7: حسن التخلص
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (7- حُسْنُ التخلُّصِ: هوَ الانتقالُ ممَّا افْتُتِحَ بهِ الكلامُ إلى المقصودِ معَ رعايةِ المناسَبَةِ بينَهما، كقولِه:
دَعَتِ النَّوَى بفِراقِهِم فتَشَتَّتُوا ..... وقَضَى الزمانُ بِبَينِهم فَتَبَدَّدُوا
....دَهْــرٌ ذميمُ الحالتينِ فما بِهِ ...... شيءٌ سِوى جُودِ ابنِ أَرْتَقَ يُحْمَدُ
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (7- حُسْنُ التخلُّصِ:
هوَ الانتقالُ ممَّا افْتَتَحَ بهِ الكلامَ من
الافتخارِ أو الشِّكايةِ أو الْهَجْوِ أو الْمَدْحِ أوْ نحوَ ذلكَ إلى
المقصودِ مِمَّا افْتَتَحَ بهِ الكلامَ معَ رعايةِ المناسَبَةِ بينَهما،
أيْ بينَ الْمُنْتَقَلِ منْهُ، وهوَ ما افْتَتَحَ بهِ الكلامَ،
والْمُنْتَقَلِ إليهِ وهوَ المقصودُ، كقولِه:
دَعَت النَّوَى بفُرَاقِهِم فتَشَتَّتُوا ..... وقَضَى الزمانُ بينَهم فَتَبَدَّدُوا
...دَهْرٌ ذميمُ الحالتينِ فما بهِ ...... شيءٌ سِوَى جُودِ ابنِ أَرْتَقَ يُحْمَدُ
فقد انْتَقَلَ منْ ذمِّ الدهْرِ، وكونِ كلِّ شيءٍ فيهِ
غيرَ محمودٍ، إلى الممدوحِ، وكوْنِ جُودِه محمودًا معَ وجودِ المناسَبَةِ
الظاهِرَةِ بينَهما، فكانَ فيهِ حُسْنُ التَّخَلُّصِ).
شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)
قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (كذلك
التأنق في التخلص، أي عندما يخلص الإنسان من مقدمة القصيدة إلى المعنى الذي
يريده، فهذا ينبغي الإحسان فيه أيضاً، وذلك مثل قول زهير بن أبي سُلمى:
إن البخيل ملوم حيث كان ..... ولكن الجواد على علاته هرم
هو الجواد الذي يعطيك نائله ..... عظما ويغنم أحيانا فينظلم
وإذ أتاه قليل يوم مسألة ..... يقول لا غائب مالي ولا حرم
فهنا تخلص من الغزل الذي كان فيه إلى مدح ممدوحه بأسلوب عجيب بعد أن ذكر ظلم هذه له، قال.. بخلها قال:
إن البخيل ملوم حيث كان ..... ولكن الجواد على علاته هرم
ومثل هذا قول أبي الطيب المتنبي:
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي ..... وللحب ما لم يبق مني وما بقي
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه ..... ولكن من يبصر جفونك يعشق
وبين الرضا والسخط والقرب (غير مسموع) مجال لدمع المقلة المترقرق
وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه ..... وفي الهجر والدهر يرجو ويتقي
إلى أن قال:
نودعهم والبين فينا كأنه ..... قنا ابن أبي الهيجاء في قلب فيلق
فهذا حسن تخلص، قال: (نودعهم) أي الأحباب، (والبين فينا) أي بينهم وبعدهم، (فينا كأنه قنا ابن أبي الهيجاء) أي: سهام سيف الدولة، (قنا ابن أبي الهيجاء في قلب فيلق) أي: في وسط الجيش الكبير.
