الدروس
course cover
طرق التفسير: 1- تفسير القرآن بالقرآن
9 Nov 2008
9 Nov 2008

13631

0

0

course cover
شرح مقدمة التفسير

القسم الثالث

طرق التفسير: 1- تفسير القرآن بالقرآن
9 Nov 2008
9 Nov 2008

9 Nov 2008

13631

0

0


0

0

0

0

0

طرق التفسير: 1- تفسير القرآن بالقرآن

قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ): (فَصْلٌ فِي أَحْسَنِ طُرُقِ التَّفْسِيرِ

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا أَحْسَنُ طُرُقِ التَّفْسِيرِ؟
فَالْجَوَابُ : إِنَّ أَصَحَّ الطُّرُقِ فِي ذَلِكَ : أَنْ يُفَسِّرَ القُرْآنَ بِالْقُرْآنِ : فَمَا أُجْمِلَ فِي مَكَانٍ فَإِنَّهُ قَدْ فُسِّرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَمَا اخْتُصِرَ فِي مَكَانٍ فَقَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ).

هيئة الإشراف

#2

18 Nov 2008

شرح مقدمة التفسير للشيخ: محمد بن صالح العثيمين (مفرغ)

القارئ: (" . . . فصل: في أحسن طرق التفسير: تفسير القرآن بالقرآن وتفسيره بالسنة، فإن قال قائل...").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (ما هي بعندي، عندي: "تفسير القرآن بالقرآن وتفسيره بالسنة وأقوال الصحابة". وكل هذا الظاهر من وضع الناقلين. "فإن قال قائل" هو من كلام المؤلف... المهم أن هذه العناوين ما هي من المؤلف.
ردا على سؤال غير مسموع:
لا ما أعرف عنها شيء
_.................
_.. ما أدري. نعم).

القارئ: ("فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكانٍ فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر).

هيئة الإشراف

#3

18 Nov 2008

شرح مقدمة التفسير للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)


قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (ت: 1430هـ): (هاهنا يَذْكُرُ المؤلِّفُ رَحِمَه اللهُ أَحْسَنَ طُرُقِ التفسيرِ وأولاها بالاعتبارِ، فيقولُ: (إنَّ أَصَحَّ الطرُقِ في ذلك: أن يُفَسَّرَ القرآنُ بالقرآنِ)؛ أن تُفَسَّرَ الآياتُ بعضُها ببعضٍ، ويُعَلِّلُ: بأنَّ (ما أُجْمِلَ في مكانٍ فإنه قد فُسِّرَ في مَوْضِعٍ آخَرَ)، يعني: في مكانٍ مُجْمَلٍ، وفي مكانٍ آخَرَ مُفَسَّرٍ ومُفَصَّلٍ، (وما اخْتُصِرَ مِن مكانٍ فقد يُبْسَطُ في مَوضعٍ آخَرَ)، يعني: أحياناً يَخْتَصِرُ اللهُ تعالى القصةَ، ثم يَبْسُطُها في موضِعٍ آخَرَ.
وقد سَلَكَ ابنُ كثيرٍ رَحمَه اللهُ في التفسيرِ هذه الطريقةَ وهي: تفسيرَ القرآنِ بالقرآنِ، فهو إذا ذَكَرَ آيةً فيها شيءٌ مِن الإجمالِ؛ أعقبها بذَكرالآياتِ الأخرى التي فيها شيءٌ مِن التفصيلِ، وقد تكونُ الآيات الْمُجْمَلَةُ مُفَسَّرَةً بما بعدَها، مثلَ قولِه تعالى: {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً}، فَسَّرَ الهلوعَ بالآيةِ التي بعدَها، وهي قولُه: {َإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً و إِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً }، فهذا تفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ.
وكذلك القَصَصِ يَكْثُرُ فيها الإجمالُ والتفصيلُ، مثلَ قولِ اللهِ تعالى في قِصَّةِ موسى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً} ففي هذا قالَ: {كَأَنَّهَا جَانٌّ}، والجانُّ: يَعُمُّ ما كان مُتَشَيْطِنًا مِن الْجِنِّ، ويَعُمُّ أنواعاً مِن الأفاعي ونحوِها، ولكنْ بَيَّنَه في آياتٍ أُخْرَى؛ ففي سورةِ طه: {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}، فبين أنها حَيَّةٌ، وفي سورةِ الأعرافِ قالَ تعالى: {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ}، والثعبانُ نوعٌ مِن الحيَّاتِ،
وكذلك مَثَلاً في قِصَّةِ موسى؛ خاطَبَه اللهُ تعالى بقولِه: {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ}، في هذه الآيةِ نوعٌ مِن الإجمالِ فُصِّلَ في سورةِ القَصصِ، في قولِه تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي}، إلى قولِه: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ}، فقولُه: {يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ} فُسِّر في الآيةِ الأخرى بأنه فرعونُ: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لِهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً} إلى آخِرِ الآياتِ.
وكذلك الايات في قَصصِ الأنبياءِ كثيراً ما تأتي مُجملَةً، كما في سورةِ الحاقةِ: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ}، أُجملَت الطاغيةُ هاهنا، وفُسِّرَتْ في مكانٍ آخَرَ أو في مواضع اُخر، كقولِه تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً}، ففُسِّرَت الطاغيةُ بأنها الصيحةُ.
وكذلك الآياتُ المجمَلةُ في الثوابِ والعقابِ؛ كثيراً ما يَذْكُرُ اللهُ تعالى ثوابَ أهلِ الجنةِ مُجْمَلاً ويُفَصِّلُه في مواضع اُخر .
وكذلك عقابُ أهلِ النارِ يأتي في آياتٍ مُجْمَلاً ويأتي مُفَصَّلاً في مواضع اُخر ، بذكر أنواع مِن العذابِ، لم تذكر في ذلك الْمَوْضِعِ مفصلة.
