الدروس
course cover
مراتب التعديل
29 Oct 2008
29 Oct 2008

8005

0

0

course cover
شرح نخبة الفكر

القسم الخامس

مراتب التعديل
29 Oct 2008
29 Oct 2008

29 Oct 2008

8005

0

0


0

0

0

0

0

مراتب التعديل

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (وَمَرَاتِبِ التَّعْدِيلِ:

وَأَرْفَعُهَا:

الوَصْفُ بِأَفْعَلَ كَأَوْثَقِ النَّاسِ، ثُمَّ مَا تَأَكَّدَ بِصِفَةٍ أَوْ صِفَتَيْنِ كثِقَةٌ ثِقَةٌ، أَوْ ثِقَةٌ حَافِظٌ.

وَأَدْنَاهَا:

مَا أَشْعَرَ بِالقُرْبِ مِنْ أَسْهَلِ التَّجْرِيحِ كَشَيْخ.

وَتُقْبَلُ التَّزْكِيَةُ مِنْ عَارِفٍ بِأَسْبَابِهَا، وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى الأَصَحِّ).

هيئة الإشراف

#2

30 Oct 2008

نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (6)- (و) مِن المُهِمِّ أيضًا معرفَةُ (مَرَاتِبِ التَّعديلِ، وأرفَعُها الوصفُ) أيضًا بما دلَّ على المبالغَةِ فيه، وأصرَحُ ذَلِكَ التَّعْبِيرُ (بِأَفْعَلَ: كـ:أوثَقُ النَّاسِ) أو أَثْبَتُ النَّاسِ أو إليه المُنْتَهَى في التَّثَبُّتِ.

(ثم مَّا تَأَكَّدَ بِصِفَةٍمِن الصِّفاتِ الدَّالَّةِ على التَّعديلِ (أو صِفَتَيْنِ كـ: ثِقَةٌ ثِقَةٌأو ثَبَتٌ ثَبَتٌ، (أو ثِقَةٌ حَافِظٌ) أو عَدْلٌ ضَابِطٌ، أو نحوَ ذَلِكَ.

(7) (وأَدْنَاهَا ما أَشْعَرَ بالْقُرْبِ مِنْ أَسْهَلِ التَّجْرِيحِ كَـ: شَيْخٌ).

وُيروَى حَدِيثُه ويُعتَبَرُ بهِ ونحوَ ذَلِكَ، وبَيْنَ ذَلِكَ مراتبُ لا تَخْفَى.

- (وَ) هَذِهِ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بذَلِكَ ذَكَرْتُها هُنا لتَكْمِلَةِ الفائدةِ فأقولُ:

[1] (تُقبلُ التَّزْكِيَةُ مِن عَارِفٍ بِأَسْبَابِهَا) لا مِن غيرِ عارِفٍ؛ لئلاَّ يُزَكِّيَ بمجرَّدِ ما يَظْهَرُ لهُ ابتداءً مِن غيرِ مُمارَسَةٍ واخْتِبَارٍ، (وَلَوْ) كانت التَّزْكِيَةُ صَادِرَةً (مِنْ) مُزَكٍّ (واحدٍ على الأصَحِّ) خلافًا لمَنْ شَرَطَ أنَّها لا تُقبلُ إلاَّ مِن اثْنينِ إِلْحَاقًا لها بالشَّهادَةِ في الأَصَحِّ أيضًا.

والفَرْقُ بَيْنَهما:

أنَّ التَّزْكِيَةَ تَنَزَّلُ مَنزِلَةَ الحُكْمِ؛ فلا يُشتَرَطُ فيها العددُ، والشَّهادَةُ تقعُ مِن الشَّاهِدِ عندَ الحَاكْمِ؛ فافْتَرَقَا.

