29 Oct 2008
رواية سيئ الحفظ
قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (ثُمَّ سُوءُ الحِفْظِ إِنْ كَانَ لاَزِمًا فَهُوَ الشَّاذُّ عَلَى رَأْيٍ.
أَوْ طَارِئًا فَالمُخْتَلِطُ).
شرح نخبة الفكر للشيخ عبد الكريم الخضير (مفرغ)
قال الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير: (حكم رواية سيء الحفظ:
أحسن الله إليك: "ثم سوء الحفظ إن كان لازماً فهو الشاذ على رأي، أو طارئاً فالمختلط، ومتى توبع سيء الحفظ بمعتبر وكذا المستور والمرسل والمدلس صار حديثهم حسناً لا لذاته بل بالمجموع".
نعم يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "ثم سوء الحفظ إن كان لازماً فهو الشاذ على رأي، أو طارئاً فالمختلط"، سوء الحفظ وهو السبب العاشر من أسباب الطعن في الراوي، وتقدم الحديث في الحفظ وسوئه وأقسامه.
الغرض هنا حكم رواية سيء الحفظ، فإن كان من النوع الأول اللازم للراوي فحديثه مردود لضعف الراوي بسبب عدم غلبة الظن لحفظه ما روى، والضبط كما تقدم شرط من شروط القبول، وسوء الحفظ يناقض الضبط، وإن كان من النوع الثاني وهو الطارئ كان حافظاً ضابطاً ثم طرأ عليه سوء الحفظ هذا يسمى الاختلاط، فإن تميز حديث المختلط، إن تميز ما حدث به قبل الاختلاط قبل، وإن لم يتميز توقف فيه وكذا من اشتبه الأمر فيه، الرواة الذين طرأ عليهم ما طرأ وتغير حفظهم وساءت حوافظهم واختلطوا مثل هؤلاء إذا تميز ما كان قبل الاختلاط وما بعده يقبل ما قبل الاختلاط ويرد ما بعده، إن اشتبه ولم يعرف متى اختلط؟ ومن روى عنه قبل الاختلاط؟ ومن روى عنه بعد الاختلاط؟ فإن هذا يتوقف فيه، ويعرف ذلك باعتبار الآخذين عنه ليعلم متى أخذوا؟ أو أين أخذوا؟ أو كيف أخذوا؟ فمنهم من سمع منه قبل الاختلاط فقط، ومنهم من سمع بعد الاختلاط فقط، ومنهم من سمع في الحالين، فحديث الأول مقبول، وحديث الثاني مردود، وحديث الثالث فيه تفصيل، من سمع منه قبل الاختلاط فقط حديثه مقبول، من سمع منه بعد الاختلاط فقط حديثه مردود، من سمع منه في الحالين قبل الاختلاط وبعده فيه تفصيل.
ومثال ذلك: عطاء بن السائب: اختلط في آخر عمره، فممن سمع منه قبل الاختلاط شعبة وسفيان الثوري، وممن سمع منه بعد الاختلاط جرير بن عبد الحميد، وممن سمع منه في الحالين معاً أبو عوانة، فحديث شعبة وسفيان عن عطاء بن السائب مقبول؛ لأن الرواية كانت قبل الاختلاط، وحديث جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب مردود؛ لأن روايته عنه بعد الاختلاط، وحديث أبي عوانة عن عطاء بن السائب مردود؛ لأنه سمع منه في الحالين ولم يتميز).
نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني
قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (1) (ثُمَّ سُوءُ الحِفْظِ)
وهو السَّببُ العاشرُ من أسبابِ الطَّعْنِ،وَالمُرَادُ به مَنْ لم يُرَجَّحْ جانبُ إصابتِهِ على جانبِ خطئِهِ. وهو على قِسمَينِ:
(إِنْ كَانَ لاَزِمًا)
للرَّاوِي في جميعِ حالاتِه (فَـ) هو (الشَّاذُّ عَلَى رَأيِ) بعضِ أهلِ الحَدِيثِ.
