1 Nov 2008
ترتيب الأدلة
قال إمام الحرمين: أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني (ت ٤٧٨هـ) : (وَأَمَّا الأَدِلَّةُ:
- فَيُقَدَّمُ الْجَلِيُّ مِنْهَا عَلَى الخَفِيِّ.
- وَالمُوجِبُ لِلْعِلْمِ عَلَى المُوجِبِ لِلظَّنِّ.
- وَالنُّطْقُ عَلَى القِيَاسِ.
- وَالقِيَاسُ الجَلِيُّ عَلَى الخَفِيِّ.
فَإِنْ وُجِدَ في النُّطْقِ مَا يُغَيِّرُ الأَصْلَ وَإِلاَّ فَيُسْتَصْحَبُ الحَالُ).
شرح الورقات للعلامة: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي
قال جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (ت ٨٦٤هـ): ( (3) (وَأَمَّا الأَدِلَّةُ: فَيُقَدَّمُ الْجَلِيُّ مِنْهَا عَلَى الْخَفِيِّ) وَذَلِكَ:(كَالظَّاهِرِ) وَ(الْمُؤَوَّلِ)؛ فَيُقَدَّمُ اللَّفْظُ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ عَلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ.
(وَالْمُوجِبُ لِلْعِلْمِ عَلَى الْمُوجِبِ لِلظَّنِّ)
وَذَلِكَ (كَالْمُتَوَاتِرِ) و(الآحَادِ)، فَيُقَدَّمُ الأَوَّلُ، إِلاَّ
أَنْ يَكُونَ عَامًّا فَيُخَصَّ بِالثَّانِي كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ
تَخْصِيصِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ.
(وَالنُّطْقُ) مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ (عَلَى الْقِيَاسِ) إِلاَّ أَنْ يَكُونَ النُّطْقُ عَامًّا فَيُخَصَّ بِالْقِيَاسِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَالْقِياسُ الْجَلِيُّ عَلَى الْخَفِيِّ) وَذَلِكَ كَقِيَاسِ الْعِلَّةِ عَلَى قِيَاسِ الشَّبَهِ، (فَإِنْ وُجِدَ فِي النُّطْقِ) مِنْ كِتَابٍ أَو سُنَّةٍ (مَا يُغَيِّرُ الأَصْلَ)
أَي: العَدَمَ الأَصْلِيَّ الَّذِي يُعَبَّرُ عَن اسْتِصْحَابِهِ
بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ، فَوَاضِحٌ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِالنُّطْقِ.
(وَإِلاَّ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، (فَيُسْتَصْحَبُ الْحَالُ) أَي: الْعَدَمُ الأَصْلِيُّ؛ أَيْ: يُعْمَلُ بِهِ).
شرح الورقات لابن الفركاح الشافعي
قال تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري ابن الفركاح الشافعي (ت: 690هـ): ( (3) (وأمَّا
الأدِلَّةُ، فيُقَدَّمُ الْجَلِيُّ على الْخَفِيِّ، والمُوجِبُ للعلْمِ
على الموجِبِ للظَّنِّ، والنطْقُ على القِياسِ، والقياسُ الْجَلِيُّ على
الْخَفِيِّ، فإنْ وُجِدَ في النُّطْقِ ما يُغَيِّرُ الأصلَ وإلاَّ
فَلْيُسْتَصْحَب الحالُ).
الغرَضُ مِنْ هذا الفصْلِ الكلامُ علي كَيْفِيَّةِ استعمالِ الأدِلَّةِ المذكورةِ، واستخراجِ الأحكامِ منها.
- فالظاهِرُ
جَلِيٌّ بالإضافةِ إلى المُؤَوَّلِ، والمتواتِرُ مُوجِبٌ للعلْمِ
فيُقَدَّمُ على الآحادِ، إلاَّ إذا كانَ المتواتِرُ دَالاًّ بطريقِ
العُمُومِ، فيَجوزُ تَخصيصُهُ بما يُفيدُ الظَّنَّ مِنْ خبرِ الواحدِ
والقياسِ على ما تَقَدَّمَ؛ فإنَّ الموجِبَ للعِلْمِ إذا كانتْ دَلالتُهُ
قاطِعَةً قُدِّمَ على ما يُعارِضُهُ ممَّا يُوجِبُ الظنَّ، وإذا كانتْ
دَلالتُهُ مُحْتَمِلَةً، وأَمْكَنَ الجمْعُ بينَهُ وبينَ ما يُعارِضُهُ،
جُمِعَ.
