الدروس
course cover
رواية المبتدع
25 Oct 2008
25 Oct 2008

7197

0

0

course cover
شرح نخبة الفكر

القسم الثالث

رواية المبتدع
25 Oct 2008
25 Oct 2008

25 Oct 2008

7197

0

0


0

0

0

0

0

رواية المبتدع

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (ثُمَّ البِدْعَةُ

إِمَّا بِمُكَفِّرٍ، أَوْ بِمُفَسِّقٍ:

فالأَوَّلُ: لاَ يَقْبَلُ صَاحِبَهَا الجَمْهُورُ.

والثَّانِي: يُقْبَلُ مَنْ لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً إلى بِدْعَتِهِ في الأَصَحِّ؛ إِلاَّ إِنْ رَوَى مَا يُقَوِّي بِدْعَتَهُ، فَيُرَدُّ عَلَى المُخْتَارِ، وَبِهِ صَرَّحَ الجُوْزَجَانِيُّ شَيْخُ النَّسَائِيِّ).

هيئة الإشراف

#2

29 Oct 2008

نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (4) (ثُمَّ البِدْعَةُ)

وهي السَّببُ التَّاسِعُ من أسبابِ الطَّعْنِ في الرَّاوي، وهِيَ: (إِمَّا) أن تكونَ (بِمُكَفِّرٍ) كأن يعتَقِدَ ما يَسْتَلْزِمُ الْكُفْرَ (أو بِمُفَسِّقٍ، فَالأولُ لاَ يَقْبَلُ صَاحِبَهَا الجُمْهُورُ).

وقيلَ:

يُقْبَلُ مُطْلَقًا.

وقيلَ:

إنْ كان لا يَعْتَقِدُ حِلَّ الْكَذِبِ لنُصْرَةِ مَقالَتِهِ قُبِلَ.

والتَّحقيقُ أنَّهُ لا يُرَدُّ كُلُّ مُكَفَّرٍ بِبِدْعَتِهِ؛ لأنَّ كُلَّّ طائِفَةٍ تدَّعِي أنَّ مُخَالِفيها مُبْتَدِعَةٌ، وقد تُبَالِغُ فَتُكَفِّرُ مُخالِفَها، فلوْ أُخِذَ ذَلِكَ على الإِطْلاقِ لاستلزَمَ تَكْفِيرَ جميعِ الطَّوَائِفِ.

فَالمُعْتَمَدُ أنَّ الذي تُرَدُّ روايتُهُ مَنْ أنكَرَ أمْرًا مُتَوَاتِرًا من الشَّرْعِ معلومًا من الدِّينِ بالضَّرُورَةِ،وكذا مَن اعْتَقَدَ عَكْسَهُ، فأمَّا مَن لم يكنْ بهَذِهِ الصِّفَةِ وَانْضَمَّ إلى ذَلِكَ ضَبْطُهُ لَمَّا يَرْوِيهِ مَعَ وَرَعِهِ وتَقْوَاهُ فلا مانعَ مِن قَبُولِهِ.

(5) (وَالثَّانِي)

وهو مَن لا تَقْتَضِي بدعتُهُ التَّكْفِيرَ أصلاً.

وقد اخْتُلِفَ أيضًا في قَبُولِهِ وَرَدِّهِ:

فقيل:

يُرَدُّ مُطْلَقًا،وهو بعيدٌ، وأكثَرُ ما عُلِّلَ بهِ أنَّ في الرِّوايةِ عنهُ تَرْوِيجًا لأَمْرِه وتنويهًا بذِكرِهِ وعلى هَذَا فيَنْبَغِي أنْ لا يُروَى عَن مُبتدِعٍ شيءٌ يشارِكُهُ فيه غَيْرُ مُبتدِعٍ.

وقيل:

يُقْبَلُ مُطْلَقًا إلاَّ إن اعْتَقَدَ حِلَّ الكَذِبِ كما تقدَّمَ.

وقيل:

(يُقْبَلُ مَنْ لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً إلى بِدْعَتِهِ) لأنَّ تزْيِينَ بدْعَتِهِ قد يَحْمِلُه على تَحريفِ الرِّوَاياتِ وتسويَتِهَا على ما يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُهُ، وهَذَا (في الأَصَحِّ) وأغربَ ابْنُ حِبَّانَ فادَّعَى الاتِّفَاقَ عَلَى قَبُولِ غيرِ الدَّاعِيَةِ من غيرِ تَفْصيلٍ.

