الدروس
course cover
صيغ الأداء
29 Oct 2008
29 Oct 2008

10991

0

0

course cover
شرح نخبة الفكر

القسم الرابع

صيغ الأداء
29 Oct 2008
29 Oct 2008

29 Oct 2008

10991

0

0


0

0

0

0

0

صيغ الأداء

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (وَصِيَغُ الأَدَاءِ:

-سَمِعْتُ، وَحَدَّثَنِي.

- ثُمَّ أَخْبَرَنِي.

-وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ.

-ثُمَّ قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ.

-ثُمَّ أَنْبَأَنِي.

-ثُمَّ نَاوَلَنِي.

-ثُمَّ شَافَهَنِي.

-ثُمَّ كَتَبَ إِليّ.

-ثُمَّ عَنْ وَنَحْوُهَا.


فَالأَوَّلاَنِ:

لِمَنْ سَمِعَ وَحْدَهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ، فَإِنْ جَمَعَ فَمَعَ غَيْرِهِ، وَأَوَّلُهَا: أَصْرَحُهَا، وَأَرْفَعُهَا في الإِمْلاءِ.

وَالثَّالِثُ، وَالرَّابِعُ:

لِمَنْ قَرَأَ بِنَفْسِهِ.

فَإِنْ جَمَعَ: فَكَالخَامِسِ.

وَالإِنْبَاءُ،بِمَعْنَى الإِخْبَارِ إِلا في عُرْفِ المُتَأَخِّرِينَ:

- فَهُوَ لِلإجَازَةِ: كَعَنْ).

هيئة الإشراف

#2

5 Nov 2008

نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (1) (وَصِيغُ الأَدَاءِ) المُشَارُ إليها على ثمانِ مَرَاتِبَ:

الأُولى:(سَمِعْتُ وحَدَّثَنِي ثم أَخْبَرَنِي وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ).

وهيَ المَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: (ثُمَّ قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ).

وهيَ الثَّالِثَةُ: (ثم أَنْبَأَنِي).

وهيَ الرَّابِعَةُ: (ثم نَاوَلَنِي).

وهيَ الخامِسةُ: (ثم شَافَهَنِي) أي: بالإِجَازَةِ.

وهيَ السَّادِسَةُ: (ثم كَتَبَ إِلَيَّ) أي: بالإجَازَةِ.

وهيَ السَّابِعَةُ: (ثم عَنْ وَنَحْوَهَا) مِن الصِّيغِ المُحْتَمِلَةِ للسَّماعِ والإِجَازَةِ ولعدَمِ السَّماعِ أيضًا، وهَذَا مِثْلَ (قَالَ)، و(ذَكَرَ) و(رَوَى) (فَـ) اللَّفْظانِ (الأولانِ) من صِيَغِ الأداءِ وهُمَاسَمِعْتُ وحَدَّثَنِي صالحانِ.

(2) (لِمَنْ سَمِعَ وحدَه مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ) وتخصيصُ التَّحَدِيثِ بما سَمِعَ مِن لفظِ الشَّيخِ هو الشَّائعُ بَيْنَ أهلِ الحَدِيثِ اصطلاحًا، ولا فرْقَ بَيْنَ التَّحَدِيثِ والإخبارِ مِن حيثُ اللُّغةُ، وفي ادِّعاءِ الفرْقِ بَيْنَهما تكُلُّفٌ شديدٌ، لكن لَمَّا تَقَرَّرَ الاصْطِلاَحُ صارَ ذَلِكَ حقيقةً عُرْفِيَّةً فَتُقَدَّمُ على الحقيقةِ اللُّغَوِيَّةِ، مع أنَّ هَذَا الاصطلاحَ إِنَّمَا شَاعَ عندَ الْمَشَارِقَةِ ومَن تَبِعَهُم، وأَمَّا غالبُ المَغارِبَةِ فلمْ يَسْتَعْمِلوا هَذَا الاصطلاحَ بل الإخبارُ والتَّحَدِيثُ عندَهم بِمَعْنًى واحدٍ، (فَإِنْ جَمَعَ) الرَّاوي، أي: أتَى بِصِيغَةِ الجَمْعِ في الصِّيغةِ الأولى، كأنْ يقولَ: حَدَّثَنَا فُلانٌ، أو: سَمِعْنَا فُلاَنًا يقولُ (فَـ) هو دليلٌ على أنَّه سَمِعَ منه (مَعَ غَيْرِهِ) وقد تكونُ النُّونُ للعَظَمَةِ لكن بِقِلَّةٍ، (وَأولُهَا) أي: صِيَغُ المَراتِبِ (أَصْرَحُهَا) أي: أصرحُ صِيَغِ الأداءِ في سماعِ قائلِها؛ لأنَّها لا تَحْتَمِلُ الواسِطَةَ، ولأنَّ حَدَّثَنِي قد يُطْلَقُ في الإجازةِ تَدْلِيسًا. (وَأَرْفَعُهَا) مِقْدَارًا ما يقعُ (في الإِمْلاَءِ) لِمَا فيه مِن التَّثَبُّتِ والتَّحفُّظِ.(والثَّالِثُ) وهو أَخْبَرَنِي، (والرَّابعُ) وهو قَرَأْتُ (لِمَنْ قَرأَ بِنَفْسِهِ) على الشَّيخِ، (فَإِنْ جَمَعَ) كأنْ يقولَ: أَخْبَرَنَا أو قَرَأَنْا عَلَيْهِ (فَـ) هو (كَالْخَامِسِ) وهو قُرِئَ عَلَيْهِ وأنا أَسْمَعُ. وعُرِفَ مِن هَذَا أنَّ التَّعْبِيرَ بِقَرَأْتُ لمَنْ قَرَأَ خَيْرٌ مِن التَّعْبِيرِ بالإِخْبارِ؛ لأنَّه أفصحُ بصورةِ الحالِ.

(تَنْبِيهٌ):

القِرَاءةُ على الشَّيخِ أحدُ وُجُوهِ التَّحَمُّلِ عندَ الجمهورِ، وَأَبْعَدَ مَن أبَى ذَلِكَ من أهلِ العراقِ، وقد اشتدَّ إنكارُ الإمامِمَالِكٍ وغيرِه مِن المدنَيِّينَ عليهمْ في ذَلِكَ، حتى بَالَغَ بعضُهمْ فرجَّحَها على السَّماعِ مِن لفظِ الشَّيخِ، وذهبَ جمْعٌ جَمٌّ منهمَالْبُخَارِيُّ وحكاهُ في أوائلِ (صَحِيحِهِ) عَن جماعةٍ مِن الأَئِمَّةِ إلى أنَّ السَّماعَ مِن لفظِ الشَّيخِ والقراءةَ عليهِ يعني في الصِّحَّةِ والقُوَّةِ سواءٌ، واللهُ أَعْلَمُ.

(3) (والإِنْبَاءُ) من حيثُ اللُّغةُ واصطلاحُ المُتَقدِّمينَ (بِمَعْنَى الإِخْبَارِ إلاَّ في عُرْفِ المُتَأَخِّرِينَ فهو للإجازةِ كَعَنْ) لأنَّها في عُرْفِ المُتَأَخِّرِينَ للإجازةِ).

هيئة الإشراف

#3

5 Nov 2008

نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم

قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: ( (1) طرقُ التحَمُّلِ عندَ المحدِّثينَ في الجملةِ ثمانيةٌ:

ومعناها: كيفَ أخذَ التلميذُ عن شيخِه؟

وهي كالآتي:

1- السماعُ مِن لفظِ الشيخِ.

2- القراءةُ على الشيخِ.

3- الإجازةُ.

4- المُنَاوَلَة ُ.

5- الكتابةُ.

6- الوصيَّةُ.

7- الإعلامُ.

8- الوِجَادَةُ.

وإنْ كانَ بعضُها يدخلُ في بعضٍ.


هذه الطرقُ مُقَسَّمَةٌ إلى قسمينِ:

الأَوَّلِ: يشملُ السَّماعَ مِن لفظِ الشيخِ، والقراءةَ على الشيخِ.

الثاني: يشملُ الستَّةَ الباقيةَ.

وهذا التقسيمُ مِن جهةِ كثرةِ الاستعمالِ وقلَّتِه عندَ المتقدِّمِين والمتأخِّرِينَ.

فالقسمُ الأَوَّلُ:هو الأشهرُ عندَ المتقدِّمِينَ والمُسْتَعْمَلُ بكثرةٍ في عصرِ الروايةِ، وهو أنْ يسمعَ التلميذُ مِن لفظِ الشيخِ أو أنْ يقرأَ التلميذُ أو أحدُ التلاميذِ على الشيخِ، وللمتقدِّمِينَ كلامٌ في أيِّهِما أقوى؟

هل الأقوى أنْ يسمعَ التلميذُ مِن لفظِ الشيخِ، أو أنْ يقرأَ على الشيخِ، أو يستمعَ لقراءةِ غيرِه؟

الأكثرُ على أنَّ السَّماعَ مِن لفظِ الشيخِ هو الأقوى.

-وبعضُهم يُسَوِّي بينهما.

- وبعضُهم يُرَجِّحُ القراءةَ على الشيخِ.

(2)

2-الستَّةُ الباقيةُ اشْتُهِرَتْ عندَ المتأخِّرِينَ ولا سيَّما الإجازةُ، حتى صارَ الغالبُ على الروايةِ عندَ المتأخرينَ بالإجازةِ، ومعنى الإجازةِأنْ يقولَ الشيخُ للتلميذِ: هذا الكتابُ أجزتُ لكَ أنْ ترويَهُ، أو أجزتُ لكَ أنْ ترويَ عنِّي (صحيحَ البخاريِّ)وهكذا، وفي بعضِ الأحيانِ يقرأُ الشيخُ بعضَ الكتابِ أو أحاديثَ منه والباقي يجعلُه إجازةً.

وَقَد كَثُرَتْ أنواعُ الإجازةِ عندَ المتأخِّرِين حتَّى صرَّحَ ابنُ الصلاحِ بأنَّ في بعضِها توسُّعًا غيرَ مرضيٍّ، بأنْ يقولَ الشيخُ للتلميذِ أحيانًا:

كلُّ ما أرويه أجزتُ لكَ أنْ ترويَهُ.

أو يقولُ أحيانًا: أجزتُ لأهلِ هذا البلدِ أنْ يروُوا عنِّي.

أو يقولُأجزتُ لفلانٍ ولِمَن يولدُ له.

أو أجزتُ لكَ ما أرويه الآنَ، وما سأرويه فيما بعدُ؛ فهذه كلُّهَا إجازاتٌ عامَّةٌ وفيها توسُّعٌ.

(3) أما باقي الصورِ الستَّةِ: فالمُنَاوَلَةُ: أنْ يعطيَ الشيخُ التلميذَ الكتابَ يناولُه ويقولُ له: هذا مِن مَرْوِيَّاتِي عن فلانٍ.

أو يُعْلِمُهُ فيقولُ: أنا أروي هذا الكتابَ.

أو يوصِّي به فيقولُ: إذا مِتُّ فهذه الكتبُ لكَ.

أو يجدُ التلميذُ بخطِّ الشيخِ أنني أروي هذا الكتابَ.

أويكتبُ له وهو في بلدٍ أنَّ هذا الكتابَ مِن مرويَّاتِي، هذه الأقسامُ الخمسةُ يقولُ الحاافظُ: (إنَّ الصحيحَ أنَّ الروايةَ بها مشروطٌ فيها الإذنُ بالروايةِ، فتدخلُ تحتَ الإجازةِ، وذكرَ أنَّ بعضَ الحفَّاظِ مثلَالخطيبِ أجازَ الروايةَ بها جميعًا وإنْ لم يكن بها إذنٌ).

