10 Nov 2008
ب: دواعي الحذف
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (ومِنْ دواعي الحذْفِ:
1- إخفاءُ الأمرِ عنْ غيرِ المخاطَبِ، نحوُ: (أقبِلْ)، تريدُ (عليًّا) مثلًا.
2- وتأتِّي الإنكارِ عندَ الحاجةِ، نحوُ: لَئِيمٌ خسيسٌ، بعْدَ ذكْرِ شخصٍ معَيَّنٍ.
3- والتنبيهُ على تعيينِ المحذوفِ ولو ادِّعاءً، نحوُ: خالِقُ كلِّ شيءٍ وهَّابُ الأُلوفِ.
4- واختبارُ تنَبُّهِ السامعِ أوْ مِقدارِ تَنَبُّهِه، نحوُ: نُورُهُ مُستفادٌ منْ نورِ الشمسِ، وواسِطَةُ عِقْدِ الكواكبِ.
5- وضِيقُ الْمَقامِ: إمَّا لتَوَجُّعٍ، نحوَ:
قالَ لي: كيفَ أنتَ؟ قلتُ: عليلُ ...... سَهَرٌ دائمٌ وحُزْنٌ طويلُ
6- والتعظيمُ والتحقيرُ؛ لصَوْنِه عنْ لسانِكَ، أوْ صَوْنِ لسانِكَ عنهُ، فالأوَّلُ نحوُ: نجومُ سماءٍ.
والثاني نحوُ: قومٌ إذا أَكَلُوا أَخْفَوْا حديثَهم.
7- والمحافظةُ على وَزْنٍ أوْ سَجْعٍ، فالأوَّلُ نحوُ:
نحنُ بما عندَنا وأنتَ بما عندَكَ راضٍ، والرأيُ مختلِفٌ.
والثاني نحوُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
وإمَّا لخوفِ فواتِ فرصةٍ، نحوُ قولِ الصيَّادِ: (غزالٌ).
8- والتعميمُ باختصارٍ، نحوَ: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ}، أيْ: جميعَ عِبادِه؛ لأنَّ حذف المعمول يُؤْذِنُ بالعمومِ.
9- والأدبُ، نحوُ قولِ الشاعرِ:
قدْ طَلَبْنا فلمْ نَجِدْ لكَ في ...... السُّؤْ دَدِ والمجْدِ والمكارِمِ مثلاَ
10- وتنزيلُ المتعدِّي مَنزلةَ اللازمِ لعَدَمِ تَعلُّقِ الغرَضِ بالمعمولِ، نحوُ: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}. ويُعدُّ
من الحذفِ إسنادُ الفعْلِ إلى نائبِ الفاعلِ، فيُقالُ: حُذِفَ الفاعلُ
للخَوْفِ منهُ أوْ عليه، أوْ للعلْمِ به، أو الجهلِ، نحوَ: (سُرِقَ المتاعُ)، و{خُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}).(دروس البلاغة)
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (ومن دواعِي الحذْفِ: 1- إخفاءُ الأمرِ عن غيرِ المخاطَبِ، نحوُ: أقْبِلْ(1)، (تريدُ عليًّا مثلاً). 2- وضِيقُ المقامِ، إمَّا لتوجُّعٍ، نحوُ: قالَ لـي كيفَ أنتَ قلتُ عليلُ ..... سَهـَرٌ دائـمٌ وحـزْنٌ طويـلُ وإمَّا لخوفِ فواتِ فرصةٍ، نحوُ قولِ الصيَّادِ: غزالٌ. 3- والتعميمُ باختصارٍ، نحوُ: {وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ}، أي جميعَ عِبادِهِ؛ لأنَّ حذْفَ المعمولِ يُؤذِنُ بالعمومِ. 4- وتنزيلُ المتعَدِّي منزِلةَ اللازمِ لعدَمِ تعلُّقِ الغرَضِ بالمعمولِ، نحوُ: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}. ويُعَدُّ من الحذْفِ إسنادُ الفعْلِ إلى نائبِ الفاعلِ، فيُقالُ: حُذِفَ
الفاعلُ للخوفِ منهُ، أو عليهِ، أو للعلْمِ بهِ أو الجهلِ، نحوُ: سُرِقَ
المتاعُ، {وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا}. ________________ قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ( (1) قولُه: (نحوُ: أقْبِلْ)،
في جعْلِ هذا ونحوِهِ من حذْفِ المسنَدِ إليه نظرٌ ظاهرٌ، فإنَّ فاعلَ
أقْبِلْ ضميرٌ مستَتِرٌ تقديرُه هو دَلَّتْ على مرجِعِه قرينةُ السياقِ،
والفرْقُ بينَ الاستتارِ والحذْفِ مقرَّرٌ في محلِّه، فتنَبَّهْ).
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (ومِنْ دواعي الحذْفِ:
إخفاءُ الأمرِ عنْ غيرِ المخاطَبِ، نحوُ: (أقبِلْ)، تريدُ (عليًّا) مثلاً.
وضِيقُ الْمَقامِ: إمَّا لتَوَجُّعٍ، نحوُ:
قالَ لي: كيفَ أنتَ؟ قلتُ: عليلُ ..... سَهَرٌ دائمٌ وحُزْنٌ طويلُ
وإمَّا لخوفِ فواتِ فرصةٍ، نحوُ قولِ الصيَّادِ: (غزالٌ).
والتعميمُ باختصارٍ، نحوُ: {وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ}، أيْ: جميعَ عِبادِه؛ لأنَّ حذف المعمول يُؤْذِنُ بالعمومِ.
وتنزيلُ المتعدِّي مَنزلةَ اللازمِ لعَدَمِ تَعلُّقِ الغرَضِ بالمعمولِ، نحوُ: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}.
ويُعدُّ من الحذفِ إسنادُ الفعْلِ إلى نائبِ الفاعلِ، فيُقالُ: حُذِفَ
الفاعلُ للخَوْفِ منهُ أوْ عليه، أوْ للعلْمِ به، أو الجهلِ، نحوُ: (سُرِقَ المتاعُ)، و{خُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا}).(دروس البلاغة الصغرى)
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (ومِن دواعيِ الحذْفِ(1):
إخفاءُ الأمرِ عن غيرِ المخاطَبِ(2)، نحوُ: أَقبَلَ، تُريدُ عليًّا(3) مثلاً(4).
وضِيقُ المقامِ(5) إمَّا لتَوَجُّعٍ(6) نحوُ(7):
قالَ لي كيفَ أنتَ؟ قلتُ: عليلُ(8) ...... سهَرٌ(9) دائمٌ, وحزْنٌ طويلُ(10)
وإما لخوفِ فواتِ فرصةٍ(11)، نحوُ قولِ الصيَّادِ(12): غزالٌ(13)
والتعميمُ(14) باختصارٍ(15)، نحوُ(16) (وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ
السَّلاَمِ)(17) أي: جميعَ عِبادِه(18)؛ لأن حذفَ المعمولِ(19)
يُؤْذِنُ(20) بالعمومِ(21).
وتنزيلُ(22) الْمُتعدِّي منْزِلةَ(23) اللازمِ(24) لعدَمِ تعلُّقِ
الغرَضِ(25) بالمعمولِ(26)، نحوُ(27) }هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ{(28).