وقولُهُ: (يُقَدَّمُ النُّطْقُ على القِياسِ)
يعني: إذا كانَ النُّطْقُ نَصًّا، فلوْ كانَ عامًّا واقْتَضَى القياسُ
تخصيصَهُ، ففي ذلكَ ما تَقَدَّمَ مِن الكلامِ في تخصيصِ العُمومِ بالقياسِ،
فليسَ تقديمُ النطْقِ على القِياسِ مُطْلَقًا، بل التفسيرُ الذي
ذَكَرْنَاهُ.
والقياسُ الْجَلِيُّ: مِثلُ قِياسِ العِلَّةِ يُقَدَّمُ على قِياسِ الشَّبَهِ؛ لأنَّهُ خَفِيٌّ بالإضافةِ إلى قِياسِ العِلَّةِ.
وقولُهُ: (وإنْ وُجِدَ في النطْقِ ما يُغَيِّرُ الأصلَ وإلاَّ فلْيُسْتَصْحَب الحالُ)
كلامٌ ناقصٌ؛ فإنَّ العُدُولَ إلى الاستصحابِ لا يكونُ إلاَّ عندَ عَدَمِ
النُّطْقِ فقطْ، بلْ عندَ عَدَمِ المنطوقِ والمفهومِ والقياسِ جَميعًا،
فإنَّما يُعْدَلُ إليهِ عندَ عَدَمِ جميعِ ما يُسَمَّى دليلاً غيرَهُ).
الأنجم الزاهرات للشيخ: محمد بن عثمان المارديني
قال شمس الدين محمد بن عثمان بن علي المارديني (ت: 871هـ): ( (3)
أقولُ: لمَّا فَرَغَ منْ الحَظْرِ والإِبَاحَةِ شَرَعَ في كَيْفيَّةِ
اسْتِعْمَالِ الأَدِلَّةِ، وَهُوَ البابُ الخامسَ عَشَرَ، فأشارَ رحمهُ
اللهُ إلى أنَّهُ إذَا تعارضَ دليلانِ على المجتهِدِ: قدَّمَ الجليَّ على الخفيِّ
كروايةِ عائشةَ -رضيَ اللهُ عنْهَا-: (إذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ فَقَدْ
وَجَبَ الغُسْلُ) ثمَّ قالتْ: فعلتُهُ أنَا ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - فاغْتَسَلْنَا.
فهذِهِ مقدَّمَةٌ على روايةِ أبي هريرةَ حينَ روى: (الماءُ منَ الماءِ)؛ لأنَّ أزْواجَهُ أعلمُ بهذَا منَ الرِّجَالِ.
- وكذَا: يُقدَّمُ الدليلُ الموجِبُ للعلمِ على الموجِبِ للظَّنِّ
كالدَّليلِ منَ الكِتابِ، والسُّنَّةِ المتواترةِ، على الآحادِ؛ فإنَّ
سننَهُ الآحاديَّةَ لاَ تُفيدُ إلاَّ ظنًّا، فكانَ الدَّليلُ القطعيُّ
مقدَّمًا على الظنيِّ.
- وكذَا: يُقَدَّمُ دليلُ النُّطْقِ على دليلِ القياسِ؛
لأنَّهُ أَقْوى؛ فإنَّ الدَّليلَ إذَا وردَ منَ الكتابِ، أوِ السُّنَّةِ
قُدِّمَ على القياسِ، إلاَّ إذَا دلَّ القياسُ على الخصوصِ فإنَّهُ مقدَّمٌ
كمَا سَبَقَ منْ حَمْلِ العمومِ على الخصوصِ.
- وكذَا: يُقَدَّمُ القياسُ الجليُّ على القياسِ الخفيِّ.
والجليُّ هوَ: الَّذي
يُفْهَمُ بَديهيًّا عنْدَ سماعِهِ منْ غيرِتأمُّلٍ، كـ:قياسُ العِلَّةِ
مُقَدَّمٌ على قياسِ الشَّبَهِ، كَمَا سَبَقَ: أنَّ قياسَ الشَّبَهِ أخْفَى
منْهُ.
- وكذَا: يُقَدَّمُ القياسُ الذي تُوافِقُ عِلَّةُ أَصْلِهِ أُصولاً كثيرةً على ما تُوافِقُ أُصولاً قليلةً.
