الدروس
course cover
من حدَّث ونسي
29 Oct 2008
29 Oct 2008

5792

0

0

course cover
شرح نخبة الفكر

القسم الرابع

من حدَّث ونسي
29 Oct 2008
29 Oct 2008

29 Oct 2008

5792

0

0


0

0

0

0

0

من حدَّث ونسي

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (وَإِنْ جَحَدَ مَرْوِيَّهُ جَزْمًا رُدَّ، أَو احْتِمَالاً قُبِلَ في الأَصَحِّ، وَفِيهِ:

مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ).

هيئة الإشراف

#2

10 Nov 2008

نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ):(6)

(وَإِنْ) روَى عَن شيخٍ حَدِيثًا فَـ (جَحَدَ) الشَّيْخُ (مَرْوِيَّهُ) فإن كان (جَزْمًا) -كأنْ يقولَ: كذِبٌ عَلَيَّ أو ما رَوَيْتُ هَذَا أو نحوَ ذَلِكَ - فإنْ وقعَ منه ذَلِكَ (رُدَّ) ذَلِكَ الخبرُ لكذِبِ واحدٍ منهما لا بعَيْنِه، ولا يكونُ ذَلِكَ قادحًا في واحدٍ منهما للتَّعَارُضِ، (أو) كان جَحَدَه (احتمالاً) كأنَ يقولَ: ما أذكُرُ هَذَا أو لا أَعْرِفُه (قُبِلَ) ذَلِكَ الحَدِيثُ (في الأَصَحِّ) لأنَّ ذَلِكَ يُحْمَلُ على نِسْيَانِ الشَّيْخِ.


وقيل:

لا يُقْبَلُ؛ لأنَّ الفرْعَ تَبَعٌ للأصلِ في إثباتِ الحَدِيثِ، بحيثُ إذا ثَبَتَ أصلُ الحَدِيثِ ثَبَتَتْ رِوَايةُ الفرْعِ.

فكذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فرعًا عليهِ وتَبَعًا لهُ في التَّحْقِيقِ.

وهَذَا مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ عَدَالَةَ الفرْعِ تَقْتَضِي صِدْقَهُ، وعَدَمُ عِلْمِ الأَصْلِ لا يُنَافيهِ، فَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي.

وأَمَّا قياسُ ذَلِكَ بِالشَّهَادَةِ فَفَاسِدٌ؛ لأنَّ شَهَادَةَ الفرْعِ لا تُسْمَعُ معَ القُدرةِ على شَهادَةِ الأصلِ، بخلافِ الرِّوَايةِ فافْتَرَقَا.


(7)

(وَفيه) أي: في هَذَا النَّوْعِ صَنَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ، كتابَ (مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ) وفيه ما يدُلُّ على تَقْوِيَةِ المذهبِ الصَّحِيحِ لكونِ كثيرٍ منهمْ حَدَّثُوا بِأَحَادِيثَ أولاً فلَمَّا عُرِضَتْ عَلَيْهِمْ لم يتذَكَّرُوها لكنَّهمْ لاعْتِمادِهمْ على الرُّوَاةِ عنهم صاروا يَرْوُونَها عَن الذين رَوَوْهَا عنهمْ عَن أنْفُسِهِمْ: كحَدِيثِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَن أبيه عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، مرفوعًا في قِصَّةِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، قال عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ محمدٍ الدَّراوٍرْدِيُّ: حدَّثَني بهِ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عبدِ الرَّحمنِ، عَن سُهَيْلٍ، قال: فَلَقِيتُ سُهَيْلاً فسأَلْتُهُ عنهُ فلم يَعْرِفْهُ.

فقلتُ: إنَّ ربيعةَ حدَّثَنِي عنكَ بكذا، فكان سُهَيْلٍ بعدَ ذَلِكَ يقولُ: حدَّثَنِي ربيعةُ عنِّي أَنِّي حَدَّثْتُهُ عَن أَبِي بهِ، ونَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ).