ويُعَدُّ من الحذفِ(29) إسنادُ الفعلِ إلى نائبِ الفاعلِ(30) فيقالُ: حذفُ
الفاعلِ للخوفِ منه(31) أو(32) عليه(33) أو للعلْمِ به أو(34) الجهلِ(35)،
نحوُ: سُرِقَ المتاعُ(36)، {(37) وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً}(38) ).
__________________
قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) ( ومن دواعى الحذفِ) أي: حذفِ المسنَدِ أو المسنَدِ إليه او متعلَّقاتِهما.
(2) (إخفاءُ الأمرِ عن غيرِ المخاطَبِ) المقصودِ سماعُه من الحاضرين.
(3) (نحوَ أَقْبَلَ، تريدُ عليًّا) يعنى: أقبَلَ عَلِىٌّ.
(4) (مثلاً) لقيامِ القرينةِ عليه عندَ المخاطَبِ دونَ غيرِه فلو قِيلَ: أقْبَلَ عليٌّ لَانْتَظَرَه كلُّ مَن كان جالساً لأجلِ الطلبِ منه مثلاً.
(5) (وضيقُ المقامِ) عن إطالةِ الكلامِ بذكْرِ المسنَدِ أو المسنَدِ إليه.
(6) (إما لتوجُّعٍ) وتضجُّرٍ.
(7) (نحوَ) قوْلِ الشاعرِ
(8) (قالَ لى كيف أنتَ قلتُ عليلُ) أي: مريضٌ ذو عِلَّةٍ.
(9) (سهَرٌ) أي: حالُ سهَرٍ.
(10) (دائمٌ وحزْنٌ طويلُ) قال العبَّاسُ في شواهِدِه: لم أعلَمْ قائلَه, فلم يَقُلِ الشاعرُ: أنا عليلٌ لضيقِ المقامِ بسبب الضجَرِ الحاصلِ له من شدائدِ الزمانِ ومصائبِ الهَوَى بحيث جَعَلَتْه لا يَقدِرُ على التكلُّمِ بأزيدَ مما يُفيدُ الغرَضَ، ويُمكِنُ أن يكونَ ضِيقُ المقامِ فيه بسببِ الْمُحافظَةِ على الوزنِ, لأن ذكْرَ المسنَدِ إليه, وهو أنا, يُفسِدُ الوزنَ.
(11) (وإما لخوفِ فواتِ فرصةٍ) سانحةٍ وهي ما يُغتَنَمُ حصولُه.
(12) (نحوَ قولِ الصيَّادِ) عندَ عُرُوضِ إبصارِ الغزالِ.
(13) (غزالٌ) أي: هذا غزالٌ فاصْطادوه, فحذَفَ هذا؛ لأن رغبتَه في التسارُعِ إليه تُوهِمُه أن في ذكْرِه طُولا كثيراً يُفِيتُه بحسبِ زَعمِه.
(14) (والتعميمُ) في المفعولِ المحذوفِ.
(15) (باختصارٍ) أي: مع الاختصارِ.
(16) (نحوَ) قولِه تعالى.
(17) }واللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ{ أي: السلامةِ من الآفاتِ.
(18) (أي: جميعَ عِبادِه) يعني: المُكَلَّفِين.
(19) (لأن حذفَ المعمولِ) كالمفعولِ به هنا.
(20) (يُؤْذِنُ) أي: يُشعِرُ.
(21) (بالعمومِ) فقدَّرَ المفعولَ به هنا عامًّا؛ لأن الدعوةَ من اللهِ تعالى إلى دارِ السلامِ بسببِ التكليفِ عامَّةٌ لجميعِ العِبادِ المكلَّفين إلا أنه لم يُجِبْ منهم إلا السُّعداءُ بخلافِ الهدايةِ بمعنى الدَّلالةِ المُوصِلَةِ فإنها خاصَّةٌ, ولهذا أَطلَقَ الدعوةَ في هذه الآيةِ, وقيَّدَ الهدايةَ في قولِه بعدَ ذلك :{وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .
(22) (وتنزيلُ) الفعلِ.
(23) (المتعدِّي منزلةَ) الفعلِ.
(24) (اللازمِ) أي: الذي وُضِعَ في أصلِهِ غيرَ طالبٍ للمفعولِ.
(25) (لعدَمِ تَعلُّقِ الغرَضِ) أي: قصْدِ المتكلِّمِ.
(26) (بالمعمولِ) أي: بتعلُّقِ الفعلِ بمن وَقعَ عليه بخصوصِه، ويَلزمُ منه أن لا يُعتَبرَ عمومٌ في ذلك المتعلِّقِ بأن يُقَدَّرَ ذلك المفعولُ عامًّا، ولا خصوصٌ بأن يُقَدَّرَ خاصًّا، بل الغرضُ مجرَّدُ إثباتِ الفعلِ للفاعلِ من غيرِ مراعاةِ عمومٍ أو خصوصٍ فيه.
(27) ( نحوَ) قولِه تعالى
(28) ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) الأصلُ : هل يَستوي الذين يَعْلَمون الدِّينَ والذين لا يَعلمونه، ثم حذَفَ المفعولَ تنزيلاً لفعلِه منزلةَ اللازمِ حيث إن الغرَضَ من الفعلِ الماهيَّةُ الكلِّيَّةُ, أي: لا يَستوى الذين وُجِدتْ حقيقةُ العلْمِ والدِّينِ فيهم, والذين لم تُوجَدْ فيهم.
(29) (ويُعَدُّ من الحذفِ) الذي لا يُرتَكبُ إلا لنُكتَةٍ.
(30) (إسنادُ الفعلِ إلى نائبِ الفاعلِ, فيُقالُ: حُذِفَ الفاعلُ) أي: فاعلُ, ذلك الفعلِ وأُقيمَ المفعولُ به أو غيرُه مقامَه في الإسنادِ إليه على جِهةِ قيامِه به أو وقوعِه منه (لـ) غرضٍ من الأغراضِ.
(31) (كالخوفِ منه) نحوَ قتْلِ قتيلٍ إذا خِيفَ من القاتلِ.
(32) (أو) للخوفِ.
(33) (عليه) نحوَ شتْمِ الأميرِ إذا خِيفَ على الشاتِمِ.
(34) (أو للعلْمِ به أو)
(35) لـ ( لجهلٍ) به
(36) (نحوَ: سُرِقَ المتاعُ) إذا لم يُعرَف السارقُ من هو.
(37) (و) قولِه تعالى
(38) (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً) فحُذِفَ الفاعلُ للعلْمِ به, وهو اللهُ, وكالمحافظةِ على سَجْعِ نحوَ قولِهم: مَن طابَتْ سَرِيرتُه حُمِدَتْ سِيرَتُه، فإنه لو قيلَ: حَمِدَ الناسُ سيرتَه لاخْتَلَفَت السَّجْعَةُ ، وكتعظيمِ الفاعلِ إذا كان الفعلُ خسيساً نحوَ: تَكلَّمَ بما لا يَليقُ ، وكتحقيرِه بصَوْنِ اللسانِ عنه نحوَ: قد قيلَ ما قيلَ).
