الدروس
course cover
مدرج الإسناد، ومدرج المتن
25 Oct 2008
25 Oct 2008

8873

0

0

course cover
شرح نخبة الفكر

القسم الثالث

مدرج الإسناد، ومدرج المتن
25 Oct 2008
25 Oct 2008

25 Oct 2008

8873

0

0


0

0

0

0

0

مدرج الإسناد، ومدرج المتن

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (ثُمَّ المُخَالَفَةُ إِنْ كَانَتْ بِتَغْيِيرِ السِّيَاقِ: فَمُدْرَجُ الإِسْنَادِ.

أَوْ بِدَمْجِ مَوْقُوفٍ بِمَرْفُوعٍ: فَمُدْرَجُ المَتْنِ).

هيئة الإشراف

#2

29 Oct 2008

نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (1)

وهو القِسْمُ السَّابِعُ (إِنْ كَانَتْ) واقِعَةً (بِـ) سببِ (تَغْيِيرِ السِّيَاقِ) أي: سِيَاقِ الإِسْنَادِ (فَـ) الوَاقِعُ فيه ذَلِكَ التَّغْيِيرُ هو (مُدْرَجُ الإِسْنَادِ)

وهو أقْسامٌ:

الأولُ: أن يَرْوِيَ جماعةٌ الحَدِيثَ بِأَسَانِيدَ مُخْتَلِفَةٍ، فيَرْوِيَهِ عنهمْ راوٍ، فيجْمَعَ الكُلَّ على إسنادٍ واحدٍ من تلكَ الأسانيدِ ولا يُبَيِّنَ الاخْتِلافَ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ المَتْنُ عندَ راوٍ إلاَّ طَرَفًا منه فإنَّهُ عندَهُ بإسنادٍ آخَرَ، فيَرْوِيهِ راوٍ عنه تَامًّا بالإِسْنَادِ الأولِ.

ومنه أنْ يَسْمَعَ الحَدِيثَ من شَيْخِه إلاَّ طَرَفًا منه فَيَسْمَعَهُ عَن شَيْخِهِ بِوَاسِطَةٍ فيَرْوِيه راوٍ عنهُ تَامًّا بِحَذْفِ الوَاسِطَةِ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ عندَ الرَّاوي مَتْنَانِ مُخْتَلِفَانِ بِإِسْنَادَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فيَرْوِيَهما راوٍ عنهُ مُقْتَصِرًا على أَحَدِ الإِسْنَادَيْنِ، أو يَرويَ أحدَ الحَدِيثَيْنِ بإسنادِه الخَاصِّ بهِ لكنْ يَزِيدُ فيه من المَتْنِ الآخَرِ ما ليسَ في الأولِ.

الرَّابِعُ: أنْ يَسُوقَ الرَّاوي الإِسْنَادَ فَيَعْرِضَ له عارضٌ فيقولَ كَلامًا من قِبَلِ نفْسِه، فيَظُنَّ بعضُ مَن سَمِعَه أنَّ ذَلِكَ الكَلامَ هو مَتْنُ ذَلِكَ الإسنادِ، فيَرْوِيَهِ عنهُ كذَلِكَ.

هَذِهِ أَقْسَامُ مُدْرَجِ الإِسنَادِ.

وأَمَّا مُدْرَجُ المَتْنِ: فهو أنْ يقَعَ في المَتْنِ كَلامٌ ليسَ منه، فَتَارَةً يكونُ في أولِه، وتَارَةً في أَثْنَائِه وتَارَةً في آخِرِهِ وهو الأَكْثَرُ؛ لأنَّه يقعُ بعَطْفِ جُمْلَةٍ على جُمْلَةٍ.

(2) (أو بِدَمْجِ مَوْقُوفٍ)

من كَلامِ الصَّحَابَةِ أو مَن بَعْدَهم (بِمَرْفُوعٍ) مِن كَلامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن غيرِ فَصْلٍ، (فَـ) هَذَا هو (مُدْرَجُ المَتْنِ).

ويُدْرَكُ الإدْرَاجُ:

-بِوُرُودِ رِوَايةٍ مُفَصَّلَةٍ للقَدْرِ المُدْرَجِ مَمَّا أُدْرِجَ فيه.

-أو بالتَّنْصِيصِ على ذَلِكَ من الرَّاوي.

-أو من بعضِ الأئِمَّةِ المُطَّلِعينَ.

-أو باسْتِحَالَةِ كونِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ يقولُ ذَلِكَ.

وقد صنَّفَ الخَطِيبُ في المُدْرَجِ كِتَابًا وَلَخَّصْتُهُ وَزِدْتُ عليه قَدْرَ ما ذَكَرَ مَرَّتَيْنِ أو أَكْثَرَ وللهِ الْحَمْدُ).

هيئة الإشراف

#3

29 Oct 2008

نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم

قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: (الحديثُ المدرجُ:

سردَ الحافظُ أنواعًا مِن المردودِ بسببِ طعنٍ في الراوي، أرجعَها كُلَّها إلى سببٍ واحدٍ من أسبابِ الطعنِ في الراوي وهو (المخالفةُ)، ابتدأَ هذه الأنواعِ بالْمُدْرَجِ، والمُلاَحظُ أنَّ هناكَ تداخلاً كبيرًا بينَ (المُخَالَفَةِ)، والسببِ الذي قَبْلَه وهوَ (الوهمُ)، وبينَ المخالفةِ والأسبابِ الثلاثةِ التي تولَّدَ منها المُنْكَرُ؛ ولهذا فإنَّ أنواعَ المخالفاتِ التي سردَها مبتدئًا بالْمُدْرَجِ كُلُّهَا يصحُّ أنْ يقالَ فيها: إنها داخلةٌ في المُعَلَّلِ، بشرطِ أنْ تكونَ هذه المخالفةُ واقعةً مِن ثقةٍ، فإنْ كانتْ مِن غيرِ ثقةٍ فإنَّها تدخلُ في المُنْكَرِ.

ونصَّ الحافظُ في كتابِه (النُّكَتُ)، أنَّ المُدْرَجَ وغيرَه - مِن صورِ التغييرِ في الإسنادِ - داخلةٌ في المُعَلَّلِ والشاذِّ؛ فكلُّ مُدْرَجٍ مَعَلَّلٌ إذا كانت العلَّةُ مِن ثقةٍ، وليسَ كلُّ مُعَلَّلٍ مُدْرَجًا؛ لأنَّ العلَّةَ قد تكونُ بغيرِ الإدراجِ، والأسهلُ على المرءِ فَهْمُهَا على أنَّها متداخلةٌ؛ لأنَّكَ عندَما تقرأُ في كتبِ الأئمَّةِ لنْ تحتاجَ في ذهنِكَ إلى التقسيمِ والتفريقِ.

فإذا قلْنَا: الإدراجُ، والإبدالُ، والقلبُ، فكلُّها إنْ كانتْ من راوٍ ثقةٍ فهي داخلةٌ في المُعَلَّلِ، بلْ إنَّها تُرَسِّخُ أهمَّ عِلْمٍ مِن علومِ الحديثِ وهوَ المُعَلَّلُ؛ لأنَّ كلَّ مثالٍ سيمرُّ بنا الآنَ ممَّا وقعَ مِن الثِّقَاتِ فهوَ داخلٌ في المُعَلَّلِ، فإنْ وقعَ مِن ضعيفٍ فهو داخلٌ في المُنْكَرِ، ومرَّ بنا أنَّ الشاذَّ يعني المُعَلَّلَ فتكونُ أيضًا مِن أمثلةِ الشذوذِ، ويبقى عليكَ عندَ قراءةِ كتبِ الأئمَّةِ أنْ تفهمَ السياقَ: ماذاَ يريدُ الإمامُ بهذا المصطلحِ؟

عندَما يقولُ أحدُهم: معلولٌ، والآخر يقولُ: مُدْرَجٌ، فَتْعَرِفُ أنهما واحدٌ، وإذا قالَ أحدُهما: شاذٌّ، والثاني: مقلوبٌ، تعرفُ أنهما بمعنىً واحدٍ، ولكنَّ الأوَّلَ ذكرَه باسمِه الخاصِّ.


قَسَّمَ الحافظُ المُدْرَجَ قسمينِ:

قِسْمًا في الإسنادِ.

- وَقِسْمًا في المتنِ.

(1) إنَّ تقسيمَ المُدْرَجِ إلى:

- مُدْرَجِ المتنِ.

