الدروس
course cover
أثر ابن عباس: (التفسير على أربعة أوجه....)
9 Nov 2008
9 Nov 2008

10254

0

0

course cover
شرح مقدمة التفسير

القسم الثالث

أثر ابن عباس: (التفسير على أربعة أوجه....)
9 Nov 2008
9 Nov 2008

9 Nov 2008

10254

0

0


0

0

0

0

0

أثر ابن عباس: (التفسير على أربعة أوجه....)

قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ): (وَقَالَ ابنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنا مَؤَمَّلٌ ، حَدَّثَنا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنادِ , قَالَ : قَالَ ابنُ عبَّاسٍ : " التَّفسيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : وَجْهٌ تَعْرِفُهُ العَرَبُ مِنْ كَلاَمِهَا ، وَتَفْسِيرٌ لاَ يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ ، وَتَفسيرٌ يَعْلَمُهُ العُلَمَاءُ ، وَتَفْسِيرٌ لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - وَاللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ).

هيئة الإشراف

#2

18 Nov 2008

شرح مقدمة التفسير للشيخ: محمد بن صالح العثيمين (مفرغ)


القارئ: (" . . . وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا مؤمل قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجهٌ تعرفه العرب من كلامها، وتفسيرٌ لا يُعْذر أحد بجهالته، وتفسيرٌ يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى ذِكْره. والله سبحانه وتعالى أعلم").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (طيب هذه أربعة أقسام: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وهو ما يُعرف باللغة العربية مثل الكهف والعرش والسرر والممدودة والطلح وما أشبه ذلك.
والثاني: تفسير لا يُعذر أحد بجهالته، وهو تفسير ما يجب اعتقاده أو العمل به كتفسير قوله تعالى: {أقيموا الصلاة} يجب علينا أن نعرف و(لإيش) معنى إقامة الصلاة التي أمرنا بها؟ وكذلك ما يجب علينا اعتقاده، كالإيمان بالرسل ونحوهم؛ فإنه لا يُعذر أحد بجهالته.
والثالث: تفسيرٌ، نعم، يعلمه العلماء مثل العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ وما يتعلق بذلك من الأحكام، فإن هذا ليس كل أحدٍ يعرفه وليس واجب على كل أحد، بل هو فرض كفاية.
وتفسير لا يعلمه إلا الله، فمن ادعى علمه فهو كاذب كما جاء في بعض ألفاظ الأثر مثل العلم بحقائق صفات الله عز وجل وكيفيتها، وكذلك العلم بحقائق ما أخبر الله به عن اليوم الآخر وعن الجنة والنار وما أشبه ذلك مما لا يمكننا إدراكه, فهذا من ادعى علمه فإنه كاذب؛ لأنه لا يعلمه إلا الله. نعم.......سقط.... عن معصوم، وإما قول عليه دليل معلوم، وماسوى ذلك فإما مزيف مردود وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود، هذا مهم، هذه قاعدة تعتبر، وبعده: "فصل في أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن، يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه فقوله تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم} يتناول هذا وهذا"..سقط.....
"ولهذا كان _ لكن هذه مهمة _ ولهذا كان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلا جداً، وهو وإن كان في التابعين أكثر منه..في الصحابة فهو قليل بالنسبة إلى ما بعدهم، وكلما كان _ هذه القاعدة الأخيرة _ وكلما كان العصر أشرف كان الاجتماع والا ئتلاف والعلم والبيان فيه أكثر"، طيب "فصل في اختلاف السلف فى التفسير وأنه اختلاف تنوع" طيب هذا مهم إلى قوله: "التي بين المترادفة والمتباينة.. {أيما تدعوا فله الاسماء الحسنى } وكل اسم من أسمائه يدل على الذات المسماة وعلى الصفة التي تضمنها الاسم"، ولكن اصبر، "أن كل اسم من أسمائه يدل على ذاته وعلى ما في الاسم من صفاته، ويدل أيضاً على الصفة التي في الاسم الآخر بطريق اللزوم"، هذه مهمة جداً.
ردا على سؤال غير مسموع: لا، هذه قاعدة في أسماء الله وصفاته.
_..........
_ لا، هذه في التفسير ما هي من قواعد التفسير.
"إذا كان مقصود السائل تعيين المسمى عبرنا عنه بأي اسم كان إذا عرف مسمى هذا الاسم"، هذه بعد القاعدة بثلاثة أسطر، بعد القاعدة في الأسماء بثلاثة أسطر هذا، "فإن كان مقصود السائل تعيين المسمى" (كتبتوها دي) طيب في بعدها المقابل لها بعدها بصفحة "وإن كان مقصود السائل ما في الاسم من الصفة المختصة به فلابد من قدر زائد".
_...................
_ (إيه)، يجاب المثال، "مثل أن يسئل عن القدوس السلام المؤمن وقد علم أنه الله لكن مراده ما معنى كونه قدوساً سلاماً مؤمناً" ونحو ذلك، "فهذا فالسلف كثيراً ما يعدون المسمى بعبارة تدل على عينه وإن كان فيها من الصفة ما ليس في الاسم الآخر".
ثم قال: "ومعلوم أيضاً -هذا تبعا المهم - ومعلوم أن هذا ليس اختلاف تضاد كما يظنه بعض الناس، إذا عرف هذا فالسلف كثيراً ما _(هه)؟ _ ما يعبرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه، وإن كان فيها من الصفة ما ليس في الاسم الآخر".

