29 Oct 2008
رواية الأكابر عن الأصاغر، ومن روى عن أبيه عن جده
قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (وَإِنْ رَوَى عَمَّنْ دُونَهُ: فالأَكَابِرُ عَنِ الأَصَاغِرِ. وَمِنْهُ: الآبَاءُ عَنِ الأَبْنَاءِ، وَفي عَكْسِهِ كَثْرَةٌ، وَمِنْهُ: مَنْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ).
نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني
قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (3) (وَإِنْ رَوَى) الرَّاوي (عمَّن) هو (دُونَه) في السِّنِّ أو في اللُّقِيِّ أو في الْمِقْدَارِ (فَـ) هَذَا النَّوعُ هو رِوَايةُ (الأكابِرِ عَنِ الأَصَاغِرِ، ومنه) أي: من جُمْلَةِ هَذَا النَّوعِ -وهو أخصُّ من مُطْلَقِهِ- روايةُ (الآباءِ عَنِ الأَبْنَاءِ) والصَّحَابَةِ عَن التَّابِعينَ، والشَّيْخِ عَن تِلْمِيذِهِ ونحوِ ذَلِكَ، (وفي عَكْسِهِ كَثْرَةٌ) لأنَّه هُو الجادَّةُ الْمَسْلُوكَةُ الغَالِبَةُ. ومنه: مَن روَى عَن أبيه عَن جَدِّهِ.
وَفَائِدَةُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ:
- التَّمْيِيزُ بَيْنَ مراتِبِهِمْ.
- وتَنْزِيلُ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ.
وقدْ صَنَّفَ الخَطِيبُ في روايةِ الآباءِ عَن الأَبْنَاءِ تَصْنِيفًا، وَأَفْرَدَ جُزْءاً لَطِيفًا في رِوَايةِ الصَّحَابَةِ عَن التَّابِعِينَ، وَجَمَعَ الْحَافِظُ صلاحُ الدِّينِ العَلائِيُّ مِن المتَأَخِّرِين مُجَلَّدًا كَبِيرًا في مَعْرِفَةِ مَن روَى عَن أَبِيه عَن جَدِّهِ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَقَسَّمَهُ أقْسَامًا:
- فَمنه ما يَعُودُ الضَّمِيرُ في قولِه عَن جَدِّهِ على الرَّاوي.
- ومنه ما يعودُ الضَّمِيرُ فيه على أَبِيه، وبَيَّنَ ذَلِكَ، وَحَقَّقَهُ وَخَرَّجَ في كُلِّ تَرْجَمَةٍ حَدِيثًا من مَرْوِيِّهِ، وقد لَخَّصْتُ كِتَابَهُ الْمَذْكُورَ وزِدْتُ عليه تراجِمَ كَثيرةً جدًّا، وأكثرُ ما وَقَعَ فيه ما تَسَلْسَلَتْ فيه الرِّوَايةُ عَن الآباءِ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ أبًا).
نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم
قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: ( (2)
روايةُ الأكابرِ عن الأصاغرِ
مِن صفاتِ الإسنادِ: إذا روى الشيخُ عن التلميذِ فَيُسَمَّى ذلكَ: روايةَ الأكابرِ عن الأصاغرِ، مثلُ: لو روى صحابيٌّ عن تابعيٍّ، ويعتني بذلكَ ابنُ حجرٍ في (تهذيبِ التهذيبِ)، فإذا ذكرَ مَن روى عنه المُتَرْجَمُ له قيَّدَ بعضَهم بقولِه: وهو من تلامذتِه، ويعني روى عنه المُتَرْجَمُ له معَ أنَّه أصلاً مِن تلامذتِه، سيأتي معنا في السابقِ واللاَّحقِ: أنَّ البخاريَّ روى عن تلميذِه أبي العباسِ السَّرَّاجِ، فهذا مِن روايةِ الأكابرِ عن الأصاغرِ، والغرضُ مِن العنايةِ بهذا لئلاَّ يُظنَّ أنَّ في الإسنادِ قلبًا؛ لأنَّ العادةَ أنَّ التلميذَ أو الصغيرَ هو الذي يروي عن الكبيرِ.
تحتَ هذا النوعِ أقسامٌ مثل :
- روايةِ الصحابةِ عن التَّابعينَ.
