23 Oct 2008
سورةُ الضُّحى
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
{وَالضُّحَى
(1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)
وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ
رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ
ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا
الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)}
تفسيرُ سورةِ والضحى
أقسمَ
تعالى بالنهارِ إذا انتشرَ ضياؤهُ بالضحى، وبالليلِ إذا سجى وادلهمَّتْ
ظلمتهُ، على اعتناءِ اللهِ برسوله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} أي: مَا ترككَ منذُ اعتنى بكَ، ولا أهملكَ منذُ رباكَ ورعاكَ، بلْ لمْ يزلْ يربيكَ أحسنَ تربيةٍ، ويعليكَ درجةً بعدَ درجةٍ. {وَمَا قَلا}كَ اللهُ أي: ما أبغضكَ منذُ أحبَّكَ،فإنَّ نفيَ الضدِّ دليلٌ على ثبوتِ ضدِّهِ، والنفي المحضُ لا يكونُ مدحاً، إلاَّ إذا تضمنَ ثبوتَ كمالٍ،
فهذهِ حالُ الرسول صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الماضيةُ والحاضرةُ، أكملُ
حالٍ وأتمها، محبةُ اللهِ لهُ واستمرارهَا، وترقيتهُ في درجِ الكمالِ،
ودوامُ اعتناءِ اللهِ بهِ. وأمَّا حالهُ المستقبلةُ،فقالَ: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى} أي: كلُّ حالةٍ متأخرةٍ منْ أحوالكَ، فإنَّ لهَا الفضلُ على الحالةِ السابقةِ. فلمْ
يزلْ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يصعدُ في درجِ المعالي، ويمكنُ لهُ اللهُ
دينهُ، وينصرُهُ على أعدائِهِ، ويسددُ لهُ أحوالهُ، حتى ماتَ، وقدْ وصلَ
إلى حالٍ لا يصلُ إليهَا الأولونَ والآخرونَ، منَ الفضائلِ والنعمِ، وقرةِ
العينِ، وسرورِ القلبِ. ثمَّ بعدَ ذلكَ، لا تسألْ عنْ حالهِ في الآخرةِ، منْ تفاصيلِ الإكرامِ، وأنواعِ الإنعامِ، ولهذا قالَ: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} وهذا أمرٌ لا يمكنُ التعبيرُ عنهُ بغيرِ هذهِ العبارةِ الجامعةِ الشاملةِ. ثمَّ امتنَّ عليهِ بمَا يعلمُهُ منْ أحوالِهِ فقالَ: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى} أي: وجدكَ لا أمَّ لكَ ولا أبَ، بلْ قدْ ماتَ أبوهُ وأمهُ وهوَ لا يُدبِّرُ نفسهُ، فآواهُ اللهُ، وكفلهُ جدُّهُ عبدُ المطلبِ، ثمَّ لما ماتَ جدُّهُ كفّلهُ اللهُ عمَّهُ أبا طالبٍ، حتى أيدهُ اللهُ بنصرهِ وبالمؤمنينَ. {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى}أي: وجدكَ لا تدري ما الكتابُ ولا الإيمانُ، فعلَّمكَ ما لمْ تكنْ تعلمُ، ووفّقكَ لأحسنِ الأعمالِ والأخلاقِ. {وَوَجَدَكَ عَائِلاً}أي: فقيراً {فَأَغْنَى} بمَا فتحَ اللهُ عليكَ منَ البلدانِ، التي جُبيتْ لكَ أموالُها وخراجُهَا. فالذي أزالَ عنكَ هذهِ النقائصَ، سيزيلُ عنكَ كلَّ نقصٍ، والذي أوصلكَ إلى الغنى، وآواكَ ونصركَ وهداكَ، قابِلْ نعمتَهُ بالشكرانِ. {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} أي: لا تسيْء معاملةَ اليتيمِ، ولا يضقْ صدرُكَ عليهِ، ولا تنهرهُ، بلْ أكرمهُ، وأعطهِ مَا تيسرَ، واصنعْ بهِ كمَا تحبُّ أنْ يُصنعَ بولدكِ منْ بعدكِ. {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ}أي: لا يصدرْ منكَ إلى السائلِ كلامٌ يقتضي ردَّهُ عنْ مطلوبهِ، بنهرٍ وشراسةِ خلقٍ، بلْ أعطهِ ما تيسرَ عندكَ أو ردّهُ بمعروفٍ . وهذا يدخلُ فيهِ السائلُ للمالِ، والسائلُ للعلمِ،ولهذا
كانَ المعلمُ مأموراً بحسنِ الخلقِ معَ المتعلمِ، ومباشرتهِ بالإكرامِ
والتحننِ عليهِ، فإنَّ في ذلكَ معونةً لهُ على مقصدهِ، وإكراماً لمنْ كانَ
يسعَى في نفعِ العبادِ والبلادِ. {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} النعمَ الدينيةَ والدنيويةَ {فَحَدِّثْ} أي: أَثْنِ على اللهِ بهَا، وخصِّصهَا بالذكرِ إنْ كانَ هناكَ مصلحةٌ. وإلاَّ
فحدثْ بنعمِ اللهِ على الإطلاقِ، فإنَّ التحدثَ بنعمةِ اللهِ داعٍ
لشكرهَا، وموجبٌ لتحبيبِ القلوبِ إلى مَنْ أنعمَ بهَا، فإنَّ القلوبَ
مجبولةٌ على محبةِ المحسنِ.