والقرآنَ بيانُ اللهِ تعالى، فقد وَصَفَ الله القرآنَ بقولِه: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} يعني: يُبَيِّنُ لهم الأحكامَ، ثم أيضاً: إنَّ الآياتِ القرآنيَّةَ تَنْزِلُ على النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، في بعضِ المناسَباتِ لأَجْلِ ، تَثْبِيتِ قَلْبِه، كقولِه تعالى: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} إذا نَزَلَتْ عليه فقد تَقْتَضِي المناسَبَةُ أن تكونَ الآيةُ مُجْمَلَةً في بعضِ الأماكنِ، ويَحْصُلُ بذلك التثبيتُ: {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ}، وأحياناً يَحتاجُ إلى زيادةِ إيضاحٍ، فتُوَضَّحُ وتُبَيَّنُ في الأماكنِ الأخرى، ويُبَيَّنُ أنَّ القَصْدَ مِن هذه الْجُملةِ كذا وكذا وأشباهُ ذلك، ومَن أرادَ الأمثلةَ عندَ كلِّ آيةٍ فإنه غالباً يَجِدُ ذلك في تفسيرِ ابنِ كثيرٍ رَحِمَه اللهُ، وكذلك أيضاً في تفسيرِ الشِّنقيطيِّ رَحمَه اللهُ الذي سَمَّاهُ (أضواءَ البيانِ في إيضاحِ القرآنِ بالقرآنِ)، وهناك أيضاً تفسيرٌ واسعٌ لأحَدِ العلماءِ الْمِصْرِيِّينَ سَمَّاهُ (تفسيرَ القرآنِ للقرآنِ) يعني: إيضاحَ الآياتِ بعضِها لبعضٍ.
وسببُ اهتمامِهم بذلك: أنَّ كثيراً مِن الذين يُفَسِّرونَ قد يَحْمِلُون الآيةَ على ما يَفهمونَه، ولا يَتَفَطَّنونَ للمواضِعِ الأخرى، فيَقعونَ في الغَلَطِ، فبعضُهم فَسَّرَ آيةَ الاستواءِ في طه في قولِه تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ}، فقالَ: {اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} يعني: أنَّ قولَه: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} تفسيرٌ لاسْتَوَى، يعني: مَلَكَ ما في السماواتِ، أو ذَلَّ له ما في السماواتِ، وغَفَلُوا عن الآياتِ الأخرى، مثلِ قولِه: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} أو {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}، ففَسَّروا آيةً في مَوْضِعٍ، ولم يَتَذَكَّرُوا المواضِعَ الأُخْرَى.
كذلك بعضُ الحُلُولِيِّينَ فَسَّرُوا قولَ اللهِ تعالى في سورةِ الأنعامِ: {وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ}، فقالوا: إنَّ اللهَ في السماواتِ وفي الأرضِ، وغَفَلُوا عن تفسيرِها بالآيةِ التي في سورةِ الزُّخْرُفِ، وهي قولُ اللهِ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ}، يعني: أنه إلهُ مَن في السماواتِ، وإلهُ مَن في الأرضِ، ويكونُ هذا معنى آيةِ الأنعامِ: {وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} يعني: وهو الإلهُ في السماواتِ وفي الأرضِ.
فيَتَبَيَّنُ بذلك أنَّ كثيراً مِن الذينَ يَأخذونَ آيةً في مَوْضِعٍ، ويَحْمِلُونَها على أفهامِهم قد غَفَلُوا عن تفسيرِها بالآياتِ الأخرى التي تُبَيِّنُ معناها، مع أنَّ التفاسيرَ الأخرى، أو تفسيرَ الصحابةِ، أو تفسيرَ الأحاديثِ، لو رَجَعُوا إليه لكان كافياً، ولكنَّ كثيراً منهم لَمَّا كان لهم أهواءٌ ومَيْلٌ غَفَلُوا عن الآياتِ الأخرى، وأَخَذُوا ببعضِ ما رُوِيَ، وقد ذَكَرْنَا قِصَّةَ ذلك الْجَهْمِيِّ الذي جاءَ إلى أبي عمرٍو القاري، وطَلَبَ منه أن يَقرأَ قولَ اللهِ تعالى: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً}، فبَيَّنَ له أبو عمرٍو: إنك غَفَلْتَ عن قولِ اللهِ تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}، فإنك لا تَقْدِرُ على أن تُحَرِّفَ تلك الآيةَ، وكذلك الذين فَسَّرُوا: {كَلَّمَهُ رَبُّهُ} قالوا: جَرَّحَهُ ربُّه، غَفَلوا أيضاً عن قولِ اللهِ تعالى: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي}، فإنَّ اللهَ تعالى بَيَّنَ بكلامِه أنَّ قولَه: {كَلَّمَهُ رَبُّهُ} يعني: بالكلامِ المسموعِ، وغَفَلوا أيضاً عن آياتِ النداءِ التي فيها: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى}، {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوَى}، وكذلك المناجاةُ: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}، فيَأخذونَ مَوْضِعاً ويَحْمِلُونَه على ما يَهْوَوْنَهُ، ويَغْفُلون عن المواضِعِ الباقيةِ، فيكونُ ذلك دليلاً على غَفْلَتِهم. والأمثلةُ كثيرةٌ).