نعم، الأكثرُ عَلَى قَبُولِ غيرِ الدَّاعِيةِ (إِلاَّ إِنْ رَوَى مَا يُقَوِّي بِدْعَتَهُ فَيُرَدُّ عَلَى) المَذْهبِ (المُخْتَارِ، وَبِهِ صَرَّحَ) الحافظُ أَبُو إِسْحَاقَ إبراهيمُ بْنُ يعقوبَ الجُوزْجَانِيُّ شَيْخُ أَبِي دَاودَ وَ النَّسَائِيِّ في كتابِه (مَعْرِفَةُ الرِّجَالِ) فقال في وَصفِ الرُّوَاةِ: ومنهمْ زائغٌ عَن الحَقِّ - أي: عَن السُّنَّةِ- صادقُ اللَّهْجَةِ، فليس فيه حِيلةٌ إلاَّ أنْ يُؤخذَ من حَدِيثِه ما لا يكونُ مُنْكِرًا إذا لم يُقَوِّ بهِ بدعتَهُ. ا.هـ.

وما قالَهُ مُتَّجِهٌ؛ لأنَّ العِلَّةَ التي لها رُدَّ حَدِيثُ الدَّاعيةِ وارِدَةٌ فيما إذا كانَ ظاهِرُ المَرْوِيِّ يُوافقُ مذهبَ المبتدِعِ، ولوْ لم يكنْ دَاعِيةً، واللهُ أَعْلَمُ).

هيئة الإشراف

#3

29 Oct 2008

نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم

قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: ( (3)

البدعةُوصلَ الحافظُ إلى موضوعٍ كثُرَ فيه الكلامُ وهو البدعةُ.

قَسَّم الحافظُ البدعةَ قسمينِ:

- بدعةٌ مُكَفَّرَةٌ.

- وبدعةٌ مُفَسَّقَةٌ.

ثمَّ عادَ على القسمِ الأوَّلِ: بالنقضِ وقالَ: (التحقيقُ أنَّ قضيَّةَ التكفيرِ هذه ينبغي عزلُها) لأنَّ كلَّ طائفةٍ من الطوائفِ ربَّما تُكَفِّرُ الطائفةَ الأخرى، وقالَ: (الصحيحُ أنَّه لا يُكَفَّرُ إلا مَن أنكرَ أمرًا معلومًا مِن الشرعِ بالضرورةِ).

ثُمَّ أتى إلى البدعةِ غيرِ المُكَفَّرَةِ وذكرَ فيها أقوالاً، وَخَلُصَ إلى أنَّه يُفَرَّقُ:

-بينَ الداعيةِ.

-وغيرِ الداعيةِ.

وأنَّ الصحيحَ أنَّ خبرَ الداعيةِ لا يُقبلُ.

وأنَّ خبرَ غيرِ الداعيةِ يُقبلُ بشرطِ أنْ لا يرويَ ما يقوُّي بدعتَه.

والكلامُ في هذا الموضوعِ كثيرٌ.

والأَوْلَى: مِن تقسيمِ البدعةِ إلى: مُكَفِّرَةٍ، ومُفَسِّقَةٍ، أنَّ تُقسَّمَ إلى:

-بدعٍ مُغَلَّظَةٍ.

-وَبِدَعٍ مُخَفَّفَةٍ.

المُغَلَّظَةُ:

مثلُ: الجهميَّةِ، والغلوِّ في التشيُّعِ الذي يسمُّونَه الرفضَ.

والبدعُ المُخَفَّفَةُ:

مثلُ: القدرِ، أو النَّصبِ اليسيرِ، أو تفضيلِ عليٍّ، على عثمانَ رضي اللهُ عنهما، أو إرجاءٍ ونحوِ ذلكَ.


الخلاصةُ في موضوعِ البدعةِ:

الذي يظهرُ مِن صنيعِ الأئمَّةِ أنَّهم لم يُولُوا قضيَّةَ الابتداعِ في قبولِ الرِّوايةِ وردِّها أهميَّةً كبيرةً، وإنَّما الاعتمادُ عندَهم على صدقِ الراوي وضبطِه، فمتى ظهرَ صدقُه وعُرِفَ ضبطُه قُبلَتْ أحاديثُه وإنْ كان فيه شيءٌ مِن الابتداعِ، والتفريقِ بينَ الداعيةِ وغيرِه، وما إذا روى ما يُؤَيِّدُ بدعتَه أو لم يروِ ما يؤيِّد بدعتَه هذا فيه نظرٌ، فالعبرةُ بصدقِ الراوي وضبطِه.