كلُّ هذه تُسَمَّى طرقَ التَّحَمُّلِ،في مقابلِها شيءٌ عُرِفَ عندَ المحدِّثينَ بألفاظِ الأداءِ، فإذا تَحَمَّلَ التلميذُ بأيِّ طريقةٍ مِن الطرقِ فكيفَ يؤدِّي إذا أصبحَ هو شيخًا؟

عندَ المتقدِّمِين طريقتانِ للتحمُّلِ:

- السماعُ مِن لفظِ الشيخِ.

والقراءةُ على الشيخِ.

يقولُ الحافظُ: (بالنسبةِ للسماعِ فأرفعُ ألفاظِ الأداءِ أنْ يقولَ التلميذُ: سمعتُ؛ لأنَّها صريحةٌ ولا تشتبهُ وليسَ فيها تدليسٌ أو توسُّعٌ، وما عدا سمعتُ فهناكَ ألفاظٌ مشهورةٌ عندَ المتقدِّمِين للأداءِ: حدَّثَنا، أخبرنا، أنبأنا، فبعضُ المحدِّثين ومنهم البخاريُّ، على أنكَّ تستعملُ هذه الألفاظَ في الطريقتينِ، سواءٌ سمعتَ مِن لفظِ الشيخِ، أو قرأتَه على الشيخِ أو قُرِئَ عليه وأنتَ تسمعُ، وبعضُ المحدِّثينَ يخصُّ حدَّثَنا وأخبرَنا إذا كانَ ذلكَ من السَّماعِ وهذا مرويٌّ عن أحمدَ، وإذا كانَ التلميذُ هو الذي يقرأُ يقولونَ: ينصُّ فيقولُ الراوي: أخبرنا قراءةً عليه، أو قرأتُ على فلانٍ، وكثيرًا ما نجدُ في (صحيحِ مسلمٍ) قولَيحيى بنِ يحيى: قرأتُ على مالكٍ، وقولَ النَّسائيِّ في بعضِ شيوخِه: أخبرَنا قراءةً عليه، أو قُرِئَ عليه وأنَا أسمعُ، ونحوُ هذه الألفاظِ التي يتبيَّنُ أنَّه ليسَ بسماعٍ وإنما هو قراءةٌ، وبعضُ المحدِّثينَ كالإمامِ مُسْلِمٍ يفرِّقُ بينهما لكن دونَ النصِّ على أنَّه قراءةٌ على الشيخِ، فجعلُوا حدَّثَنَا للسَّماعِ من لفظِ الشيخِ، وأخبرنا للقراءةِ على الشيخِ وإنْ لم يصاحبْها التنصيصُ على ذلكَ.

أمَّا المتأخِّرُونَ فيميلُون إلى التدقيقِ والتفصيلِ، فاصطلحُوا على أنَّ حدَّثَنا للسماعِ إذا سمعَ معَ جماعةٍ، وإذا سمعَ لوحدِه يقولُ: حدَّثَني، وأخبرَنا للقراءةِ على الشيخِ إذا كانَ يقرأُ هو أو يقرأُ طالبٌ ومعه جمعٌ يستمعونَ، ويقولُ: أخبرني إذا كانَ يقرأُ هو لوحدِه، أمَّا لفظُ أنبأنَا فهي ليستْ كثيرةً عندَ المتقدِّمِين في حينِ جعلَها المتأخِّرُونَ للإجازةِ، فكلُّ ما سمعتَ عندَالبيهقيِّ والحاكمِ والبغويِّ وابنِ الجوزيِّ والذهبيِّ أنبأَنا فمعناها أنَّه ليسَ بسماعٍ ولا قراءةٍ وإنما هي إجازةٌ، واصطلحُوا اصطلاحًا آخرَ: (عن) فإذا توالتْ (عن) بعدَ (عن) فمعناه أنَّه إجازةٌ عن إجازةٍ أيضًا، هذا كلُّه اصطلاحٌ وليسَ موجودًا عندَ المتقدِّمِين).

هيئة الإشراف

#4

10 Nov 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد

قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: (صِيَــغُ الأَدَاءِ:

1-السَّمَاعُ.

2-العَرْضُ أو القِراءةُ على الشيخِ.

3-الإِجَازَةُ.

4-الْمُنَاوَلَةُ.

5-الْمُكَاتَبَةُ.

6-الإِعْلامُ.

7-الْوَصِيَّةُ.

8-الْوِجَادَةُ.


1- السَّمَاعُ:

وهوَ أنْ يُحَدِّثَ الشيخُ مِنْ لَفْظِهِ والتلميذُ يَسْمَعُ، سواءٌ أكانَ التحديثُ مِنْ لفْظِهِ، أوْ مِنْ كتابٍ، أوْ كانَ التلميذُ يَحْفَظُ ما يَسْمَعُ، أوْ يَكْتُبُهُ. والسَّماعُ أعْلَى الدرجاتِ،ويُعَبَّرُ عنهُ بعدَ استقرارِ الاصطلاحِ:بـ(سَمِعْتُ، أوْ حَدَّثَنِي، أوْ سَمِعْنَا، أوْ حَدَّثَنَا).


2- العَرْضُ أو القراءةُ على الشيخِ:

أحياناً يَقْرَأُ التلميذُ على الشيخِ أحاديثَ لهُ مِنْ كِتابِهِ، أوْ مِنْ غيرِ كِتابِهِ، أوْ يكونُ التلميذُ يَسمعُ والذي يَقرأُ شَخْصٌ آخَرُ، وسواءٌ كانَ الشيخُ معهُ كتابُهُ أوْ يُصْغَي، فإنْ كانَ يَقرأُ بِمُفْرَدِهِ فيقولُ: أخْبَرَنِي، أوْ: قَرَأْتُ عليهِ. وإنْ كانَ يَقرأُ غيرُهُ قالَ: أَخْبَرَنَا، أوْ: قُرِئَ عليهِ وأنا أَسْمَعُ.

وقدْ نَجِدُ في بعضِ الأسانيدِ: قَرأتُ على فلانٍ: أخْبَرَكُمْ فُلانٌ، كما في كتابِ (الزُّهْدُ)لابنِ الْمُبَارَكِ؛ في أوائلِ الحديثِ: أخْبَرَكُم ابنُ حَيَّوَيْهِ؛ لأنَّهُ يَقْرَأُ مِنْ كتابِ الشيخِ وفيهِ: أَخْبَرَنا، فيَجْعَلُها للمُخَاطَبِ.

والراجِحُ أنَّ مَرحلةَ العرْضِ تَلِي مَرحلةَ السَّمَاعِ، وهناكَ مَنْ قالَ: لا فَرْقَ بينَ السَّمَاعِ والْعَرْضِ.

1- البُخاريُّ، ذَهَبَ إلى عدَمِ التفريقِ بينَ العَرْضِ والسماعِ، وهوَ رِوايَةٌ عنْ مالِكٍ.

2- مسلِمٌ، والْجُمهورُ ذَهَبُوا إلى أنَّ السمَاعَ أرْفَعُ درجةٍ درجةً مِن العَرْضِ؛ لذا نَجِدُ مسلِماً يُعْنَى بِصِيَغِ الأداءِ، فنَجدُهُ يقولُ: حدَّثَنِي فُلانٌ وفُلانٌ،؛ قالَ فُلانٌ: حدَّثَنَا، وقالَ فُلانٌ: أخْبَرَنَا.

والتفريقُ أدَقُّ؛ لأنَّهُ يَرُدُّ يَرِدُ أحياناً بعضَ بعضُ الاختلافِ في الأسانيدِ، فإذا جاءَ حَدِيثانِ ظاهِرُهما التعارُضُ -ولْيَكُنِ التعارُضُ في السَّنَدِ.

أحدُهما: زادَ زِيادةً.

والآخَرُ: ما ذَكَرَها- واحْتَجْنَا للترجيحِ، فيُمْكِنُ أنْ نُرَجِّحَ الروايَةَ المأخوذةَ بالسَّمَاعِ.

أوْ يكونُ خِلافاً في ضَبْطِ كَلمةٍ؛ فنِسبةُ خَطَأِ الشيخِ إذا حَدَّثَ بلَفْظِهِ أقَلُّ مِنْ نِسبةِ الْخَطَأِ إذا قُرِئَ عليهِ وهوَ يَسمعُ؛ لاحتمالِ أنْ يَسْهُوَ أوْ لا يَسمعَ الكلمةَ صحيحةً فيَظُنَّها نَطَقَ نُطِقَ بها بالطريقةِ الصحيحةِ وليسَ كذلكَ.

3-قولُ أبي حَنيفةَ، وهوَ رِوايَةٌ عنْ مالِكٍ: فَضَّلُوا القِراءةَ على السماعِ، وهذا قولٌ مَرجوحٌ.


3- الإِجــازةُ:

يَأْتِي إنسانٌ مُتَعَجِّلاًٌ مِنْ بَلَدٍ بعيدٍ ولا يَستطيعُ الإقامةَ في هذا البَلَدِ حتَّى يَسْمَعَ أحاديثَ الشيخِ كُلَّها، فيقولَ فيقولُ للشَّيْخِ: أَجِزْنِي بِمَرْوِيَّاتِكَ، فيَدْفَعُ إليهِ كِتابَهُ.

أوْ يكونُ التلميذُ قدْ نَسَخَ كتابَ الشيخِ ويقولُ: هذا كتابُكَ فأَجِزْنِي بهِ؛ فيقولُ: أَجَزْتُكَ بكتابِي.

فبَعْدَ دقيقةٍ واحدةٍ أوْ أقلَّ تَحَمَّلَ جُهْدَ سنةٍ أوْ أكثرَ؛ فهذهِ الصورةُ تحتَ الدَّرَجَتَيْنِ السابقتَيْنِ.


هناكَ بعضُ التَّوَسُّعِ في الإِجازةِ:

1- أنْ يُجِيزَ مُعَيَّناً لمعلومٍ، كأنْ يقولَ: أَجَزْتُكَ(بصحيحِ البُخاريِّ).

2- أنْ يُجِيزَ مُعَيَّناً لمجهولٍ، كأنْ يقولَ: أَجَزْتُ (صحيحَ البُخاريِّ) لجميعِ المسلمينَ.

3- إجازةُ مجهولٍ، كأنْ يَرْوِيَ كُتُباً عديدةً فيقولَ: أَجَزْتُ جميعَ مَرْوِيَّاتِي لجميعِ المسلمينَ.

4-إجازةُ مَجهولٍ لِمَعلومٍ، كأنْ يقولَ: أَجَزْتُكَ بجميعِ مَسموعاتِي ومَرْوِيَّاتِي.

5- إجازةُ معلومٍ لِمَعدومٍ، كأنْ يقولَ: أَجَزْتُ (صحيحَ البُخاريِّ)لفُلانٍ ولِمَنْ سَيُولَدُ بعدَهُ.

6- إجازةُ مَجهولٍ لِمَعدومٍ، كأنْ يقولَ: أَجَزْتُ جَميعَ مَرْوِيَّاتِي لفُلانٍ ولِمَنْ سَيُولَدُ لهُ.


وهذهِ الصِّيَغُ رَدِيئَةٌ لا تُعْتَبَرُ شيئاً، ولا تُعْتَبَرُ؛ إلاَّ إِجازَةُ المعلومِ للمعلومِ وهوَ الأَوَّلُ، وبعضُهم يُنازِعُ في إجازةِ المجهولِ للمعلومِ، كأنْ يقولَ: أَجَزْتُكَ بجميعِ مَرْوِيَّاتِي، ومَرْوِيَّاتُهُ مثلاً الكُتُبُ السِّتَّةُ، وللتَّوَسُّعِ انْظُرْ: (الإِلْمَاعُ للقَاضِي عِيَاضٍ).

