1 Nov 2008
خطبة الناظم
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): (الحـمـدُ لــلـــهِ الــــعلـــيِّ الأرْفَقِ = وجـامــِعِ الأشــيـاءِ والـــمـــفَرِّقِ
ذِي الــنِّعـَمِ الـــوَاسـِعــَةِ الـــغَزِيرَه = وَالـحـِكـَمِ الـــبـَاهـِرَة الــــكـَثيرَه
ثـــُمَّ الـــصَّلاةُ مـــــَعْ ســَلامٍ دَائِمِ = عـَلـَى الـرَّسُولِ الـقُرَشِيِّ الـْخَاتَمِ
وَآلــــِهِ وَصـــَحـــْبـــِهِ الأَبــــــْرَارِ = الـحــَائِزِيْ مــَرَاتــِبِ الــــفــَخَارِ)
شرح الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376هـ): ( (الحمدُ للهِ العليِّ الأرْفَقِ وجامِعِ الأشياءِ والمفَرِّقِ)
أَمَّا الحمدُ فهوَ:
الثَّناءُ على اللهِ بصفاتِ كمالِهِ، وسبوغِ نعمِهِ، وسعةِ جُودِهِ وبديعِ
حكمتِهِ؛ لأَنَّهُ تعالى كاملُ الأسماءِ والصِّفاتِ والأَفعالِ، ليْسَ في
أسمائِهِ اسمٌ مذمومٌ، بلْ كلُّهَا أَسماءٌ حُسنَى، ولاَ في صفاتِهِ صفةُ
نقصٍ وعيْبٍ، بلْ هيَ صفاتٌ كاملةٌ منْ جميعِ الوجوهِ، وهوَ تعالى جميلُ
الأَفعالِ؛ لأَنَّ أفعالَهُ دائرةٌ بيْنَ العدلِ والإحسانِ، وهوَ محمودٌ
على هذَا وعلى هذَا أَتمَّ حمدٍ وأَكملَهُ.
و(اللهُ) : هوَ المأْلوهُ المعبودُ، الّذِي يستحقُّ أَنْ يُؤلَّهَ ويُعْبَدَ بجميعِ أنواعِ العبادةِ، ولا يُشرَكُ بهِ شيءٌ لكمالِ حمْدِهِ.
(العليُّ) : الّذِي لهُ العلوُّ التَّامُّ المطلقُ منْ جميعِ الوجوهِ: علوُّ الذَّاتِ، وعلوُّ القَدْرِ، وعلوُّ القَهْرِ.
(الأَرفقُ): أي: الرَّفيقُ في أَفْعالِهِ، فأَفعالُهُ كلُّهَا رفقٌ على غايةِ المصالحِ والحكمةِ.
وقدْ أظهرَ سبحانَهُ
لعبادِهِ منْ آثارِ رفْقِهِ مَا يستدلُّونَ بهِ على كمالِهِ وكمالِ حكمتِهِ
ورفقِهِ، كمَا في خلقِ السَّماواتِ والأَرضِ ومَا بينهُمَا في ستَّةِ
أَيَّامٍ، معَ أنَّهُ قادرٌ على أنْ يخلقَهَا في لحظةٍ.
وكذلكَ خَلقُهُ الإنسانَ،
والحيواناتِ والنَّباتَ، على اختلافِ أنواعِهِ، يخلقُهَا شيئاً فشيئاً،
حتَّى تنتهِيَ وتكملَ، معَ قدرتِهِ على تكميلِهَا في لحظةٍ، ولكنَّهُ رفيقٌ
حكيمٌ، فمِنْ حكمتِهِ ورفقِهِ تطويرُهَا في هذِهِ الأطوارِ، فلاَ تَنافي
بينَ قدرتِهِ وحكمتِهِ.
كمَا أَنَّهُ يقدرُ على
هداية الضَّالِّينَ، ولكنَّ حكمتَهُ اقْتضتْ إبقاءَهُمْ على ضلالهمْ عدْلاً
منْهُ تعالى، ليْسَ ظلْماً، لأَنَّ إعطاءَ الإيمانِ والهدَى محْضُ فضلِهِ،
فإذَا منعهُ أحداً لمْ يُعَدَّ ظالِماً، لا سيّمَا إذَا كانَ المحلُّ غيرَ
قابلٍ للنِّعمِ، فكلُّ صفةٍ منْ صفاتِهِ تعالى لهَا أثرٌ في الخلْقِ
والأمرِ، ولا يُنافى بعضُهَا بعضاً.