وأمَّا قولُهُ -رحمهُ اللهُ-: (فإنْ وُجِدَ في النُّطْقِ مَا يُغَيِّرُ الأَصْلَ، وَإِلاَّ: فَيُسْتَصْحَبُ الحالُ)
ففيهِ نظرٌ؛ لأنَّهُ قَيَّدَ اسْتِصْحَابَ الحالِ بعدمِ وجودِ النُّطْقِ
-فقطْ-، بلْ لاَ يَجُوزُ اسْتِصْحَابُ الحالِ إلاَّ عندَ عدمِ وجودِ
النُّطْقِ والفَهْمِ والقيَاسِ، واللهُ أعلمُ).
قرة العين للشيخ: محمد بن محمد الرعيني الحطاب
قال أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعيني المالكي [المعروف: بالحطاب] (ت: 954هـ): ( (3) ولمَّا فرغَ منْ ذكرِ الأدلَّةِ؛ شرعَ في بيانِ التَّرجِيحِ بينَهَا، فقالَ: (وأمَّا الأدلَّةُ؛ فيُقَدَّمُ الجَليُّ منْهَا علَى الخَفيِّ) وذلكَ (كالظَّاهرِ) مع (المؤَوَّلِ)، واللَّفظِ في معناهُ الحقيقيِّ علَى معناهُ المَجازيِّ.
(و) الدَّليلُ (المُوجِبُ للعِلْمِ علَى) الدَّليلِ (المُوجبِ للظَّنِّ) فَيُقدَّمُ المتواتِرُ علَى الآحادِ؛ إلا أنْ يكونَ الأوَّلُ عامًّا، فَيُخَصُّ بهِ؛ كما تقدَّمَ في تخْصِيصِ الكتابِ بالسُّنَّةِ.
(و) يُقدَّمُ (النُّطْقُ) أي: النَّصُّ منْ كتابٍ أو سُنَّةٍ (علَى القيَاسِ) إلا أنْ يكونَ النُّطْقُ عامًّا، فيُخصُّ بالقياسِ كمَا تقدَّمَ.
(و) يُقدَّمُ (القيَاسُ الجَليُّ) كقياسِ العِلَّةِ (علَى) القياسِ (الخَفِيِّ) كقياسِ الشَّبَهِ.
(فإنْ وُجدَ في النُّطْقِ) أي: النَّصُّ منْ كتابٍ أو سُنَّةٍ (مَا يُفَسِّرُ الأصلَ)
أيِ: العدمَ الأصْليَّ الَّذي يعَبَّرُ عنهُ باسْتصْحَابِ الحَالِ، كما
تقدَّمَ؛ فواضحٌ أنَّهُ يُعمَلُ بالنُّطقِ ويُتْرَكُ الأصلُ، وكذا إنْ
وجِدَ إجماعٌ أو قياسٌ، (وَإلا) أي: وإنْ لمْ يوجَدْ شيءٌ منْ ذلكَ؛ (فَيُسْتَصْحبُ الحالُ)أيِ:العدمُ الأصليُّ، فَيُعمَلُ بهِ كمَا تقدَّمَ).
شرح الورقات للشيخ: عبد الله بن صالح الفوزان
قال الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان: ( (3) الأَدِلَّةُ:جَمْعُ
دليلٍ، والمرادُ بهِ هنا ما يَثْبُتُ بهِ الأحكامُ الشرعيَّةُ من الكتابِ
والسُّنَّةِ والإجماعِ والقياسِ، وكذا قولُ الصحابيِّ، والاستصحابُ علَى القولِ المُخْتَارِ.
ومن المَعْلُومِ أنَّ
الأدلَّةَ الشرعيَّةَ مُتَفَاوِتَةٌ فِي القُوَّةِ، فَيُحْتَاجُ إلَى
معرفةِ الأَقْوَى لِيُقَدَّمَ علَى غيرِهِ عندَ التَّعَارُضِ، ولهذا كانَ
الأَوْلَى بالمُصَنِّفِ أنْ يَذْكُرَ هذهِ الكلماتِ اليَسِيرَةَ معَ
التَّعَارُضِ، وهذا ما فَعَلَهُ المُؤَلِّفُونَ فِي أصولِ الفقهِ، إلا أنْ
يُقَالَ: إنَّ المُصَنِّفَ أَخَّرَ موضوعَ التَّرْتِيبِ إلَى هنا؛ لأِنَّهُ
يَجْرِي فِي الأدلَّةِ الأربعةِ التي آخِرُهَا القياسُ. فَلَمَّا فَرَغَ
من الأدلَّةِ شَرَعَ فِي بيانِ التَّرْجِيحِ بينَهَا.