ولوْ قِيلَ:

يُفْصَلُ بَيْنَ ما إذا كانت التَّزْكِيةُ في الرَّاوي مُستنِدَةً من المُزَكِّي إلى اجتهادِه، أو إلى النَّقْلِ عَن غيرِه لكان مُتَّجِهًا؛ لأنَّه إنْ كانَ الأولُ، فلا يُشْتَرَطُ العددُ أصلاً؛ لأنَّه حينئذٍ يكونُ بمَنْزِلَةِ الحَاكِمِ.

وإنْ كانَ الثَّانِي:فَيَجْرِي فيه الخلافُ، ويتبَيَّنُ أنَّهُ أيضًا لا يُشترطُ العددُ؛ لأنَّ أصلَ النَّقلِ لا يُشترطُ فيه العددُ فكذا ما تفرَّعَ عنهُ، واللهُ أَعْلَمُ.

وينبَغِي أنْ لا يُقْبَلَ الجرْحُ والتَّعديلُ؛ إلاَّ مِن عدْلٍ مُتَيَقِّظٍ، فلا يُقبلُ جَرْحُ مَن أَفْرَطَ فيه مُجَرِّحٌ بما لا يَقْتَضِي رَدَّ حَدِيثِ المُحَدِّثِ، كما لا يُقْبَلُ تَزْكِيَةُ مَنْ أخذَ بمُجَرَّدِ الظَّاهرِ؛ فأطْلَقَ التَّزْكِيَةَ.

وقال الذَّهَبِيُّ -وهو من أهلِ الاسْتِقْرَاءِ التَّامِّ في نقْدِ الرِّجالِ-:(لم يَجْتَمِعِ اثنانِ مِن عُلماءِ هَذَا الشَّأْنِ قطُّ على توثيقِ ضَعِيفٍ ولا على تضَعِيفِ ثِقَةٍ). ا.هـ.

ولهَذَا كان مذهبُ النَّسَائِيِّ، أنْ لا يُتْرَكَ حَدِيثُ الرَّجُلِ حتى يجتمعَ الجميعُ على ترْكِهِ.

ولْيَحْذَرِ المُتَكَلِّمُ في هَذَا الفنِّ مِن التَّساهُلِ في الْجَرْحِ والتَّعْدِيلِ؛ فإنَّهُ إنْ عدَّلَ أحدًا بغيرِ تَثَبُّتٍ كان كالمُثْبِتِ حُكمًا ليس بثابتٍ؛ فيُخْشَى عليه أنْ يَدْخُلَ في زُمْرَةِ مَن روَى حَدِيثًا، وهو يَظُنُّ أنَّه كَذِبٌ وإنْ جرَّحَ بغيرِ تَحَرُّزٍ أَقْدَمَ على الطَّعْنِ في مُسلِمٍ بَرِيءٍ مِن ذَلِكَ وَوَسَمَهُ بِمِيسَمِ سَوْءٍ يَبْقَى عليه عَارُهُ أبدًا.

والآفةُ تَدْخُلُ في هَذَا تارةً من الهوَى والغرضِ الفاسدِ، وكَلاَمُ المُتَقَدِّمِينَ سَالِمٌ مِن هَذَا غالبًا.

- وتارةً: مِن الْمُخَالَفَةِ في العقائِدِ، وهو موجُودٌ كثيرًا قديمًا وحَدِيثًا، ولا يَنْبَغِي إطلاقُ الْجَرْحِ بذَلِكَ، فقد قدَّمْنَا تحقيقَ الحالِ في العملِ بِرِوايةِ المُبْتَدِعَةِ).