والْمُتَقَدِّمُونَ:وهم طَبقةُ الصحابةِ والتابعينَ وتابِعِيهِمْ لا يُفَرِّقُونَ بينَ السَّمَاعِ، والعرْضِ، والإجازةِ؛ فيقولونَ في كلِّ هذا: أَخْبَرَنا، أوْ أَنْبَأَنا، أوْ حدَّثَنا.

أمَّا بعدَما اسْتَقَرَّ الاصطلاحُ في طَبقةِمُسْلِمٍ ومَنْ بعدَهُ:

فيقولُ للسَّماعِ:سَمِعْتُ.

-وللعَرْضِقَرأتُ على فُلانٍ، أوْ أَخْبَرَنِي، أوْ قُرِئَ عليهِ وأنا أَسْمَعُ.

-وللإِجازةِ: أَنْبَأَنِي، ويَجوزُ أنْ يَقولَ: حدَّثَنا فُلانٌ إجازةً، وهكذا.

فبِالتَّقْيِيدِ يَجُوزُ، وبغيرِ التَّقْيِيدِ يُعَدُّ عندَهم نَوْعاً مِن التَّدْلِيسِ؛ ولذا تَكَلَّمُوا فيأبي نُعَيْمٍ صاحبِ (الْحِلْيَةِ)؛ لأنَّهُ يُطْلِقُ ولا يُبَيِّنُ، فيقولُ: حدَّثَنا، وأَخْبَرَنا للإجازةِ، وكأنَّهُ يُوهِمُ أنَّهُ سَمِعَ ذلكَ فِعْلاً؛ فاعْتَبَرُوهُ مُدَلِّساً بهذهِ الصورةِ.

والْمُتَأَخِّرُونَ جَعَلُوا صِيغةَ (عَنْ) للإِجازةِ، أمَّا عندَ الْمُتَقَدِّمِينَ فإنَّها مَحمولةٌ علىالسمَاعِ عُموماً، إلاَّ أنْ تكونَ صادِرةً مِنْ مُدَلِّسٍ فيُتَوَقَّفَ فيها.

فإذا وَرَدَتْ صِيغةُ (عَنْ)فيمَنْ بعدَ طَبقةِ الْخَطيبِ البَغداديِّ -خاصَّةً في القرْنِ السابِعِ والثامِنِ- فإنَّها تَعْنِي التَّحَمُّلَ بالإجازةِ، فيُنْتَبَهُ لها.

4- الْمُنَاوَلَةُ:

وهيَ شَبيهةٌ بالإجازةِ، لكنَّهم حَدَّدُوهَا؛ لأنَّها قدْ تكونُ إجازةً وقدْ لا تكونُ.

وصِفَتُها: أنْ يُنَاوِلَ الشيخُ تِلميذَهُ؛ إمَّا هِبَةً أوْ إعارةً، يَنْسَخُهُ.

قالَ العُلماءُ: فإنْ صَرَّحَ بإجازتِهِ كأنْ يُنَاوِلَهُ الكتابَ وقالَ: هذهِ مَسْمُوعَاتِي أَجَزْتُكَ برِوَايَتِها، فهذهِ تَدْخُلُ في النوعِ السابقِ، لكنْ إنْ لم يُصَرِّحْ بإِجازتِهِ إِيَّاهَا فهنا خِلافٌ.

- فالْجُمهورُ على رَدِّها؛ لأنَّهُ لمْ يَأْذَنْ لهُ بالتحديثِ بها عنهُ، فقدْ يكونُ ذلكَ لعِلَّةٍ فيها.

وخالَفَابنُ حَزْمٍ والظاهرِيَّةُ وقالُوا: إنَّها تُقْبَلُ.

وقالُوا زِيادةً على ذلكَ: لوْ قالَ لهُ: لا أُجِيزُكَ أنْ تُحَدِّثَ بها عَنِّي، فيَجِبُ عليهِ أنْ يُحَدِّثَ عنهُ.

قالُوا: لأنَّهُ لَمَّا دَفَعَها إليهِ عَرَفْنَا أنَّها مَسْمُوعَاتُهُ، أمَّا كونُهُ لا يُجِيزُهُ بعدَ ذلكَ فهذا ليسَ إليهِ؛ لأنَّ هذا عِلْمٌ تُحُمِّلَ عنهُ ولم يَعُدْ يَمْلِكُهُ، وإنْ كانَ صادقاً بأنَّ هناكَ عِلَّةً في الأحاديثِ فلْيُبَيِّنْ، فالعلْمُ لا يُكْتَمُ ولا يَمْلِكُهُ أحَدٌ، هذهِ وِجْهَةُ نَظَرِهِم.

صِيَغُ التَّحَمُّلِ لِلْمُنَاوَلَةِ:

إنْ أَجَازَهُ قالَ: أَنْبَأَنِي، أوْ حَدَّثَنِي إجازةً؛ لكنْ إذالم يُجِزْهُ فيقولُ: ناوَلَنِي.

أمَّا شافَهَنِي:الْمُشَافَهَةُ إذا دَفَعَ إليهِ مَروِيَّاتِهِ أوْ نحوَ ذلكَ وقالَ لهُ: أَجَزْتُكَ بِمَرْوِيَّاتِي، فيقولُ: إنَّهُ شافَهَنِي؛ أيْ: أَجَازَنِي مُشافَهَةً، وهيَ أَقْوَى مِن الْمُكَاتَبَةِ.

5- الْمُكَاتَبَةُ:

وهيَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ:

أ- أنْ يكونَ أحدُهما في بَلَدٍ والآخَرُ في بَلَدٍ آخَر؛ فيُرْسِلَ التلميذُ رِسالةً إلى الشيخِ يَسألُهُ مَسألةً مُعَيَّنَةً، أوْ يَطْلُبُ منهُ أنْ يَكْتُبَ لهُ أحاديثَ سَمِعَها، فيَكْتُبَ الشيخُ: سَأَلْتَنِي عنْ كذا والجوابُ كذا، ودَليلُهُ ما حَدَّثَنِي فُلانٌ. فهذا يُسَمَّى مُكَاتَبَةً.

ب- أنْ يَدْفَعَ الشيخُ كتابَهُ إلى التلميذِ ولا يُجِيزُهُ بهِ، وهيَ الْمُنَاوَلَةُ.

قالَ الحافِظُ: (ولم يَظْهَرْ لي فَرْقٌ قَوِيٌّ بينَ مُناوَلَةِ الشيخِ الكتابَ مِنْ يَدِهِ للطالِبِ، وبينَ إرسالِهِ إليهِ بالكتابِ مِنْ مَوْضِعٍ إلى آخَرَ، إذا خَلا كلٌّ مِنهما عن الإِذْنِ).

وَجْهُ التَّوَقُّفِ:

إذا كانَ الشيخُ في بَلَدٍ والتلميذُ في بَلَدٍ آخَرَ، فكَتَبَ الشيخُ إلى التلميذِ -بطَلَبِهِ أوْ بغيرِ طَلَبِهِ- بأحاديثَ، أوْ كَتَبَ إليهِ كِتاباً يَعِظُهُ فيهِ أوْ يُفْتِيهِ فيهِ ويَستَدِلُّ بأحاديثَ مُسْنَدَةٍ، فهلْ يَجُوزُ للتمليذِ أنْ يَرْوِيَ ذلكَ عن الشيخِ؟

قالَ الْجُمهورُ: إنَّهُ يَجوزُ، ويُعْتَبَرُ هذا تَحَمُّلاً صَحِيحاً بشَرْطِ أنْ يَنُصَّ على ذلكَ فيَقولَ: كَتَبَ إليَّ فُلانٌ، أوْ أَخْبَرَنَا فُلانٌ مُكاتَبَةً.

أمَّا الْمُنَاوَلَةُ،وهيَ أنْ يَدْفَعَ الشيخُ كِتابَهُ للتلميذِ ولا يُجِيزَهُ بهِ فيقولَ: هذهِ مَسموعاتِي. فالْجُمهورُ على رَدِّ هذا النوعِ.

فالحافِظُ يقولُ: (أنا ما اتَّضَحَ لي لِمَاذا قَبِلُوا ذاكَ ورَدُّوا هذا، والأمْرُ سِيَّانِ، كِلاهما لم يَأْذَنِ الشيخُ بالروايَةِ عنهُ).

قُلْتُ: (الذي يَظْهَرُ لي أنَّ هناكَ فَرْقاً؛ فالشيخُ أَجَابَ التلميذَ جَوَاباً، أو التلميذُ كَتَبَ إلى الشيخِ يَطْلُبُ منهُ أحاديثَ، فبِهَذِهِ الصورةِ الفرْقُ واضِحٌ، وقدْ لا يكونُ الفرْقُ واضحاً إذا كَتَبَ الشيخُ إلى التلميذِ أحاديثَ مِنْ تِلقاءِ نفْسِهِ بدونِ طَلَبٍ مِن التلميذِ، فهذا شَبِيهٌ بالْمُنَاوَلَةِ).

قُلْتُ:(ومعَ ذلكَ فهناكَ فَرْقٌ؛ فالْمُكَاتَبَةُ كانتْ مَوجودةً في عَهْدِ الصحابةِ والتابعينَ، ومِنْ ذلكَ: أنَّ مُعاويَةَ بنَ أبي سُفيانَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ كَتَبَ للمُغيرةِ بنِ شُعبةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ يَسْأَلُهُ عنْ بعضِ الأُمُورِ فأَجَابَهُ).

وكذلكَ:

كانَ التابِعُونَ كإبراهيمَ النَّخَعِيِّ، والحسَنِ البَصْرِيِّ وغيرِهم رَحِمَهم اللَّهُ يَكْتُبُ بعضُهم لبعضٍ بفَتَاوَى وغيرِ ذلكَ.

ومِنْ جُملةِ ذلكَ أحاديثُ يَرْوُونَها بأسانيدِهم إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ. وهذا النوعُ مِن الأنواعِ كما ذَكَرْنَا صحيحٌ، لَكِنِ اشْتَرَطُوا في ذلكَ شُروطاً، منها: أنْ يكونَ التلميذُ يَعْرِفُ خَطَّ الشيخِ.

ملاحَظَةٌ: إنْ كانَ حامِلُ الكتابِ غيرَ ثِقَةٍ، فهذا ممَّا يَقْدَحُ في صِحَّةِ الكتابِ، لكنْ إذا كانَ التلميذُ يَعْرِفُ خَطَّ الشيخِ ومَيَّزَهُ جَيِّداً فهنا لا مَعْنَى لقَوْلِنَا: إنْ كانَ غيرَ ثِقَةٍ.

إشـكالٌ:

قدْ يقولُ قائلٌ: ألا يُمْكِنُ تَزييفُ خَطِّ الشيخِ؟

فنقولُ: هذهِ دَعْوَى مَن اعْتَرَضَ على صِحَّةِ هذا النوعِ مِنْ أنواعِ التَّحَمُّلِ؛ فالمسألةُ خِلافيَّةٌ.

وأُجيبُ عنْ ذلكَ بأنَّ هذا مُحْتَمَلٌ، واحتمالُهُ ضَعيفٌ، فلا يُرَدُّ اليقينُ بالشَّكِّ.

ولوْ رَدَدْنَا هذا النوعَ لرَدَدْنَا جُملةً مِن الأحاديثِ الصحيحةِ، بلْ لَخَطَّأْنَا مِن السلَفِ مَن اعْتَبَرَ ذلكَ تَحَمُّلاً صَحيحاً. وكوْنُ بعضِ الناسِ يَستطيعُ أنْ يُقَلِّدَ خَطَّ الآخَرِ تَقليداً مِائةً بالْمِائَةِ، فهذا يَكادُ يكونُ في حُكْمِ النادِرِ أو المستحيلِ، وبِخَاصَّةٍ في الزمَنِ الماضي.