هيئة الإشراف

#4

20 Nov 2008

شرح مقدمة التفسير للشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)


القارئ: (بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فصـــــل
فـي أحـسـن طـرق التفـسيــر
فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟
فالجواب: إن أصح طرق التفسير في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر.
فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد ابن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم فهو مما فهمه من القرآن، قال تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً} وقال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} وقال تعالى: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} ولهذا قال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم: ((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)) يعني السنة، والسنة أيضاً تنزل عليه بالوحي كما ينـزل القرآن، لا أنها تتلى كما يتلى، وقد استدل الإمام الشافعي وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك.
والغرض: أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة كما قال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: (بم تحكم، قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال بسنة رسوله، قال: فإن لم تجد؟ قال: اجتهد رأي، قال: فضرب رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم في صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله وهذا الحديث في المسانيد والسنن بإسناد جيد).
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: (بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه... وبعـد:
فهذا الفصل هو الذي من أجله أنشئت هذه الرسالة الموسومة بـ(مقدمة في أصول التفسير) فأحسن طرق التفسير كما ذكر العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – هي تفسير القرآن بالقرآن؛ لأن القرآن الكريم كلام الله – جل وعلا- وكلام الله يفسر بعضه بعضاً، وتفسير الآي بعضها ببعض يكون على أنحاء:
الأول منها: أن يكون في الآية بيان لمعنى اللفظ المشكل فيها أو لمعنى الكلمة المشكلة فيها فإذا كان في الآية في نفسها ما يدل على المعنى فالمصير إليه أولى من طلب شيء خارج وهذا الذي يسمى التفسير بالدليل المتصل، والدليل المتصل معتبر عند الأصوليين في تقييد المطلق، وفي تخصيص العام، وفي تبيين المجمل، وأشباه ذلك، فاعتباره في تفسير الآي ظاهر لأن الآية فيها ما يبين المعنى المراد.
الثانـي: أن يكون الدليل ليس في الآية، أن تكون الآية ليست متصلة أو أن تكون آية أخرى يكون ما أشكل في موضع فسر في موضع آخر وهذا يكون باعتبار دلالة اللفظ تارة ودلالة السياق تارة أخرى، بمعنى أنه يكون هناك إشكال في لفظ الآية أو في تفسيرها فيطلب في موضع آخر فيتحرر المقصود من الموضع الآخر إما بلفظه تفسر لفظة وإما بالسياق يحدد المراد من الآية الأخرى وقد نأتي لبعض الأمثلة.
الثالث: أن يكون التفسير بما يسمى لغة القرآن؛ بمعنى أن يكون مورد هذا اللفظ المختلف فيه والمطلوب أن يفسر المطلوب تفسيره أن يكون مورده في القرآن بهذا المعنى فإذا استقرئت الآيات وجدت أنها في كل موضع المعنى هو هذا فتفسير اللفظة في الموضع المشتبه بما جرى عليه ما يسمى بلغة القرآن أولى من تفسيرها بأمر خارج عن ذلك.
الرابـع: من تفسير القرآن بالقرآن أن يكون تفسير الآية راجعاً لما يفهم من آياتٍ كثيرة في معنى هذه الآية، المعنى أنه ليس دليلاً متصلاً ولا منفصلاً ولا عرفاً لغوياً ولكن يفهم المفسر من مجموع فهمه للآيات أن يكون هذا تفسير هذه الآية.
نضرب مثالاً على الأخير لقربه ونرجع للأمثلة الأولى.