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (ومِنْ دواعي الْحَذْفِ:
(1)
إخفاءُ الأمْرِ عنْ غيرِ المخاطَبِ من الحاضِرِينَ: وهذا عندَ قيامِ
القَرِينةِ على المحذوفِ للمخاطَبِ دونَ غيرِه منهم، نحوَ: أقْبِلْ، تُريدُ
عَلِيًّا مَثلًا، عندَ قيامِ القرينةِ عليهِ عندَ المخاطَبِ دونَ سائرِ
الحاضِرِينَ.
(2) وتَأَتِّي الإنكارِ وتَيْسِيرُهِ للمتكلِّمِ عندَ الحاجةِ إلى
الإنكارِ، نحوَ: لئيمٌ خَسِيسٌ، بعدَ ذِكْرِ شخْصٍ مُعَيَّنٍ، فتريدُ ذلكَ
الشخْصَ وتَحْذِفُهُ لِيَتَيَسَّرَ لكَ الإنكارُ عندَ لوْمِه لكَ على
سَبِّهِ أوْ تَشَكِّيهِ منكَ، ويُمْكِنُ لكَ أنْ تقولَ: ما سَمَّيْتُكَ ما
عَيَّنْتُكَ.
(3) والتنبيهُ على تَعْيينِ المحذوفِ ولوْ كانَ ذلكَ التعيينُ ادِّعاءً؛
فعِلَّةُ الحذْفِ التنبيهُ على مُطْلَقِ التعيينِ، سواءٌ كانَ حقيقةً بأنْ
لا يَصْلُحَ ذلكَ الوصْفُ حقيقةً إلَّا لهُ، أو ادِّعاءً بأنْ يَدَّعِي
أنَّ ذلكَ الوصْفَ لهُ لا لغيرِه. والأوَّلُ نحوَ: { خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ }،
أيْ: اللَّهُ سبحانَه وتعالى. فلم يَذْكُرْهُ لتَعَيُّنِه بذلكَ الوصْفِ
حقيقةً؛ لظهورِ أنْ لا خالِقَ سواهُ. والثاني نحوَ: وَهَّابُ الأُلوفِ،
أيْ: السلطانُ، فحَذَفَهُ لادِّعاءِ تَعَيُّنِه بهذا الوصفِ، وإنْ كانَ
يُمْكِنُ في الواقعِ أنْ يَتَّصِفَ بذلكَ غيرُه.
(4) واختبارُ تَنَبُّهِ السامعِ عندَ القرينةِ، هلْ تَنَبَّهَ بها أَمْ لا
يَتَنَبَّهُ إلَّا بالصَّرَاحَةِ ؟ أو اختبارُ مِقْدَارِ تَنَبُّهِهِ
ومَبْلَغِ ذكائِهِ، هلْ يَتَنَبَّهُ بالقرائنِ الخفيَّةِ أمْ لا ؟ نحوَ:
نُورُهُ مُستفادٌ منْ نورِ الشمسِ، وواسِطَةُ عِقْدِ الكواكبِ. فحَذَفَ
المسنَدَ إليهِ في قولِه: وواسطةُ عِقْدِ الكواكبِ؛ اختبارًا للسامِعِ
بأنَّهُ يَتَنَبَّهُ أَمْ لا.
(5) وضِيقُ الْمَقامِ عنْ إطالةِ الكلامِ بذِكْرِه، إِمَّا لَتَوَجُّعٍ، نحوَ:
قالَ لي كيفَ أنتَ قُلْتُ عليلُ ...... سَهَرٌ دائمٌ وحُزْنٌ طويلُ
فلم يَقُلْ: أنا عليلٌ ؛ لضِيقِ الْمَقامِ عنْ إطالةِ الكلامِ بذِكْرِ
المسنَدِ إليهِ بسببِ تَوَجُّعِ وسآمةِ المسنَدِ إليه منْ عِلَّتِه.
وإمَّا لِخَوْفِ فواتِ فرصةٍ، نحوَ قولِ الصيَّادِ: غزالٌ، أيْ: هذا
غَزَالٌ.
(6) والتعظيمُ والتحقيرُ: إيهامًا لصَوْنِه عنْ مخالَطَةِ لسانِكَ تعظيمًا
لهُ، أوْ صونِ لسانِكَ عنهُ تحقيرًا له وادِّعاءً لِلْخِسَّةِ فيه.
فالأَوَّلُ، أي الحذْفُ للتعظيمِ، نحوَ: نجومُ سماءٍ، أيْ: همْ نجومُ
سماءٍ. فلم تَذْكُرْهُ تعظيمًا وصَوْنًا لهُ عنْ لسانِكَ. والثاني، أي
الحذفُ للتحقيرِ، نحوَ: قومٌ إذا أَكَلُوا أَخْفَوْا حديثَهُم، أيْ: همْ
قومٌ، فحَذَفْتَهُ تحقيرًا له، وإيهامًا لصَوْنِ اللسانِ عنهُ.
(7) والمحافظةُ على وَزْنٍ في البيتِ، بأنْ يَخْتَلَّ الوزنُ بذِكْرِه،
أو المحافظةُ على سَجْعٍ في النَّثْرِ، بأنْ يكونَ ذِكْرُه يُفْسِدُ ذلكَ
السجْعَ. فالأوَّلُ، أي المحافظةُ على وزنِ البيتِ، نحوَ:
نحنُ بما عِنْدَنا وأنتَ بما ...... عندَكَ راضٍ والرأيُ مُخْتَلِفُ
أيْ: نحنُ بما عندَنا راضونَ، فحَذْفُ الخبرِ ههنا لمحافَظَةِ الوزْنِ،
إذْ لوْ ذُكِرَ لم يَسْتَقِمْ وزنُ البيتِ. والثاني، أي المحافظةُ على
سجْعٍ في النَّثْرِ، نحوَ: { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}، أيْ: وما قَلَاكَ، فحَذَفَ ضميرَ المفعولِ لرعايةِ السجْعِ السابقِ والآتِي.