قائل: هذه قاعدة؟
الشيخ: هذه قاعدة إي نعم، ثم قال بعده: "ومعلوم أن هذا ليس اختلاف تضاد".
_..................
_ إلا بعدها بسطرين.
_..................
_ (إي) لكن هذه مثال يعنى المثال ما أتينا به، والثاني في صفحة 43 طيب (وين) الصنف الأول؟
_..................
_ (هه) الصنف الأول في صفحة 38، صفحة 47 هذا ما هو من قواعد التفسير يعني يمكن يكون من قواعد التفسير وهو قوله: "والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه" إلى قوله: "ولمن كان بمنزلته"
_..................
_ (هه)
_..................
_(إيه) هي قاعدة نعم، "هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب " "وقولهم: نزلت هذه الآية في كذا يراد به"، إلى قوله: "كما تقول عنى بهذه الآية كذا" صفحة 49، "وإذا ذكر أحدهم سبباً نزلت لأجله".
_......................
_ (هه) "إذا ذكر أحدهم لها سبباً نزلت الآية " إلى آخره، هذه قاعدة أيضاً، وهو ذكر تعدد أسباب النزول (طيب) إلى قوله.. كل هذه الصفحة مهمة، نعم، هذه الصفحة كلها مهمة إلى قوله.. إلى قوله: "وإما لكونه متواطئاً في الأصل -في أول السطر صفحة 50 في أول صفحة 50_ وإما لكونه متواطئاً في الأصل لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشخصين كالضمائر"، (هه) الشيئين، النسختين "كالضمائر في قوله: {ثم دنا فتدنى} طيب ثم.
_..................
_ (هه) (هي) كله تابع
_..................
_(هه)
_..................
_ كيف؟
_..................
_ هذا تابع.
_ تابع يعني..
_ إي نعم، فمثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعاني التي قالتها السلف وقد لا يجوز ذلك (إحنا) ذكرنا متى يجوز، ومتى لا يجوز. قولها!
_..................
_إذا كان اللفظ صالحاً لهما فهو يجوز، وإن لم يكن صالح فإنه لأحدهما ويطلب الراجح (طيب). وأما قوله في الأول فهو تفريط، إن (دخلتوه) في القاعدة (ولا) يكون معروف؟ (طيب) فيه قاعدة؟
_..................
_ (هه)
_..................
_ نزلت لذلك بعضهم نزل في هذا وبعضهم نزل في هذا، قال: "فالأول إما أن تكون نزلت مرتين، وإما لكون اللفظ مشترك يجوز أن يراد به معنيان"، (طيب) فيه أيضاً في صفحة 51 "فإن الترادف في اللغة قريب وأما في ألفاظ القرآن فإما نادر وإما معدوم" هذه قاعدة، الترادف في اللغة، في اللغة وفي القرآن...سقط...52 "والعرب تضمن الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض، والاختلاف قد يكون لخفاء الدليل" إلى قوله: "لاعتقاد معارض الراجح"، "أيضاً الاختلاف في التفسير على نوعين" كل هذا مهم، إذا فمثال ما لا يفيد.
سائل: موضع آخر لاحق قال: (غير مسموع).
الشيخ: (إيه ) (اللي) صح، إحنا ما.. أنتم راجعتوها ما لقيتوها على ما قال ما لقيته.
_..................
_ و (إيش) صفحة (كام)
_..................
_ البعض الذي ضُرب.
قال سائل: ضُرب به موسى.
قال الشيخ: "ضرب به القتيل" بدل "موسى"،اكتب بدل الصواب "القتيل"،...سقط.... "فمتى اختلف التابعون" فمتى اختلف التابعون، إلى قوله: "فالنفس إليها أسكن مما نقل عن بعض التابعين" "فمتى اختلف التابعون".
_..................
_ إلى قوله: "عن بعض التابعين"، بعدها (شوي) "وأما القسم الأول" إلى قوله: "ولله الحمد" "والمقصود أن المنقولات التي يحتاج إليها بالدين قد نصب الله الأدلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره"
_ إلى وغيره
_إلى وغيره، نعم. (طيب) في صفحة 62 (غير مسموع) مع 58 (هه) يعني (غير مسموع) أربع صفحات، تختلف هذه الصفحات (طيب) "والمراسيل إذا تعددت طرقها" (غير مسموع) (هه) (غير مسموع) كم عندك يا وليد؟ 47، صفحة فقط؟ (إيه) بس (غير مسموع) تختلف النسخة، (طيب) "والمراسيل إذا تعددت طرقها" إلى قوله: "كانت صحيحة قطعاً".
_...............
_ (هه).
_..............
_ كيف؟
_.............
_(إيه هي ) نعم (غير مسموع) (طيب) صفحة 63...سقط...إلى قوله: "ناقلُه".. "ناقلِه" "وإما لضعف ناقلِه" أسطر "وهذا الأصل ينبغي أن يعرف" إلى قوله: "وغير ذلك"، "والمقصود أن الحديث الطويل إذا روي مثلاً" (لقيتوها)؟ (هه)
قال أحدهم: نعم.
الشيخ: إلى قوله: "كذباً"، في الصفحة (اللي) تليها "فإن جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله" "فإن جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله"، "ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد" إلى قوله: "أنه يوجب العلم"
_.............
_ (طيب) صفحة 70 "وكما أنهم يستشهدون"، إلى قوله: "من أشرف قرونهم"، (طيب). صفحة 74 "والناس في هذا طرفان" إلى قوله: "يعرفون أن مثل هذا غلط" يعني 7 أسطر يمكن، "كما أن على الحديث أدلة يعلم بها" إلى قوله: "ويقطع بذلك".
"وفي التفسير من هذه الموضوعات" نعم، إلى قوله: "باتفاق أهل العلم" فيه.. فيه أيضاً فصل في النوع الثاني من الخلاف وهو 79، صفحة 79 "وأما النوع الثاني" إلى قوله: "وتابعيهم بإحسان" ثلاثة أسطر، 89 لا 81 "أحدهما قوم اعتقدوا" إلى قوله: "والمخاطب به".
_................
_ "لا أحدهما"، عندكم "إحداهما"؟ اصبر، (خلينا نشوف) لا الظاهر (اللي) عندك أحسن لأنه يقول: "فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين" نعم. "إحداهما أحسن" نعم إلى قوله: "والمخاطب به" الصفحة (اللي) تليها 82 "والأولون صنفان".
_...................
_ (هه)؟
_.................
_ كيف؟
_...............
_ "والأولون" (طيب) "والأولون الصنفان" إلى قوله: "لا في المدلول" أربعة أسطر. 83 "والمقصود أن هؤلاء اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه وليس لهم سلف" إلى قوله: "لا في رأيهم ولا في تفسيرهم" وتابع: وما من تفسير من تفاسيرهم (طيب) إلى: "إلا من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله.
_................
_ إي نعم، يعني تفيد في التفسير ويحذر الإنسان من (دولا). صفحة 91 "وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين" إلى قوله: "مغفوراً له خطؤه" ثم بعدها بأربعة أسطر (هه)؟ "وفي الجملة من عدل عن مذهب الصحابة" إلى قوله: خطؤه.."مغفوراً له خطؤه" وجدته؟ بعدها بأربعة أسطر: "ومعلوم أن كل من خالف قولهم له شبهة"، إلى قوله: "وتأولوه على غير تأويله" خمسة أسطر. ثم في صفحة 92 "وأما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول" إلى قوله: "لكن القرآن لا يدل عليها. الصفحة (اللي) بعدها 93 يقول: "فالجواب أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن" هذا واحد وبعدها بسطر "فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة".
_....................
_ يعني ما تركنا إلا سطر فقط.
_.........................
_ نعم، بعدها صفحة 95 "وحينئذ "إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة" "إذا لم تجد...رجعت في ذلك إلى أقوال الصحابة".
_.....................
_عندنا كله واحد
قال سائل: إلى الصحابة يا شيخ؟
الشيخ: إلى الصحابة نعم. طيب بعده في صفحة 100 في الإسرائيليات "فإنها على ثلاثة أقسام".
_.................
_ التفسير بأقوال الصحابة.
_.......................
_ كم صفحة عندك؟ 66 طيب، "ولكن.....فإنها على ثلاثة أقسام" إلى قوله: "إلى أمر ديني"، طيب (غير مسموع) (هه) "إلى أمرديني".
ثم صفحة 101 "فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف" إلى الفصل (غير مسموع) طيب وبعده "إذا لم يجد التفسير في القرآن" إلى قوله: "إلى أقوال التابعين". صفحة 105 "وقال شعبة بن الحجاج" إلى قوله: "فلا يرتاب في كونه حجة"، أربعة أسطر، لا 3.5 "أما إذا اجتمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة" طيب وبعده بسطرين "فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام". وبعده في صفحة 108 "فمن قال في القرآن برأيه فقد تكلف مالا علم له به وسلك غير ما أمر به" إلى قوله: "والله أعلم" أربعة أسطر (لقيتوها)؟
_............................
_ (لقيتوها هه)؟ "فمن قال في القرآن برأية فقد تكلف مالا علم له به"، شوف (اللي) قبله؟ صفحة 105 وعندي 108 يعني ورقة يمكن "فمن قال في القرآن برأيه"، إلى قوله: "والله أعلم".
_..........................
_ "وهكذا سمى الله القذفة كاذبين" بعدها "وهكذا..". طيب بعدها في صفحة 114 "فهذه الآثار"
سائل: "الصحيحة"؟
الشيخ: (إي ) نعم، إلى قوله: "وسكتوا عما جهلوه " وسكتنا.
_...............
_ (هه) (غير مسموع) طيب، فيه أيضاً فصل في النوع الثاني من الخلاف وهو 79 صفحة 79 "وأما النوع الثاني" إلى قوله: "وتابيعهم بإحسان" ثلاثة أسطر ثم...).