- وروايةِ الشيخِ عن التلميذِ.
- وروايةِ الوالدِ عن ولدِه.
ومَرَّ بنا حديثٌ: يرويه سفيانُ بنُ عيينةَ، عن وائلِ بنِ داودَ، عن ولدِه بكرِ بنِ وائلٍ، عن الزُّهْرِيِّ، ولكن هذا قليلٌ وهو الذي يُسَمَّى: روايةَ الآباءِ عن الأبناءِ، وللخطيبِ فيه مُصَنَّفٌ، وأكثرُ منه وجودًا العكسُ وهو أنْ يرويَ الولدُ عن والدِهِ ويُعَرْفُ بروايةِ الأبناءِ عن الآباءِ.
ومِن أشهرِ ذلكَ: سالمُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، عن أبيه، وهشامُ بنُ عُرْوَةَ، عن أبيه، والعلاءُ بنُ عبدِ الرحمنِ، عن أبيه، وسهيلُ بنُ أبي صالحٍ، عن أبيه، وأقلُّ منه وإنْ كانَ كثيرًا أيضًا الروايةُ عِن الأبِ ثمِّ الجدِّ، ويُسَمَّى في عرفِ المحدِّثينَ: (مَن روى عن أبيه عن جدِّه)، وفي هذا مؤلفاتٌ كثيرةٌ، وممَّن صنَّفَ فيه الخطيبُ البغداديُّ، والعلائيُّ، وهذا الأخيرُ جمعَ ممَّن روى عن أبيه، عن جدِّه مثلُ: عمرو بنِ شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه، ومثلُ: بَهْزِ بنِ حكيمٍ، عن أبيه، عن جدِّه، وميَّزَ العلائيُّ أمرًا مهمًّا: الضميرُ في ( جدِّه ) يعود إلى مَن؟
إلى بَهْزَ فتكونُ الروايةُ عن بَهْزَ مثلاً، عن حَكِيمٍ، عن أبيه معاويةَ؟
أمَّا إذا قيلَ: عن جدِّه يعني جدَّ حكيمٍ فإنَّ الروايةَ تكونُ عن بهزٍ، عن حكيمٍ، عن حيدةَ، جدِّ حكيمٍ، هذا لا يُقْضَى فيه بشيءٍ فليسَ هناكَ حُكْمٌ عامٌّ في ذلكَ، وإنما يُعرفُ هذا بالاستقراءِ والتتبُّعِ، والعلائيُّ في جزئِه ذلكَ ميَّزَ في كلِّ الأسانيدِ التي ساقَها الضميرَ يعودُ إلى مَن؟
فمثلُ: بهزَ بنِ حكيمٍ الضميرُ يعودُ إلى جدِّ بَهْزَ؛ لأنَّ الراوي الثالثَ هو معاويةُ بنُ حيدةَ وهو الصحابيُّ، لكن في بعضِ الأسانيدِ يعودُ الضميرُ إلى جدِّ الأبِّ فيقعُ الإشكالُ، فميَّزَ ذلكَ العلائيُّ وساقَ الأدلَّةَ على كلِّ ما ميَّزَه، ومِن الأسانيدِ المُخْتَلفِ فيها نُسْخَةُ عمروِ بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه، والأئمَّةُ في هذه النسخةِ بالذَّاتِ بينَهم اختلافٌ في الجَدِّ، هل هو جَدُّ عمرٍو أو جَدُّ شعيبٍ؟
ولهم في ذلكَ كلامٌ كثيرٌ.
يقولُ الحافظُ إنَّ أكثرَ ما تَسَلْسَلَتْ فيه الروايةُ عن الآباءِ بأربعةَ عشرَ أباً، والغالبُ على مثلِ هذا أنْ يكونَ غيرَ صحيحٍ).
شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد
قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: ( (3)
وروايَةُ الأكابرِ عن الأَصَاغِرِ:
كأنْ يَرْوِيَ الشيخُ عنْ تلميذِهِ، فنَجِدُ أحياناً: الزُّهْرِيَّ، يَرْوِي عنْ مالِكٍ، معَ أنَّ مالكاً تلميذٌ للزُّهْرِيِّ، معَ أنَّ الأصْلَ أنْ يَرويَ التلميذُ عن الشيخِ، وهذهِ -أيْ: روايَةُ الشيخِ عن التلميذِ- تُعْتَبَرُ مَنْقَبَةً ومَفْخَرَةً للتلميذِ. ومِثلُهُ: لوْ رَوَى الأَبُ عن ابنِهِ. ومِثلُهُ: روايَةُ الصحابةِ عن التابعينَ وهيَ قَليلةٌ؛ ذَكَرَها صاحبُ (التحقيقِ والإيضاحِ) (-وهوَ العراقيُّ-) في كلامِهِ عن الحديثِ المُرْسَلِ، حيثُ ساقَ عِدَّةَ أحاديثٍ أحاديثَ قدْ تَبْلُغُ العشرينَ حَديثاً مِنْ روايَةِ الصحابةِ عن التابعينَ عنْ صحابةٍ آخَرينَ. قالَ: (ومنهُ مَنْ رَوَى عنْ أبيهِ عنْ جَدِّهِ). مِثلُ: عمرِو بنِ شُعيبٍ، عنْ أبيهِ، عنْ جَدِّهِ. ومِثلُ: بَهْزِ بنِ حَكيمٍ، عنْ أبيهِ، عنْ جَدِّهِ. ومِثلُ: جَعفرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عنْ أبيهِ، عنْ جَدِّهِ.
مِثالٌ:
فمثلاً:
روايَةُ عمرِو بنِ شُعيبِ بنِ محمَّدِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ، عنْ أَبِيهِ عنْ جَدِّهِ، إذا قُلْنَا: إنَّ الْجَدَّ هوَ مُحَمَّدٌ؛ أيْ: أنه إنَّهُ جَدُّ عمرٍو، فالروايَةُ بهذهِ الصورةِ مُرْسَلةٌ؛ لأنَّ محمَّداً هذا ليسَ صحابِيًّا، فيكونُ مَردوداً.
ولكنْ إنْ قيلَ: إنَّ الْجَدَّ هوَ جَدُّ شُعيبٍ، فالضميرُ في جدِّهِ؛ أيْ: جَدِّ شُعيبٍ، فهنا يأتي الخِلافُ: هلْ سَمِعَ شُعيبٌ، مِنْ جَدِّهِ عبدِ اللَّهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ؟
لذلكَ فحديثُ عمرِو بنِ شُعيبٍ، عنْ أبيهِ، عنْ جَدِّهِ مِنْ أَنْزَلِ دَرجاتِ الصحيحِ، وهوَ الحديثُ الحسَنُ.
وهناكَ مُؤَلَّفٌ فيمَنْ رَوَى عنْ أبيهِ عنْ جَدِّهِ، للقاسمِ بنِ قَطْلُوبُغَا، واسمُهُ: (مَنْ رَوَى عنْ أبيهِ عنْ جَدِّهِ)، حقَّقَهُ الشيخُ باسمٌ الْجَوَابرةُ، وهوَ مَوجودٌ في الأسواقِ).
شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: عبد العزيز السعيد (مفرغ)
القارئ: ( (وإن روى عمن دونه فالأكابر عن الأصاغر، ومنه الآباء عن الأبناء).
قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (دون) هنا إما أن يكون دونه في السن، أو دونه في الشرف والمقدار، فإذا كان المروي عنه دون الراوي في السن، يعني: أصغر من الراوي في السن، أو كان أقل من الراوي علماً وفضلاً، فهذا يسمى من رواية الأكابر عن الأصاغر. العلماء رحمهم الله في الاصطلاح يقسمون رواية الأكابر عن الأصاغر إلى ثلاثة أقسام:
الأول:
أن يكون الراوي أكبر سناً وطبقةً من المروي عنه، وهذا كرواية:يحيى بن سعيد الأنصاري، عن تلميذه الإمام مالك، فيحيى الأنصاري أكبر سناً من تلميذه الإمام مالك.
وأحياناً يكون الراوي أكبر قدراً وعلماً ممن روى عنه، ولكنه أصغر سناً، وهذا مثلوا له برواية الإماممالك، عن عبد الله بن دينار،عبد الله بن دينار من شيوخ الإمام مالك، وهو من الثقات، ومتوفى قبل الإمام مالك بما يزيد على خمسين سنة، ولكن الإمام مالك أجل قدراً وأعظم من عبد الله بن دينار، فعبد الله بن دينار أكبر سناً، لكن الإمام مالك أكبر قدراً، وعلماً، وفضلاً.