مثلاً في قوله – جل وعلا – في سورة طه: {وفتناك فتوناً} في قصة موسى عليه السلام {وفتناك فتوناً} ما هي هذه الفتون؟ فسرها ابن عباس – رضِي اللهُ عَنْهما – بالحديث الطويل المشهور بحديث الفتون وذكر معنى الفتون كل ما جاء في قصة موسى في مواضع مختلفة فصارت الفتون هي ما حصل له من الافتتان في كل موضع من المواضع في القرآن فجمعها فسمى هذا الحديث الطويل بتفسير الفتون {وفتناك فتوناً}. .
مثالاً لذلك في تفسير ابن عباس – رضِي اللهُ عَنْهما – لقوله تعالى: {ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم} قال ما يعلمهم إلا قليل، قال: أنا من القليل الذي يعلمهم كانوا سبعة وثامنهم كلبهم، أخذ ذلك من السياق نفسه في الآية؛ لأنه قال قبلها: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم... } هنا ما جعله من الرجم فهنا فسر هذه بأنها الصواب لدلالة السياق، هذه الأمثلة عليها كثيرة.
مثلاً: في قوله: {اهدنا الصراط المستقيم} هذا الصراط ما هو؟
فسرته الآيات الأخرى.
{غير المغضوب عليهم} المغضوب عليهم هم اليهود فسرتها آيات أخرى وغضب الله عليهم.
الضالون: النصارى فسرتها آيات أخرى وهذا كثير، وأن آية تفسرها آية أخرى.
بقي التمثيل بالثالث وهو لغة القرآن هذا مهم جداً في تفسير القرآن بالقرآن أن يرعى المفسر لغة القرآن بمعنى أن يعتني بما دارت عليه هذه اللفظة في القرآن تعلمون أن عدداً من أهل العلم كتبوا في الأشباه والنظائر والوجوه والنظائر.
الأشباه والنظائر والوجوه والنظائر أسماء لكتب وهي موضوعات قد تطلق عليها أشباه ونظائر وقد تطلق الوجوه والنظائر والأكثر على أن الأشباه فيما كانت من قبيل التواطؤ والوجوه فيما كان من قبيل الألفاظ المشككة لأن دلالة اللفظ إما أن تكون:
- مطابقة.
- أو موافقة.
- أو تواطؤ.
- تشكك.
- مشترك.
- ترادف.
ستة وقد تقال إنها خمسة الأول مع الثاني تدمج فهذه دلالات الألفاظ.
فالوجوه والنظائر والأشباه والنظائر مهمة في هذا الباب وهي تساعد في فهم معاني الكلمة في القرآن كله.
مثل ما يأتي ابن الجوزي – رحمه الله – في كتابه الوجوه والنظائر يقول: هذه الكلمة باب الاثنين، باب الثلاثة، يقول هذه الكلمة جاءت على معنيين بس في الباب الواحد الكلمة مالها إلا معنى واحد هذا بحسب اجتهاده أو بحسب نظره في تفسير السلف.
من الأمثلة المختلف فيها ورجح بالسياق بالمعنى الواحد لفظ الزينة في القرآن في قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} فهنا اختلف أهل العلم هل الزينة المراد بها البدن أو المراد بها الملابس؟ فإذا كانت البدن صار: {ما ظهر منها} يعني ما ظهر من البدن فيكون هو الوجه والكفان مما جرت أو مما يحتاج إلى إظهاره، أو يكون الزينة هنا بمعنى الملابس فيكون ما ظهر منها يعني الملابس التي تظهر عادةً لأنه لابد أن تظهر بعض الملابس ففسر بهذا وفسر بهذا فإلى أي شيء يرجح؟
تفسير اللفظ بدلالته اللغوية أو ما يسمى لغة القرآن يتطلب النظر في معنى هذه الكلمة في القرآن كله وإذا نظرنا في القرآن كله وجدنا أن لفظ الزينة يرجع إلى شيء مستجلب خارج عن الذات المزينة ن قال الله – جل وعلا-: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}، وأجمع العلماء في تفسيرها أن الزينة ما تستر به العورة يعني ما يتعلق بالملابس، قال الله – جل وعلا- في السماء: {إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظاً من كل شيطان مارد} فجعل هناك سماء وجاء شيء زين هذه السماء وهي الكواكب.
كذلك قال فيما على الأرض في سورة الكهف: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} جعل الزينة خارج عن ذات الأرض فجعل عليها شيء من الزينة تجد في القرآن كله أن الزينة شيء خارج عن الذات يجلب لتزين به الذات، إذا نظرنا في الآية: {ولا يبدين زينتهن} جاء عندنا الاحتمالين إما أن يكون البدن وإما أن يكون خارج فسرها المحققون بأنها الخارج على البدن وهي الملابس المعتادة وذلك لأنها هي المجلوبة لتزين بها حتى يستقيم التفسير ولكل نوع من الأمثلة ما هو كثير مشهور في ذلك).