وكذلك قوله في القصيدة الأخرى التي مطلعها:
تذكرت ما بين العذيب وبارق مجر عوالينا ومجرى السوابق
وصحبة قوم يذبحون قنيصهم ..... بفضلة ما قد كسروا في المفارق
وليلاً توسدنا السوية تحته ..... كأن ثراها عنبر في المرافق
بلاد إذا زار الحسان بغيرها ..... ترى حصبها زقبنه للمفارق
سقتني بها مليحة على كاذب ..... من وعدها ضوء صادق
سهاد لأجفان وشمس لناظر ..... وسقم لأبدان ومسك لناشق
و(كلام غير مسموع) كل عاقل ..... عفيف ويهوى جسمه كل فاسق
يحدث عما بين عاد وبينه ..... وصدغاه في خدي غلام مراهق
وما الحسن في وجه الفتى شرفا له ..... إذا لم يكن في فعله والخلائق
وما بلد الإنسان غير الموافق ..... ولا أهله الأدنون غير الأصادق
وجائزة دعوى المحبة والهوى ..... وإن كان لا يخفى كلام المنافق
فتخلص من الغزل إلى ذكر الصفات المحمودة، كالصدق والشجاعة؛ ليمدح بذلك سيف الدولة، وكذلك قوله:
لا والذي هو عالم أن النوى ..... صَبِرٌ وأن أبا الحسين كريم
(لا والذي هو عالم) قسم بالله تعالى (والذي هو عالم أن النوى صبر) أي: مر الطعم، (وأن أبا الحسين كريم) ضد ذلك، الشيء يذكر بضده، فتخلص إلى مدح الممدوح،.
نعم، إذن انتهى هذا الكتاب وذكر في نهايته بعض الامتحانات التي بالإمكان أن يعود إليها الإخوة ويراجعوا أنفسهم فيها، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين).
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)
القارئ: (حُسْنُ التخلُّصِ: هوَ الانتقالُ ممَّا افْتُتِحَ بهِ الكلامُ إلى المقصودِ معَ رعايةِ المناسَبَةِ بينَهما، كقولِه:
دَعَت النَّوَى بفِراقِهِم فتَشَتَّتُوا ..... وقَضَى الزمانُ بينَهم فَتَبَدَّدُوا
دَهْــرٌ ذميمُ الحالتينِ فما بِهِ ..... شيءٌ سِوى جُودِ ابنِ أَرْتَقَ يُحْمَدُ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (حُسْنُ
التخلُّصِ أو الانتقال من معنى إلى معنى، هذا يأتي كثيرًا في قصائد
العربية؛ لأن الشاعر يبدأ بموضوع يجعله افتتاحًا، كأن يتحدث عن رحلته إلى
من يتحدث إليه، أو يجعله في الغزل، ثم يتحول بعد ذلك إلى الغرض الأساسي
الذي نظم القصية من أجله.
عملية الانتقال التي ينتهي بها موضوع المقدمة إلى
الموضوع الأساس، هي التي يسميها بعض البلاغيين: حسن التخلص، أو الانتقال
إلى المعنى الأصلي، ويضرب المؤلفون لذلك مثلًا بقول الشاعر:
دَعَت النَّوَى بفِراقِهِم فتَشَتَّتُوا ..... وقَضَى الزمانُ بينَهم فَتَبَدَّدُوا
دَهْــرٌ ذميمُ الحالتينِ فما بِهِ ..... شيءٌ سِوى جُودِ ابنِ أَرْتَقَ يُحْمَدُ
لاحظ: الانتقال
الآن قوله: ذم الدهر بلا شك أنه مخالفة شرعية، لا يحسن إقرار الشاعر
عليها، لذلك يُنبه إلى ما يقع فيه الشعراء في هذا الجانب، وهو كثيرٌ عندهم،
من مخالفاتهم الذي يحتاج الإنسان أن يتنبه إليها. هنا طبعًا نحن نذكر الشاهد الذي أورده المؤلفون،
يقولون: كل شيءٍ مذموم إلا جُودِ ابنِ أَرْتَقَ، جُودِ ابنِ أَرْتَقَ هذا
هو الممدوح، ولذلك انتقل من الحديث العام إلى مدح ابن أرتق وكان مدخلًا، أو
تخلصًا من الموضوع، أو انتقالًا من الموضوع السابق إلى الموضوع الأساسي
الذي يرغب فيه).
الكشاف التحليلي
· حسن التخلص:
§ هوَ الانتقالُ ممَّا افْتُتِحَ بهِ الكلامُ إلى المقصودِ معَ رعايةِ المناسَبَةِ بينَهما ، مثاله:
دَعَت النَّوَى بفِراقِهِم فتَشَتَّتُوا..... وقَضَى الزمانُ بينَهم فَتَبَدَّدُوا
دَهْــرٌ ذميمُ الحالتينِ فما بِهِ ..... شيءٌ سِوى جُودِ ابنِ أَرْتَقَ يُحْمَدُ