ومَنْ
فَهِمَ هذَا الأصلَ العظيمَ انْحَلَّتْ عنهُ إشكالاتٌ كثيرةٌ في معرفةِ
أسماءِ اللهِ وصفاتِهِ، ونَزَّلَ كلَّ اسمٍ منْ اسماءِ اللهِ في محلِّهِ
اللاَّئقِ بهِ.
وَقَوْلي: (وَجَامِعِ الأَشْيَاءِ والمُفَرِّقِ):
يَعْني: اَنَّهُ -تعالى-
جَمَعَ الأشياءَ في شيءٍ، وفرّقَهَا في شيْءٍ آخرَ، كمَا جَمَعَ بينَ
خَلْقهِ في كونِهِ خَلَقَهُمْ، وَرَزَقهمْ، وفرّقَ بينهمْ في الأَشْكالِ
والصُّورِ، والطُّولِ والقِصَرِ، والسَّوادِ والبياضِ، والحُسنِ والقُبحِ،
وغيرِ ذلكَ مِنَ الصِّفاتِ.
كلُّ هذَا صادرٌ عنْ كمالِ قدرتِهِ وحكمتِهِ، ووضعِهِ الأَشياءَ مواضعَهَا اللائقَةِ بهَا، واللهُ أَعلمُ.
(ذِي النِّعَمِ الوَاسِعَةِ الغَزِيرَة وَالحِكَمِ البَاهِرَة الكَثيرَة)
هذَا بيانٌ لسعةِ فضلِهِ
وعطاياهُ الشَّاملةِ لجميعِ خَلقِهِ، فلاَ يخلُو مخلوقٌ منْ نعمِهِ طرفةَ
عيْنٍ، ولا سيّمَا الآدميُّ، فإنَّ اللهَ فضَّلهُ وشرّفهُ، وسخَّرَ لهُ مَا
في السَّماواتِ ومَا في الأَرضِ، وأسبغَ عليْهِ نعمَهُ الظَّاهرةَ
والباطنةَ، ولاَ يمكنُ تَعدادُ نعمِهِ، قالَ تعالى: {وإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}.
ولكنَّهُ تعالى رَضيَ منْ
شُكْرِ نعمِهِ بالاعترافِ بهَا، والتَّحدُّثِ بهَا، وصرفِهَا في طاعةِ
اللهِ، وأَنْ لاَ يُستعانَ بشيءٍ منْ نعمِهِ على معاصِيهِ.
وَقَوْلي: (والحِكمِ البَاهِرَةِ الكَثيرَه):
يعني: أَنَّ حِكَمَهُ
تعالى كثيرةٌ تبهرُ العقولَ، وتتعجَّبُ منهَا غايةَ العجبِ، فإنَّ جميعَ
مخلوقاتِهِ ومأْموراتِهِ مشتملةٌ على غايةِ الحِكْمَةِ.
ومَنْ نظرَ في هذَا الكونِ
وعجائِبِهِ وسمائِهِ وأَرضِهِ، وشمسِهِ وقمرِهِ، وكواكبِهِ وفصولِهِ
وحَيَوانِهِ، وأشجارِهِ ونباتِهِ، وجبالِهِ وبحارِهِ، وجميعِ ما يحتوي
عليهِ، رأى فيهِ العجائبَ العظيمةَ، ويكفي الإنسانَ نفسُهُ، فإِنَّهُ إذَا
نَظَرَ إلى كلِّ عضوٍ منْ أَعضائِهِ عَلِمَ أَنَّهُ لا يصلحُ في غيْرِ
مَحَلِّهِ.
(ثُمَّ الصَّلاةُ مَعْ سَلاَمٍ دَائِمِ عَلى الرَّسُولِ القُرَشِيِّ الخَاتمِ)
أَمَّا الصَّلاةُ منَ
اللهِ فهيَ ثناؤُهُ على عبدِهِ في الملأِ الأَعْلى، ففيهَا حصولُ الخيرِ،
والسَّلامُ فيهِ دفْعُ الشَّرِّ والآفاتِ.
والرَّسولُ: منْ أُوحِى إليهِ بشرعٍ وأُمِرَ بتبليغِهِ.
والخاتمُ: الَّذي خَتَمَ اللهُ بهِ أنبياءَه ورسلَهُ، فلا نبيَّ بعدَهُ.