(2) (أو)
كان سوءُ الحفظِ (طَارِئًا) على الرَّاوي إمَّا لِكِبَرِهِ أو لِذَهابِ بصرِهِ، أو لاحْتراقِ كُتُبِهِ، أو عدَمِها بأنْ كان يَعْتَمِدُها، فَرَجَعَ إلى حِفْظِه فساءَ (فَـ) هَذَا هو (المُخْتَلِطُ) والحُكْمُ فيه أنَّ ما حَدَّثَ بهِ قبلَ الاخْتِلاطِ إذا تَمَيَّزَ قُبِلَ، وإذا لم يَتَمَيَّزْ تُوُقِّفَ فيه، وكذا مَن اشْتَبَهَ الأمرُ فيه، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ باعْتِبارِ الآخِذِينَ عنه).
نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم
قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: (سوءُ الحفظِ:
ذكرَ الحافظُ السببَ العاشرَ مِن أسبابِ الطعنِ وهو سوءُ الحفظِ.
ذكرَ الحافظُ أنَّ سوءَ الحفظِ ينقسمُ قسمينِ: - سوءُ حفظٍ لازمٌ. - وسوءُ حفظٍ طارئٌ. وقالَ: إن كانَ الراوي سيئَ الحفظِ بمعنى أنَّه ملازمٌ له فحديثُه يُسَمَّى الشاذَّ على رأي بعضِ أهلِ الحديثِ، في حينِ أنَّ الحافظَ سَمَّى حديثَ: سيئِّ الحفظِ مُنْكَرًا، في كتابِه (النُّكَتِ)، والذي يظهرُ أنَّ حديثَ سيئِّ الحفظِ إذا تفرَّدَ فالأليقُ بهِ أنّ يُسمَّى مُنْكَرًا، ولا مانعَ مِن تسميتِه شاذًا، ولا مُشَاحَةَ في المصطلحاتِ، لكنَّ الحافظَ نصَّ في (النُّكَتِ)، على أنَّ حديثَ: سيئِّ الحفظِ يسميِّهِ بعضُ المحدِّثينَ: المُنْكَرَ، وخصَّ الشاذَّ بحديثِ مَن هو فوقَ سيئِّ الحفظِ بأنْ كانَ في حفظِه شيءٌ لا يصلُ حديثُه إلى درجةِ الحسنِ ولا يوصفُ بسوءِ الحفظِ، فالذي يظهرُ أنَّ سيئَ الحفظِ إنْ كانَ تفرَّدَ بحديثٍ فحديُثه يُسَمَّى المنكرَ إلحاقًا له بحديثِ مَن فَحُشَ غَلَطُهُ، أو كَثُرَتْ غَفْلَتُه، أو ظهرَ فسقُه، وهي مسألةٌ اصطلاحيَّةٌ، ومرَّ بنا أنَّ بينَ الشاذِّ والمنكرِ تشابُهًا كبيرًا. وإنْ كانَ سوءُ الحفظِ طارئًا على الراوي فصاحِبُه يُسمَّى المُخْتَلِطَ، ويكونُ طارئًا بمعنى أنَّه في أوَّلِ أمرِه قويُّ الحفظِ ثُمَّ بعدَ ذلكَ يسوءُ حفظُه لسببٍ: -إمَّا لكبرٍ. -أو لحادِثَةٍ مفاجئةٍ وقعتْ له كاحتراقِ كتبِه. -أو لذهابِ بصرِه وكانَ يعتمدُ على كُتبِه … إلخ. وسوءُ الحفظِ الطارئُ ليسَ على درجةٍ واحدةٍ، فمثلاً: أبو إسحاقَ السبيعيُّ وُصِفَ بأنَّ حفظَه تغيَّرَ، وأنَّه اختلطَ، ووُصِفَ سعيدُ بنُ أبي عروبةَ بأنَّه اختلطَ، فليسَ اختلاطُ هذا مثلَ اختلاطِ هذا، فأبو إسحاقَ ظلَّ على عقلِه وحفظِه، وإنَّما حصلَ له شيءٌ مِن التغيُّرِ بسببِ الكبرِ، أمَّا سعيدٌ فاختلطَ وهو شابٌ لم يبلغ الخمسينَ، لكنَّه اختلطَ اختلاطًا تامًّا حتَّى إنَّه ربَّما أذَّنَ وقتَ الضحَى، ومثلُ: المسعوديِّ، وعطاءِ بنِ السائبِ فهؤلاء اختلطُوا اختلاطًا فاحشًا، فإذا سمعْنَا كلمةَ المُخْتَلِطِ والحُكْمَ فيه قد نردُّ أحاديثَ بعضِ الثقاتِ الذين وُصِفُوا بأنهم تغيَّرُوا؛ لأنَّه وردَ في ترجمتِه أنَّه اختلطَ، كما يُفعلُ أحيانًا في أحاديثِ أبي إسحاقَ، فالذي لم يختلطْ كثيرًا يُطبَّقُ عليه ما يُطبَّقُ على مَن في حفظِه شيءٌ، والاختلاطُ الفاحشُ ذكرَ الحافظُأنَّ الحُكْمَ فيه ظاهرٌ: -فمَن سُمِعَ منه قبلَ الاختلاطِ فحديثُه صحيحٌ. -ومَن عُرِفَ أنَّه سُمِعَ مَنْه بعدَ الاختلاطِ فحديثُه ضعيفٌ. -ومَن لم يُعرفْ عنه أنَّه أُخِذَ عنه قبلَ الاختلاطِ وبعدَه فالحكمُ فيه أنَّه يتُوقَّفُ فيه. وقد مرَّ بنا أنَّ التوقفَ مآلُه إلى الردِّ، لكنْ كيفَ يُعرفُ أنَّ هذا الراوي سُمِعَ منه قبلَ الاختلاطِ أو بعدَه؟ يُعرفُ ذلكَ مِن كلامِ الأئمَّةِ، وهو على نوعينِ: الأَوَّلُ: النصُّ على مَن سَمِعَ منه قبلَ الاختلاطِ، ومَن سَمعَ منه بعدَ الاختلاطِ، فيقولُ الإمامُ: سمعَ منه في حالِ الصحَّةِ فلانٌ، وفلانٌ …، وسمعَ منه في اختلاطِه فلانٌ وفلانٌ …. الثاني: وَضْعُ قواعدَ عامَّةٍ لبعضِ المختلطينِ،مثلُ أنْ يقولَ الإمامُ: سماعُ الكبارِ كفلانٍ وفلانٍ منه صحيحٌ، وأمَّا هؤلاء الصغارُ فسمعُوا منه في اختلاطِه، أو يقولُ إمامٌ: مَن سمعَ منه في البلدِ الفلانيِّ فسماعُه صحيحٌ، وَمن سمعَ منه في البلدِ الفلانيِّ فهو بعدَ اختلاطِه، أو سماعُ أهلِ البلدِ الفلانيِّ منه صحيحٌ، وسماعُ أهلِ البلدِ الفلانيِّ منه بعدَ الاختلاطِ. وقد اعتنَى الأئمَّةُ بهذا الصنفِ مِن الرواةِ، ومِن أشملِ ما كُتِبَ فيهم: كتابُ ابنُ الكَيَّالِ واسمُه: (الكواكبُ النيِّرَاتُ في معرفةِ مَن اختلطَ مِن الرواةِ والثقاتِ)، حقَّقَهُ عبدُ القيُّومِ وزادَ عليه مُلْحَقًا فيمَن لم يذكرْهم ابنُ الكَيَّالُ، فجاءَ هذا الكتابُ وَمُلْحَقُه مُسْتَوْعِبًا لمَن رُميَ بالاختلاطِ ومَن تغيَّرَ حفظُه كذلكَ، فذكرَ فيه عبدُ الرزَّاقِ، ومعروفٌ أنَّ عبدَ الرزَّاقِ لم يختلط الاختلاطَ الفاحشَ، وإنما تغيَّرَ حفظُه وصارَ يَتَلَقَّنُ بعدَما عَمِيَ).
شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد
قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: ( (1) سَيِّئُ الْحِفْـظِ:
نَنظرُ في الراوي الموصوفِ بسُوءِ الْحِفْظِ، فنَجِدُ الرُّواةَ على قِسمَيْنِ: 1-منهم مَنْ يكونُ في نَشْأَتِهِ، فاللَّهُ لم يُعْطِهِ حافِظةً قَوِيَّةً، فهذا هوَ اللاَّزمُ، فهذا هوَ الشاذُّ على رَأْيِ: ابنِ الصَّلاحِ في (مُقَدِّمَتِهِ).