هيئة الإشراف

#5

20 Nov 2008

شرح مقدمة التفسير للشيخ: مساعد بن سليمان الطيار


قال الشيخ مساعد بن سليمان الطيار: (قولُه: (فَصْلٌ
فِى أَحْسَنِ طُرُقِ التَّفْسِيرِ
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا أَحْسَنُ طُرُقِ التَّفْسِيرِ؟ فَالْجَوَابُ: إِنَّ أَصَحَّ الطُّرُقِ فِي ذَلِكَ:
1- أَنْ يُفَسَّرَ القُرْآنُ بِالْقُرْآنِ: فَمَا أُجْمِلَ فِي مَكَانٍ فَإِنَّهُ قَدْ فُسِّرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَمَا اخْتُصِرَ فِي مَكَانٍ فَقَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
2- فَإِنْ أَعْيَاكَ ذَلِكَ فَعَلَيْكَ بِالسُّنَّةِ: فَإِنَّهَا شَارِحَةٌ لِلْقُرْآنِ، وَمُوَضِّحَةٌ لَهُ، بَلْ قَدْ قَالَ الإِمامُ أَبُوعَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ: " كُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ فَهُوَ مِمَّا فَهِمَهُ مِن الْقُرْآنِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:  إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ، وَقَالَ تَعَالَى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ، وَقَالَ تَعَالَى: وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُم الَّذِى اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ . وَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ: ((أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)) يَعْنِي: السُّنَّةَ .
وَالسُّنَّةُ أَيْضًا تَنْزِلُ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ كَمَا يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، لاَ أَنَّهَا تُتْلَى كَمَا يُتْلَى. وَقَد اسْتَدَلَّ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُ مِن الأَئِمَةِ، عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ، لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذَلِكَ.
وَالغَرَضُ أَنَّكَ تَطْلُبُ تَفْسِيرَ القُرْآنِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ فَمِن السُّنَّةِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ لِمُعاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: ((بمَ تَحْكـُمُ ؟)) قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ :((فَإِنْ لَمْ تَجِدْ ؟)). قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ. قَالَ: ((فَإِنْ لَمْ تجِدْ؟ قَالَ: أجتهدُ رَأْيِي)). قَالَ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ بِصَدْرِهِ وَقَالَ: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسَولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ)). وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ).
حكى شيخُ الإسلامِ رحمهُ اللَّهُ في هذا الفصلِ طَرِيقَتَيْن من طرقِ التفسيرِ وقد جعَلَها رحمهُ اللَّهُ أربعةَ طُرُقٍ وهي: تفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ، وتفسيرُ القرآنِ بالسُّنةِ، وتفسيرُ القرآنِ بأقوالِ الصحابةِ، وتفسيرُ القرآنِ بأقوالِ التابعين.