والذي يَتعامَلُ معَ المَخْطُوطَاتِ يَتَبَيَّنُ لهُ أنَّ للسَّابِقِينَ خُطوطاً متَمَيِّزَةً، فكانَ خَطُّهم بِمَنْزِلَةِ التوقيعِ الآنَ يَصْعُبُ تقليدُهُ.

استدراكٌ:

إذا لم يَكُنِ التلميذُ طَلَبَ مِن الشيخِ أيَّ طَلَبٍ، بل الشيخُ ابتداءً كَتَبَ إلى التلميذِ أحاديثَ، ويقولُ: هذهِ أحاديثُ رُوِّيتُهَا عنْ فُلانٍ، ويُرْسِلُ الكتابَ إلى التلميذِ، هنا موْضِعُ إشكالٍ عندَ الحافِظِ.

قُلْتُ: (وأنا عِنْدِي أنَّ هذا يَخْتَلِفُ؛ لأنَّ هذا الشيخَ الذي تَكَبَّدَ تَعَبَ الإرسالِ بالبريدِ -وفي وَقْتِهم كانَ فيهِ شيءٌ مِن الصُّعوبةِ- وأَرْسَلَ الكتابَ إلى التلميذِ في مكانٍ آخَرَ، ما مقصودُهُ مِنْ هذهِ الأحاديثِ التي يُرْسِلُها؟

فَلَوْلا أنَّهُ أَذِنَ لهُ إِذْناً ضِمْنِيًّا لَمَا أَرْسَلَ هذهِ الأحاديثَ، فهنا نَوْعُ تَفْرِقَةٍ).

أمَّا الْمُنَاوَلَةُ فقدْ لا يُقْصَدُ منها الإِذْنُ، وإنَّما يُقْصَدُ إخبارُهُ بذلكَ، أوْ يُقْصَدُ أنَّهُ إذا وَجَدْتَ هذا الكتابَ عندَ أحَدٍ مِن الناسِ فهوَ فِعْلاً كتابِي، أوْ غيرُ ذلكَ مِن الْمَقاصِدِ.

وعلى كلِّ حالٍ، فحتَّى لوْ قيلَ بجَوَازِ هذا النوعِ -أي: الْمُنَاوَلَةِ- دونَ أنْ يَصْحَبَها إذْنٌ، فهيَ مِنْ أَرْدَأِ أنواعِ التحَمُّلِ، بحيثُ لوْ صارَ في الحديثِ عِلَّةٌ أوْ تَفَرُّدٌ أَمْكَنَ الطَّعْنُ في الحديثِ مِنْ خِلالِ هذهِ الصِّيغةِ مِنْ صِيَغِ التَّحَمُّلِ.


6- الإعلامُ:

بأنْ يُعْلِمَ الشيخُ التلميذَ بأنَّ هذهِ الأحاديثَ مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ مُجَرَّدَ إعلامٍ لا يَصْحَبُهُ إذْنٌ، ولوْ صَحِبَهُ إذْنٌ لأَصْبَحَ ذلكَ مِنْ أنواعِ الإجازةِ.

وحُكْمُهُ أنَّهُ لا يُجِيزُ العلماءُ التحديثَ بهِ،على أنَّهُ مِنْ صِيَغِ التَّحَمُّلِ الْمَقبولةِ.


الفَرْقُ بينَ الإعلامِ والمُنَاوَلَةِ:

الْمُنَاوَلَةُ :أنْ يكونَ هناكَ كتابٌ مُعَيَّنٌ ناوَلَهُ الشيخُ للتِّلْمِيذِ، ولكنْ لم يَأْذَنْ لهُ بهِ، أوْ أَذِنَ لهُ على التفصيلِ المذكورِ.

أمَّا الإعلامُ: فليسَ هناكَ كتابٌ، ولكنَّهُ يقولُ: الكتابُ الفُلانِيُّ مِنْ مَسْمُوعَاتِي؛ فيقولُ مَثَلاً: إنَّ (صحيحَ البُخَارِيِّ) أنا أَرْوِيهِ بسَنَدِي عنْ فُلانٍ عنْ فُلانٍ، و(صحيحُ البخاريِّ) معروفٌ، فإنْ أَذِنَ لهُ الشيخُ وقالَ: اذْهَبْ فخُذْهُ، فهذهِ صِيغةُ تَحَمُّلٍ صحيحةٌ، وتكونُ صِيغةُ التَّحَمُّلِ: أَعْلَمَنِي فلانٌ، أوْ أَخْبَرَنِي فُلانٌ إِعْلاماً، وهيَ داخلةٌ في أنواعِ الإجازةِ، أمَّا إذا لم يَأْذَنْ لهُ فتكونُ صِيغةُ التحَمُّلِ غيرَ صَحيحةٍ، وتكونُ المناوَلَةُ أعْلَى منها؛ لامتيازِها بإعطاءِ الكتابِ.


7- الوَصِيَّـةُ:

تَتَمَثَّلُ في شخْصٍ يُفارِقُ أهْلَهُ، إمَّا بسَفَرٍ أوْ بقُرْبِ وَفاةٍ، فيُوصِي بكِتَابِهِ لإنسانٍ مُعَيَّنٍ أوْ غيرِ مُعَيَّنٍ، وقدْ يُوصِي بِمُعَيَّنٍ وقدْ يُوصِي بغَيْرِ مُعَيَّنٍ.

فمَثَلاً قدْ يَقُولُ: هذهِ مَرْوِيَّاتِي أَجَزْتُ جميعَ المُسْلِمِينَ بها: فهذا يُسَمَّى إجازةَ مَجْهُولٍ إلى مَجْهُولٍ.

وقدْ يقولُ: أَجَزْتُ (صحيحَ البُخارِيِّ) لجميعِ المسلمينَ، فهذا يُسَمَّى: معلومٌ لمجهولٍ.

وقدْ يُجِيزُ مَسموعاتِهِ كُلَّها لمُحَمَّدِ بنِ خالدٍ الدِّمَشْقِيِّ مَثَلاً، فهذا يُسَمَّى: إجازةَ مجهولٍ لمعلومٍ، وحينَما يقولُ: أَجَزْتُ مُحَمَّدَ بنَ خالدٍ الدِّمشقِيَّ، (بصحيحِ البخاريِّ)، فهذهِ إجازةُ معلومٍ لمعلومٍ.

وهذهِ الوَصِيَّةُ مِنْ أَرْدَأِ الأنواعِ، وبعضُهم يَعْتَبِرُها تَحَمُّلاً صَحيحاً إنْ صَاحَبَهَا إذْنٌ؛ أيْ: إذا قالَ: أُوصِي برِوايَةِ (صحيحِ البُخَارِيِّ)لمحمَّدِ بنِ خالدٍ الدِّمشْقِيِّ، وهوَ موجودٌ ولكنَّهُ غيرُ حاضِرٍ في ذلكَ الْمَجْلِسِ.

8- الْوِجَادَةُ:

كأنْ يَجِدَ التلميذُ أحاديثَ بخَطِّ شيخِهِ، وهوَ يَعْرِفُهُ مَعرِفَةً جَيِّدَةً، فيَذْهَبَ التلميذُ يُحَدِّثُ بها، وإنْ كانَ الشَّيْخُ أَجازَ التلميذَ برِوايَةِ هذهِ الأحاديثِ، فهذا يَعتبِرُهُ بعضُهم تَحَمُّلاً صَحيحاً، وإذا لم يُجِزْهُ فهوَ كالوَصِيَّةِ والإعلامِ والْمُنَاوَلَةِ في عَدَمِ الإجازةِ، فيُعْتَبَرُ هذا تَحَمُّلاً غيرَ صحيحٍ إلاَّ عندَ طائفةٍ مِن العُلماءِ، لكنَّنا نُتَابِعُ الحافظَ ابنَ حَجَرٍ في هذا، والْخِلافُ مُعْتَبَرٌ.

قُلْتُ:(ويَمِيلُ قَلْبِي إلى الَّذِي ذَكَرْنَا).

قالَ الحافظُ: (وإلاَّ فلا عِبْرَةَ بذلكَ كالإجازةِ العامَّةِ).

فمَعنى ذلكَ أنَّ الإجازةَ العامَّةَ وللمجهولِ وللمعدومِ على الأَصَحِّ تُعْتَبَرُ مَرْدُودَةً.


مُلاحَظَةٌ:

نَجِدُ في (المسنَدِ) أنَّ: عبدَ اللَّهِ بنَ الإمامِ أحمدَ يقولُ: وَجَدْتُ بخَطِّ أَبِي.

ولوْ ذَهَبْنَا إلى كتابِ (القولِ المُسَدَّدِ)للحافظِ ابنِ حَجَرٍ لوَجَدْنَا رَدَّ الحافظِ ابنِ حَجَرٍ على مَن ادَّعَى أنَّ في (مُسْنَدِ الإمامِ أحمدَ) أحاديثَ مَوْضُوعَةً مِنْ هذا البابِ.


فَمَثَلاً:

مِنْ جُملةِ ما رَدُّوا بهِ على مَن ادَّعَى أنَّ في (الْمُسْنَدِ) أحاديثَ مَوضوعةً، يقولُ ابنُ حَجَرٍ: (إنَّ هذهِ الأحاديثَ الموضوعةَ:

- إمَّا أنْ تَكونَ في الزِّيَادَاتِ التي زادَها عبدُ اللَّهُ بنُ الإمامِ أحمدَ؛ لأنَّهُ هوَ الراوي لكتابِ أبيهِ، فهيَ لَيْسَتْ مِنْ رِوايَةِ عبدِ اللَّهِ عنْ أبيهِ، وإنَّما مِنْ رِوايَةِ عبدِ اللَّهِ عنْ شُيوخِهِ، فهيَ زائدةٌ ليْسَتْ مِن (الْمُسْنَدِ).

- أوْ تكونَ أحاديثَ زادَهَا أبو جَعْفَرٍ الْقَطِيعيّ، الذي هوَ الرَّاوِي عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ الإمامِ أحمدَ (المُسْنَدَ) فيَرْوِيهَا أبو جَعفرٍ عنْ شُيوخٍ لهُ، لَيْسَتْ عنْ عبدِ اللَّهِ، ولا عن الإمامِ أحمدَ، ويَبْقَى مِن الأحاديثِ جُملةٌ لوْ حَذَفْنَا السابقَ -مِن الأحاديثِ التي قيلَ عنها: إنَّها مَوضوعةٌ- فهذهِ الأحاديثُ الباقيَةُ مِنْ جُمْلَتِها أحاديثُ اجْتَهَدَعبدُ اللَّهِ بنُ الإمامِ أحمدَ ووَضَعَها في (الْمُسْنَدِ)، وإلاَّ فالإمامُ أحمدُ كانَ قدْ ضَرَبَ عليها وأَبْعَدَها مِن(الْمُسْنَدِ)، وعبدُ اللَّهِ يقولُ فيها: وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي، فأَدْخَلَها في الْمُسْنَدِ بحُكْمِ أنَّها مِنْ رِواياتِ الإمامِ أحمدَ).

والإمامُ أحمدُ حينَما ألَّفَ انْتَقَى الأحاديثَ انتقاءً، فأَخَذَ الصحيحَ والحسَنَ والضعيفَ الذي ضَعْفُهُ مُنْجَبِرٌ، ولكنَّهُ لا يُدْخِلُ الموضوعَ، وما دَخَلَ الموضوعُ إلاَّ مِنْ هذهِ الأبوابِ المذكورةِ؛ فانتِقَادُ الحافظِ الأخيرُ بسببِالوِجادةِ؛ لأنَّ الإمامَ أحمدَ لم يَضَعْهَا في (المُسْنَدِ) قَصْداً؛ لأنَّ فيها عِلَلاً.