2-أنْ يكونَ في جُزْءٍ مِنْ حياتِهِ حافظاً ضابِطاً، ثمَّ تَغَيَّرَتْ حافِظَتُهُ بِعَمًى؛ إن كانَ يُحَدِّثُ مِنْ كُتُبِهِ ثمَّ عَمِيَ فحَدَّثَ مِنْ ذَاكِرَتِهِ، أوْ بفَجِيعَةٍ بسَبَبِ بلاءٍ حَلَّ بهِ وهوَ العَمَى تَجْعَلُ عقْلَهُ يَخْتَلُّ نَوْعاً ما.
ومِثلُهُ:
احتراقُ الكُتُبِ كذلكَ؛ إمَّا أنْ يُحَدِّثَ مِنْ حِفْظِهِ بعدَ احتراقِها، أوْ فَجِيعةُ الحادِثَةِ جَعَلَتْ عقْلَهُ يَتَأَثَّرُ، أوْ يَقَعُ مِنْ دابَّةٍ ويَسْقُطُ على رَأْسِهِ، أوْ بكِبَرِ سِنِّهِ.
ما حُكْمُ رِوَايَتِهِمْ؟
إنْ تَمَيَّزَتْ أحاديثُهُ فعُرِفَ ما حَدَّثَ بهِ في حالِ الصحَّةِ، وما حَدَّثَ بهِ في حالِ السَّقَمِ، قُبِلَ الأوَّلُ، ورُدَّ الثاني.
ومَنْ لم تَتميَّزْ أحاديثُهُ؟
أوْ تَمَيَّزَ بعضُها دونَ بعضِها الآخَرِ؟
فالمُحَدِّثونَ يَعتمدونَ على الْحَيْطَةِ، فيَتَوقَّفُونَ عنْ قَبولِ مَنْ لم تَتَمَيَّزْ أحاديثُهُ، ويَأْخُذُونَ ما تَمَيَّزَ مِنْ أحاديثِ الْمُخْتَلِطِ.
وهناكَ كُتُبٌ تَخْدُمُ الطالِبَ في هذا:
مثلُ: (الكواكبُ النَّيِّرَاتُ)لابنِ الكَيَّالِ، مطبوعٌ وعليهِ تحقيقٌ؛ لعَلِيٍّ حَسَنٍ عَبْدِ الْحَمِيدِ لا بأسَ بهِ، وهوَ يَخْدُمُ طُلاَّبَ العلْمِ خِدمةً جَليلةً).
شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: عبد العزيز السعيد (مفرغ)
القارئ: ( (ثم سوء الحفظ إن كان لازماً).
قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (هذا أحد أسباب الطعن في الراوي، وهو سوء الحفظ.
المؤلف رحمه الله ذكر تعريفه في أكثر من موضع ذكر في الشرح أنه: من كان خطؤه مثل صوابه.
-وفي موضعٍ قال: من لم يكن غلطه أقل من صوابه.
فمعنى ذلك أنه يكون غلطه إما مساوياً للصواب أو أكثر، وهذا التعريف الثاني يوافق
فاحش الغلط الذي مر معنا، يعرفونه: يكون خطؤه أكثر من صوابه.
وفي موضعٍ ثالثٍ ذكر المؤلف رحمه الله لما ذكر أسهل عبارات الجرح قال:
لين وسيئ الحفظ، وذكر أن المتوسط أغلظ في الجرح من سيئ الحفظ، ذكر فاحش الغلط، فهذا يدل على أنه عنده فاحش الغلط أعظم من سيئ الحفظ.
لكن لما كانت هنا أوضح، فيقال: إن سيئ الحفظ من لم يكن غلطه أقل من صوابه يريد بها أنه هو الذي تساوى خطؤه مع صوابه، وهذا الكلام ليس على سبيل التحديد، يعني: إذا كان له مائة حديث يكون الغلط في خمسين، أو في ستين، هذا ما يمكن، ولكن يعني كثرةً نسبيةً، يعني: تكثر أخطاؤه، هذا النوع الذي هو سيئ الحفظ، الأغلاط التي تقع في الرواية وتنشأ عن سوء الحفظ. إما أن تكون لازمة يعني للإنسان:
- ليست في حال معينة.
- ليست في راوٍ معين. - ولا في زمانٍ دون زمانٍ. - ولا في علم دون علم، ولكن وصف الرجل الذي وصفه به العلماء أن هذا الرجل ضعيف في حفظه، أو سيئ الحفظ هذا السوء الملازم. كما في رِشدين بن سعد المصري، هذا سيئ الحفظ، ما قالوا: إنه سيئ الحفظ في وقتٍ، وثقةً في وقتٍ، أو سيئ الحفظ إذا روى عن فلان، وثقة إذا روى عن فلان، وإنما وصفوه بأنه سيئ الحفظ، فمثل هذا يكون حديثه حديثا ضعيفاًَ، يوصف حديثه بأنَّه شاذ إذا تفرد به على رأي؛ لأنه تقدم عندنا الرأي الذي اختاره المؤلف في الشاذ، وهو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه، أو، الراجح للأرجح، هنا يقول: على رأي، وهم الذين يقولون: إن تفرد الضعيف يسمى شاذاً. فإذاً:
صار عندنا الشاذ إما يطلق مع المخالفة، يعني: مخالفة الثقة أو المقبول لمن هو أوثق منه، فيجتمع فيه شيئان:
- المخالفة.
- والثقة.
أو أنه مجرد تفرد الضعيف، فإذا تفرد الضعيف، فيسمى حديثه شاذاً على رأي جماعة من العلماء.
القارئ: ( (أو طارئاً فالمختلط).
قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (هذا النوع الثاني من أنواع سوء الحفظ،يكون سوء الحفظ طارئاً ليس لازماً، وهذا هو المختلط.
الاختلاط هو:
كما ذكر العلماء فساد يعتري الإنسان فيذهب بعقله.
فساد في العقل يصيب الإنسان، فيذهب معه الحفظ أو تختلط عليه الأحاديث، فلا يميز بينها، هذا يسمونه المختلط.
الاختلاط هذا نوعان:
-نوعٌ يأتي لكبر السن، إذا كبرت سن الإنسان ولحقه الخرف اختلط، فصار لا يعرف أحاديثه ولا يحفظها وينساها، مثل هذا يقع لبعض الحفاظ، وفي كثير من المختلطين هكذا كعبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، وابن مسعود المعروف بالمسعودي، كسعيد الجريري كسعيد بن أبي عروبة، كعطاء الخراساني. هؤلاء اختلطواْ.
وفيه نوع من الاختلاط لا تعلق له بالكبر، وإنما يختلط الإنسان لعارضٍ من العوارض التي تصيبه:
- إما يمرض فيلحق عقله شيءٌ. تختلط عليه الأحاديث معه.
أو تجيئه مصيبة من احتراق كتب، أو يعمى بصره، أو يسرق بيته وماله، فيحصل له الاختلاط من هذه الأشياء، الاختلاط بنوعيه هذا طارئٌ على الحفظ، وليس أصلياً، هذا طارئ. سيئ الحفظ، أو سوء الحفظ الملازم، هذا كل ما جاءنا الحديث وفيه هذا الراوي، قلنا: هذا ضعيف. سوء الحفظ الطارئ، هذا للرجل فيه حالان: الحال الأولى:حال القبول.
والثانية:حال الرد.
فالمختلطون قسمان:
- قسم تميز حديثه
يعني: تعرف أحاديثه التي رويت عنه قبل الاختلاط، والأحاديث التي رويت عنه بعد الاختلاط، هذا النوع نقبل أحاديثه التي سمعت منه قبل الاختلاط، وأما التي سمعت منه في الاختلاط، فلا تقبل منه.
والنوع الثاني:
الذي ما تميز ما تعرف أحاديثه التي قبل الاختلاط أو بعده، هذا يترك حديثه، يضعف حديثه كله، كما حصل لليث بن أبي سليم، اختلط ولم تميز أحاديثه فترك.
أما النوع الأول:
وهو الذي تميز، فهذا ننظر في الراوي، ننظر بحسب القواعد التي ذكرها العلماء في المختلطين، وهذه غالباً ينصون على الرواة، يقولون: مثلاً سعيد بن إياس الجريري إذا نظرنا فيه لا نضعف كل حديث يرد فيه سعيد بن إياس، سعيد ثقة، لكنه ضُعِّف لاختلاطه، ففي ببعض الأحاديث فيها سعيد الجريري نقول: هذا حديث صحيح.
وفيه بعضها نقول: هذه أحاديث ضعاف ولا نقبلها، وهي التي سمعت منه في الاختلاط، فإذا روى عنه مثلاً: حديث رواه حماد بن زيد، عن الجريري نجد أن العلماء يقولون: حماد سمع منه قبل الاختلاط فنقول: هذا حديث سعيد صحيح، وسعيد في هذا الموضع ثقة، روايته صحيحة.