هيئة الإشراف

#3

18 Nov 2008

شرح مقدمة التفسير للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)


قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (ت: 1430هـ): (قولُه: (قالَ ابنُ جريرٍ: حدثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدثنا مؤمَّلٌ، قال حدثنا سفيانُ، عن أبي الزِّنادِ, قالَ: قالَ ابنُ عباسٍ. أبو الزنادِ مِن صغارِ التابعينَ، يَظهرُ أنه أَدركَ ابنَ عباس: التفسيرُ على أربعةِ أَوْجُهٍ: وجهٌ تَعْرِفُه العربُ مِن كلامِها، وتفسيرٌ لا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِه، وتفسيرٌ يَعلمُه العلماءُ، وتفسيرٌ لا يَعلمُه إلا اللهُ).
هذا الأثرُ مشهورٌ عن ابنِ عباسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، (والتفسيرُ الذي تَعرفُه العربُ) هو الكلماتُ العربيَّةُ التي يُرجع فيها إلى لغةِ العربِ، ولهذا يَستَشْهِدُ المفَسِّرونَ بأبياتِ العربِ، وباقوالهم و بالنظْمِ الذي يَذكرونَه، والذي يَعرفونَه؛ فإن العربَ يُسَمُّونَ الأشياءَ بأسماءٍ اصْطَلَحوا عليها، فلذلك يَسْتَشْهِدُ بكلامِهم ابنُ جريرٍ، فهو أكثرُ مَن رَأينا يَستشْهِدُ بنَظْمِ العربِ على الكلماتِ العربيَّةِ، بل حتى الكلماتُ الشرعيَّةُ. فمثلاً لَمَّا أتى إلى ذِكْرِ الصلاةِ اسْتَشْهَدَ عليها ببيتينِ مِن شعرِ العربِ، مِن قولِ الشاعرِ:
وقابَلَها الريحُ في دَنَّها وصَلَّى على دنها وارْتَسَمْ
ومِن قولِ الآخَرِ:
* إنْ ذُبِحَتْ صَلَّى عليها وزَمْزَم *
وفَسَّرَ الصلاةَ هنا بأنها الدعاءُ، ثم ذَكَرَ ابنُ كثيرٍ زيادةَ أبياتٍ، وكلُّها للأعشَى.
فالحاصلُ: أن العربَ تَعرفُ المسمَّياتِ، لأن القرآنُ نَزلَ بلغتِها، فلذلك يُرْجَعُ إلى لغةِ العربِ، حتى كان كثيرٌ مِن المفسرينَ أو مِن اللُّغويينِ يُسافرونَ ، إلى البوادي النائيةِ كي يأخذونَ الكلماتِ الفصيحةَ مِن العربِ.
فمثلاً: الكلماتُ التي تَعرِفُها العربُ بَقِيَتْ على مُسمياتِها، كقولِه تعالى: {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}يقصد: القمرُ. كثيرٌ مِن الناسِ لا يَعرفونَ العُرجونَ، ولكنْ إذا نَظَرْنا إلى أصلِه في لغةِ العربِ وإذا هو قِنْوُ النخلِ؛ لأنه إذا يَبِسَ تَقَوَّسَ، وأصبَحَ شِبْهَ نِصْفِ الدائرةٍ، فالقمرُ يكونُ كذلك في آخِرِ الشهْرِ.
كذلك مَثلاً قولُ اللهِ تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} كلمةُ الهباءِ مما قد يُحتاجُ فيه إلى معرفةٍ بلغةِ العربِ، فيُسَمَّى الدُّخَانُ مَثلاً: هباءً، وكذلك الشيءُ الخفيفُ الذي تَطيرُ به الرياحُ يسمى هباءً، كقولِه تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} يعني: أنه إذا طارتْ به الرياحُ أَصْبَحَ كأنه هباءٌ، كذلك مَثلاً قولُه: {كَلاَّ لاَ وَزَرَ}، كلمةُ (لا وَزَرَ) أيضاً كلمةٌ عَربيَّةٌ يُرجَعُ فيها إلى كلامِ وتفسيرِ العرَبِ، وإذا نَظرنا في السياقِ فإنَّ معناها: ليس له مَفَرٌّ ولا مَهرَبٌ ولا مَخْرَجٌ في يومِ القيامةِ.
وقد تَكَلَّمَ كثيرٌ منهم على مُفرداتِ القرآنِ. وممن خَصَّها بالتأليفِ: الراغبُ الأصفهاني، وله كتابٌ يُسَمَّى (مفرداتِ القرآنِ)، يعني: لغةَ القرآنِ، التي هي كلماتٌ تَحتاجُ إلى الرجوعِ إلى العربِ، وقد يُحتاجُ في تعريفِها إلى مَعرفةِ اصطلاحِ الشرْعِ، أو مَعرفةِ استعمالِها شَرْعاً، وقد تكونُ معرفتُها بما يَدُلُّ عليه السياقُ.
قولُه: (وتفسيرٌ لا يُعْذَرُ أحَدٌ بجهالتِه)، وهو معرفةُ الأحكامِ: والحلالِ والحرامِ، فلا يَجوزُ لأحَدٍ أن يَتجاهَلَه، وأن يَبْقَى جاهلاً به؛ فإنَّ الحلالَ لا بُدَّ مِن فِعْلِه، والأوامرُ كقولِه تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوُا الزَّكَاةَ}، وقولِه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}، وقولِه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ} وما أَشْبَهَ ذلك، فلا يُعْذَرُ أَحَدٌ بجَهالَتِها، وكذلك الْمُحَرَّمَاتُ لا بُدَّ أن يَتَعَلَّمَها المسلِمُ حتى يَتَجَنَّبَها، مثلُ قولِه تعالى: {لاَ تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ}، ومثلُ قولِه تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ}، {وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ}، {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا} وأشباهُ ذلك مما لا يُعْذَرُ أحَدٌ بجَهْلِهِ أيضاً، بلكلُّ المسلمينَ يُؤمرونَ بأن يَعرفوهُ حتى لا يَقَعوا فيه، والذي يَبْقى على جَهْلٍ يُعْتَبَرُ مُفَرِّطاً. قولُه: (وتفسيرٌ يَعلمُه العلماءُ)، العلماءُ الذين تَعَلَّموا العلْمَ يَعرِفونَ نوعاً مِن التفسيرِ؛ وذلك لأنهم بَحَثُوا عن أسبابِ النزولِ، فعَرَفُوا مِن أسبابِ النزولِ: على أيِّ معنًى تُحمَلُ الآيةُ التي يُفَسِّرونَها. وكذلك أيضاً لمَّا عَرَفُوا لغةَ العربِ عَرَفوا ما دَلَّتْ عليه، وقد يَعرِفونَ ذلك أيضاً بالسياقِ. فإذا قرأتَ ـ مثلاً ـ قولَه تعالى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً} فإنَّ السياقَ يَدُلُّ على أنها الرياحُ؛ لقولِه تعالى في مَوْضِعٍ آخَرَ: {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ}، فالذارياتُ: هي الرياحُ، وقولَه: {وَالْحَامِلاَتِ وِقْراً} السياقُ يَدُلُّ على أنها السُّفُنُ؛ لأنها تَحْمِلُ مَن فيها، ويُوقِرُونَهَا وِقْراً، وأشباهَ ذلك. وكذلك إذا قَرَأْتَ قولَه تعالى: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً} السياقُ يَدُلُّ على أنها الأفراسُ والخيلُ التي يكونُ لها ضَبيحٌ إذا سَعَتْ؛ وإذا عَدَتْ، وما أَشْبَهَ ذلك. فمثل هذا يَعرِفُهُ العلماءُ.
وأما (التفسيرُ الذي لا يَعلمُه إلا اللهُ)؛ فلعلَّهُ يعني بذلك: معانيَ أو تأويلَ الأمورِ الغيبيَّةِ وكيفيَّتَها؛ فإن هذه لا يَعْلَمُها إلا اللهُ. وقد تَكَلَّمَ العلماءُ على قولِ اللهِ تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}، فقالَ بعضُهم: إنَّ المرادَ: إنَّ الراسخينَ يَعْلَمُونه، ولكنَّ سياقَ الآيةِ يَدُلُّ على أنهم لا يَعلمونَه، ولا يَعلمُه إلا اللهُ، ويُفَسَّرُ التأويلُ الذي لا يَعلَمُه إلا اللهُ بحقائقِ الأمورِ الغيبيَّةِ، مثلَ قولِه تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} وتأويلُه يعني: حقائقُ ما أُخْبِروا عنه، ووقائعُ ما كان قد وَقَعَ لهم وأُخْبِرُوا به ولم يَتَحَقَّقْ وقوعُه. فالحاصلُ: أنَّ هذه المقدِّمَةَ بَيَّنَ فيها رَحِمَه الله تعالى مُجْمَلَ التفسيرِ، وذَكَرَ هذه الأمثلةَ، وهي مُفيدةٌ. قد تَكَلَّمَ العلماءُ كثيراً على أصولِ التفسيرِ، وجَعلوه مادةً تُدَرَّسُ ، وجَعلوا المعرفةَ له مفيدةً في علْمِ التفسيرِ، ولكنَّ كلامَ شيخِ الإسلامِ رَحِمَه اللهُ تعالى كان على وجهِ الإجمالِ لهذه المعاني التي تَطَرَّقَ إليها. وبهذا تكونُ قد انتهتْ هذه الرسالةُ، واللهُ أَعْلَمُ، وصَلَّى اللهُ على محمدٍ.
سؤالٌ: ما رأيُ فضيلتِكم في تفسيرِ (التحريرِ والتنويرِ) لابنِ عاشورٍ وتفسيرِ الجَلاَليَنِْ؟
جوابٌ: تفسيرُ (التحريرِ) هذا ما سَبَقَ لي أني اطَّلَعْتُ عليه، ولكن يَظهرُ أنه مِن الذين دَرسوا عن مَذهبِ الأشاعرةِ، وتَأَثَّرُوا به؛ فلا يَسلَمُ مِن شيءٍ مِن التأويلِ، وأما تفسيرُ الجلالينِ؛ فالجلالانِ: جَلالُ الدينِ المحليُّ، وجلالُ الدينِ السيوطيُّ، جلالُ الدينِ المحليُّ فَسَّرَ آخِرَ القرآنِ، يعني: مِن سورةِ الكهفِ إلى آخِرِ القرآنِ، في هذا التفسيرِ المختصَرِ، ثم كمَّلَه جلالُ الدينِ السيوطيُّ بأن فَسَّرَ مِن البقرةِ إلى آخِرِ سورةِ الإسراءِ، ولا بأسَ به، لكن فيه تأويلُ آياتِ الصفاتِ على مُعتقَدِ الأشاعرةِ؛ لأنَّ معتقَدَ الأشاعرةِ مُتمكِّنٌ فيهم، وهما مِن علماءِ الشافعيَّةِ المُتوغِّلِينَ في مُعتقَدِ الأشاعرةِ في نفيِ الصفاتِ الفعليَّةِ، فإذا كان طالبُ العلمِ عارفاً بما تَدُلُّ عليه الأدلَّةُ، فإنه لا يَضُرُّه إذا قَرَأَ فيهما.
سؤالٌ: ما حُكْمُ التفسيرِ بالاكتشافاتِ العلميَّةِ المعاصِرَةِ؟
جوابٌ: هؤلاءِ المعاصرونَ أَرَادُوا أن يَحْمِلوا كثيراً مِن الآياتِ على المكاشفاتِ الْمُتَجَدِّدَةِ، فأَلَّفُوا في ذلك تفاسيرَ، وأَلَّفُوا في ذلك كُتُباً، وحَمَلوا كثيراً مِن الآياتِ عليها، ولكنْ في هذا الْحَمْلِ شيءٌ مِن التكَلُّفِ، وقد يكونُ فيها شيءٌ مِن الدلالةِ عليه؛ لأنَّ اللهَ يقولُ: {وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، ولكنَّ الكثيرَ حَمَّلوا الآياتِ ما لا تَحْتَمِلُه. واللهُ أَعْلَمُ).