(وَآلِهِ وَصَحْبِهِ الأَبْرَارِ الحَائِزِي مَرَاتِبِ الفَخَارِ)
وآلُ النَّبيِّ همْ:
أَتْبَاعُهُ على دينِهِ إلى يومِ القيامةِ، فيدخُلُ فيهِمُ الصَّحابةُ،
فيكونُ عطفُهُمْ عليهِمْ مِنْ بابِ عطفِ الخاصِّ على العامِّ، لمزيتهِمْ
وشرفهِمْ، بالعلمِ النَّافِعِ والعملِ الصَّالِحِ والتُّقَى الكاملِ،
الَّذي أَوْجَبَ لهمْ مفاخرَ الدُّنْيَا والآخرةِ، رضِىَ اللهُ عنهُمْ).
شرح الشيخ: سعد بن ناصر الشثري (مفرغ)
القارئ: (الحمد لـلـه العلي الأرفق = وجامع الأشياء والمفرق)
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (هذا البيت بدأ به الشيخ -رحمه الله- القواعد الفقهية، فبدأ بحمد الله عز وجل، وهكذا السنة: أن يبدأ في الخطب بحمد الله عز وجل.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ خطبه بحمد الله والثناء عليه.
وكان صلى الله عليه وسلم يبدأ رسائله وكتبه
بالبسملة بدون حمد، فيقول: ((بسم الله الرحمن الرحيم من محمدٍ رسول الله إلى قيصر عظيم الروم)) ونحوه.
فالسنة، البداءة في الكتب وفي الرسائل بالبسملة، والبداءة في الخطب بحمد الله سبحانه، فإذا كان هناك مؤلَّف وكتاب، فإن كثيراً من أهل العلم رأوا أنه يبدأ به بالأمرين معاً: البسملة وحمد الله تعالى؛ وأخذوا هذا من أنه يجمع الأمرين معاً؛ كونه رسالة مكتوبة، وكونه خطبة؛ لأنه سَيُقرأ بعد ذلك، وقالوا: وفيه اقتداء بكتاب الله عز وجل؛ فإنه بدأ بالبسملة، ثم حمده سبحانه.
ويراد بالحمد:
وصف المحمود بالوصف الجميل مع محبته وتعظيمه، هذا هو المراد بالحمد في لغة العرب.
وبعض العلماء يقول: إن المراد بالحمد: الثناء بالجميل، وقد استُشكل ذلك لما ورد في الصحيح من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: ((قسمت
الصلاة بيني وبين عبدي قسمين أو نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب
العالمين قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال العبد: الرحمن الرحيم قال الله:
أثنى علىَّ عبدي))ففرق بين الثناء وبين الحمد.
وهذا جعل بعض العلماء يرى أن الثناء: يراد به تكرير الحمد،
مأخوذ من (الثني) في اللغة، يقال: ثنى هذا الأمر وثناه بمعنى أتى به مرة أخرى.
وقوله: (العلي)
هذا وصف لله عز وجل بالعلو، والله موصوف: بعلو الذات وبعلو القدر، ولا يعني وصف الله عز وجل بأحد نوعي العلو أن نمنع منه النوع الآخر من أنواع العلو.
وقوله هنا:
(الأرفق) مأخوذ من الرفق، فالله رفيق يحب الرفق، وكان في بعض النسخ التي طبعت في الزمان الأول بالواو: (الأوفق) وقد
استشكلتُها واستشكلت وصف الله عز وجل بها، فسألت الشيخ ابن عثيمين -رحمه
الله- عن هذا اللفظ، فذكر لي بأنهم حفظوا هذه المنظومة على الشيخ بلفظ (الأرفق) بدون (الأوفق). وقوله هنا: (وجامع الأشياء والمفرق)
هذا فيه وصفٌ لله عز وجل بالجمع والتفريق، ومن أوصاف الله عز وجل أنه يجمع
بين الأشياء المتشابهة في الحكم ويفرق بين الأشياء المختلفة، وعلى هذا
الأمر بنيت القواعد الفقهية. فإن القواعد عبارة عن جمع المتشابهات ووضعها في قاعدة واحدة بينما علم الفروق مبنيٌّ على إظهار السبب الذي من أجله فُرِّق بين المسائل.
القارئ: (ذِي النِّعَمِ الوَاسِعَةِ الغَزِيرَة = وَالحِكَمِ البَاهِرَة الكَثيرة)
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (هذا أيضاً من وصف الله عز وجل والثناء عليه، وهو سبحانه قد أنعم علينا بنعم متعددة واسعة، من أفضلها نعمة دين الإسلام، ونعمة التوجه لطلب العلم الشرعي.