لكن إذا جاء إسنادٌ آخر قال: يزيد بن هارون، عن سعيد الجريري، نقول: هذا الإسناد ضعيف؛ لأن فيه الجريري، وروايته هذه في الاختلاط؛ لأن الراوي عنه يزيد بن هارون، وقد سمع منه في الاختلاط كذلك، مثل: سعيد بن أبي عروبة إذا وجدنا أحداً من الرواة الذين رووا عنه قبل الاختلاط، فهؤلاء نصحح حديثهم، وإذا رووا عنه في الاختلاط كابن مهديٍّ، وغندر نقول: هذا الحديث ضعيف.
- وأحياناً يقولون:
من سمع منه بالكوفة فقبل الاختلاط، وأحاديثه في البصرة فيها اختلاط.
- أو إذا روى عنه الشاميون، فهذا قبل الاختلاط، وإن كان من رواية البغداديين عنه، فبعد الاختلاط، فهي مميزة على كل.
القارئ: ( (ثم سوء الحفظ إن كان لازماً فهو الشاذ على رأي، أو طارئا فالمختلط، ومتى توبع سيئ الحفظ بمعتبر، وكذا المستور والمرسل والمدلَّس صار حديثهم حسناً، لا لذاته، بل بالمجموع).
قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (لما تكلم المؤلف رحمه الله على السيئ الحفظ، وبين قسميه، بين هنا درجة حديث سيئ الحفظ والمجهول، وحديث المرسِل، وحديث المدلِّس، فذكر رحمه الله أن المستور إذا توبع، وأن سيء الحفظ إذا توبع، وأن المدلِّس إذا توبع، وأن المرسِل إذا توبع، انتقل حديثهم من الضعف إلى الحسن لغيره.
المتابعة تقدم معنا أنها قسمان:
- متابعة تامة.
- ومتابعة قاصرة).
العناصر
سوء الحفظ:
المراد بسوء الحفظ
أهمية معرفة هذا الباب
حكم رواية سيئ الحفظ
سوء الحفظ أقسام:
القسم الأول: سوء الحفظ الملازم للراوي
يوصف هذا القسم بـ(الشاذ) عند بعض العلماء
القسم الثاني: سوء الحفظ الطارئ على الراوي
يوصف هذا القسم بـ(المختلط)
أسباب الاختلاط
حكم رواية المختلط
رواية المختلط ليست على مرتبة واحدة
طرق التمييز بين رواية المختلط قبل الاختلاط وبعده:
الطريقة الأولى: النص على أن الراوي سمع منه قبل الاختلاط
الطريقة الثانية: وضع قواعد عامة لبعض المختلطين
الكتب المصنفة في المختلط من الرواة
الحسن لغيره:
سبب ذكر ابن حجر (الحسن لغيره) بعد ذكره للخبر المردود
متى يكون الحديث حسناً لغيره ؟
الحسن لغيره هو الحديث الضعيف عند المتقدمين
شروط تحسين الحديث لغيره
الشرط الأول: أن يكون الإسناد صالحاً للاعتبار
الشرط الثاني: أن يكون الإسناد الذي يراد أن يعضد به صالح للاعتبار أيضاً
تنبيهات:
حكم من قال: أنا لا أحتج بالحديث الحسن لغيره
ليس كل حديث غير شديد الضعف صالحاً للاعتضاد
الضابط فيما يصلح للاعتضاد من الأحاديث
الأحاديث التي ينجبر ضعفها بالمتابعات والشواهد
ما الضعف الذي ينجبر؟
ما المرسل الذي ينجبر ضعفه؟
هل من شروط قبول مرسل التابعي الكبير أن يكون عليه عمل أهل العلم؟
إذا لم يعرف الراوي المحذوف من الإسناد فهل يقبل حديث المدلس؟
الأسئلة
س1: ما المراد بسوء الحفظ؟
س2: ما حكم رواية سيئ الحفظ؟
س3: اذكر مع التمثيل أقسام سوء الحفظ.
س4: ما معنى (الاختلاط)؟
س5: اذكر أسباب الاختلاط.
س6: ما حكم رواية المختلط؟
س7: بين طرق التمييز بين رواية المختلط قبل الاختلاط وبعده.
س8: اذكر الكتب المصنفة في المختلط من الرواة.