1 Nov 2008
ق34: من أدَّى عن أخيه واجبَه له الرجوع إن نوى المطالَبة
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): (وَمــَنْ يـُؤَدِّ عـَنْ أَخـِيــْهِ وَاجِبَا = لــَهُ الــرُّجـُوْعُ إِنْ نـَوَى يـُطـَالــِبَا).
شرح الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): (دميِّينَ، منَ القرضِ، والسَّلَمِ، وأثمانِ السِّلعِ، والنَّفقاتِ الواجبة للزَّوجاتِ، والمماليكِ، والأقاربِ، والبهائمِ، وَيدخلُ في هذَا قضاءُ الضَّامِنِ والكفيلِ، مَا على المضمونِ عنهُ والمكفولِ لهُ، ولوْ لمْ يأذنْ في الضَّمانِ ولاَ في الكفالةِ، ولاَ الأداءِ، وهذَا كلُّهُ إذَا نوى الرُّجوعَ، فإِنْ لمْ ينوِ الرُّجوعَ فأَجرُهُ على اللهِ، وَلاَ يرجعُ على منْ أُدِّيَ عنهُ،
وهذَا أيضاً كلُّهُ في الدُّيونِ الَّتي لا تحتاجُ إلى نيَّةٍ.
فأَمَّا ما يحتاجُ إلى نيَّةٍ كالزَّكواتِ
والكفَّاراتِ ونحوِهَا، فلاَ يُؤدِّي عنْ غيرِهِ إلاَّ بإذنِهِ، لأَنَّ
هذَا الأداءَ لاَ يبرئُ منْ أَدَّى عنْهُ، لاحتياجِهِ لنيَّتِهِ، واللهُ
أعلمُ).
روضة الفوائد ، لفضيلة الشيخ : مصطفى مخدوم
قال الشيخ مصطفى بن كرامة الله مخدوم: ( (46)الدِّيونُ نوعان:
1- دِيونٌ تحتاجُ إلى نيَّةٍ في الأداءِ، كالزَّكَواتِ والكفَّاراتِ، فلا يَصِحُّ أن يُؤَدِّيَ أحدٌ عن أحدٍ مثلَ هذه الدِّيونِ إلا بإذنِه؛ لأن الأداءَ هنا لا يُبْرِىءُ ذمَّةَ صاحبِه، لاحتياجِه إلى نيَّتِه.
2-ديونٌ لا تحتاجُ إلى نيَّةٍ في الأداءِ، كالقَرْضِ والسَّلَمِ ونفقةِ الأولادِ والزَّوجاتِ وأُجْرةِ الرَّضاعِ. فهذه الدِّيونُ يصحُّ فيها الأداءُ بدونِ إذنِ صاحبِها؛ لأنَّها مِن بابِ
الحُظوظِ المَحْضَةِ، الَّتي لا يَتَوَقَّفُ حصولُ المقصودِ منها على
النِّيَّةِ. فمثلُ هذه الدِّيونِ إذا أدَّاها الشَّخصُ عن آخرَ فله الرُّجوعُ إذا نوَى
المطالبةَ بها عند الأداءِ، أمَّا إذا نوَى التَّبرُّعَ، أو لم يَنْوِ
شيئًا لم يَرْجِعْ؛ لأنَّه لم يُوَكِّلْه، ولم يَأْذَنْ له، وأجرُه على
اللهِ تعالى. والوقتُ المعتبرُ للنِّيَّةِ هو وقتُ الأداءِ، فإن نوَى التَّبرُّعَ عندَه،
ثم نوَى المطالبةَ بعدَه، فلا يستحقُّ شيئًا، لأنَّ الساقطَ لا يعودُ. وهذا النَّوعُ الثَّاني من الدُّيونِ هو المرادُ بالبيتِ المذكورِ.
ومعناه:
أن مَن أدَّى عن أخيه دَيْنًا واجبًا عليه فله الرُّجوعُ عليه إن نواه، وإلا فلا رجوعَ له، وهذا أشبهُ بالمسائلِ الجُزْئيَّةِ من القواعدِ الفقهيَّةِ).
شرح الشيخ: سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ: (ومن يؤدي عن أخيه واجبا له الرجوع إن نوى يطالبا) قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (هذا البيت متعلق بقضاء الحقوق عن الغير.
