29 Oct 2008
المؤتلف والمختلف
قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (وَإِن اتَّفَقَتِ الأَسْمَاءُ خَطًّا وَاخْتَلَفَتْ نُطْقًا؛ فَهُوَ:
المُؤْتَلِفُ وَالمُخْتَلِفُ).
نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني
قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (2) (وَإِنْ اتَّفَقَتِ الأَسْمَاءُ خَطًّا وَاخْتَلَفَتْ نُطْقًا)
سواءٌ كان مرْجِعُ الاختلافِ النُّطْقَ أم الشَّكْلَ (فَهُوَ المُؤْتَلِفُ وَالمُخْتَلِفُ) ومعرِفتُه من مَهَمَّاتِ هَذَا الفَنِّ، حتى قال عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: (أَشَدُّ التَّصْحِيفِ مَا يَقَعُ فِي الأَسْمَاءِ) ووَجَّهَهُ بعضُهمْ بِأَنَّهُ شيءٌ لا يدخُلُهُ القياسُ ولا قبلَهُ شيءٌ يَدُلُّ عليهِ ولا بعدَهُ.
وقدْ صنَّفَ فيه أَبُو أحمـدَ الْعَسْكَـرِيُّ، لكنَّهُ أضافَهُ إلى كتابِ التَّصحيفِ لهُ، ثم أفردَهُ بالتَّأليفِ عبْدُ الغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ فجمعَ فيه كِتابَيْنِ: كتابًا في مُشْتَبَهِ الأسماءِ، وكِتابًا في مُشْتَبَهِ النِّسْبَةِ، وجمعَ شَيْخُهُ الدَّارَقُطْنِيُّ في ذَلِكَ كتابًا حافِلاً ثم جمعَ الْخَطِيبُ ذَيْلاً، ثم جمعَ الجميعَ أَبُو نَصْرِ بْنُ مَاكُولاَ في كتابِه (الإِكْمَالِ) واستَدْرَكَ عليهمْ في كتابٍ آخَرَ جمعَ فيه أوهامَهمْ وبَيَّنَها، وكِتابُهُ مِن أَجْمَعِ ما جُمِعَ في ذَلِكَ، وهو عُمْدَةُ كُلِّ مُحَدِّثٍ بَعْدَهُ، وقد استدْرَكَ عليهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ نُقْطَةَ ما فاتَه أو تجدَّدَ بعدَه في مُجَلَّدٍ ضخْمٍ، ثم ذَيَّلَ عليه مَنْصُورُ بْنُ سَلِيمٍ- بفَتْحِ السِّينِ- في مُجَلَّدٍ لَطيفٍ.
وكذَلِكَ:
أَبُو حامدِ بْنُ الصَّابُونِيِّ،وجمعَ الذَّهَبِيُّ في ذَلِكَ كتابًا مُخْتَصَرًا جِدًّا اعتمَدَ فيه على الضَّبْطِ بالقلمِ، فكثُرَ فيه الغَلَطُ والتَّصْحِيفُ المُبَايِنُ لموضوعِ الكتابِ.
وقد يسَّرَ اللهُ تعالى بتوضِيحِه في كتابٍ سَمَّيْتُهُ (تَبْصِيرَ الْمُنْتَبِهِ بِتَحْرِيرِ الْمُشْتَبِهِ) وهو مُجَلَّدٌ وَاحِدٌ، فَضَبَطْتُهُ بالحروفِ على الطريقةِ المُرْضِيَةِ، وزِدْتُ عليه شيئًا كثيرًا مما أهْمَلَهُ أو لم يَقِفْ عليهِ، وللهِ الحمْدُ على ذَلِكَ).
نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم
قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: ( (2) وذكرَ نوعًا آخرَ مِن ضبطِ أسماءِ الرواةِ، وهو (المُؤْتَلِفُ والمُخْتَلِفُ).
وهو:
أنْ تَتَّفِقَ الأسماءُ خطَّاً وتَخْتَلِفَ نُطْقًا سواءٌ كانَ مَرْجِعُ الاختلافِ النقطَ أو الشَّكْلَ، وهذا لا يدخلُ في التصحيحِ والتضعيفِ، وإنْ كانَ له صلةٌ أحيانًا بتمييزِ الرواةِ، ولكنَّه يدخلُ في ضبطِ أسماءِ الرواةِ؛ ولهذا يقالُ: ليسَ هذا من مباحثِ علومِ الحديثِ الخاصَّةِ به، بل هو شاملٌ لجميعِ العلومِ، وأكثرُ ما نحتاجُه الآنَ في تحقيقِ المخطوطاتِ.