(1-11){بسم
الله الرحمن الرحيم وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا
وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ
الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ
يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا
فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ
فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)}
سُورَةُ الضُّحَى
اشْتَكَى
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ ـ أَيْ:
لصلاةِ اللَّيْلِ ـ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثاً، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ
فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ،مَا أَرَى شَيْطَانَكَ إِلاَّ قَدْ تَرَكَكَ،
لَمْ يَقْرَبْكَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثاً. فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ
السُّورَةَ.
1- {وَالضُّحَى} الضُّحَى اسْمٌ لِوَقْتِ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ.
2- {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} قَالَ الأَصْمَعِيُّ: سُجُوُّ اللَّيْلِ تَغْطِيَتُهُ النَّهَارَ، مِثْلَ مَا يُسَجَّى الرَّجُلُ بِالثَّوْبِ.
3- {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ؛أَيْ: مَا قَطَعَكَ قَطْعَ المُوَدِّعِ، وَلَمْ يَقْطَعْ عَنْكَ الْوَحْيَ،{وَمَا قَلَى}؛ أَيْ: وَمَا أَبْغَضَكَ.
4- {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى}؛
أَي: الْجَنَّةُ خَيْرٌ لَكَ من الدُّنْيَا، هَذَا مَعَ مَا قَدْ أُوتِيَ
فِي الدُّنْيَا مِنْ شَرَفِ النُّبُوَّةِ مَا يَصْغُرُ عِنْدَهُ كُلُّ
شَرَفٍ، وَيَتَضَاءَلُ بالنسبةِ إِلَيْهِ كُلُّ مَكْرُمَةٍ فِي الدُّنْيَا.
5- {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ} الْفَتْحَ فِي الدِّينِ، والثَّوَابَ وَالحَوْضَ وَالشَّفَاعَةَ لأُمَّتِهِ فِي الآخِرَةِ {فَتَرْضَى}.
6- {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى}؛ أَيْ: وَجَدَكَ يَتِيماً لا أَبَ لَكَ، فَجَعَلَ لَكَ مَأْوًى تَأْوِي إِلَيْهِ.
7- {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى}:
وَجَدَكَ غَافِلاً عَن الإِيمَانِ، لا تَدْرِي مَا هُوَ، غَافِلاً عَمَّا
يُرَادُ بِكَ مِنْ أَمْرِ النُّبُوَّةِ، وَلَمْ تَكُنْ تَدْرِي الْقُرْآنَ
وَلا الشَّرَائِعَ فَهَدَاكَ لِذَلِكَ.
8- {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى}؛
أَيْ: وَجَدَكَ فَقِيراً ذَا عِيَالٍ، لا مَالَ لَكَ، فَأَغْنَاكَ بِمَا
أَعْطَاكَ مِنَ الرِّزْقِ، أَغْنَاهُ بِمَا فَتَحَ مِنَ الفتوحِ، وَقِيلَ:
بِتِجَارَتِهِ فِي مَالِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ.
9- {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ}:
لا تَتَسَلَّطْ عَلَيْهِ بالظُّلْمِ لِضَعْفِهِ، بَلِ ادْفَعْ إِلَيْهِ
حَقَّهُ وَاذْكُرْ يُتْمَكَ.وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْسِنُ إِلَى اليتيمِ وَيَبَرُّهُ وَيُوصِي
بِاليَتَامَى.
10- {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ}: لا تَنْهَرْهُ إِذَا سَأَلَكَ؛ فَقَدْ كُنْتَ فَقِيراً؛ فَإِمَّا أَنْ تُطْعِمَهُ وَإِمَّا أَنْ تَرُدَّهُ رَدًّا لَيِّناً.
11- {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}.
أَمَرَهُ سُبْحَانَهُ بالتَّحَدُّثِ بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ
وَإِظْهَارِهَا لِلنَّاسِ وَإِشْهَارِهَا بَيْنَهُمْ، وَالتَّحَدُّثُ
بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ. وَقِيلَ: النِّعْمَةُ هُنَا الْقُرْآنُ،
فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْرَأَهُ وَيُحَدِّثَ بِهِ.
المتن :
سورةُ الضُّحى
ثبتَ في (الصحيحينِ) عن جُنْدُبِ بنِ عبد الله البجلي، قال: (دَمِيَتْ
أصبعُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فاشتكى، فلم يَقُمْ ليلتين أو
ثلاثاً، فجاءت امرأةٌ - وهي أمُّ جميل بنت حرب، زوج أبي لهب-، فقالت: يا
محمدُ، إني لأَرجو أن يكونَ شَيْطانك قد تركَك، لم أرَهُ قَرَبَك منذ
ليلتين أو ثلاثٍ، فأنزل الله: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}). 1-2قولُه تعالى: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}يقسِمُ ربُّنا بأوَّلِ ساعاتِ النهار، وهو الضُّحى(1)، وبالليلِ إذا أقبلَ بظلامِه وسَكَن(2).
3-قولُه تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}هذا جوابُ القَسَمِ، والمعنى: ما تركَكَ ربُّكَ يامحمدصلى الله عليه وسلم وما أبغضَك.
4-قولُه تعالى: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى}
يقسِمُ ربُّنا لنبيِّه صلى الله عليه وسلم أنَّ الدارَ الآخِرةَ بما
أعدَّه الله له فيها خيرٌ له من الدنيا وما فيها، وهذه بشارةٌ للنبيِّ صلى
الله عليه وسلم فيها تأكيدُ عَدمِ تركِ الله وبغضِه له، فلا يحزنُ مما يقعُ
له.
