9 Nov 2008
التفسير الباطني
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ): (ثُمَّ
إنَّهُ بِسَبَبِ تَطَرُّفِ هَؤُلاَءِ وَضَلالِهِم دَخَلَتِ الرَّافضةُ
الإماميَّةُ ثُمَّ الفَلاَسِفَةُ ثُمَّ القَرَامِطَةُ وَغَيْرُهُم فِيمَا
هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذلِكَ ، وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ في الفَلاَسِفَةِ
وَالقَرَامِطَةِ وَالرَّافضةِ ؛ فَإِنَّهُم فَسَّرُوا القُرْآنَ بِأَنْواعٍ
لاَ يَقْضِي مِنْهَا العَالِمُ عَجَبه .
فَتَفْسِيرُ الرَّافِضَةِ كَقَوْلِهِم : {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب ٍ}[سُورَةُ الْمَسَدِ :1] وَهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ !
و : {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُك} [سُورَةُ الزُّمَرِ : 65] أَيْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْخِلاَفَةِ !
و {إِِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } [ سُورَةُ البَقَرَةِ : 67] هِيَ عَائِشَةُ !
وَ : {فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [ سُورَةُ التوبة : 12] طَلْحَةُ وَالزُّبيرُ .
و : {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } [ سُورَةُ الرَّحْمَنِ : 19] عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ .
وَ : {اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } [ سُورَةُ الرَّحْمَنِِِِ : 22] الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ .
{ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ } [ سُورَةُ يس :12] فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ .
و : {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [ سُورَةُ النَّبَإِ : 1-2] عليُّ بنُ أبي طالبٍ .
و : {إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ
الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ : 55]
، هُوَ عَلِيٌّ ، وَيَذْكُرُونَ الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ بِإِجْمَاعِ
أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَهُوَ تَصَدُّقُه بِخَاتَمِهِ فِي الصَّلاةِ .
وكذلك قولُهُ : {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}[سُورَةُ البَقَرَةِ : 157] ، نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ لمَّا أُصِيبَ بِحَمْزَةََ .
ومِمَّا يُقارِبُ هَذَا مِنْ بَعْضِ الوُجُوهِ مَا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِن الْمُفسِّرِينَ في مِثْلِ قولِهِ : {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ : 17]
: إنَّ الصَّابرين رَسُولُ اللهِ ، وَالصَّادِقِينَ أَبُو بَكْرٍ ،
وَالقَانِتِينَ عُمَرُ ، وَالْمُنفِقِينَ عُثْمَانُ ، وَالْمُسْتَغْفِرِينَ
عليٌّ .
وَفِي مِثْلِ قَولِهِ : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ } : أَبُو بَكْرٍ . {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}: عُمَرُ . {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}: عُثمانُ . {تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّدًا }: عليٌّ [سُورَةُ الفَتْحِ :29].
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِِهِم : {وَالتِّينِ } أَبُو بَكْرٍ ، {وَالزَّيْتُونِ } عُمَرُ ، {وَطُورِ سِينِينَ}عُثْمَانُ {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ } عليٌّ .
وَأَمْثَالُ
هَذِهِ الْخُرَافَاتِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ تَارَةً تَفْسِيرَ اللَّفْظِ
بِمَا لاَ يَدُلُّ عَليْهِ بِحَالٍ ، فَإِنَّ هَذِهِ الأَلْفَاظََ لاَ
تَدُلُّ عَلَى هَؤُلاَءِ الأَشْخَاصِ ِبحالٍ .
وَقَوْلُُهُ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا }. كُلُّ
ذَلِكَ نَعْتٌ لِلَّذِينَ مَعَهُ ، وَهِيَ الَّتِي يُسَمِّيها النُّحَاةُ
خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا أنَّهَا كُلَّهَا صِفَاتٌ
لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍٍٍِ وَهُم الَّذِين مَعَهُ ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ كُلٌّ مِنْهَا مُرَادًا بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ .
وَتَتَضَمَّنُ
تَارَةً جَعْلَ اللَّفْظِ الْمُطْلَقِ العَامِّ مُنْحَصِرًا فِي شَخْصٍ
وَاحِدٍ كَقَوْلِهِم : إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} أُرِيدَ بِهَا عَلِيٌّ وَحْدَهُ .
وَقَوْلُ بَعْضِهِم : إِنَّ قَوْلَهُ : { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } أُرِيدَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ وَحْدَهُ .