(3) وقد ألَّفُوا فيه كتبًا كثيرةً: - ومِن أشهرِ المؤلِّفِين: عبدُ الغنيِّ بنُ سعيدٍ الأزديُّ، والدارَقُطْنِيُّ له كتابُ (المُؤْتَلِفِ والمُخْتَلِفِ). - ومِن أشهرِ الكتبِ كتابُ: الأميرِ أبي نصرِ بنِ ماكولا واسمُه: (الإكمالُ)، وعليه ذيولٌ كثيرةٌ واستدراكاتٌ. - وللذهبيِّ كتابٌ اسمُه: (مُشْتَبِه النِّسْبَةِ)، لكنْ قالَ الحافظُ: إنَّه اعتمدَ فيه على الضَّبطِ بالقلمِ وليسَ بالحروفِ، فعملَ عليه الحافظُ كتابَه المشهورَ: (تبصيرُ المُنْتَبِهِ). - ومَن أجمعِ ما كُتِبَ وأحسنِه كتابٌ: لابنِ ناصرِ الدينِ الدمشقيِّ وهو (توضيحُ المُشْتَبِه)، شرحَ فيه كتابَ الذهبيِّ. - ثُمَّ ذكرَ الحافظُ فنًّا آخرَ سمَّاهُ (المُتَشَابِهَ)، إن اتفقت الأسماءُ خطًّا ونُطْقًا ولكن اختلفَ النطقُ في الآباءِ: كمحمَّدِ بنِ عَقيلٍ، ومحمدِ بنِ عُقَيْلٍ، وبالعكس كأنْ تختلفُ الأسماءُ نطقًا معَ اتِّفَاقِها خَطَّاً، وتتفقُ الآباءُ خطَّاً ونُطْقًا. وقد يَتَّفِقُ الاسمُ واسمُ الأبِ ويكونُ الاختلافُ المذكورُ في النسبةِ، وقالَ: إنَّه يتركَّبُ منه وممَّا قبلَه أنواعٌ، وأطالَ في التمثيلِ لها، وللخطيبِ كتابٌ أسمَاهُ: (تلخيصَ المتشابهِ)، وذيَّلَه بكتابٍ سمَّاهُ (تالي التلخيصِ)، لكن هذا النوعَ الذي سمَّاهُ الحافظُ (المُتَشَابِهَ) متابعةً للخطيبِ دخلَ في (المُؤْتَلِفِ والمُخْتَلفِ)، فكُتُبُ المُؤْتَلِفِ والمُخْتَلِفِ تشملُ النوعينِ، بل بعضُهم سمَّى المُؤْتَلِفَ، والمُخْتَلِفَ بالمتشابِه.
- ونُنَبِّهُ إلى أنَّ ضبطَ أسماءِ الرواةِ ليسَ خاصًّا بعلومِ الحديثِ، فيدخلُ فيه الشعراءُ والأمراءُ والخلفاءُ … إلخ، وكُتُبُ معاجمِ اللغةِ ولا سيَّمَا (تاجُ العروسِ) تضبطُ أسماءً كثيرةً مُشْتَبِهَةً).
شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد
قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: (الْمُؤْتَلِفُ والْمُخْتَلِفُ: إذا اتَّفَقَتِ الأَسْمَاءُ خَطًّا واخْتَلَفَتْ نُطْقاً.
مِثالُهُ: كَبَشِيرٍ، وبُشَيْرٍ. أَلَّفَ فيهِ الدَّارَقُطْنِيُّ(الْمُؤْتَلِفُ والْمُخْتَلِفُ) في أَرْبَعِ مُجلَّدَاتٍ، والخامسُ فَهَارِسُ. ووَضَعَ ذَيْلاً عليهِ الْخَطِيبُ البَغداديُّ وغيرُهُ. وأَخَذَ ابنُ مَاكُولا ما في هذا الكتابِ، وما في الذُّيولِ والاستدراكاتِ عليهِ، وزادَ عليهِ في كتابٍ سَمَّاهُ (الإِكْمَالُ)، وهوَ مَطبوعٌ في سَبْعِ مُجَلَّدَاتٍ بتَحقيقِ الشيخِ عبدِ الرحمنِ المعلميِّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وذَيَّلَ ابنُ مَاكُولا نفْسُهُ على كتابِهِ، ثمَّ جاءَ ابنُ نُقْطَةَ وذَيَّلَ عليهِ، وهكذا).
شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: عبد العزيز السعيد (مفرغ)
القارئ: (وإن اتفقت الأسماء خطاً واختلفت نطقاً فهو المؤتلف والمختلف).
قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (هذا المؤتلف والمختلف معناه: أن تتفق الأسماء في الخط، وتختلف في النطق.
يعنون: اتفاقها في الخط بدون الشكل والنقط؛ لأن الشكل والنقط هذا حادث، فعندنا حمَّال، وجمَّال، وجمَال، إذا حذفنا الشكل وحذفنا النقط تكون الصورة واحدة، يصلح أن تنطقها: حمَّال، أو جمَّال، أو جمَال، لكن لا يميزها إلا النطق، فهذه ائتلفت خطا واختلفت نطقاً. وهذا مثل حَكيم، وحُكيم، إذا حذفنا الشكل؛ الضمة أو الفتحة، فإن صورة الكلمتين واحدة في الخط، والنطق مختلف، هذه حَكيم، وهذه حُكيم).
العناصر
المؤتلف والمختلف:
تعريف: (المؤتلف والمختلف).
أهمية :(المؤتلف والمختلف).
مثال على (المؤتلف والمختلف).
المصنفات في (المؤتلف والمختلف).
الأسئلة
س1: عرف (المؤتلف والمختلف).
س2: بين أهمية معرفة المؤتلف والمختلف.
س3: اذكر بعض المصنفات في المؤتلف والمختلف.
شرح نخبة الفكر للشيخ عبد الكريم الخضير (مفرغ)
قال الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير: (قال -رحمه الله-: "وإن اتفقت الأسماء خطاً واختلفت نطقاً فهو المؤتلف والمختلف" انتهينا من المتفق والمفترق، المتفق والمتفرق خلاصته تتفق الأسماء إن كانت ثلاثية أو رباعية أو خماسية في الأسماء في الألقاب في الأنساب، نعم في الكنى، تتفق، قد تتفق ثلاثية وهذا كثير، تتفق رباعية والأمثلة ما تقدم، لكن الأشخاص مختلفون، نعم، تعرفون الناس يعانون من هذا، والأحوال تعاني أحياناً تطلب الاسم أكثر من ثلاثي رباعي من أجل ألا يحصل الاتفاق مع هذا الافتراق، وإن اتفقت الأسماء خطاً واختلفت نطقاً، تأتلف تتفق خط وتختلف نطق مثل عَبيدة وعُبيدة مثلاً فهو المؤتلف والمختلف، المؤتلف والمختلف: أن تتفق الأسماء في الخط وتختلف في النطق سواءً كان مرجع الاختلاف النقط أم الشكل، قال ابن الصلاح: "وهذا فن جليل من لم يعرفه من المحدثين كثير عثاره، ولم يعدم مخجلاً، وهو منتشر لا ضابط في أكثره يفزع إليه وإنما يضبط بالحفظ تفصيلاً".
سلمة بن كُهيل أنا سمعت واحد من الكبار يقرأه: سلمة بن كهبل، نعم، ألا يخجل مثل هذا أن ينطق مثل هذا النطق لكن هو ليست له عناية بهذا الشأن، فمثل هذا كما قال: "فن جليل من لم يعرفه من المحدثين كثير عثاره، ولم يعدم مخجلاً" يضحك عليه الصغار من أهل العناية، "وهو منتشر لا ضابط له في أكثره يفزع إليه، وإنما يضبط بالحفظ تفصيلاً".
ومعرفة هذا النوع من مهمات هذا الفن حتى قال علي بن المديني: "أشد التصحيف ما يقع في الأسماء" ووجه بعضهم بأنه شيء لا يدخله القياس ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده، يعني ما يفهم من السياق، أسماء الرجال لا تفهم من السياق، ولا يستدل عليها بما قبلها ولا ما بعدها، بخلاف المتون أحياناً الكلام تستدل عليه بما قبله وما بعده ويستقيم، لكن يبقى الكلام في الرجال.