(8) والتعميمُ: أيْ تعميمُ الفعْلِ وتَعَلُّقُهُ بكلِّ ما يُمْكِنُ أنْ يَتَعَلَّقَ بهِ باختصارِ الكلامِ، نحوَ: { وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ }،
بحذْفِ المفعولِ، أيْ: جميعَ عِبادِه ؛ لأنَّ حذْفَ المعمولِ إذا لمْ
يُوجَدْ قرينةٌ على تَعيينِه كما في الآيةِ يُؤْذِنُ بالعمومِ، أيْ بعمومِ
الفعْلِ، وتَعَلُّقِه بكلِّ معمولٍ معلومٍ جِنْسُه في ضِمْنِ الفعْلِ ؛
لأنَّ تقديرَ بعضٍ دونَ بعضٍ حينئذٍ يعودُ إلى ترجيحِ أحَدِ المتساوِيَيْنِ
على الآخَرِ بلا مُرَجِّحٍ، فيكونُ جميعُ الْخُصوصيَّاتِ مَنْوِيَّةً،
فيَحْصُلُ التعميمُ معَ الاختصارِ. بخلافِ ما لوْ ذُكِرَ ذلكَ المعمولُ
بصيغةِ العمومِ، فإنَّهُ وإنْ كانَ يُفيدُ العمومَ أيضًا لكِنْ يَفُوتُ
الاختصارُ حينئذٍ. (9) والأدبُ، نحوَ قولِ الشاعرِ: قدْ طَلَبْنَا فلمْ نَجِدْ لكَ في السُّؤْ ....... دَدِ والْمَجْدِ والمكارِمِ مَثَلَا
فحَذَفَ مفعـولَ طَلَبْنَا، ولم يَقُلْ: وطَلَبْنَا لكَ مَثلًا؛ لِقَصْدِ
التأدُّبِ معَ الممدوحِ بتَرْكِ مُواجَهَتِه بالتصريحِ بطَلَبِ مَثَلٍ لهُ. (10) وتنزيلُ الْمُتَعَدِّي منزِلةَ اللازمِ في كَوْنِ الْغَرَضِ منهُ
مُجَرَّدَ إثباتِه للفاعِلِ منْ غيرِ اعتبارِ تَعَلُّقِه بمَنْ وَقَعَ
عليه، فَلَا يُؤْتَى بمفعولٍ مذكورٍ ولا مَنْوِيٍّ أصْلًا؛ لعدَمِ
تَعَلُّقِ الغَرَضِ بالمعمولِ والمفعولِ، نحوَ: { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }،
أيْ مَنْ يَحْدُثُ لهُ حقيقةُ العلْمِ، ومَنْ لا يَحْدُثُ لهُ تلكَ
الحقيقةُ. فنَزَّلَ الفعْلَ منزِلةَ اللازمِ؛ إذْ ليسَ الغرَضُ الذينَ
يَعْلَمُونَ شيئًا مخصوصًا، والذينَ لا يَعْلَمون ذلكَ الشيءَ، بل المرادُ
الذينَ وُجِدَ لهمْ مَعْنَى العِلْمِ، والذينَ لمْ يُوجَدْ لهم . ويُعَدُّ من الحذْفِ إسنادُ الفعْلِ إلى نائبِ الفاعلِ: الظاهِرُ أنَّ
عَدَمَ الإتيانِ بالفاعلِ في الفعْلِ المبنيِّ للمفعولِ ليسَ منْ قَبيلِ
الحذْفِ؛ إذْ على تقديرِ جَعْلِ الفاعلِ محذوفًا اعْتُبِرَ إسنادُ ذلكَ
الفعْلِ إلى الفاعلِ المحذوفِ معَ أنَّ ذلكَ الفعلَ لا يَصْلُحُ للإسنادِ
إليه، لكنَّهُ قدْ يُطْلَقُ عليهِ الحذْفُ أيضًا اعتبارًا لصُلُوحِ نفسِ
التركيبِ للإتيانِ بهِ مِنْ غيرِ نَظَرٍ إلى بناءِ الفِعْلِ للمفعولِ،
فكأنَّهُ اعْتَبَرَ الحذفَ أوَّلًا ثمَّ البناءَ، فيقالُ حينئذٍ: حَذَفَ
الفاعلَ إمَّا للخوفِ بأنْ يَخْشَى بذكرِه وإظهارِه منْ غَائلَةٍ منهُ أوْ
عليهِ، أوْ للعلْمِ بهِ فلا حاجةَ لذِكْرِه، أو الجَهْلِ بهِ فلا سبيلَ إلى
ذِكْرِه، نحوَ: سُرِقَ الْمَتاعُ، فحَذْفُ السارقِ في هذا المثالِ إمَّا
للخوفِ منهُ أوْ عليهِ إنْ كانَ معلومًا، وإنْ كانَ مَجْهولًا كانَ حَذْفُه
للجَهْلِ بهِ. وقولُه: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} مثالٌ لِحَذْفِ الفاعلِ للعلْمِ به؛ إذْ من المعلومِ لكلِّ أحَدٍ أنَّهُ لا خالِقَ سوى ذاتِه تعالى).
شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)
قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (ومن دواعي الحذف إخفاء الأمر عن غير المخاطب؛ فإن من الكلام ما يختص بواحد، أو بعدد محصور، وإفشاؤه إلى غيره إفساد له،فلذلك الأصل أن تؤدي إليه الكلام بقدر ما يفهم هو وحده المقصود، وأصل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للسعدين حين أرسلهما إلى بني قريظة يوم الأحزاب: ((إن وجدتماهم على العهد فأعلنا ذلك للناس،وإن وجدتماهم قد نقضوا العهد فلحنا لي لحنا أفهمه ولا تفتا في أعضاد الناس)) فلما أتيا قالا : عضل والقارة ، وعضل والقارة : قبيلتان من العرب عرفتا في الجاهلية بتمام المحبة والصداقة بينهما،ولم تقع بينهما حرب،فالسعدان هنا قالا هنا :عضل والقارة فظن الناس أن هؤلاء معنا كعضل مع القارة ، والنبي صلى الله عليه وسلم فهم أنهم غدروا كما غدر عضل والقارة ببعض الرجيع، فبعض الرجيع غدر بهم عضل والقارة فهنا حذفوا من الإسناد؛لأنه مقتضى الكلام أن يقولوا: غدروا كما غدر عضل والقارة لكنهم حذفوا؛ لئلا يفهم الكلام إلا المخاطب وهو النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا يكون ذلك فتا في أعضاد الناس.
ومثل قولك: أقبل، تريد شخصا بعينه ، أو وصل تريد إنسانا وتريد أن تخفي ذلك عمن لا تريد أن يفهمه، فمخاطبك سيفهم قصدك.
ثانيا من أسباب الحذف: ضيق المقام، أن يكون المقام ضيقاً لا يستطيع الإنسان التوسع فيه بالكلام، إما لتوجع كقول الشاعر:
قال لي كيف أنت قلت عليل ...... سهر دائم وحزن طويل
(قال لي كيف أنت قلت عليل) أصل الكلام أن يقال: قلت: أنا عليل، عليل أي مريض، لكن نظرا لسهده الدائم وحزنه الطويل وعلته، فاختصر فحذف المسند إليه، (قال لي: كيف أنت؟قلت: عليل). وكذلك قول الراجز: شكى إلي جملي طول السرى ....... صبر جميل فكلانا مبتلى صبر جميل معناه أمرك صبر جميل،أي: فقلت له: أمرك صبر جميل،فكلانا مبتلى، أو صبرا جميلا معناه اصبر صبرا جميلا فكلانا مبتلى،فحذف لضيق المقام. وإما لخوف فوات فرصة،كقول صاحب الصياد الذي ينبهه على الصيد: غزال.فلو قال له: هذا غزال،لشرد الغزال، فيقول: غزال،بأقل عبارة تنبهه لاصطياده. ومثل هذا قول أهل النار فيما حكى الله تعالى عنهم : {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون}, {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك}، فأصل الكلام: اشفع لنا إلى ربك {ليقض علينا ربك}،لكن لضيق المقام والعذاب الشديد الذي هم فيه لم يستطيعوا إكمال الكلام. يقول السيوطي رحمه الله: ما كان أغنى أهل نار جهنم .....عن قولهم يا مال وسط جحيم عجلوا عن استكمال لفظة مالك ...... فمن أجل ذا نادوه بالترخيم
كذلك التعميم من أجل الاختصار،فإذا حذف بعض الفضلات اقتضى ذلك العموم،ويقصد به أيضا الاختصار،وذلك مثل قول الله تعالى: {والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}، {والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس} فلم يقل:والله يدعو كل عباده أو جميع عباده أو من يشاء،كما قال في الآية الثانية:{ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وكذلك في الآية الأخرى: {والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس} ولم يقل:والله يدعو الناس،فحذف المعمول هنا يفيد العموم، أي: يدعو كل مدعو، كل من يمكن أن يدعى توجه إليه الدعوة، وكذلك قوله تعالى: {ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} معناه: ادعو كل أحد إلى سبيل ربك،فحذف المفعول هنا للتعميم والاختصار.
