الدروس
course cover
الباب الأول: في أحكام الطهارة والمياه
6 Feb 2015
6 Feb 2015

6794

0

0

course cover
فقه العبادات من الفقه الميسّر

كتاب الطهارة ق1

الباب الأول: في أحكام الطهارة والمياه
6 Feb 2015
6 Feb 2015

6 Feb 2015

6794

0

0


0

0

0

0

0


أولاً: كتاب الطهارة
ويشتمل على عشرة أبواب

الباب الأول: في أحكام الطهارة والمياه



وفيه عدة مسائل:
المسألة الأولى: في التعريف بالطهارة، وبيان أهميتها، وأقسامها:
1 - أهمية الطهارة وأقسامها: الطهارة هي مفتاح الصلاة، وآكد شروطها، والشرط لابد أن يتقدم على المشروط.
والطهارة على قسمين:
القسم الأول: طهارة معنوية وهي طهارة القلب من الشرك والمعاصي وكل ما ران عليه، وهي أهم من طهارة البدن، ولا يمكن أن تتحقق طهارة البدن مع وجود نجس الشرك كما قال تعالى: {إنّما المشركون نجسٌ} [التوبة: 28].
القسم الثاني: الطهارة الحسية، وسيأتي تفصيل القول فيها في الأسطر التالية.
2 - تعريفها: وهي في اللغة: النظافة، والنزاهة من الأقذار.
وفي الاصطلاح: رفع الحدث، وزوال الخبث.(1)
والمراد بارتفاع الحدث: إزالة الوصف المانع من الصلاة باستعمال الماء في جميع البدن، إن كان الحدث أكبر، وإن كان حدثاً أصغر يكفي مروره على أعضاء الوضوء بنية، وإن فقد الماء أو عجز عنه استعمل ما ينوب عنه، وهو التراب، على الصفة المأمور بها شرعاً. وسيأتي ذكرها إن شاء الله في باب التيمم.
والمراد بزوال الخبث: أي: زوال النجاسة من البدن والثوب والمكان.
فالطهارة الحسية على نوعين: طهارة حدث وتختص بالبدن، وطهارة خبث، وتكون في البدن، والثوب، والمكان.
والحدث على نوعين: حدث أصغر، وهو ما يجب به الوضوء، وحدث أكبر، وهو ما يجب به الغسل.
والخبث على ثلاثة أنواع: خبث يجب غسله، وخبث يجب نضحه، وخبث يجب مسحه.

المسألة الثانية: الماء الذي تحصل به الطهارة:
الطهارة تحتاج إلى شيء يتطهر به، يزال به النجس ويرفع به الحدث وهو الماء، والماء الذي تحصل به الطهارة هو الماء الطّهور، وهو: الطاهر في ذاته المطهر لغيره، وهو الباقي على أصل خلقته، أي: على صفته التي خلق عليها، سواء كان نازلاً من السماء: كالمطر وذوب الثلوج والبرد، أو جارياً في الأرض: كماء الأنهار والعيون والآبار والبحار.
لقوله تعالى: {وينزّل عليكم من السّماء ماءً ليطهّركم به} [الأنفال: 11]. ولقوله تعالى: {وأنزلنا من السّماء ماءً طهورًا} [الفرقان: 48].
ولقول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: (اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد).
ولقوله صلّى اللّه عليه وسلّم عن ماء البحر: (هو الطهور ماؤه، الحلّ ميتته)
ولا تحصل الطهارة بماء غير الماء كالخل والبنزين والعصير والليمون، وما شابه
ذلك؛ لقوله تعالى: {فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيدًا طيّبًا} [المائدة: 6] فلو كانت الطهارة تحصل بماء غير الماء لنقل عادم الماء إليه، ولم ينقل إلى التراب.

المسألة الثالثة: الماء إذا خالطته نجاسة:
الماء إذا خالطته نجاسة فغيّرت أحد أوصافه الثلاثة -ريحه، أو طعمه، أو لونه- فهو نجس بالإجماع لا يجوز استعماله، فلا يرفع الحدث، ولا يزيل الخبث سواء كان كثيراً أو قليلاً أما إن خالطته النجاسة ولم تغير أحد أوصافه: فإن كان كثيراً لم ينجس وتحصل الطهارة به، وأما إن كان قليلاً فينجس، ولا تحصل الطهارة به. وحدّ الماء الكثير ما بلغ قلتين فأكثر (2)، والقليل ما دون ذلك.
والدليل على ذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) ، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث).