5-قولُه تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}ويقسِمُ له مؤكِّداً بأنه سيعطيه ويُنْعِمُ عليه كلَّ ما يرجوه من خيرٍ له ولأمَّتِه حتى يرضى بهذا العطاء(3).
6-8قولُه تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} يَمتَنُّ اللهُ على نبيِّه صلى الله عليه وسلم معدِّداً عليه شيئاً من نِعَمِه، وهي:
-أنه كان يتيماً قد فَقَدَ أباهُ في الصِّغر، فجعلَ له مكاناً يرجِعُ إليه ويسكنُ فيه، وكان ذلك برعاية جَدِّهِ وعَمِّهِ له.
-وَوَجَدَكَ ضالاَّ عن مَعْرفَةِ الدِّين، فهداكَ إليه؛ كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ} .
-ووجدَكَ فقيراً فأغناك.
9-11قولُه تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}
يقولُ تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: فإذا علِمْتَ نِعمتي عليكَ في
هذا فاشكُرها بأن لا تغلِبَ من فَقَدَ أباه، وهو دون سنِّ البلوغ، ولا
تُذِلَّه بأي نوع من أنواعِ الإذلال، فتظلِمَه بذلك، وأن لا تزجُرَ الذي
يسألُ عن دينه، أو يسألُكَ النَفَقَةَ من الفقراء، وأن تُخبِرَ الناسَ على
سبيل الشكر لله بما أنعمَ عليك من نِعَمِه؛ كنِعْمَةِ القرآن، أو النبوَّة،
أو غيرها، والله أعلم.
الحاشيه :
(1)سبقَ ذكر الخِلاف في الضحى عند أولِ سورةِ الشمس.
(2)اختلف السلفُ في تفسير سَجَى على أقوالٍ:
الأول:إذا استوى وسَكَن، وهو قول مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وقتادة من طريق سعيد، والضحاك من طريق عبيد، وابن زيد.
الثاني:إذا أقبلَ، وهو قول ابن عباس من طريق العوفي، والحسن من طريق معمر.
الثالث:إذا ذهبَ، وهو قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة.
قال الطبري: (وأولى الأقوالِ بالصواب عندي في ذلك، قول من قال:
معناه: والليلِ إذا سكنَ بأهله، وثبتَ بظلامه؛ كما يقال: بحرٌ ساجٍ: إذا كان ساكناً، ومنه قول أعشى بني ثعلبة:
وحُكِي غير هذا السبب،وكلُّها في تأخُّر نزولِ الوحي عنه صلى الله عليه وسلم، وادعاءِ المشركينَ أنَّ ربَّه قد تركَه وقَلاَه.
فما ذنبنا إن جاشَ بحر ابن عمكم =وبحرُك ساجٍ ما يواري الدعامِصَا
وقول الراجز:
يا حبذا القَمْراء والليلُ السَّاجْ = وطــُرُقٌ مــثـلُ مــُلاءِ الـنَّسَّاجْ
والقولان الأول والثاني يرجعان إلى دلالتين في (سجى):الأولى:السكون.
والثانية التغطية، ومنه تسجية الميت أي تغطيته، وعلى تفسير الحسن قال: (إذا لبس الناس، إذا جاء).
ومن ثمَّ يكون الخلاف راجعاً إلى أكثر من معنى بسبب الاشتراكِ اللغوي في هذه اللفظة.
أما تفسيرُ ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، فلم أجِدْهُ مذكوراً في كُتب اللغة، وواضح أنه تفسير لغوي، وإذا فُسِّرَ به صارَ اللفظُ من الأضداد؛ لأن أقبلَ بظلامه وذهبَ ضِدَّان، ويبقى أن سببَ الاختلاف الاشتراك اللغوي في معنى اللفظ، والله أعلم.
(3)الواردُ عن السلف في التفسير تخصيصه بإعطاء الآخرة، وكأنهم ربطوا الآية بما قبلها، وهي أنَّ خيرَ الآخرةِ له أفضلُ من الدنيا، ولأنه سيُعطى من خيرِها حتى يرضى، ولو حُمِلَ على عمومِ الإعطاء فهو مُحتمل، ويكون تفسير السلف مثالاً لنوع من أشرف أنواع الإعطاء الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
وقد ورد التفسير عن ابن عباس من طريق ابنه علي قال: (أعطاهُ الله في الجنة ألفَ ألفِ قصر، في كل قصرٍ ما ينبغي له من الأزواج والخَدَم) قال ابن كثير: (وهذا إسنادٌ صحيح إلى ابن عباس، ومثلُ هذا لا يقالُ إلا عن توقيف).
ووردَ عنه من طريق السدي: (من رِضا محمدٍ صلى الله عليه وسلم أن لا يَدْخُلَ أحدٌ من أهلِ بيته النار) وفيه انقطاعٌ بين السدي وابن عباس.
وورد عن قتادة من طريق سعيد أن هذا الإعطاء يكونُ يومَ القيامة، والله أعلم.
القارئ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى}أي:
أن الله -جل وعلا- وجد نبيه -صلى الله عليه وسلم- لا يعلم هذا الكتاب، ولا
يدري شرائع الإيمان ولا يعلمها، فهداه الله -جل وعلا- بأن أنزل عليه هذا
القرآن العظيم، وعلمه شرائع الإيمان، وليس المراد بهذه الآية أن النبي -صلى
الله عليه وسلم- كان ضالاً على دين قومه، فهذا كلام كما قال الإمام أحمد: كلام سوء.