كذلك من أسباب الحذف تنزيل المتعدي منزلة اللازم؛ لعدم تعلق الغرض بالمعمول، قد يكون المعمول لا يحتاج إليه في الكلام فلا يتعلق به ذهن السامع فيحذف، فيجعل المتعدي كاللازم،وذلك مثل قول الله تعالى:{قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} فعلم متعدية،فأصل الكلام: قل هل يستوي الذين يعلمون العلم والذين لا يعلمون العلم. لكن حذف المفعول هنا؛ لأن الذهن لا ينصرف إليه وفهم الذين يعلمون، غير واضحة متصفون بالعلم،كأن يعلمون أصبحت لازمة لا تتعدى إلى المفعول أصلا.
ومن أنواع الحذف حذف الفاعل، وحذف المبتدأ، وحذف الخبر، وحذف النائب، وحذف المفعول، وهذه كلها لبعض هذه النكات، فالفاعل قد يحذف للعلم به كقول الله تعالى:{يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له}،وكقوله تعالى: {وخلق الإنسان ضعيفا}، فمن المعلوم أن الله هو الذي ضرب المثل،وهو الذي خلق الإنسان ضعيفا.
وقد يحذف للجهل به كسرق المتاع، لا تدري من سرقه، وقد يحذف لاحتقاره،كقتل علي وأنت تعرف من قتله، أنه عبد الرحمن بن ملجم، لكنك حذفته؛احتقارا له.
وقد يحذف لإصلاح النظم أو لإصلاح السجع؛فإصلاح النظم منه قول لبيد بن ربيعة العامري رضي الله عنه:
وما المرء إلا كالشهاب وضوءه ...... يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
وما المال والأهلون إلا وديعة ..... ولا بد يوما أن ترد الودائع
أصل الكلام أن نرد الودائع، أو أن يرد الناس الودائع، فحذف الفاعل وأنيب عنه نائبه، أسند الفعل إلى النائب إصلاحا للنظم؛ لأنه لو قال: ولا بد يوما أن نرد الودائع لاختلت القافية: أو قال: إن يرد الناس الودائع،لحصل أيضا اختلال في الوزن وفي القافية.
كذلك إصلاح السجع ومنه قول العرب: (من حسنت سريرته حمدت سيرته)، من حسنت سيرته.. من حسنت سريرته أقصد حمدت سريرته أصل الكلم حمد الناس سريرته، لكن لو أثبتنا الفاعل لاختل السجع؛ لأنك ستقول: من حسنت سريرته حمد الناس سيرته،فيختل السجع، لهذا قال:" ويعد من الحذف إسناد الفعل إلى نائب الفاعل،فيقال: حذف الفاعل للخوف منه أو للخوف عليه، أو للعلم به، أو للجهل به نحو سرق المتاع " سرق المتاع إذا كنت تعرف الفاعل السارق فحذفته؛ خوفا عليه أو خوفا منه،أو كنت لا تعرفه فحذفته للجهل به،فكل ذلك مما يحذف له، ونحو:{خلق الإنسان ضعيفا} هذا للعلم بخالقه).
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)
القارئ: (ومن دواعي الحذف : 1- إخفاء الأمر عن غير المخاطب ، نحو : ( أقبل ) تريد ( علياً ) مثلاً).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (انتهى
ذكر المؤلفون لقضايا أو دواعي الذكر وبدأوا بالحديث عن دواعي الحذف ، حذف
ما يمكن أن يحتاج إليه في العبارة ، حينما يقال : ( إخفاء الأمر عن غير
المخاطب ) ، نحو : ( أقبل ) أنت يعني حينما تنظر إلى هذه الجملة ( أقبل )
تجد أنها تتكون من مسند وهو الفعل ومسند إليه وهو الفاعل لكن الفاعل غير
مذكور وهو ضمير مستتر ، يعد هذا الضمير المستتر من يعرفه ؟ يعرفه المتكلم
والمخاطب ولذلك الاكتفاء بمعرفة المخاطب وكون المتكلم متأكداً من معرفة
المخاطب لهذا كأنه يقول : (أقبل ) دون أن يحدد ومن هذا الذي أقبل ؛ لأن
المخاطب يعرفه وكأنما يريد أن يخفيه عن غيره ولهذا الحذف هنا يعني لدلالة
للرغبة في إخفاء الأمر عن غير المخاطب ، لا يصح أن يخفى على المخاطب لأنه
يكون هنا في هذه الحالة إبهام ولا قرينة ، ولكن قرينة فهم المخاطب من
المعنى هي التي سوغت هذا الحذف والغرض منه عدم إخبار غير المخاطب بمن هو
الذي أقبل).
القارئ : (وتأتي الإنكار عند الحاجة ، نحو : لئيم خسيس ، بعد ذكر شخص معين ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: ( (
تأتي الإنكار عند الحاجة ) يعني إمكانية حصول الإنكار لو كان الناس يتحدثون
عن شخص معين وكان للمتكلم موقف من هذا الشخص فإنه لا يربط أن يقول : فلان
فيه صفات اللؤم والخسة وغير ذلك ، وإنما يقول : لئيمٌ فدمٌ خسيسٌ إلى آخره
دون أن يذكر اسم الشخص حتى يتأتى له أن ينكر فيما لو حصل، وهذه طبعاً يعني
مثالها ربما يأتي في الحديث عن الأسلوب الحكيم في البديع ، لكن أذكرها هنا
بصفة مجملة ، حينما قيل : أن ابن القبعثري كان مع مجموعة من أصحابه تحت
شجرة عنب في زمن دمرٍ حصل في بداية الصيف ويعني جرى الحديث عن ذكر الحجاج ،
وكانوا مستظلين بهذه الشجرة فقال سوّد الله وجهه وقطع عنقه وسقاني من دمه ،
نقلت إلى الحجاج ، يلحظ أنه قال : سوّد الله وجهه ، وقطع عنقه وسقاني من
دمه ، فلما نقلت إلى الحجاج قال : أقلت هذا ؟ قال نعم قلته ولكني لم أقله
عنك قال : كيف ؟ قال : كنا تحت شجرة عنب وكنت انظر إلى عنقود من العنب
فأقول : سود الله وجهه يعني أنضجه والعنب حينما يسود يصل إلى مرحلة النضج ،
وقطع عنقه يعني أقطف هذا العنقود وسقاني من دمه أعصره فأشرب عصيره ، وجرى
حوار طويل كالذي سنعرفه عن الحديث عن أسلوب لكن الغرض هنا أنه لم يقرن (
سود الله ) وجه الحجاج مثلاً لو قالها لصارت صريحة لا يتأتى له الإنكار لكن
أما وقد قال : سود الله وجهه دون أن يذكر المعني فهذا يمكنه فيما لو أراد
من الإنكار وهذا عكس ما مر بنا قبل قليل ( التسجيل على السامع ) لأنه لو
ذكر لسجلت عليه وانتهى الحديث في هذا).