وهنا ينبغي أنْ يُفَرَّقَ:

-بينَ تركِ الروايةِ عن المبتدعِ مِن أجلِ بدعتِه.

-ومِن أجلِ عقوبتِه.

-وبينَ ردِّ روايتِه.

فالراوي المُبْتَدِعُ إذا رُوِيَ عنه وكانَ صادقًا ضابطًا قُبِلَتْ أحاديثُه، ولكنَّ تركَ الروايةِ عنه مِن بابِ هجرِ المُبْتَدِعِ موضوعٌ آخرُ، وهذا الذي يظهرُ جمعًا بينَ أقوالِ الأئمَّةِ وصنيعِهم بأحاديثِ المُبْتَدِعَةِ).

هيئة الإشراف

#4

29 Oct 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد

قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: (روايَةُ الْمُبْتَدِعِ:

وهوَ: مَنْ وُصِفَ بأنَّهُ رَافِضِيٌّ، أوْ قَدَرِيٌّ، أوْ مُرْجِئٌ، أوْ جَهْمِيٌّ، أوْ خَارِجِيٌّ.

قَسَّمَ العُلماءُ البِدَعَ إلى قِسمَيْنِ:

1-بِدَعٍ بِدَعٌ مُكَفِّرَةٌ.

2-بِدَعٍ بِدَعٌ غيرِ غيرُ مُكَفِّرَةٍ.

1- البِدَعُ الْمُكَفِّرَةُ:

مثلُ: بِدعةِ التَّجَهُّمِ، والرافِضِيِّ الْغَالِي في رَفْضِهِ، وهوَ الذي يَقولُ بأنَّ في القرآنِ نَقْصاً، وأنَّ هناكَ قُرآناً غيرَ هذا القرآنِ، ويُصَرِّحُ بتَكفيرِ مُعْظَمِ الصحابةِ، أوْ يَدَّعِي أنَّ عَلِيًّا هوَ الإلهُ، فهذا الصِّنْفُ مِن الرُّواةِ رِوَايَتُهُمْ مَرفوضةٌ مَردودةٌ.

2- بِدَعٌ غيرُ مُكَفِّرَةٍ:

مِثْلُ: الإرْجَاءِ والقَدَرِ والتَّشَيُّعِ الخفيفِ.

القَدَرِيُّ:

وهوَ مَنْ يقولُ: إنَّنِي لوْ وَصَفْتُ وقُلْتُ: إنَّ اللَّهَ قدَّرَ الخيرَ والشرَّ على الناسِ، لأَصْبَحْتُ وَاصفاً للَّهِ بأنَّهُ ظالِمٌ.

وهيَ مَقولةٌ مُسْتَبْشَعَةٌ، وهوَ أَرادَ أنْ يُنَزِّهَ اللَّهَ عن الظُّلْمِ، وتَجِدُهُ في باقي أُمُورِهِ مُنْضَبِطاً.

الْمُرْجِئُ:

وهوَ مَنْ يَقولُ: إنَّ الأعمالَ لا تَدخُلُ في مُسَمَّى الإيمانِ، فالإيمانُ هوَ مُجَرَّدُ التصديقِ ولا تَدخلُ الأعمالُ فيهِ،

والإيمانُ لا يَزيدُ ولا يَنْقُصُ، وتأويلُهم ناشئٌ مِنْ أَخْذِهم بالإيمانِ بالمفهومِ اللُّغَوِيِّ.

فيقولونَ:

إنَّ اللَّهَ قالَ عنْ إِخوةِ يُوسُفَ: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا}[يُوسُف:17 يَعني: مُصَدِّقٍ لنا، فالإيمانُ يعني التصديقَ، وكَوْنُنا نُدْخِلُ الأعمالَ في مُسَمَّى الإيمانِ فهذا معنًى زائدٌ. هذا قَوْلُهم.

الْمُتَشَيِّعُ تَشَيُّعاً خَفيفاً:

وهوَ يُقَدِّمُ عَلِيًّا، على عثمانَ، ويُوجَدُ فيهم بُغْضٌ لِمُعاويَةَ وعمرِو بنِ العاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عنهما-، فَيُوصَفُ بأنَّهُ: فيهِ تَشَيُّعٌ.