هيئة الإشراف

#3

2 Apr 2010

شرح نخبة الفكر للشيخ عبد الكريم الخضير (مفرغ)

قال الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير: (من المهم أيضاً معرفة مراتب التعديل وأرفعها عند الحافظ في النخبة وشرحها كما هنا الوصف بما دل على المبالغة في ذلك، وأصرح ذلك التعبير بأفعل كأوثق الناس، أو أثبت الناس، أو إليه المنتهى في التثبت، ثم ما تأكد بصفة من الصفات الدالة على التعديل أو صفتين كثقة ثقة، أو ثبت ثبت، أو ثقة حافظ، أو عدل ضابط، أو نحو ذلك، نعم، أو ثقة حافظ، أو عدل ضابط كذا قال، لكن قوله: أو عدل ضابط ليس فيه تأكيد؛ لأن عدل ضابط تساوي ثقة فقط مرة واحدة؛ لأن الثقة من جمع بين العدالة والضبط، ففي كلامه -رحمه الله- نظر، "وأدناها ما أشعر بالقرب من أسهل التجريح كشيخ، ويروى حديثه ويعتبر به ونحو ذلك، وبين ذلك مراتب لا تخفى" وما تركه الحافظ من مراتب ألفاظ القسمين يمكن استكماله من مقدمة التقريب، وقدمته على غيره -يعني اعتنيت بمراتب التعديل والجرح عند الحافظ لصلته بالكتاب المشروح، لصلة التقريب بالنخبة؛ لأن كلها من كلام رجل واحد، فتكميل كلام الرجل الواحد بكلامه أولى من تكميله بكلام غيره، مع أنه لا يمنع..، لا يمنع من الإشارة إلى كلام غيره -إن شاء الله تعالى-، قدمته على غيره، قدمت ما في التقريب على غيره لصلته بالكتاب المشروح، ولعناية الناس به واعتمادهم عليه، فقال:

المرتبة الأولى: الصحابة، فأصرحُ بذلك لشرفهم، هنا قال: المرتبة الأولى: أوثق الناس ما جاء بأفعل التفضيل أوثق الناس، وفي التقريب قال: المرتبة الأولى الصحابة فأصرحُ بذلك لشرفهم.

الثانية: من أكد مدحه إما بأفعل كأوثق الناس، أو بتكرير الصفة لفظاً كثقة ثقة أو معنى كثقة حافظ.

المرتبة الأولى في النخبة: أوثق الناس، والثانية: ما تأكد بصفة، جعلهما مرتبة واحدة هي الثانية عنده في التقريب وجعل الأولى للصحابة.

الثالثة: من أفرد بصفة كثقة، أو متقن، أو ثبت، أو عدل، لكن في قوله: عدل وإلحاقه بهذه المرتبة نظر؛ لأن العدالة واحدها لا تكفي فليست مقارنة لثقة إلا إذا قيل: عدل ضابط تساوي ثقة.

الرابعة: من قصر عن درجة الثالثة قليلاً وإليه الإشارة بصدوق أو لا بأس به أو ليس به بأس.

الخامسة: من قصر عن الرابعة قليلاً وإليه الإشارة بصدوق سيئ الحفظ أو صدوق يهم أو له أوهام أو يخطئ أو تغير بأخرة، ويلتحق بذلك من رمي بنوع من البدعة كالتشيع والقدر والنصب والإرجاء والتجهم مع بيان الداعية من غيره.

السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله وإليه الإشارة بلفظ مقبول حيث يتابع وإلا فلين الحديث، وفي هذه المرتبة إشكال كبير تأتي الإشارة إليه -إن شاء الله تعالى-.

لا مانع أن نقدم الكلام على هذه المرتبة السادسة من ليس من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله وإليه الإشارة بلفظ مقبول حيث يتابع وإلا فلين الحديث.

أولاً: الأحكام في التقريب على الرواة وليست على المرويات، على الرواة وليست على المرويات فيحكم على الراوي بغض النظر عنه هل توبع أم لا؟ فأصحاب هذه المرتبة ليس لهم من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله –يعني من أقوال الأئمة- أو من مخالفة الثقات، ليس له من الحديث إلا القليل مقل من الرواية، لم يثبت فيه من أقوال أهل العلم أو من مخالفته للثقات ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ مقبول، يكفي، متى يصير مقبول؟ حيث يتابع وإلا فلين الحديث، الآن ما الفرق عندنا بين لين مقبول؟ هما واحد في الأصل، لين ومقبول واحد لا فرق بينهما إلا أن المقبول توبع واللين لم يتابع.