ومدرجِ الإسنادِ مِن بابِ التوسعِ في المصطلحاتِ، والذي اهتمَّ به العلماءُ وينصُّونَ على أنَّهُ مدرجٌ ما كانَ مِن مُدْرَجِ المتنِ، فإذا أُطْلِقَ (مدرجٌ) فالذي يريدُه الأئمَّةُ هو مُدْرَجُ المتنِ.

قلْنَا: إنَّ مُدْرَجَ الإسنادِ قَسَّمهُ الحافظُ أربعةَ أقسامٍ، قسمانِ منها الأَوْلَى أنْ يُلْحَقَا بِمُدْرَجِ المتنِ، وهما الثاني والثالثُ، وَجَعَلَهُمَا الحافظُ مِن مدرجِ الإسنادِ تبعًا للخطيبِ في كتابِه (الفصلُ للوصلِ المُدرجِ في النقلِ)،

وبقي قسمانِ مِن مُدْرَجِ الإسنادِ وهما:

الأَوَّلُ والرابعُ،أمَّا الرابعُ فبعضُ الأئمَّةِ لا يسمِّيه مُدْرَجًا، سمَّاهُ ابنُ حِبانَ، بالمُدْرَجِ، وابنُ الصَّلاحِ: شبيهًا بالموضوعِ، ويمثِّلُونَ له بمثالٍ واحدٍ: دَخلَ ثابتٌ الزاهدُ على شريكٍ الحافظِ وهوُ يحدِّثُ، ساقَ شريكٌ الإسنادَ إلى النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولمَّا دخلَ عليه ثابتٌ ورأى وجهَهُ قالَ شريكٌ: (مَنْ كَثُرَتْ صلاتُه بالليلِ حَسُنَ وجهُه بالنهارِ)، فثابتٌ سمعَ الإسنادَ وسمعَ المتنَ، فظنَّ أنَّ هذا الإسنادَ لهذا المتنِ، وشريكٌ يُحدِّثُ بهذا الإسنادِ، ثمَّ قطعَ التحديثَ، وحدّثَ الحاضرينِ بوصفِ ثابتٍ، وألحقَ ابنُ حجرٍ هذا بالإدراجِ إذ أنه أدرجَ الإسنادَ معَ هذا المتنِ، هذا القسم قليلٌ جدًّا ويتداولُ العلماءُ هذا المثال الواحدَ.

- بقي معنا مِن مدرجِ الإسنادِ الأَوَّلُ،قالَ ابنُ حَجَرٍ في تعريفِه: أنْ يرويَ جماعةٌ الحديثَ بأسانيدَ مختلفةٍ فيرويه عنهم راوٍ فَيُجْمِعُ الكلُّ على إسنادٍ واحدٍ من تلكَ الأسانيدِ ولا يبيِّنُ الاختلافَ.

مثالُ ذلكَ:روى عبدُ الرحمنِ بنُ مهديٍّ، عن سفيانَ الثوريِّ، عن الأعمشِ، ومنصورُ بنُ المعتمرِ، وواصلٌ الأحدبُ، عن أبي وائلٍ شقيقِ بنِ سلمةَ، عن عمرِو بنِ شرحبيلَ، عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ: ((أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ: أيُّ الذنبِ أعظمُ؟ …..))، الرواةُ الآخرونَ غيرُ عبدِ الرحمنِ بنِ مهديٍّ يروونَه عن سفيانَ، عن الأعمشِ، ومنصورٌ، وواصلٌ، عن أبيوائلٍ.

- أمَّا الأعمشُ، ومنصورٌ، فيقولانِ: عن أبي وائلٍ، عن عمرِو بنِ شرحبيلَ، عن ابنِ مسعودٍ.

- وأمَّا واصلٌ فيقولُ: عن أبي وائلٍ، عن ابنِ مسعودٍ، بدونِ عمرِو بنِ شرحبيلَ، فالآنَ عبدُ الرحمنِ بنُ مهديٍّ عندَ ما روى عن سفيانَ الثوريِّ أدرجَ روايةَ واصلٍ مع روايةِ الأعمشِ ومنصورٍ معَ أنَّ روايةَ الأعمشِ، ومنصورٍ فيها زيادةُ عمرِو بنِ شرحبيلَ، عرفنا هذا الإدراجَ من روايةِ يحيى القطانِ وغيرِه حيثُ رووه عن سفيانَ الثوريِّ مفصَّلاً: يرويه سفيانُ عن الأعمشِ،ومنصورٌ، عن أبي وائلٍ، عن عمرِو بنِ شرحبيلَ، عن ابنِ مسعودٍ.

ويرويه عن واصلٍ، عن أبي وائلٍ، عن ابنِ مسعود مباشرةً، إذن عبدُ الرحمنِ بنُ مهديٍّ الآنَ خالفَ أصحابَ سفيانَ.

- وكذلكَ:الرواةُ عن الأعمشِ، ومنصورٍ، وواصلُ يُفَصِّلُونَ،فيجعلونَ روايةَ الأوَّلِينَ بزيادةِ عمرِو بنِ شرحبيلَ، وروايةَ الأخيرِ بحذفِه.

يقولونَ: إنَّ سفيانَ عندَما حدَّث عبدُ الرحمنِ جمعَ الأسانيدَ، ويَحتملُ أنْ يكونَ عبدُ الرحمنِ هو الذي جمعَها، وظنَّ أنَّ روايةَ واصلٍ، كروايةِ الآخرينَ.

جعلَ الحافظُ ما هذه صورتُه إدراجَ إسنادٍ، لكنَّ الأئمَّةَ يعبِّرُونَ عن هذا فيقولونَ: حملَ روايةَ واصلٍ على روايةِ الأعمشِ ومنصورٍ، والصحيحُ الفصلُ بينهما.

القسمُ الثاني:

مِن المُدْرَجِ وهو المُهِمُّ عندَ الأئمَّةِ:مُدْرَجُ المتنِ،

ومعناه: أنْ يُدخِلَ في المتنِ ما ليسَ منه بلا تمييزٍ، وهذا الذي أُدخلَ في المتنِ قد يكونُ مِن كلامِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد يكونُ مِن كلامِ غيرِه، معنى كونِه مدرجًا معَ أنَّه مِن كلامِهِ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ أي: أنَّ هذا اللفظَ المعيَّنَ أُدخِلَ في الحديثِ وهو مِن حديثٍ آخرَ، ولهذا صورٌ متعدِّدَةٌ، ذكرَ بعضَها ابنُ حجرٍ في القسمينِ الثاني والثالثِ مِن مدرجِ الإسنادِ كما سردَها هو، والتمثيلُ لجميعِ هذه الصورِ فيه طولٌ، واكْتَفَى بالتمثيلِ لصورةٍ منها، وهي أنْ يسمعَ الحديثَ مِن شيخِه إلا جزءًا منه يسمعُه عن شيخِه بواسطةٍ، فيرويه راوٍ عنه تامًّا بحذفِ الواسطةِ:

مثالُ ذلكَ:

روى بعضُ الرواةِ عن حميدٍ الطويلِ، عن أنسٍ في قصَّة العرنيينِ أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ أمرَهم أنْ يَخْرُجُوا مع الذودِ فيشربوا مِن ألبانها، كانَ حميدٌ يقولُ: وقالَ قتادةُ، عن أنسٍ: ((وأبوالُها))، فهذه جاءتْ من رواية قتادةَ، وبعضُ الرُّواةِ عن حميدٍ ربما جعلُوها أيضًا عن حميدٍ، عن أنسٍ، فيقالُ: أَدْرَجُوا في روايةِ حميدٍ ما ليسَ منها.

وَقَسَّمَ الحافظُ مدرجَ المتنِ ثلاثةَ أقسامِ بحسبِ وقوعِ الإدراجِ، وذكرَ أنَّ أكثرَ الإدراجِ ما يقعُ في آخرِ المتنِ، وذكرَ في غيرِ هذا الكتابِ أنَّه بَحَثَ عن:

- مُدْرَجٍ في أوَّلِ المتنِ فما وقفَ إلا على حديثِ: ((أَسْبِغُوا الوضوءَ، ويلٌ للأعقابِ مِن النارِ)).

- حديثُ أبي هريرةَ، فإنَّ قولَه: ((أَسْبِغُوا الوضوءَ)) الصحيحُ فيه أنَّه مِن كلامِ أبي هريرةَ، وجعلَه بعضُهم مِن كلامِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ.

