علم المعاني
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (علْمُ المعانِي
هوَ علْمٌ يُعرفُ بهِ أحوالُ اللفظِ العربيِّ التي بها يُطَابِقُ مُقْتَضَى الحالِ، فتَختلِفُ صُوَرُ الكلامِ لاختلافِ الأحوالِ.
مثالُ ذلكَ: قولُه تعالى:{وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}،
فإنَّ ما قَبْلَ (أمْ) صورةٌ من الكلامِ تُخالِفُ صورةَ ما بعدَها؛ لأنَّ
الأُولى فيها فعْلُ الإرادةِ مبنيٌّ للمجهولِ، والثانيةَ فيها فِعْلُ
الإرادةِ مبنيٌّ للمعلومِ، والحالُ الداعي لذلكَ نسبةُ الخيرِ إليهِ
سبحانَهُ في الثانيةِ، ومَنْعُ نِسبةِ الشرِّ إليه في الأُولى).
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (عِلْمُ المَعَـــانِي (1)
هو عِلْمٌ (2) يُعْرَفُ بهِ (3) أحوالُ اللفظِ العربيِّ (4) التي بها (5) يُطَابِقُ (6) مُقْتَضَى الحالِ (7) فَتَخْتَلِفُ صورُ الكلامِ (8) لاخْتِلاَفِ الأَحوالِ (9).
مِثالُ ذلكَ قولُهُ تعالى: {وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} فَإِنَّ مَا قبلَ (أمْ) صورةٌ من الكلامِ تُخَالِفُ صورةَ ما بعدَهَا؛ لأَنَّ الأُولَى فيها فِعْلُ الإرادةِ مَبْنِيٌّ للمجهولِ (10)، والثانيةَ فيها فِعْلُ الإرادةِ مَبْنِيٌّ للمعلومِ (11)، والحالُ الداعي لذلكَ (12) نِسْبَةُ الخيرِ إليهِ سبحانَهُ وتعالى في (13) الثانيةِ، وَمَنْعُ نِسْبَةِ الشَّرِّ إليهِ (14) في (15) الأُولَى (16).
وَيَنْحَصِرُ الكلامُ هنا (17) على هذا العِلْمِ (18) في سِتَّةِ أبوابٍ (19).
________________________________
قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ( ( 1 ) (عِلْمُ المَعَانِي) هذا هو أوَّلُ علومِ البلاغةِ الثلاثةِ.
( 2) (هو عِلْمٌ) أي: مَلَكَةٌ، يَعْنِي: كَيْفِيَّةً وَصِفَةً رَاسِخَةً مِن العِلْمِ.
( 3) (يُعْرَفُ بِهِ) أيْ: يُمْكِنُ أنْ يُعْرَفَ معرفةً تصديقيَّةً، ( بسببِهِ
) يعني: بسببِ تلكَ المَلَكَةِ، فليسَ المرادُ بالمعرفةِ المعرفةَ
التصورِيَّةَ ولا التصديقيَّةَ بالفِعْلِ، ويجوزُ أنْ يُرَادَ بالعلمِ نفسُ
الأصولِ والقواعدِ المعلومةِ, فَيُقَدَّرُ مضافٌ فِي قولِهِ بهِ, أي:
بسببِ عِلْمِ تلكَ الأصولِ والقواعدِ؛ لأَنَّ الأصولَ نفسَهَا لا تَصِيرُ
سَبَباً فِي المعرفةِ إلا بعدَ حصولِ المَلَكَةِ.
( 4) (أحوالُ اللفظِ العَرَبِيِّ) أَعَمُّ مِن
أنْ تكونَ أحوالَ مفردٍ كالمسندِ والمسندِ إليهِ، أو أحوالَ جُمْلَةٍ
كالفصلِ والوَصْلِ والإيجازِ والإطنابِ والمساواةِ، فإنَّهَا قد تكونُ
أحوالاً للجملةِ.
( 5) (التي بها) أي: بسببِ الأحوالِ.
( 6) (يُطَابِقُ) أي: اللفظُ، فالصلةُ جاريةٌ على غيرِ مَن هِيَ لهُ, ولمْ يَبْرُزْ جَرْياً على مذهبِ الكوفيينَ.
( 7) (مُقْتَضَى الحالِ) أي: صورةٌ مخصوصَةٌ.