إذاً إذا وجدنا وصف لراوٍ من الرواة في التقريب بأنه لين وهي من مراتب التجريح، إذا توبع طلع إلى مراتب التعديل صار مقبول صح وإلا لا؟ طيب، الضعيف إذا توبع إيش يصير؟ يصير مقبول، الضعيف إذا توبع يصير مقبول، إذاً ما الفرق بين لين وضعيف؟ لو عندنا ثلاثة رواة، ثلاثة رواة واحد وصف بمقبول، والثاني بلين، والثالث: بضعيف، من يحرر لي الفرق بين هؤلاء الرواة؟ الضحاك بن حمرة مقبول، الضحاك المعافري ضعيف، الضحاك بن نبراس لين، كلهم في التقريب هكذا، ما الفرق بين الرواة الثلاثة؟ ما الفرق بينهم؟ نعم؟

طالب:......

طيب الآن النظر في التقريب وظيفة من درس وانتهى وإلا وظيفة من أراد أن يدرس؟ من أراد أن يدرس إيش يدريك أنه توبع أو ما توبع الآن؟ نعم، افرض أنك بحثت عنه وجدته ما توبع، وجدت له حديث وجدته ما توبع، إيش يصير؟ هذا الذي قيل عنه في التقريب: مقبول، وورد حديث من طريقه بحثت عنه في طرقه في جميع دواوين السنة ما وجدت له متابع، إيش يصير؟ لين، إذاً الحكم في التقريب على الرواة لا على المرويات.

الثاني: اللين وجدت له متابع طلع صار مثل زميله مقبول، الضعيف وجدته متابع ارتقى حديثه إلى درجة القبول، إذاً هذه المرتبة فيها إشكال، أنا لم يتحرر لي الفرق بين مقبول ولين وضعيف، يظهر الفرق وإلا ما يظهر؟ لأن المقبول هذا إذا لم يتابع رجع لين، اللين إذا توبع صار مقبول، إذاً كيف نصف واحد بأنه لين والثاني مقبول؟ والقاعدة تشملهما من ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول حيث يتابع، هل نستطيع أن نقول: إن الحافظ كل من حكم عليه بأنه مقبول في التقريب أن جميع مروياته توبع عليها؟ ومن حكم عليه بأنه لين جميع مروياته لم يتابع عليها؟ هل نستطيع أن نقول هذا الكلام؟ هذا أقرب ما يقال، نعم، نقول: أقرب ما يقال أن الحافظ تتبع أحاديث هؤلاء فمن حكم عليه بمقبول وجد أنه توبع على جميع أحاديثه، ومن حكم عليه بلين أنه لم يتابع على أي حديث من أحاديثه، هذا أقرب ما يقال في مثل هذا الكلام، لكن هل نستطيع أن نقول: إن ابن حجر أحاط بكل مرويات الرواة؟ ألا يمكن أن يوجد حديث لمن وصف بأنه مقبول لم يتابع عليه لم يطلع عليه الحافظ؟ أو العكس من قيل فيه: لين وتوبع عليه؟ إذاً الأحكام في الكتاب ينبغي أن تكون للرواة، لا شك أن المروي له أثر في الراوي؛ لأنه لا يعرف ضبط الراوي إلا من خلال مروياته، وأنه وافق الثقات، إذا وافقهم حكم عليه بأنه ضابط، وإذا خالفهم حكم عليه أنه ليس بضابط، لكن الأصل في هذا الكتاب أنه للرواة، يعني إذا وجدنا راوي ضعيف دعنا من مقبول ولين، إذا وجدنا راوٍ ضعيف حكم عليه بأنه ضعيف، وجدت رواية أخرى متابعة لهذا الراوي ألا يطلع إلى درجة القبول؟ يطلع إلى درجة القبول، فهذه المرتبة فيها إشكال، نعم؟

طالب:......