ثمَّ ذكرَ الحافظُ الأشياءَ التي يُدْرَكُ بها الإدراجُ، فقالَ:

-يُدْرَكُ بورودِ روايةٍ مُفَصِّلَةٍ للقدرِ المُدْرَجِ عمَّا أُدْرِجَ فيه، يعني ينصُّ على قولِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ بعدَه ينصُّ على قائلِ الكلامِ المُدْرَجِ، فيقالُ مثلاً: قال أبو هريرةَ، مثلُ حديثِ: ((للعبدِ المَمْلُوكِ أَجْرَانِ، والذي نفسي بيدِهِ لولا الحجُّ، والجهادُ، وبرُّ أمِّي، لأحببتُ أنْ أموتَ وَأَنَا مملوكٌ)).

فقولُه ((والذي نفسي بيدِه..)) مِن كلامِ أبي هريرةَ، واستحالَ أنْ يكونَ مِن كلامِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، ووردَ في بعضِ الرواياتِ النصُّ على أنَّ قائلَه هو أبو هريرةَ.

- ومثلُ حديثِ: ((أَسْبِغُوا الوضوءَ))، وردَ مُفَصَّلاً في رواياتٍ يقولُ فيها أبو هريرةَ: أَسْبِغُوا الوضوءَ فإنِّي سمعتُ خليلي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ((ويلٌ للأَعقابِ مِن النَّارِ)).

بالتنصِيصِ على ذلكَ مِن الراوي الذي هو صاحبُ الكلامِ، مثلُ: الحديثِ الذي رواه ابنُ مسعودٍ: قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلَّمَ كلمةً، وقلتُ أنا الأخرى، قالَ: ((مَن ماتَ وهوَ يشركُ باللهِ شيئًا دخلَ النارَ))، وقلتُ أنا: مَن ماتَ لا يشركُ بالله شيئًا دخلَ الجنَّةَ، فهذا التنصيصُ مِن الصحابيِّ الذي هو الراوي، مع التنبيهِ إلى أنَّه أحيانًا تأتي الكلمةُ مُدْرَجَةً مِن كلامِ الصحابيِّ في الحديثِ، ولكنَّها في حديثِ آخرَ مِن كلامِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، فإنَّ هذه الكلمةَ التي قالَها ابنُ مسعودٍ من قِبَلِ نفسِه قد صحَّت مِن حديثِ جابرٍ عندَ مسلمٍ، ولكنْ لعلَّ ابنَ مسعودٍ لم يسمعْها مِن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَها مِن قِبَلِ نفسِه، ووافقَ قولُه قولَ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ.

باستحالةِ كونِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ ذلكَ، مثلُ: كلامِ أبي هريرةَ الذي مرَّ: (والذي نفسي بيدِه …)؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلَّمَ ليسَ له أمٌّ يَبِرُّهَا.

- وأيضًا لأنَّه يستحيلُ أنْ يتمنَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرِّقَ على الحريَّةِ.

أو مِن بعضِ الأئمَّةِ المطَّلِعِينَ، فينصُّ إمامٌ حافظٌ مُطَّلِعٌ على أنَّ هذاَ الكلامَ ليسَ مِن كلامِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إمَّا لأنَّه وَقَفَ على روايةٍ مَفْصُولَةٍ أوْ بخبرتِه وكثرةِ ممارستِه لحديثِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَيَعْرِفُ أنَّ هذا ليسَ مِن كلامِه.

مثلُ حديثِ: ((الطَّيَرَةُ شِرْكٌ وما مِنَّا إلا، ولكنَّ اللهَ يُذْهِبُه بالتوكُّلِ))، فمعنى (وما مِنَّا إلا) أي: إلا يتطيَّرُ، فهذا قال البخاريُّ: إنَّه - ما بينَ القوسينِ - مِن كلامِ ابنِ مسعودٍ.

ودعوى الإدراجِ في جميعِ صورِها ربَّمَا اكْتُفِيَ فيها بغلبةِ الظنِّ بِنَاءً على القرائنِ التي تتوافرُ للإمامِ، وغلبةُ الظنِّ هذه مردُّها إلى اجتهادِ الإمامِ، وربَّمَا خُولِفَ في ذلكَ، فليسَ كلُّ كلمةٍ سواءٌ كانت مِن كلامِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أو مِن كلامِ غيرِه ادُّعِيَ فيها الإدراجُ؛ فالراجِحُ قولُ مَن حَكَمَ بالإدراجِ، بلْ ربَّمَا ترجَّحَ غيرُه، كما في حديثِ: ((الشُّفْعَةُ في كُلِّ ما لمْ يُقسَمْ؛ فإذا وقعت الحدودُ، وصُرِّفت الطرقُ فلا شُفْعَةَ))رواه البخاريُّ، قالَ بعضُ الأئمَّةِ: قولُه: ((إذا وقعت الحدودُ وصُرِّفَت الطرقُ)) مِن قولِ جابرٍ، ورجَّحَ أئمَّةٌ آخرونَ أنَّ الجميعَ مرفوعٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

ملاحظةٌ:

هناكُ حُفَّاظٌ نصَّ عليهم الأئمَّةُ أنهم يزيدونَ في المتونِ، بمعنى أنهم يشرحونَ الغريبَ مثلاً، أو يوردونَ في أثناءِ الحديثِ أو بعده ألفاظًا أخرى لها مناسبةٌ في الحديثِ، مثلُ: الزهريِّ، فإذا مرَّ مثلُ هذا الراوي فهذا مِن قرائنِ الإدراجِ عندَ الاختلافِ).

هيئة الإشراف

#4

29 Oct 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد

قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: (القِسـمُ الخامِسُ:

(1) (المُخَالَفَةُ).

وهيَ مِنْ أنواعِ الطُّعُونِ في الحفْظِ، والأغلَبُ في هذا النوعِ الذي هوَ الْمُدْرَجُ أنْ يكونَ فيهِ مخالَفَةٌ، وليسَ مِن الضرورةِ أنْ يكونَ في الأحاديثِ التي قِيلَ عنها: إنَّ فيها إِدراجاً أنْ يكونَ ذلكَ فيهِ مُخَالَفَةٌ، فقدْ يكونُ الْحَدِيثُ ما رُوِيَ إلاَّ مِنْ طريقٍ واحدٍ، وفيهِ إِدْرَاجٌ، ولا تَجِدُ طريقاً أُخْرَى ليسَ فيها ذلكَ الإدراجُ، فهذا لا يُعْتَبَرُ فيهِ مخالَفَةٌ، وإنَّما أُطْلِقَ عليهِ الْمُخَالَفَةُ بِناءً على غالِبِ أحوالِهِ.

هذا النوعُ يُقالُ لهُ: الْمُدْرَجُ، ومعناهُ: الْمُدْخَلُ، فلوْ نَقَلَ عنكَ شخْصٌ كلاماً، وأَدْخَلَ فيهِ كلاماً منهُ؛ فإنَّهُ يُقالُ: أَدْرَجَ في كلامِكَ ما ليسَ منهُ.

فالإدراجُ:

تَغييرُ سِياقِ الإسنادِ، أوْ إدخالُ لَفْظَةٍ في مَتْنِ الْحَدِيثِ.


والإدراجُ قِسمانِ:

1-مُدْرَجٌ في السنَدِ.

2-مدْرَجٌ في الْمَتْنِ.

أوَّلاً: مُدْرَجُ السنَدِ.

وقدْ ذَكَرَ الحافِظُ كلاماً في أقسامِ الْمُدْرَجِ في السنَدِ، خُلاصتُهُ:

(أنَّهُ إذا جاءنا حديثٌ مِن الأحاديثِ يُرْوَى بسنَدٍ مُعَيَّنٍ، وحديثٌ آخَرُ يُرْوَى بسنَدٍ آخَرَ، فأُدْخِلْ هذانِ الْحَدِيثانِ بعضُهما في بعضٍ بأَحَدِ الإسنادَيْنِ، فهذا يُسَمَّى (مُدْرَجَ السَّنَدِ).

مِثالُهُ:

إذا جاءنا حديثُ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ))، وحديثٌ آخَرُ: ((مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ))، ولْيَكُنْ كِلا الْحَدِيثَيْنِ يَرْوِيهِمَا سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، لكنَّ سُفيانَ يَرْوِي الأَوَّلَ: عنْ يحْيَى بنِ سَعيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عنْ مُحَمَّدِ بنِ إبراهيمَ التَّيْمِيِّ، عنْ عَلقمةَ بنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، عنْ عمرَ بنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ- عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ، ويَرْوِي الْحَدِيثَ الثانيَ: بإسنادٍ آخَرَ.