وحاصلُ معنى هذا التعريفِ أنَّهُ عِلْمٌ يُعْرَفُ بسببِهِ هذه الأحوالُ, لا
مِن حيثُ ذاتُهَا, بلْ مِن حيثُ إنَّهُ يُحْكَمُ على كلِّ فَرْدٍ منها
بأنَّها تَدْعُو المُتَكَلِّمَ إلى أنْ يُورِدَ كلامَهُ مُشْتَمِلاً على
خصوصيةٍ ما، تُسَمَّى مُقْتَضَى الحالِ.
هذا وإضافةُ الأحوالِ للفظٍ للاستغراقِ العُرْفِيِّ أي: جميعِ الأحوالِ
التي تَرِدُ علينا, لا الحقيقيِّ؛ لأَنَّ الأحوالَ لا نهايةَ لها،
فَيَسْتَحِيلُ وجودُهَا، وَيَسْتَحِيلُ مَعْرِفَتُهَا، فلا يُعَدُّ الشخصُ
عالِماً بعلمِ المعاني إلا إذا كانتْ له مَلَكَةٌ يَعْرِفُ بها جميعَ
الأحوالِ التي تَرِدُ علينا، وأمَّا إذا كانتْ له مَلَكَةٌ يَعْرِفُ بها
حالاًواحداًأو حالَيْنِ مثلاًفلا يُسَمَّى عالِماً بهِ. وخَرَجَ بهذهِ
الإضافةِ أحوالُ ما سِوَى اللفْظِ، فليسَ البحثُ عنها من هذا العِلْمِ
كأحوالِ الموجوداتِ والمعاني وأفعالِ المُكَلَّفِ، وخَرَجَ بقولِهِ: ( التي بها.... إلخ)
أحوالُ اللفظِ التي ليستْ بهذه الصفةِ كأحوالِهِ مِن جهةِ كَوْنِهِ حقيقةً
أو مجازاً، فالبحثُ عنها فِي عِلْمِ البيانِ وأحوالِهِ مِن جهةِ أنَّهُ
مُحَسَّنٌ بِمُحَسِّنَاتٍ، فالبحثُ عنها فِي عِلْمِ البديعِ وهكذا.
( 8) (فَتَخْتَلِفُ صورةُ الكلامِ) أي: الصِّوَرُ المخصوصاتُ التي يُورَدُ عليها الكلامُ، وَتُسَمَّى مُقْتَضَيَاتِ الأحوالِ بالفتحِ.
( 9 ) (لاخْتِلاَفِ الأحوالِ) أي: لاختلافِ الأحوالِ المُقْتَضِيَةِ لَهَا (مثالُ ذلكَ قولُهُ تَعَالَى: {وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} فإنَّ ما قبلَ (أَمْ) صورةٌ مِن الكلامِ تُخالِفُ صورةَ ما بعدَهَا؛ لأَنَّ) الصورةَ.
( 10) (الأُولَى فيها فِعْلُ الإرادةِ مَبْنِيٌّ للمجهولِ) أي: حُذِفَ الفاعلُ؛ إذ الأصلُ: أَشَرٌّ أَرَادَهُ اللهُ بِمَن فِي الأرْضِ.
( 11) (و) الصورةُ (الثانيةُ فيها فِعْلُ الإرادةِ مَبْنِيٌّ للمعلومِ) أي: إبقاءُ الفاعلِ من غيرِ حَذْفٍ.
( 12 ) (والحالُ الداعِي لذلِكَ) أي: المذكورُ مِن الصورتَيْنِ المتخالفتَيْنِ.
( 13 ) (نسبةُ الخيرِ إليهِ سبحانَهُ وتعالى فِي) الصورةِ.
( 14 ) (الثانيةِ، ومَنْعُ نسبةِ الشرِّ إليهِ) أي: إلى اللهِ تعالى
( 15 ) (في) الصورةِ
( 16 ) (الأولى) ويُؤْخَذُ مِن هذا التعريفِ
أنَّ موضوعَ هذا العلمِ اللفظُ العَرَبِيُّ مِن حيثُ اشتمالُهُ على تلكَ
الخصوصياتِ التي بها يُطَابِقُ مُقْتَضَى الحالِ.
وأَمَّا وَاضِعُهُ؛ فقيلَ: هو الشيخُ الإمامُ أبو بكرٍ عبدُ القاهرِ بنُ
عبدِ الرحمنِ الجُرْجَانِيُّ المُتَوَفَّى سنةَ 471 حيثُ دَوَّنَ كتابَيْهِ
(أسرارِ البلاغةِ) وَ(دلائلِ الإعجازِ)، نَعَمْ قد أَثَّرَ فيهِ نُبَذٌ عن
بعضِ البُلَغَاءِ قبلَهُ كالجاحظِ فِي إعجازِ القرآنِ، وابنِ قُتَيْبَةَ
فِي كتابِهِ (الشعرِ والشعراءِ)، والمُبَرَّدِ فِي كتابِهِ (الكاملِ) لكنْ
لم يَبْرُزْ صالحاً لأنْ يكونَ عِلْماً إلا على يدِ عبدِ القاهرِ
الجُرْجَانِيِّ.