الحافِظُ -رَحِمَهُ اللَّهُ- وَضَعَ قاعدةً اسْتَقَاهَا مِن ابنِ حِبَّانَ وغيرِهِ، لكنَّ ابنَ حِبَّانَ رَكَّزَ عليها في مُقَدِّمَةِ كتابِهِ: المَجْرُوحِينَ.

القـاعـدةُ:

نُفَرِّقُ بينَ الداعيَةِ وغيرِ الداعيَةِ، فإذا وَجَدْنا مَوصوفاً ببدعةٍ غيرِ مُكَفِّرَةٍ؛ كالقولِ بالقَدَرِ والإرجاءِ والتَّشَيُّعِ الخفيفِ، فنَنظُرُ إلى ذلكَ الراوي، هلْ هوَ داعٍ إلى بِدْعَتِهِ أوْ لا؟ فإنْ كانَ داعياً إلى بِدعتِهِ رَدَدْنَا رِوايتَهُ؛ لأنَّنا لوْ قَبِلْنَا رِوايتَهُ لكانَ ذلكَ تَأييداً لبِدعتِهِ، فما دامَ أنَّهُ رَأْسٌ في البِدعةِ فإنَّهُ تُتْرَكُ رِوايتُهُ كالتعزيرِ والنِّكَايَةِ بهِ.

أمَّا إذا لمْ يَكُنْ دَاعياً إلى بِدعتِهِ، فهذا عندَهم فيهِ قَيْدٌ، قالُوا: إنْ كانَ في حديثِهِ ما يُؤَيِّدُ بِدعتَهُ رَدَدْناهُ، ونَقبلُ أحاديثَهُ التي لا تُؤَيِّدُ بِدعتَهُ.

وهذا مَذْهَبٌ لبعضِ العُلماءِ إجمالاً، وفي المسألةِ تَفصيلٌ ليسَ هذا مَوْضِعَهُ).

هيئة الإشراف

#5

29 Oct 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: عبد العزيز السعيد (مفرغ)

القارئ: ( (ثم البدعة إما بمكفرٍ أو بمسقٍ،فالأول لا يقبل صاحبها الجمهور).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (وهذا سببٌ من أسباب الطعن في الراوي، وهي البدعة، والمؤلف رحمه الله يقسم البدعة بناءً على هذا التقسيم، يختلف الحكم على حديث الراوي وعلى عدالته فيقسمها قسمين:

القسم الأول:

البدعة المكفرة،فإذا ابتدع بدعة مكفرةً، مثلاً بدعة فيها شرك أكبر، فهذه بدعةٌ مكفرةٌ، فإذا روى حديثاً؛ فإن العلماء لا يقبلون حديثه؛ لأنه إذا كفر بهذه البدعة فقد أول شرطٍ من شروط العدالة وهو الإسلام.

لكن هذا إذا ثبت كفره كفراً أكبر مخرجاً من الملة، يعني: قامت عليه الحجة بدون شبهة كفر لا أعتقد أن أحداً موجود في الرواية مبتدع بدعة مكفرة غير متأول فيها، إلا ما ذكر عن بعض العلماء من رد بعض رؤوس القائلين بخلق القرآن.

والثاني: وهو صاحب البدعة المفسقة،

لا تخرجه عن الإسلام، هذا في حاله تفصيل.


القارئ: ( (والثاني يقبل إن لم يكن داعيةً في الأصح إلا إن روى ما يقوي بدعته فيرد على المختار وبه صرح الجوزجاني شيخ النسائي).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (صاحب البدعة المفسقة ينظر في حاله؛هل هو داعية أو غير داعية؟فإن كان داعية إلى البدعة؛ فإنه لا يقبل حديثه، وإن لم يكن داعية إلى البدعة؛ فإنه يقبل بشرط ألا يكون هذا الحديث الذي رواه يؤيد بدعته، فإذا كان مثلاً شيعياً ليس داعية إلى التشيع، وروى حديثاً فيه مثلاً مثالب عثمان رضي الله عنه، فلا يقبل حديثه، يتوقف في حديثه، أو لا يقبل.