فجاءَ أحَدُ الرُّواةِ ورَوَى الْحَدِيثَيْنِ عنْ سُفيانَ بالإسنادِ الأَوَّلِ، وهوَ حديثُ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)) فهذا مِثالُ (مُدْرَجِ السنَدِ)؛ لأنَّهُ أَدْرَجَ إسناداً، واكتَفَى بأَحَدِ الإسنادَيْنِ عنْ ذِكْرِ الآخَرِ.

مِن الأنواعِ أيضاً:

أنْ يكونَ الْحَدِيثُ،

مِثلَ حديثِ: ((إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ)). وهوَ أَخْرَجَهُ البُخاريُّ عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ يُوسُفَ، عنْ مالِكٍ، عنْ أبي الزِّنَادِ، عن الأَعْرَجِ، عنْ أبي هُريرةَ مَرفوعاً.

لكنَّ لَفْظَةَ (إِحْدَاهُنَّ) أوْ ((أُولاهُنَّ بِالتُّرَابِ)) لم تَرِدْ في هذا الإسنادِ، ولكنَّ هذهِ اللَّفْظَةَ يَرْوِيهَا مالِكٌ بسَنَدٍ آخَرَ عنْ نافِعٍ، عن ابنِ عمرَ مَرفوعاً الْحَدِيثَ.

وفيهِ: ((أُولاهُنَّ)) أوْ ((إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ)).

فجاءَ أحَدُ الرُّواةِ ورَوَى الْحَدِيثَ عنْ مالِكٍ، عنْ أبي الزِّنَادِ، عن الأَعْرَجِ، عنْ أبي هُريرةَ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ قالَ: ((إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ))، معَ أنَّهُ ليسَ في حديثِ أبي هريرةَ: ((إِحْدَاهُنَّ)) أوْ ((أُولاهُنَّ بِالتُّرَابِ))، لكنَّ الراويَ تَسَمَّحَ؛ لأنَّ مَالِكاً يَرْوِي كِلا الْحَدِيثَيْنِ، فهذا مِنْ أنواعِ الإدراجِ في الإسنادِ.

ومِنْ أنواعِهِ أيضاً:

أنْ يَرْوِيَ الْحَدِيثَ أشخاصٌ مُتَعَدِّدُونَ عنْ شَيْخٍ واحدٍ.

لكنَّ هذا الراويَ

الأَوَّلَ: رواهُ بلَفْظٍ أطْوَلَ.

والثانيَ: رواهُ بلَفْظٍ مُخْتَصَرٍ.

والثالثَ: رواهُ بلَفْظٍ عِنْدَهُ زِيادةٌ على السابِقَيْنِ.

فيأتي أحَدُ الرواةِ، وقدْ تَحَصَّلَتْ لهُ رواياتُ هؤلاءِ كُلِّهم فيَجْمَعُها في إسنادٍ واحدٍ، ويَسوقُها مَسَاقَاً واحداً منهم، ويَذْكُرُ واحداً منهم فَقَطْ.

وممَّنْ يَصْنَعُ هذا مُحَمَّدُ بنُ إسحاقَ صاحِبُ (السيرةِ)؛ ولذلكَ انْتَقَدُوا صَنيعَهُ، فمَثَلاً يُحَدِّثُهُ عاصمُ بنُ عمرَ، عنْ قَتادةَ، والزُّهْرِيُّ ورجُلٌ آخَرُ كُلُّهم عنْ قَتادةَ، عنْ أنَسٍ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ، ويَذْكُرُ حديثاً.

لكنْ لوْ دُقِّقَ في هذهِ الأحاديثِ لَوُجِدَ أنَّ الزُّهْرِيَّ روَى هذا الْحَدِيثَ إلاَّ بَعْضَ أجزائِهِ، وعاصمُ بنُ عمرَ رواهُ مُخْتَصَراً.

والثالثُ:

- وَلْيَكُنْ ضَعيفاً - رواهُ بلَفْظٍ آخَرَ، فدَمَجَهُمُ ابنُ إسحاقَ بِمَسَاقٍ واحدٍ فيَقولُ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، وعاصمُ بنُ عمرَ، وفُلانٌ، عنْ قَتادةَ، عنْ أنَسٍ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ قالَ كَذَا وكَذَا.

فهذا مِثالُ (مُدْرَجِ الْمَتْنِ)؛ لأنَّهُ ساقَ حديثَهم كلَّهُ بِمَسَاقٍ واحدٍ، والأَوْلَى أن يَفْصِلَ الألفاظَ بعضَها عنْ بعضٍ؛ فلرُبَّما كانَ في اللفْظِ الفلانِيِّ نَكَارَةٌ، فمَنْ نُحَمِّلُها؟

ويُسَمَّى أيضاً (مُدْرَجَ السَّنَدِ).

مِنْ أنواعِهِ أيضاً:

حديثٌ رواهُ ابنُ مَاجَهْ مِنْ طريقِ ثابتِ بنِ مُوسَى العابدِ، عنْ شَريكٍ القاضي، عن الأَعمَشِ، عنْ أبي سُفيانَ طَلحةَ بنِ نافعٍ، عنْ جابرٍ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ قالَ: ((مَنْ كَثُرَتْ صَلاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ)).

وهذا الْحَدِيثُ بهذا الإسنادِ قدْ يُحَسِّنُهُ بعضُ العُلماءِ؛ لأنَّ ثابتاً صَدوقٌ، وشَريكٌ صَدوقٌ، في حِفظِهِ كَلامٌ، فقدْ يُحَسِّنُ الْحَدِيثَ بعضُ العُلماءِ، وفي الحقيقةِ أنَّ هذا الْحَدِيثَ مَوضوعٌ بطَريقِ الخَطَأِ.

وقِصَّةُ الْحَدِيثِ:

أنَّ شَريكاً كانَ يُمْلِي على التلاميذِ الأحاديثَ في المسْجِدِ، والعدَدُ كبيرٌ، وكان عندَهُ مُسْتَمْلُونَ يُبَلِّغُونَ ما يَقولُهُ شَريكٌ، فقالَ شَريكٌ: حدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عنْ أبي سُفيانَ، عنْ طَلحةَ، عنْ جابرٍ، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ، ثمَّ يَقِفُ حتَّى يُمْلِيَ الْمُسْتَمْلِي، ثمَّ يَذْكُرُ باقيَ الْحَدِيثِ، فالمستَمْلِي يقولُ: حدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عنْ أبي سُفيانَ، عنْ جابرٍ، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ، فلَمَّا تَوَقَّفَ شَريكٌ؛ ليُمْلِيَ المُسْتَمْلِي على الطَّلَبَةِ دَخَلَ ثابِتُ بنُ موسى المسجِدَ، وهوَ يَسْمَعُ المستَمْلِيَ، فحَفِظَ الإسنادَ، فلَمَّا التَفَتَ شَريكٌ رأَى ثابتاً - وكانَ عابداً - فأَخَذَ شَريكٌ يُدَاعِبُهُ، فقالَ: ((مَنْ كَثُرَتْ صَلاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ)).

وهوَ يَقْصِدُ الحكْمَ على ثابتٍ هذا، ولم يَقْصِدْ أنَّ كلامَهُ مَتْنٌ لذلكَ الإسنادِ، فظَنَّ ثابتٌ أنَّ هذا الكلامَ مَتْنٌ لذلكَ الإسنادِ، فحَفِظَهُ وحَدَّثَ بهِ.


ومِنْ أنواعِهِ أيضاً:

نوْعٌ لم يَذْكُرْهُ الحافظُ، وهوَ أَكْثَرُ ما يَقَعُ في الأحاديثِ، والظاهِرُ أنَّهُ لم يَذْكُرْهُ؛ لأنَّهُ لا يَعْتَبِرُهُ قَادِحاً، وهوَ غالباً لا يكونُ قادِحاً، لكنَّهُ أحياناً يُعْتَبَرُ قادحاً، وهذا نَجِدُهُ كثيراً في صحيحِ مُسْلِمٍ، ويَسْتَخْدِمُهُ الإمامُ الْمُتَّصِفُ بالدِّقَّةِ الْمُتَنَاهِيَةِ في ذِكْرِ الأسانيدِ والْمُتُونِ مِثلُ مسلِمٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

فنَجِدُهُ يَذْكُرُ الإسنادَ كما وَصَلَ إليهِ لا يُغَيِّرُ فيهِ ولا حَرْفاً واحداً، لكنْ إذا أَرادَ أنْ يُبَيِّنَ أمْراً في ذلكَ الإسنادِ فإنَّهُ يُبَيِّنُ ويَسْبِقُهُ بكلمةِ: (وَهُوَ).

