الباب الثاني: الأذان، والإقامة
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف الأذان والإقامة، وحكمهما
أ- تعريف الأذان والإقامة:
الأذان لغة: الإعلام. قال تعالى: {وأذانٌ من اللّه ورسوله}[التوبة: 3]. أي إعلام.
وشرعاً: الإعلام بدخول وقت الصلاة بذكر مخصوص.
والإقامة لغة هي: مصدر أقام، وحقيقته إقامة القاعد.
وشرعاً: الإعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص ورد به الشارع.
ب- حكمهما:
الأذان والإقامة مشروعان في حق الرجال للصلوات الخمس دون غيرها، وهما من
فروض الكفايات إذا قام بهما من يكفي سقط الإثم عن الباقين؛ لأنهما من شعائر
الإسلام الظاهرة، فلا يجوز تعطيلهما.
المسألة الثانية: شروط صحتهما
1 - الإسلام: فلا يصحان من الكافر.
2 - العقل: فلا يصحان من المجنون والسكران وغير المميز، كسائر العبادات.
3 - الذكورية: فلا يصحان من المرأة للفتنة بصوتها، ولا من الخنثى لعدم العلم بكونه ذكراً.
4 - أن يكون الأذان في وقت الصلاة: فلا يصح قبل دخول وقتها، غير الأذان الأول للفجر والجمعة، فيجوز قبل الوقت، وأن تكون الإقامة عند إرادة القيام للصلاة.
5 - أن يكون الأذان مرتباً متوالياً: كما وردت بذلك السنة، وكذا الإقامة، وسيأتي بيانه في الكلام على صفة الأذان والإقامة.
6 - أن يكون الأذان، وكذا الإقامة، باللغة العربية وبالألفاظ التي وردت بها السنة.
المسألة الثالثة: في الصفات المستحبة في المؤذن
1 - أن يكون عدلاً أميناً؛ لأنه مؤتمن يرجع إليه في الصلاة والصيام، فلا يؤمن أن يغرهم بأذانه إذا لم يكن كذلك.
2 - أن يكون بالغاً عاقلا، ويصح أذان الصبيّ المميز.
3 - أن يكون عالماً بالأوقات ليتحراها فيؤذن في أولها، لأنه إن لم يكن عالماً ربما غلط أو أخطأ.
4 - أن يكون صيّتاً(1) ليسمع الناس.
5 - أن يكون متطهراً من الحدث الأصغر والأكبر.
6 - أن يؤذن قائماً مستقبل القبلة.
7 - أن يجعل أصبعيه في أذنيه، وأن يدير وجهه على يمينه إذا قال: حيّ على الصلاة، وعلى يساره إذا قال: حيّ على الفلاح.
8 - أن يترسل في الأذان أي يتمهل، ويحدر الإقامة أي يسرع فيها.
المسألة الرابعة: في صفة الأذان والإقامة
كيفية الأذان
والإقامة: ولهما كيفيات وردت بها النصوص النبوية، ومنها ما جاء في حديث أبي
محذورة، أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم علمه الأذان بنفسه، فقال:
(تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا
الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً
رسول الله، حيّ على الصلاة، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على
الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله).
وأما صفة الإقامة
فهي: (الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول
الله، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة،
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)؛ لحديث أنس - رضي الله عنه -قال: (أمر بلالٌ أن يشفع الأذان، وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة). فتكون كلمات الأذان مرتين مرتين، وكلمات الإقامة مرة مرة، إلا في قوله: (قد قامت الصلاة) فتكون مرتين؛ للحديث الماضي.
فهذه صفة الأذان
والإقامة المستحبة؛ لأن بلالاً كان يؤذن به حضراً وسفراً مع رسول الله صلّى
اللّه عليه وسلّم إلى أن مات. وإن رجع في الأذان(2)، أو ثنّى الإقامة، فلا بأس؛ لأنه من الاختلاف المباح. ويستحب أن يقول في أذان الصبح بعد حيّ على الفلاح: الصلاة خير من النوم(3) مرتين؛ لما روى أبو محذورة أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال له: (إن كان في أذان الصبح قلت: الصلاة خير من النوم).
المسألة الخامسة: ما يقوله سامع الأذان، وما يدعو به بعده
يستحب لمن سمع الأذان أن يقول مثل ما يقول المؤذن؛ لحديث أبي سعيد أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن).
إلا في الحيعلتين، فيشرع لسامع الأذان أن يقول: "لا حول ولا قوة إلا
بالله" عقب قول المؤذن: حيّ على الصلاة، وكذا عقب قوله: حيّ على الفلاح؛
لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك.
وإذا قال المؤذن في صلاة الصبح: الصلاة خير من النوم، فإن المستمع يقول مثله، ولا يسنّ ذلك عند الإقامة.
ثم يصلي على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، ثم يقول: "اللهم ربّ هذه الدعوة التامّة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته"). [الفقه الميسر: 45-47]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أي: قويَّ الصوت.
(2) الترجيع: الترديد، بمعنى أنه يخفض صوته في الشهادتين، ثم يعيدهما برفع الصوت، كما أخرجه أبو داود برقم (503).
(3) وهو التثويب، من ثاب يثوبُ:
إذا رجع، فالمؤذن حين يقول هذه الجملة في صلاة الصبح، فهو رجوع منه إلى
كلام فيه الحث على المبادرة إلى الصلاة.