لكن العمل في (الصحيحين) وغيرهما قبول الداعية أو غير الداعية، الإمام البخاري خرج لعمران بن حطان، رأس الخوارج ومقدمهم وداعيتهم، خرج له في (الصحيح)، لكن قال بعض العلماء: خرج البخاري لرؤوس الخوارج؛ لأن الخوارج يرون أن مرتكب الكبيرة كافر، فلذلك ما يكذبون، ولم يخرج عن المرجئة البخاري لأنهم يرون أن العمل ليس من الإيمان قد يكذبون، لكن الذي جرى عليه العمل وموجود في (الصحيحين) وغيرهما أن الراوي المبتدع وإن كان داعية؛ فإنه يخرج له ويصحح حديثه، ما لم يثبت عليه شيء خلاف بدعته هذه، يثبت عليه شيء غير البدعة هذه.

والعلماء رحمهم الله عندهم شيئان، الناس يخلطون بينهما كثيراً، يقرأ كلام العلماء ولا يفقه مراد العلماء.

النهي عن الرواية عن المبتدع، وشيءٌ آخر الحكم على رواية المبتدع، فإذا قرأت مثلا ابن المهدي، أو أحمد يقول: لا ترو عنه، أو يقول: فلان ضال، أو: لا تأخذوا عنه الحديث من أجل بدعته، هذا ما يعني أن الإمام أحمد يضعف روايته؛ لأن عصرهم كان عصر الرواية، وينهون عن الإتيان للمبتدع لأسبابٍ كثيرةٍ؛ منها مخافة التأثير على من يروي عنه فيقع في بدعته.

ومنها:

أنهم لا يريدون تكثير سواد أهل البدع.

ومنها:

أنهم ينهون عن ذلك؛ لئلا يظن من لا يعرف أن هذا على هدى وهو على ضلالة بدعة.

كذلك:

ينهون عنه؛ لأن الأحاديث لها طرق أخرى غير هذا الراوي.

كذلك:

ينهون عنه من باب الهجر؛ لأنه إذا ترك وهجر ربما يعود إلى السنة، إذا نهوا عن الإتيان للمبتدع أو غيره هذا لا يلزم منه تضعيف روايته، ولهذا ينهون عن البدع والمبتدعين ويصححون أحاديثهم إذا جاءت.

فإذا سئل مثلاً عالمٌ عن رجلٍ قال: كان شيعياً، كان رافضياً، أو كان خارجياً، هذا ما يلزم تضعيفه، ولا يوجد دليل على التضعيف لكن هذا بيان الحال التي هو عليها.

إذن أقوال العلماء إن رواية المبتدع مردودة، يعني: يضعف الحديث لأجل الراوي المبتدع، هذا قليلٌ من العلماء من يصنع ذلك.

ولهذا الكتب كثيرة التي فيها تصحيح أحاديث المبتدعة كثيرة).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#6

29 Oct 2008

العناصر

البدعة:

تعريف (البدعة)

حكم رواية المبتدع

التفريق بين رواية المبتدع الداعية إلى بدعته ورواية غيره

التفريق بين رواية المبتدع لما يدعو إلى بدعته وروايته لغير ذلك.

العبرة بصدق الراوي وضبطه

بيان المحذور المترتب على رد رواية المبتدع مطلقًا، والمحذور المترتب على قبول رواية المبتدع مطلقًا

أقسام البدعة:

القسم الأول: بدعة مكفرة

حكم قبول رواية صاحب البدعة المكفرة

أمثلة البدع المكفرة

القسم الثاني: بدعة مفسقة (غير مكفرة)

أمثلة البدع المفسقة

الأولى من تقسيم البدعة إلى مكفرة ومفسقة أن تقسم إلى بدع مغلظة وبدع مخففة

أمثلة البدع المغلظة

أمثلة البدع المخففة

تنبيه: فرق بين ترك رواية المبتدع وبين رد روايته

عبد العزيز بن داخل المطيري

#7

29 Oct 2008

الأسئلة

س1: عرف (البدعة) لغة واصطلاحاً.
س2: ما حكم رواية المبتدع؟
س3: ما المحذور المترتب على رد رواية المبتدع مطلقاً.
س4: اذكر أقسام البدع مع التمثيل.

هيئة الإشراف

#8

1 Apr 2010

شرح نخبة الفكر للشيخ عبد الكريم الخضير (مفرغ)

قال الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير: (من أسباب الطعن في الراوي البدعة:

أحسن الله إليك: "ثم البدعة إما بمكفر أو بمفسق، فالأول لا يقبل صاحبها الجمهور، والثاني يقبل من لم يكن داعية في الأصح، إلا إن روى ما يقوي بدعته فيرد على المختار، وبه صرح الجوزجاني شيخ النسائي".

يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "ثم البدعة إما بمكفر أو بمفسق، فالأول لا يقبل صاحبها الجمهور، والثاني يقبل من لم يكن داعية في الأصح، إلا إن روى ما يقوي بدعته فيرد على المختار، وبه صرح الجوزجاني شيخ النسائي"،

لما أنهى الحافظ -رحمه الله تعالى- الحديث عن الجهالة وأسبابها وأنواعها شرع في بيان السبب التاسع من أسباب الطعن في الراوي وهو البدعة، وسبق الحديث عنها من حيث تعريفها وتقسيمها، وهنا حكم رواية المبتدع، وهنا الكلام يقتصر على حكم رواية المبتدع.

حكم رواية المبتدع:

اختلف العلماء في الرواية عن الراوي المبتدع كالمرجئ والقدري والخارجي والرافضي وغيرهم في الاحتجاج بما يروونه على أقوال:

الأول: يرى جمع من أهل العلم أن رواية أهل البدع لا تقبل مطلقاً، وذلك لأنهم إما كفار وهذا في أهل البدع المغلظة، أو فساق لما ذهبوا إليه، وكلٌ من الكافر والفاسق مردود الرواية، فلا تقبل رواية المبتدع مطلقاً، وهذا القول مروي عن الإمام مالك والقاضي أبي بكر الباقلاني، واختاره الآمدي، و جزم به ابن الحاجب، وأيد هذا الرأي بأن في الرواية عن المبتدع ترويجاً لأمره، وتنويهاً بذكره، وقد رد ابن الصلاح هذا الرأي وقال: إنه مباعد للشائع عن أئمة الحديث، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة، يعني رد رواية المبتدع مطلقاً مخالف لما عليه العمل عند أهل العلم، فكتب السنة مملوءة بالرواية عن المبتدعة.

القول الثاني: يرى بعض العلماء التفصيل فإن كانت البدعة صغرى قبل وإلا فلا، وبهذا قال الحافظ الذهبي معللاً بأنه لو ردت مرويات هذا النوع –يعني من كانت بدعته صغرى- لذهب جملة من الآثار النبوية وفيه مفسدة بينة؛ لأن هذا النوع كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق، وقال: وإن كانت الكبرى –البدعة كبرى- كالرفض الكامل والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما، والدعاء إلى ذلك فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة، لا سيما ولست أستحضر الآن من هذا الضرب رجلاً صادقاً ولا مأموناً، بل الكذب شعارهم والنفاق والتقية دثارهم فكيف يقبل من هذا حاله؟ حاشا وكلا، هذا رأي الذهبي، التفريق بين البدعة الصغرى والبدعة الكبرى.

القول الثالث: وهو تفصيل أيضاً: وهو إن كان المبتدع داعية إلى مذهبه لم يقبل، وإلا قبل إن لم يروِ ما يؤيد بدعته، وهذا مذهب أكثر العلماء ونسبه الخطيب للإمام أحمد ورجحه ابن الصلاح، إن كان المبتدع داعية إلى مذهبه وبدعته لم يقبل وإلا قبل إن لم يروِ ما يؤيد بدعته، وهذا مذهب أكثر العلماء، ونسبه الخطيب البغدادي للإمام أحمد، ورجحه ابن الصلاح، بل نقل ابن حبان الاتفاق عليه، حيث قال في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي من الثقات، يقول: "وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كانت فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز، فإذا دعا إليها سقط الاحتجاج بأخباره"، "وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كانت فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز، فإذا دعا إليها سقط الاحتجاج بأخباره".