ونعم الله عديدة لا يمكن للعبد أن يحصيها، لذلك قال جل وعلا:{وَإِنْ تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}.
وقوله هنا:
(والحكم الباهرة الكثيرة).
هذا وصفٌ لله عز وجل بأنه حكيم، فالله حكيمٌ في أوامره الكونية، وحكيمٌ في أوامره الشرعية.
فإن خطاب الله وأمره على نوعين:
- أمرٌ وخطابٌ كوني، والله عز وجل حكيم يضع الأشياء في محالّها، ولا يقدر شيئاً إلا لحكمة.
- والله
عز وجل أيضاً حكيمٌ في شرعه، فإنه ما شرع شيئاً إلا وفيه الحكمة، وفيه
مصلحة العباد، ومن هنا فإن وصف الله عز وجل بالحكيم نستفيد منه أنه:
- حكيم في تصرفاته.
- وحكيم في أوامره.
- وحكيم في شرعه.
وهذا من الألفاظ التي تقع على معانٍ متعددةٍ
ويراد باللفظ الواحد جميع تلك المعاني.
القارئ: (ثم الصلاة مع سلامٍ دائمِ = على الرسول القرشي الخاتم)
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (بعد ذلك ذكر المؤلف الصلاة والسلام على رسول الله، وقد كان من المعروف عند بعض العلماء والمشتهر بينهم أنه يراد بلفظ الصلاة: الدعاء، ويستدلون على ذلك بعددٍ من كلام العرب.
وإذا تأمل الإنسان كلام العرب وراعاه كله، وجد أن المراد بالصلاة: الثناء والذكر الجميل، وأنه لا يراد بلفظ الصلاة في جميع المواطن: الدعاء، ويدل على هذا أن بعض النصوص الواردة في الصلاة لا يمكن أن تُفسر بالدعاء مثل نسبة الصلاة لله عز وجل: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} لا يمكن أن يقال: هو الذي يدعو.
ثم أيضاً إن الدعاء يتعدى باللام (دعا فلانٌ لفلان) بينما الصلاة تتعدى بلفظ (على) ولذلك، فإن الأظهر أن يراد بلفظ الصلاة: الثناء والذكر الجميل.
وقول بعض الناس: إن المراد بالصلاة من الله: الرحمة، هذا قول خاطئ، ويخالف منهج أهل السنة في تفسير الصلاة، وفي تفسير الرحمة، فإنهم يفرقون بين الرحمة وبين الصلاة، بل إن النصوص الشرعية جاءت بالتفريق بينهما، قال جل وعلا: {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} فلو كانت الصلاة هي الرحمة لما كان لعطف الرحمة على الصلاة فائدة.
وقوله: (الخاتم) هذا
وصفٌ للنبي صلى الله عليه وسلم لكون الله قد ختم به الرسالة، والخاتِم
بكسر التاء: اسم فاعل، فكأنه قد جاء آخر الرسل، والخاتَم بفتح التاء: اسم
آلة، كأنه قد ختمت به الرسالة.
فإن قال قائل:
إن عيسى عليه السلام سيأتي في آخر الزمان، فكيف يُوصف محمد صلى الله عليه وسلم بأنه خاتم الرسل؟
فالجواب عن ذلك: أن عيسى عليه السلام قد تقدم زمانه، ثم إن عيسى عليه السلام لا يأتي بصفة كونه نبيّاً، وإنما يأتي بصفة كونه عبداً متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يأتي بشرع جديد، ولا يُنبأ بتعاليم جديدة، وإنما يكون متابعاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم،
والدليل على أنه صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء قوله سبحانه: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}وقوله صلى الله عليه وسلم كما في (البخاري): ((لا نبي بعدي)).
القارئ: (وآله وصحبه الأبـرار = الحائزي مراتب الفخار)
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (صلى المؤلف أيضاً على آل النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون بذلك متبعاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أمر أصحابه في التشهد بالصلاة عليه وعلى آله، ولذلك نقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.
والآل في لغة العرب يراد بها عدداً من المعاني:
منها: القرابة، فآل فلانٍ قرابته.
ويراد بها الأتباع،
فيقال:
آل فلان، بمعنى أتباعه، وبذلك فُسِّر قوله عز وجل: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} فإن المراد بآل فرعون هنا: أتباعه، لأن من قرابة فرعون من هداه الله عز وجل ودخل في دين الإسلام، ولذلك وقع الخلاف بين العلماء:
هل المراد بالآل هنا الأتباع أو القرابة ؟
على منهجين للعلماء.