هيئة الإشراف

#4

20 Nov 2008

شرح مقدمة التفسير للشيخ: مساعد بن سليمان الطيار


قال الشيخ مساعد بن سليمان الطيار: (ثم ختم شيخُ الإسلامِ – رحمهُ اللَّهُ – هذا الكتابَ المبارَكَ بتقسيمِ ابنِ عباسٍ للتفسيرِ، والأثرُ – وإن كان فيه ضعفٌ – فإنَّ معناه صحيحٌ، وهذا التقسيمُ الواردُ فيه قد اعتمدَه بعضُ من جاءَ مِن المفسِّرين بعدَ ابنِ عباسٍ، كالماورديِّ مثلًا فقد شرَح هذا الحديثَ في مقدمةِ النُّكَتِ والعيونِ، وكذلك شيخِ الإسلامِ , ذَكَرَ هذا الأثرَ عن ابنِ عباسٍ على سبيلِ الاستشهادِ في أكثرَ مِن موطِنٍ.
وقد قسَّمَ ابنُ عباسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما التفسيرَ إلى أربعةِ أوجُهٍ:
1- تفسيرٌ تعرِفُه العربُ من كلامِها، وهو على قسمَين:
أ) كلامٌ ظاهرٌ لا يَخفَى على أحدٍ منهم، كالشمسِ والقمرِ والنجومِ والأرضِ والسماءِ ونحوِ ذلك.
ب) كلامٌ قد يَخفَى على بعضِهم كما حَصلَ لأبي بكرٍ وعمرَ، فإذا جَهِلَ بعضُهم شيئًا من هذه المعاني فإنه يدخُلُ فيما تعلَمُه العلماءُ (المتشابِهِ النِّسبيِّ)، ومما تعرِفُه العربُ من كلامِها ما يتعلَّقُ بأساليبِ الخطابِ؛ لأن مرجِعَها إلى لغةِ العربِ.
2- تفسيرٌ لا يُعذرُ أحدٌ بجهالَتِه، وهو ما تقومُ به الدِّيانةُ، فهذا لا يَجوزُ ألا يَعرِفَه أحدٌ من المسلمين، وذلك مثلُ معرفةِ معنى: {فاعْلَم أنه لا إلهَ إلا اللَّهُ} , فمَن لا يَعرفُ معنى هذا لم يكنْ من المُسلِمين.
3- تفسيرٌ يعلَمُه العلماءُ، وهو يدخُلُ فيما يُسَمَّى المتشابِهَ النسبيَّ، فكُلُّ ما خَفِيَ على أحدٍ فإنَّ العلماءَ يعرِفونه ويُبيِّـنُونه لمَن خَفِيَ عليهم، سواءٌ كان هذا المتشابِهُ النسبيُّ من جهةِ اللغةِ أم من جهةِ الشريعةِ؛ لأنه لا يُوجدُ في كتابِ اللَّهِ ما لا يُعلمُ معناه.
4- تفسيرٌ لا يَعلَمُه إلا اللَّهُ، وهو المتشابِهُ الكُلِّيُّ، ويدخُلُ فيه ما يتعلَّقُ بالمُغَيَّبَاتِ وحقائِقِها وكيفياتِها، وذلك مِثلُ الدابَّةِ التي تَخرُجُ في آخِرِ الزمانِ؛ {وإذا وَقعَ عليهم القولُ أخْرَجْنا لهم دابَّةً من الأرضِ تُكلِّمُهم} فهذه الدابَّةُ ما لونُها؟ وكم طولُها؟ ومتى تَخرجُ؟ فكلُّ هذا مما لا يَعلمُه إلا اللَّهُ، ومَن ادَّعى عِلمَ مثلِ هذه الأمورِ فقد كذَبَ.
هذا ما يتعلَّقُ بهذه المقدِّمةِ المباركةِ، وقد اسْتُعْجِلَ في نهايَتِها لضيقِ الوقتِ، ولكنْ لعلَّ اللَّهَ يمُنُّ بشرحٍ آخرَ يكونُ أبسطَ من هذا الشرحِ, وأن يَنْفَعَنِي وإياكم بما سَمِعْنا.
والآن نأتي إلى الأمثلةِ، وسيكونُ المنهجُ فيها أن يُبَيَّنَ سببُ ونوعُ الاختلافِ، وإلى أيِّ شيءٍ يَرجعُ؟ إلى تنوُّعٍ أو إلى تضادٍّ؟ وإلى معنًى واحدٍ أو إلى أكثرَ مِن معنًى؟ ثم نَجتهدَ معًا في معرفةِ القاعدةِ التي يُمكنُ أن نرجِّحَ بها.
س: هذا يسألُ عن أفضلِ كتابٍ جَمعَ قواعِدَ التفسيرِ؟
ج: عندَنا كتابان في قواعدِ التفسيرِ، وكلُّ كتابٍ به اتجاهُه العلميُّ، فكتابُ الشيخِ خالدٍ السبت (قواعدُ التفسيرِ) هو في القواعدِ العامَّةِ في التفسيرِ.
والكتابُ الآخَرُ (قواعدُ الترجيحِ بينَ المفسِّرين) وهو فيما سنناقِشُةُ اليومَ , وهو القواعدُ المتعلِّقةُ بأقوالِ الترجيحِ بينَ المفسِّرين، والكتابُ الأخيرُ للشيخِ حُسَيْنٍ الحربيِّ.
س: هذا يسألُ عن المنهجيةِ التي يمكنُ أن يَسيرَ عليها طالبُ العلمِ في التفسيرِ، وهل يَقرأُ الطالبُ في تفسيرٍ واحدٍ حتى يُنهِيَه أو يَقرأُ جملةً من التفاسيرِ؟
ج: يقرأُ تفسيرًا واحدًا حتى يُنهِيَه، وهذا أفضلُ وأكثرُ فائدةً، والتفاسيرُ تختلِفُ، وقد طرَحْتُ هذا الموضوعَ في محاضرةٍ، لعلَّها إن شاءَ اللَّهُ تُطبَعُ وتُنشَرُ قريبًا.
(قولُه تعالى: {والشُّعراءُ يتَّبِعُهم الغاوونَ}..)
أولًا: ما هو سببُ هذا الاختلافِ؟
سببُ الاختلافِ هو أنه وصفٌ حُذفَ موصوفُه، وهو يَرجعُ إلى التواطؤِ.
ثانيًا: ما نوعُ الاختلافِ؟
اختلافُ تنوُّعٍ؛ لأنه ليس بينَ هذه الأقوالِ تضادٌّ.
ثالثًا: هل يَرجعُ إلى قولٍ واحدٍ أو إلى أكثرَ مِن قولٍ؟
هو يَرجعُ إلى أكثرَ من قولٍ، ومِن ثَمَّ يَرجعُ إلى أكثرَ من ذاتٍ.
رابعًا: هذه العباراتُ هل يمكنُ أن يدخُلَ بعضُها في بعضٍ؟
نعم، هذه العباراتُ بينَها تداخُلٌ، وأعمُّ عبارةٍ هي السفهاءُ؛ لأنَّ الشيطانَ سَفيهٌ، والمشركَ سفيهٌ، والعاصيَ من المسلمين الذي يتَّبِعُ الشِّعرَ سفيهٌ.
الأظهرُ من هذه المعاني أنَّ المرادَ بها السفهاءُ؛ لأنه أعمُّ الأقوالِ، فهذا مُرجَّحٌ.