لكن قال السخاوي في فتح المغيث: "كلام ابن حبان ليس صريحاً في الاتفاق لا مطلقاً ولا بخصوص الشافعية" "ليس بين أهل الحديث من أئمتنا" من أئمتنا، قال السخاوي في فتح المغيث: "كلام ابن حبان ليس صريحاً في الاتفاق" ليس بين أهل الحديث خلاف، إذا ارتفع الخلاف وجد الاتفاق؟ نعم، إذا لم يوجد خلاف في المسألة فيوجد الاتفاق؟ نعم، لا ما يلزم، ما يلزم قد يوجد خلاف لكنه لم يقف عليه الناقل، قد يكون ما يسمى بالإجماع السكوتي مثلاً، ويقول: "ليس بين أهل الحديث من أئمتنا"، فليس النقل عن أهل الحديث كلهم، وليس النقل عن أئمتهم كلهم، واضح وإلا مو بواضح؟ لأنه يقول: "ليس بين أهل الحديث من أئمتنا"، فأهل الحديث أعم من أن يكونوا من أئمتهم الشافعية، وأئمتهم الشافعية أعم من أن يكونوا أهل حديث أو أهل فقه أو غير ذلك، ولذا قال السخاوي: "كلام ابن حبان ليس صريحاً في الاتفاق لا مطلقاً ولا بخصوص الشافعية".

وأضاف الجمهور إلى كونه غير داعية ألا يروي ما يؤيد بدعته، وبذلك صرح الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ أبي داود والنسائي في كتابه: (معرفة الرجال)، فقال في وصف الرواة: "ومنهم زائغ عن الحق، زائغ عن الحق، صادق اللهجة، فليس فيه حيلة إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكراً إذا لم يقوِ بدعته".

قال الحافظ: "وما قاله متجه؛ لأن العلة التي رد لها حديث الداعية واردة فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع ولو لم يكن داعية" قال الحافظ العراقي:

والأكثرون ورآه الأعدلا

فيه ابن حبّان اتّفاقاً ورووا

ردّوا دعاتهـم فقـط ونقـلا

عن أهل بدع في الصّحيح ما دعوا

مما يرد على هذا القول -رد حديث الداعية- يرد عليه تخريج البخاري لبعض الدعاة إلى البدع مثل عمران بن حطان، الذي قال فيه المبرد: "كان رأس القعدية من الصفرية وخطيبهم وشاعرهم"، قال ابن حجر: "إنه كان داعية إلى مذهبه"، عمران بن حطان داعية إلى مذهب الخوارج ومع ذلكم خرج له البخاري، وابن حجر يقول: "ما المانع أن يخرج لمثل هذا وإن كان داعية؟ لأن الخوارج عرفوا بصدق اللهجة"، الخوارج عرفوا بصدق اللهجة، لماذا؟ لأن الكذب عندهم كبيرة، والكبيرة مكفرة، تخرج من الملة عند الخوارج، فعلى هذا يقبل حديث الخوارج ولو كانوا دعاة على كلام الحافظ؛ لأن الخوارج عرفوا بصدق اللهجة بخلاف الروافض، لكن العيني في عمدة القاري وهو يرد على الحافظ يقول: "أي صدق في لهجة مادح قاتل علي؟" الذي يمدح قاتل علي هل هذا يسمى صادق اللهجة؟ نعم؟ الذي يمدح قاتل علي -رضي الله عنه- يقال عنه: إنه صادق اللهجة؟ نعم، أقول: كلام الحافظ يقول: إن الخوارج عندهم صدق في اللهجة وهذا صحيح، هم من أصدق الطوائف، وشيخ الإسلام يقول ذلك، عندهم صدق في اللهجة، لكن العيني يرى مستدركاً على الحافظ ابن حجر أن كلامه ليس بصحيح لماذا؟ لأن عمران بن حطان على وجه الخصوص من هؤلاء الخوارج يمدح قاتل علي، والذي يمدح قاتل علي يسمى صادق؟ نقول: من وجهة نظره، من وجهة نظره يرى أن هذا هو الحق فيمدح الحق، فيمدح الحق، وهو مخطئ في زعمه ووهمه، لا شك أنه مخطئ ضال، لكن الصدق شيء، والضلال شيء آخر؛ لأنه قد يوجد الصدق عند بعض الضلال، وهو موجود حتى في الكفار، يوجد منهم من يصدق، والكذب قد يوجد بل هو موجود، وإن كان الأصل في المسلم أنه لا يكذب، لكن يوجد في المسلمين من يكذب، وهذا ما دعا ابن حزم أن يقول: "الداعية أولى بالقبول من المقلد" لماذا؟ " الداعية أولى بالقبول من المقلد" هذا كلام ابن حزم، جماهير الأمة على أن الداعية لا يقبل وابن حزم يقول: "الداعية أولى بالقبول من المقلد" لماذا؟ لأنه ينصر ما يراه حق، ينصر ما يراه حق الداعية، لكن كلامه مرجوح، بل مردود، وجماهير الأئمة على أن الداعية غير مقبول، وأما الخوارج على وجه الخصوص فيقبلون؛ لأنهم عرفوا بالصدق.

