1 Nov 2008
ق28: الميسور لا يسقط بالمعسور
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): (وَيَفْـعَـلُ البَـعْـضَ مِــنَ المَـأمِـورِ ... إنْ شَــقَّ فِـعْـلُ سَـائِـرِ المَـأْمُـورِ).
شرح الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): ( (38)
إذا أمر العبد بأمر واجب أو مستحب فإما أن يقدر عليه كله، وإما أن يعجز
عنه كله، وإما أن يقدر على بعضه، ويعجز عن بعضه. فإن قدر عليه كله فعله
كله، وإن عجز عنه كله سقط عنه فعله كله، وأما ثوابه وأجره فإن كان له نية
جازمة أنه لو قدر عليه لفعله فأجره على قدر نيته، وإن لم يكن له نية لم يكن
له شيء.
وإن عجز عن بعض المأمور به، وقدر على باقيه فعل ما يقدر عليه منه، وسقط عنه ما لم يقدر عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم))،
مثل أن يكون عنده ماء قليل ولا يكفي لطهارته فإنه يستعمله فيما يكفي،
ويتيمم عن الباقي. وإن عجز عن غسل بعض أعضائه لآفة غسل ما يقدر عليه منها،
وسقط ما عجز عنه، وإن عجز عن الصلاة قائماً صلى قاعداً، فإن عجز صلى
مضطجعاً، وإن قدر أن يصلي بعض صلاته قائماً وعجز عن القيام في بعضها قام
فيما يقدر عليه وسقط ما عجز عنه وكذلك في زكاة الفطر وفي النفقة لمن تجب
نفقته يقدم نفسه ثم الأقرب فالأقرب.
وأفعال الحج يفعل ما يقدر منها، ويستنيب في الباقي. وكذلك مراتب الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر أولها باليد ثم باللسان ثم بالقلب. بل جميع
العبادات داخلة تحت هذه القاعدة إذا عجز عن بعضها فعل ما يقدر عليه منها
إلا في الصوم، ونحوه، مما ليس بعضه عبادة فإنه إذا قدر على صوم نصف النهار
دون باقيه لم يؤمر بالإمساك إلى نصف النهار؛ لأن العبادة مجموع اليوم لا
بعضه، والله أعلم).
شرح الشيخ: سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ: (ويفعل البعضَ من المأمورِ إن شق فعل سائر المأمورِ)
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (هذا البيت أسقطته بعض
النسخ، فهو موجود في بعض النسخ، وليس موجوداً في البعض الآخر، وهو موجود في
المنظومة من أول ما نظمها الشيخ -رحمه الله-، ولكنّ سبب ذلك من الطبع،
وليس من كون الشيخ لم يذكر أولم يقل هذا البيت إلا متأخراً، لذلك في بعض
الطبعات نجد أن البيت السابق فيه شرح للبيت اللاحق لهذا البيت؛ فيدلنا على
أن هذين البيتين هما من صلب هذه المنظومة، ولم تزد عليها.
وقد تقدم شيء من الحديث عن هذه القاعدة وأن المأمور إذا شق على المكلَّف بحيث لم يتمكن من فعله سقط وجوبه عنه، ودليل ذلك قول الله عز وجل:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم))،
أما إذا تمكن العبد من فعل بعض المأمور، ولم يتمكن من فعل جميعه، فظاهر ما
سبق أنه يفعل ما يتمكن منه، وهذا يعبر عنه الفقهاء بقولهم: (الميسور لا يسقط بالمعسور).
إلا أن الفقهاء ذكروا أن المأمورات على ثلاثة أنواع: - نوع إذا لم يتمكن المكلَّف من فعل [جميعه] فعل ما يستطيع منه، ويمثلون لذلك: بما
إذا كان العبد لا يستطيع إخراج الواجب من الزكاة جميعه في الوقت الحاضر،
لكن يستطيع إخراج البعض، أخرج البعض وبقي البعض الآخر، حتى يتمكن من
إخراجه، ومثله أيضاً في الصلاة: إذا لم يتمكن من فعل جميع المأمور، بأن لم يكن يتمكن من القيام فإنه يفعل بقية أجزاء الصلاة. - والنوع الثاني من الواجبات: ما إذا لم يتمكن العبد من فعل بعضه سقط الجميع. ومثال ذلك: الصيام، إذا كان العبد لا يستطيع صيام جميع اليوم سقط عنه صيام جميع اليوم، ولو كان يستطيع صيام بعض اليوم. وفرقوا بين هذين؛ بأن
الأول يعتبر بمثابة وحدات متفرقة، فإذا سقط البعض لم يسقط الباقي، والثاني
بمثابة جزئية واحدة، فإذا سقط بعضه فلا قيمة للبعض الآخر. ومثال الثاني أيضاً: من وجبت عليه الرقبة في كفارة الجماع في نهار رمضان،
ولم يستطع إلا نصف الرقبة، سقط عنه وجوب الجميع، ويقولون في ذلك قاعدة
عندهم: (ما لا يتبعض فاختيار بعضه كاختيار كله، وسقوط بعضه كسقوط كله). - والنوع الثالث: ما يقع متردداً بين هذين الأمرين، مثل: الوضوء والغسل، فهل هو جزئية واحدة بحيث إذا سقط البعض سقط الجميع ؟ أو هو جزئيات منفصلة ؟ فأما الغسل فالأظهر فيه أنه جزئيات منفصلة بدلالة عدم وجوب الموالاة فيه، وأما الوضوء فالنظر فيه متردد).
العناصر
شرح قول الناظم:
شرح قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور)
ويفعل البعض من المأمور إن شق فعل سائر المأمور
أدلة قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور)
1- قوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم)
2- قوله صلى الله عليه وسلم: (وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)
أنواع المأمورات من حيث القدرة عليها والعجز عنها:
النوع الأول: المأمور الذي إذا لم يتمكن المكلف من فعله كله فعل ما يستطيعه منه
مثاله: الصلاة إذا لم يستطع فعل جميع المأمورات فعل ما يستطيعه منه ويسقط عنه الباقي
النوع الثاني: المأمور الذي إذا لم يتمكن المكلف من فعله كله سقط عنه
مثاله: من لم يستطع الصوم فإنه يسقط عنه
النوع الثالث: ما تردد بين النوعين السابقين
مثاله: الوضوء والغسل
الأسئلة
س1: اشرح بإيجاز قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور).
س2: مثل لما يلي:
أ- مأمور يفعل المكلف ما يستطيعه منه لعجزه عن بعضه.
ب- مأمور يسقط عن المكلف لعجزه عن بعضه.