فهذه الرواية يسميها العلماء رواية الأكابر عن الأصاغر، يعني: رواية الأكابر في علمهم وفضلهم، عن الأصاغر.
وأحياناً يجتمع الأمران؛ يكون من رواية الأكابر عن الأصاغر في السن والقدر، يعني: يجتمع له كبر السن وكبر القدر، ابن مسعود رضي الله عنه، روى عن زر بن حبيش،زر بن حبيش من الرواة عنابن مسعود،وابن مسعود أكبر سناً وأعظم قدراً من زر،ابن عباس رضي الله عنه روى عن مولاه كريب، وابن عباس أكبر قدراً وأكبر سناً من مولاه كريب، رواية البخاري، عن الترمذي هذه من راوية الأكبر سناً وقدراً؛ لأن البخاري أكبر سناً من الترمذي؛ لأنه من شيوخه وأكبر قدراً.
الإمام أحمد روى هو وإسحاق بن راهويه، عن شيخهما عبيد الله بن موسى العبسي هو أكبر سناً، ولكنهما أكبر قدراً منه، فتحصل عندنا أن: رواية الأكابر عن الأصاغر:
1- إما أن يكون أكبر قدراً وسناً.
2- وأما أن يكون أكبر سناً.
3- وإما أن يكون أكبر قدراً لا سناً، هي ثلاثة أقسام.
رواية الأكابر عن الأصاغر هذه لها فائدة، وهي:
ألا يظن أن في الإسناد انقلابا بالتقديم والتأخير؛ لأنه إذا صار عندنا حديث يرويه صالح بن كيسان، عن الإمام مالك، صالح بن كيسان من شيوخ مالك، فإذا روى عن الإمام من رواية الأكابر عن الأصاغر ظن بعض الناس أن الإسناد منقلب، وأن الأصل أن يقدم صالح ثم يأتي بعده مالك.
أو مثلاً:
رأى في الإسناد رواية ابن عباس عن كريب، فاعتقد أن الإسناد فيه خطأ، وأن الصحيح أنه كريب، عن ابن عباس؛ لأنه هو العادة والكبير هو ابن عباس، والصغير كريب، فيذكره العلماء حتى لا يقع الإنسان في الغلط.
ومن هذا النوع رواية الصحابي عن التابعي،
الصحابة رووا عن التابعين عن الصحابة، فسهل بن سعد رضي الله عنه روى عن مروان بن الحكم، وهو تابعي، عن زيد بن ثابت في تفسير قوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}، هذا في صحيح البخاري،والسائب بن يزيد، وهو صحابي روى عن عبدٌ الرحمن بن عبد القارئ - بتنوين عبدٌ - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(فيمن نام عن حزبه من الليل)، وهو في (صحيح مسلم)، فالصحابي يروي عن التابعي عن الصحابي، وهذا من رواية الأكابر عن الأصاغر؛ لأن الصحابة أكبر قدراً، وقد يكونون أكبر سناً من بعض التابعين، أو هي العادة أنهم أكبر سناً من التابعين، إن لم يكونوا من المخضرمين.
فالمطلع على هذا الإسناد إذا لم يعلم أن هناك رواية الأكابر عن الأصاغر يظن أن في الإسناد غلطاً، وأن الصحيح مروان، عن سهل، عن زيد، أو أن مروان هنا مقحم لا علاقة له في الرواية، يعني: أدرج إدراجاً على الإسناد، أو أدخل في الإسناد وليس منه، فيظن أن الصحيح: سهل عن زيد.
القارئ: ( (ومنه الآباء عن الأبناء).
قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: ( (ومنه) يعني: من رواية الأكابر عن الأصاغر (رواية الآباء عن الأبناء) فيروي الأب عن ابنه، العادة أن الذي يروي الابن عن أبيه، ولكن أحياناً يروي الأب عن ابنه.
ورواية الأب عن ابنه:
- إما أن تكون من رواية الأكابر عن الأصاغر سناً،
وهذا مجزوم به؛ لأن الأب أكبر من الولد.
- وقد يجتمع له كبر السن والقدر:
-اما السن فمقطوع به.