(قولُه تعالى: {كذلك نَسْلُكُه في قُلوبِ المجرِمينَ}...)
- سببُ الاختلافِ هو مرجِعُ اسمِ الإشارةِ "ذلك".
- ونوعُ الاختلافِ اختلافُ تنوُّعٍ من قبيلِ المتواطئِ.
- وهو يَرجعُ إلى أكثرَ من قولٍ، وكلُّ هذه الأقوالِ محتمَلةٌ.
- وأولى هذه الأقوالِ هو القولُ بأنه الاستهزاءُ؛ لدَلالةِ السياقِ؛ لأنه وَردَ قبلَه قولُه تعالى: {إلا كانوا به يستهزِئونَ، كذلكَ نَسلُكُه في قلوبِ المجرِمينَ}، مع أنَّ الاستهزاءَ والشِّركَ والتكذيبَ هذه الثلاثةَ بينَها تلازُمٌ؛ لأنَّ الاستهزاءَ مظهرٌ من مظاهرِ التكذيبِ، والشِّركَ ناتجٌ عن التكذيبِ.
(قولُه تعالى: {وجَعَلْنا لكم فيها معايِشَ} ...)
- سببُ الاختلافِ هو مفسَّرُ الضميرِ في قولِه (فيها).
- نوعُ الاختلافِ: اختلافُ تنوُّعٍ، من قبيلِ المتواطئِ.
- وهو يَرجعُ إلى أكثرَ من معنَى، وهذه المعاني محتمَلَةٌ.
- والأَوْلَى أن يكونَ الضميرُ عائدًا إلى الأرضِ المذكورةِ في قولِه: {والأرضَ مدَدْناها وألْقَيْنا فيها رواسيَ وأنبتْنا فيها من كلِّ شيءٍ موزونٍ)؛ لأنَّ الضمائرَ في هذه الآيةِ كلَّها تعودُ إلى (الأرضِ), فإذا لم يكن الضميرُ في (فيها) عائدًا إلى الأرضِ كان ذلك مخالِفًا لقاعدةِ (تناسُبِ الضمائرِ).
وربما قيل: إنَّ الأولى عَوْدُه على المُنبَتِ في الأرضِ؛ لأنَّ قولَه (وأنبتنا) هو آخرُ مذكورٍ، والقاعدةُ أن الضميرَ يعودُ إلى أقربِ مذكورٍ.
فهذا المثالُ تنازَعَتْه قاعدتان هما: (تناسُبُ الضمائرِ) و (عودةُ الضميرِ إلى أقربِ مذكورٍ)، وتناسُبُ الضمائرِ أولى من عودِ الضميرِ إلى أقربِ مذكورٍ.
(وقولُه تعالى: {ومَنْ لستم له برازِقِينَ}...)
- سببُ الاختلافِ: وجودُ لفظٍ عامٍّ تُذكرُ له أمثلةٌ، أو وصفٍ لم يُحدَّدْ موصوفُه.
- نوعُ الاختلافِ: اختلافُ تنوُّعٍ.
- وكلُّ الأقوالِ المذكورةِ صحيحةٌ وتدخُلُ في عمومِ الآيةِ، ولا نحتاجُ إلى الترجيحِ بينَها؛ لأنَّ اللفظَ هنا عامٌّ فيبقى على عمومِه، وهذه طريقةُ شيخِ المفسِّرين ابنِ جريرٍ الطبريِّ في مثلِ هذا النوعِ من الاختلافِ.
(قولُه تعالى: {وما أنتم له بخَازِنِينَ}...)
هذان التفسيران ليس بينَهما اختلافٌ، وإنما المرادُ اختلافُ عبارةٍ.
والأولى أن يقالَ: (بحافِظين)؛ لأنَّ خَزَنَ في اللغةِ بمعنى حَفِظَ. وتفسيرُ سفيانَ (بمانِعين) هو من بابِ التفسيرِ باللازمِ؛ لأنه لو كانت خزائنُ الماءِ بأيديكم لمَنَعْتُمُوهُ، وما دُمتمْ لستم الحافِظينَ له فلا تستطيعون مَنعَه. فهذا التفسيرُ يدخلُ فيما ذكرَه شيخُ الإسلامِ مِن أن َّ السَّلفَ قد يفسِّرون الشيءَ بلازمِه أو نظيرِه أو بمقصودِه.
(قولُه تعالى: {ولقد عَلِمْنَا المستقدِمين منكم ولقد عَلِمْنا المستأخِرين}...)
سببُ الاختلافِ: هو حذفُ الموصوفِ الذي ذُكِرَ وصفُه.
نوعُ الاختلافِ: اختلافُ تنوُّعٍ؛ لأنه ليسَ بينَ الأقوالِ تضادٌّ.
وهذه الأقوالُ تَرجعُ إلى أكثرَ من معنًى، ومِن ثَمَّ تكونُ راجعةً إلى أكثرَ من ذاتٍ.
وكلُّ هذه الأقوالِ يمكنُ أن تدخُلَ في دلالةِ الآيةِ، لكن الأولى بالترجيحِ هو القولُ الثاني؛ لدلالةِ السياقِ عليه، فالآياتُ التي قَبلَ هذا كانت خطابًا للكفارِ {رُبَما يودُّ الذين كفروا لو كانوا مسلِمِين} إلى أن قال: {وإنَّا لنَحنُ نُحْيِي ونُميتُ ونحنُ الوارِثون، ولقد عَلِمنَا المستقدِمين منكم ولقد علمنا المستأخِرينَ} فالضميرُ في قولِه (منكم) يعودُ على (الذين كفروا) الذين بدأتِ السورةُ بخطابِهم، ومِن ثَمَّ فإنَّ أنسبَ هذه الأقوالِ لخطابِ الكفارِ هو القولُ الثاني , وهو أنَّ المستقدِمين مَن ماتَ , والمستأخِرين مَن هو حيٌّ، وهو قولُ ابنِ عباسٍ من طريقِ العَوْفيِّ، وقولُ مجاهدٍ وعطاءٍ والضحَّاكِ ومحمدٍ القرطبيِّ.
أما الأقوالُ الأخرى فلا مناسبةَ بينَها وبين السياقِ، وإن كان كلٌّ منها قد يدخلُ تحتَ عمومِ المستقدِمين والمستأخِرين من جهةِ اللفظِ.
(قولُه تعالى: {وَفَدَيْناه بِذِبْحٍ عظيمٍ}...)
سببُ الاختلافِ: هو مفسَّرُ الضميرِ في قولِه (فديناه).
نوعُ الاختلافِ: اختلافُ تضادٍّ؛ لأنه لا يمكنُ الجمعُ بينَ القولَين، فالذبيحُ إما أن يكونَ إسماعيلَ، وإما أن يكونَ إسحاقَ.
إذا أرَدْتَ الترجيحَ بينَ هذين القولَين وجدتَ أن سياقَ الآياتِ يدلُّ على أنَّ الذبيحَ إسماعيلُ؛ لأنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قال: {فَبشَّرْناه بغلامٍ حليمٍ، فلمَّا بَلغَ معه السَّعيَ قال يا بُنيَّ إني أرى في المنامِ أنِّي أذبَحُكَ فانظرْ ماذا تَرى، قال يا أبتِ افعلْ ما تُؤمرُ ستجدنُي إن شاءَ اللَّهُ من الصابِرين} ثم قال بعدَ ذلك: {وبشَّرْنَاه بإسحاقَ نبيًّا من الصالِحين} فعُلمَ قطعًا أن التبشيرَ الثانيَ غيرُ التبشيرِ الأولِ؛ لأنه عُطِفَ عليه.