- فَيُقَدَّمُ: من الكتابِ والسُّنَّةِ الجَلِيُّ علَى الخَفِيِّ، وذلكَ كالظاهرِ والمُؤَوَّلِ، سواءٌ كانَ الظاهرُ ظاهرًا بنفسِهِ أوْ بالدليلِ، كما تَقَدَّمَ فِي بابِهِ.
- كما: يُقَدَّمُ
اللفظُ المُسْتَعْمَلُ فِي معناهُ الحَقِيقِيِّ علَى المُسْتَعْمَلِ فِي
معناهُ المَجَازِيِّ؛ لأنَّ الحقيقيَّ هوَ الظاهرُ من اللفظِ، وهذا علَى
القولِ بوقوعِ المجازِ فِي القرآنِ، وتَقَدَّمَ ما هوَ الحقُّ فِي ذلكَ.
- وَيُقَدَّمُ: الموجِبُ للعلمِ علَى الموجِبِ للظنِّ،
وذلكَ كالمُتَوَاتِرِ والآحادِ؛ فإنَّ المتواترَ يُفِيدُ العلمَ، والآحادَ
يُفِيدُ الظنَّ كما مَضَى فِي الأخبارِ، وما أَفَادَ العلمَ أَظْهَرُ
مِمَّا أفادَ الظنَّ، إلا أنْ يكونَ المتواترُ عَامًّا والآحادُ خَاصًّا.
فإنَّ الآحادَ يُخَصِّصُ المتواترَ كما فِي قولِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ}، معَ حديثِ: ((لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ))، وَتَقَدَّمَ ذلكَ فِي الخاصِّ.
- ويُقَدَّمُ: النُّطْقُ علَى القياسِ:
والمرادُ بالنُّطْقِ قولُ اللَّهِ تَعَالَى وقولُ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا عَرَّفَهُ المُصَنِّفُ هناكَ فِي التخصيصِ،
فَيُقَدَّمُ ذلكَ علَى القياسِ إلا إنْ كانَ النصُّ عَامًّا فإنَّهُ
يُخَصُّ بالقياسِ كما فِي التخصيصِ أَيْضًا.
ويُقَدَّمُ: القياسُ الجَلِيُّ علَى القياسِ الخفيِّ.
والقياسُ الجَلِيُّ: ما نُصَّ علَى عِلَّتِهِ، أوْ أُجْمِعَ عليها، أوْ كانَ مَقْطُوعًا فيهِ بِنَفْيِ الفارقِ بينَ الفرعِ والأصلِ.
ومنْ أَمْثِلَتِهِ: (قياسُ
إحراقِ مالِ اليتيمِ علَى أكلِهِ) المَنْصُوصِ عليهِ فِي آيَةِ سورةِ
النساءِ فِي التحريمِ بجامعِ الإتلافِ؛ إذْ لا فَرْقَ بينَهُمَا.
والقياسُ الخفيُّ:
ما ثَبَتَتْ عِلَّتُهُ بالاستنباطِ ولم يُقْطَعْ بِنَفْيِ الفارقِ بينَ
الفرعِ والأصلِ، كما تَقَدَّمَ فِي قياسِ (الأُشْنانِ علَى البُرِّ) فِي
تحريمِ الرِّبَا بجامعِ الكَيْلِ مَثَلاً؛ فإنَّهُ لم يُقْطَعْ بِنَفْيِ
الفارقِ؛ لاحتمالِ أنْ يُقَالَ: إنَّ البُرَّ مَطْعُومٌ والأشنانَ غيرُ
مَطْعُومٍ.
وقولُ المُصَنِّفِ: (فَإِنْ وُجِدَ فِي النُّطْقِ مَا يُغَيِّرُ الأَصْلَ وَإِلا فَيُسْتَصْحَبُ الحَالُ)
أيْ:إنْ وُجِدَ فِي الكتابِ والسُّنَّةِ ما يُغَيِّرُ الأصلَ، وهوَ
البراءةُ الأصليَّةُ، عُمِلَ بِالنَّصِّ وَتُرِكَ الأَصْلُ، وإنْ لَمْ
نَجِدْ نَصًّا فإنَّنَا نَعْمَلُ بالاستصحابِ ، وهوَ العدمُ الأصليُّ كما
تَقَدَّمَ، واللَّهُ أَعْلَمُ).
