7 Feb 2015
الباب الثاني: في الربا
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف الربا وحكمه:
1 - تعريفه: الربا في اللغة: الزيادة.
وشرعاً: زيادة أحد البدلين المتجانسين من غير أن يقابل هذه الزيادة عوض.
2 - حكمه: الربا محرم في كتاب الله تعالى، قال جلّ شأنه: {وأحلّ اللّه البيع وحرّم الرّبا} [البقرة: 275]. وقال عز وجل: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين} [البقرة: 278].
وتوعّد سبحانه وتعالى المتعامل بالربا بأشد الوعيد، فقال تعالى: {الّذين يأكلون الرّبا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ} [البقرة: 275]، أي: لا يقومون من قبورهم عند البعث، إلا كقيام المصروع حالة صرعه؛ وذلك لتضخم بطونهم بسبب أكلهم الربا في الدنيا.
وعدّه رسول الله - صلّى
اللّه عليه وسلّم - من الكبائر، ولعن كلّ المتعاملين بالربا، على أيّ حالٍ
كانوا، فعن جابر - رضي الله عنه - قال: لعن رسول الله - صلّى اللّه عليه
وسلّم - آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: (هم سواء). وقد أجمعت الأمة على تحريمه.
المسألة الثانية: الحكمة في تحريمه:
التعامل بالربا يحمل
على حبّ الذات، والتكالب على جمع الأموال وتحصيلها من غير الطرق المشروعة،
وتحريمه رحمة بالعباد، فإن فيه أخذاً لأموال الآخرين بغير عوض؛ إذ المرابي
يأكل أموال الناس دون أن يستفيدوا شيئاً في مقابله، كما أنه يؤدي إلى تضخم
الأموال وزيادتها على حساب سلب أموال الفقراء، ويعوّد المرابي الكسل
والخمول، والابتعاد عن الاشتغال بالمكاسب المباحة النافعة.
كما أنّ فيه قطعاً
للمعروف بين الناس، وسداً لباب القرض الحسن، وتحكم طبقةٍ من المرابين
بأموال الأمة واقتصاد البلاد، وهو معصية عظيمة لله تعالى، وهو وإن زاد مال
المرابي فإن الله تعالى يمحق بركته، ولا يبارك فيه. قال تعالى: {يمحق اللّه الرّبا ويربي الصّدقات} [البقرة: 276].
المسألة الثالثة: أنواع الربا:
أولاً: ربا الفضل:
هو الزيادة في أحد البدلين الربويين المتفقين جنساً.
مثاله:
أن يشتري شخص من آخر ألف صاع من القمح بألفٍ ومائتي صاعٍ من القمح،
ويتقابض المتعاقدان العوضين في مجلس العقد. فهذه الزيادة، وهي مائتا صاع من
القمح، لا مقابل لها، وإنما هي فضل.
حكمه: حرّمت
الشريعة الإسلامية ربا الفضل في ستة أشياء: الذهب، والفضة، والبر،
والشعير، والتمر، والملح. فإذا بيع واحدٌ من هذه الأشياء الستة بجنسه حرمت
الزيادة والتفاضل بينهما؛ لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول
الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: (الذهب بالذهب،
والفضة بالفضة، والبرّ بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح
بالملح، مثلاً بمثل، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي
سواء). ويقاس على هذه الأشياء الستة ما شاركها في العلة، فيحرم فيه التفاضل.
فعلّة الربا في هذه الأشياء: الكيل والوزن، فيحرم التفاضل في كل مكيل وموزون.
ثانياً: ربا النسيئة:
هو الزيادة في أحد العوضين مقابل تأخير الدفع، أو تأخير القبض في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، ليس أحدهما نقداً.
مثاله:
أن يبيع شخصٌ ألف صاع من القمح، بألف ومائتي صاع من القمح لمدة سنة، فتكون
الزيادة مقابل امتداد الأجل، أو يبيع كيلو شعير بكيلو بر ولا يتقابضان.
حكمه: التحريم،
فإن النصوص الواردة في القرآن والسنة المحرمة للربا والمحذرة من التعامل
به، يدخل فيها هذا النوع من الربا دخولاً أولياً، وهذا هو الذي كان معروفاً
في الجاهلية، وهو الذي تتعامل به البنوك الربوية في هذا العصر.
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم -بعد أن ذكر الذهب والفضة-: (ولا تبيعوا منها غائباً بناجز) والناجز: الحاضر. وفي لفظٍ: (ما كان يداً بيد فلا بأس به، وما كان نسيئة فهو ربا).
المسألة الرابعة: صور لبعض المسائل الربوية:
يتبين لنا من خلال
تطبيق القاعدة الآتية وما اشتملت عليه، معرفة إن كانت المسألة من مسائل
الربا، أو هي من الصور المباحة. وهذه القاعدة هي: إذا بيع الربوي بجنسه، اشترط فيه شرطان:
1 - التقابض من الطرفين في مجلس العقد قبل أن يفترقا.
2 - التساوي بينهما بالمعيار الشرعي، المكيل بالمكيل، والموزون بالموزون.
أما إذا بيع الربوي بربوي من غير جنسه فليس بشرط، وإذا بيع الربوي بغير ربوي جاز التفاضل والتفرق قبل القبض.
وفيما يلي بعض الصور وأحكامها:
1- باع مائة جرام من الذهب، بمائة جرام من الذهب بعد شهر. هذا محرّم، وهو من الربا؛ لأنهما لم يتقابضا في المجلس.
2- اشترى كيلو جراماً من الشعير بكيلو جرام من البر، جاز لاختلاف الجنس، ويشترط التقابض في المجلس.
3- إذا باع خمسين كيلو جراماً من البر بشاة جاز مطلقاً، سواء تقابضا في المجلس أو لا.
4- باع مائة دولار، بمائة وعشرة دولارات. لا يجوز.
5- اقترض ألف دولار على أن يعيدها بعد شهر أو أكثر بألف ومائتي دولار.
لا يجوز.
6- باع مائة درهم من الفضة بعشرة جنيهات من الذهب، يدفعها بعد سنة.
لا يجوز؛ إذ لابد من التقابض يداً بيد.
7- لا يجوز بيع أو شراء أسهم البنوك الربوية، لأنها من باب بيع النقد بالنقد بغير تساوٍ ولا تقابض). [الفقه الميسر: 221-224]