وإن كان ابنُ جريرٍ رحمهُ اللَّهُ تعالى يرى أنَّ الغلامَ في البِشارَتَين واحدٌ، ولكنَّ البشرى الأولى بكونِه غلامًا حليمًا، والبُشرى الثانيةَ بكونِه نبيًّا من الصالِحِين , ولهذا كان يُرجِّحُ أنَّ الذبيحَ إسحاقُ.
ولكنّ الصحيحَ أن الغلامَ الحليمَ هو إسماعيلُ , وأنَّ التبشيرَ بإسحاقَ جاء بعدَ ذلك، ويدلُّ لذلك أدلَّةٌ أخرى ليس هذا مَقامَ ذِكرِها، ومَن أراد التفصيلَ يمكنُ الرجوعُ مثلًا إلى كتابِ (القولُ الصحيحُ في تعيينِ الذبيحِ) للمعلِّمِ عبدِ الحميدِ الفراهيِّ، فهو من الكُتبِ الجيدةِ في هذا البابِ.
(قولُه تعالى: {وشَهِدَ شاهدٌ من بني إسرائيلَ على مِثلِه}..)
سببُ الاختلافِ: هو ذِكرُ وصفٍ حُذِفَ موصوفُه، وهو الشاهدُ من بني إسرائيلَ.
وهو اختلافُ تنوُّعٍ؛ لأنه يُمكنُ الجمعُ بينَ القولَين معًا، فيكونُ المعنى: شَهِدَ موسى عليه السلامُ وشهِدَ عبدُ اللَّهِ بنُ سَلاَمٍ.
إذا أَرَدْنا الترجيحَ بينَ هذين القولَين وجدْنا أن سورةَ الأحقافِ التي منها هذه الآيةُ نزلتْ بمكةَ، وعبدَ اللَّهِ بنَ سَلاَمٍ كان بالمدينةِ؛ ولهذا قال مسروقٌ: ما شأنُ عبدِ اللَّهِ بنِ سَلاَمٍ وهذه الآيةِ؟ إنما نزلتْ هذه الآيةُ بمكةَ.
كما أن سياقَ الآيةِ يدلُّ على ذلك؛ لأن ما قَبلَها وما بعدَها خطابٌ للعَربِ من كفارِ مكةَ , وهو قولُه: {قل ما كنتُ بِدْعًا من الرُّسُلِ وما أَدْرِي ما يُفعلُ بي ولا بِكُمْ} وقولُه بعدها: {وقال الذين كَفُروا للذين آمَنُوا لو كان خيْرًا ما سَبقُونا إليه} أضفْ إلى ذلك أنَّ قولَه في الآيةِ (على مِثلِه) يؤكِّدُ أن المرادَ هو موسى عليه السلامُ، والمعنى أنَّ موسى شهِدَ على التوراةِ التي هي مِثلُ القرآنِ، أما عبدُ اللَّهِ بنُ سلامٍ فإنه شهِدَ على القرآنِ ذاتِه وليس على مِثلِه.
وكونُ المرادِ بهذه الآيةِ عبدَ اللَّهِ بنَ سلامٍ ورَدَ عن سعدِ بنِ أبي وقاصٍ وعبدِ اللَّهِ بنِ سلامٍ نفْسِه الذي كان يقول:ُ فيَّ نزلتْ هذه الآيةُ، وورد أيضًا عن جمهورِ الصحابةِ والمفسِّرين؛ ولهذا رَجَّحَه ابنُ جريرٍ الطبريُّ مع إشادَتِه بالقولِ الثاني الذي هو قولُ مسروقٍ والشعبيِّ.
ويمكنُ أن يُجمعَ بين القولين فيقالَ: إنَّ الآياتِ أصلًا نزلتْ والمرادُ بها موسى عليه السلامُ كما يَدلُّ عليه سياقُ الآياتِ ولأنها نزلتْ بمكةَ، ولكن عبدُ اللَّهِ بنُ سلامٍ يدخلُ في عمومِ معنى الآيةِ؛ لأنه يَصدُقُ عليه كونُه شاهدًا من بني إسرائيلَ.
وقريبٌ من هذا ما يُذكرُ في قولِه تعالى: {لمَسْجِدٌ أُسِّسَ على التقوى من أوَّلِ يومٍ أحقُّ أن تقومَ فيه فيه رجالٌ يُحبُّون أن يتطَهَّروا) فالآيةُ وردتْ في سياقِ مسجدِ قُباءَ، ولما سئل عنها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ أخَذَ كفًّا من حَصْباءَ , وضَرَبَ به الأرضَ، وقال: مسجدِي هذا، ولا شكَّ أنَّ مسجدَ قُباءَ يدخُلُ وهو المرادُ بالآيةِ أولًا، ولكنه صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ أراد أن ينبِّهَ على أن مسجدَه أولى بأن يقالَ فيه: إنه مسجدٌ أُسِّسَ على التقوى، وقد حَرَّرَ ذلك شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ وابنُ القيمِ رحمَهما اللَّهُ تعالى.
{قولُه تعالى: وما يَعلَمُ تأويلَه إلا اللَّهُ}..)
سببُ الاختلافِ: هو الاشتراكُ اللغويُّ؛ لأنَّ كلمةَ (التأويلِ) تأتي بمعنى ما يُأَوَّلُ إليه حقيقةُ الشيءِ، ويأتي بمعنى التفسيرِ.
نوعُ الاختلافِ: اختلافُ تنوُّعٍ.
وهو يرجعُ إلى أكثرَ مِن معنًى.
والقولان كلاهما صحيحٌ، وقال به طائفةٌ من السَّلفِ، ولكننا إذا أردنا الترجيحَ بينَهما، فإننا إذا رجَعْنا إلى لغةِ القرآنِ، وهي غالبُ استعمالِه للفظةِ (التأويلِ) وجدنا أنها تَرِدُ بمعنى ما تُأَوَّلُ إليه حقيقةُ الشيءِ، وقد وردتْ بهذا المعنى في ثمانيةِ مواطنَ في القرآنِ الكريمِ , منها قولُه تعالى: {ولمَّا يأْتِهم تأويلُه} في سورةِ يوسفَ وغيرِها.
وهذا يرجِّحُ أنَّ المرادَ بالتأويلِ هنا هو ما تأوَّلُ إليه حقيقةُ الشيءِ أو العاقبةُ المنتظرَةُ, ولهذا رجَّحَه ابنُ كثيرٍ والشنقيطيُّ رَحِمَهُما اللَّهُ تعالى. ويمكنُ أن يقالَ بالقولين معًا؛ لأن الاختلافَ هنا اختلافُ تنوُّعٍ.