وقوله: (وصحبه) لا يدلنا على أن المـراد بلفظ (آله) هم قرابته، لأنه لا يمتنع أن نعطف الخاص على العام كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} والعمل الصالح جزءٌ من أجزاء الإيمان، {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} وإقامة الصلاة خاص عطف على العام وهو العمل الصالح.
ومنه قوله عز وجل:{قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالََ} وجبريل وميكال خاص أُتي بهما بعد العام في قوله:{مَلآئِكَتِهِ}.
والمراد بلفظ الأصحاب هنا: من رأى النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ساعةً واحدةً، مؤمناً به، ومات على ذلك.
والعلماء يأتون بهذه اللفظة رَدًّا على الرافضة الذين يترضون ويصلون على الآل، ولا يترضون عن الأصحاب.
وقد جاءت النصـوص في فضل الصحابة رضـوان الله عليهم وبيان مكانتهم ومنزلتهم:
منها قـوله سبحـانه: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}.
ومنها
قوله سبحانه: {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا}.
ومنها
قوله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم قرني ثم الذين يلونهم)) من حديث عمران بن حصين في الصحيح وغير ذلك من النصوص).
العناصر
سبب تأليف السعدي للمنظومة
الهدي فيما يبتدأ به في أوائل المصنفات
شرح قول الناظم:
الحمدُ للهِ العليِّ الأرْفَقِ = وجامِعِ الأشياءِ والمفَرِّقِ
ذِي النِّعَمِ الوَاسِعَةِ الغَزِيرَة = وَالحِكَمِ البَاهِرَة الكَثيرَة
مسألة البدء بالبسملة
مشروعية الابتداء بالحمدلة والبسملة
تعليل عدم ذكر البسملة في المنظومة
شرح قوله: (الحمد لله)
سبب بدء المؤلف بالحمدلة
تعريف (الحمد)
استحقاق الله للحمد من جميع الوجوه
الفرق بين الحمد والثناء
معنى لفظ الجلالة: (الله)
معنى اسم الله: (العلي)
أنواع العلو ثلاثة:
1- علو الذات
2- علو القهر
3- علو القدر
معنى قوله: (الأرفق)
بيان معنى (الرفق)
ثبوت وصف الله تعالى بالرفق بدلالة السنة النبوية
ذكر بعض آثار رفق الله تعالى التي يُستدل بها على كماله
بيان خطأ ما وقع في بعض النسخ من وصف الله بـ (الأوفق)
المحفوظ عن الشيخ قوله: (الأرفق)
معنى قوله (جامع الأشياء والمفرق)
هذه الجملة فيها براعة استهلال
المراد ببراعة الاستهلال
قوله: (جامع الأشياء والمفرق) من باب الخبر
معنى قوله: (ذي النعم الواسعة الغزيرة)
بيان سعة فضل الله
المراد بالنعم
معنى قوله: (الواسعة)
معنى قوله: (الغزيرة)
معنى قوله: (والحكم الباهرة الكثيرة)
تعريف (الحِكَم)
وصف الله بالحكيم
خفاء بعض الحكم لا يدل على انتفائها، بل هو دليل النقص البشري
أنواع الحكمة:
النوع الأول: حكمة كونية
النوع الثاني: حكمة شرعية
المراد بالحكمة إذا قرنت بكتاب الله وآياته
معنى قوله: (الباهرة)
شرح قول الناظم: ثم الصلاة مع سلام دائم على الرسول القرشي الخاتم
معنى (الصلاة) لغة
معنى (الصلاة) شرعاً
المراد بالصلاة من الله على عبده: الثناء
الدليل على أن صلاة الله على عبده هي الثناء
معنى (السلام)
الأفضل جمع الصلاة والسلام عند ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم
تعريف (الرسول)
مسألة: الفرق بين الرسول والنبي
معنى قوله: (القرشي)
معنى قوله: (الخاتم)
سبب وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه الخاتم
الدليل على ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم
نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان لا ينافي ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم
شرح قول الناظم: وآله وصحبه الأبرار الحائزي مراتب الفخار
المراد بآل النبي
معنى (الآل) في اللغة
المعنى الأول: القرابة
المعنى الثاني: الأتباع
ذكر الصحابة بعد الآل من باب ذكر الخاص بعد العام
تعريف (الصحابي)
فضل الصحابة
الصحابة أفضل طبقات الأمة
معنى قوله: (الأبرار)
معنى قوله: (الحائزي)
معنى قوله: (مراتب)
معنى قوله: (الفخار)
الأسئلة
س1: ما سبب تأليف السعدي لمنظومته؟
س2: بين معنى البسملة باختصار.