{وَالضُّحَى
(1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)
وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ
فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ
فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا
تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ
رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)}
الشيخ:
بسم اللَّه الرَّحمن الرَّحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في هذه السورة أقسم الله -جل وعلا- بالضحى وهو الوقت المعروف.
{وَاللَّيْلِ ذَا سَجَى}والليل إذا غطت ظلمته الآفاق.
أقسم
الله -جل وعلا- بهذين الوقتين على أنه -جل وعلا- ما فارق نبيه -صلى الله
عليه وسلم- وما أبغضه، وذلك أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يقم ليلتين؛ لأنه
كان يشتكي، فجاءته امرأة من المشركين فقالت له: (ما أظن شيطانك إلا قد فارقك) تعني به جبريل
عليه السلام، أو تعني به - هذا الشيطان الذي تزعم - ما كان منه صلى الله
عليه وسلم حين يقوم الليل، فتظن أن هناك شيطان يقارنه من أجل هذه العبادة،
فأنزل الله -جل وعلا- هذه الآيات.
فقوله -جل وعلا-: {مَا وَدَّعَكَ} معناه: ما فارقك، وقوله -جل وعلا-: {وَمَا قَلَى} يعني: ما أبغضك وما كرهك؛ لأن القِلَى والقَلاء هو البغض الشديد، كما قال الله -جل وعلا- على لسان نبيه لوط -عليه السلام-: {إِنِّي لِعَمَلِكُم مِنَ الْقَالِينَ} يعني: أنه -عليه السلام- يخبر قومه أنه يبغض ما هم عليه من فاحشة اللواط بغضاً شديداً.
ثم قال -جل وعلا-: {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى}
أي: أن الآخرة للنبي -صلى الله عليه وسلم- خير له من الأولى، وهذا في حق
المتقين أجمعين، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو أتقى الناس
وأبرهم، وأخشاهم لله، وأعلمهم، فله الحظ الأوفر يوم القيامة، ولهذا ثبت في
الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خطب فقال: ((إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْداً بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللَّهِ)) فبكى أبو بكر الصديق - رضي الله عنه- فعجب له الصحابة كيف يخبر النبي -صلى الله وعليه وسلم- عن عبد خير فيبكي؟ قال أبو سعيد: (فكان المخير هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان أبو بكر أعلمنا).
فلأن
النبي -صلى الله عليه وسلم- موقنٌ يقيناً جازماً أن ما عند الله تعالى خير
له، اختار ما عند الله جل وعلا، ولهذا قال الله -جل وعلا-: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ} وقال جل علا: {وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}.
ثم قال -جل وعلا-: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}
وهذا وعد من الله -جل وعلا- مؤكد بأنه سيعطي نبيه -صلى الله وعليه وسلم-
ما يرضيه في الدنيا وفي الآخرة، ولقد أعطاه ربه -جل وعلا- في الدنيا ما أقر
به عينه، وكُتُب الخصائص والشمائل شاهدة بهذا، وسيعطيه الله -جل وعلا- في
الآخرة ما يرضيه.
وقد
تقدم لناأن الله -جل وعلا- إذا أعطى العبد في الآخرة شيئاً يرضيه فذلك
دليل على أن الله -جل وعلا- قد رضي عن هذا العبد؛ لأن الله -جل وعلا- لا
يُرضي إلا من رضي عنه، ولا يكرم إلا من أطاعه، وأما من عصاه فإن الله -جل
وعلا- لا يكرمه بل يهينه، {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.
ثم قال -جل وعلا- مبيناً منته على نبيه -صلى الله عليه وسلم-: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى}
يعني: أن الله -جل وعلا- وجد نبيه صلى الله وعليه وسلم يتيماً لا أب له؛
بل ولا أم له، فآواه الله -جل وعلا- بما يسره له ممن يؤويه، فكان في حضانة
جده، ثم في حضانة عمه.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن على دين قومه، وما عمل من الأعمال التي كان يعملها قومه، فإنما هي من إرث إبراهيم الذي لم يغيره قومه، كدية النفس مائة من الإبل، أو الختان، أو بعض مسائل الزواج، أو الحج، فهذه من إرث إبراهيم
-عليه السلام- ورثها قومه فلم يغيروها، فكان نبينا -صلى الله عليه وسلم-
يفعلها؛ لأنها من دين الخليل عليه السلام، ولم يكن يفعلها لأنها من دين
قومه، بل لم يكن على دين قومه كما زعمه بعضهم من أنه -صلى الله عليه وسلم-
كان على دين قومه أربعين عاماً وهذا غلط، ولا ينبغي أن يقال، بل هو -صلى
الله عليه وسلم- قد وافق قومه فيما بقوا عليه من ميراث إبراهيم عليه السلام.
يبين هذه الآية وهي أن المراد بهذا أنه لم يكن يعلم الكتاب ولا الإيمان:
-قول الله -جل وعلا-: {نَحْنُ
نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا
الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}.
-وقال -جل وعلا-: {وَكَذَلِكَ
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا
الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ
نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا}. -وقال -جل وعلا-: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً}.
-وقال -جل وعلا-: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}
فدلت هذه الآيات على أن قوله -جل وعلا-: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى}
يعني: أنه -صلى الله عليه وسلم- كان غافلاً عن الكتاب وعن شرائع الإيمان،
وأما الفطرة التي فطره الله -جل وعلا- عليها وتوحيده سبحانه وتعالى فهذا
معلوم من حاله -صلى الله عليه وسلم-.