مِثالٌ:

إذا قالَ مسلِمٌ: حدَّثَنِي أبو بكرِ بنُ أبي شَيْبَةَ قالَ: حدَّثَنِي عَبْدَةُ، عن الثَّوْرِيِّ، عنْ أبي إسحاقَ -هذا الأصْلُ الذي وَصَلَ إلى مُسْلِمٍ، لكنَّهُ يُريدُ أنْ يُبَيِّنَ عَبْدَةَ هذا مَنْ هوَ، فيقولُ: وهوَ ابنُ سُليمانَ.

فهذا يُعْتَبَرُ إِدْرَاجاً؛ لأنَّهُ أدْخَلَ في الإسنادِ ما ليسَ منهُ.

وكانَ يُمْكِنُ أنْ يَقولَ: حدَّثَنِي (عَبْدَةُ بنُ سُليمانَ) لكنَّهُ لدِقَّتِهِ ووَرَعِهِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- لمْ يُرِدْ أنْ يَزيدَ على أبي بَكْرِ بنِ أبي شَيبةَ كلاماً لم يَقُلْهُ.

فهذا لا يُعْتَبَرُ قادِحاً، ولكنَّهُ وفي بعْضِ الأحيانِ يكونُ قادحاً، كأنْ يكونَ ذلكَ الْمُحَدِّثُ الذي أَدْرَجَ ذلكَ اللفْظَ أَخْطَأَ في مَعْرِفَةِ ذلكَ الراوي.

مِثالٌ:

ابنُ حَزْمٍ في إسنادٍ مِن الأسانيدِ فيهِ سُفيانُ قالَ: (وَهُوَ الثَّوْرِيُّ)، معَ أنَّهُ بلا شكٍّ سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، فهذا يُعْتَبَرُ قادِحاً؛ لأنَّهُ أَبْدَلَ رَاوِياً براوٍ آخَرَ، ويَنْبَنِي عليهِ أنَّ ذلكَ الراويَ عنهُ إذا لم يكُنْ رَاوِياً عنْ سُفيانَ الثوريِّ، فيُعْتَبَرُ في الإسنادِ انقطاعٌ.

ثانياً:

مُدْرَجُ الْمَتْنِ:وهوَ أن يُدْخِلَ في الْمَتْنِ ما ليسَ منهُ.

وهوَ على أقسامٍ:

-فأحياناً يكونُ في أوَّلِ الْمَتْنِ.

-وأحياناً في وَسَطِهِ.

-وأحياناً يكونُ في آخِرِهِ.

1-الإدراجُ في أوَّلِ الْمَتْنِ:

مِثالٌ: حديثُ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ قالَ: ((أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ))، بَيَّنَ الْخَطيبُ البَغداديُّ أنَّ مَدارَهُ على شُعْبَةَ، وأنَّ هُناكَ رَاوِيَيْنِ أَخْطَئَا في هذا الْحَدِيثِ حينَما رَوَيَاهُ عنْ شُعبةَ بهذهِ الصُّورَةِ.

والصوابُ أنَّ أبا هُريرةَ قالَ للنَّاسِ: ((أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ))؛ فإنِّي سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ يقولُ: ((وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ)).

ففي أوَّلِ الْمَتْنِ أَدْرَجَ لفْظَ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ.

2-الإدراجُ في وَسَطِ الْمَتْنِ:

مِثالٌ: حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها: ((أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَتَحَنَّثُ فِي غَارِ حِرَاءٍ، وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ))، فالزُّهْرِيُّ هوَ الذي قالَ: (وَهُوَ التَّعَبُّدُ).

3-الإدراجُ في آخِرِ الْمَتْنِ:

مِثالٌ: حديثُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ قالَ:((لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ أَجْرَانِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلا الْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَبِرُّ أُمِّي لَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ عَبْداً مَمْلُوكاً)).

لا يَصِحُّ أنْ يُنْسَبَ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ بهذهِ الصُّورةِ؛ فوَاضِحٌ أنَّ قَوْلَهُ: (والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ... إلخ)) ليسَ مِنْ كلامِهِ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ، وإنَّما هوَ مِنْ لفْظِ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ.

كيفَ نَعْرِفُ الإدراجَ؟

1-إمَّا بالتنصيصِ مِنْ نفْسِ الذي أَدْرَجَ ذلكَ اللفْظَ، كأنْ يُبَيِّنَ أنَّهُ هوَ الذي زَادَ هذهِ اللَّفْظَةَ.

2-أنْ يَنُصَّ عليهِ إمامٌ مُعْتَبَرٌ.

3-أنْ يَتَّضِحَ الإدراجُ بجَمْعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ،مثلُ: حديثِ: ((أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ))، جَمَعْنَا الطُّرُقَ، لم نَجِدْ هذهِ الْجُملةَ مِنْ تلكَ الطُّرُقِ إلاَّ في طريقَيْنِ اثنَيْنِ.

4-أنْ يكونَ ذلكَ اللفْظُ يَستحيلُ نِسبتُهُ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ، مثلُ: الْحَدِيثِ الذي فيهِ: ((فوَالَّذي نفْسِي بيدِهِ لولا الْجِهادُ والحَجُّ وبِرُّ أمِّي لتَمَنَّيْتُ أنْ أكونَ عَبْداً مَمْلُوكاً))؛ فوالدةُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ لَيْسَتْ حَيَّةً، وإنَّما كانتْ مُتَوَفَّاةً.

- وكذلكَ:يَستحيلُ أنْ يَتَمَنَّى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ الرِّقَّ؛لأنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ معَ الأنبياءِ، وجَعَلَهم مِنْ أَوَاسِطِ الناسِ، فلا يكونُ عَبْداً مَمْلوكاً حتَّى لا يُزْدَرَى.

لماذا يَحْصُلُ الإِدْرَاجُ؟

1-إمَّا لاستنباطِ حُكْمٍ فِقْهِيٍّ مِن الْحَدِيثِ.

2-أوْ للاستدلالِ على مَسألةٍ مُعَيَّنَةٍ،

مِثلُ قولِ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ:((أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ)).

3-شَرْحِ لفْظَةٍ غَرِيبَةٍ،مِثْلُ: ما وَضَعَ الزُّهْرِيُّ).

هيئة الإشراف

#5

29 Oct 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: عبد العزيز السعيد (مفرغ)

القارئ: ( (ثم المخالفة إن كانت بتغيير السياق فمدرج الإسناد).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (هذا نوع من أنواع علوم الحديث الذي ينتج عن المخالفة، وهو المدرج، وهو على قسمين:

- مدرج الإسناد.

-ومدرج المتن.

مدرج الإسناد يعني:

-إدخال إسنادٍ على إسنادٍ.

-أو إدخال إسنادٍ على متن حديث.

-أو إدخال بعض إسنادٍ في إسنادٍ.

هذا كله يسمى إدراجاً، وهو ينتج عن المخالفة؛ لأننا لا نعلم أن هذا الإسناد دخل على هذا الإسناد، أو أن هذا المتن لهذا الإسناد، أو أن هذا الإسناد مركبٌ من جزئي إسناد، إلا إذا علمنا الوجه الصحيح لهذا الإسناد عن طريق رواةٍ آخرين، فصار فيه مخالفة.

مثاله:

ما رواه عثمان بن عمر، عن إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة، وعبد الله بن حلاَّم أو حِلام، عن ابن مسعود في قصة المرأة التي جلست تتشوف للنبي عليه الصلاة والسلام ليتزوجها.

هذا حديث قال العلماء: فيه إدراجٌ في إسناده، هذا الإدراج لا يظهر لنا إلا إذا عرفنا الوجه الصحيح للإسناد، الإسناد قال العلماء: رواه جماعة، عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: مرسل، ليس فيه ذكر ابن مسعود.

ورواه أيضاً: سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن حلاَّم أو حِلام، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

عثمان بن عمر في روايته عن إسرائيل أدرج إسناداً في إسناد؛ وذلك أنه جمع بين الموصول والمرسل، رواية عبد الله بن حلام، عن ابن مسعود هذه موصولة، ورواية أبي سلمة، عن النبي عليه الصلاة والسلام مرسلة، جاء: عثمان بن عمر؛ فأدرج الرواية المرسلة على الرواية الموصولة وجمعهما، وجعلهما كلتيهما موصولة.