هيئة الإشراف

#3

10 Nov 2008

نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم

قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: ((5)

مَن حدَّثَ ونسي

تَحدَّثَ الحافظُ عن شيءٍ يُذكرُ عادةً في صفَةِ مَن تُقبلُ روايتُه ومَن تُرَدُّ، وهو ما يُعرفُ عندَ المحدِّثينَ بَمَن حدَّثَ ونَسِيَ، وليسَ موضوعُه الاختلاطَ الذي مرَّ، وإنَّما المقصودُ أنَّه نَسِيَ هذا الحديثَ بعينِه، وألَّفَ فيه الخطيبُ أيضًا، وطُبِعَ كتابٌ للسيوطيِّ اسمُه: (تذكرةُ المُؤْتَسِي بِمَنْ حَدَّثَ ونَسِي)، ومعناه أنْ يرويَ التلميذُ عن شيخِه حديثًا فإذا سُئِلَ عنه الشيخُ لم يتذكَّرْه، يقولُ الحافظُ: هناكَ احتمالانِ:

1- أنْ يَرُدَّهُ ردًّا جازمًا، مثلُ أنْ يقولَ: لم أروِه، كذبَ عليَّ …

2- أنْ يتردَّدَ فيقولَ مثلاً: ما أذكرُ هذا، لا أعرفُه.

فإذا ردَّه ردَّاً جازمًا رُدَّ الحديثُ لكذبِ واحدٍ منهما، ولكن إذا تأمَّلْنَا فيُحتملُ أنْ يكونَ هناكَ سببٌ غيرُ الكذبِ مثلُ: النسيانِ،وللحافظِ تقسيمٌ أجودُ مِن هذا التقسيمِ في (فتحِ الباريِ) في كتابِ الأذانِ بابِ رقمِ 155، يبقيه كما هو لكن الأَوَّلُ قسَّمَه قسمينِ، فصارت الأقسامُ ثلاثةً:

1-إذا ردَّه ردًّا مُكَذِّبًا للتلميذِ بأنْ يقولَ مثلاً: كذبَ عليَّ، فقالَ الحافظُ عن هذا: (إنَّه يُردُّ)، لكن هذا يحتاجُ إلى مثالٍ بأنْ يرويَ ثقةٌ عن ثقةٍ والمَرْوِيُّ عنه يُكَذِّبُ.

2- إذا ردَّه رداًّ جازمًا معَ عدمِ التكذيبِ بأنْ يقولَ: ما رويتُ هذا، فهذا حكمُه القبولُ، ولذلك مثالٌ قويٌّ، هو حديثُ: ابنِ عبَّاسٍ الذي رواه عمرو بنُ دينارٍ، عن أبي مَعْبَدٍ مولى ابنِ عباسٍ، عن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما: ((ما كنَّا نعرفُ انقضاءَ صلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ إلا بالتكبيرِ))، هذا الحديثُ متَّفَقٌ عليه، وعندَ مُسْلَمٍ قالَ عمرو بنُ دينارٍ: ذكرتُه لأبيِ معبدٍ - أي استحضرَه له مَرَّةً - فأنكرَه وقال: لا أعرفُ هذا، يقولُ الشافعيُّ بعدَ أنْ روى هذا: كأنَّه نَسِيَ بعدَ أنْ حدَّثَه، ومعَ هذا الإنكارِ فقد أخرجَه الشيخانِ، فالتقسيمُ الذي في (الفتحِ) أجودُ.

3- الردُّ غيرُ الجازمِ، ويمثلونُ له بحديثِ: الدراورديِّ، عن ربيعةَ بنِ أبي عبدِ الرحمنِ، عن سهيلِ بنِ أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه، في الشاهدِ واليمينِ، الذي ساقَه الحافظُ، فهذا النوعُ ذكرَ الحافظُ أنَّ الأصَّح قبولُه، ولا يؤثِّرُ نسيانُ الشيخِ).