ثم قال -جل وعلا-: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} أي: ووجدك فقيراً فأغناك الله
جل وعلا، وهذا الغنى ليس المراد به قطعاً أن يكون الغنى بالمال والعرض،
وإنما المراد به أن الله -جل وعلا- جعل قلبه غنياً بما آتاه الله -جل وعلا-
من الإيمان، والرضا بقضاء الله وقدره، وما امتلأ به قلبه -صلى الله عليه
وسلم- من العلم والحكمة، هو -صلى الله عليه وسلم- كان فقيراً فيسر الله -جل
وعلا- له خديجة، لكنه -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاة خديجة
هاجر إلى المدينة، وكان -صلى الله عليه وسلم- في المدينة ليس عنده شيء، حتى
كان -صلى الله عليه وسلم- يبيت الليالي طاوياً لا يجد ما يأكله، ولكن الله
-جل وعلا- جعل غناه في قلبه، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس الغني عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى القلب)).
ثم قال -جل وعلا-: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ}
هذا نهي من الله -جل وعلا- لنبيه -صلى الله عليه وسلم- عن قهر اليتيم، على
أي وجه كان القهر، سواء بالكلام بالقول، أو بالفعل بأخذ ماله، أو بالتسلط
عليه، أو بإيذائه بالأقوال، فكل ذلك لا يحل، وهذا النهي وإن كان للنبي -صلى
الله عليه وسلم- إلا أنه عام لأمته عليه الصلاة والسلام، فإذا كان -عليه
الصلاة والسلام- يُنهى عن ذلك وهو الذي وصفه ربه -جل وعلا- بقوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} فمن باب أولى أن يُنهى عن ذلك من لم يكن مثله صلى الله عليه وسلم، بل ولا يدانيه، وهم أمته عليه الصلاة والسلام.
ثم قال -جل وعلا-: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} السائل: قال بعض العلماء: هو الذي يسأل الناس المال، وهذا يدل عليه قول الله -تبارك وتعالى- في سورة الإسراء: {وَآتِ
ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ
تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ
وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ
عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ
قَوْلاً مَيْسُوراً} يعني: إذا كان ما عندك شيء؛ ما عندك رزق،
وكنت ترجو فضل الله -جل وعلا- عليك، فقل لهم كلاماً ليناً سهلاً ميسوراً،
وهذا هو الذي يدل عليه قوله -جل وعلا- في هذه الآية: {فَلا تَنْهَرْ} يعني: لا تزجره، ولا تطرده، ولا تقل له قولاً سيئاً.
وبعض العلماء يقول: إن المراد: {وَأَمَّا السَّائِلَ}
يعني: السائل عن أمر دينه، الذي يسأل عن أمور الدين فلا ينهر، وهذا يدل
عليه ما تقدم لنا في أوائل سورة عبس، ولا مانع من أن يكون النهي شاملاً
لهذين الصنفين، فلا يُنهر من جاء سائلاً عن العلم شريطة أن لا يكون هذا
السؤال سؤال تعنت؛ لأن الأسئلة في العلم مختلفة، لكن إذا كان سؤال إنسان
يريد أن يتبصر بدينه فهذا لا ينهر، وكذلك إذا كان سائل يسأل مالاً فإن لم
تعطه فلا تنهره، هكذا دل عليه كتاب الله -جل وعلا-.
ثم قال -جل وعلا-: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} يعني: أن العبد إذا أنعم الله -جل وعلا- عليه بنعمة في دينه أو دنياه فإنه يتحدث بها، ولكن هذا الحديث حديث شكر، لا حديث فخر ولا رياء ولا سمعة، وإنما
يتحدث بذلك من باب الشكر لله على ما من به عليه، ووفقه وهداه إليه من نعمة
الدين أو الدنيا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد أنعم الله -جل وعلا-
عليه، فأمره ربه -جل وعلا- أن يتحدث بهذه النعمة.
وقد استدل بعض العلماء بهذه الآية: على أن قوله -جل وعلا-: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}هذه متضمنة لتخليص الأنفس من البخل؛ لأن
الله -جل وعلا- إذا أمر العبد بالتحدث بهذه النعمة فتحدث بها البخيل فإنه
لا يستطيع أن يكتم ما عنده من الأموال؛ لأن من عادة البخيل أنه يكون كتوماً
لما عنده من النعم، فلا يظهرها ولا يتحدث بها؛ لئلا يسأله الناس.
ففي هذه الآية إشارة إلى أن الإنسان ينبغي أن يطهر نفسه من البخل،وأن يكون باذلاً، وهذا ما تضمنته هذه الآية.
تفسير سورة الضحى
تفسير قول الله تعالى : ( والضحى والليل إذا سجى )
أقوال السلف في معنى (سجى)
تفسير قول الله تعالى : ( ما ودعك ربك وما قلى )
تفسير قول الله تعالى : ( وللآخرة خير لك من الأولى )
تفسير قول الله تعالى : ( ولسوف يعطيك ربك فترضى )
تفسير قول الله تعالى : ( ألم يجدك يتيماً فآوى )
تفسير قول الله تعالى : ( ووجدك ضالاًّ فهدى )
تفسير قول الله تعالى : ( ووجدك عائلاً فأغنى )
تفسير قول الله تعالى : ( فأما اليتيم فلا تقهر )
تفسير قول الله تعالى : ( وأما السائل فلا تنهر )
تفسير قول الله تعالى : ( وأما بنعمة ربك فحدث )
سبب نزول سورة الضحى
الأسئلة
س1: اذكر سبب نزول سورة الضحى.