(قولُه تعالى: {فلمَّا بَلغَ مَعَهُ السَّعيَ}...)
الخلافُ في هذه الآيةِ يمكنُ إرجاعُه إلى قولين فقط؛ لأنَّ القولَ الثالثَ يدخلُ في القولِ الأولِ، فالعبادةُ جزءٌ من العملِ، فيبقى في الآيةِ قولان هما أنَّ المرادَ بالسعيِ العملُ، والثاني أن المرادَ بالسعيِ المشيُ.
سببُ الاختلافِ: الاشتراكُ اللغويُّ؛ لأنَّ السعيَ يأتي في لغةِ العرَبِ بمعنى المشيِ، ويأتي بمعنى العملِ.
وكلا القولَيْن محتمَلٌ , ولكنَّ القولَ بأنَّ المرادَ بالسعيِ العملُ أولى؛ لأنه يدلُّ على بلوغِ إسماعيلَ وإدراكِه بأنه سيذبَحُه، وهذا أبْلَغُ في الابتلاءِ مما إذا قلتَ: إنَّ السعيَ بمعنى المشيِ.
(قولُه تعالى: {والنَّجمُ والشجرُ يَسجُدانِ}..)
سببُ الاختلافِ: هو الاشتراكُ اللغويُّ؛ لأنَّ النجمَ يُطلقُ على الكوكبِ، ويُطلقُ على النباتِ.
وهو اختلافُ تنوُّعٍ يرجعُ إلى أكثرَ من معنًى.
وكلا القولين محتمَلانِ، ولكن إذا أردتَ الترجيحَ بينَهما وجدتَ دلالةَ السياقِ ترجِّحُ أن يكونَ المرادُ بالنَّجمِ كلَّ نباتٍ لا ساقَ له؛ لأنه عَطَفَ عليه الشجرَ، والشجرُ نباتٌ له ساقٌ، فيكونُ قد عُطِفَ نباتٌ على نباتٍ , وهذا أنْسَبُ.
ولكن إذا نظرتَ إلى السياقِ من جهةٍ أخرى وجدتَ أنه ذَكرَ النجمَ بعد ذِكرِ الشمسِ والقمرِ فقال: {الشمسُ والقمرُ بحسبانٍ، والنجمُ والشجرُ يسجُدانِ} فَعَطفُ النجمِ هنا على الشمسِ والقمرِ يدلُّ على أنَّ المرادَ به الكوكبُ؛ لأنه مناسِبٌ لهما في الذِّكرِ.
أيضًا الغالبُ من مصطلَحِ القرآنِ هو استخدامُ النجمِ بمعنى الكوكبِ , كما في قولِه تعالى: {وعلاماتٍ وبالنجمِ هُمْ يهتدونَ} وقولِه: {أَلمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ يَسجُدُ له مَن في السماواتِ والأرضِ والشمسُ والقمرُ والنجومُ}، فهذا يدلُّ على أنَّ المرادَ بالنجمِ الكوكبُ الذي في السماءِ.
ويمكنُ أن يُقالَ بالقولين معًا؛ لأنَّ الخلافَ خلافُ تنوُّعٍ.
(قولُه تعالى: {ملَّةَ أبيكم إبراهيمَ هو سمَّاكُم المسلِمين}..)
سببُ الاختلافِ: مفسَّرُ الضميرِ في قولِه (هو).
نوعُ الاختلافِ: اختلافُ تضادٍّ؛ لأنَّ المسمَّى واحدٌ، إما اللَّهُ تعالى وإما إبراهيمُ عليه السلامُ.
عِلَّةُ جعلِ الضميرِ عائدًا إلى إبراهيمَ كونُ الضميرِ عادةً يعودُ إلى أقربِ مذكورٍ , وأقربُ مذكورٍ للضميرِ هو إبراهيمُ.
وعِلَّةُ جعلِ الضميرِ عائدًا إلى اللَّهِ تعالى هي تناسُبُ الضمائرِ في الآيةِ؛ لأنه وَردَ في أولِ الآيةِ: {وجاهِدوا في اللَّهِ حقَّ جهادِه هو اجْتبَاكُم وما جَعلَ عليكم في الدِّينِ مِن حرجٍ} فهذه الضمائرُ كُلُّها تَعودُ إلى اللَّهِ تعالى، فكذلك ينبغي أن يكونَ الضميرُ في (هو سمَّاكم).
(قولُه تعالى: {عَيْنًا فيها تُسمَّى سَلْسَبيلاً}..)
القولُ بأنَّ (سلسبيلا) أصلُها (سَلْ سبيلًا) أي: طريقًا، قولٌ فيه ضعفٌ؛ لأنه مخالِفٌ لرَسمِ المصحفِ، فقد رُسِمَتْ في المصحفِ كلمةً واحدةً، فدلَّ هذا على أنَّ الصحيحَ هو القولُ بأنها اسمٌ للعينِ التي يَشرَبُ منها أهلُ الجنةِ.
ولو كانت معناها (سلْ طريقًا) لكُتِبتْ كلمَتين (سلْ سبيلًا)، فهذا القولُ فيه ضعفٌ , ولو كان مذكورًا في بعضِ التفاسيرِ.
(قولُه تعالى: {ويَذهبَا بطريقَتِكُم المُثلى}..)
سببُ الاختلافِ: هو الاشتراكُ اللغويُّ.
نوعُ الاختلافِ: اختلافُ تنوُّعٍ، وهو يرجعُ إلى أكثرَ مِن معنًى.
وكلا القولَيْن محتملانِ، والراجِحُ هو القولُ بأنَّ الطريقةَ هنا هي الدِّينُ؛ لأنه الأشهرُ في استعمالِ الطريقةِ في اللغةِ والقرآنِ، كما في قولِه تعالى: {وألَّوِ استقامُوا على الطريقةِ} أي: على الدِّينِ.
وبهذا أَخْتِمُ هذه الدروسَ التي أسألُ اللَّهَ سبحانه وتعالى أن يَجعلَها مباركةً ونافعةً لي ولكم في الدَّارَيْنِ، إنه سميعٌ مجيبٌ.
أُلْقِيَ أصلُ هذه الدروسِ في جامعِ الملكِ عبدِ العزيزِ بمدينةِ تَبُوكَ بتاريخِ (29: 6 ـ 5: 7: 1423) ).