شرح الورقات للشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم (مفرَّغ)
القارئ: (وأما
الأدلة: فيُقدم الجلي على الخفي، والموجب للعلم على الموجب للظن، والقياس
الجلي على القياس الخفي، فإن وُجد في النطق ما يُغير الأصل، وإلا استصحب
الحال).
قال الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم القاسم: (الأدلة: جمع دليل، والمراد أنه إذا وُجد تعارض بين الأدلة في الظاهر فماذا يفعل المجتهد؟
لا بد من الترتيب بينها.
- الترتيب في اللغة: هو
جعل واحد من شيئين أو أكثر في رتبته التي يستحقها، من المعلوم أن الأدلة
الشرعية متفاوته في القوة، فيُحتاج إلى معرفة الأقوى ليُقدم على غيره عند
التعارض.
ودرجات الأدلة الشرعية على الترتيب:-
أولاً: الإجماع: لأنه قطعي معصوم من الخطأ، ولا يتطرق إليه نسخ.
- والمراد به الإجماع القطعي، وهو: النُطقي المنقول بالتواتر أو المُشاهد بخلاف غيره، هذا أقوى شيء.
- قد يستغرب البعض، يقول: كيف يكون الإجماع أقوى من الكتاب ومن السنة؟ وهذا ليس بغريب على من عرف السبب.
- فالإجماع قطعي لأنه معصوم من الخطأ، ((لا تجتمع أمتي على ضلالة))،
كما في الحديث الذي سبقت الإشارة إليه، وأنه جاء عن ثمانية من الصحابة،
وله طرق كثيرة حسنّه بسببها جماعة من أهل العلم، فالإجماعقطعي معصوم من
الخطأ.
- وأيضاً الإجماع لا يتطرق إليه نسخ، فهذا وجه قوته وتقديمه.
- بخلاف النص من الكتاب، والنص من السنة، فإنه يحتمل النسخ ويحتمل أشياء أخرى، فأقوى شيء الإجماع.
- وبعده: النص القطعي.
- والنص القطعي نوعان: الكتاب، والسنة المتواترة، وهي في قوة الكتاب، لأنها تفيد العلم القطعي.
بعد هذا خبر الآحاد ويُقدم من أخبار الآحاد:
- الصحيح لذاته.
- فالصحيح لغيره.
- فالحسن لذاته.
- فالحسن لغيره.
- ثم القياس.
وعند الإمام أحمد -في قول-
يقدم قول الصحابي على القياس في إحدى الروايتين عنه، فإن لم يكن دليل من
هذه الأدلة استصحب الأصل: وهو براءة الذمة من التكاليف، فإذا تعارض أحد هذه
الأدلة مع الآخر، قدم الأقوى منها.
- ولا
يقع تعارض بين قطعيين إلا إذا كان أحدهما ناسخاً للآخر أو مُخصصاً له؛ لأن
كل قطعي يفيد العلم والعمل، فإذا تعارضا تناقضا، والشريعة لا تتناقض.
- ولا
تعارض أيضاً بين قطعي وظني لأن الظني لا يُقاوم القطعي، بل يُقدم القطعي
عليه ما لم يكن مخصصاً له، فيكون من باب تخصيص العام كما تقدم فلا يُترك
الظني لوجود القطعي في هذه الحالة.
- فبهذا
نعلم أن الأدلة التي هي: الكتاب والسنة والإجماع والقياس إذا اتفقت على
حكم أو انفرد به أحدها من غير معارض وجب إثباتها وإن تعارضت وأمكن الجمع
وجب الجمع، وإن لم يمكن الجمع عمل بالنسخ إن تمت شروطه، وإن لم يمكن النسخ
للجهل بالتاريخ وجب الترجيح.
فيرجح من الكتاب والسنة:
- يُرجح النص على الظاهر.
- والظاهر على المؤول.
- والمنطوق على المفهوم.
- والمُثبت على النافي.
- والناقل عن الأصل على المُبقي عليه، لأن مع الناقل زيادة علم.
- والعام المحفوظ الذي لم يخصص على غيره.
- وما كانت صفات القبول فيه أكثر على ما دونه.
- وصاحب القصة على غيره.
ويُقدم من الإجماع: الإجماع القطعي على الإجماع الظني.