جويرية بن أسماء يأتي الطالب ويقول: جويرية بن أسماء، يأتي ويعدل يقول: بنت أسماء، ما يمكن يصير هذا؟ ما يقول: هذا خطأ؟ جويرية بن أسماء بن فلان، فيعدل: بنت فلان بنت فلان، ما هو بصحيح، جويرية رجل وأسماء رجل، فالذي لا يعرف مثل هذه الأمور يقع في إشكالات كبيرة، رأيت فهرس لكتاب من الكتب الكبيرة فوضع واثلة بن الأسقع مع النساء، واثلة مع النساء، مثل جويرية بن أسماء وين يبي يضعه؟ نعم أين يوضع جويرية بن أسماء إذا كان واثلة بن الأسقع مع النساء؟ فلا بد من العناية بالرجال.
ما يمكن ضبطه من ذلك على قسمين: عام وخاص، فمن القسم الأول: سلاّم بالتشديد وسلام، قال ابن الصلاح: "جميع ما يرد عليك من ذلك فهو بالتشديد –سلاَّم- إلا خمسة، سلام والد عبد الله بن سلام الصحابي، وسلام والد ابن محمد بن سلام البيكندي شيخ البخاري، لكن قال صاحب المطالع، من صاحب المطالع؟ هذا يرد كثيراً في الشروح، وجهله مما يقبح بطالب العلم، يعني في شرح النووي كثيراً وفي فتح الباري: حكى صاحب المطالع، قال صاحب المطالع، من صاحب المطالع؟ هذا مطالع الأنوار، مطالع الأنوار على صحاح الأخبار لابن قرقول كتاب من أعظم الكتب لكن مع الأسف أنه ما طبع إلى الآن، لكن قال صاحب المطالع: "إن منهم من خففه ومنهم من ثقل وهو الأكثر"، وقال ابن الصلاح: "التخفيف أثبت" سلام بن ناهض المقدسي وسماه الطبراني سلامة، سلام جد محمد بن عبد الوهاب الجبائي المعتزلي، سلام بن أبي الحقيق، وأما البقية كلهم سلاّم بالتشديد.
من ذلك عُمارة وعِمارة كلهم بالضم إلا أبي بن عِمارة، وكَريز وكُريز، وحِزام وحرام، والسْفر والسَفر، وإثْل وأثَل، وغنام وعثام، وقُمير وقَمير، ومسوَر ومسوَّر، والحمال والجمال، قال ابن الصلاح: "وقد يوجد في هذا الباب ما يؤمن فيه من الغلط، ويكون اللافظ فيه مصيباً كيفما قال" يعني أينما وجهت صحيح، أينما صرفت الكلمة صحيح مثل: عيسى بن أبي عيسى الحنَّاط، يعني لو قلت: الخياط صحيح، لو قلت: الخباط صحيح؛ لأنه حناط وخياط وخباط، نعم، إلا أن شهرته بالنون.
القسم الثاني: الخاص، ضبط ما في الصحيحين أو هما معاً مع الموطأ من ذلك على الخصوص، فمن ذلك بشار بالشين المنقوطة والد بندار محمد بن بشار، وسائر ما في الكتابين يسار بالياء آخر الحروف والسين المهملة، وفيهما سيار بن سلامة، سيار بن أبي سيار وردان، وجميع ما في الصحيحين والموطأ مما هو على صورة بسر فهو بالشين المنقوطة بشر وكسر الباء إلا أربعة فإنهم بالسين المهملة وضم الباء وهم: عبد الله بن بسر المازني صحابي، وبسر بن سعيد، وبسر بن عبد الله الحضرمي، وبسر بن محجن الديلي، وقيل فيه: بشر بالشين وبالأول قال الأكثر، وجميع ما فيه على صورة بشير بالياء المثناة من تحت قبل الراء فهو بالشين منقوطة والباء الموحدة مفتوحة إلا أربعة اثنين بضم الباء وهما: بُشير بن كعب العدوي وبُشير بن يسار، والثالث: بالياء يسير بن عمرو بالياء ويقال قسير، الرابع: قطن بن نسير بالنون، قطن بن نسير بالنون، وجميع ما فيها من البراء فإنه بتخفيف الراء إلا أبا معشر البرَّاء وأبا العالية البرّاء فإنهما بتشديد الراء، والبرّاء الذي يبري الأعواد والسهام.