هيئة الإشراف

#4

10 Nov 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد

قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: (مَنْ حدَّثَ فنَسِيَ:

فَقَدْ يُحَدِّثُ الشيخُ تلميذَهُ بحديثٍ، ثمَّ يَنساهُ بعدَ فَترةٍ، فإذا قيلَ لهُ ذلكَ قالَ: لا أَذْكُرُهُ، أوْ: كَذَبَ عَلَيَّ، فما مَوْقِفُ العُلماءِ إذا رَوَى عنهُ ثِقَةٌ، والشيخُ ثِقةٌ، فأَيَُّهُما نُصَدِّقُ؟

فنقولُ: إنْ جَحَدَ مَرْوِيَّهُ جَزْماً رُدَّ، أو احتمالاً قُبِلَ في الأَصَحِّ.

فإذا وَجَدْنا المحدِّثَ قالَ: كَذَبَ عَلَيَّ فلانٌ، أنا ما حَدَّثْتُهُ بهذا الحديثِ.

فهنا نقولُ: إنَّهُ جَحَدَ مَرْوِيَّهُ جَزْماً، فهنا نَرُدُّ الروايَةَ ولا نَقبَلُها، لكنَّنا لا نُصَدِّقُ الْمُحَدِّثَ؛ لأنَّنا إذا صَدَّقْناهُ أَثْبَتْنَا أنَّ الراويَ عنهُ كَذَّابٌ معَ أنَّهُ ثِقَةٌ.

فنقولُ: كِلاهُمَا ثِقَةٌ، ونَتَوَقَّفُ في الحديثِ ونقولُ: هناكَ لَبْسٌ لا نَدْرِي ما مَنْشَؤُهُ، إمَّا عندَ هذا، أوْ عندَ ذاكَ.

أمَّا إنْ كانَ جَحْدُهُ للرِّوايَةِ احتمالاً كأنْ يقولَ: لا أَتَذَكَّرُ، أوْ: لا أَعْرِفُهُ. ولم يَجْزِمْ بتكذيبِ ذلكَ الذي رَوَى عنهُ، فهنا نَقْبَلُ الحديثَ ونَجْعَلُهُ مِنْ قَبيلِ (مَنْ حَدَّثَ ونَسِيَ). وقدْ ألَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ، كتاباً فيمَنْ حَدَّثَ ونَسِيَ، ولكنَّ كتابَهُ هذا لا نَعْرِفُ عنهُ شيئاً، لكنَّ الذي وَصَلَ إلينا كتابُ (تَذْكِرَةُ الْمُؤْتَسِي فيمَنْ حَدَّثَ ونَسِيَ)للسُّيُوطِيِّ، وهوَ مطبوعٌ.

قصَّةُ: سُهَيْلِ بنِ أبي صالحٍ في روايتِهِ لحديثِ الشاهِدِ واليمينِ.

فسُهَيْلٌ، يَرْوِي عنْ أبيهِ، عنْ أبي هُريرةَ مَرفوعاً، فسُهيلٌ حَدَّثَ بالحديثِ ربيعةَ بنَ أبي عبدِ الرحمنِ، ثمَّ نَسِيَ سُهيلٌ هذا الحديثَ، فلَقِيَهُ بعدَ ذلكَ عبدُ العزيزِ بنُ محمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: إنَّكَ حَدَّثْتَ رَبيعةَ؛ فلم يَعْرِفْهُ ولم يَتَذَكَّرْهُ سُهَيْلٌ. ثمَّ إنَّ سُهَيْلاً لَقِيَ رَبيعةَ فأَخَذَ عنهُ ذلكَ الحديثَ، فأَصْبَحَ يقولُ: حَدَّثَنِي ربيعةُ، أَنَّنِي حَدَّثْتُهُ عنْ أبي هُريرةَ).