ملاحَظَةٌ أُخْرَى:

هذا كُلُّهُ -أيْ: أَحْكَامُ الْوِجادةِ- في الزمَنِ السابقِ حيثُ كانت الروايَةُ بالإسنادِ، أمَّا الآنَ فلا؛ فجميعُ كُتُبِ السُّنَّةِ الموجودةِ عندَنا تُعْتَبَرُ وِجادةً، ولوْ لمْ تَكُنْ بخَطِّ مُصَنِّفِيهَا).

هيئة الإشراف

#5

10 Nov 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: عبد العزيز السعيد (مفرغ)

القارئ: ( (وصيغ الأداء: سمعت، وحدثني، ثم أخبرني، وقرأت عليه).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (صيغ الأداء، هي الصيغة التي يعبر بها المحدث أو الراوي حين تحديثه، عن تحمله للرواية.

وهناك طرق تحمل صيغ الأداء تعبر عن طرق التحمل.

طرق التحمل عندنا ثمان:

1- السماع، ومعنى السماع: أن يسمع الراوي من لفظ الشيخ، سواء والشيخ يقرأ من كتاب، أو يحدث إملاءً من حفظه، هذا يسمى السماع، فيسمع بأذنيه ما يقول هذا الشيخ، سواءٌ كتبه هذا الراوي أو حفظه، يعني: كتبه في كتاب عنده أو حفظه مباشرة، فهذا يسمى النوع السماع، كان في الأول يجلس ويحدث يقول: حدثنا فلان، حدثنا فلان، حتى ينتهي الإسناد.

وهؤلاء يسمعون منهم من يحفظ مباشرة ومنهم من يكتب.

- أو أنه يقرأ في كتابه، يأتي بالكتاب؛ فيقرأ عليهم منه، فهم يسمعون لفظ الشيخ في كلا الحالين، فهذا يسمى السماع؛ لأنه يسمع فيه لفظ الشيخ، وهذا هو أعلى مراتب طرق التحمل، وهو أصحها.

2- يأتي بعده القراءة على الشيخ، يعني: يقرأ الراوي على الشيخ، والشيخ يسمع، يأتي بحديث الشيخ، بكتاب الشيخ أو بأصله المقابل عليه، ويقرأ يقول: حدثتنا عن فلان، عن فلان، عن فلان، والشيخ يقر، يسمع ويسكت، فإن غلط صوبه، وإذا سكت أقره، فيكون هذا من حديثه.

هذا كما كان يصنع الإمام مالك، يقرؤون عليه (الموطأ) وهو يسمع، السماع من الشيخ، لا من الطالب، أو أن الشيخ يقرأ عليه وهذا الطالب يسمع قراءة الغير ولا يسمع قراءة الشيخ، فهذه تسمى القراءة على الشيخ، يعني: يقرأ الطالب بنفسه، أو يقرأ غيره بحضوره والشيخ يستمع، هذا النوع يسمى القراءة أو العرض على الشيخ، هذا في المرتبة الثانية بعد السماع، بل بعضهم يفضله على السماع.

3- وأيضاً من طرق التحمل الإجازة، والإجازة هذه أنواع كثيرة.. والإجازة التي استقر العمل عليها عند المتأخرين هي:

إجازة المعين بمعينٍ، أو إجازة المعين بالعام.

- إجازة المعين بالمعين يعني: يجيز شخصاً معيناً بكتاب معين، يقول: أجزتك يا فلان - ويسميه - أن تروي عني (صحيح البخاري)، فهو أجاز معيناً وهو الشخص المسمى، وأجازه بمعين وهو (صحيح البخاري).

والنوع الثاني:

أن يجيز معيناً بعموم مروياته؛ يقول: يا فلان بن فلان، أجزتك أن تروي عني جميع مسموعاتي، أو أجزتك أن تروي عني جميع مروياتي، فهذا عمومٌ في المرويات، ولكنه خاصٌ بشخصٍ معينٍ، هذان النوعان هما الإجازة، استقر العمل على العمل بهما.

النوع الثالث:

المناولة، والمناولة قسمان:

-إما أن يناول الشيخ الطالب كتابه أو مروياته .

ويقول له: هذه مروياتي أجزتك أن ترويها عني، هذا النوع صحيحٌ، وعليه عمل السلف، وهو أعلى أنواع المناولة والإجازة؛ لأنه مناولة مقرونة بإجازة، يعطيه الكتاب الأصلي له، أو يعطيه نسخة عنه صحيحة ويقول: أجزتك أن تروي عني هذا، سواء نقله الطالب بعد ذلك وأعاد أصله إلى شيخه، أو كان هذا تمليكا من الشيخ له، هذه إجازة أو مناولة صحيحة، لا شك في صحتها.


القسم الثاني من المناولة:

هي المناولة المجردة عن الإجازة؛ يعطيه هذا الكتاب ويقول: هذه مروياتي. ولا يقول: أجزتك، فهذه النوع يقولون: ضعيفة؛ لأنه يحتاج إلى إذن الرواية؛ لأن هناك فرقا بين المناولة وفرقا بين الإذن، لأنه قد يناوله الكتاب لأجل أن يذاكر عليه مروياته، لا أن يعتمده، وباب المذاكرة غير باب الرواية، وقد يعطيه إياه من أجل روايته، فلما كان الأمر محتملاً قالوا: لا يجوز أن يروي من هذا الكتاب الذي ناوله إياه صاحبه - إلا إذا أذن له بروايته.


النوع الذي بعدها:

المكاتبة، المكاتبة يعني الكتابة إلى فلان، يكتب لفلان حديثاً أو أحاديث، يكتب إلى فلان: حدثنا ويرسلها له، إجازة مقرونة بالكتابة، أو كتابة مقرونة بالإذن، وهذه صحيحة.

والثاني:

أن يكتب إليه، وهذه الأظهر أنها صحيحة، وهي المعمول بها عند السلف كثيراً، حتى في (صحيح مسلم): كتب إلي، في (صحيح مسلم) قال: ابن عون: كتب إلي نافع، ومسلم، روى عن بعض شيوخه بالكتابة، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل)، يقول: كتب إلي فلان، ولم يذكروا أن فيها إذناً؛ لأن الكتابة إليه بهذه الأحاديث دليل على الإذن بروايتها، كمن يجلس للتحديث.


والقسم الذي يليه الوصية:

يوصي بمروياته لرجل عند موته، أو عند سفره، يقول: هذه الكتب أوصي بها لفلان، هذه إذا اقترنت بالإجازة هذه الرواية منها صحيحة، فإن لم تقترن فلا.

والذي بعده الإعلام:

يعلم الشخص أن هذا حديثه، يقول: ما في هذا الكتاب حديثي، ويسكت، ولا يقول: أروه عني. ولا يناوله إياه، فهذا إن أذن له قال: هذا كتابي فاروه عني، هذا إجازة، وأما إذا قال: هذا كتابي، وسكت، فلا يجوز أن يروي منه.


والقسم الأخير, من طرق التحمل: وهو الوجادة؛ وذلك بأن يجد الراوي حديثاً لبعض المحدثين أو الرواة، فإذا وجد في منـزل هذا المحدث، أو في رحله كتاباً فيقول: وجدت هذه الوجادة، يسمونها الصحيفة، كالرواية يعني: وجد كتاباً مكتوباً فرواه عن فلان، هذا لا يجوز إلا إذا كان قد أذن له بالرواية، كأن يكون مثلاً عبد الله بن أحمد يروي يقول: وجدت بخط أبي؛ فهذا إذا كان يعرف الخط أنه خط أبيه مثلاً، وقد أذن له أبوه في الرواية، فهذا قالوا: لا بأس أن يروي إذا وجد، وتكون الرواية صحيحة.

هذه الثمان هي التي تكشف عن صيغ الأداء؛ لأن صيغ الأداء مرتبطة بطرق التحمل).


القارئ: ( (وصيغ الأداء: سمعت، وحدثني، ثم أخبرني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (سمعت وحدثني تتعلق بالسماع).


القارئ: (ثم أخبرني وقرأت عليه).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (أخبرني) هذه تستعمل للسماع أو للقراءة، وهي العرض، والغالب عليها أنها صارت تستعمل للقراءة، وهذا فيه فائدة أن بعض الرواة مثلاً يقولون: إذا حدث من كتابه فهو ثقة، فإذا سمعنا الراوي عنه يقول: حدثني أو: سمعت، كان هذا بعد استقرار الاصطلاح، فهذه قرينة تقوي أن هذا الراوي حدث؛ إما من حفظه وقد يكون حدث من كتابه، لكن إذا قال: أخبرنا؛ فمعناه أنه يقرأ عليه، والقراءة عليه هذه تكون من كتابه.

(ثم أخبرني وقرأت عليه)؛ لأن (قرأت عليه) هذه ما تحتمل في السماع، ولا تحتمل في الإجازة، ولا في المناولة، إنما هي في القراءة على الشيخ، فإذا قرأ على الشيخ يقول: قرأت عليه، هذا يدل على أنه قرأ عليه، أنه هو القارئ، وأن طريقة التحمل القراءة.


القارئ: (ثم قرئ عليه وأنا أسمع).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (قرأ عليه وأنا أسمع) هذه تدل على أن تحمله عن طريق القراءة، ليس عن طريق السماع من لفظ الشيخ، ولكن تدل على أن القارئ غيره.

(أنبأني) هذه تستعمل في الأول للسماع والقراءة وغيرها، لكنها صارت في اصطلاح المتأخرين كالبيهقي والحاكم وغيره يستعملونها فيما تحملوه إجازة؛ لأن الأول في الإجازة كانت قليلة، فلما استقر صنفت الكتب وعرفت الأصول صاروا يتجوزون في الإجازات).


القارئ: ( (ثم شافهني، ثم ناولني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (ثم ناولني) هذه تكون في المناولة المقرونة بالإجازة، أو المناولة بدون إجازة).


القارئ: ( (ثم شافهني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (ثم شافهني) المشافهة: هذه تقتضي التحديث مشافهة، وسيأتي بيانها إن شاء الله.

أو (كتب إلي) هذه تأتي في المكاتبة، سواء كانت المكاتبة مع الإذن والإجازة بالرواية أو بدونها).


القارئ: ( (ثم (عن) ونحوها).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (ثم عن)؛ لأن (عن) هذه متأخرة لأنها تحتمل الاتصال وتحتمل الانقطاع، ليست دليلا عن الانقطاع ولا الاتصال، المؤلف رتب هذه الصيغ بحسب طرق التحمل، فهو جمع لك بين أمرين؛ بين طريقة التحمل وبين صيغ الأداء، وعبَّر بصيغ الأداء عن طرق التحمل).


القارئ: ( (وصيغ الأداء: سمعت وحدثني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (هذا الآن أعلى مرتبة السماع من طرق التحمل ويعبر عنها بهاتين).


القارئ: (ثم أخبرني وقرأت عليه، ثم قرئ عليه وأنا أسمع، ثم أنبأني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (هذا الذي قبل (أنبأني) هذه تتعلق بالقراءة على الشيخ وكيفية الإخبار عنها، كيف يخبر الراوي عما تحمله بهذه الصيغ الثلاث في القراءة على الشيخ، فالمرتبة الثانية القراءة على الشيخ).


القارئ: ((ثم أنبأني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وهذه تتعلق بالإجازة).


القارئ: ( (ثم ناولني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وهذه تتعلق بالمناولة؛ لأن العلماء ذكروها في المرتبة الرابعة).


القارئ: (ثم شافهني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (أنبأني) هذه يظهر أن المؤلف يقصد بها الإجازة المقرونة بالمناولة، وأن (ناولني) يقصد بها المناولة، وأن (شافهني) يقصد بها الإجازة بدون مناولة).


القارئ: ( (ثم كتب إلي).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (ثم كتب إلي) هذا في الكتابة).