والواجبات
منها: ما لا يدخله النيابة، فلا يتصور فيه أن يقضي إنسان عن غيره ذلك الواجب. مثل الصلاة، هل يتصور أن يصلي إنسان عن غيره؟ هذا الواجب لا تدخله النيابة؛ ومن ثم لا يصلي إنسان عن غيره. النوع الثاني:
من الواجبات: ما تدخله النيابة ويتمحض أن يكون عبادة، مثل: الحج، فهنا لا يجوز للإنسان أن يؤدي هذا الفعل عن غيره إلا إذا أذن، أو كان المؤدَّى عنه ميتاً، لا يجوز أن تحج عن والدك الحي إذا لم يأذن لك، ولو كان الوالد عاجزاً ولا يستطيع الحج، مادام عقله معه.
النوع الثالث :الحقوق التي لا تتمحض أن تكون عبادة، مثل: النفقة، ومثل سداد الدين، فحينئذ هل إذا أدى الإنسان عن غيره واجباً من هذه الواجبات، هل يستحق ما أداه؟
نقول: لا يخلو من [أحوال]:
[الحال الاولى]:
إذا أدى عن غيره حقّاً وهو لا ينوي الرجوع إليه، سدد عنه الدين ما يقصد أنه يرجع إليه، فحينئذ لا يحق له أن يطالب بسداد ذلك الدين، لأنه عندما أدى الدين لم يقصد الرجوع إليه.
ودليل ذلك
أن هذه هبة لزمت بالقبض؛ لأنه لا ينوي الرجوع، والهبة إذا لزمت بالقبض حرُم الرجوع فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((العائد في هبته كالكلب يقيء، ثم يعود في قيئه)).
[الحال الثانية]: أن يؤدي هذا الواجب الذي لا يتمحض أن يكون عبادة -قد يُفعل على جهة العبادة، وقد يُفعل على جهة غير جهة العبادة- بإذنٍ مِمَّن عليه الحق، فهذا يجوز له الرجوع بالإجماع؛ لأنه إنما تصرف بإذنه، فهو بمثابة الوكيل.
[الحال الثالثة]:أن يؤدي الحق عن غيره ناوياً الرجوع إليه بدون إذنه، فهذه اختلف الفقهاء فيها والحنابلة يرون أنه يجوزله الرجوع إليه، وهو اختيار المؤلف هنا، وظواهر النصوص تدل عليه.
مثل قوله عز وجل: { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}، هذا محسن.
ومثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من صنع إليكم معروفاً فكافئوه))، وهذا قد صنع معروفاً.
ويدل عليه قوله جل وعلا: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فأوجب الأجرة بالإرضاع ولم يشترط إذناً من الوالد).
العناصر
شرح قول الناظم:
ومن يؤد عن أخيه واجبًا له الرجوع إن نوى يطالبا
شرح مفردات البيت
قاعدة في أداء الحقوق عن الغير، وبيان ما يندرج تحتها وما لا يندرج
أنواع الواجبات من حيث دخول النيابة:
النوع الأول: ما لا تدخله النيابة
مثاله: الصلاة
حكمه: لا تجوز النيابة فيه
النوع الثاني: ما تدخله النيابة ويتمحض أن يكون عبادة
مثاله: الحج
حكمه: لا تجوز فيه النيابة إلا بإذن صاحبه أو موته
النوع الثالث: الحقوق التي لا تتمخض أن تكون عبادة، وله فيها ثلاثة أحوال:
الحال الأولى: إذا أدى عن غيره واجباً وهو لا ينوى مطالبته به
حكمه: لا يحق له أن يطالبه
دليله: قوله صلى الله عليه وسلم: (العائد في هبته كالعائد في قيئه)
الحال الثانية: إذا أدى عن غيره واجباً بإذنه
حكمه: يجوز له المطالبة
دليله: الإجماع
الحال الثالثة: إذا أدى عن غيره واجباً بغير إذنه ونوى المطالبة
حكمه: ظواهر النصوص تدل على جواز المطالبة
الدليل الأول: قوله تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)
الدليل الثاني: قوله تعالى: (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن بالمعروف)
الدليل الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: (من صنع إليكم معروفاً فكآفئوه)
أنواع الديون المؤداة عن الغير:
النوع الأول: ديون تحتاج إلى نية في الأداء
مثاله: مثل الزكوات والكفارات
النوع الثاني: ديون لا تحتاج إلى نية في الأداء
مثاله: القرض والسلم ونفقات الأولاد والزوجات
أنواع الحقوق المالية:
النوع الأول: ديون
النوع الثاني: نفقات واجبة
الأسئلة
س1: مثل بمثال لما تدخله النيابة من العبادات ومثال لما لا تدخله.
س2: ما الحكم إذا أدى عن غيره واجباً بغير إذنه ناوياً المطالبة به؟
س3: الديون المؤداة عن الغير نوعان، اذكرهما مع التمثيل لكل منهما.