س2: بين المقسم به والمقسم عليه في هذه السورة.
س3: اذكر أقوال السلف في تفسير قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}مع الترجيح.
س4: كيف تستدل على إثبات محبة لله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وعنايته به من قوله تعالى:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}؟
س5: فسر السورة تفسيراً إجمالياً مبيناً أهم الفوائد السلوكية التي استفدتها من خلال دراستك لتفسير السورة.
س6: بين معاني الكلمات التالية: سجى، ودَّعك، قلى، آوى، عائلاً، تقْهر، تَنْهَرْ.
س7: بين معنى قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى}.
س8: من محاسن الدين الإسلامي عنايته بالضعفاء والمحتاجين، تحدث عن هذه الميزة في ضوء دراستك لتفسير السورة التي درستها.
س9: بين فائدة حذف المعمول في قوله تعالى: {فَآوَى}.
س10: تحدث باختصار عن فوائد التحديث بنعمة الله تعالى.
تفسير ابن كثير
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (تفسير سورة الضّحى وهي مكّيّةٌ.
روّينا من طريق أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزّة المقرئ، قال: قرأت على عكرمة بن سليمان، وأخبرني أنه قرأ على إسماعيل بن قسطنطين وشبل بن عبّادٍ، فلمّا بلغت {والضّحى} قالا لي: كبّر حتى تختم مع خاتمة كلّ سورةٍ؛ فإنّا قرأنا على ابن كثيرٍ فأمرنا بذلك، وأخبرنا أنه قرأ على مجاهدٍ فأمره بذلك، وأخبره مجاهدٌ أنه قرأ على ابن عبّاسٍ فأمره بذلك، وأخبره ابن عبّاسٍ أنه قرأ على أبيّ بن كعبٍ فأمره بذلك، وأخبره أبيٌّ أنه قرأ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأمره بذلك.
فهذه سنّةٌ تفرّد بها أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عبد الله البزّيّ من ولد القاسم بن أبي بزّة، وكان إماماً في القراءات.
فأمّا في الحديث فقد ضعّفه أبو حاتمٍ الرّازيّ، وقال: لا أحدّث عنه. وكذا أبو جعفرٍ العقيليّ قال: هو منكر الحديث. لكن حكى الشيخ شهاب الدّين أبو شامة في شرح الشّاطبيّة عن الشافعيّ، أنه سمع رجلاً يكبّر هذا التكبير في الصلاة، فقال له: أحسنت وأصبت السّنّة. وهذا يقتضي صحّة هذا الحديث.
ثمّ اختلف القرّاء في موضع هذا التكبير وكيفيّته؛ فقال بعضهم: يكبّر من آخر {واللّيل إذا يغشى}. وقال آخرون: من آخر {والضّحى}.
وكيفيّة التكبير عند بعضهم أن يقول: الله أكبر، ويقتصر. ومنهم من يقول: الله أكبر، لا إله إلاّ الله، الله أكبر.
وذكر القرّاء في مناسبة التكبير من أوّل سورة الضّحى: أنه لمّا تأخّر الوحي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفتر تلك المدّة، وجاءه الملك، فأوحى إليه: {والضّحى واللّيل إذا سجى} السورة بتمامها، كبّر فرحاً وسروراً. ولم يرو ذلك بإسنادٍ يحكم عليه بصحّةٍ ولا ضعفٍ. فالله أعلم.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا سفيان، عن الأسود بن قيسٍ، قال: سمعت جندباً يقول: اشتكى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فلم يقم ليلةً أو ليلتين، فأتت امرأةٌ فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلاّ قد تركك. فأنزل الله عزّ وجلّ: {والضّحى واللّيل إذا سجى ما ودّعك ربّك وما قلى}.
رواه البخاريّ، ومسلمٌ، والتّرمذيّ، والنّسائيّ، وابن أبي حاتمٍ، وابن جريرٍ، من طرقٍ، عن الأسود بن قيسٍ، عن جندبٍ، هو ابن عبد الله البجليّ ثمّ العلقيّ به، وفي رواية سفيان بن عيينة، عن الأسود بن قيسٍ سمع جندباً قال: أبطأ جبريل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال المشركون: ودّع محمّدٌ. فأنزل الله تعالى: {والضّحى واللّيل إذا سجى ما ودّعك ربّك وما قلى}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، وعمرو بن عبد الله الأوديّ، قالا: حدّثنا أبو أسامة، حدّثني سفيان، حدّثني الأسود بن قيسٍ، أنه سمع جندباً يقول: رمي رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم بحجرٍ في إصبعه، فقال: ((هل أنت إلاّ إصبعٌ دميت وفي سبيل الله ما لقيت)). قال: فمكث ليلتين أو ثلاثاً لا يقوم، فقالت له امرأةٌ: ما أرى شيطانك إلاّ قد تركك. فنزلت: {والضّحى واللّيل إذا سجى ما ودّعك ربّك وما قلى}. والسّياق لأبي سعيدٍ.
قيل: إنّ هذه المرأة هي أمّ جميلٍ امرأة أبي لهبٍ، وذكر أنّ إصبعه عليه السلام دميت. وقوله هذا الكلام الذي اتّفق أنه موزونٌ ثابتٌ في الصحيحين، ولكنّ الغريب ههنا جعله سبباً لتركه القيام ونزول هذه السورة.