( 17 ) (وَيَنْحَصِرُ الكلامُ هنا) أي: فِي هذا الكتابِ
( 18 ) (على هذا العِلْمِ) أي: عِلْمِ المعانِي
( 19 ) (في ستةِ أبوابٍ) مِن حَصْرِ الكُلِّ فِي
أجزائِهِ؛ لأَنَّ الكلامَ لفظٌ, وهو كلٌّ، والأبوابُ المُنْحَصِرُ فيها
ألفاظٌ، ضَرُورَةَ أنَّها تراجمُ، وهِيَ أجزاءٌ لذلكَ الكُلِّ، ودليلُ
الحصرِ الاستقراءُ. وقد يُقَالُ: الكلامُ إمَّا خبرٌ أو إنشاءٌ، فهذا هو
البابُ الأوَّلُ، والخبرُ لاَ بُدَّ له مِن مُسْنَدٍ ومُسْنَدٍ إليهِ، وقدْ
يكونُ لِكُلٍّ منهما متعلقاتٌ، وكلٌّ مِن المُسْنَدَيْنِ ومِن
مُتَعَلِّقَاتِهِمَا يَطْرَأُ عليهِ الحَذْفُ والذِّكْرُ, وهذا هو البابُ
الثاني، أو التقديمُ والتأخيرُ, وهذا هو البابُ الثالثُ.
ثم الرابطُ بينَ المسندَيْنِ والمتعلِّقَيْنِ - أَعْنِي الإسنادَ
والتَّعَلُّقَ - إمَّا بقَصْرٍ أو بغيرِ قَصْرٍ, وهذا هو البابُ الرابعُ.
ثم الجملةُ إنْ قُرِنَتْ بِأُخْرَى، فَإمَّا أنْ تكونَ الثانيةُ معطوفةً
على الأُولَى أو لا، وهما الفَصْلُ والوَصْلُ، وهذا هو البابُ الخامِسُ،
ثمَّ الكلامُ البليغُ إمَّا زائدٌ على أَصْلِ المرادِ لفائدةٍ أو لا، وهذا
هو البابُ السادِسُ).
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (عِلْـمُ المعانــي
(هو عِلْمٌ يُعرَفُ به أحوالُ اللفظِ (1) العربيِّ التي بها يطابقُ مقْتَضَى الحالِ، فتَختَلِفُ صُوَرُ الكلامِ لاختلافِ الأحوالِ (2). مثالُ ذلكَ (3) قولُهُ تعالى: {وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}.
فإنَّ ما قَبْلَ (أَمْ) صورةٌ من الكلامِ تُخالِفُ
صورةَ ما بعدَها؛ لأنَّ الأُولى فيها فعْلُ الإرادةِ مبنيٌّ للمجهولِ،
والثانيةُ فيها فعْلُ الإرادةِ مبنيٌّ للمعلومِ، والحالُ الداعي لذلكَ
نِسبةُ الخيرِ إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في الثانيةِ، ومَنْعُ نِسبةِ
الشرِّ إليهِ في الأولى. ويَنحصِرُ الكلامُ هنا على هذا العلْمِ في ستَّةِ
أبوابٍ).(دروس البلاغة)
_________________________
قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ((1) قولُه: (أحوالُ اللفظِ)،
أي: صُوَرُه المخصوصةُ الجزئيَّةُ، كالتأكيدِ وعدَمِه، والإطنابِ،
والإيجازِ، وحذْفِ المسنَدِ إليه وذِكْرُه، فهو جمْعُ حالٍ بمعنى الصورةِ
لا بمعنى الأمرِ الحاملِ للمتكلِّمِ إلخ، كما مَرَّ فافْهَمْ.
(2) قولُه: (لاختلافِ الأحوالِ)، جمْعُ حالٍ
بمعنى الأمْرِ الحاملِ للمتكلِّمِ على أن يُورِدَ عبارتَه على صورةٍ
مخصوصةٍ كما مَرَّ، لا بمعنى الصورةِ كما لا يَخفَى.