وين؟ يعني صدوق سيء الحفظ؟ صدوق يهم؟ له أوهام يخطئ؟ نعم.

طالب:......

إيه معروف أن هؤلاء..، حتى الصدوق -على ما سيأتي- أقول: فيه خلاف على ما سيأتي.

السابعة: من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق وإليه الإشارة بلفظ: مستور أو مجهول الحال.

الآن الست كلها تعديل عند ابن حجر إلى لفظ مقبول كلها تعديل، السابعة إلى الثانية عشرة كلها تجريح عنده

إذاً السابعة: من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق وإليه الإشارة بلفظ مستور أو مجهول الحال، تقدم أن المستور عند ابن حجر هو من عرفت عدالته الظاهرة دون الباطنة ما تقدم هذا؟ نعم، تقدم هذا، وهو المستور، عندكم في النخبة، "متى توبع السيئ الحفظ بمعتبر وكذا المستور والمرسل المدلس".. إلى آخره، نعم، "أو اثنان فصاعداً ولم يوثق فمجهول الحال وهو المستور" إذاً هنا المستور عنده بإزاء مجهول الحال، الثامنة: من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر، من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر، ووجد فيه إطلاق الضعف ولو لم يفسر، وإليه الإشارة بلفظ: ضعيف، بلفظ ضعيف.

التاسعة: من لم يروِ عنه غير واحد ولم يوثق وإليه الإشارة بلفظ مجهول، والمراد به مجهول العين.

العاشرة: من لم يوثق البتة ومع ذلك ضعف بقادح، ضعف مع ذلك بقادح وإليه الإشارة بمتروك أو متروك الحديث أو واهي الحديث أو ساقط.

الحادية عشرة: من اتهم بالكذب.

الثانية عشرة: من أطلق عليه اسم الكذب والوضع، هذه مراتب الجرح والتعديل عند الحافظ ابن حجر، وقد رتبها على سبيل التدلي من أعلى مراتب التعديل إلى أسوأ مراتب الجرح، والحكم في أهل هذه المراتب الاحتجاج بأهل المراتب الثلاث بلا خلاف، الثلاث الأولى: الصحابة، من جاء بأفعل التفضيل أو أكد بتكرار اللفظ، والثالثة من أفرد بلفظ بصفة كثقة أو متقن أو ثبت، هؤلاء يحتج بهم بلا خلاف.

واختلف في أهل المرتبة الرابعة وهم من قيل فيه صدوق، من قصر عن درجة الثالثة قليلاً وإليه الإشارة بصدوق أو لا بأس به، هذا مختلف فيه، الصدوق مختلف في روايته، فذهب ابن أبي حاتم وابن الصلاح ومن تبعه إلى أنه لا يحتج به ابتداءً، بل يكتب حديثه وينظر فيه، لماذا؟ لا يحتج بحديث الصدوق ابتداءً بل صرح أبو حاتم حينما وصف راوٍ بأنه صدوق قيل له: أتحتج به؟ قال: لا، نعم، إذاً الصدوق عند هؤلاء عند ابن أبي حاتم وابن الصلاح ومن تبعهم لا يحتج به، بل يكتب حديثه وينظر فيه؛ لأن هذا اللفظ لا يشعر بشريطة الضبط.

