ الرِّحْلَتَيْنِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ آلَفَهُمُ الرِّحْلَتَيْنِ؛ أَيْ: جَعَلَهُمْ يَأْلَفُونَهُمَا وَيَسَّرَهَا لَهُمْ.
2- {إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} وَكَانَتْ إِحْدَى الرِّحْلَتَيْنِ إِلَى الْيَمَنِ فِي الشِّتَاءِ؛ لأَنَّهَا بلادٌ حَارَّةٌ، والرحلةُ الأُخْرَى إِلَى الشَّامِ فِي الصيفِ؛لأَنَّهَا بلادٌ بَارِدَةٌ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَعِيشُ بالتجارةِ، وَلَوْلا هَاتَانِ الرِّحْلَتَانِ لَمْ يُمْكِنْ بِهَا مُقَامٌ، وَلَوْلا الأمنُ – بِجِوَارِهِم للبيتِ – لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى التَّصَرُّفِ.
3- {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}؛ أَيْ: إِنْ لَمْ يَعْبُدُوهُ لِسَائِرِ نِعَمِهِ فَلْيَعْبُدُوهُ لِهَذِهِ النِّعْمَةِ الخاصَّةِ المذكورةِ، والبيتُ: الْكَعْبَةُ، وَعَرَّفَهُمْ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ رَبُّ هَذَا الْبَيْتِ؛ لأَنَّهَا كَانَتْ لَهُمْ أَوْثَانٌ يَعْبُدُونَهَا، فَمَيَّزَ نَفْسَهُ عَنْهَا، وبالبيتِ تَشَرَّفُوا عَلَى سَائِرِ الْعَرَبِ.
4- {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ}؛ أَيْ: أَطْعَمَهُمْ بِسَبَبِ هَاتَيْنِ الرِّحْلَتَيْنِ فَخَلَّصَهُمْ مِن جُوعٍ شَدِيدٍ كَانُوا فِيهِ قَبْلَهُمَا.
{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} كَانَتِ الْعَرَبُ يُغِيرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَيَسْبِي بَعْضُهَا بَعْضاً، فَأَمِنَتْ قُرَيْشٌ منْ ذَلِكَ؛ لمكانِ الحَرَمِ، وَقَدْ آمَنَهُمْ منْ خوفِ الحَبَشةِ مَعَ الْفِيلِ.

هيئة الإشراف

#4

24 Oct 2008

المتن :

سورةُ قُريش

1- 2قولُه تعالى: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ} أي: لِتَعْبُدَ قريشٌ ربَّ هذا البيتِ الذي أطعَمهم من جوعٍ وآمنَهم من خوفٍ، لأجلِ نعمتِه عليهِم بإيلافِهم رحلةَ الشتاءِ إلى اليَمن، والصيفِ إلى الشام(1)؛ أي: ما ألِفُوه واعتادوه من اجتماعِهم(2) في رحلتهِم للشام واليَمَنِ من أجلِ التِّجارة، وقُدِّم ذكرُ الإيلافِ للاهتمام به(3).

3- 4قولُه تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} أي: ليعبُدوا ربَّ المسجدِ الحرام الذي سدَّ جوعَهم بالإطعام، وأمَّنهم من الخوف، فلا يعتدي عليهم أحدٌ، ولا يقع عليهم من المرضِ ما يذهبُ بهم، ولا غيرها من المخُوفات.
(4)، والمعنى إن لم يعبُدوه على نِعَمِه، فليعبُدوه على هذه النِّعمة، التي هي إيلافهم، وذكرَ البيتَ لأنهم إنما أمِنوا بسبب جِوارهم له. والله أعلم.



الحاشية :
(1)هذا المشهورُ في رحلةِ الشتاء والصيف، وقد وردَ قولٌ غريب عن
ابن عباس من طريق سعيد بن جبير قال: (كانوا يُشتون بمكة، ويصِيفون بالطائف).

(2)الإيلاف:

-إما أن يكونَ من الإلف، وهو الاعتيادُ على الشيء.
-وإما أن يكون من الائتلاف، وهو الاجتماع.
(3)اختلفوا في هذه اللام التي في قوله تعالى:
{لإِيلافِ} على أقوال:
الأول: أنها متعلقة بقوله: {فَلْيَعْبُدُوا} أي: ليعبدوا الله، لأجل نعمته عليهم بالإيلاف، ويشيرُ إلى هذا الارتباط ما رواه عكرمة عن ابن عباس، قال: (أُمروا أن يألَفوا عبادةَ ربّ هذا البيت، كإلفهم رحلةَ الشتاء والصيف) والله أعلم.
الثاني: أنها متعلِّقة بسورة الفيل، والمعنى: جعلتُ أصحابَ الفيل كعَصْفٍ مأكول، لإلفة قريش، فلا أفرق إلفَهم وجماعتهم، التي جاء أصحابُ الفيل لتفريق جماعتهم وهدم كعبتهم التي يجتمع إليها الناس، وهذا قول ابن زيد، وقد نسبه الطبريلابن عباس ومجاهد وفسَّروا: (إيلاف) نِعمتي على قريش.
ولم يظهر لي من نصوصِهم أنهم يَرَوْنَ تعلُّقَ اللام بالسورة التي قبلها، والله أعلم.
الثالث: أنها متعلقة بفعل التعجُّب المحذوف، والتقدير: اعجبوا لإيلاف قريشٍ رحلةَ الشتاء والصيف، وتركهم عبادةَ ربِّ هذا البيت، الذي أطعَمهم من جوعٍ وآمنَهم من خوف، وهو اختيارُ الطبري، واستدلَّ له بفعل العرب، فقال: (والعربُ إذا جاءت بهذه اللام، فأدخلوها في الكلام للتعجُّب اكتفوا بها دليلاً على التعجُّب من إظهار الفعل الذي يجلبُها، كما قال الشاعر:


أغـرَّكَ أن قـالوا لِقُرَّةَ شاعراً = فيا لأبَاهُ مِنْ عَريفٍ وشاعرِ


"_atssh31" title="AddThis utility frame" style="height: 1px; width: 1px; position: absolute; top: 0px; z-index: 100000; border: 0px none; left: 0px;">


فاكتفى باللام دليلاً على التعجب من إظهار الفعل، وإنما الكلام: أغرَّك أن قالوا: اعجبوا لقُرَّة شاعراً فكذلك قوله:
{لإِيلافِ}). أما القول بارتباطها بسورة الفيل

ففيه نظرٌ من جهة انفصالِ كلّ سورة عن أختِها، قال الطبري: (وأما القول الذي قاله من حكَيْنا قولَه أنه من صِلة {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} فإن ذلك لو كان كذلك، لوجبَ أن يكون (إيلاف) بعض (ألم تر) وأن لا تكون السورة منفصِلة من (ألم تر).
وفي إجماع جميع المسلمين على أنهما سورتان تامَّتان،كل واحدةٍ منهما منفصلة عن الأخرى، ما يبيِّن فسادَ القول الذي قاله من قال ذلك، ولو كان قوله: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1)} من صلة: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)} لم تكن {أَلَمْ تَرَ} تامَّة حتى توصل بقوله: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1)} لأن الكلامَ لا يتم إلاَّ بانقضاء الخبر الذي ذُكِر).
(4)ورد عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة رَبْطُ هذه الآية بدعوة إبراهيم عليه السلام، حيث قال: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً} ، وقال: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ} ، وفسَّرها ابن زيد بقوله تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} .
وقد ورد تفسير الخوفِ على أن معناهُ آمنَهم من العدوِّ والغاراتِ والحروبِ التي كانت العربُ تخافُ منها، ورد عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق سعيد ومعمر، وابن زيد.
وقد ورد في تفسيره أنه الجُذام، ورد ذلك عن ابن عباس من طريق سعيد بن جبير، وسفيان الثوري من طريق مهران، والضحاك بن مزاحم، وفي سنده غرابة؛ لأنه سند ابن أبي نجيح عن مجاهد، ويظهر أن الناسخ لتفسير ابن جرير وقع في سَبْقِ عَين، والله أعلم.
وهذا التفسير - فيما يبدو - مثالٌ لما كانوا يخافونه، لا أنه هو المَعْنِيُّ دونَ غيره مما يشمَله الخوف، قال الطبري: (والصوابُ من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذِكره أخبرَ أنه آمنَهم من خوف، والعدو مَخُوفٌ منه، والجُذام مَخُوفٌ منه، ولم يخصِّص الله الخبرَ عن أنه آمنهم من العدوِّ دون الجذام، ولا من الجُذام دون العدوِّ، بل عمَّ الخبرَ بذلك، فالصواب أن يُعمَّ كما عَمَّ جلَّ ثناؤه، فيقال: آمنهم من المعنَيَينِ كِلَيْهِما).