(3) قولُه: (مثالُ ذلكَ)، أي: الاختلافُ المذكورُ).
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (علْمُ المعانِي
هوَ علْمٌ يُعرفُ بهِ أحوالُ
اللفظِ العربيِّ التي بها يُطَابِقُ مُقْتَضَى الحالِ، فتَختلِفُ صُوَرُ
الكلامِ لاختلافِ الأحوالِ. مثالُ ذلكَ قولُه تعالى: {وَأَنَّا لاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}،
فإنَّ ما قَبْلَ (أمْ) صورةٌ من الكلامِ تُخالِفُ صورةَ ما بعدَها؛ لأنَّ
الأُولى فيها فعْلُ الإرادةِ مبنيٌّ للمجهولِ، والثانيةَ فيها فِعْلُ
الإرادةِ مبنيٌّ للمعلومِ، والحالُ الداعي لذلكَ نسبةُ الخيرِ إليهِ
سبحانَهُ وتعالى في الثانيةِ، ومَنْعُ نِسبةِ الشرِّ إليه في الأُولى.
وينحصرُ الكلامُ هنا على هذا العلمِ في ستَّةِ أبوابٍ).( دروس البلاغة الصغرى)
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (عِلْمُ المعانِي
هُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بهِ أحوالُ اللفظِ العربيِّ: أيْ هوَ عِلْمٌ يُسْتَنْبَطُ بهِ إدراكُ كلِّ فَرْدٍ فردٍ منْ جزئيَّاتِ أحوالِ اللفظِ العربيِّ كما يَدُلُّ عليهِ التعبيرُ بِـ يُعْرَفُ، وإنَّما
خَصَّ اللفظَ بالعربيِّ؛ لأنَّ الصناعةَ لمْ تُوضَعْ إلَّا لمعْرِفَةِ
أحوالِه، لكنْ لا مُطْلَقًا بلْ منْ حيثُ إنَّها التي بها يُطَابِقُ اللفظُ
مُقْتَضَى الحالِ،
فخَرَجَ بذلكَ عِلْمُ البيانِ؛ لأنَّ الأمورَ المذكورةَ فيهِ منْ تحقيقِ
الْمَجَازِ بأنواعِه والكنايةِ ونحوِهما لم تُذْكَرْ فيهِ منْ حيثُ إنَّهُ
يُطابِقُ بها اللفظُ مُقْتَضَى الحالِ، بلْ منْ حيثُ ما يُقْبَلُ منها وما
لا يُقْبَلُ.
وخرَجَ بذلكَ أيضًا الْمُحَسِّنَاتُ البديعيَّةُ من
التجنيسِ والترْصِيعِ ونحوِهما ؛ لأنَّها إنَّما يُؤْتَى بها بعدَ حصولِ
المطابَقَةِ بغيرِها .
فتَخْتَلِفُ صُوَرُ الكلامِ لاختلافِ الأحوالِ: أيْ
فتَخْتَلِفُ الصُّوَرُ المخصوصةُ التي يُورِدُ عليها الكلامَ، وهيَ التي
سُمِّيَتْ بِمُقتضياتِ الأحوالِ؛ لكونِ الأحوالِ مختلِفَةً غيرَ واقعةٍ على
نَهْجٍ واحدٍ يَسْتَدْعِي كلٌّ منها ما يُنَاسِبُه .
مثالُ ذلكَ قولُه تعالى: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}،
فإنَّ ما قبْلَ أمْ صورةٌ من الكلامِ تُخَالِفُ صورةَ ما بعدَها ؛ لأنَّ
الأُولَى فيها فِعْلُ الإرادةِ مَبْنِيٌّ للمجهولِ، والثانيةَ فيها فعْلُ
الإرادةِ مَبْنِيٌّ للمعلومِ، والحالَ الدَّاعِي لذلكَ نِسْبَةُ الخيرِ
إليه سبحانَه وتعالى في الثانيةِ، وَمَنْعُ نِسْبَةِ الشَّرِّ إليه في
الأُولَى، معَ أنَّ المرادَ بالمُرِيدِ ههنا أيضًا هوَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فلَقَدْ أَحْسَنُوا الأدبَ في ذِكْرِ الشَّرِّ
محذوفَ الفاعِلِ وإبرازِهم لاسْمِه تعالى عندَ إرادةِ الخيرِ والرَّشَدِ .