- فإذا نظرنا في السند قال: عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعبد الله بن حلاَّم، عن ابن مسعود، فظاهر هذه الرواية يقتضي أن أبا سلمة يروي الحديث عن ابن مسعود، وأن عبد الله بن حلام، يرويه عن ابن مسعود، لو جاءت هذه الرواية هكذا لم نعرف أن هذا حديث دخل في حديثٍ، أو إسناد دخل في إسنادٍ، لكن جاءت رواية الثوري فبينت هذا، بينت أن الحديث عن أبي إسحاق، عن أبي سلمة، عن النبي عليه الصلاة والسلام، وعن أبي إسحاق، عن عبد الله بن حلام، عن ابن مسعود.

فصار عندنا إسنادان:

- أحدهما:مرسلٌ عن النبي عليه الصلاة والسلام.

- والآخر:موصولٌ بذكر الصحابي، فالذي بذكر الصحابي من رواية عبد الله بن حلاَّم، والذي ليس فيه الصحابي من رواية أبي سلمة عن النبي عليه الصلاة والسلام، عثمان بن عمر، في روايته عن إسرائيل أدرج هذه على هذه، وجعل الروايتين جميعاً موصولةً، هذا نوع من الإدراج.

إذاً: هذا الإدراج ما تبين إلا بالمخالفة؛ مخالفة رواية عثمان بن عمر، عن إسرائيل؛ لرواية سفيان الثوري؛ فهذا يسمى إدراجاً في الإسناد الثاني.


القارئ: ( (أو بدمج موقوفٍ بمرفوعٍ، فمدرج المتن).

قال الشيخ عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز السعيد: (النوع الثاني: مدرج المتن، وهو بدمج مرفوع في موقوف، المراد بالموقوف هنا ليس الموقوف على الصحابي فحسب، وإنما على الصحابي، أو من دون الصحابي تابعي وتابع التابعي، إذا أدرج في متن الحديث شيئاً يسمى حديثه مدرجاً.

- الإدراج في المتن معناه هو:

إدخال لفظةٍ أو أكثر في الحديث، بدون بيانٍ أنها ليست من الحديث، يعني: تأتي متصلة بالحديث، يدخل لفظة أو أكثر هي من قول الراوي، لكن يصلها بالحديث ولا يظهر إلا أنها من الحديث.

هذا الإدراج الذي في المتن تارةً يعرف باستحالة إضافته للنبي عليه الصلاة والسلام.

مثل حديث: ((للمملوك الصالح أجران، والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت، أو لتمنيت، أن أكون مملوكاً)).

هذا حديث جاء من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا، فظاهره أن الذي قال: ((والذي نفسي بيده)) هو النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن هذه اللفظة جاءت متصلةً بالحديث؛ لأن الحديث:((للمملوك الصالح أجران، والذي نفسي بيده)) إلى آخر الحديث، لكن قال العلماء: هذه اللفظة يستحيل أن يكون صادراً من النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو من كلام بعض الرواة، وقالوا: إنه من كلام أبي هريرة.

الدليل على ذلك:

- أن أم النبي عليه الصلاة والسلام ماتت وهو صغير، قبل أن يكون نبياً.

بل كلام النبي عليه الصلاة والسلام: ((للمملوك الصالح أجران)).

- كذلك يتبين الإدراج إذا ذكره الصحابي أو الراوي،كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: ((من مات يجعل لله نداً دخل النار))، قال ابن مسعود: وأخرى أقولها ولم أسمعها: (من مات لم يجعل لله نداً دخل الجنة).

هذه الثانية بين ابن مسعود أنها من قوله، وعلى هذا قال العلماء: الحديث في اللفظ الآخر: (من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ومن مات يشرك به شيئاً دخل النار)، هذا ليس كله من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن ابن مسعود في الرواية الثانية بين أن واحدةً سمعها وأخرى لم يسمعها.

كذلك:

حديث الشغار:((النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار)).

والشغار:أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق.

قال العلماء: هذا رواه مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الإمام الشافعي: (لا أدري أتفسير الشغار من النبي عليه الصلاة والسلام، أو من مالك، أو نافع، أو ابن عمر).

جاءت الرواية الأخرى بالبيان، هذا البيان جاء في بعض الروايات الرواة عن مالك،كابن مهديٍّ وغيره أن القائل هو نافع، فسئل نافع عن الشغار، وجاء في رواية في البخاري: قال عبيد الله الراوي عن نافع من الطريق الأخرى، قال عبيد الله: قال نافع: (والشغار) فبين الراوي أن هذا ليس من كلام النبي عليه الصلاة والسلام.

الإدراج يكون في المتن تارة في الأول، وتارة في الوسط والآخر، أقلها ما كان في الوسط ولهذا دائماً يمثلون له بحديث أبي هريرة: ((أسبغوا الوضوء، ويلٌ للأعقاب من النار)). (أسبغوا) هذه من كلام أبي هريرة، ((ويل للأعقاب)) هذه من كلام النبي عليه الصلاة والسلام، جاء بعض الرواة، فأدرج كلام أبي هريرة على كلام النبي عليه الصلاة والسلام، لكن بينت طرق الحديث أن (أسبغوا الوضوء) من كلام أبي هريرة، ليس من كلام النبي عليه الصلاة والسلام.

- في الوسط كثير،كما في حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحنث، قال الراوي: وهو التعبد الليالي ذوات العدد، يعني: في تفسير التحنث هذا الكلام من إدراج الزهري على حديث عائشة.

كذلك:

قول ابن مسعود رضي الله عنه، ((الطيرة شرك))، (وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل)، قوله: (وما منا إلا) هذا من كلام ابن مسعود، ليس من كلام النبي عليه الصلاة والسلام.

وتارة يكون في الأخير،

كما في حديث عائشة رضي الله عنها، قالت:(كان يكون علي الصيام من رمضان فلا أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان؛ للشغل برسول الله صلى الله عليه وسلم)، فقوله: (للشغل) هذا مدرج، أدرجه يحيى بن سعيد الأنصاري على حديث عائشة.

فمن خلال الأمثلة السابقة ظهر أن الإدراج يأتي في الوسط، وفي الأول، وفي الأخير، وأنه تارةً يكون من الصحابي، وتارةً يكون ممن دون الصحابي، كما مر الزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري.

هذا الإدراج في المتن.

اللفظة المدرجة، إذا وصلت بمتن الحديث، ولم تبين؛ فإن الراوي الذي رواها بالوصل مخالفاً لغيره يكون فعله هذا فيه مخالفة؛ لأن غيره فصل وهو وصل، ووصل المفصول أو فصل الموصول نوعٌ من أنوع المخالفة، كما ذكره المؤلف رحمه الله).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#6

29 Oct 2008

العناصر

الحديث المدرج:

تعريف (المدرج)

أقسام المدرج:

القسم الأول: مدرج الإسناد:

تعريف (مدرج الإسناد)

أقسام (مدرج الإسناد)

القسم الأول: أن يروي الحديث جماعة بأسانيد مختلفة، فيرويه عنهم راوٍ فيجمع الكل على إسناد واحد من تلك الأسانيد، ولا يبين الاختلاف

مثال القسم الأول

القسم الثاني: أن يكون المتن عند راوٍ إلا طرفاً منه، فإنه عنده بإسنادٍ آخر، فيرويه راوٍ عنه تاماً بالإسناد الأول

مثال القسم الثاني

تنبيه: الأولى أن يلحق القسم الثاني بمدرج المتن

القسم الثالث: أن يكون عند الراوي متنان مختلفان بإسنادين مختلفين، فيرويهما راوٍ عنه مقتصراً على أحد الإسنادين

مثال القسم الثالث

تنبيه: الأولى أن يلحق القسم الثالث بمدرج المتن

القسم الرابع: أن يسوق الراوي الإسناد، فيعرض له عارض فيقول كلاماً من قبل نفسه فيظن أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد، فيرويه عنه كذلك

مثال القسم الرابع

تنبيه: بعض الأئمة لا يسمي القسم الرابع مدرجاً

تنبيه: القسم الرابع قليل جداً

القسم الثاني: مدرج المتن:

تعريف (مدرج المتن)

مثال لـ(مدرج المتن)