هيئة الإشراف

#5

10 Nov 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: عبد العزيز السعيد (مفرغ)

القارئ: ((وإن جحد مرويه جزماً رد، أو احتمالاً قبل في الأصح).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (يعني: إذا جحد الراوي مرويه، فهذا الجحد على قسمين:

القسم الأول :

إما أن يرده جزماً، يحدث راو بحديثه يقول: حدثنا فلان، فيسأل عنه فيقول: ليس من حديثي، أو هذا كذب علي، أو لم أحدث به قط، هذا رد حديثه جزماً، يعني:جازماً بأنه ليس من حديثه، قالوا: يرد الحديث؛ لأن عندنا فرعاً وأصلاً، التلميذ فرع وشيخه أصل. فإذا جاء التلميذ وقال: حدثنا فلان، وأنكره الأصل.

قال العلماء: ترد رواية الفرع، ولا يلزم منه القدح في الفرع؛ لأن الآن عندنا ثقتان: المحدِّث والمحدَّث عنه، فنحن نرد الرواية، ولا نقدح في الراوي؛ لاحتمال أن يكون الأصل حدث به ثم نسي، وهذا إذا لم يكن هناك قرينة قوية دالة على صحة ما حدث به الفرع.

والقسم الثاني:

أن يرده احتمالاً إذا حدث الفرع عن الأصل، قال: الأصل لا أتذكر هذا، أو كأنه ليس من حديثي، أو يغلب على ظني أني لم أحدث به، فهذا ما جزم برده، ولكنه شكك فيه، فهو ما رده وما قبله. قال العلماء: هذا يقبل الحديث؛ لأن هذا متيقن والآخر غير متيقن. يقول المؤلف: نقبل الحديث في الأصح، كما روى المعتمر بن سليمان، عن أبيه حديثاً، فنسيه أبوه، فحدث به المعتمر أباه، فقال سليمان: حدثني ابني، أني حدثته عني، عن الحسن.

وهذا أيضاً وقع في حديث: سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة في قضاء النبي عليه الصلاة والسلام بالشاهد واليمين حدث به ربيعة بن أبي عبد الرحمن عنه، فسأل الداروردي، سُهيلاً عن الحديث هل هذا من حديثك؟

قال: لا.

فصار سُهيل بعد ذلك يقول: حدثني ربيعة أني حدثته عني، عن أبي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، فهذا إذا حدث ونسي،إن جزم بالرد فيرد، وإن لم يجزم فيقبل.


القارئ: ( (وفيه من حدث ونسي).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (يعني (من حدث ونسي) ألف فيه الدارقطني،والخطيب البغدادي.

عبد العزيز بن داخل المطيري

#6

10 Nov 2008

الأسئلة

س1: ما حكم حديث من حدث ونسي؟
س2: اذكر بعض المصنفات فيمن حدث ونسي.

عبد العزيز بن داخل المطيري

#7

10 Nov 2008

العناصر

من حدث ونسي:
المراد بـ (من حدث ونسي)
تنبيه: ليس المراد بمن حدث ونسي (الاختلاط)
أقسام من حدث ونسي:
القسم الأول: إذا رد الشيخ التلميذ مكذبًا له
حكم القسم الأول: رواية التلميذ مردودة
القسم الثاني: إذا رد الشيخ التلميذ ردًا جازمًا من غير تكذيب
حكم القسم الثاني: رواية التلميذ مقبولة
مثال القسم الثاني
القسم الثالث: إذا رد الشيخ التلميذ ردًا غيرجازم به
حكم القسم الثالث: أن رواية التلميذ مقبولة على الصحيح
مثال القسم الثالث
المصنفات فيمن حدث ونسي

قصة طريفة فيمن حدث ونسي

هيئة الإشراف

#8

2 Apr 2010

شرح نخبة الفكر للشيخ عبد الكريم الخضير (مفرغ)

قال الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير: (ثم قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وإن جحد الشيخ مرويه جزماً رد، أو احتمالاً قبل في الأصح، وفيه من حدث ونسي".

