7 Feb 2015
خامساً: كتاب الحج الباب الأول: في مقدمات الحج
ويشتمل على سبعة أبواب:
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في تعريف الحج
الحجّ في اللغة: القصد.
وفي الشرع: التعبد لله بأداء المناسك في مكان مخصوص في وقت مخصوص، على ما جاء في سنة رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم.
المسألة الثانية: حكم الحج وفضله
1 - حكم الحج: الحج أحد أركان الإسلام وفروضه العظام، لقوله تعالى: {وللّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلًا ومن كفر فإنّ اللّه غنيٌّ عن العالمين} [آل عمران: 97]. ولقوله تعالى: {وأتمّوا الحجّ والعمرة للّه} [البقرة: 196].
ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: (بني الإسلام على خمس ... )، وذكر منها الحج.
وقد أجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع مرة واحدة في العمر.
2 - فضله: ورد في فضل الحج أحاديث كثيرة، منها:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). وقال صلّى اللّه عليه وسلّم : (من حج لله، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه). إلى غير ذلك من الأحاديث.
المسألة الثالثة: هل يجب الحج في العمر أكثر من مرة؟
لا يجب الحج في العمر إلا مرة واحدة وما زاد على ذلك فهو تطوع؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (أيها الناس! قد فرض الله عليكم الحج فحجوا)، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فقال: (لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم)
، ولأن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لم يحج بعد هجرته إلى المدينة إلا حجة
واحدة. وقد أجمع العلماء على أن الحج لا يجب على المستطيع إلا مرة واحدة.
وعليه أن يبادر بأدائه إذا تحققت شروطه، ويأثم بتأخيره لغير عذر؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (تعجلوا إلى الحج؛ فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له). وقد روي مرفوعاً وموقوفاً، من طرق يقوّي بعضها بعضاً: (من استطاع الحج فلم يحج، فليمت إن شاء يهودياً، وإن شاء نصرانياً).
المسألة الرابعة: شروط الحج
يشترط لوجوب الحج خمسة شروط:
1 - الإسلام: فلا يجب الحج على الكافر ولا يصح منه؛ لأن الإسلام شرط لصحة العبادة.
2 - العقل:
فلا يجب الحج على المجنون ولا يصح منه في حال جنونه؛ لأن العقل شرط
للتكليف، والمجنون ليس من أهل التكليف، ومرفوع عنه القلم، حتى يفيق، كما في
حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق).
3 - البلوغ: فلا يجب الحج على الصبي؛ لأنه ليس من أهل التكليف ومرفوع عنه القلم حتى يبلغ للحديث الماضي: (رفع القلم عن ثلاثة ... )،
لكن لو حج فحجه صحيح، وينوي له وليه إذا لم يكن مميزاً، ولا يكفيه عن حجة
الإسلام، بلا خلاف بين أهل العلم؛ لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن
امرأة رفعت صبياً فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: (نعم ولك أجر).
ولقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : (أيما صبيٍّ حج ثم بلغ، فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم عتق، فعليه حجة أخرى).
4 - الحرية:
فلا يجب الحج على العبد؛ لأنه مملوك لا يملك شيئاً، لكن لو حج صحّ حجه إن
كان بإذن سيده. وقد أجمع أهل العلم على أن المملوك إذا حج في حال رقه، ثم
أعتق، فعليه حجة الإسلام، إذا وجد إلى ذلك سبيلاً، ولا يجزئ عنه ما حجّ في
حال رقه؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الماضي ذكره: (وأيما عبد حج ثم عتق، فعليه حجة أخرى).
5 - الاستطاعة: لقوله تعالى: {وللّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلًا} [آل عمران: 97].
فغير المستطيع مالياً، بأن كان لا يملك زاداً يكفيه ويكفي من يعوله، أو
كان لا يملك راحلة توصله إلى مكة وترده. أو بدنياً بأن كان شيخاً كبيراً،
أو مريضاً ولا يتمكن من الركوب وتحمل مشاق السفر، أو كان الطريق إلى الحج
غير آمن، كأن يكون به قطاع طرق، أو وباء، أو غير ذلك مما يخاف الحاج معه
على نفسه وماله، فإنه لا يجب عليه الحج حتى يستطيع، وقد قال تعالى: {لا يكلّف اللّه نفسًا إلّا وسعها} [البقرة: 286] والاستطاعة
من الوسع الذي ذكره الله، ومن الاستطاعة في حج المرأة: وجود المحرم الذي
يرافقها في سفر الحج؛ لأنه لا يجوز لها السفر للحج ولا لغيره بدون محرم؛
لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: (لا يحل لامرأة تؤمن
بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً إلا ومعها
أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها) ، ولقوله صلّى اللّه عليه وسلّم للرجل الذي قال: إن امرأتي خرجت حاجّة، وإني اكتتبت في غزوة كذا: (انطلق فحج معها). فإذا حجت بدون محرم فحجها صحيح، وتكون آثمة.
المسألة الخامسة: حكم العمرة وأدلة ذلك
تجب العمرة على المستطيع مرة واحدة في العمر؛ لقوله تعالى: {وأتمّوا الحجّ والعمرة للّه} [البقرة: 196]، ولقول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لعائشة لما سألته: هل على النساء جهاد؟ قال: (نعم عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة) ، ولقوله صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي رزين لما سأله أن أباه لا يستطيع الحج، ولا العمرة، ولا الظعن. قال: (حج عن أبيك واعتمر).
وأركانها ثلاثة: الإحرام، والطواف، والسعي.
المسألة السادسة: مواقيت الحج والعمرة
الميقات لغة: هو الحد. وشرعاً: هو موضع العبادة أو زمنها، فتنقسم المواقيت إلى: زمانية ومكانية.
أما المواقيت الزمانية للحج والعمرة:
فالعمرة يجوز أداؤها في جميع أوقات السنة.
وأما الحج فله أشهر معلومات لا يصح شيء من أعمال الحج إلا فيها؛ لقوله تعالى: {الحجّ أشهرٌ معلوماتٌ} [البقرة: 197]، وهي شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.
وأما المواقيت المكانية
للحج والعمرة: فهي الحدود التي لا يجوز للحاج والمعتمر أن يتجاوزها إلا
بإحرام. وقد بيّنها رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث ابن عباس رضي
الله عنهما قال: (وقّت رسول الله صلّى اللّه عليه
وسلّم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن
المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد
الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة).
فمن تعدى هذه المواقيت بدون إحرام وجب عليه الرجوع إليها إن أمكن، وإن لم
يتمكن من الرجوع فعليه فدية، وهي شاة يذبحها في مكة، ويوزّعها على مساكين
الحرم.
أما من كانت منازلهم دون المواقيت، فإنهم يحرمون من أماكنهم؛ لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث السابق: (ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ) ). [الفقه الميسر: 171-175]