القارئ : (والتنبيه على تعيين المحذوف ولو ادعاءاً ، نحو : خالق كل شيء وهاب الألوف).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (التنبيه على يعين أو تعيين المحذوف ولو ادعاءً ) هنا أمور يعرفها الناس
جميعاً ، حينما نقول : (خالق كل شيء ) لا داعي لأن نقول لفظ ( الله )
سبحانه وتعالى في أوساط المؤمنين ، فهم يقدرون ويعرفونه ( الله خالق كل شيء
) إذاً هذا معروف يعني عند فئة المؤمنين الذين يؤمنون بوجود الله عز وجل ،
وأحياناً يكون العرف يدل على ذلك حينما تقول : ( عادل في حكمه ) ينصرف
الذهن في أوساط المسلمين لعمر بن الخطاب رضِي اللهُ عَنْه وأبي بكر الصديق
وجل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ، فهنا لما نقول : عادل في حكمه ،
ينصرف إليه وربما ينصرف الذهن إلى عمر بن عبد العزيز بحسب المقام الذي يمكن
أن يتحدث فيه ، إذاً هناك تعين بذكر المحذوف معروف فكيف يمكن أن يحدد؟
بناءً على السياق الذي ورد فيه الكلام والمقام الذي ورد فيه).
القارئ : (واختبار تنبه السامع ومقدار تنبهه ، نحو : نوره مستفاد من نور الشمس ، وواسطة عقد الكواكب).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: ( (
اختبار تنبه السامع ) إذا كان الحديث عن شخص هو هذا يكاد يكون مقابل
للتعريض بغباء السامع المذكور في دواعي الذكر ، هنا اختبار تنبه السامع
ومقدار تنبهه ، حين يجري الحديث عن شخص من الأشخاص دون أن يعاد اسمه كثيراً
إذا أعدت اسمه فيكون له غرض إذا لم تعد اسمه فالسامعون يقدرونه والأمر
يتوقف على مدى تنبه السامع لهذا أو ذاك ؛ لأنه ربما يكون الحديث عن شخص
ويسهى أو يغفل شخص من الحاضرين فيظن الحديث انتقل إلى شخص آخر فالتنبيه
السامع هذا لون من ألوان يعني القدرة على تقدير المحذوف لو كان الحديث عن
شخص وأقول : نوره مستفاد من نور الشمس ثم يسأل من هذا ؟ طيب الحديث عن شخص
معين فلان من الناس كان الحديث عنه ولذلك لا يحتاج إلى المتنبه لا يحتاج
إلى إعادة ذكر المحذوف ، والذي لا ينتبه لأنه فيه بعض ما ذكر من صفة في
أثناء الحديث عن الذكر وهي قضية الغباء ربما تكون سبباً في الإعادة ، لكن
تنبه السامع يدل على متابعته للكلام ومعرفته لتقدير المحذوف).
القارئ : (وضيق المقام ، إما لتوجع ، نحو :
قــال لـــي كيــف أنــت قلت ..... عليل سهر دائم وحزن طويل).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (ضيق المقام هو في حالات يكون المتكلم فيها غير قادر على إطالة الحديث ولذلك هذا الشاهد : قال لي: كيف أنت ؟ قلت : عليل ، هو صياغة الكلام على أصله يقول : أنا عليل ، لكنه لم يذكر ...).
القارئ: (فالأوَّلُ نحوُ: نجومُ سماءٍ. والثاني نحوُ: قومٌ إذا أَكَلُوا أَخْفَوْا حديثَهم).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هنا التعظيم والتحقير من الأشياء التي يلجأ إليها المتكلمون ليعظموا شخصا
أو يحقروه ومن وسائل هذا التعظيم أو التحقير عدم ذكر اسمه، فإما أن يكون
عدم ذكر الاسم لصونه عن لسانك يعني كأن لسانك لا يستحق أن يذكر اسمه، وهذا
مبالغة من المتكلمين فمن الذي سيكون أعظم من الله جل وعلا ونحن نتعبد الله
عز وجل بذكر اسمه كثيرا نذكره نسبحه نهلهله ولذلك لون من ألوان العبادة هذا
التسبيح الذي نذكر به اسمه، ولذلك يقولون: لسانه رطب بذكر الله، وهذا لون
مما يراه البلاغيون حينما يقولون: نجوم سماء، يستشهدون به على تعظيم أناس
دون أن تذكر أسماؤهم هؤلاء نجوم السماء، فلان أو بنو فلان نجوم سماء، فهذا
في تصوري اجتهاد منهم حينما قالوا هذا الكلام لكنه ليس صحيحا على إطلاقه.
أما الثاني فهو الذي يمكن أن يكون
فيه شيء من الصحة وهو حينما صون لسانك عنه حينما يكون الإنسان يصون لسانه
عن الوقوع في مثل هذه الأشياء ويقول: قومٌ إذا أَكَلُوا أَخْفَوْا حديثَهم.
من هؤلاء؟ لم يذكروا، وهذا أيضا فيه لون من الأدب حينما تريد هجاء ناس ولا
تذكرهم بأسمائهم فيه لون من الأدب وأصل الهجاء فيه نظر ويحتاج المسلم إلى
أن ينضبط أيضا بضوابط الشرع ... الهجاء وعدم الخوض في أعراض الناس).
القارئ: (7- والمحافظةُ على وَزْنٍ أوْ سَجْعٍ، فالأوَّلُ نحوُ:
نحنُ بما عندَنا وأنتَ بما عندَكَ راضٍ، والرأيُ مختلِفٌ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذا
الغرض السابع الذي ورد «المحافظةُ على وَزْنٍ أوْ سَجْعٍ» الحقيقة الأمر
يحتاج إلى وقفة عند هذا اللون إن صح في استشهادهم بالمحافظة على الوزن في
الشعر فهو يصح من جانب لكنه لا يصح من جوانب أخرى، لماذا؟ لأنه حينما يقال:
إن الشاعر حين قال: «نحنُ بما عندَنا وأنتَ بما عندَكَ راضٍ والرأيُ
مختلِفٌ» لأن الأصل أن يقول: نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راض والرأي
مختلف، لكن لو جاء بكلمة راضون هنا لانكسر البيت وزنًا، الحق أن الشاعر
الذي لا يأتي ببعض المفردات خوفا من انكسار الوزن أنا أتصور أنه ليس بشاعر،
الشاعر هو الذي يستطيع أن يأتي بما يريد لكنه حذف لسبب هذا أمر، هذا مهم
جدا، لأن الحذف يحقق أغراضا بلاغية لكن إذا كانت الغاية استقامة الوزن
تتحول الوسيلة في هذه الحالة إلى غاية وستتبين المسألة أكثر حينما يذكر
اللون الثاني الذي أشار إليه المؤلفون).
