الدروس
course cover
الباب الثامن: في العدة والإحداد
7 Feb 2015
7 Feb 2015

3919

0

0

course cover
فقه المعاملات من الفقه الميسّر

كتاب النكاح ق2

الباب الثامن: في العدة والإحداد
7 Feb 2015
7 Feb 2015

7 Feb 2015

3919

0

0


0

0

0

0

0

الباب الثامن: في العدة والإحداد


وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف العدة ودليل مشروعيتها، والحكمة منها:
1 - تعريف العدّة:
العدّة لغة: اسم مصدر من عدّ يعدّ، عدّاً، وهي مأخوذة من العدد والإحصاء؛ لاشتمالها عليه من الأقراء والأشهر.
وشرعاً: اسم لمدة معينة تتربصها المرأة؛ تعبداً لله عز وجل، أو تفجعاً على زوج، أو تأكداً من براءة رحم.
والعدة من آثار الطلاق، أو الوفاة.
2 - دليل مشروعية العدة:
الأصل في وجوب العدة ومشروعيتها: الكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهنّ ثلاثة قروءٍ}[البقرة: 228]. وقوله تعالى: {واللّائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدّتهنّ ثلاثة أشهرٍ واللّائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ} [الطلاق: 4]. وقوله تعالى: {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجًا يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشرًا} [البقرة: 234].
وأما السنة: فحديث المسور بن مخرمة - رضي الله عنه -: (أن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها نفست بعد وفاة زوجها بليال، فجاءت إلى النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم -، فاستأذنته أن تنكح، فأذن لها، فنكحت) ، وغير ذلك من الأحاديث.
3 - الحكمة من مشروعية العدة:
الحكمة من ذلك: استبراء رحم المرأة من الحمل؛ لئلا يحصل اختلاط الأنساب. وأيضاً: إتاحة الفرصة للزوج المطلّق ليراجع نفسه إذا ندم، وكان طلاقه رجعياً. وأيضاً: صيانة حق الحمل إذا كانت المفارقة عن حمل.

المسألة الثانية: أنواع العدة:
تنقسم عدة المرأة إلى قسمين:
1 - عدة وفاة. 2 - عدة فراق.
أولاً: عدة الوفاة:
هي عدة تجب على من مات عنها زوجها، ولا يخلو الحال فيها من أمرين:
- إما أن تكون حاملاً.
- أو تكون غير حامل.
فإن كانت حاملاً: فعدتها تنتهي بوضع الحمل ولو بعد ساعة من وفاة زوجها؛ لقوله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ} [الطلاق: 4].
ولحديث المسور بن مخرمة - رضي الله عنه -: (أن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها نفست بعد وفاة زوجها بليال، فجاءت إلى النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - فاستأذنته أن تنكح، فأذن لها، فنكحت).
وإن كانت غير حامل: فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وهذه تعتد مطلقاً سواء أدخل بها الزوج، أم لم يدخل. لعموم قوله تعالى: {والّذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجًا يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهرٍ وعشرًا فإذا بلغن أجلهنّ فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهنّ بالمعروف واللّه بما تعملون خبيرٌ} [البقرة: 234]، ولم يرد ما يخصص هذه الآية.
ثانياً: عدة الفراق:
هي العدة التي تجب على المرأة التي فارقت زوجها بفسخ، أو طلاق، أو خلع بعد الوطء، ولا يخلو الحال فيها من أمور:
- أن تكون حاملاً.
- أن تكون غير حامل.
- لا ترى الحيض لصغر، أو آيسة لكبر.
فإن كانت حاملاً: فعدتها تنتهي بوضع الحمل؛ لعموم قوله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ} [الطلاق: 4].
وإن كانت غير حامل وهي من ذوات الحيض: فعدتها بمرور ثلاثة أطهار بعد الفراق؛ لقوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهنّ ثلاثة قروءٍ ولا يحلّ لهنّ أن يكتمن ما خلق اللّه في أرحامهنّ إن كنّ يؤمنّ باللّه واليوم الآخر} [البقرة: 228].
وإن كانت لا ترى الحيض بأن كانت صغيرة أو آيسة لكبر سن: فعدتها تنتهي بمرور ثلاثة أشهر على فراقها. لقوله تعالى: {واللّائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدّتهنّ ثلاثة أشهرٍ واللّائي لم يحضن} [الطلاق: 4].
حكم المطلقة قبل الدخول بها:
إذا فارق الزوج زوجته بفسخ أو طلاق قبل الدخول بها فلا عدة عليها؛ لقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّةٍ تعتدّونها فمتّعوهنّ وسرّحوهنّ سراحًا جميلًا} [الأحزاب: 49]. ولا فرق بين الزوجات المؤمنات، والكتابيات، في هذا الحكم باتفاق أهل العلم، وذكر المؤمنات هنا من باب التغليب.