ويقدم من القياس: (الجلي على الخفي)، وهكذا، وجوه الترجيح بين الأدلة الكلام عليها طويل، وقد ذكر شيئاً منها: الحازمي في كتابه (الناسخ والمنسوخ من الآثار)، والتعارض والترجيح فيه كتب خاصة به، من أراد التوسع في هذا الموضوع فليرجع إليها).
العناصر
ترتيب الأدلة
الأولى ذكر هذا المبحث في باب التعارض
تعريف (الترتيب) في اللغة
المراد بالأدلة هنا: ما
يثبت به الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وكذا قول
الصحابي، والاستصحاب على القول المختار
إذا وجد تعارض بين الأدلة في الظاهر، فلا بد من الترتيب بينها
الأدلة الشرعية متفاوتة في القوة، فيُحتاج إلى معرفة الأقوى ليُقدم على غيره عند التعارض
درجات الأدلة الشرعية على الترتيب:
أولاً: الإجماع، لأنه قطعي معصوم من الخطأ، ولا يتطرق إليه نسخ
المراد بالإجماع هنا: الإجماع القطعي
سبب تقديم الإجماع على النص من الكتاب والسنة
ثانيًا: النص القطعي
النص القطعي نوعان:
النوع الأول: الكتاب
النوع الثاني: السنة المتواترة
فائدة: السنة المتواترة في قوة الكتاب؛ لأنها تفيد العلم القطعي
ثالثًا: خبر الآحاد
يُقدم من أخبار الآحاد: الصحيح لذاته، فالصحيح لغيره، فالحسن لذاته، فالحسن لغيره
رابعًا: القياس
يقدم قول الصحابي على القياس في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد
إن لم يكن دليل من هذه الأدلة استصحب الأصل وهو براءة الذمة من التكاليف
إذا تعارض أحد هذه الأدلة مع الآخر، قدم الأقوى
لا يقع تعارض بين قطعيين إلا إذا كان أحدهما ناسخًا للآخر أو مخصصًا له
لا تعارض أيضاً بين قطعي وظني لأن الظني لا يُقاوم القطعي، ما لم يكن مخصصاً له
ما يفعله المجتهد عند التعارض:
1 - إن تعارضت الأدلة وأمكن الجمع وجب الجمع
2 - وإن لم يمكن الجمع عمل بالنسخ إن تمت شروطه
3 - وإن لم يمكن النسخ للجهل بالتاريخ وجب الترجيح
أوجه الترجيح بين الأدلة:
أولا: أوجه الترجيح من الكتاب والسنة:
1 - يُرجح النص على الظاهر
2 - والظاهر على المؤول
3 - والمنطوق على المفهوم
4 - والمُثبت على النافي
5 - والناقل عن الأصل على المُبقي عليه، لأن الناقل فيه زيادة علم
6 - والعام المحفوظ الذي لم يخصص على غيره
7 - وما كانت صفات القبول فيه أكثر على ما دونه
8 - وقول صاحب القصة على غيره
9 - والحقيقة على المجاز
10 - ويقدم الموجب للعلم على الموجب للظن
مثال تخصيص المتواتر بالآحاد
11 - ويقدم النطق على القياس
المراد بالنطق: قول الله وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-
يقدم النطق على القياس إلا إذا كان النص عامًّا فإنه يخص بالقياس
ثانيًا: يُقدم من الإجماع: الإجماع القطعي على الإجماع الظني
ثالثًا: يقدم من القياس: القياس الجلي على القياس الخفي
تعريف القياس الجلي
مثال القياس الجلي
تعريف القياس الخفي
مثال القياس الخفي
فائدة: ذكر الحازمي في كتابه (الناسخ والمنسوخ من الآثار) شيئًا من أوجه الترجيح
شرح قوله: (فإن وجد في النطق ما يغير الأصل وإلا استصحب الحال)
النص الناقل عن الأصل مقدم على الاستصحاب
الأسئلة
س6: ما درجات الأدلة الشرعية على الترتيب؟
س7: هل السنة المتواترة في قوة الكتاب؛ لأنها تفيد العلم القطعي؟
س8: بين ما يفعله المجتهد عند التعارض.
س9: اذكر أوجه الترجيح بين الأدلة من الكتاب والسنة.
س10: مثل لتخصيص المتواتر بالآحاد.
س11: ما الفرق بين القياس الجلي والخفي؟