المسألة الرابعة: الماء إذا خالطه طاهر:
الماء إذا خالطته مادة طاهرة، كأوراق الأشجار أو الصابون أو الأشنان(3) أو السدر أو غير ذلك من المواد الطاهرة، ولم يغلب ذلك المخالط عليه، فالصحيح أنه طهور يجوز التطهر به من الحدث والنجاسة، لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وإن كنتم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحدٌ منكم من الغائط أو لامستم النّساء فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيدًا طيّبًا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} [النساء: 43].
فلفظ الماء في الآية نكرة في سياق النفي، فيعم كل ماء. لا فرق بين الماء الخالص والمخلوط.
ولقوله صلّى اللّه عليه وسلّم للنسوة اللاتي قمن بتجهيز ابنته: (اغسلنها ثلاثاً أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً، أو شيئاً من كافور).

المسألة الخامسة: حكم الماء المستعمل في الطهارة:
الماء المستعمل في الطهارة كالماء المنفصل عن أعضاء المتوضئ والمغتسل طاهر مطهر لغيره على الصحيح، يرفع الحدث ويزيل النجس، ما دام أنه لم يتغير منه أحد الأوصاف الثلاثة: الرائحة والطعم واللون.
ودليل طهارته: (أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه)، ولأنه صلّى اللّه عليه وسلّم صبّ على جابر من وضوئه إذ كان مريضاً. ولو كان نجساً لم يجز فعل ذلك، ولأن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه ونساءه كانوا يتوضؤون في الأقداح والأتوار (4) ، ويغتسلون في الجفان (5)، ومثل هذا لا يسلم من رشاش يقع في الماء من المستعمل، ولقوله صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي هريرة وقد كان جنباً: (إن المؤمن لا ينجس). وإذا كان كذلك فإن الماء لا يفقد طهوريته بمجرد مماسته له.

المسألة السادسة: أسار الآدميين وبهيمة الأنعام:
السّؤر: هو ما بقي في الإناء بعد شرب الشارب منه، فالآدمي طاهر، وسؤره طاهر، سواء كان مسلماً أو كافراً، وكذلك الجنب والحائض، وقد ثبت أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (المؤمن لا ينجس). وعن عائشة: أنها كانت تشرب من الإناء وهي حائض، فيأخذه رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم، فيضع فاه على موضع فيها.
وقد أجمع العلماء على طهارة سؤر ما يؤكل لحمه من بهيمة الأنعام وغيرها.
أما ما لا يؤكل لحمه كالسباع والحمر وغيرها فالصحيح: أن سؤرها طاهر، ولا يؤثر في الماء، وبخاصة إذا كان الماء كثيراً.
أما إذا كان الماء قليلاً وتغيّر بسبب شربها منه، فإنه ينجس.
ودليل ذلك: الحديث السابق، وفيه: أنه صلّى اللّه عليه وسلّم سئل عن الماء، وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)، وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم في الهرة وقد شربت من الإناء: (إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات)، ولأنه يشق التحرز منها في الغالب. فلو قلنا بنجاسة سؤرها، ووجوب غسل الأشياء، لكان في ذلك مشقة، وهي مرفوعة عن هذه الأمة.
أما سؤر الكلب فإنه نجس، وكذلك الخنزير.
أما الكلب: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ (6) فيه الكلب، أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب).
وأما الخنزير: فلنجاسته، وخبثه، وقذارته، قال الله تعالى: {فإنّه رجسٌ} [الأنعام: 145]). [الفقه الميسر: 1-5]


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحَدَثُ: هو وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة ونحوها مما يشترط له الطهارة. وهو نوعان: حدث أصغر؛ وهو الذي يقوم بأعضاء الوضوء كالخارج من السبيلين من بول وغائط، ويرتفع هذا بالوضوء، وحدث أكبر؛ وهو الذي يقوم بالبدن كله، كالجنابة، وهذا يرتفع بالغسل. وعلى هذا فطهارة الحدث: كبرى؛ وهي الغسل، وصغرى، وهي الوضوء، وبدل منهما عند تعذرهما؛ وهو التيمم. انظر: الشرح الممتع (1/ 19)، الفقه الإسلامي وأدلته (1/ 238). والخبث: النجاسة، وسيأتي بيانها.
(2) القلة هي الجرة، جمعهِا قُلل وقلال. وهي تساوي ما يقارب 93.075 صاعاً= 160.5 لترا من الماء، والقلتان خمس قرب تقريبا.
(3) معرَّب، وهو حمض تغسل به الأيدي، ويقال له بالعربية: الحُرْضُ، ويقال بكسر الألف أيضاً.
(4) جمع تَوْر، وهو: إناء يشرب فيه.
(5) واحدتها: جَفنَة، وهي كالقصعة.
(6) وَلَغَ: شرب منه بلسانه.