هيئة الإشراف

#5

24 Oct 2008

القارئ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِنْ خَوْفٍ (4)}
الشيخ:
هذه السورة ذكر بعض العلماء أنها مرتبطة بالسورة التي قبلها، والمعنى: أن الله -جل وعلا- صنع ما صنع بأصحاب الفيل من أجل قريش، لأجل أن يكونوا مجتمعين متآلفين كما كانوا قبل أبرهة، ولأجل أن يكونوا مؤتلفين مجتمعين في رحلتيهم؛ رحلة الشتاء والصيف.
وقال بعض العلماء -وهو الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله-: إلى أن هذه السورة مستأنفة، وأنها ليست متصلة بما قبلها؛ لأن العلماء مجمعون على أن هذه سورة وهذه سورة، وأنه قد فصل بينهما في الكتاب الذي اجتمعت عليه الأمة في عهد عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، اجتمعوا أو كتب في ذلك (بسم الله الرحمن الرحيم) للفصل بين السورتين؛ وعلى هذا تكون اللام في قوله: {لإِيلافِ} هذه للتعجب أي: اعجبوا لقريش؛ لأنهم ألفوا رحلة الشتاء والصيف، فكانوا مداومين عليها، إذا جاء الصيف رحلوا إلى الشام، وإذا جاء الشتاء رحلوا إلى اليمن؛ لأن الشام تكون في الصيف باردة، واليمن تكون في الشتاء أدفأ من الشام، فلذا كانت لهم رحلتان رحلة الشتاء إلى بلاد اليمن، ورحلة الصيف إلى بلاد الشام.
ثم قال الله -جل وعلا-: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} يعني: فليعبدوا رب البيت الحرام الذي جمعهم الله -جل وعلا- حوله؛ فكانوا أهلاً لهذا البيت، اجتمعوا حوله وتآلفوا، وكان لهم حظٌ عند العرب لا يُمسون بسوء؛ لأنهم يعتبرونهم أهل هذا البيت.
قال الله -جل وعلا-: {الَّذِي أَطْعَمَهُم مِن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِنْ خَوْفٍ} أي: فليعبدوا ربهم رب هذا البيت؛ الذي من وصفه -جل وعلا- أنه أطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، فقد كانوا في مكة تأتيهم الأرزاق من كل الجهات؛ لأن مكة كانت مقصودة بالحج، تحج إليها العربُ، وكانت لهم فيها مواسم، فكانت قريش ينتفعون بما يقدم به أولئك، ينتفعون بما يقدمون به، كما أن قريشا تنتفع ببيع ما عندها إلى أولئك، ومن ذلك أنهم كانوا يأتيهم رزقهم رغداً من كل مكان، وكانوا يعيشون في أمن؛ لأنهم كما تزعم العرب أهل الله فلا يمسون بسوء، ولهذا امتن الله -جل وعلا- عليهم بذلك فقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} وقال -جل وعلا-: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَدُنَّا}.
وقال الله -جل وعلا- مبيناً هذه النعمة وأنه -جل وعلا- غيرها على أهل مكة لما غيروا على أنفسهم بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً} وهذه القرية: مكة: {كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113)} فلما كفروا هذه النعمة سلبهم الله -جل وعلا- إياها.
فذلك دليل على أن رغد العيش الذي كانوا يعيشون فيه، وعلى أن الأمن الذي كانوا يعيشون فيه، أن هذا كان الأحرى والأولى بهم أن يعبدوا الله جل وعلا؛ لأن ذلك مما يوجب عبادة الله جل وعلا، ولكنهم لما أعرضوا ولم يتفكروا فيما نزل إليهم، ولم يتفكروا في نعم الله جل وعلا، أصمهم الله وأعمى أبصارهم، وجعل على قلوبهم أكنة فلم يهتدوا إلى شرع الله جل وعلا، ولم يؤمنوا برسوله صلى الله عليه وسلم، بل كذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

هيئة الإشراف

#6

11 Feb 2009

تفسير سورة قريش
الخلاف في كون السورة تابعة لما قبلها أو أنها سورة مستقلة
أقوال السلف في اللام في قوله تعالى: (لإيلافِ )
تفسير قوله تعالى: ( الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )
أقوال السلف في المراد بالخوف.

هيئة الإشراف

#7

11 Feb 2009

الأسئلة

سورة قريش
س1: فسِّر السورة تفسيراً إجمالياً.
س2: عدد الفوائد التي استفدتها من دراستك لتفسير هذه السورة.
س3: ما المراد برحلة الشتاء والصيف؟
س4: ما متعلق الجار والمجرور في قوله تعالى: {لإِيلافِ}؟
س5: ما معنى الكلمات التالية: إيلافهم، رحلة، آمنهم؟
س6: كثيراً ما يستدل الله تعالى في القرآن الكريم على استحقاقه للعبودية بكثرة نِعَمه ومننه على خلقه، تحدث عن هذه القضية بإيجاز من خلال دراستك لهذه السورة، وبين ما يستفيده الداعية المؤمن من هذا الأسلوب الحكيم.
س7: عرف العبادة لغةً، شرعاً.