س3: ما الفرق بين الحمد والثناء؟
س4: اذكر أنواع العلو.
س5: ما معنى قول الناظم (الأرفق)؟
س6: ما معنى براعة الاستهلال، وما مثالها من النظم؟
س7: اذكر أنواع الحكمة الإلهية.
س8: ما الفرق بين النبي والرسول؟
س9: ما المراد بآل النبي صلى الله عليه وسلم؟
س10: عرف الصحابي.
س11: كيف تعالج أمراض الشبهات والشهوات؟
روضة الفوائد ، لفضيلة الشيخ : مصطفى مخدوم
قال الشيخ مصطفى بن كرامة الله مخدوم: ( (1) الحمدُ هو: الثناءُ.
و(اللهُ) عَلَمٌ على
المعبودِ بحقٍّ، وهو الاسمُ الجامعُ الذي تَرْجِعُ إليه جميعُ الأسماءِ،
كما قال سبحانه: {وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}
[الأعراف: 180] وعدَّه جُمهورُ العلماءِ الاسمَ الأعظمَ الذي إن سُئِل به
أَعْطَى، وإن دُعِي به أجاب.
وقد بدَأ النَّظمَ بالحَمْدلةِ اتِّباعاً للقرآنِ، وعملاً بالسُّنَّةِ.
أما الأولُ: فقد بدَأ اللهُ تعالى كتابَه بسورةِ الحمدِ.
وأما الثاني: فواردٌ مِن قولِه وفعلِه صلَّى الله عليه وسلَّم.
أما القولُ: فحديثُ:
((كُلُّ أمْرٍ ذِي بالٍ لا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدِ فَهُوَ أَبْتَرُ))،
رواه أبو داودَ وابنُ ماجه والنَّسائيُّ في (عملِ اليومِ والليلةِ) وأحمدُ
والدارَقُطْنيُّ، وصحَّحه أبو عَوانةَ وابنُ حبَّانَ، وحسَّنه النَّوويُّ
وابنُ الصَّلاحِ وابنُ حجَرٍ.
وأما الفعلُ: فقد كان صلَّى الله عليه وسلَّم يَفْتَتِحُ مواعظَه وخُطَبَه بالْحَمْدلةِ، كما يُؤْخَذُ مِن مجموعِ الرِّواياتِ.
ويقومُ مقامَ الحمدلةِ كلُّ ما فيه ثناءٌ للهِ تعالى، كالبسملةِ ونحوِها.
قولُه: (العَلِيِّ)، أي: المتَّصفِ بالعُلُوِّ المطلقِ، فيَشْمَلُ:
- عُلُوَّ الذاتِ: بمعنى أنه مُسْتَوٍ على عرشِه، عالٍ على خلْقِه، ويشملُ:
- عُلُوَّ القَهْرِ: بمعنى أن كلَّ شيءٍ تحتَ سلطانِه وقدرتِه، فهو الذي قهَر الأشياءَ بجلالهِ وعظمتِه.
وقد جمَع اللهُ بينهما في قولِه: {وَهَوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام، 18].
ويشْملُ:
- عُلُوَّ القَدْرِ والمكانةِ والشَّأْنِ: كما قال الحَكَميُّ رحِمه اللهُ:
عُلُوَّ قَهْرٍ وعُلُوَّ الشانِ جَلَّ عن الأضْدادِ والأعْوانِ
كذا له العُلُوُّ والفَْوقيَّهْ على عبادِه بلا كَيْفيَّهْ
و(العَلِيُّ) مِن أسماءِ
اللهِ تعالى الحُسْنى، كما قال سبحانه: {وَهُوَ العَلِيُّ الْعَظِيمُ}
[البقرة: 255]، بل ثبَت ما هو الأبلغُ، كما في قولِه: {سَبِّحِ اسْمَ
رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:1]
(الأَرْفَقُ) صيغةُ تفضيلٍ
مِن الرِّفقِ، وهو الليِّنُ، وضدُّه العنفُ، والرِّفقُ مِن صفاتِه
سبحانَه، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم، ((إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ
الرِّفْقَ)).
(جامعِ الأشياءِ
والمفرِّقِ) يعني أنه سبحانَه يَجْمَعُ بينَ الأشياءِ في بعضِ المعاني
والصفاتِ، ويُفَرِّقُ بينَها في البعضِ الآخرِ.