"إن جحد الشيخ مرويه جزماً رد"، يعني إذا قال الشيخ: أنا لم أحدثك بهذا الحديث -يعني الطالب- قال له: بلى حدثتني في يوم كذا، قال: أبداً، أنا لم أحدثك، فإنه حينئذ يرد؛ لأنه هو الأصل، أو احتمالاً، يقول: والله أنا نسيت، ما أدري والله أنا حدثتك أو ما حدثتك فإنه يقبل؛ لأن الطالب جازم والشيخ شاك.

وفيه من حدث ونسي: إذا روى شيخ عن ثقة حديثاً فجحد الشيخ المروي عنه ونفى ما نسب إليه، قال ابن الصلاح: "المختار أنه إن كان جازماً بنفيه بأن قال: ما رويته أو كذب علي أو نحو ذلك فقد تعارض الجزمان، والجاحد هو الأصل فوجب رد حديث الفرع، قال القاري على المختار: "وهو محكي عن الشافعي، وبالغ بعضهم في ذلك فنقل الإجماع عليه"، وقال ابن حجر: "رد الخبر لكذب واحد منهما لا بعينه"، لكذب واحد منهما لا بعينه، أي لكذب الأصل في قوله: كذب علي أو ما رويت إن كان الفرع صادقاً أو كذب الفرع في الرواية إن كان الأصل صادقاً في قوله: كذب علي، قال ابن الصلاح: "ثم لا يكون ذلك جرحاً له يوجب رد باقي حديثه لأنه مكذب لشيخه أيضاً، وليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه فتساقطا، إيش معنى هذا الكلام؟ إذا روى زيد عن عمرو حديثاً فقال عمرو: كذب زيد ما رويته هذا الحديث وليس الحديث من مروياتي جازم بذلك يرد الخبر، يرد الخبر، لماذا؟ لأن أحدهما كاذب، لا بعينه يعني مثل ما يقال في اللعان، "الله يعلم إن أحدكما كاذب فهل من تائب؟" أحدهما كاذب،.... إذا قذف الزوج زوجته بالزنى ونفت ذلك وتلاعنا لا شك أن أحدهما كاذب إما الزوج وإما الزوجة، لكن لا يحكم بالحد على الزوج إذا لاعن، ويدرأ عن الزوجة الحد باللعان أيضاً، فأحدهما كاذب لكن لا بعينه، ما يدرى هو الزوج أو....؟

وهنا إذا قال الشيخ: أنا ما حدثته كذب علي، وقال التلميذ: بلى حدثني، نعم، أحدهما كاذب؛ لأنه لا يجتمع النقيضان، لا يجتمع النقيضان، فأحدهما كاذب قطعاً، لكن هل يكون ذلك جرح في الشيخ أو في الطالب؟ قالوا: هذا ليس بجرح لا في الشيخ ولا في الطالب، نعم؛ لأن هذا الكذب بالنسبة للشيخ والطالب مشكوك فيه، والأصل أنه ثقة، والشك لا يرفع اليقين، ولذا قال ابن الصلاح: "ثم لا يكون ذلك جرحاً له يوجب رد باقي حديثه لأنه مكذب لشيخه أيضاً في ذلك، وليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه فتساقطا".

وفي شرح القاري: "عدالة الأصل تمنع كذبه فيجوز النسيان على الفرع وعدالة الفرع تمنع كذبه فيجوز النسيان على الأصل، ولم تتبين مطابقة الواقع فلا يكون ذلك قادحاً في واحد منهما"، هذا إذا كان النفي مجزوم به، والإنكار من قبل الشيخ إذا كان مجزوماً به، وإن كان إنكار الشيخ للحديث احتمال لا جزم بأن قال المروي عنه: لا أعرفه أو لا أذكره أو نحو ذلك، المسألة الأولى: الشيخ جازم يقول: أبداً ما عندي حديث بهذا اللفظ، أنا ما رويت حديث فضلاً عن أن أرويه غيري، أنا ما عندي حديث بهذا اللفظ، لكن إذا كان احتمال لا جزم فقال: لا أعرف هذا الحديث، أو لا أذكره أو نحو ذلك فذلك لا يوجب رد رواية الراوي عنه، بل يقبل الخبر عند جمهور أهل الحديث وأكثر الفقهاء؛ لأن ذلك يحمل على نسيان الشيخ، والحكم للذاكر إذ المثبت الجازم مقدم على النافي المتردد.