- أما القدر فقد يكون أكبر قدراً من ابنه، وقد يكون دونه، فعندنا روى العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عن ابنه الفضل، الأصل الفضل عن العباس فهذه من رواية الأكابر عن الأصاغر.
القارئ: ( (وفي عكسه كثرة).
قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (رواية الأبناء عن الآباء، أو رواية الأصاغر عن الأكابر. لأن رواية الصغير عن الكبير هذه كثيرة جداً، خاصة ما يتعلق بالسن، فأكثر الرواة يروي عمن هو في سنه أو أكبر منه، ولا يروي عمن دونه إلا قليلاً، وكذلك: رواية الأبناء عن الآباء كثيرة، كثيراً ما يقع: حدثني أبي، حدثني أبي.
القارئ: ( (ومنه من روى عن أبيه عن جده).
قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (يعني ومن رواية الأبناء عن الآباء ما رواه عن أبيه عن جده.
رواية الأبناء عن الآباء ثلاثة أقسام:
- رواية الابن عن الأب المسمى،
يقول: حدثني أبي، وهذه كثيرة، عبد الله بن عمر عن أبيه، عبد الله بن عمرو، في الصحابة كثيرة.
- يأتي بعد ذلك رواية الابن عن الأب غير المسمى،
مثل: رواية أبي العشراء الدارمي عن أبيه، أبوه هذا غير مسمى، الولد يكنى بأبي العشراء عن أبيه، لا يدرى من أبوه، فهذا رواية الابن عن أبيه غير المسمى.
والثالث:
رواية الابن عن أبيه عن جده، إذا قالوا: روى عن أبيه عن جده، وهذه كثيرة، وجمع فيها العلاءكتاباً، الجد أحياناً يراد به الجد الأدنى، وهو أب الأب، وأحياناً يراد به الجد الأعلى.
- صحيفة عمرو بن شعيب، وبهز بن حكيم، فكثيراً: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عمرو، هوعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص
فقوله: عمرو بن شعيب، عن أبيه، أي: شعيب عن جده، أي: جد شعيب، وهو عبد الله بن عمرو، وليس المراد عن جده أي: جد عمرو؛ لأنه لو كان عن جده لصار
محمداً، ومحمد تابعي لم يدرك النبي عليه الصلاة والسلام، فصار عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده يراد بهعمرو.. فيكونعبد الله بن عمرو بالنسبة إلىعمرو بن شعيب، جد أبيه، فهو جده الأعلى، ليس جده المباشر، فهذا النوع يطلقونه أحياناً، يقولون: عن أبيه، عن جده، ويقصدون الجد الأعلى الذي هو جد الأب، لا جد الراوي، وبهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري، يروي عن أبيه، عن جده. والمراد هنا الجد الأدنى بهز عن أبيه، الذي هو حكيم، عن جده، أي: جد بهز، وهو معاوية بن حيدة الصحابي، فصار عندنا رواية الرجل، عن أبيه، عن جده، أحياناً يراد بها الجد الأعلى، وهو جد الأب، أو يراد بها الجد الأدنى، وهو جد الراوي مباشرة).
العناصر
رواية الأكابر عن الأصاغر:
فائدة معرفة (رواية الأكابر عن الأصاغر)
أنواع رواية الأكابر عن الأصاغر:
1- رواية الصحابة عن التابعين:
مثال :رواية الصحابة عن التابعين
للخطيب البغدادي كتاب في رواية الصحابة عن التابعين
2 - رواية الشيخ عن تلميذه:
مثال: رواية الشيخ عن تلميذه
رواية الشيخ عن تلميذه منقبة للتلميذ
رواية الشيوخ عن تلامذتهم يدل على تواضعهم
3 - رواية الآباء عن الأبناء:
مثال: رواية الآباء عن الأبناء.
المصنفات في (رواية الآباء عن الأبناء):
للخطيب البغدادي مصنف في (رواية الآباء عن الأبناء)
رواية الراوي عن أبيه عن جده.
رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
المصنفات فيمن روى عن أبيه عن جده:
الحافظ العلائي له مصنف فيمن روى عن أبيه عن جده .
ميزة كتاب الحافظ العلائي
ابن حجر اختصر كتاب العلائي فيمن روى عن أبيه عن جده.