حجة من رد حديث الصدوق: قال: صدوق وإن كانت مبالغة في الصدق وعدم الكذب إلا أنه لا يشعر بشريطة الضبط، ومن تمام الثقة أن يكون ضابطاً، يعني مما يشترط لصحة الخبر أن يكون راويه متصفاً بالضبط، كيف صدوق لا يشعر بشريطة الضبط؟ اتصور أنه في يوم عيد مثلاً وشخص جالس في منزله فطرق الباب للتهنئة، فقال لولده: افتح، فتح الباب قال يا أبت: فلان، هو صحيح فلان، طرق الباب ثانية قال: افتح وشوف من هو؟ فتح وقال: فلان، صحيح، فتح إلى تمام المائة، هذا صدوق وإلا كذاب الولد؟ نعم، ما أخطأ ولا مرة، كل مرة يقول: الطارق فلان، مائة مرة، مائة رجل طرقوا الباب في يوم العيد، وكلهم أخبر عنهم على مقتضى الواقع، يستحق الوصف بصدوق وإلا لا؟ مبالغة في الصدق، يعني ما أخطأ ولا كذب ولا مرة، هذا صدوق، الولد صدوق، صيغة مبالغة، صح وإلا لا؟ طيب من الغد يسأله أبوه يا ابني من الذي جاء أمس؟ من طرق الباب أمس؟ وعددهم مائة، فيقول: فلان، وفلان، يعد اثنين ثلاثة وينسى الباقي، هذا ضابط وإلا لا؟ هو صدوق لكنه ليس بضابط، تنظير مطابق وإلا غير مطابق؟ الآن صدوق ما كذب ولا مرة، في مائة واقعة ما كذب ولا مرة، إذاً يستحق الوصف بصدوق، لكن من الغد قال له أبوه: من الذي جاءوا أمس؟ من الذي جاءوا للتهنئة أمس يوم العيد؟ قال: زيد وعمرو وعبيد وما أدري إيش؟ عد ثلاثة أربعة خمسة ونسي أكثر من تسعين هذا ليس بضابط وإن استحق الوصف بالمبالغة بالصدق إلا أنه ليس عنده ضبط؛ لأن لفظ صدوق لا يشعر بشريطة الضبط، هذه حجة من يقول: إن الصدوق لا يحتج به، أظنه ظاهر.

وذهب آخرون إلى الاحتجاج بحديث الصدوق هذا الذي عليه العمل عند المتأخرين، الذهبي، ابن حجر، العراقي، السخاوي، السخاوي جعل لفظ صدوق من المراتب التي لا يحتج بها إلا بمتابع، السيوطي، الألباني، كل من يصحح ويضعف يجعل الصدوق يحتج به، وإن كان لا يجعله من درجة الصحيح يجعله من درجة الحسن لوجود الخلاف القوي فيه، ما حجتهم؟ لأن العدول من صادق إلى صدوق من صادق إلى صدوق يدل على ملازمة الراوي، هذه صيغة مبالغة، يدل على ملازمة الراوي للصدق وأن الكذب لا يقع في كلامه وإلا لم يستحق الوصف بما يدل على المبالغة، طيب الضبط الذي أشار إليه أولئك ينتفي بمثل هذا الكلام؟ ينتفي؟ ينتفي؟ هو مستحق الوصف بالمبالغة في الصدق، الكذب لا يقع في كلامه وإلا لم يستحق الوصف بما يدل على المبالغة، والكذب كما هو معروف يطلق على المقصود وغير المقصود، الكذب يطلق على المقصود ويطلق على الخطأ كيف يستحق الوصف بصدوق وهو يخطئ؟ لأن الذي لا يضبط يكثر الخطأ في حديثه، يكثر الخطأ في حديثه، والكذب يطلق على الخطأ كما هو معروف، مخالفة الكلام للواقع وإن لم يكن مقصوداً، على ما سبق تقريره في الكذاب، في الوصف بالكذب، ما تقدم لنا هذا؟ تقدم، إذاً هذا الشخص لا يستحق الوصف بالمبالغة إلا وقد برئ من وصف الكذب، لا المقصود ولا غير المقصود، فلا يقع الكذب المخالف للواقع في كلامه لا عن قصد ولا عن خطأ، وصفه بصيغة المبالغة صدوق مشعر بشريطة الضبط، لماذا؟ لأنه لا يقع الكذب في كلامه لا عمداً ولا خطأً، إذاً هو ضابط، هذه حجة من يقول بقبول رواية الصدوق، والمسألة دقيقة تحتاج إلى شيء من الانتباه، وهي الآن ظاهرة وإلا ليست ظاهرة؟ هاه؟ ظاهرة؟ إذاً الذي عليه العمل عند المتأخرين قاطبة أن الصدوق يحتج به وحديثه من قبيل الحسن؛ لأن هذا آخر درس نريد أن نكمل الكتاب فلا نستطيع أن نفصل أكثر من هذا.