وَقَوْلُهُ : { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ } أُرِيدَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ وَحْدَهُ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: محمد بن صالح العثيمين (مفرغ)
القارئ: ("ثم
إنه بسبب تطرف هؤلاء وضلالهم دخلت الرافضة الإمامية، ثم الفلاسفة، ثم
القرامطة وغيرهم في ما هو أبلغ من ذلك، وتفاقم الأمر في الفلاسفة والقرامطة
والرافضة؛ فإنهم فسروا القرآن بأنواع لا يقضي منها العالم عجباً ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (الله أكبر).
القارئ: ("كتفسير الرافضة كقولهم....سقط.....{تبت يدا أبي لهب} هما أبو بكر وعمر، {لئن أشركت ليحبطن عملك}").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (يعني
(غير مسموع) أبي بكر وعمر هما اليدان، يدان لأبي لهب، نسأل الله العافية،
وهنا مما يدل على أن الرافضة الحقيقة عندهم من الغل والحقد على الصحابة رضي
الله عنهم، بل وعلى دين الإسلام ما يتسترون بظاهر حالهم من أنهم مسلمون
وأنهم أهل الإسلام، وهم والعياذ بالله في باطن أمرهم من أشد الناس عداوة
وبغضاً لأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، فرجل يقول: إنه مؤمن وإنه مسلم
ثم يقول: إن هذه الآية نزلت في أبى بكر وعمر، أشرف الأمة على الإطلاق أبو
بكر وعمر، فإذا كان مثل هذه الآيات تنزل عليهما فما بقي للمسلمين شأن بعد
ذلك، أي نعم.
سؤال من أحد الجالسين:
ما معنى قول بعض العلماء أن الرافضة خارجين، يعني مستثنيين من الفرق الإحدى والسبعين
الشيخ:
يعني ليسوا من الفرق.
السائل:
لماذا؟
الشيخ:
يرونهم خارجين عن الإسلام، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ستفترق هذه الأمة. فهم يكونون خارجون عن هذه الأمة
السائل:
يعني ليسوا من أمة محمد.
الشيخ:
أي
نعم، أي إنسان يقول الصحابة كلهم ارتدوا إلا قليلاً، والذي يقول: أبو بكر
وعمر ماتا على النفاق وأنهما خالدان مخلدان في نار جهنم، هل هذا إلا تكذيب
الله ورسوله؟!
ما
بعد هذا الكفر كفر، ولهذا يقول شيخ الإسلام: إن قائل هذا القول لا شك في
كفره، بل لا شك في كفر مَن شك في كفره، حتى (اللي) يشك إنه كافر هو كافر،
أي نعم).
القارئ: ( {لئن أشركت ليحبطن عملك} أي بين أبي بكر وعمر وعلي في الخلافة، {إن الله يأمركم} ).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (والمراد {لئن أشركت بمن؟ بالله في عبادته {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك} هم يقولون: لئن أشركت بين هؤلاء الثلاثة بالخلافة
ردا على مداخلة غير مسموع: (هه)؟ كيف؟
_................
الشيخ:
عندنا المثبت مقدم على النافي، يعني معناه: لأن جعلتهم خلفاء فإن عملك
يبطل، نعم، وعلى هذا فقد حرفوا القرآن أعظم تحريف والعياذ بالله. نعم).
القارئ: ("{إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} هي عائشة").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (
قاتلهم الله! الذي يقول هذا موسى لقومه، ومع ذلك قالوا: إن المراد عائشة،
أمرنا الله تعالى أن نذبحها. قاتلهم الله! يعني أنا عندي أي إنسان (يشوف)
مثل هذه التفاسير ما يشك في كفرهم والعياذ بالله، ولا يشك أي..حتى ولا
عندهم حياء، كيف لا يستحيون من عباد الله؟!{وإذا قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} (وين) عائشة من موسى حتى ينزل كلام رب العالمين على هذا المعاني. الله اكبر! نعم.
سؤال من أحد المستمعين:
...يا شيخ هؤلاء الرافضة المتأخرين ولا المتقدمين؟
الشيخ:
المتأخرين يأخذون من المتقدمين ويجادلون عنه.
السائل:
ما رأيك في قول من يقول: إن الرافضة المتقدمة يعني يرون إمامة أبي بكر وعمر.
الشيخ:
ليس
هذا بالصحيح، ليس هذا بصحيح، وأنا رأيت أمراً عجباً منهم لكن ما من كلهم
يقول: أبو بكر كافر وعمر كافر وعثمان كافر وعلي كافر، الثلاثة الأولون
قالوا: كفرة؛ لأنهم ظلمة، والرابع علي؛ لأنه لم يدافع عن الحق واستسلم
للباطل فكفر برضاه بالباطل. نعم.
سؤال من أحدهم:
اللي يقدم علي على أبي بكر وعمر يكفر؟.. الرافضة ما هم بالغلاة، بعضهم يقول: إن علي أفضل من أبي بكر وعمر..