الأسئلة
س1: ما المقصود برواية الأكابر عن الأصاغر؟
س2: اذكر مع التمثيل أنواع رواية الأكابر عن الأصاغر.
س3: اذكر بعض المصنفات في روايات الآباء عن الأبناء.
س4: اذكر المصنفات فيمن روى عن أبيه عن جده.
شرح نخبة الفكر للشيخ عبد الكريم الخضير (مفرغ)
قال الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"وإن اشترك اثنان عن شيخ وتقدم موت أحدهما فهو السابق واللاحق".
عن شيخ وتقدم موت أحدهما فهو السابق واللاحق، السابق اسم فاعل من السبق، وللاحق مثله، والمراد به: أن يشترك اثنان في الرواية عن شيخ ويتقدم موت أحدهم عن الآخر بحيث يتباين وقت وفاتيهما تبايناً شديداً، فيحصل بينهما أمد بعيد، وإن كان المتأخر منهما غير معدود من معاصري الأول وذوي طبقته فالمتقدم يقال له السابق والمتأخر يقال له: اللاحق.
لو افترضنا أن زيد من الناس جلس للإقراء وطال عمره مكث سبعين سنة يقرئ الناس في بداية جلوسه للإقراء تصور أنه سنة ألف وأربعمائة بدأ يقرئ الناس، حضر عنده شخص في أول جلوسه للناس سنة ألف وأربعمائة، نعم، وحضر عنده سنة كاملة بحيث صار من ألزم طلابه له، ثم مات في هذه السنة سنة ألف وأربعمائة، ثم مكث الشيخ سبعين سنة يقرئ الناس من ألف وأربعمائة إلى ألف وأربعمائة وسبعين، في آخر سنة قرأ عليه شخص، الأول مات سنة كم؟ الطالب الأول مات سنة كم؟ ألف وأربعمائة، والثاني: الذي بدأ الطلب في سنة ألف وأربعمائة وسبعين وهذا مثال نعم، عمّر ولم يمت إلا بعد سبعين سنة، تصور أنه لما قرأ عليه سنة ألف وأربعمائة وسبعين عمره عشرين سنة، وعمر تسعين سنة أضف السبعين إلى السبعين الأولى كم يصير؟ ألف وخمسمائة وأربعين، يكون كم بين وفاة التلميذ الأول والتلميذ الثاني؟ مائة وأربعين سنة، هذا متصور وإلا ما هو متصور؟ يكون بين وفاة الاثنين وهما من طلاب ذلك الشخص مائة وأربعين سنة، وهذا متصور، يعني كيف يقال زملاء قرءا على شيخ واحد وبينهما مائة وأربعين سنة؟ هذا السابق واللاحق، وهذا موجود في الرواة، وصورته ما سمعتم،
مثاله: روى الإمام البخاري في تاريخه عن محمد بن إسحاق السراج النيسابوري، روى الإمام البخاري في تاريخه عن محمد بن إسحاق السراج، وروى عنه أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري وبين وفاتيهما، بين وفاة البخاري ووفاة الخفاف مائة وسبعة وثلاثون سنة أو أكثر، وذلك أن البخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين، ومات الخفاف سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، يعني سبعة وثلاثين ومائة سنة، وهو نظير ما ذكرناه في المثال.
ومثل له الخطيب برواية الزهري عن الإمام مالك وروى عنه أيضاً زكريا بن دويد الكندي وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر، كذا مثل الخطيب بابن دويد ولا ينبغي أن يمثل به لأنه كذاب، فالصواب أن آخر أصحاب مالك أحمد بن إسماعيل السهمي مات سنة تسع وخمسين ومائتين وبينه وبين الزهري مائة وخمس وثلاثون سنة، بين وفاته وبين وفاة الزهري مائة وخمسة وثلاثون سنة، وكلاهما أخذ عن الإمام مالك.
يقول الحافظ: "وأكثر ما وقفنا عليه من ذلك ما بين الراويين فيهم في الوفاة مائة وخمسون سنة، وذلك أن الحافظ السلفي سمع منه أبو علي البرزاني أحد مشايخه حديثاً ورواه عنه ومات على رأس الخمسمائة، ثم كان آخر أصحاب السلفي بالسماع سبطه أبا القاسم عبد الرحمن بن مكي، وكانت وفاته سنة خمسين وستمائة، كم بينهم؟ مائة وخمسين سنة.