القارئ: (والثاني نحوُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هنا
مكمن الخطورة هنا حينما يذكر المؤلفون بأن السبب في الحذف هو المحافظة على
استقامة السجع، طبعا هناك الوزن في بيت الشعر أمره سهل لأنه يتناول كلام
الناس، وكلام الناس قابل للأخذ والعطاء، لكن حينما يوصف كلام الله جل وعلا
هنا بأنه تم الحذف لرعاية السجع، للمحافظة على السجع فهذه منقصة في مثل هذا
الكلام، لا ينبغي أن يوصف بها كتاب الله جل وعلا، حينما يستشهدون بقوله عز
وجل: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} يقولون: كلمة قلى، فعل متعد
وحذف المفعول به والأصل قلاك، وذلك للمحافظة على {والضحى * والليل إذا سجى *
ما ودعك ربك وما قلى} حتى تكون قلى مثل: الضحى، مثل: سجى، هذا لا يصح أن
يقال عن كتاب الله عز وجل، لماذا؟ لأن الغاية من كتاب الله عز وجل ليست
لفظية بالدرجة الأولى، نعم تتحقق الغاية اللفظية لكنها تأتي تبعا للمعاني،
ولذلك قال الخطابي في كتاب له .. رسالة صغيرة سماها: بيان إعجاز القرآن،
وهو فصل فيها بين السجع والفاصلة، قال: السجع ما كانت المعاني تابعة
للألفاظ وهذا ينطبق على سجع الكهان، السجع ما كانت المعاني تابعة للألفاظ،
يعني عندهم الدرجة الأولى هي الألفاظ، أما الفاصلة فما كانت الألفاظ فيها
تابعة للمعاني يعني المعاني هي التي تأتي بالدرجة الأولى ولذلك حينما
يستشهد بهذا الكلام، نعم تحققت الفاصلة في الآية الكريمة لكن هل هي الغاية
في ذاتها؟ لا، لأن مما قيل في هذا: إن كلمة {قلى} متعدية ولو جاءت قلاك
لكان فيه لون من ارتباط الضمير العائد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بهذا الفعل الدال على البعد والله سبحانه وتعالى لا يريد أن يقع هذا لرسوله
صلى الله عليه وسلم ولذلك السبب ليس رعاية الفاصلة بالدرجة الأولى بقدر ما
هو تكريم للرسول صلى الله عليه وسلم جاءت الفاصلة تبعا لذلك؟ نعم لا يمنع
أن تتحقق الفاصلة.
الاستشهاد الذي ينبغي أن يورد هنا
حينما يقول البلاغيون في مثل قول من قال: من طابت سريرته حمدت سيرته، لو
أنا رجعنا وقلنا يمكن أن تكون هذه العبارة: من طابت سريرته حمد الناس سيرته
سيختلف، بدل ما تكون سيرته مثل سريرته كلها مرفوعة فيكون السجع فيها أوضح
مما لو حصل ذكر الفعل بلفظه يقول: حمد الناس سيرته لاختل، هذا نعم يمكن أن
يستشهد به ويقال لكن في كلام الله جل وعلا أنا أحذر القول على إطلاقه في
مثل هذه المسألة).
القارئ: .........................
(8- والتعميمُ باختصارٍ، نحوَ:
{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ}، أيْ: جميعَ عِبادِه؛ لأنَّ
حذف المعمول يُؤْذِنُ بالعمومِ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (التعميم
باختصار يعني اختصار اللفظ، عدم ذكر اللفظ يحقق العموم وهذا يرد في مواضع
كثيرة جداً، استشهاد المؤلفين بقوله عز وجل: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى
دَارِ السَّلاَمِ} يدعو من؟ المدعو لم يذكر ولذلك يلحظ هنا أن عدم تحديد من
يدعى إلى دار السلام هو لون من إتاحة الفرصة لأن يدخل فيه عامة من يستمع
إلى هذا من أراد الله عز وجل هدايته، لو لاحظنا أن الدعوة هنا فسرت بأنها
جميع عباده، الله يدعو جميع عباده إلى دار السلام، طبعا من يستجيب، لو
لاحظنا لتمام الآية: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ ويهدي من
يشاء إلى صراط مستقيم} يلحظ أن الهداية .. حدد الدعوة إلى دار السلام
مفتوحة والهداية حددت بـ{من يشاء} وهذا أيضا لون من الأشياء العجيبة في
موطن واحد يكون الحذف للتعميم وهو الدعوة لإقامة الحجة على الناس، الذي
يتحقق له الهداية هو من يشاء الله لأن الناس .. يظل الناس تحت مشيئة الله
عز وجل من شاء هدايته يهديه وهذا من الأشياء العجيبة التي في موطن واحد
يمكن أن يتحقق لها مثل هذا التعميم أو ذلك التحديد).
القارئ: (9- والأدبُ، نحوُ قولِ الشاعرِ:
قدْ طَلَبْنا فلمْ نَجِدْ لكَ في ...... السُّؤْدَدِ والمجْدِ والمكارِمِ مثلاَ)
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (قدْ طَلَبْنا فلمْ نَجِدْ لكَ في ...... السُّؤْدَدِ والمجْدِ والمكارِمِ مِثْلاَ
قد طلبنا هنا لاحظ «مِثْلا» في آخر البيت:
قدْ طَلَبْنا فلمْ نَجِدْ لكَ في ...... السُّؤْدَدِ والمجْدِ والمكارِمِ مِثْلاَ
يمكن أن تكون «مِثْلا» معمول للفعل
«طلبنا» ومعمول للفعل «نجد»، لكن أي التقديرين أولى بالمدح؟ لأن الشاعر
أراد أن يمدح مخاطَبه، لو قال: قد
طلبنا لك مثلا فلم نجد لكان اعترافا
من الشاعر بوجود المثل لكن الشاعر ما وجده لكن لو قدر: قد طلبنا بدون
تحديد ما قال: لك، قال: فلم نجد لك مثلا، طلب ماذا؟ هو ما واضح إنه يطلب له
مثل لكن لم يذكره للتأدب مع الممدوح حتى كأنه يقول للناس هو لا يوجد له
نظير أو لا يوجد له مثيل لأننا لم نجد له ذلك فهذا أيضا مما يقال إن السبب
في الحذف هو التأدب مع الممدوح).
القارئ:
(10- وتنزيلُ المتعدِّي مَنزلةَ اللازمِ لعَدَمِ تَعلُّقِ الغرَضِ
بالمعمولِ، نحوُ: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ
يَعْلَمُونَ}).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (يُسأل عن من يعلمون ماذا ولا يعلمون ماذا؟ هل هذا مقصود؟ المقصود هو حصول
العلم في ذات العلم أياً كان هذا العلم حينما يساوى بين فئتين ينظر هل هذا
يعلم وهذا لا يعلم؟ التساوي في جانب العلم وعدمه لا في جانب نوع العلم
المحصل أو غير ذلك فهو نزل مع أن الفعل يعلم متعدي لكنه جعل بمنزلة الفعل
اللازم فلم يقيد بمفعول وهذا يصلح أن يكون مثالا أيضا للتعميم، يعلمون أي
شيء؟ ولا يعلمون أي شيء؟ فحين توازن بين فئتين، فئة تعلم وفئة لا تعلم
فالفئة التي تعلم يقينا ستكون أفضل من الفئة التي لا تعلم، ولا مساواة بين
فئة تعلم وفئة لا تعلم لكن ما نوع هذا العلم؟ هذا يتوقف إذا كان .. لو فرضا
أن هذا عنده علم وذاك عنده علم لكن هذا علم نافع وذاك علم ضار لا شك أننا
سنفضل من كان عنده العلم النافع على الذي عنده العلم الضار، لكن مبدأ حصول
العلم عند شخص هو ميزة يمكن أن تحقق له تفضيله على غيره ممن لا يعلم).