فالنَّاسُ يشتركون في أصلِ
الرِّزقِ، فكلُّ مخلوقٍ مرزوقٌ {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الأَرْضِ إِلاَّ
عَلَى اللهِ رِزْقُهَا} [هود:6]، ولكنَّهم يتفاوتون في مقدارِ الرِّزقِ
ونوعِه على حسبِ الحكمةِ الإلهيَّةِ، كما قال سبحانَه: {وَلَوْ بَسَطَ
اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا في الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ
بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إنه بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} [الشورى:27].
والنَّاسُ يَجْتَمِعون في أصلِ الخلقِ، فكلُّهم مخلوقٌ للهِ تعالى، ولكنَّهم يَتَمايَزون في الهيئةِ والصُّورةِ والألوانِ.
وإطلاقُ هذا اللفظِ
-أعْني: (وجامعِ الأشياءِ والمفرِّقِ)- على (اللهِ تعالى) من بابِ
الإخبارِ، وليس مِن بابِ التَّسميةِ، فيَصِحُّ الإخبارُ عن اللهِ تعالى
بكلِّ ما صحَّ من حيث المعنى، ولكن لا يُسَمَّى إلا بما ورَدَت تسميتُه به.
وتعبيرُ النَّاظمِ بقولِه:
(وجامعِ الأشياءِ والمفرِّقِ) فيه بَراعةُ اسْتِهلالٍ، كما يسَمِّيه
البلاغيُّون، والمرادُ بها: دَلالهُ مطلَعِ الكلامِ على مضمونِه، فهذا
التَّعبيرُ يدلُّ على أن هذا النَّظمَ في القواعدِ الَّتي من شأنِها الجمعُ
لكثيرٍ من الفروعِ، والتَّفريقُ بينَ بعضِها.
(2) (النِّعمُ): جمعُ نعمةٍ -بكسرِ النُّونِ- وهي: المنفعةُ المفعولةُ على جهةِ الإحسانِ إلى الغيرِ.
فخرَجَت المضرَّةُ، والمنفعةُ المفعولةُ على جهةِ الإساءةِ، فلا تسمَّى نعمةً.
وأما النَّعمةُ -بفتحِ النُّونِ- فهي التنعُّمُ.
(الواسعةُ): من الّسَّعةِ، وهي ضدُّ الضَّيقِ.
(الغزيرهْ): من الغَزارةِ، وهي الكثرةُ ضدُّ القلَّةِ.
ونعمُ اللهِ تعالى موصوفةٌ بهاتين الصِّفتين: {وَإِنْ تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} [النحل:18] أي: لسَعتِها وكثرتِها.
(والحِكَمُ): جمعُ حكمةٍ،
وهي:اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يمنَعُك مِن الوقوعِ في الخطأِ، وإذا قُرِنَت
بآياتِ اللهِ وكتابِه فالمرادُ خصوصُ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ، كقولِه
تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن آيَاتِ الِله
وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34].
(الباهرةِ): أي: المُدْهِشةِ للعقولِ لعظمتِها ودقَّتِها.
وهذه الحكمُ الكائنةُ في
مخلوقاتِه وأحكامِه قد نُدْرِكُها لوضوحِها، وقد لا ندركُها لخفائِها،
وقلَّةِ علومِنا، وضعفِ عقولِنا، فيكونُ خفاؤُها دليلاً على قصورِ العقلِ
البشريِّ.
(3) (الصَّلاةُ): هي ثناءُ
اللهِ على العبدِ في الملأِ الأعلى، وقيل: الرحمةُ، وهذا تفسيرُ باللازمِ،
والأوَّلُ أصحُّ، لأنَّ اللهَ تعالى جمعَ بينَهما في قولِه تعالى:
{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة:157]،
والأصلُ في العطفِ إفادةُ المُغايَرةِ بينَ المعطوفِ والمعطوفِ عليه.
وهذا الأصحُّ رواه البخاريُّ تعليقاً، عن أبي العاليةِ رُفَيْعِ بنِ مِهْرانَ الرِّيَاحيِّ.
(والسَّلامُ): بمعني
التَّسليمِ، وهو التَّحيَّةُ، أو المرادُ السَّلامةُ مِن النَّقائصِ.
والأفضلُ عندَ ذكرِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُجْمَعَ بينَ
الصَّلاةِ والسَّلامِ؛ لظاهرِ قولِه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56] حيث أمَرنا
بالفعلَيْن.
(الرَّسول) أي: المُرْسَلُ إلى غيرِه، وهو شرعًا أخصُّ من النَّبيِّ.
