الدروس
course cover
الباب الرابع: في الطلاق
7 Feb 2015
7 Feb 2015

3716

0

0

course cover
فقه المعاملات من الفقه الميسّر

كتاب النكاح ق1

الباب الرابع: في الطلاق
7 Feb 2015
7 Feb 2015

7 Feb 2015

3716

0

0


0

0

0

0

0

الباب الرابع: في الطلاق


وفيه مسائل:
المسألة الأولى: معناه، وأدلة مشروعيته، وحكمته:
أ- تعريف الطلاق:
الطلاق لغة: التخلية، يقال: طلقت الناقة إذا سرحت حيث شاءت.
وشرعاً: حل قيد النكاح أو بعضه.
ب- من يصح طلاقه:
يصح إيقاع الطلاق من الزوج البالغ العاقل المميز المختار الذي يعقله، أو من وكيله، فلا يقع طلاق غير الزوج، ولا الصبي، ولا المجنون، ولا السكران، ولا المكره، ولا الغضبان غضباً شديداً لا يدري معه ما يقول.
ج- مشروعية الطلاق:
الأصل في الزواج استمرار الحياة الزوجية بين الزوجين، وقد شرع الله تعالى أحكاماً كثيرة وآداباً جمّة في الزواج لاستمراره، وضمان بقائه. إلا أن هذه الآداب قد لا تكون مرعيّة من قبل الزوجين أو أحدهما، فيقع التنافر بينهما حتى لا يبقى مجال للإصلاح، فكان لابد من تشريع أحكام تؤدي إلى حل عقدة الزواج على نحو لا تهدر فيه حقوق أحد الزوجين، ما دامت أسباب التعايش قد باتت معدومة فيما بينهما.
والطلاق مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فقد قال تعالى: {الطّلاق مرّتان فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ} [البقرة: 229]. وقال عز وجل: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} [الطلاق: 1] ومن السنة: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنه طلق امرأته وهي حائض، فقال النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - لعمر: (ليراجعها، فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها). وأجمع علماء الأمة على جواز الطلاق ومشروعيته.
د- حكمة مشروعيته:
شرع الطلاق لأن فيه حلاً للمشكلات الزوجية عند الحاجة إليه، وبخاصة عند عدم الوفاق، وحلول البغضاء التي لا يتمكن الزوجان معها من إقامة حدود الله، واستمرار الحياة الزوجية، وهو بذلك من محاسن الدين الإسلامي.

المسألة الثانية: حكم الطلاق، وبيد من يكون؟
الأصل في الطلاق أن يكون جائزاً، مباحاً، عند الضرورة والحاجة إليه؛ كسوء خلق المرأة وسوء عشرتها، ويكره من غير حاجة إليه؛ لإزالته النكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها: من إعفاف نفسه، وطلب النسل، وغير ذلك.
ويحرم الطلاق في بعض الأحوال، كما سيأتي بيانه في الكلام على الطلاق البدعي، وقد يكون واجباً على الشخص؛ كما لو علم بفجور زوجته وتبين زناها، لئلا يكون ديوثاً، ولئلا تلحق به ولداً من غيره، وكذا لو كانت الزوجة غير مستقيمة في دينها، كما لو كانت تترك الصلاة، ولم يستطع تقويمها.

المسألة الثالثة: ألفاظ الطلاق:
وألفاظ الطلاق تنقسم إلى قسمين:
1 - ألفاظ صريحة:
وهي الألفاظ الموضوعة له، التي لا تحتمل غيره، وهي لفظ الطلاق وما تصرّف منه، من فعل ماض، مثل: طلّقتك، أو اسم فاعل، مثل: أنت طالق، أو اسم مفعول، مثل: أنت مطلقة. فهذه الألفاظ تدل على إيقاع الطلاق، دون الفعل المضارع أو الأمر، مثل: تطلقين واطلقي.

2 - ألفاظ كنائية:
وهي الألفاظ التي تحتمل الطلاق وغيره، مثل قوله لزوجته: أنت خلية، وبرية، وبائن، وحبلك على غاربك، والحقي بأهلك، ونحوها.

والفرق بين الألفاظ الصريحة وألفاظ الكناية في الطلاق: أن الصريحة يقع بها الطلاق ولو لم ينوه، سواء كان جادّاً أو هازلاً أو مازحاً؛ لقوله - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة). وأما الكناية فلا يقع بها طلاق، إلا إذا نواه نية مقارنة للفظه؛ لأن هذه الألفاظ تحتمل الطلاق وغيره، فلا يقع إلا بنيته، إلا إذا وجدت قرينة تدل على أنه نواه، فلا يصدق قوله.

المسألة الرابعة: طلاق السنة وحكمه:
أ- طلاق السّنّة:
يقصد بطلاق السنة: الطلاق الذي أذن فيه الشارع، وهو الواقع طبقاً لتعاليم الشريعة الإسلامية، ويكون ذلك بأمرين:
1 - عدد الطلاق. 2 - حال إيقاعه.
فالسنة إذا اضطر الزوج إلى الطلاق: أن يطلق طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، ويتركها فلا يتبعها طلاقاً آخر حتى تنقضي عدتها؛ لقوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} [الطلاق: 1]، أي: في الوقت الذي يشرعن فيه في استقبال العدة وهو الطهر، إذ زمن الحيض لا يحسب من العدة.
قال ابن عمر وابن عباس وجماعة في هذه الآية: الطهر من غير جماع.
ب- حكم طلاق السنة:
أجمع العلماء على أن طلاق السنة واقع؛ لقوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} [الطلاق: 1]، أي في زمن الطهر.