قال -رحمه الله-: "وتقبل التزكية، تقبل التزكية من عارف بأسبابها ولو من واحد على الأصح"، ذكر الحافظ -رحمه الله تعالى- هنا بعض القواعد المتعلقة بالجرح والتعديل، فذكر أن تزكية الرواة والمراد بها ما يشمل الجرح والتعديل يعني تقبل التزكية والتزكية تشمل الجرح والتعديل، الأصل في التزكية الجرح وإلا التعديل؟ التزكية؟ التعديل نعم، لكن قالوا: تزكية من باب الاكتفاء.

.............................. ومن

وصحح اكتفاؤهم بالواحدِ

زكاه عدلان فعدل مؤتمن

جرحاً وتعديلاً خلاف الشاهدِ

قولهم: تقبل التزكية أي والتجريح، لكن من باب الاكتفاء اقتصروا على التزكية، من باب: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}[(81) سورة النحل] يعني والبرد، نعم، وذكر أن تزكية الرواة والمراد بها ما يشمل الجرح و التعديل إنما تقبل من الإمام العارف بأسباب الجرح والتعديل، تقبل التزكية من عارف بأسبابها؛ لئلا يعدل أو يجرح بمجرد ما يظهر له ابتداءً من غير ممارسة واختبار، وذكر أنه يكفي على القول الصحيح في التزكية واحد خلافاً لمن شرط التعدد فلا بد حينئذٍ من اثنين على الأقل إلحاقاً للرواة بالشهود، قال ابن الصلاح: "اختلفوا في أنه هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد أو لا بد من اثنين؟ فمنهم من قال: لا يثبت ذلك إلا باثنين كما في الجرح والتعديل في الشهادات، ومنهم من قال -وهو الصحيح الذي اختاره الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره-: إنه يثبت بواحد لأن العدد لم يشرط في قبول الخبر، يعني في الرواية لا يشترط التعدد إذاً في تعديل الراوي وجرحه لا يشترط التعدد؛ لأن هذا فرع عن ذاك، فلم يشترط في جرح راويه وتعديله بخلاف الشهادة، قال الحافظ العراقي:

.............................. ومن

وصحح اكتفاؤهم بالواحدِ

زكاه عدلان فعدل مؤتمن

جرحاً وتعديلاً خلاف الشاهدِ

وقال الحافظ: "والفرق بينهما –يعني التزكية والشهادة- أن التزكية تنزل منزلة الحكم، فلا يشترط فيها العدد، يعني إذا أفتاك عالم في حكم مسألة يحتاج أن تذهب إلى غيره لتتأكد وإلا يكفي؟ نعم يكفي واحد، هذا حكم من هذا الإمام على هذا الراوي، كما أنه إذا حكم عليك بوجوب دم في الحج أو بإعادة صلاة أو ما أشبه ذلك يكفي كلامه، فرق بينهما –يعني التزكية والشهادة- أن التزكية تنزل منزلة الحكم فلا يشترط فيها العدد، والشهادة تقع من الشاهد عند الحاكم فافترقا، ولو قيل: يفصل بينما إذا كانت التزكية في الراوي مستندة من المزكي إلى اجتهاده أو إلى النقل عن غيره لكان متجهاً؛ لأنه إن كان الأول فلا يشترط العدد أصلاً؛ إذا كانت ناشئة عن اجتهاد إذا كانت التزكية ناشئة عن اجتهاد عالم وهذه تتصور فيمن بعد الأئمة، في الأئمة في النظر في حال هذا الرجل اجتهد فرأى أنه ثقة، اجتهد فرأى أنه ضعيف، وهذا يظهر في المتأخرين الذين لم يخالطوا الرواة، اجتهد ونظر في أقوال الأئمة فأداه اجتهاده إلى أن هذا الراوي ثقة، أو أداه اجتهاده إلى أن هذا الراوي ضعيف، هل يلزم العدد؟ كالاجتهاد في الأحكام لا يلزم العدد؛ لأنه إن كان الأول أن مرد ذلك إلى الاجتهاد فلا يشترط العدد أصلاً؛ لأنه حينئذ يكون بمنزلة الحاكم، وإن كان الثاني فيجري فيه الخلاف إذا كان ناقل عن غيره، ويتبين أنه –أيضاً– لا يشترط العدد؛ لأن أصل النقل لا يشترط فيه العدد فكذا ما تفرع عنه، ثم قال الحافظ في النزهة: "وينبغي أن لا يقبل الجرح والتعديل إلا من عدل متيقظ" فلا يقبل جرح من أفرط فيه فجرح بما لا يقتضي رد حديثهم حديث المحدث، يعني شخص متشدد يجرح بأدنى شيء، أو متساهل يتغاضى عن أكبر شيء، نعم، فلا بد أن يكون الجرح والتعديل من عدل متيقظ، فلا يقبل جرح من أفرط فيه -يعني الجرح- فجرح بما لا يقتضي رد حديثهم، كما لا تقبل التزكية من أخذ بمجرد الظاهر فأطلق التزكية، وقال الحافظ الذهبي -وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال–: "لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة، "لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة" كيف يقول الذهبي هذا ونحن نجد في ترجمة الراوي الواحد أربعة اجتمعوا على تضعيف راوي وعشرة اجتمعوا على توثيقه ونحكم عليه بأنه ثقة؟ فأربعة اجتمعوا على تضعيفه وهو ثقة، نقول: إذا لم يوجد في هذا الراوي إلا قولين فقط فلا يمكن أن يجتمع هذان الإمامان على توثيق ضعيف أو على تضعيف ثقة، أما إذا وجد في الراوي عشرين قول فقد يجتمع خمسة ستة على تضعيفه والباقون على توثيقه أو العكس، وهو إما ثقة أو ضعيف، واجتمع فيه أكثر من قولين، فنفهم كلام الحافظ الذهبي -رحمه الله-.

ولهذا كان النسائي من مذهبه أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه، ثم قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وليحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل" وليحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل، "فإنه إن عدل أحداً بغير تثبت كان كالمثبت حكماً ليس بثابت فيخشى عليه أن يدخل في زمرة ((من روى حديثاً وهو يظن أنه كذب)) وإن جرح بغير تحرز أقدم على الطعن في مسلم بريء من ذلك ووسمه بميسم سوء يبقى عليه عاره أبداً" نعم في مثل هذا لا يرد الاحتياط، لا تقول: أحتاط للسنة وأضعف هذا الراوي فلا أثبت إلا ما أتأكد منه، لا، لأنك إن احتطت من جهة التضعيف فوّت على الأمة العمل بأحاديث تأتي من هذا الرواي، وإن احتطت لتوثيقه وقلت: كون الأمة تعمل بهذه الأحاديث خير من أن تفرط بها جعلت الناس يعملون بأدلة لا يثبت بها شرع، فالاحتياط في مثل هذا لا يرد، والآفة تدخل في هذا تارة من الهوى والغرض الفاسد -وكلام المتقدمين سالم من هذا غالباً– وتارة من المخالفة في العقائد وهو موجود كثيراً قديماً وحديثاً، ولا ينبغي إطلاق الجرح بذلك، فقد قدمنا تحقيق الحال في العمل برواية المبتدعة، وليتقِ الله -سبحانه وتعالى- من يتصدى لنقد الرجال في أعراض المسلمين فإنها كما قال ابن دقيق العيد -رحمه الله تعالى يعني أعراض المسلمين- حفرة من حفر النار وقف على شفيرها العلماء والحكام، وقف على شفيرها العلماء والحكام).