الشيخ:
نعم
السائل:
يكفر؟
الشيخ:
أما
التفضيل المطلق فكذب، تفضيله على أبي بكر وعمر تفضيلاً مطلقاً هذا كذب، ليس
بصواب، وأما تفضيله في بعض الأحيان في بعض الأمور لقرابته من الرسول عليه
الصلاة والسلام فهذا حق، قد يفضلهما في شيء من الأشياء، أما على الإطلاق
الله أعلم، ما أتوقف في هذا.
لكن
لا تجد قوماً يقولون: إن علي أفضل من أبي بكر وعمر إلا وقلوبهم تنطوي على
أنه أفضل حتى من الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن ما يقدروا يصرحون. نعم.
سائل:
هذا رد للنصوص؟
الشيخ:
(مفيش) شك، لكن قد يكون (غير مسموع) أفضل منه لقرابته من الرسول عليه الصلاة والسلام. نعم).
القارئ: ( {فقاتلوا أئمة الكفر} طلحة والزبير، {مرج البحرين}").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (طيب هذا يستقيم؟ {وإن نكثوا أيمانهم بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر}
هذا في المعاهدين (اللي) عاهدهم الرسول عليه الصلاة والسلام، والحكم ينسحب
على غيرهم بالقياس، إنما الآية ما هي ما أراد هؤلاء المحرفون والعياذ
بالله، لكن هم لا يبالون ولا يستحيون لا من الله ولا من عباد الله ولا من
أحد. نعم).
القارئ: ("{مرج البحرين} علي وفاطمة، {اللؤلؤ والمرجان} الحسن والحسين").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): ( {مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان. فبأي آلاء ربكما تكذبان} {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} طيب
إذا كان بينهما برزخ لا يبغيان ( غير مسموع )هو علي مع فاطمة بينه وبينها
برزخ؟ نعم؟ لكن هذا سخافة مثل ما ذكره الشيخ رحمه الله يقضي العالم منها
العجب من سوء الفهم وسوء القصد، يعني جامع بين أمرين: بين سوء الفهم وبين
سوء القصد تفاسيرهم هذه. وطيب ما المراد بالبحرين؟
قال
العلماء: المراد بهما المالح والعذب، والبرزخ الذي بينهما قيل: إنه ما يرى
عند مصب النهر في البحر، فإن النهر يأتي مندفعاً بقوة وأمامه مثلاً شيء
طويل ما يمتزج بالبحر عند المصب.
وقال
بعض أهل العلم: إن المراد بالبرزخ الذي بينهما هو اليابس من الأرض، وأن هذا
من قدرة الله عز وجل؛ لأن الأرض كروية، وكيف أن عز وجل الله أمسك هذا
البحر فيها حتى لا يبغي، لا يبغي بمعنى لا يطغى على اليابس.
وقال
بعضهم: إن هذا البرزخ إنه برزخ دقيق بين البحار.. بين المحيط والبحار
الأخرى التي تعتبر كالخلجان بالنسبة له، أن بينها برزخ، ويقولون: إنه يحس
به بالأسماك التي تعيش في هذا ما تعيش في الثاني أو بالعكس، وهذا يدل على
أنها متنوعة على الرغم من أنها متلاصقة، فبينهما برزخ، فهذه ثلاثة أقاويل
في معنى هذا، ولم يقل أحد من أهل العلم لا السابقون واللاحقون، لم يقل إن
المراد به فاطمة وعلي بن أبي طالب، لكن هذه من خرافات الرافضة والعياذ
بالله. نعم).
القارئ: ("{وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} في علي بن أبي طالب").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (-(طيب) أين هذا من اللفظ {كل شيء أحصيناه في إمام مبين}
أي في كتاب، يأتم به الإنسان ويأخذ به ويرى ويشاهد عمله، أين هذا من علي
بن أبي طالب؟! نعم، لا شيء، لكن هم يقولون علي إمام..علي إمام ومبين فصيح
مظهر للحق، فكل شيء أحصاه الله في هذا الرجل، كل شيء أحصيناه كائن في إمام
مبين.
وهذا
واضح أنهم يدعون أن علي بن أبي طالب يعلم الغيب؛ لأنهم يجعلون كل شيء
أحصيناه أين مكانه؟ في هذا الإمام، كائن في هذا الإمام، فعلى هذا يعتقدون
أن عند علي بن أبي طالب من علم الغيب والشهادة ما عند الله، فكل ما أحصاه
الله من الأمور فإنه كائن (هه) في هذا الإمام في علي بن أبي طالب.
ردا على سؤال غير مسموع:
أو يقولون:{كل شيء أحصيناه} جملة مستقلة و{في إمام مبين} جملة أخرى.نعم).