وذهَب بعضُ العلماءِ إلى
عدمِ التَّفريقِ بينَهما؛ لأنَّ اللهَ تعالى أثْبت لهما معنى الإرسالِ،
فقال سبحانَه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ
نَبِيٍّ} [الحج، 52].
والصوابُ وجودُ الفرقِ بينَهما، بدليلِ العطفِ في الآيةِ السَّابقةِ، فإنه يقتضي المغايرةَ بينَهما في الأصلِ، وهذا قولُ الجُمهورِ.
ثم اختَلفوا في تحديدِ الفرقِ بينَهما:
فقيل: هو الأمرُ بالتَّبليغِ، فإن أُمِر بالتَّبليغِ فهو رسولٌ، وإن لم يُؤْمَرْ فهو نبيٌّ.
وقيل: هو في الشَّريعةِ المرسَلِ بها، فإن أُرْسِل بشريعةٍ جديدةٍ فهو رسولٌ، وإن أُرْسِل بشريعةٍ سابقةٍ فهو نبيٌّ.
(القرشيِّ) أي: المنسوبِ
إلى قريشٍ، وهم بنو النَّضْرِ بنِ كِنانةَ، فكلُّ مَن كان مِن ولدِه فهو
قرشيٌّ، وهذا الراجحُ من أقوالِ أهلِ النَّسَبِ، لقولِه صلَّى الله عليه
وسلَّم: ((نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، لا نَقْفُو أُمَّنَا،
وَلاَ نَنْتَفِي مِن أَبِينَا)) رواه ابنُ ماجه، وحسَّنه الحافظُ ابنُ
كثيرٍ في (الفصولِ).
وقولُه: ( (لاَ نَقْفُو أُمَّنَا)). أي، لا نَتَّبِعُ أُمَّنا في النَّسبِ، لأنًَّ الولدَ يُنْسَبُ لأبيه دونَ أمِّه.
(الخاتَمِ). أي: الذي خُتِم به الأنبياءُ والمرسَلون، كما قال تعالى: {وَلَكنْ رَسُولَ اللهِ وخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40].
وفي الحديثِ الصحيحِ: ((لاَ نَبِيَّ بَعْدِي))، وقد أجْمَع العلماءُ على ذلك.
(4) إضافةُ (الآلِ) إلى
المُضْمَرِ هو مذهبُ جمهورِ أهلِ العربيَّةِ، وفي مقدِّمتِهم أبو العباسِ
الْمَبرّدُ، خلافاً للكِسائيِّ وأبي جعفرٍ النَّحَّاسِ.
ومن شواهدِ الجمهورِ قولُ عبدِ المطَّلِبِ:
لا همَّ إنَّ المرءَ يَمْنَعُ رحلَه فـــــامـــــْنــــَعْ رِحــــالَكْ
وانـْصُرْ على آلِ الصَّليبِ وعــابــِدِيــه الـيـــومَ آلـَكْ
والغالبُ في (الآلِ) أنه لا يُضافُ إلا إلى ما فيه شرفٌ، فلا يقالُ: آلُ الزَّبَّالِ، وآلُ الحَجَّامِ، ونحوُ ذلك.
وآلُه صلَّى الله عليه وسلَّم هم أقاربُه المؤمنون.
وقيل: أتباعُه إلى يومِ الدِّينِ، ويُقَوِّي الأولَ عطفُ (الصَّحبِ) عليه، فلو كان المرادُ الأتباعَ لاكْتُفِى به عن ذكرِ الصُّحبةِ.
والصَّحبُ: اسمُ جمعٍ لصاحبٍ.
والصَّحابيُّ هو: كلُّ من
لقِي النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مؤمناً به، ومات على ذلك، ولو
تخلَّلَته ردَّةٌ على الأصحِّ، كما قال الحافظُ ابنُ حجرٍ.
(الأبرارِ): جمعُ بَرٍّ، وهو الصَّادقُ والكثيرُ البِرِّ. والبَرَرةُ: جمعُ بارٍّ.
(الحائزي): أصلُه مِن الحَوْزِ، وهو الجمعُ والضَّمُّ.
(مراتبِ): جمعُ مرتبةٍ، وهي الدَّرجةُ والمنزلةُ.
(الفَخارِ): أي: الشَّرفِ.
وشَرَفُ الصُّحْبةِ لا يَعْدِلُه شرفٌ، فالصَّحابةُ هم أفضلُ طبقاتِ الأُمَّةِ بشهادةِ القرآنِ والسُّنَّةِ).