وَيَنْحَصِرُ الكلامُ على هذا العلْمِ، أيْ علْمِ المعاني، في ثمانيةِ أبوابٍ وخاتِمَةٍ:
انحصارُ الكلِّ في الأجزاءِ، لا الْكُلِّيِّ في الْجُزئيَّاتِ؛ لأنَّ
علْمَ المعاني عبارةٌ عنْ هذا المجموعِ، ولا يَصْدُقُ على كلِّ واحدٍ منها).
شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)
قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (فإذن هذه ثمانية أبواب هي أقسام علم المعاني، ولم تذكر كلها في هذا الكتاب، فلذلك قال هو: (وهو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي يطابق بها مقتضى الحال)، معناه: هو العلم الذي يمكن أن يؤدى به الكلام على مقتضى المقام، يكون فيه كلام مطابقاً للمقام، (فتختلف صور الكلام لاختلاف الأحوال، مثال ذلك قول الله تعالى: {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا})،
فهنا ظاهر الكلام على مقتضى النحو فقط أن تقول: وأنا لا ندري أشر أراد رب
أهل الأرض بهم، أم أراد بهم رشدا، لكن نسبة الشر وحده إلى الله سوء أدب،
فالمقام في الكلام عن الله سبحانه وتعالى , ومقام الدعوة إليه يقتضي الأدب
معه، فلذلك جاء هذا الأسلوب {وأنا لا ندري أشر أريد}، وحذف المسند إليه أن يقال: أردت أو أراد بهم ربهم، {أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا}
في الخير أُثبت الفاعل وفي الشر حذف، وهذا من الأدب، وهذا النوع كثيرا ما
يقع في القرآن كقول الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: {الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين} ولم يقل: والذي يمرضني ثم يشفيني؛ لأنه ليس في ذلك أدب في نسبة الشر إلى الله.
قال.. {وإذا مرضت فهو يشفين * والذى يميتني ثم يحييني * والذى أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين} , لاحظوا أن الأمور المتحققة ذكرها دون أن يقول فيها أطمع، لكن لما وصل إلى الأمور المستقبلية قال: {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين}
ومثل هذا، هذا الذي كنا نقوله تأدب المخلوق مع الخالق، وعكسه أدب الخالق
مع المخلوق، وهذا يرد أيضا في القرآن كخطاب الله للنبي صلى الله عليه وسلم
في مقام العتاب بقوله: {عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين}
بين يدي الخطاب بدأ بالعفو , بدأ بالعفو قبل أن يحوجه إلى الاعتذار، فلو
بدأ الخطاب: لم أذنت لهم لاحتاج إلى الاعتذار، لكنه بدأه بالعفو قبل
السؤال: {عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين}. هذا من أدب الخالق مع المخلوق،
(فإن ما قبل (أم) صورة من صور الكلام تخالف صورة ما بعدها؛ لأن الأولى فيها فعل الإرادة مبني للمجهول) {أريد بهم}, (والثانية فيها فعل الإرادة مبني للمعلوم) {أراد بهم ربهم رشدا}، (والحال الداعي لذلك نسبة الخير إليه سبحانه وتعالى في الثانية، ومنع نسبة الشر إليه في الأولى).
(وينحصر الكلام هنا ـ أي: في هذا العلم ـ في ستة أبواب).
وسنقف عند هذا الحد إن شاء الله على الباب الأول منها , ونبدأ إن شاء الله في موضوعنا الثاني وهو درس التعريف).
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)
القارئ: (بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعـد : فقال المصنفون رحمهم الله تعالى : مقدمة في الفصاحة والبلاغة .
قال المؤلفون رحمهم الله تعالى : علم
المعاني هو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق المقتضى الحال ،
فتختلف صور الكلام باختلاف الأحوال مثال ذلك قوله تعالى : { وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً }
فإن ما قبل (أم) صورة من الكلام مخالف صورة ما بعدها ، لأن الأولى فيها
فعل الإرادة مبني للمجهول ، والثانية فيها فعل الإرادة مبني للمعلوم ،
والحال الداعي لذلك نسبة الخير إليه سبحانه في الثانية ومنع نسبة الشر إليه
في الأولى .
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (بسم
الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على رسوله محمد بن عبد
الله وبعد فهذا هو الدرس الثالث من دروس البلاغة الكبرى مع شرحها .
بدأ المؤلفون رحمهم الله بعلم المعاني وهو
أهم علوم البلاغة التي يبدأ بها المؤلفون ذكر علوم البلاغة الثلاثة ، لأنه
لا يعني بجانب يترتب عليه الجانبان الآخران في العلمين الآخرين وهما علما
البيان والبديع ، ولذلك عرفه المؤلفون بقولهم : هو علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال .
يلحظ أن هذا التعريف أشار إلى أن هذا
العلم يختص بمعرفة أحول اللفظ العربي . اختيار اللفظ العربي هنا ليشمل
الكلام بأجزائه ما يتلفظ به بكلام عربي ، فالكلام يتكون من مفردة واحدة وهي
الكلمة أصغر جزئيات الكلام ، ثم الجملة وهي المرحلة الثانية بعد المفردة
الواحدة ، ثم الجمل والتي تمثل الكلام بعامة ، ولذلك كلمة اللفظ العربي
تشمل النظر في حال المفردة الواحدة والجملة والجمل ، ولذلك كان هذا العلم
وهو علم علم المعاني يعني بهذا الجانب الخاص بتركيب الكلام سواء كان بالنظر
إلى مفردته وإلى جملته وإلى جمله فكل باب من أبواب علم المعاني كما سيأتي
إن شاء الله تعالى ينظر إلى زاوية من هذه الزوايا الثلاث ، لكنه لا ينظر
إليها مفردة وإنما ينظر إليها في سياق الكلام عامة بمعنى أن النظر في
المفردات بمعزل عن السياق لا تكون في علم المعاني ، ولذلك أشرنا في الدرس
السابق في تعريف البلاغة : هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال .
فما قيل الكلام على مستوى الكلمة الواحدة
مفصولة عن غيرها ، هذا لا يدخل في حيز البلاغة وإنما يناقش كما سلف في
قضايا الفصاحة التي ودر الحديث عنها وهذه الأجزاء الثلاثة : الكلمة ،
الجملة ، والجمل ، ينظر كيف يمكن أن يتطابق استعمالها في الكلام مع مقتضى
الحال الذي يوجه المتكلم لاستخدام هذه الكلمة في موضع بشكل واستخدامها في
موضع آخر بشكل آخر حتى تتلاءم مع الموضع الجديد ، وكذلك الجملة ، وكذلك
الجمل ، كما سنعرف إن شاء الله تعالى .
وقد مثل المؤلفون رحمهم الله بقضية اختلاف
صور الكلام بمثال أشاروا فيه إلى اختلاف الصيغة في الكلمة الواحدة حينما
استشهدوا بقول الله جل وعلا : {وأنا لا ندري أشراً أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً }
كلام الجن يلحظ أنه حينما كان الحديث عن الشر يتحدثون عن الله جل وعلا
وقالوا : ( أنا ) يعني هؤلاء الجن : لا ندري أشر أريد بمن في الأرض ، لاحظ
صياغة الفعل هنا تختلف عن صياغته فيما بعد .
( أم أراد بهم ربهم رشداً ) لاحظ أن أراد ،
وأُريد ، والأصل أن تكون الصياغة واحدة ، لكن لماذا جاءت أُريد في المقطع
الأول أو الجزء الأول من الآية ، وأراد في المقطع الثاني أو الجزء الثاني
من الآية ، بلاشك أن الذي أسهم في هذا هو علم المعاني ، لأن الصورة تختلف
عن الصورة هناك.
فلماذا كان صياغة الفعل أريد يعني الصياغة
التي سماها المؤلفون فعل الإرادة مبني للمجهول وهنا أتمنى من إخوتي
المتابعين والقراء والمستمعين والمشاهدين بهذه البرامج أن ينتبهوا إلى أن
استعمال مثل هذا المصطلح لا يليق ، لا يليق أن يستخدم مبني للمجهول هكذا
مصطلح (مبني للمجهول) ، نعم إن صح في بعض الاستخدامات لكن لا يصح في جانب
الله جل وعلا ، لأننا نحن نريد حيثما تقول خُلِقَت السماوات والأرض ، الذي
خلقها ليس مجهولاً ، ولذلك نأخذ بالمصطلح الآخر الأسلم ، وإن كان أطول في
الصياغة ، (والبناء لما لم يسم فاعله) يعني هذا الفعل صيغ بطريقة لا يُسمى
فيها فاعله بدلاً من أن تقول (مبني للجهول) تقول صياغة الفعل هنا (بما لم
يسم فاعله).