أما تفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ فقد نبَّهَ على أنَّ هذا الطريقَ أصحُّ الطُّرُقِ، وذلك بأن يُفسَّرَ القرآنُ بالقرآنِ؛ لأن ما أُجْمِلَ في مكانٍ قد فُسِّرَ في موضعٍ آخَرَ، وما اختُصِرَ في موضعٍ فقد بُسِطَ في موضعٍ آخَرَ , ولم يَزِدْ على ذلك رَحِمَه اللَّهُ.
وإذا نظرْنَا إلى تفسيرِ القرآنِ بالقرآنِ فإنَّ كونَه أصحَّ الطُّرقِ وأبلغَ التفاسيرِ هذا لا إشكالَ فيه، ولكن هل تفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ مما يتأتَّى بالرأيِ والاجتهادِ أو هو مما لا رأيَ فيه ولا اجتهادَ فيه؟ بمعنى أنَّ المفسِّرَ إذا فسَّرَ آيةً بآيةٍ هل تفسيرُه هذا من بابِ الرأيِ أو من بابِ النقْلِ البحْتِ؟
الواقعُ أنَّ جمهورَ تفسيرِ القرآنِ بالقرآنِ يدخُلُ في بابِ التفسيرِ بالرأيِ، وهنا يجبُ أن ننتَبِهَ إلى أننا حينما نقولُ: إنَّ القرآنَ مصدرٌ للتفسيرِ فإننا ننظُرُ إلى مَن يفسِّرُ الآيةَ بالآيةِ.
فهناك آياتٌ مثلًا لا يمكنُ أن يُختلفَ في أنها تفسِّرُ آياتٍ أخرى؛ لأنَّ هذا ظاهرُ النَّصِّ، كما في قولِه تعالى: {والسَّماءِ والطَّارِقِ وما أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ} فسَّرَها قولُه: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} فهذا النوعُ يَجِبُ قبولُه؛ لأنه مما لا خِلافَ فيه.
وقد يكونُ تفسيرُ الآيةِ بالآيةِ وارِدًا عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ كما في قولِه تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا ولم يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ} فسَّرَها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ بالآيةِ الأخرى: {إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} فهذا أيضًا يُقبلُ؛ لأنه واردٌ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ.
أما ما عدا ذلك مما لا يتَّضِحُ معناه اتِّضاحًا كاملًا , ويكادُ يُختلفُ فيه , ولم يَرِدْ فيه حديثٌ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ فهو في عِدادِ الاجتهادِ.
فمثلًا قولُه تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم}. مَن المُنعَمُ عليهم؟ فُسِّرَتْ بقولِه تعالى: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ والصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولِئَكَ رَفيقًا}. فهذا من بابِ التفسيرِ بالاجتهادِ.
وكذلك قولُه تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذينَ كَفَرُوا أنَّ السَّماواتِ والأرضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ تُؤْمِنُونَ}. فسَّرَها بعضُ السَّلفِ أنَّ السماءَ كانتْ لا تُمْطِرُ ففَتَقَها اللَّهُ بالمَطَرِ، وأنَّ الأرضَ كانت لا تُنْبِتُ ففَتَقَها اللَّهُ بالنباتِ، وفسَّرَها بقولِه تعالى: {والسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ والأرضِ ذاتِ الصَّدْعِ} فجَعلَ المعنى الذي في الآيةِ هو نفسَ المعنى الذي في الآيةِ الأخرى، قال: والرَّجعُ هو رجوعُ المطَرِ مرَّةً بعدَ مرَّةٍ، والصَّدْعُ هو تشقُّقُ الأرضِ بالنباتِ، فمِثلُ هذا التفسيرِ يدخُلُ في بابِ الاجتهادِ، وأغْلَبُ تفسيرِ القرآنِ بالقرآنِ من هذا النوعِ؛ أي: التفسيرِ بالاجتهادِ، هذه مسألةٌ.