القارئ:
(ويُعدُّ من الحذفِ إسنادُ الفعْلِ إلى نائبِ الفاعلِ، فيُقالُ: حُذِفَ
الفاعلُ للخَوْفِ منهُ أوْ عليه، أوْ للعلْمِ به، أو الجهلِ، نحوَ: (سُرِقَ
المتاعُ)، و{خُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (تأخير
الحديث عن إسناد الفعل إلى نائب الفاعل الحقيقة هو تأخير موفق من قبل
المؤلفين رحمهم الله؛ لأن بعض البلاغيين يجعل هذا من الحذف وهذا ليس حقيقة
من الحذف لأنه .. نعم يعد يعني كأنه شبيه بالحذف، لأن عندنا الحذف يقع
للمسند أو المسند إليه أو المتعلق لكن حينما نقول: سُرِقَ المتاعُ، أصل
الجملة: سرق اللص المتاع، فحذف اللص لكن المسند إليه في الجملة الأولى: سرق
اللص المتاع، المسند: سرق، والمسند إليه: اللص، والمتاع: قيد، لكن حينما
تغير لفظ الجملة فصارت: سُرِقَ المتاعُ، تحول سرق بقي على ما هو عليه أنه
مسند، لكن المتاع بدل ما كان قيدا صار مسندا إليه إذن عندنا المسند والمسند
إليه فمن حيث الصياغة ليس هناك حذف لكن نيابة نائب الفاعل عن الفاعل هو
هذا الذي يكاد يكون شبيها ولكنه لا يدخل في قضية الحذف ولذلك يقولون: إن
هذا متميز بأنه له أغراض خاصة إما الخوف منه أو عليه أو للعلم به أو الجهل،
حينما يقال: للخوف منه أو عليه، سُرِقَ المتاعُ إما أنه يخاف من اللص أو
يخاف عليه إذا كان قريب وربما لم يسرقه عن عمد أو العلم به كما نقول:
{خُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} فالله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإنسان
ولذلك حذف الفاعل ونيابة المفعول عنه للعلم به وأذكّر هنا بقضية الإسناد
إلى ما لم يسم فاعله أو إلى المجهول لأن هنا حينما نقول: الفعل خُلِقَ هل
نقول: مبني للمجهول أو نقول: إنه مسند إلى ما لم يسم فاعله؟ فهنا معلوم وهو
الله عز وجل فكيف نصفه بأنه مجهول! ولذلك يقال: أسند الفعل إلى غير فاعله).
القارئ: (بارك
الله فيكم، فضيلة الشيخ في قوله تعالى: -الكلام على مراعاة الفواصل- في
سورة الأعراف وسورة الشعراء قدم موسى على هارون لأن الفواصل قريبة من هذه
الفاصلة {فألقي السحرة ساجدين قالوا أمنا برب العالمين رب موسى وهارون} وفي
سورة طه قدم هارون على موسى {قالوا آمنا برب هارون وموسى}؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (إذا كان [انقطع الصوت]).
القارئ:
(..... حصلت للشعبي مع الحجاج حينما أمره أن يسب عليا على المنبر فقال
الشعبي: «إن الأمير أمرني أن ألعن علي بن أبي طالب فالعنوه لعنه الله»،
استخدم الحذف، فمن أي أغراض الحذف ... ؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (.... أولا هذا يعني شاهد لموضوع سيأتي في ألوان البديع يسمى الاستخدام،
لاحظ أنك استخدمت كلمة استخدم وقد استثمرها البلاغيون في جعله مصطلح سموه
الاستخدام كما سنعرف ... هنا واضح تماما الخوف منه هو السبب في ذلك وهذا
لون من البراعة في التعبير مع أننا نبرأ .... الحديث والخوض في مثل هذه
المسألة التي تتناول صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الذين نكن لهم جميعا
المحبة والتقدير والدعاء لكن على فرض أننا وقفنا عند هذا لغير الصحابيين
الجليلين فلاحظ أنه أمرني بأن ألعن عليا فالعنوه، الضمير يرجع إلى من؟ هو
يفهم .. الذي طلب منه اللعن يفهم أنه يريد المتحدث عنه ........ هذه
الألوان ولكن هنا حينما نقول يمكن أن يكون الغرض هو الخوف منه).
الكشاف التحليلي
- من دواعي الحذف:
- الداعي الأول: إخفاء الأمر عن غير المخاطب، مثاله:أقْبَلَ؛ تريد علياً
- الداعي الثاني: ضيق المقام، من جهات:
- الجهة الأولى: التوجع؛ مثاله: "قال لي:كيف أنت؟ قلت:عليل" أي أنا عليل.
- قد يكون ضيق المقام في قوله :"قال لي:كيف أنت؟ قلت:عليل" لأجل المحافظة على الوزن
- الجهة الثانية: خوف فوات فرصة؛ مثاله: قول الصياد:غزال.
- الداعي الثالث: التعميم باختصار، مثاله: {والله يدعو إلى دار السلام}
- الداعي الرابع: تنزيل الفعل المتعدي منزلة اللازم لعدم تعلق الغرض بالمعمول، مثاله: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذي لا يعلمون}
- الداعي الخامس للحذف: تيسير الإنكار للمتكلم عند الحاجة إليه، مثاله:لئيم خسيس؛ فإذا لامك قلت:ما سمَّيتك.
- الداعي السادس: التنبيه على تعيين المحذوف، سواء كان حقيقة أو ادعاء.
- مثال الحقيقة:{خالق كل شيء} أي الله سبحانه
- مثال الادعاء: وهاب الألوف، أي السلطان؛ لإمكان أن يتصف بذلك غيره.
- الداعي السابع: اختبار تنبه السامع عند القرينة، مثاله:نوره مستفاد من الشمس وواسطة عقد الكواكب.
- الداعي الثامن: التعظيم والتحقير، مثال التعظيم:نجوم سماء، ومثال التحقير:قوم إذا أكلوا أخفوا حديثهم، المحذوف في المثالين:هم..
- الداعي التاسع:المحافظة على وزن البيت، أو سجع النثر، ومثاله..
- الداعي العاشر:الأدب؛ ومثاله:قد طلبنا فلم نجد لك في السؤ (م) ددِ والمجد والمكارم مِثْلا
- عدم الإتيان بالفاعل في الفعل المبني للمفعول قد يكون من قبيل الحذف باعتبار، وقد لا يكون كذلك باعتبار.
- من الحذف الذي لا يرتكب إلا لنكتة: إسناد الفعل إلى نائب الفاعل، لأغراض:
- الخوف منه، ومثاله:قُتٍل قتيل، أو الخوف عليه، ومثاله:شُتِم الأمير
- العلم به، ومثاله: {وخلق الإنسان ضعيفاً}، أو الجهل به، ومثاله:سُرِق المتاع.
- وغير ذلك، كالمحافظة على السجع، ومثاله:من طابت سريرته حُمِدت سيرته،
وتعظيم الفاعل، ومثاله:تكلم بما لا يليق، أو تحقيره، ومثاله: قد قيل ما قيل).