القارئ: (ثم (عن) ونحوها).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (و(عن) هذه يعبر بها عن جميع صيغ التحمل، من عبر بعن فلا بأس؛ لأنها لا تدل على اتصال ولا انقطاع، ولا على إخبار عن طريق معينة من طرق التحمل).


القارئ: ( (فالأولان لمن سمع وحده من لفظ الشيخ).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وقوله: (فالأولان) يعني: (سمعت وحدثني)، هذه فيما سمعه من الشيخ، و(حدثني) هذه هي الأغلب أنها تقال فيما سمعه من لفظ الشيخ).


القارئ: (فإن جمع فمع غيره).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ((فإن جمع فمع غيره) قال: سمعنا، يعني: سمع هو وغيره من هذا الشيخ، أو حدثنا، أي: يكون الشيخ حدثه هو وغيره، وهذا إن لم يكن أتى بهذا الحرف جمعاً وأراد به الفرد، كما يقول الإنسان: سمعنا، وهو يعني نفسه، وبعضهم يقول: إذا كانت (نا) العظمة أو نون العظمة).


القارئ: ((وأولها أصرحها وأرفعها في الإملاء).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وهي (سمعت) يعني: عندنا الذي يستخدم في السماع: سمعت وحدثنا، سمعنا وحدثنا، أرفع هذه أن يقول: سمعت، يعني: في الإملاء، إذا كان الشيخ يملي وهذا يسمع من لفظ الشيخ).


القارئ: ((والثالث والرابع لمن قرأ بنفسه).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وهي (أخبرني وقرأت على)، إذا قال: قرأت، أو قال: أخبرني، يكون هو الذي قرأ بنفسه).


القارئ: (فإن جمع؛ فكالخامس).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (فإن جمع؛ فكالخامس) يعني: إذا قال:(أخبرنا)، أو (قرأنا) فهو كالخامس الذي سيأتي، ومعنى ذلك أنه يكون قد قرأ هو وغيره على الشيخ، يعني: قرأ هو بنفسه مع حضور غيره، أو قرأ غيره وهو حاضر).


القارئ: (والثالث والرابع لمن قرأ بنفسه، فإن جمع فكالخامس).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وهو يعني كالخامس يعني: قرئ عليه؛ لأنه هو الخامس، فإذا قال أخبرنا أو قرأنا، فهو كقرئ عليه؛ لأنه يفيد أن هذا الطالب قد قرأ هو على الشيخ بحضور غيره، أو قرأ غيره بحضوره مع غيره).


القارئ: (والإنباء بمعنى الإخبار، إلا في عرف المتأخرين).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (يعني: الإنباء بمعنى الإخبار، يعني: أنه يفيد القراءة على الشيخ، كلفظ أخبرني، إذا قال: أنبأني،كلفظ أخبرني، وإذا قال: أنبأنا؛ كأخبرنا، هذا معروف قديماً، لكن صار أنبأنا أو أنبأني في عرف المتأخرين هذه تتعلق بنوعٍ آخر من أنواع التحمل وهو الإجازة.

صيغ الأداء، هي الصيغة التي يعبر بها المحدث أو الراوي حين تحديثه، عن تحمله للرواية.

وهناك طرق تحمل صيغ الأداء تعبر عن طرق التحمل.

طرق التحمل عندنا ثمان:

1- السماع، ومعنى السماع: أن يسمع الراوي من لفظ الشيخ، سواء والشيخ يقرأ من كتاب، أو يحدث إملاءً من حفظه، هذا يسمى السماع، فيسمع بأذنيه ما يقول هذا الشيخ، سواءٌ كتبه هذا الراوي أو حفظه، يعني: كتبه في كتاب عنده أو حفظه مباشرة، فهذا يسمى النوع السماع، كان في الأول يجلس ويحدث يقول: حدثنا فلان، حدثنا فلان، حتى ينتهي الإسناد.

وهؤلاء يسمعون منهم من يحفظ مباشرة ومنهم من يكتب.

- أو أنه يقرأ في كتابه، يأتي بالكتاب؛ فيقرأ عليهم منه، فهم يسمعون لفظ الشيخ في كلا الحالين، فهذا يسمى السماع؛ لأنه يسمع فيه لفظ الشيخ، وهذا هو أعلى مراتب طرق التحمل، وهو أصحها.

2- يأتي بعده القراءة على الشيخ، يعني: يقرأ الراوي على الشيخ، والشيخ يسمع، يأتي بحديث الشيخ، بكتاب الشيخ أو بأصله المقابل عليه، ويقرأ يقول: حدثتنا عن فلان، عن فلان، عن فلان، والشيخ يقر، يسمع ويسكت، فإن غلط صوبه، وإذا سكت أقره، فيكون هذا من حديثه.

هذا كما كان يصنع الإمام مالك، يقرؤون عليه (الموطأ) وهو يسمع، السماع من الشيخ، لا من الطالب، أو أن الشيخ يقرأ عليه وهذا الطالب يسمع قراءة الغير ولا يسمع قراءة الشيخ، فهذه تسمى القراءة على الشيخ، يعني: يقرأ الطالب بنفسه، أو يقرأ غيره بحضوره والشيخ يستمع، هذا النوع يسمى القراءة أو العرض على الشيخ، هذا في المرتبة الثانية بعد السماع، بل بعضهم يفضله على السماع.

3- وأيضاً من طرق التحمل الإجازة، والإجازة هذه أنواع كثيرة.. والإجازة التي استقر العمل عليها عند المتأخرين هي:

إجازة المعين بمعينٍ، أو إجازة المعين بالعام.

- إجازة المعين بالمعين يعني: يجيز شخصاً معيناً بكتاب معين، يقول: أجزتك يا فلان - ويسميه - أن تروي عني (صحيح البخاري)، فهو أجاز معيناً وهو الشخص المسمى، وأجازه بمعين وهو (صحيح البخاري).

والنوع الثاني:

أن يجيز معيناً بعموم مروياته؛ يقول: يا فلان بن فلان، أجزتك أن تروي عني جميع مسموعاتي، أو أجزتك أن تروي عني جميع مروياتي، فهذا عمومٌ في المرويات، ولكنه خاصٌ بشخصٍ معينٍ، هذان النوعان هما الإجازة، استقر العمل على العمل بهما.

النوع الثالث:

المناولة، والمناولة قسمان:

-إما أن يناول الشيخ الطالب كتابه أو مروياته .

ويقول له: هذه مروياتي أجزتك أن ترويها عني، هذا النوع صحيحٌ، وعليه عمل السلف، وهو أعلى أنواع المناولة والإجازة؛ لأنه مناولة مقرونة بإجازة، يعطيه الكتاب الأصلي له، أو يعطيه نسخة عنه صحيحة ويقول: أجزتك أن تروي عني هذا، سواء نقله الطالب بعد ذلك وأعاد أصله إلى شيخه، أو كان هذا تمليكا من الشيخ له، هذه إجازة أو مناولة صحيحة، لا شك في صحتها.

القسم الثاني من المناولة:

هي المناولة المجردة عن الإجازة؛ يعطيه هذا الكتاب ويقول: هذه مروياتي. ولا يقول: أجزتك، فهذه النوع يقولون: ضعيفة؛ لأنه يحتاج إلى إذن الرواية؛ لأن هناك فرقا بين المناولة وفرقا بين الإذن، لأنه قد يناوله الكتاب لأجل أن يذاكر عليه مروياته، لا أن يعتمده، وباب المذاكرة غير باب الرواية، وقد يعطيه إياه من أجل روايته، فلما كان الأمر محتملاً قالوا: لا يجوز أن يروي من هذا الكتاب الذي ناوله إياه صاحبه - إلا إذا أذن له بروايته.

النوع الذي بعدها:

المكاتبة، المكاتبة يعني الكتابة إلى فلان، يكتب لفلان حديثاً أو أحاديث، يكتب إلى فلان: حدثنا ويرسلها له، إجازة مقرونة بالكتابة، أو كتابة مقرونة بالإذن، وهذه صحيحة.

والثاني:

أن يكتب إليه، وهذه الأظهر أنها صحيحة، وهي المعمول بها عند السلف كثيراً، حتى في (صحيح مسلم): كتب إلي، في (صحيح مسلم) قال: ابن عون: كتب إلي نافع، ومسلم، روى عن بعض شيوخه بالكتابة، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل)، يقول: كتب إلي فلان، ولم يذكروا أن فيها إذناً؛ لأن الكتابة إليه بهذه الأحاديث دليل على الإذن بروايتها، كمن يجلس للتحديث.

والقسم الذي يليه الوصية:

يوصي بمروياته لرجل عند موته، أو عند سفره، يقول: هذه الكتب أوصي بها لفلان، هذه إذا اقترنت بالإجازة هذه الرواية منها صحيحة، فإن لم تقترن فلا.

والذي بعده الإعلام:

يعلم الشخص أن هذا حديثه، يقول: ما في هذا الكتاب حديثي، ويسكت، ولا يقول: أروه عني. ولا يناوله إياه، فهذا إن أذن له قال: هذا كتابي فاروه عني، هذا إجازة، وأما إذا قال: هذا كتابي، وسكت، فلا يجوز أن يروي منه.

والقسم الأخير, من طرق التحمل: وهو الوجادة؛ وذلك بأن يجد الراوي حديثاً لبعض المحدثين أو الرواة، فإذا وجد في منـزل هذا المحدث، أو في رحله كتاباً فيقول: وجدت هذه الوجادة، يسمونها الصحيفة، كالرواية يعني: وجد كتاباً مكتوباً فرواه عن فلان، هذا لا يجوز إلا إذا كان قد أذن له بالرواية، كأن يكون مثلاً عبد الله بن أحمد يروي يقول: وجدت بخط أبي؛ فهذا إذا كان يعرف الخط أنه خط أبيه مثلاً، وقد أذن له أبوه في الرواية، فهذا قالوا: لا بأس أن يروي إذا وجد، وتكون الرواية صحيحة).


القارئ: (وصيغ الأداء: سمعت، وحدثني، ثم أخبرني، وقرأت عليه).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (هذه الثمان هي التي تكشف عن صيغ الأداء؛ لأن صيغ الأداء مرتبطة بطرق التحمل).


القارئ: ( (وصيغ الأداء: سمعت، وحدثني، ثم أخبرني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (سمعت وحدثني تتعلق بالسماع).


القارئ: (ثم أخبرني وقرأت عليه).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (أخبرني) هذه تستعمل للسماع أو للقراءة، وهي العرض، والغالب عليها أنها صارت تستعمل للقراءة، وهذا فيه فائدة أن بعض الرواة مثلاً يقولون: إذا حدث من كتابه فهو ثقة، فإذا سمعنا الراوي عنه يقول: حدثني أو: سمعت، كان هذا بعد استقرار الاصطلاح، فهذه قرينة تقوي أن هذا الراوي حدث؛ إما من حفظه وقد يكون حدث من كتابه، لكن إذا قال: أخبرنا؛ فمعناه أنه يقرأ عليه، والقراءة عليه هذه تكون من كتابه).


القارئ: (ثم أخبرني وقرأت عليه، ثم قرئ عليه وأنا أسمع).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (ثم أخبرني وقرأت عليه)؛ لأن (قرأت عليه) هذه ما تحتمل في السماع، ولا تحتمل في الإجازة، ولا في المناولة، إنما هي في القراءة على الشيخ، فإذا قرأ على الشيخ يقول: قرأت عليه، هذا يدل على أنه قرأ عليه، أنه هو القارئ، وأن طريقة التحمل القراءة).


القارئ: (ثم قرئ عليه وأنا أسمع).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (قرأ عليه وأنا أسمع) هذه تدل على أن تحمله عن طريق القراءة، ليس عن طريق السماع من لفظ الشيخ، ولكن تدل على أن القارئ غيره).