وخِراش كله بالخاء المعجمة إلا والد ربعي بن حراش بالحاء المهملة، وزعم المنذري في مختصر سنن أبي داود أنه بالخاء المعجمة، وحُصين كله بضم الحاء إلا أبا حَصِين عثمان بن عاصم الأسدي، وجميعه بالصاد إلا حضين بن المنذر أبا ساسان فإنه بالضاد المعجمة، وعُبيدة في الكتب الثلاثة كله بالضم إلا عَبيدة السلماني، وعَبيدة بن حميد، وعَبيدة بن سفيان، وعامر بن عَبيدة الباهلي، السلمي إذا جاء في الأنصار فهو بفتح السين نسبة إلى بني سلمة، وأهل العربية يفتحون اللام منه في النسب كما في النمَري والصدَفي وبابهما، وأكثر أهل الحديث يقولونه بكسر اللام على الأصل وهو لحن، والله أعلم.
السلمي إذا جاء في الأنصار فهو بفتح السين نسبة إلى بني سلِمة، النسب بفتح اللام والأصل سلِمة، وأهل العربية يفتحون اللام منه في النسب كما في النمَري، سلَمي نسبة إلى بني سلِمة سلَمي، والنسبة إلى النمِر بكسر الميم نمَري ومثله الصدَفي وبابهما، وأكثر أهل الحديث يقولونه بكسر اللام سلِمي على الأصل وهو لحن، لحن، الصواب سلَمي كما يقوله أهل العربية لا سلِمي، وهذا في نظائره مكسور الثاني إذا نسب إليه يفتح؛ لئلا تتوالى كسرات في النسب، وعلى هذا إذا نسبنا إلى الملِك نقول: ملِكي وإلا ملَكي؟ ملَكي، وملِكي لحن، وإن سمع في بعض الأحيان من بعض أهل العناية، لكنه لحن، الصواب بالفتح، صنف في هذا النوع الحافظ الدارقطني وذيل على كتابه الخطيب البغدادي، كما صنف فيه عبد الغني بن سعيد، ثم جمع الجميع الأمير أبو نصر بن ماكولا في كتابه: (الإكمال)، قال ابن حجر: "وكتابه من أجمع ما جمع في ذلك"، الإكمال لابن ماكولا، "وهو عمدة كل محدث بعده"، واستدرك عليه أبو بكر بن نقطة ما فاته في مجلد ضخم، ثم ذيل عليه منصور بن سليم في مجلد لطيف، وكذلك ابن الصابوني، وجمع الذهبي في ذلك كتاباً مختصراً جداً، قال ابن حجر: "أعتمد فيه على الضبط بالقلم فكثر فيه الغلط والتصحيف المباين لموضوع الكتاب"، ثم صنف الحافظ ابن حجر كتاباً في توضحيه سماه: (تبصير المنتبه بتحرير المشتبه) نعم.
هنا يقول: "وجمع الذهبي في ذلك كتاباً مختصراً جداً أعتمد فيه على الضبط بالقلم فكثر فيه الغلط والتصحيف المباين لموضوع الكتاب، وقد يسر الله تعالى بتوضيحه في كتاب سميته: (تبصير المنتبه بتحرير المشتبه) وهو مجلد واحد فضبطته بالحروف على الطريقة المرضية وزدت عليه شيئاً كثيراً مما أهمله أو لم يقف عليه ولله الحمد على ذلك" صحيح الحافظ أجاد في هذا الكتاب، المعلِق الذي يستدرك على الحافظ يقول: يعني أنه عمد إلى تلك المصنفات ولخصها وجعل منها كتاباً باسمه وقوله: (تبصير المنتبه) لا وجه له، لا وجه لهذه التسمية لأن المنتبه لا يحتاج إلى من يبصره أي ينبه، وإنما التنبيه يكون للغافل، وقوله: على الطريقة المرضية، جملة لا معنى لها وإنما أتى بها ليخفف من اعتراض من يعترض عليه، أو يبرر عمله الذي عمله، عرفنا أن هذا متحامل على الحافظ، له تعليقات لطيفة وجميلة، لكن هو متحامل على الحافظ، رحم الله الجميع).