أقسام مدرج المتن

القسم الأول: الإدراج الواقع في أول المتن

مثال الإدراج الواقع في أول المتن

القسم الثاني: الإدراج الواقع في وسط المتن

مثال الإدراج الواقع في وسط المتن

القسم الثالث: الإدراج الواقع في آخر المتن

مثال الإدراج الواقع في آخر المتن

تنبيه: أكثر ما يرد إدراج المتن في آخر الحديث

الأمور التي يعرف بها الإدراج:

الأمر الأول: النص على ذلك من قِبَلِ مَنْ أدرج ذلك اللفظ

مثال الأمر الأول

الأمر الثاني: أن ينص عليه إمام معتبر

مثال الأمر الثاني

الأمر الثالث: أو بجمع طرق الحديث

مثال الأمر الثالث

الأمر الرابع: أن تمتنع نسبة ذلك اللفظ إلى النبي صلى الله عليه وسلم

مثال الأمر الرابع

أسباب الإدراج:

السبب الأول: حكم فقهي مستنبط من الحديث

السبب الثاني: التنبيه على الاستدلال على مسألة معينة

مثال السبب الثاني

السبب الثالث: شرح لفظة غريبة

مثال السبب الثالث
حكم تعمد الإدراج في المتن أو السند
المصنفات في المدرج
مسائل وتنبيهات:
تبع الحافظ في تقسيم المدرج تقسيم الخطيب في كتابه (الفصل للوصل المدرج في النقل)
المدرج داخل في المعلل والشاذ
دعوى الإدراج يكتفى فيها بغلبة الظن ومردها إلى الاجتهاد المحتمل للصواب والخطأ
من القرائن على الإدراج أن يُعرف الراوي أنه يشرح الغريب أو يورد مناسبة للحديث

عناية العلماء بمدرج المتن أكثر من عنايتهم بمدرج الإسناد

عبد العزيز بن داخل المطيري

#7

29 Oct 2008

الأسئلة

س1: عرف (المدرج) لغة واصطلاحاً.
س2: اذكر أقسام المدرج بالتفصيل والتمثيل.
س3: اذكر مع التمثيل الأمور التي يعرف بها الإدراج.
س4: اذكر أسباب الإدراج مع التمثيل لكل سبب.
س5: اذكر المصنفات في المدرج.
س6: هل يعتبر الإدراج علة من علل الحديث.

هيئة الإشراف

#8

14 Mar 2010

شرح نخبة الفكر للشيخ عبد الكريم الخضير (مفرغ)

قال الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير: (المدرج:

قال الحافظ: "ثم المخالفة إن كانت بتغيير السياق -مخالفة الثقات- إن كانت بتغيير السياق فمدرج الإسناد، أو بدمج موقوف بمرفوع فمدرج المتن".

الحافظ -رحمه الله تعالى- يقصد أن مخالفة الراوي لغيره من الرواة الثقات وهي الوجه السابع من أوجه الطعن في الراوي إن كانت بتغيير سياق الإسناد فالواقع فيه ذلك التغيير مدرج الإسناد، وإن كانت المخالفة بدمج موقوف من كلام صحابي أو من دونه بمرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهذا ما يسمى بمدرج المتن.

والمدرج في اللغة: اسم مفعول من الإدراج، يقال: أدرجت الشيء في الشيء إذا أدخلته فيه وضمنته إياه، ويقال: أدرجت الكتاب في الكتاب إذا جعلته في درجه أي طيه، وأدرج فلان في أكفانه إذا أدخل فيها.

واصطلاحاً: هو ما غير سياق إسناده أو أدخل في متنه كلاماً ليس منه، ومن خلال التعريف يتضح أن المدرج قسمان: مدرج الإسناد ومدرج المتن، فمدرج الإسناد ما غير سياق إسناده سمي بذلك؛ لأن المغير له أدخل الخلل في إسناد الحديث.

صور الإدراج في الإسناد:

ولمدرج الإسناد أربع صور ذكرها الحافظ في النزهة وهي:

الصورة الأولى: أن يروي الحديث جماعة بأسانيد مختلفة، أن يروي الحديث جماعة بأسانيد مختلفة فيرويه عنهم راوٍ فيجمع الكل على إسناد واحد من تلك الأسانيد، ولا يبين الاختلاف، الحديث مروي من قبل جماعة من الرواة بأسانيد مختلفة، فيرويه عنهم راوٍ واحد فيجمع الكل على الإسناد، على إسناد واحد يختصر هذه الأسانيد بإسناد واحد ولا يبين الاختلاف، حديث الإفك مخرج في صحيح البخاري عن جمع كل واحد منهم حدث ببعضه، ولم يميز البخاري روية بعضهم من بعض، لكن كلهم ثقات، ومثل هذا لا يقدح؛ لأنه سواء كان نصفه الأول أو ربعه الأول من طريق واحد من هؤلاء، وربعه الثاني من طريق الثاني، وربعه الثالث من طريق الثالث، والرابع من طريق الرابع، أو العكس، يؤثر أو لا يؤثر؟ كلهم ثقات، لا يؤثر، لكن إذا روى البخاري عن ثقة، عن شخص ثقة وقال: حدثني بنصف الحديث، النصف الثاني عن من؟ وما النصف الذي حدثه به هذا الراوي والنصف الذي لم يحدثه به؟ وهذا موجود في كتاب الرقاق من صحيح البخاري: "حدثني فلان بنصفه" طيب النصف الثاني من حدثه به؟ لم يذكر، غاية ما هنالك أن النصف الثاني معلق، والنصف الأول موصول، لكن من الذي يميز النصف الأول من النصف الثاني؟ على كل حال النصف الأول موجود موصول عند البخاري، والنصف الثاني موجود موصول عند البخاري، ولا إشكال في صحة الخبر، لكن قد يشبه ما عندنا من الإدراج، مثال ذلك: ما روى أبو داود عن علي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم)) الحديث، فهذا الحديث قد أدرج فيه إسناد آخر، وبيان ذلك أن عاصم بن ضمرة رواه موقوفاً على علي، والحارث الأعور رواه مرفوعاً، فجاء جرير بن حزم وجعله مرفوعاً من روايتهما، هو مرفوع من رواية الحارث الأعور وهو ضعيف، وهو موقوف على علي من رواية عاصم بن ضمرة، جاء جرير بن حازم وجعله مرفوع من رواية عاصم والحارث، هذا إدراج، مع أن أبا داود ذكر أن شعبة وسفيان وغيرهما رووا هذا الحديث عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ولم يرفعوه، فعلمنا أن جريراً قد أدرج رواية عاصم مع رواية الحارث فجعل الحديث مرفوعاً من طريقهما.

الصورة الثانية: أن يكون المتن عند راوٍ بإسناد واحد، أن يكون المتن عند راوٍ بإسناد واحد، إلا طرفاً منه فإنه عنده بإسناد آخر فيرويه راوٍ عنده تاماً بالإسناد الأول ويحذف الإسناد الثاني، ومثال ذلك: ما روى أبو داود عن زائدة بن قدامة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي آخره أنه جاء بعد ذلك في زمان فيه برد شديد، فرأى الناس عليهم جُل الثياب، تحرك أيديهم تحت الثياب، والصواب رواية من روى عن عاصم بن كليب بهذا الإسناد صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقط، من دون مجيئه بعد ذلك، من دون مجيئه بعد ذلك في زمان البرد، وفصل ذكر رفع الأيدي عنه فرواه عن عاصم عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر.

ويلتحق بهذه الصورة ما إذا سمع الراوي من شيخه حديثاً بلا واسطة إلا طرفاً منه فيسمعه عن شيخه بواسطة فيرويه عنه تاماً بحذف الواسطة مع أنه لم يسمع الطرف إلا بواسطة، يروي نصف الحديث بغير واسطة عن شيخه، ويروي النصف الثاني عن هذا الشيخ بواسطة، فيأتي بالحديث كامل مع حذف الواسطة التي بها روى نصف الحديث الثاني عن ذلك الشيخ.

الصورة الثالثة: أن يكون عند الراوي حديثان مختلفان بإسنادين مختلفين، أن يكون عند الراوي حديثان مختلفان بإسنادين مختلفين فيرويهما عنه راوٍ مقتصراً على أحد الإسنادين، أو يروي أحد الحديثين بإسناده الخاص به لكن يزيد فيه من المتن الآخر ما ليس منه، أن يكون عند الراوي حديثان مختلفان بإسنادين مختلفين فيرويهما عنه راوٍ مقتصراً على أحد الإسنادين، أو يروي أحد الحديثين بإسناده الخاص به، لكن يزيد فيه من المتن الآخر ما ليس منه، أنا أقول: هذه الصور تحتاج إلى شيء من البسط في سبورة أو في وسيلة إيضاح، لكن من معه الشرح يمكن يتابع، مثال ذلك: ما روى سعيد بن أبي مريم عن مالك عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تنافسوا)) الحديث متفق عليه، فقوله: ((لا تنافسوا)) مزيدة في هذا الحديث من حديث آخر لمالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا)) فهذه الجملة لا توجد في الحديث السابق لكنها مروية بإسناد آخر صحيح فأضيفت إلى الحديث الأول.