القارئ: (ثم أنبأني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (أنبأني) هذه تستعمل في الأول للسماع والقراءة وغيرها، لكنها صارت في اصطلاح المتأخرين كالبيهقي والحاكم وغيره يستعملونها فيما تحملوه إجازة؛ لأن الأول في الإجازة كانت قليلة، فلما استقر صنفت الكتب وعرفت الأصول صاروا يتجوزون في الإجازات).


القارئ: ( (ثم شافهني، ثم ناولني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (ثم ناولني) هذه تكون في المناولة المقرونة بالإجازة، أو المناولة بدون إجازة).


القارئ: (ثم شافهني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (ثم شافهني) المشافهة: هذه تقتضي التحديث مشافهة، وسيأتي بيانها إن شاء الله.

المشافهة هنا يراد بها المشافهة بالإجازة، وليس المشافهة بالتحديث في كل حديث، ولكن يقول: شافهني. يعني يقصد: أجازني، والإجازة ليست لكل فرد من أفراد الأحاديث، وإنما تكون الإجازة لمجموع الأحاديث.

أو (كتب إلي) هذه تأتي في المكاتبة، سواء كانت المكاتبة مع الإذن والإجازة بالرواية أو بدونها).


القارئ: ( (ثم (عن) ونحوها).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (ثم عن)؛ لأن (عن) هذه متأخرة لأنها تحتمل الاتصال وتحتمل الانقطاع، ليست دليلا عن الانقطاع ولا الاتصال، المؤلف رتب هذه الصيغ بحسب طرق التحمل، فهو جمع لك بين أمرين؛ بين طريقة التحمل وبين صيغ الأداء، وعبَّر بصيغ الأداء عن طرق التحمل).


القارئ: ( (وصيغ الأداء: سمعت وحدثني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (هذا الآن أعلى مرتبة السماع من طرق التحمل ويعبر عنها بهاتين).


القارئ: (ثم أخبرني وقرأت عليه، ثم قرئ عليه وأنا أسمع، ثم أنبأني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (هذا الذي قبل (أنبأني) هذه تتعلق بالقراءة على الشيخ وكيفية الإخبار عنها، كيف يخبر الراوي عما تحمله بهذه الصيغ الثلاث في القراءة على الشيخ، فالمرتبة الثانية القراءة على الشيخ).


القارئ: (
 (ثم أنبأني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وهذه تتعلق بالإجازة).


القارئ: ( (ثم ناولني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وهذه تتعلق بالمناولة؛ لأن العلماء ذكروها في المرتبة الرابعة).


القارئ: ( (ثم شافهني).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ((أنبأني) هذه يظهر أن المؤلف يقصد بها الإجازة المقرونة بالمناولة، وأن (ناولني) يقصد بها المناولة، وأن (شافهني) يقصد بها الإجازة بدون مناولة).


القارئ: ( (ثم كتب إلي).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (ثم كتب إلي) هذا في الكتابة).


القارئ: (ثم (عن) ونحوها).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (و(عن) هذه يعبر بها عن جميع صيغ التحمل، من عبر بعن فلا بأس؛ لأنها لا تدل على اتصال ولا انقطاع، ولا على إخبار عن طريق معينة من طرق التحمل).


القارئ: ( (فالأولان لمن سمع وحده من لفظ الشيخ).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وقوله: (فالأولان) يعني: (سمعت وحدثني)، هذه فيما سمعه من الشيخ، و(حدثني) هذه هي الأغلب أنها تقال فيما سمعه من لفظ الشيخ).


القارئ: ( (فإن جمع فمع غيره).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (فإن جمع فمع غيره) قال: سمعنا، يعني: سمع هو وغيره من هذا الشيخ، أو حدثنا، أي: يكون الشيخ حدثه هو وغيره، وهذا إن لم يكن أتى بهذا الحرف جمعاً وأراد به الفرد، كما يقول الإنسان: سمعنا، وهو يعني نفسه، وبعضهم يقول: إذا كانت (نا) العظمة أو نون العظمة).


القارئ: ( (وأولها أصرحها وأرفعها في الإملاء).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وهي (سمعت) يعني: عندنا الذي يستخدم في السماع: سمعت وحدثنا، سمعنا وحدثنا، أرفع هذه أن يقول: سمعت، يعني: في الإملاء، إذا كان الشيخ يملي وهذا يسمع من لفظ الشيخ).


القارئ: ( (والثالث والرابع لمن قرأ بنفسه).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وهي (أخبرني وقرأت على)، إذا قال: قرأت، أو قال: أخبرني، يكون هو الذي قرأ بنفسه).


القارئ: ( (فإن جمع؛ فكالخامس).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (فإن جمع؛ فكالخامس) يعني: إذا قال:(أخبرنا)، أو (قرأنا) فهو كالخامس الذي سيأتي، ومعنى ذلك أنه يكون قد قرأ هو وغيره على الشيخ، يعني: قرأ هو بنفسه مع حضور غيره، أو قرأ غيره وهو حاضر).


القارئ: ( (والثالث والرابع لمن قرأ بنفسه، فإن جمع فكالخامس).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وهو يعني كالخامس يعني: قرئ عليه؛ لأنه هو الخامس، فإذا قال أخبرنا أو قرأنا، فهو كقرئ عليه؛ لأنه يفيد أن هذا الطالب قد قرأ هو على الشيخ بحضور غيره، أو قرأ غيره بحضوره مع غيره.


القارئ: ( (والإنباء بمعنى الإخبار، إلا في عرف المتأخرين).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (يعني: الإنباء بمعنى الإخبار، يعني: أنه يفيد القراءة على الشيخ، كلفظ أخبرني، إذا قال: أنبأني،كلفظ أخبرني، وإذا قال: أنبأنا؛ كأخبرنا، هذا معروف قديماً، لكن صار أنبأنا أو أنبأني في عرف المتأخرين هذه تتعلق بنوعٍ آخر من أنواع التحمل وهو الإجازة).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#6

10 Nov 2008

العناصر


صيغ التحمل والأداء:
أولاً: التحمل.
معنى طرق (تحمل الحديث).
الفرق بين (التحمل) و(الأداء).
طرق التحمل عند المحدثين:
الطريق الأولى: السماع من لفظ الشيخ.
المقصود بالسماع.
بم يعبر عن السماع؟
الراجح أن السماع أعلى درجات التحمل.
الطريق الثانية: العرض (القراءة على الشيخ):
بم يعبر عن العرض؟
الخلاف في التفضيل بين السماع والقراءة على الشيخ.
الطريق الثالثة: الإجازة:
صفة (الإجازة).
أنواع (الإجازة):
1 - إجازة معين لمعين .
2 - إجازة معلوم لمجهول .
- إجازة مجهول لمجهول.
- إجازة مجهول لمعلوم .
5- إجازة معلوم لمعدوم .
- إجازة مجهول لمعدوم .
فائدة: توسع القاضي عياض في (الإلماع) في ذكر أنواع الإجازة.
أكثر ما اشتهر عن المتأخرين الرواية عن طريق الإجازة .
روى بالإجازة العامة خلق من الحفاظ .
نقد التوسع في الإجازة العامة .
تصح الإجازة للمجهول والمعدوم على الأصح .
معنى (الإجازة المعلقة).
ذكر بعض من استعمل الإجازة المعلقة من الأئمة .
أكثر صيغ الإجازة رديئة .
استخدام المتأخرين كلمة (عن) في التحمل بالإجازة.
الطريق الرابعة:المناولة.
صورة (المناولة).
خلاف العلماء في التحمل عن طريق (المناولة).
صيغ التحمل للمناولة .
مما يشترط لصحة المناولة اقترانها بالإذن بالرواية .
المناولة أرفع أنواع الإجازة .
الطريق الخامسة: المكاتبة.
صور المكاتبة:
1 - أن يكون الشيخ في بلد والتلميذ في بلد، فيرسل التلميذ إلى الشيخ يسأله عن أحاديث سمعها، فيكتب الإجابة .

حكم التحمل في الصورة الأولى.
2 - أن يدفع الشيخ كتابه إلى التلميذ ولا يجيزه به.


حكم التحمل في الصورة الثانية.

فائدة: المكاتبة كانت موجودة في عصر الصحابة والتابعين .
شرط التحمل عن طريق المكاتبة.
الطريق السادسة: الوصية.
صورة الوصية.
حكم التحمل عن طريق الوصية.
الطريق السابعة: الإعلام.
صورة (الإعلام).
الفرق بين (الإعلام) و(المناولة).
الطريق الثامنة: الوجادة.
صورة (الوجادة).
حكم التحمل عن طريق الوجادة.
السماع والعرض أكثر استعمالاً عند المتقدمين.
طرق التحمل المتبقية شاع استعمالها لدى المتأخرين .
ثانياً: صيغ الأداء.
مراتب صيغ الأداء .
المرتبة الأولى: (سمعت وحدثني).


ما تتميز به هاتان الصيغتان.
الفرق بين صيغتي (حدثنا) و(أخبرنا).


تفريق الإمام مسلم بين (حدثنا) و(أخبرنا).

المرتبة الثانية: (أخبرني وقرأت عليه):
تختص هذه الصيغة بمن قرأ على الشيخ بنفسه.
المرتبة الثالثة: (قرئ عليه وأنا أسمع):
تختص هذه الصيغة بمن سمع من الشيخ مع جمع من الناس .
المرتبة الرابعة: (أنبأني):
الإنباء عند المتقدمين محمول على الإخبار..
الإنباء عند المتأخرين محمول على الإجازة .
تنبيه: هذه الصيغة ليست شائعة عند المتقدمين .
المرتبة الخامسة: (ناولني):
صورة (المناولة) .
المرتبة السادسة: (شافهني):
تطلق (المشافهة) ويراد بها الإجازة المتلفظ بها .
المرتبة السابعة: (كتب إلي):
تطلق (المكاتبة) ويراد بها الإجازة المكتوبة .
المراد بالكتابة عند المتقدمين غير المراد بها عند المتأخرين .
المرتبة الثامنة: (عن):
(العنعنة) من المعاصر محمولة على السماع بشرط عدم التدليس .
ما يشترط لحمل رواية المعنعن على السماع .

اشتراط اللقي بين الشيخ والراوي عنه .

عبد العزيز بن داخل المطيري

#7

10 Nov 2008

الأسئلة

س1: ما الفرق بين (التحمل) و (الأداء)؟
س2: اذكر مع التوضيح طرق التحمل عند المحدثين وحكم كل طريق.
س3: هل تصح الإجازة للمجهول؟
س4: ما معنى الإجازة المعلقة؟
س5: اذكر مراتب صيغ الأداء وحكم كل مرتبة.
س6: متى تحمل العنعنة على السماع؟

س7: هل يشترط لقي الراوي لشيخه أو يكتفى بالمعاصرة؟

هيئة الإشراف

#8

2 Apr 2010

شرح نخبة الفكر للشيخ عبد الكريم الخضير (مفرغ)

قال الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير: (قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وصيغ الأداء: سمعت وحدثني، ثم أخبرني، وقرأت عليه، ثم قرئ عليه وأنا أسمع، ثم أنبأني، ثم ناولني، ثم شافهني، ثم كتب إلي، ثم (عن)، ونحوها، فالأولان لمن سمع وحده من لفظ الشيخ، فإن جمع فمع غيره، وأولها أصرحها وأرفعها في الإملاء، والثالث والرابع لمن قرأ بنفسه، فإن جمع فهو كالخامس، والإنباء بمعنى الإخبار إلا في عرف المتأخرين فهو للإجازة كـ(عن)".