المسألة الخامسة: الطلاق البدعي وحكمه:
أ- الطلاق البدعي:
هو الطلاق الذي يوقعه الرجل على الوجه المحرم الذي نهى عنه الشارع، ويكون بأحد أمرين:
1 - عدد الطلاق. 2 - حال إيقاعه.
فإن طلقها ثلاثاً بلفظ واحد، أو متفرقات في طهر واحد، أو طلقها وهي حائض أو نفساء، أو طلقها في طهر جامعها فيه، ولم يتبيّن حملها، فإن هذا طلاق بدعيّ محرمٌ، منهيٌّ عنه شرعاً، وفاعله آثم.
فالطلاق البدعي في العدد يحرمها عليه حتى تنكح زوجاً غيره، لقوله تعالى: {فإن طلّقها فلا تحلّ له من بعد حتّى تنكح زوجاً غيره} [البقرة: 230]. -يعني الثالثة- والطلاق البدعي في الوقت يستحب له مراجعتها منه؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فأمره النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - بمراجعتها. وإذا راجعها وجب عليه إمساكها حتى تطهر، ثم إن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها.
ب- حكم الطلاق البدعي:
يحرم على الزوج أن يطلق طلاقاً بدعياً، سواء في العدد أو الوقت؛ لقوله تعالى: {الطّلاق مرّتان فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ} [البقرة: 229]، وقوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} [الطلاق: 1]، أي: طاهرات من غير جماع، ولأن ابن عمر رضي الله عنهما لما طلق زوجته وهي حائض، أمره النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - بمراجعتها.
ويقع الطلاق البدعي كالسّنيّ؛ لأن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - أمر ابن عمر بمراجعة زوجته، ولا تكون الرجعة إلا بعد وقوع الطلاق، وحينئذ تحسب هذه التطليقة من طلاقها.

المسألة السادسة: الرّجعة:
أ- تعريفها:
لغة: المرة من الرجوع. وشرعاً: إعادة زوجته المطلقة طلاقاً غير بائن إلى ما كانت عليه قبل الطلاق بدون عقد.

ب- مشروعيتها:
دلّ على مشروعية الرجعة الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: {وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ في ذلك إن أرادوا إصلاحاً} [البقرة: 228]، وقوله تعالى: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ} [البقرة: 231] أي بالرجعة.

وأما السنة: فحديث ابن عمر الماضي ذكره، وقول النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم -: (مره فليراجعها) وأجمع العلماء على أنّ من طلق دون الثلاث فإن له الرجعة في العدة.
ج- الحكمة منها:
الحكمة من الرجعة إعطاء الزوج الفرصة إذا ندم على إيقاع الطلاق وأراد استئناف العشرة الزوجية، فيجد الباب مفتوحاً أمامه، وهذا من رحمة الله -عز وجل- بعباده ولطفه بهم.

د- شروطها: تصح الرجعة بشروط، وهي:
1 - أن يكون الطلاق دون العدد الذي يملكه الزوج، وهو ثلاث تطليقات للحر واثنتان للعبد، فإن استوفى عدد الطلاق لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
2 - أن تكون المطلقة مدخولاً بها؛ لأن الرجعة لا تكون إلا في العدة وغير المدخول بها لا عدة عليها؛ لقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّةٍ تعتدّونها} [الأحزاب: 49].
3 - أن يكون الطلاق بغير عوض؛ لأن العوض في الطلاق جعل لتفتدي المرأة نفسها من الزوج، ولا يحصل لها ذلك مع الرجعة، فلا تحل إلا بعقد جديد برضاها.
4 - أن يكون النكاح صحيحاً، فلا رجعة إذا طلق في نكاح فاسد. فإذا لم يصح الزواج لم يصح الطلاق؛ لأنه فرعه، وإذا لم يصح الطلاق، لم تصح الرجعة.
5 - أن تكون الرجعة في العدة، لقوله تعالى: {وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ في ذلك} [البقرة: 228] أي: في العدة.
6 - أن تكون الرجعة منجزة، فلا تصح معلقة؛ كقوله: إذا حصل كذا فقد راجعتك.
هـ- بم تحصل الرجعة؟
1 - تحصل الرجعة باللفظ، كقوله: راجعت امرأتي، ورددتها، وأعدتها، وأمسكتها، ورجّعتها.
2 - وتحصل بوطء الزوجة إذا نوى بذلك رجعتها.
ومن أحكام الطلاق الرجعي:
1 - المطلقة طلاقاً رجعياً زوجة ما دامت في العدة، لها ما للزوجات من نفقة وكسوة ومسكن، وعليها ما عليهن من لزوم المسكن، ولها أن تتزين له، ويخلو بها ويطؤها، ويرث كل منهما صاحبه.
2 - لا يشترط في الرجعة رضا المرأة أو وليها، لقوله تعالى: {وبعولتهنّ أحقّ بردّهنّ في ذلك إن أرادوا إصلاحًا} [البقرة: 228].
3 - ينتهي وقت الرجعة بانتهاء العدة، وتعتد بثلاث حيض، فإذا طهرت الرجعية من الحيضة الثالثة ولم يرتجعها زوجها، بانت منه بينونة صغرى، فلم تحل له إلا بعقد جديد بشروطه: من ولي وشاهدي عدل.
4 - تعود الرجعية، والبائن التي تزوجها زوجها، على ما بقي لها من عدد الطلاق.
5 - فإذا استوفى ما يملك من عدد الطلاق فطلقها ثلاثاً، حرمت عليه، وبانت منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى يطأها زوج غيره، بنكاح صحيح). [الفقه الميسر: 312-317]