س8: ما المقصود بالبيت المشار إليه في قوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ}؟

هيئة الإشراف

#8

10 Apr 2014

تفسير ابن كثير



قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (تفسير سورة قريشٍ وهي مكّيّةٌ.
ذكر حديثٍ غريبٍ في فضلها
قال البيهقيّ في كتاب (الخلافيّات): حدّثنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدّثنا بكر بن محمّد بن حمدان الصّيرفيّ بمروٍ، حدّثنا أحمد بن عبيد اللّه النّرسيّ، حدّثنا يعقوب بن محمّدٍ الزّهريّ، حدّثنا إبراهيم بن محمد بن ثابت بن شرحبيل، حدّثني عثمان بن عبد اللّه بن أبي عتيقٍ، عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة، عن أبيه، عن جدّته أمّ هانئٍ بنت أبي طالبٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((فضّل اللّه قريشاً بسبع خلالٍ: أنّي منهم، وأنّ النّبوّة فيهم، والحجابة والسّقاية فيهم، وأنّ اللّه نصرهم على الفيل، وأنّهم عبدوا اللّه عشر سنين لا يعبده غيرهم، وأنّ اللّه أنزل فيهم سورةً من القرآن))، ثمّ تلاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((بسم اللّه الرّحمن الرّحيم {لإيلاف قريشٍ إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف فليعبدوا ربّ هذا البيت الّذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ})).
هذه السورة مفصولةٌ عن التي قبلها في المصحف الإمام، كتبوا بينهما سطر: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، وإن كانت متعلّقةً بما قبلها، كما صرّح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ لأنّ المعنى عندهما: حبسنا عن مكّة الفيل، وأهلكنا أهله؛ {لإيلاف قريشٍ}. أي: لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين.
وقيل: المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرّحلة في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشّام في المتاجر وغير ذلك، ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم؛ لعظمتهم عند الناس؛ لكونهم سكّان حرم اللّه، فمن عرفهم احترمهم، بل من ضوى إليهم وسار معهم أمن بهم، وهذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم.
وأمّا في حال إقامتهم في البلد، فكما قال اللّه: {أو لم يروا أنّا جعلنا حرماً آمناً ويتخطّف النّاس من حولهم}. ولهذا قال: {لإيلاف قريشٍ إيلافهم} بدلٌ من الأوّل ومفسّرٌ له ولهذا قال: {إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف}.
وقال ابن جريرٍ: الصواب أنّ اللام لام التّعجّب، كأنه يقول: أعجبوا لإيلاف قريشٍ ونعمتي عليهم في ذلك، قال: وذلك لإجماع المسلمين على أنّهما سورتان منفصلتان مستقلّتان.
ثمّ أرشدهم إلى شكر هذه النّعمة العظيمة فقال: {فليعبدوا ربّ هذا البيت}. أي: فليوحّدوه بالعبادة كما جعل لهم حرماً آمناً وبيتاً محرّماً؛ كما قال تعالى: {قل إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها وله كلّ شيءٍ وأمرت أن أكون من المسلمين}.
وقوله: {الّذي أطعمهم من جوعٍ}. أي: هو ربّ البيت، وهو الذي أطعمهم من جوعٍ.
{وآمنهم من خوفٍ}. أي: تفضّل عليهم بالأمن والرّخص؛ فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له، ولا يعبدوا من دونه صنماً ولا ندًّا ولا وثناً؛ ولهذا من استجاب لهذا الأمر جمع اللّه له بين أمن الدّنيا وأمن الآخرة، ومن عصاه سلبهما منه، كما قال تعالى: {ضرب اللّه مثلاً قريةً كانت آمنةً مطمئنّةً يأتيها رزقها رغداً من كلّ مكانٍ فكفرت بأنعم اللّه فأذاقها اللّه لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسولٌ منهم فكذّبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون}.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عبد اللّه بن عمرٍو العدنيّ، حدّثنا قبيصة، حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن أسماء بنت يزيد قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ((ويل أمّكم قريشٍ {لإيلاف قريشٍ})).
ثمّ قال: حدّثنا أبي، حدّثنا المؤمّل بن الفضل الحرّانيّ، حدّثنا عيسى -يعني ابن يونس- عن عبيد اللّه بن أبي زيادٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن أسامة بن زيدٍ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: (({لإيلاف قريشٍ إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف}. ويحكم يا معشر قريشٍ، اعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمكم من جوعٍ وآمنكم من خوفٍ)).
هكذا رأيته عن أسامة بن زيدٍ، وصوابه عن أسماء بنت يزيد بن السّكن أمّ سلمة الأنصاريّة، رضي اللّه عنها، فلعلّه وقع غلطٌ في النّسخة أو في أصل الرّواية. واللّه أعلم.
آخر تفسير سورة لإيلاف قريشٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/491-492]