الصورة الرابعة: أن يسوق الراوي الإسناد فيعرض له عارض، يسوق إسناد حديث فيعرض له عارض فيتكلم بكلام من تلقاء نفسه مناسب لهذا العارض، فيظن السامع أن هذا الكلام هو متن ذلك الإسناد، أن يسوق الراوي الإسناد فيعرض له عارض فيقول كلاماً من قبل نفسه فيظن من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد فيرويه عنه كذلك، ومثال ذلك: ما وقع لثابت بن موسى الزاهد أنه دخل على شريك القاضي وهو يقول: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-..، شريك بن عبد الله بن أبي نمر القاضي يحدث يقول: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-..، فدخل ثابت، ثابت بن موسى الزاهد، وثابت بن موسى الزاهد صاحب صيام وقيام، وجهه كأنه مذهبة، عليه النور والبهاء، فلما ساق شريك القاضي الإسناد السابق ودخل هذا الرجل الذي يتلألأ وجهه قال: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار" هو يقصد ثابت الذي دخل، السامع -الذين سمعوا- قالوا: إن هذا المتن هو لذلك الإسناد الذي ساقه، وثابت أيضاً ممن ظن هذا الظن، فظن أن هذا المتن لذلك الإسناد، فدخل ثابت عليه فلما نظر إلى ثابت قال: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار"، يريد بذلك ثابتاً، فظن ثابت أن ذلك سند الحديث فكان يحدث به بهذا الإسناد، هذا ليس بحديث، وثابت زاهد عابد، وعرفنا أن الزهاد والعباد الذين غفلوا عن معرفة السنن وقعوا في شيء من الوضع، ومثل بعضهم لهذا النوع وجعله من الموضوع، وليس بحديث، رُفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن طريق الخطأ، والله المستعان.

لكن هل يضير ثابت؟ هل يأثم ثابت في هذا الصنيع؟ أخطأ بلا شك، وغفل لكنه بصدد ما هو مقبل عليه من عبادة وزهد وانصراف عن الدنيا، نعم، هو مفضول بالنسبة لمن أنصرف إلى العلم؛ فالعلم أفضل من العبادة، العلم أفضل من جميع نوافل العبادات، والله المستعان.

مدرج المتن:

القسم الثاني: مدرج المتن:

تعريفه: أن يدخل في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء من كلام بعض الرواة من غير فصل، وحاصله: أن يذكر الراوي صحابياً أو غيره كلاماً لنفسه أو لغيره فيرويه من بعده متصلاً بالحديث، إما أن يعقب على الحديث ببيان معناه من غير فصل ثم يأتي من يرويه كاملاً، الحديث المرفوع مع تفسير هذا الراوي.

حاصله: أن يذكر الراوي كلاماً لنفسه أو لغيره فيرويه من بعده متصلاً بالحديث من غير فصل يميزه عن الحديث فيتوهم من لا يعرف حقيقة الحال أنه من الحديث، والفرق بينه وبين الصورة الرابعة مدرج الإسناد هنا: "((إن أمتي يبعثون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء)) "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل" من استطاع.. إلى آخره من كلام أبي هريرة -رضي الله عنه-، ما الفرق بينه وبين كلام ثابت بن موسى الزاهد الذي تقدم: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار"؟ الفرق بينه وبين الصورة الرابعة من مدرج الإسناد أن مدرج الإسناد يكون بتمامه مما يظن أنه حديث مستقل، وأما مدرج المتن فيظن أنه جزء من الحديث.

أقسام مدرج المتن ثلاثة:

وأقسام مدرج المتن ثلاثة: مدرج في أول المتن، مثاله حديث: "أسبغوا الوضوء ((ويل للأعقاب من النار)) ((ويل للأعقاب من النار)) هذا حديث ثابت في الصحيحين وغيرهما لكن "أسبغوا الوضوء" مدرج من قول أبي هريرة -رضي الله عنه-، يدل على الإدراج ما رواه البخاري عن أبي هريرة أنه قال: "أسبغوا الوضوء، فإن أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويل للأعقاب من النار)) وهذا القسم نادر جداً –الإدراج في أول المتن-.

والثاني: المدرج في أثناء المتن، ومثاله: ما رواه الدارقطني عن بسرة بنت صفوان قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من مس ذكره أو أنثييه أو رُفْغَيه فليتوضأ)) الأصل: ((من مس ذكره فليتوضأ)) فأدرج في الخبر: "أو أنثييه أو رفغيه"، فقوله: "أو أنثييه أو رفغيه" مدرج من قول عروة غير مرفوع، رواه الدارقطني وهو في السنن الأربعة بدونها، ومن أمثلة المدرج في أثناء المتن تفسير التحنث بالتعبد في حديث بدء الوحي "فكان يتحنث -وهو التعبد-" فهو مدرج، الأكثر على أنه من قول الزهري.

الثالث: مدرج في آخر المتن وهو الأكثر، ومثاله: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار لوضوء)) "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" قوله: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" مدرج من كلام أبي هريرة، قال الحافظ ابن حجر: "لم أرَ هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة، ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نعيم هذه"، كذا قال وهو في مسند الإمام أحمد وفيه هذه الزيادة من رواية ليث عن كعب عن أبي هريرة، فكعب تابع نعيماً على رواية هذه الزيادة عن أبي هريرة.

وينشأ الإدراج في المتن عن عدة أسباب منها:

أن يقصد الراوي تفسير كلمة غريبة كتفسير التحنث بالتعبد، أو يقصد بيان تمام عمل، ومثاله: حديث ابن مسعود في التشهد وفي آخره: "فإذا قلت ذلك فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد" يريد ابن مسعود أن يبين أن الصلاة تمت بهذا.

بم يعرف الإدراج؟

ويعرف الإدراج بأمور منها:

النص عليه من الراوي كما تقدم: "أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- قال" هذا نص الراوي، وميز بين قوله من قول النبي -عليه الصلاة والسلام-.

ورود اللفظ المدرج منفصلاً في رواية أخرى.

الثالثة: استحالة صدور الكلام المدرج من النبي -عليه الصلاة والسلام- كقول أبي هريرة -رضي الله عنه- في حديث: "للعبد المملوك الصالح أجران، للعبد المملوك الصالح أجران، والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك" هل يمكن أن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: "لولا الجهاد في سبيل الله وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك؟" لا يمكن، وجه استحالته أن أمه -عليه الصلاة والسلام- قد ماتت وهو صغير قبل البعثة.

حكم الإدراج:

وأما حكم الإدراج: فلا يخلو: إما أن يكون عن خطأ أو عن عمد، فإن كان عن خطأ فلا حرج على المخطئ، إلا أن كثرة الخطأ تقدح في ضبطه وإتقانه، وإن كان عن عمد فإنه حينئذ يكون حراماً، لما يتضمن من التلبيس والتدليس ومن عزو القول إلى غير قائله إلا أن يكون الإدراج لتفسير شيء في الحديث ففيه بعض التسامح، والأولى أن ينص الراوي على بيانه.

من هذا من الإدراج وهو مما ينبغي العناية به ويقع فيه الكثير، ونحن ونحن نقرر هذا الكلام نقع فيه كثيراً، كيف؟ ننقل كلام لبعض أهل العلم ونعقبه بكلام لنا من غير فصل، السامع إذا سمعك تقول: قال شيخ الإسلام، تنقل كلام شيخ الإسلام وتتبعه بكلام لك من غير فصل هذا إدراج، والأولى أن يقال: انتهى كلامه -رحمه الله-، قلت، كما يقوله الأئمة، يفصل كلام المنقول عنه من كلام الناقل، هذا الأولى لكن أحياناً يغفل الإنسان، نعم، ويطرأ عليه كلام يخشى أن ينساه فيقحمه أحياناً في أثناء النقل، وأحياناً يعقبه به من غير فصل، والله المستعان، لكن يتجاوز هذا في الكلام العادي لكن في المكتوب ينبغي أن ينص على كل شيء).