القول الرابع: تفصيل أيضاً: وهو أنه إن كان المبتدع يستحل الكذب لنصرة مذهبه لم يقبل وإلا قبل؛ لأن اعتقاد حرمة الكذب يمنع من الإقدام عليه فيحصل الصدق، وممن قال بهذا الإمام الشافعي، فقد روى الخطيب عنه قوله: "تقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية، "تقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم".

وحكاه الخطيب عن ابن أبي ليلى وسفيان الثوري وأبي يوسف القاضي، ونسبه الحاكم لأكثر الأئمة، الذي يستحل الكذب على هذا القول لا يقبل، لكن نرجع إلى أصل المسألة هو أن الخلاف في البدعة غير المكفرة، واستحلال الكذب مكفر وإلا غير مكفر؟ نعم مكفر، فلا ينبغي أن يدخل مثل هؤلاء في الخلاف، قال الحافظ العراقي:

وقيل: بل إذا استحلّ الكذبا

للشّـافعيّ إذ يقول: أقبل

نصـرة مذهـب لـه ونسـبا

مـن غير خطّابيّـة مـا نقلـوا

لكن قال الشيخ أحمد شاكر: "هذا المذهب فيه نظر؛ لأن من عرف بالكذب ولو مرة لا تقبل روايته، فأولى أن ترد رواية المستحل للكذب".

والقول الخامس: يرى جماعة من أهل النقل والمتكلمين، يرى جماعة من أهل النقل والمتكلمين أن أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة، سواءً كانوا فساقاً أو كفاراً بالتأويل، قال ابن حجر في شرح النخبة: "والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته، والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع، معلوماً من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه، فأما من لم يكن بهذه الصفة، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله"، هذا موجود في النزهة.

وأما ابن الصلاح فلم يدخل من كفر ببدعته في الخلاف أصلاً، ابن الصلاح لم يدخل من كفر ببدعته في الخلاف أصلاً، بل حصر الخلاف فيمن لا يكفر ببدعته، وتبعه على ذلك الحافظ العراقي فقال:

والخلف في مبتـدع مـا كفّرا

قيل: يـردّ مطلقاً واسـتنكرا


خلف -يعني الخلاف- في مبتدع ما كفرا، أما الذي يكفر ببدعته فلا خلاف فيه، قيل: يرد مطلقاً واستنكراً، واختار الصنعاني في شرحه على نظم النخبة له أن يجعل المعيار في قبول الرواية الصدق، ويطرح رسم العدالة وغيره؛ لأن قبولهم رواية الدعاة إلى البدع كعمران بن حطان يقوي القول بقبول المبتدع مطلقاً إذا كان صدوقاً.

ورجح الشيخ أحمد شاكر ما حققه الحافظ ابن حجر وقال: إنه الحق الجدير بالاعتبار، ويؤيده النظر الصحيح، أنه لا يرد كل مكفر ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه، فأما من لم يكن بهذه الصفة وانظم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله.

عندنا معيار نزن به ونقيس، وهو اتباع الكتاب والسنة، فبقرب الإنسان من هذا المعيار وبقدر قربه من الكتاب والسنة يكون قربه من الحق وبمقدار بعده عن الكتاب والسنة يكون بعده عن الحق، يعني كون الرافضة يكفرون أهل السنة، وأهل السنة يكفرون الرافضة، والخوارج مختلف في تكفيرهم وكذا، هل يعني هذا أن الحق ضائع بين هؤلاء؟ نعم، كلام ابن حجر قد يفهم منه أن الأمة فيها شيء من الضياع في الأحكام، لا، إحنا عندنا {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ} [ (59) سورة النساء] هذا هو المقياس والميزان الذي يوزن به الناس أفراد وجماعات الكتاب والسنة، والعبرة بأحكام أهل العلم الملتزمين لنصوص الكتاب والسنة، فإذا كفر ببدعته لبعده عن الكتاب والسنة فمثل هذا لا يروى عنه، والله المستعان.

وعلى كل حال من كفر ببدعته لا ينبغي أن تقبل روايته، بل لا ينبغي أن يدخل في الخلاف أصلاً، نعم، اقرأ).