وقال بعض الحنفية: لا يقبل لأن الفرع تبع للأصل في إثبات الحديث بحيث إذا ثبت أصل الحديث ثبتت رواية الفرع، فكذلك ينبغي أن يكون فرعاً عليه وتبعاً له في التحقق، هم يقولون: ما دام الشيخ شاك وهو الأصل إذن الحديث مشكوك فيه، وهذا الراوي يرويه عن ذلك الشيخ الشاك فيسقط الحديث، ولا يقبل حينئذ من الطالب الذي روى عن شيخ شاك، قال ابن حجر: "وهذا متعقب فإن عدالة الفرع تقتضي صدقه، وعدم علم الأصل لا ينافيه؛ لأن الأصل ما هو بجازم، والفرع الذي هو الراوي جازم، والمفترض فيه أنه ثقة، ولا يجزم إلا بما يتيقن صدقه، "عدم علم الأصل لا ينافيه فالمثبت مقدم على النافي، وأما قياس ذلك بالشهادة ففاسد؛ لأن شهادة الفرع لا تسمع مع القدرة على شهادة الأصل بخلاف الرواية فافترقا، يعني لو جيء بشخص يشهد بدين لزيد على عمرو ثم تعذر عليه الحضور فكلف شخصاً أن يشهد عنه فرعاً عنه يشهد على شهادته، فذهب الفرع إلى القاضي وقال له: أشهد على فلان أنه يشهد بكذا ثم نوقش الأصل، وجد الأصل فنوقش قال: أبداً، أنا لا أشهد ولا حملته، مثل هذا يختلف عن الرواية، لماذا؟ لأن شهادة الفرع لا تسمع مع القدرة على شهادة الأصل بخلاف الرواية، الرواية تسمع من الفرع مع وجود الأصل فافترقا، وبنى الحنفية على أصلهم ردهم حديث سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل...)) الحديث، من أجل أن ابن جريج قال: لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه، وكذا حديث ربيعة الرأي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى بشاهد ويمين، فإن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: لقيت سهيلاً فسألته عنه فلم يعرفه، قال ابن الصلاح: والصحيح ما عليه الجمهور؛ لأن المروي عنه بصدد السهو والنسيان، والراوي عنه ثقة جازم، فلا ترد روايته بالاحتمال، ولهذا كان سهيل بعد ذلك يقول: حدثني ربيعة عني، حدثني ربيعة عني، نعم، عن أبي، حدثني ربيعة عني عن أبي، ويسوق الحديث، وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعدما حدثوا بها عمن سمعها منهم، فكان أحدهم يقول: حدثني فلان عني عن فلان بكذا، وجمع الخطيب البغدادي في ذلك كتاباً أسماه: (أخبار من حدث ونسي) وقبله الدارقطني، وللسيوطي: (تذكرة المؤتسي في ذكر من حدث ونسي).

وقال ابن الصلاح: "ولأجل أن الإنسان معرض للنسيان كره من كره من العلماء الرواية عن الأحياء، منهم الشافعي قال لابن عبد الحكم: "إياك والرواية عن الأحياء"، إياك والرواية عن الأحياء، يعني لا تروي إلا عن الأموات؛ لأنه قد ينسى الشيخ الذي رويت عنه ثم لا يلبث أن ينكر أنه رواك، وأن ما رويته عنه صحيح، أما إذا مات أمنت من هذه المفسدة، لكن من يضمن لك أنك تعمر حتى تبلغ هذه السنة بعد وفاة شيخك؟ من يضمن لك؟ نعم هناك مفسدة إذا أنكر وهذا نادر جداً لا يقابله مصلحة تبليغ العلم، والله المستعان، نعم).