للتحديث والرواية طرفان: تحمل وأداء، تحمل وأداء، فالتحمل أخذ الحديث عن الشيوخ، والأداء تبليغ الحديث للتلاميذ، التحمل له طرق ثمان: السماع من لفظ الشيخ، القراءة على الشيخ وتسمى العرض، الإجازة، المناولة، المكاتبة، الوصية، الإعلام، الوجادة، السماع من لفظ الشيخ وهذا أرفعها وأعلاها وهو الأصل في الرواية، الثاني: القراءة على الشيخ وهو أيضاً طريق معتبر نقل عليه الإجماع وإن خالف في ذلك بعض أهل التشديد، الإجازة: احتيج إليها لما كثرت المرويات وتفرق الناس وكثر الطلاب، يأذن الشيخ للطالب بالرواية عنه، الرابع: المناولة: يناول الشيخ الطالب الكتاب ويأذن له بروايته عنه، الخامس: المكاتبة: يكتب الطالب للشيخ أن يكتب له بحديث سمعه، ثم يكتب له الشيخ بالحديث، والمكاتبة حصلت بين الصحابة مع التابعين، وبين الصحابة مع بعضهم من معاوية إلى المغيرة والعكس، وحصلت في أثناء الأسانيد إلى شيوخ الأئمة، حيث يقول البخاري: كتب إلي محمد بن بشار، والوصية والإعلام والوجادة، الوصية: يوصي بكتبه عند موته لفلان، فهل لفلان أن يروي عنه بمجرد هذه الوصية؟ والإعلام: هو مجرد ما أن يقول الشيخ يعلم الطالب بأن هذه الكتب من مروياته، فهل يكفي في ذلك أن يروي الطالب عن الشيخ بمجرد هذا الإعلام؟ والخلاف في هذه المسائل طويل جداً يحتاج إلى وقت، والثامن: الوجادة، إذا وجد الطالب بخط شيخه الذي لا يشك فيه، كما يقول عبد الله بن أحمد كثيراً في المسند: "وجدت بخط أبي" هذه وجادة.

ويصح تحمل الحديث قبل وجود الأهلية، فتقبل رواية من تحمل حال الكفر قبل إسلامه وروى بعده، وكذلك تقبل رواية من سمع قبل البلوغ وروى بعده، ومنع قوم تحمل الصبي فأخطئوا بأن الناس قبلوا رواية أحداث الصحابة كالحسن وابن عباس وابن الزبير وأشباههم من غير فرق بينما تحملوه قبل البلوغ وبعده، ولم يزالوا قديماً وحديثاً يحضرون الصبيان مجالس التحديث والسماع ويعتدون بروايتهم لذلك.

واختلفوا في أول زمان يصح فيه سماع الصغير فحدد الجمهور في ذلك خمس سنين لأقله، حديث محمود بن الربيع أنه قال: "عقلت مجة من النبي -عليه الصلاة والسلام- في وجهي وأنا ابن خمس سنين"، فعقل المجة وهو ابن خمس سنين، وترجم عليه الإمام البخاري في صحيحه متى يصح سماع الصغير؟ قال ابن الصلاح: التحديد بخمس هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين، فيكتبون لابن خمس فصاعداً سمع، ولمن لم يبلغ خمساً حضر أو أحضر.

قال: والذي ينبغي في ذلك أن يعتبر في كل صغير على الخصوص، فإن وجدناه مرتفعاً عن حال من لا يعقل فهماً للخطاب ورداً للجواب ونحو ذلك صححنا سماعه، وإن كان دون خمس وإن لم يكن كذلك لم نصحح سماعه وإن كان بالخمس، بل ابن خمسين.

الحاصل أن مرد ذلك إلى التمييز، إلى التمييز فإن كان مميزاً يفهم الخطاب ويرد الجواب صح سماعه وإلا فلا، فالمعول عليه التمييز، إذا ميز الصبي لخمس أو قبل خمس صح سماعه، إن لم يميز إلا لست أو سبع كما هو الغالب، لا يصح سماعه إلا إذا ميز.

في مثل طلب العلم ولما كان الناس لهم اختيار متى يبدءون يترك في ذلك إلى التمييز؛ لئلا يبدأ به قبل التمييز فيتأذى ويؤذي، وأما بالنسبة للتشريع العام كالأمر بالصلاة فجُعل للسبع؛ لأن غالب الصبيان يميزون لسبع، يندر من يتأخر عن السبع، لكن لما كان أمر الناس ليس بأيديهم، نعم، جعل الحد الفاصل لقبول الطالب الست، من غير نظر إلى تمييز وإلى غيره، فابن ست سنين يقبل في المدارس، وتجد أن ابن ست سنين أحياناً مستواه فوق مستوى زملائه؛ لأنه ميز قبل ذلك، وتجد أحياناً مستواه منحط عن زملائه ولا يفهم ما يقال؛ لأنه لم يميز بعد، فالتعليم لما كان اختياري متى ما أراد الإنسان أن يتعلم تعلم، متى ما أراد أبوه ورأى عليه علامات النجابة في أوقات مبكرة، ألحقه بحلق العلم، لكن الآن الست، نعم الناس بحاجة إلى ضابط، لكن لو جعلت السبع التي جعلها الشرع قدراً مشتركاً لعموم الصبيان لكان أولى، نعم قد يميز الطالب قبل ذلك فيتأخر في دراسته إذا وجدت عليه علامات النجابة والبلوغ ما المانع أن يدرس تدريساً خاصاً به؟ والله المستعان، نعم.

طالب:.......

تعلم الأدب قبل العلم؟ اهتماماً بالأدب، يعني هذا من باب الاهتمام بالأدب، من باب الاهتمام بالأدب، ولا شك أن العلم الشرعي إذا أخذ على وجهه بنية صالحة أنه يعلم الأدب، ويربي الناس، نعم، لا شك.

وأما الأداء فلا يصح إلا بعد توافر شروط القبول من العدالة والضبط كما تقدم في مبحث الصحيح.

إذا علم هذا فلأداء الحديث صيغ كثيرة منها: سمعت وحدثني لمن سمع من لفظ الشيخ وحده، وسمعنا وحدثنا لمن سمع من لفظ الشيخ مع غيره، وأول الصيغ أصرحها، أول هذه الصيغ سمعت وحدثني أصرحها، وأدلها على المراد سمعت؛ لأن الخبر مما يسمع بالأذن، فالذي يدل على المراد سمعت، سمعت بالإفراد، قال الخطيب: "أرفع العبارات في ذلك سمعت، ثم حدثنا وحدثني، فإنه لا يكاد أحد أن يقول: سمعت في أحاديث الإجازة والمكاتبة ولا في تدليس ما لم يسمعه، وكان بعض أهل العلم يقول فيما أجيز له: حدثنا"، يعني يتجوز فيقول: حدثنا، وروي عن الحسن أنه كان يقول: حدثنا أبو هريرة ويتأول أنه حدث أهل المدينة، وكان الحسن بها إذ ذاك إلا أنه لم يسمع منه شيئاً، قال ابن الصلاح: "ومنهم من أثبت له سماعاً من أبي هريرة لقوله: حدثنا أبو هريرة، ثم يتلو سمعت وحدثني أخبرني، قال ابن الصلاح: "وهو كثير في الاستعمال حتى أن جماعة من أهل العلم لا يكادون يؤدون مروياتهم إلا بلفظ أخبرنا"، قال ابن الصلاح: "وكان هذا قبل أن يشيع تخصيص أخبرنا بما قرئ على الشيخ"، نعم، جماعة من أهل العلم لا يكادون يؤدون مروياتهم إلا بلفظ: أخبرنا كإسحاق بن راهويه لا يكاد يروي إلا بالإخبار، قال ابن الصلاح: "وكان هذا قبل أن يشيع تخصيص أخبرنا بما قرئ على الشيخ"، فيما بعد إذا كان طريق التحمل السماع قال الراوي: حدثنا فلان، وإذا كان طريق التحمل العرض على الشيخ والقراءة على الشيخ كانت صيغة الأداء: أخبرنا، وهذا بعد أن شاع الاصطلاح الخاص، وإلا فلا فرق بين السماع والتحديث والإخبار لغة، وفي حكم أخبرني قرأت على فلان، وهما لمن قرأ على الشيخ بنفسه فإن جمع فقال: أخبرنا أو قرأنا كان كالخامس، كان كالخامس يعني أنه قرأ، أو قرئ على الشيخ وهو يسمع، قرأ بحضرة جماعة إذا قال: أخبرنا، أولاً: إذا قال: حدثني فالشيخ حدثه بمفرده، إذا قال الراوي: حدثنا فقد حدثه الشيخ مع مجموعة من الناس، إذا قال: أخبرني، قرأ على الشيخ بمفرده، وإذا قال: أخبرنا قرأ على الشيخ مع وجود جمع، أو سمع قراءة أحد الطلاب على الشيخ بحضوره، أرفع طرق التحمل هو السماع من لفظ الشيخ وهو الأصل في الرواية، وأرفعه ما كان في حال الإملاء، الإملاء أرفع من الإلقاء بدون إملاء، لما في الإملاء من التثبت والتحفظ من الطرفين، الشيخ والطالب، كل منهما متحفظ، ضابط، الشيخ متحفظ لما يلقيه، والطالب ضابط لما يسمعه.

والقراءة على الشيخ أحد طرق التحمل المعتبرة عند جمهور العلماء، وشذ من أبى ذلك من أهل العراق، واشتد إنكار الإمام مالك وغيره من المدنيين عليهم في ذلك حتى بالغ بعضهم فرجحها على السماع من لفظ الشيخ، يعني القراءة على الشيخ بعضهم يرجحها على السماع من لفظ الشيخ، الأصل في الرواية السماع من لفظ الشيخ، وهي أرفع طرق التحمل، يليها العرض وهو القراءة على الشيخ، وبعضهم بالغ فقال: هي أرفع من السماع من لفظ الشيخ، وبعضهم يقول: هما سواء كالإمام مالك، كيف يقول قائل: إن العرض على الشيخ أرفع من السماع مع أن الأصل في الرواية السماع من لفظ الشيخ، يقول هذا القائل: إن العرض أرفع من السماع لماذا؟ لأن حال الطالب في حال السماع من لفظ الشيخ أقل من أن يرد على الشيخ إذا أخطأ، يعني إذا كان الشيخ يلقي فإذا أخطأ من يرد عليه؟ نعم، الطالب جاء ليستفيد، فالغالب أنه لا يتمكن من الرد على الشيخ، جاء ليتحمل الأخبار، ليتحمل الأحاديث فإذا أخطأ الشيخ في حال إسماعه للطلاب فإن الطالب لن يجرؤ في الرد عليه، أما في حال العرض والقراءة على الشيخ إذا أخطأ الطالب في القراءة فإن الشيخ لن يتردد في الرد عليه، هذه وجهة نظر من يقول: إن العرض أفضل من السماع، ولا شك أن لها حظ من النظر، لكن يبقى أن الأصل في الرواية السماع، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يلقي على الصحابة وهم يسمعون.

وذهب قوم منهم الإمام البخاري كما صرح به في صحيحه أن السماع من لفظ الشيخ والقراءة عليه سواء في القوة والصحة، ثم يلي سمعت وحدثنا وأخبرنا أنبأني، والإنباء بمعنى الإخبار من حيث اللغة كما في قوله تعالى: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [(14) سورة فاطر] كما أن التحديث مثل الإخبار لغة كما في قوله: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا[(4) سورة الزلزلة] هذا من حيث الأصل وإلا فالاصطلاح قد خص سمعت وحدثنا بما تحمل بطريق السماع، والإخبار بما تحمل بطريق العرض، وأنبأنا بما تحمل بالإجازة، واستعمل بعضهم (عن) في الإجازة، كما قال الحافظ العراقي:

وكثر استعمال (عن) في ذا الزّمن = إجازةً وهي بوصلٍ ما قمن