لاحظ أما الفعل الثاني { أراد بهم ربهم }
الفاعل هنا هو لفظ (رب) المضاف إلى الضمير لو أننا لحظنا أن الحديث في
الأول عن الشر والحديث في الثاني عن الرشد والخير ؛ لأنه جاء مختلفاً فصيغ
الفعل مبنياً للمعلوم وهو لفظ الرب أما الثاني فهو لما لم يسمّ فاعله وهو
ايضاً الرب جل وعلا ولكن هذه الصياغة فيها تأدب مع الله جل وعلا . فهذه
الفكرة التي ينطلق منها علم المعاني ، ويمكن أن نمثل بمثال آخر أيضاً يعضد
ما ذكره المؤلفون ، وهو قول الله جل وعلا : { الذي خلقني فهو يهدين والذي يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين }
وإذا مرضت فهو يشفين : كان سياق الأفعال في هذه الآيات يتطلب ظاهراً أن
يقول : ( وإذا أمرضني ) فلماذا قال وإذا مرضت ؟ هذا أيضاً لون من الأدب
وعدم نسبة مثل هذه الأشياء إلى الله جل وعلا ، هذا أمر يدور علم المعاني في
فلكه ، كذلك قضية التعريف والتنكير والتقديم والتأخير والذكر والحذف
والإطلاق والتقييد والقصر وعدم القصر وطول الكلام وعلاقته بمعناه والفصل
والوصل كل هذه يعني سيتاولها علم المعاني ولذلك فالتعريف الأسلم الذي يجعل
علم المعاني ظاهراً أو طبقته ظاهرة في أذهان المتلقين هو أن يقال : إنه علم
يختص بتركيب الكلام كيف يكون التركيب مطابقاً لمقتضى الحال ؟ لأن المطابقة
لمقتضى الحال هذه خاصة بالبلاغة ، ولابد أن نلتزم العلوم الثلاثة المعاني
والبيان والبديع بالانضواء تحت لواء علم البلاغة ، فهي كلها لابد أن تكون
مطابقة لمقتضى الحال ، لكن كيف تتم المطابقة ؟ فعلم المعاني سيكون بالنظر
إلى تركيب الكلام ، كيف يتركب أجزاء الكلام سواء كانت مفردة أ وجملة أو
جمل؟ . ما يتعقل بهذا التركيب يخص علم المعاني ، لكن هذا التركيب بمجمله
لابد أن يكون مطابقاً لمقتضى الحال وهذا الذي يجعله ينضوي تحت لواء علم
البلاغة .
كل مقام يمكن أن يسهم في تحديد طريقة
تركيب الكلام فيه ؛ فلعلي أن أشير إلى أن مثلاً أن إنساناً أراد أن يتحدث
عن النار كما ألمحنا في درس سابق وقيل له تحدث بعبارات جزلة قوية فيها
تشبيهات وفيها استعارات وفيها ألفاظ مخيفة تحذر من النار وتبيين عظيم خطرها
وجزيل شررها ، إلى آخره من العبارات لكن لو كان المقام في الحديث عن النار
. ولو كان المقام مختلفاً شب حريق في موطن من المواطن وأراد إنسان ما أن
ينبه الآخرين على هذا الحريق ، هل سيقف ويعيد الألفاظ الرنانة العبارات
الجزلة التشبيهات القوية الاستعارات البليغة في وصف النار ؟!
طبعاً نقول هنا لا ، لأن المقام يختلف،
عليه أن يكتفي بكلمتين : ( الحريق ، الحريق ) ( النار ، النار ) ثم يغادر
المكان إذاً : ههذ القضية وأمثالها يتصل بجانب التركيب يخص علم المعاني .
إذاً : علم المعاني هو أول علوم البلاغة
الثلاثة ، وهو العلم الذي كما قال المؤلفون يعرف بأحوال اللفظ العربي ، وهم
يقصدون قضايا التركيب التي يتميز بها علم المعاني عن غيره).
القارئ: (وينحصر الكلام هنا في هذا العلم في ستة أبواب ) .
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (وبناءً
على ما قاله المؤلفون من أنه ينحصر في ستة أبواب ، الحقيقة أنه في ثمانية
وليس في ستة ، ولكن المؤلفون هنا نظراً لأنهم يؤلفون مختصراً فقد قصروا على
بعض أبوابه دون بعض ، ثم إنهم أحياناً يجمعون أكثر من باب في باب واحد كما
حصل في الباب الأول . ولذلك أتمنى أن يستحضر المتلقي الكريم ما قلته آنفاً
في مسألة أحوال تركيب الكلام ، وأن التركيب يتناول المفردة في سياقها في
الجملة ، والجملة في سياقها في الكلام ، والكلام ومواقعه المختلفة .