ومن فوائد هذا النوع كما قال ابن الصلاح: تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب، تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب، يعني هذه الشخص الذي عمر إلى سنة ألف وخمسمائة وأربعين في المثال الذي ذكرناه إذا روى عنه شخص وعمّر لا شك أنه ينتج عن ذلك علو الإسناد.
وقال السيوطي: "ومن فوائده أيضاً ألا يظن سقوط شيء من الإسناد"، لا يظن سقوط شيء من الإسناد، وهذا في العالي قد يتصور أن الإسناد سقط منه شيء لا سيما مع طول أعمار الرواة.
وقال الصنعاني في شرح نظمه للنخبة: "عد هذا نوعاً من أنواع علوم الحديث قليل الجدوى، عديم الفائدة، وهذه الحلاوة التي ذكرت ما أظن عارفاً يذوقها، ثم إنه ليس اسماً لرتبة معينة كرواية الآباء عن الأبناء، والأكابر عن الأصاغر ونحوها"، وقد صنف الخطيب كتاباً سماه: (السابق واللاحق) طبع محققاً في مجلد.
يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وإن روى عن اثنين متفقي الاسم ولم يتميزا فباختصاصه بأحدهما يتبين المهمل"، هذا المهمل يذكر اسم الراوي فقط، حدثنا محمد، كما يقوله البخاري كثيراً، هذا مهمل، عن سفيان هذا مهمل، عن حماد هذا مهمل، أقول: باختصاصه بأحدهما إن روى عن اثنين متفقي الاسم ولم يتميزا فباختصاصه بأحدهما يتبين المهمل.
والمهمل: اسم مفعول من الإهمال، وحقيقته عند أهل الحديث أن يروي الراوي عن اثنين متفقي الاسم فقط أو الكنية أو مع اسم الأب أو مع اسم الجد أو مع نسبته ولم يتميزا بما يخص كلاً منهما أو يخص أحدهما فقط، والفرق بين المبهم والمهمل أن المبهم لم يذكر له اسم، المبهم لا يذكر له اسم، حدثني رجل، حدثني فلان، والمهمل ذكر اسمه لكن مع الاشتباه مع غيره.
قال ابن حجر: "ومن أراد لذلك ضابطاً كلياً يمتاز به أحدهما عن الآخر فباختصاصه بأحدهما يتبين المهمل، ومتى لم يتبين ذلك أو كان مختصاً بهما معاً فإشكاله شديد فيرجع فيه إلى القرائن والظن الغالب، إذا كانا ثقتين فالأمر سهل، إذا كانا ضعيفين يعني جميع من في هذه الطبقة ممن اسمه محمد ثقات، الحمد لله، ممن يروي عنهم ذلك الشخص ما في إشكال، وإن كانوا كلهم ضعفاء فالأمر أيضاً مفروغ منه يضعف الخبر لضعف جميع من اسمه هذا.
الإشكال فيما إذا كان بعضهم ثقات وبعضهم ضعفاء، مثال ذلك: ما يقع كثيراً في صحيح البخاري عن محمد غير منسوب، ولذا يختلف فيه الشراح كثيراً، ويرجح بعضهم ما لا يرجحه الآخر، ويحتمل أن يكون الذهلي أو ابن سلام أو غيرهما، كما يقع في صحيح البخاري رواية عن أحمد غير منسوب عن ابن وهب وهو إما أحمد بن صالح المصري أو أحمد بن عيسى، وقد استوعب ذلك الحافظ ابن حجر في هدي الساري مقدمة فتح الباري، والذي يضر من ذلك أن يكون أحدهما ضعيفاً، من ذلك قول وكيع: حدثنا النضر عن عكرمة وهو يروي عن النضر بن عربي وعن النضر بن عبد الرحمن وهو ضعيف، أما إذا كانا ثقتين فإن عدم تميز أحدهما عن الآخر فإنه لا يضر كعدم تميز سفيان أو حماد، وهناك ضابط للسفيانين والحمادين ذكره الحافظ الذهبي -رحمه الله تعالى- في آخر المجلد السابع من سير أعلام النبلاء فليراجع).