فأمّا ما رواه ابن جريرٍ: حدّثنا ابن أبي الشّوارب، حدّثنا عبد الواحد بن زيادٍ، حدّثنا سليمان الشّيبانيّ، عن عبد الله بن شدّادٍ، أن خديجة قالت للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ما أرى ربّك إلاّ قد قلاك. فأنزل الله: {والضّحى واللّيل إذا سجى ما ودّعك ربّك وما قلى}.
وقال أيضاً: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا وكيعٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: أبطأ جبريل على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فجزع جزعاً شديداً، فقالت خديجة: إنّي أرى ربّك قد قلاك ممّا نرى من جزعك. قال: فنزلت: {والضّحى واللّيل إذا سجى ما ودّعك ربّك وما قلى} إلى آخرها.
فإنه حديثٌ مرسلٌ من هذين الوجهين، ولعلّ ذكر خديجة ليس محفوظاً، أو قالته على وجه التأسّف والتحزّن. والله أعلم.
وقد ذكر بعض السّلف، منهم ابن إسحاق، أنّ هذه السورة التي أوحاها جبريل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين تبدّى له في صورته التي هي خلقه الله عليها، ودنا إليه وتدلّى منهبطاً عليه، وهو بالأبطح {فأوحى إلى عبده ما أوحى} قال: قال له هذه: {والضّحى واللّيل إذا سجى}.
قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: لمّا نزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم القرآن، أبطأ عنه جبريل أيّاماً، فتغيّر بذلك، فقال المشركون: ودّعه ربّه وقلاه. فأنزل الله: {ما ودّعك ربّك وما قلى}.
وهذا قسمٌ منه تعالى بالضّحى، وما جعل فيه من الضّياء.
{واللّيل إذا سجى} أي: سكن فأظلم وادلهمّ. قاله مجاهدٌ وقتادة والضحّاك وابن زيدٍ وغيرهم. وذلك دليلٌ ظاهرٌ على قدرة خالق هذا وهذا، كما قال: {واللّيل إذا يغشى والنّهار إذا تجلّى} وقال: (فالق الإصباح وجاعل اللّيل سكناً والشّمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم).
قوله: {ما ودّعك ربّك} أي: ما تركك {وما قلى} أي: وما أبغضك.
{وللآخرة خيرٌ لك من الأولى} وللدّار الآخرة خيرٌ لك من هذه الدار.
ولهذا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أزهد الناس في الدنيا، وأعظمهم لها اطّراحاً، كما هو معلومٌ بالضرورة من سيرته، ولمّا خيّر عليه السلام في آخر عمره بين الخلد في الدنيا إلى آخرها، ثمّ الجنّة، وبين الصّيرورة إلى الله عزّ وجلّ اختار ما عند الله على هذه الدنيا الدّنيّة.
قال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد، حدّثنا المسعوديّ، عن عمرو بن مرّة، عن إبراهيم النّخعيّ، عن علقمة، عن عبد الله - هو ابن مسعودٍ - قال: اضطجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حصيرٍ فأثّر في جنبه، فلمّا استيقظ جعلت أمسح جنبه وقلت: يا رسول الله، ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئاً؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((ما لي وللدّنيا؟! ما أنا والدّنيا؟! إنّما مثلي ومثل الدّنيا كراكبٍ ظلّ تحت شجرةٍ ثمّ راح وتركها)).
ورواه التّرمذيّ وابن ماجه من حديث المسعوديّ به، وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وقوله: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى} أي: في الدار الآخرة يعطيه حتّى يرضيه في أمّته، وفيما أعدّه له من الكرامة، ومن جملته نهر الكوثر، الذي حافتاه قباب اللّؤلؤ المجوّف، وطينه مسكٌ أذفر، كما سيأتي.
وقال الإمام أبو عمرٍو الأوزاعيّ، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزوميّ، عن عليّ بن عبد الله بن عبّاسٍ، عن أبيه، قال: عرض على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما هو مفتوحٌ على أمّته من بعده كنزاً كنزاً، فسرّ بذلك، فأنزل الله: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى} فأعطاه في الجنّة ألف ألف قصرٍ، في كلّ قصرٍ ما ينبغي له من الأزواج والخدم. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ من طريقه، وهذا إسنادٌ صحيحٌ إلى ابن عبّاسٍ، ومثل هذا لا يقال إلاّ عن توقيفٍ.
وقال السّدّيّ عن ابن عبّاسٍ: من رضى محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم ألاّ يدخل أحدٌ من أهل بيته النار. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ.
وقال الحسن: يعني بذلك الشفاعة. وهكذا قال أبو جعفرٍ الباقر.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدّثنا معاوية بن هشامٍ، عن عليّ بن صالحٍ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((إنّا أهل بيتٍ اختار الله لنا الآخرة على الدّنيا)) {ولسوف يعطيك ربّك فترضى}.
ثمّ قال تعالى يعدّد نعمه على عبده ورسوله محمدٍ صلوات الله وسلامه عليه: {ألم يجدك يتيماً فآوى} وذلك أن أباه توفّيّ وهو حملٌ في بطن أمّه. وقيل: بعد أن ولد عليه السلام ثمّ توفّيت أمّه آمنة بنت وهبٍ وله من العمر ستّ سنين.