المسألة الثالثة: التزامات العدة، وما يترتب عليها:
1 - عدة الطلاق:
إذا كانت المرأة معتدة من زوجها عدة طلاق، فلا يخلو الحال من أمرين:
- أن يكون طلاقها رجعياً.
- أن يكون طلاقها بائناً.
أولاً: المعتدة من طلاق رجعي:
يترتب للمعتدة من طلاق رجعي ما يلي:
1 - وجوب السكنى لها مع الزوج إذا لم يكن هناك مانعٌ شرعيٌ.
2 - وجوب النفقة لها من مؤنة، وكسوة، وغير ذلك.
3 - يجب عليها ملازمة السكن ولا تفارقه إلا لضرورة؛ لقوله تعالى: {أسكنوهنّ من حيث سكنتم من وجدكم ... } [الطلاق: 6]، ولقوله تعالى: {لا تخرجوهنّ من بيوتهنّ ولا يخرجن إلّا أن يأتين بفاحشةٍ مبيّنةٍ} [الطلاق: 1].
4 - يحرم عليها التعرض لخطبة الرجال؛ إذ هي حبيسة على زوجها، فهي في حكم الزوجة؛ لقوله تعالى: {وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ في ذلك إن أرادوا إصلاحًا} [البقرة: 228].
ثانياً: إذا كانت معتدة بطلاق بائن:
ولا يخلو الحال فيها من أمرين:
- إما أن تكون حاملاً.
- وإما أن تكون غير حامل.
أولاً: إن كانت حاملاً: فيترتب لها ما يلي:
1 - وجوب السكنى على الزوج؛ لقوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ وأحصوا العدّة واتّقوا اللّه ربّكم لا تخرجوهنّ من بيوتهنّ ولا يخرجن إلّا أن يأتين بفاحشةٍ مبيّنةٍ} [الطلاق: 1].
2 - النفقة؛ لقوله تعالى: {وإن كنّ أولات حملٍ فأنفقوا عليهنّ حتّى يضعن حملهن} [الطلاق: 6].
3 - ملازمة البيت الذي تعتد فيه، وعدم الخروج منه إلا لحاجة؛ لقوله تعالى: {لا تخرجوهنّ من بيوتهنّ ولا يخرجن} [الطلاق: 1]. ودليل خروجها لحاجة: حديث جابر - رضي الله عنه - قال: طلّقت خالتي، فأرادت أن تجدّ نخلها ، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم -، فقال: (بلى اخرجي، فجدّي نخلك، فإنك عسى أن تصدّقي، أو تفعلي معروفاً).
ثانياً: إن كانت غير حامل:
فيثبت لها ما يثبت للحامل إلا النفقة، وما يتبعها كالملبس فلا يثبت لها؛ لحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها حين طلقها زوجها تطليقة كانت بقيت لها، أن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال لها: (لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً).

2 - عدة المتوفى عنها:
يلزم المعتدة من وفاة زوجها الأحكام التالية:
1 - يجب عليها أن تعتد في المنزل الذي مات فيه زوجها، وهي فيه، ولو مؤجراً أو معاراً؛ لقوله - صلّى اللّه عليه وسلّم - للفريعة بنت مالك: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله). وفي رواية: (امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك ... ). ولا يجوز تحولها إلى غيره إلا لعذر، كأن تخاف على نفسها البقاء فيه، أو تحول عنه قهراً أو لغير ذلك، فيجوز لها التحول حيث شاءت؛ للضرورة.
2 - ملازمة البيت الذي تعتد فيه وعدم الخروج منه لغير حاجة. ويجوز لها الخروج من بيتها لحوائجها نهاراً لا في الليل؛ لأن الليل مظنة الفساد، فلا تخرج فيه من غير ضرورة، بخلاف النهار فإنه مظنة قضاء الحاجات.
3 - يجب عليها الإحداد على زوجها مدة العدة، وسيأتي الكلام على أحكام الإحداد تفصيلاً.
4 - ليس لها النفقة، لانتهاء الزوجية بالموت.

المسألة الرابعة: في الإحداد:
تعريف الإحداد، ودليل مشروعيته:
1 - تعريف الإحداد:
الإحداد لغة: الامتناع، يقال: حادٌّ ومحدٌّ، إذا تركت المرأة الزينة والطيب.
وشرعاً: هو ترك المرأة الزينة، والطيب، وغير ذلك مما يرغّب فيها، ويدعو إلى جماعها.
2 - دليل مشروعية الإحداد:
الإحداد واجب على المرأة المتوفى عنها؛ لحديث أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً). وحديث أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: (كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا نكتحل، ولا نتطيب، ولا نلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب …) الحديث.
ويجب في حقّ المرأة المحدّة ما يلي:
1 - المنع عن مظاهر الزينة والطيب، فتمنع من لبس الثياب ذات الألوان الزاهية، ولا تكتحل، ولا تلبس الحلي ذهباً أو فضة أو غيرهما، ولا تستعمل شيئاً من الأصباغ؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها مرفوعاً: (المتوفى عنها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا الممشّق، ولا الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل) ، ولحديث أم عطية الأنصارية المتقدم قبل قليل.
2 - وجوب ملازمتها بيتها الذي تعتد فيه ولا تخرج إلا لحاجة؛ لحديث الفريعة بنت مالك رضي الله عنها الماضي ذكره). [الفقه الميسر: 325-330]