المسألةُ الثانيةُ: إذا فسَّرَ أهلُ البدَعِ آيةً بآيةٍ فهل يُقبلُ تفسيرُهم , أو لا؟
أضربُ مثلًا لذلك قولَه تعالى: {وجوهٌ يومَئذٍ ناضِرَةٌ إلى رَبِّها ناظِرَةٌ} النَّظَرُ هنا يقولُ المعتزلةُ: إنه بمعنى الانتظارِ، ويستدلُّون بقولِه تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الأبْصَاُر وهو يُدْرِكُ الأبصارَ}، فهم يفسِّرونَ الآيةَ الأولى بالآيةِ الثانيةِ، فهل يُقبلُ مثلُ هذا التفسيرِ؟ فمِثلُ هذا التفسيرِ غيرُ مقبولٍ؛ لأنه مبنيٌّ على خطأٍ في الاعتقادِ، وهو نفيُ الرُّؤْيةِ، فليس كلُّ تفسيرٍ للقرآنِ بالقرآنِ مقبولًا، وإنما يكونُ مقبولًا إذا كان موافِقًا للصَّوابِ.
مسألةٌ أخـرى: وهي أنه حينَ يُقالُ: تفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ أو تفسيرُ آيةٍ بآيةٍ , هل المرادُ بيانُ معنًى خفيٍّ في آيةٍ بآيةٍ أخرى؟ أو المرادُ رَبْطُ آيةٍ بآيةٍ أخرى أيًّا كان هذا النَّوعُ من الرَّبطِ؟
إنَّ عملَ علماءِ التفسيرِ رَحِمَهم اللَّهُ في تفسيرِ القرآنِ بالقرآنِ على ربطِ آيةٍ بآيةٍ أخرى , أيًّا كان هذا النوعُ من الرَّبطِ، وهو موجودٌ في تفسيرِ السَّلفِ، ومِن أشهَرِهم في ذلك مقاتلُ بنُ سليمانَ وعبدُ الرحمنِ بنُ زيدِ بنِ أسْلَمَ، ثمَّ تراهُ موجودًا بكثرةٍ عندَ ابنِ كثيرٍ والصَّنعانيِّ والشِّنقيطِيِّ، وغيرِهم ممَّن اعتنى بهذا الطريقِ، حيثُ تَجِدُهم يذكُرون ما يتعلَّقُ بالآيةِ من الآياتِ الأخرى ويَربِطُونها بها بأيِّ شكلٍ كان هذا الرَّبطُ، ومعنى ذلك أنَّ مدلولَ تفسيرِ القرآنِ بالقرآنِ عندَهم واسعٌ , وليس المرادُ به فقطْ ما يتعلَّقُ بالبيانِ.
فمثلًا قولُه تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عليهم حِجارةً مِنْ سِجِّيلٍ} فالسِّجِّيلُ كلمةٌ غريبةٌ فسَّرَتْها الآيةُ الأخرى: {بِحِجَارةٍ مِنْ طِينٍ}، وكذلك قولُه تعالى: {إلَّا ما يُتْلَى عليكم} مُجْمَلٌ بيَّنَه قولُه تعالى: {حُرِّمَتْ عليكم المَيْتَةُ والدَّمُ ولَحْمُ الخِنزيرِ}.
ولكن هناك بعضُ الآياتِ إذا رُبِطتْ بآيةٍ أخرى لا يكونُ من بابِ البيانِ , وإنما يكونُ من بابِ جمعِ النظائرِ مثلًا، أو بابِ إكمالِ قصةٍ ذُكِرَ بعضُها في موضعٍ , وبعضُها في موضعٍ آخَرَ؛ فمثلًا قصةُ موسى عليه السلامُ قد تُذكَرُ في مكانٍ ويُخْتَزَلُ بعضُ ما ذُكرَ في مكانٍ آخَرَ , فيأتي المفسِّرُ ويُكمِلُ ما لم يُذكَرْ في سورةِ كذا بما ذُكِرَ في السورةِ الأخرى, فهذا في الحقيقةِ ليس فيه بيانٌ للآيةِ وإنما هو رَبطُها بآيةٍ أخرى.
إذًا: تفسيرُ القرآنِ بالقرآنِ على نوعين:
النوعُ الأولُ: ما يكونُ فيه بيانٌ مباشرٌ عن معنًى خفيٍّ في الآيةِ، وهذا هو الذي يَنطبقُ عليه معنى التفسيرِ حقيقةً.
النوعُ الثاني: ما يكونُ فيه توسُّعٌ في مدلولِ تفسيرِ القرآنِ بالقرآنِ فيدخُلُ فيه ربطُ الآيةِ بآيةٍ).