ثمّ كان في كفالة جدّه عبد المطّلب إلى أن توفّي وله من العمر ثمان سنين، فكفله عمّه أبو طالبٍ، ثمّ لم يزل يحوطه وينصره ويرفع من قدره ويوقّره، ويكفّ عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنةً من عمره، هذا وأبو طالبٍ على دين قومه من عبادة الأوثان، وكلّ ذلك بقدر الله وحسن تدبيره، إلى أن توفّي أبو طالبٍ قبل الهجرة بقليلٍ، فأقدم عليه سفهاء قريشٍ وجهّالهم.
فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج، كما أجرى الله سنّته على الوجه الأتمّ الأكمل، فلمّا وصل إليهم آووه ونصروه وحاطوه وقاتلوا بين يديه، رضي الله عنهم أجمعين، وكلّ هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به.
وقوله: {ووجدك ضالاًّ فهدى} كقوله: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ} الآية.
ومنهم من قال: إنّ المراد بهذا أنّه عليه الصلاة والسلام ضلّ في شعاب مكّة، وهو صغيرٌ، ثمّ رجع.
وقيل: إنه ضلّ وهو مع عمّه في طريق الشام، وكان راكباً ناقةً في الليل، فجاء إبليس فعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخةً ذهب منها إلى الحبشة، ثمّ عدل بالراحلة إلى الطريق. حكاهما البغويّ.
وقوله: {ووجدك عائلاً فأغنى} أي: كنت فقيراً ذا عيالٍ، فأغناك الله عمّن سواه، فجمع له بين مقامي الفقير الصابر والغنيّ الشاكر، صلوات الله وسلامه عليه.
وقال قتادة في قوله: {ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاًّ فهدى ووجدك عائلاً فأغنى} قال: كانت هذه منازل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يبعثه الله عزّ وجلّ. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ.
وفي الصحيحين من طريق عبد الرزّاق، عن معمرٍ، عن همّام بن منبّهٍ، قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكنّ الغنى غنى النّفس)).
وفي صحيح مسلمٍ، عن عبد الله بن عمرٍو، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنّعه الله بما آتاه)) .
ثمّ قال: {فأمّا اليتيم فلا تقهر} أي: كما كنت يتيماً فآواك الله، فلا تقهر اليتيم، أي: لا تذلّه وتنهره وتهنه، ولكن أحسن إليه، وتلطّف به.
قال قتادة: كن لليتيم كالأب الرّحيم.
{وأمّا السّائل فلا تنهر} أي: وكما كنت ضالاًّ فهداك الله، فلا تنهر السائل في العلم المسترشد.
قال ابن إسحاق: {وأمّا السّائل فلا تنهر} أي: فلا تكن جبّاراً، ولا متكبّراً، ولا فحّاشاً، ولا فظًّا على الضعفاء من عباد الله.
وقال قتادة: يعني: ردّ المسكين برحمةٍ ولينٍ.
{وأمّا بنعمة ربّك فحدّث} أي: وكما كنت عائلاً فقيراً فأغناك الله، فحدّث بنعمة الله عليك، كما جاء في الدعاء المأثور النبويّ: ((واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك، قابليها، وأتمّها علينا)).
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يعقوب، حدّثنا ابن عليّة، حدّثنا سعيد بن إياسٍ الجريريّ، عن أبي نضرة، قال: كان المسلمون يرون أنّ من شكر النّعم أن يحدّث بها.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدّثنا منصور بن أبي مزاحمٍ، حدّثنا الجرّاح بن مليحٍ، عن أبي عبد الرحمن، عن الشّعبيّ، عن النّعمان بن بشيرٍ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر: ((من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر النّاس لم يشكر الله، والتّحدّث بنعمة الله شكرٌ، وتركها كفرٌ، والجماعة رحمةٌ، والفرقة عذابٌ)). إسناده ضعيفٌ.
وفي الصحيح عن أنسٍ، أن المهاجرين قالوا: يا رسول الله، ذهب الأنصار بالأجر كلّه. قال: ((لا ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم)).
وقال أبو داود: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا الرّبيع بن مسلمٍ، عن محمد بن زيادٍ، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: ((لا يشكر الله من لا يشكر النّاس)).
ورواه التّرمذيّ، عن أحمد بن محمدٍ، عن ابن المبارك، عن الرّبيع بن مسلمٍ، وقال: صحيحٌ.
وقال أبو داود: حدّثنا عبد الله بن الجرّاح، حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: ((من أبلى بلاءً فذكره فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره)). تفرّد به أبو داود.
قال أبو داود: حدّثنا مسدّدٌ، حدّثنا بشرٌ، حدّثنا عمارة بن غزيّة، حدّثني رجلٌ من قومي، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((من أعطي عطاءً فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليثن به، فمن أثنى به فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره)). قال أبو داود: ورواه يحيى بن أيّوب، عن عمارة بن غزيّة، عن شرحبيلٍ، عن جابرٍ: كرهوه فلم يسمّوه. تفرّد به أبو داود.
وقال مجاهدٌ: يعني: النّبوّة التي أعطاك ربّك. وفي روايةٍ عنه: القرآن.
وقال ليثٌ، عن رجلٍ، عن الحسن بن عليٍّ: {وأمّا بنعمة ربّك فحدّث} قال: ما عملت من خيرٍ فحدّث إخوانك.
وقال محمد بن إسحاق: ما جاءك من الله من نعمةٍ وكرامةٍ من النبوّة فحدّث فيها، واذكرها، وادع إليها. قال: فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يذكر ما أنعم الله به عليه من النبوّة سرًّا إلى من يطمئنّ إليه من أهله، وافترضت عليه الصلاة فصلّى.
آخر تفسير سورة الضّحى، ولله الحمد والمنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/423-428]