فالأبواب طبعاً التي يمكن أن أشير إليها بإيجاز حتى تكون الصورة واضحة : الكلام إما أن يكون خبراً أو إنشاءً:
- فالخبر سيكون له باب
- والإنشاء سيكون له باب.
- ثم هناك أبواب تتصل بقضية الكلمة المفردة.
- وهناك أبواب تتصل بقضية الجملة الواحدة.
- وهناك أبواب تتصل بالكلام إذا كان مكوناً من أكثر من جملة.
ولكن أن يكون فيه هناك اختلاف بين البلاغيين في طريقة عرض هذه الأبواب ؛ فينظر إلى مكونات الجملة في البلاغة العربية ، مكونات الجملة في البلاغة العربية ثلاثة:
- المسند إليه .
- والمسند .
- والمتعلقات .
بمعنى المصطلحات التي يذكرها النحويون :
- من مبتدأ وخبر .
- أو اسم كان وخبر كان.
- أو اسم إن وخبر إن.
- أو الفعل والفاعل والمفعول به والمفعول المطلق والمفعول لأجله والمفعول فيه والمفعول له والحال والتمييز ... إلخ .
البلاغيون اختصروا هذه المصطلحات في ثلاثة :
- مسند إليه .
- ومسند .
- ومتعلقات .
كل جملة يمكن أن لا تخرج عن هذه الأمور
الثلاثة ، قد تقتصر على المسند والمسند إليه فقط ، لكن لا تقل عن ذلك بأي
حال من الأحوال وإن زادت فيكون البقية من المتعلقات أو ما يسميها البلاغيون
القيود .
ينظر إلى كل واحد من هذه الأجزاء الثلاثة إلى ثلاث زوايا :
- الزاوية الأولى : من حيث الذكر والحذف .
- الزاوية الثانية : من
حيث التعريف والتنكير ، طبعاً هذا فيما يصح عليه التعريف والتنكير ، وهي
الأسماء لكن في الفعل لا يمكن أن ينظر إليه من هذه الزاوية .
- الزاوية الثالثة : ينظر إليه من حيث التقديم والتأخير .
إذاً : هذه الزوايا الثلاث هي التي تمثل ثلاثة أبواب.
أما أن تقسم الأبواب بحسب ما يذكره بعض البلاغيون المتقدمون أحول المسند إليه ويدرسونه من خلال الزوايا التي أشرت إليها .
- أو أحوال المسند .
- أو أحوال المتعلقات .
إذاً : هذه ثلاثة أبواب بالإضافة إلى باب الخبر وباب الإنشاء ، هذه خمسة.
الباب السادس :
هو ما يتصل بقضية القصر ، الجملة الآن ينظر إليها من حيث المعنى أهي مقيدة
في هذا المعنى أم مطلقة ، يمكن أن يكون المعنى أوسع مما ذكر ، وهذا يسمونه
باب القصر .
إذاً : هذا هو الباب السادس .
يبقى الباب السابع وهو يخص الحمل عند
البلاغيين وإلا قد يتناول الجملة الواحدة : الفصل والوصل ، ما العلاقة بين
الجملة الثانية والجملة الأولى والجملة الثالثة والجملة الثانية ؟ هل
بينهما وصل أم هما مفصولتان ؟ طبعاً هذا يعالجه باب الفصل والوصل .
يأتي الباب الأخير وهو الباب الثامن ، وهو
قضية الإيجاز والإطناب والمساواة وهذا باب يخص العلاقة بين الألفاظ
المتطوقة والألفاظ المفهومة ، هل الألفاظ المتطوقة بقد المعاني فيكون
الكلام داخلاً في حيز المساواة ؟ هل تكون الألفاظ اقل من المعاني فتكون
داخلة في حيز الإيجاز ؟ أو تكون الألفاظ أكثر من المعاني فيكون داخلاً في
الإطناب .
هذه مجمل أبواب علم
المعاني الثمانية وليست ستة كما أشار المؤلفون . ولكن كما أسلفت نظراً
لأنهم يؤلفون مختصراً ، فقد اقتصروا على ما أشاروا إليه مع أنهم جمعوا
بابين عند البلاغيين هما الخبر والإنشاء في باب واحد كما سنعرف بعد قليل).
الكشاف التحليلي
عناصر الدرس الثاني :
علم المعاني
تعريف علم المعاني
شرح التعريف
اختلاف صور الكلام لاختلاف الأحوال
مثال لاختلاف صور الكلام باختلاف الأحوال
موضوع علم المعاني
واضع علم المعاني
أبواب علم المعاني
وجه انحصار علم المعاني في هذه الأبواب