القارئ: ("{عم يتسألون عن النبأ العظيم }علي بن أبي طالب").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (أعوذ بالله.
قائل:
طبعاً كله علي؟.
الشيخ:
أي نعم علي(ها) الحال،{عما يتسألون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون} والحال
هذا علي بن أبى طالب؛ لأن الناس مختلفين فيه ما بين مادح وقادح ومحب
ومبغض، ولكن هل علي نبأ؟ نعم، ولا منبأ به؟ ثم هذا الخلاف الذي هم فيه
مختلفون كائن ولا سيكون؟ كائن {الذي هم فيه مختلفون} ما قال: الذي هم فيه يختلفون أو سيختلفون، وعلي بن أبي طالب حين نزول الآية ما اختلف الناس فيه. نعم).
القارئ: ("{ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} هو علي. ويذكرون الحديث الموضوع بإجماع أهل العلم، وهو تصدقه بخاتمه في الصلاة. وكذلك قوله: {أولئك عليهم}").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (طيب وهل هذا صحيح؟(هه) أبداً ما هو بصحيح {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} كل مؤمن، كل مؤمن فإنه ولي لله ورسوله، نعم {الله ولي الذين آمنوا}، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ((أنا ولي كل مؤمن، وأنا أولى بكل مؤمن من نفسه)) فهذه
الولاية الحقيقية، ولا ريب أن علي بن أبي طالب له حظ من هذه الآية كغيره
من المؤمنين، وأنه ممن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويركع ويسجد رضي الله عنه،
لكن ما يمكن أن نقول: إن هذا خاص به لا يتناول غيره، فعلي رضي الله عنه
يدخل في الآية، وأبو بكر وعمر وعثمان وابن مسعود وابن عباس وخالد بن الوليد
وغيرهم من الصحابة، كلهم داخلون في هذه الآية. نعم).
القارئ: ("وكذلك قوله: {أولئك عليهم صلوات من ربهم}").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (الزبير بن العوام، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ((إن لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير))
ومع ذلك هم يقولون: إن الزبير من أئمة الكفر، والعياذ بالله، فإذا كان
الزبير من أئمة الكفر وهو حواري الرسول صلى الله عليه وسلم ( غير مسموع )
يكون أصحاب الرسول الخاصون به هم أئمة الكفر؟ وما ظنك برجل يكون أصحابه
الخاصون به أئمة الكفر؟! نعم يكون مثلهم، إما بطريق اللزوم وإما بطريق
الاصطحاب، ولهذا جاء في الحديث، وإن كان فيه نظر لكن: الرجل على دين خليله
أو ((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)).
ردا على سؤال غير مسموع:
...الحواري: الأصحاب الخاصون
السائل:.
..من المحاورة؟
الشيخ:
لا من الخصوصية. نعم).
القارئ: ("وكذلك قوله:{أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة }نزلت في علي لما أصيب بحمزة ").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (الله أكبر! طيب يا سبحان الله العظيم، أيما أعظم مصاب الرسول صلى الله عليه وسلم ولا علي بحمزة؟(هه).
الطلبة:
الرسول صلى الله عليه وسلم.
الشيخ:
لكنهم يقولون: إن علي هو الذي أصيب بحمزة وهو الذي له هذه الآية، فيكون من
كذبهم وافترائهم يكون علي بن أبي طالب أشد حزناً على فقد مثل حمزة من رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وكذبوا والله في ذلك؛ المصاب به..أعظم من أصيب به
بلا شك هو الرسول عليه الصلاة والسلام.أي نعم.
ردا على سؤال غير مسموع:
نعم،
هم كذلك هم باطن أمرهم بالحقيقة الكفر، ما في إشكال، وليسوا يجعلون علي بن
أبي طالب أفضل من الرسول فقط، يجعلون علي بن أبي طالب إلهاً، {كل شيء أحصيناه في إمام مبين} معناه أنهم ساووا علي بن أبي طالب بالرسول عليه الصلاة والسلام
الطلبة:
بالله.
الشيخ:
(هه) بالله نعم بالله أي نعم بالله نعم).
القارئ: ("ومما يخالف هذا من بعض الوجوه ما يذكره كثير من المفسرين فيه في قوله: {الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار}: إن الصابرين رسول الله والصادقين أبو بكر والقانتين عمر والمنفقين عثمان والمستغفرين علي").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (طيب
هذا جهل أيضاً؛ لأن هذه الأوصاف يصح أن تنطبق على موصوف واحد، أما نوزعها
فهذا غير صحيح، وأيضاً الصابرين والصادقين والقانتين الذي يظهر أن القانت
أفضل منهم، فكيف يكون الرسول في مرتبة الصبر وهذا مرتبة الصدق وهذا مرتبة
القنوت، نعم، الرسول عليه الصلاة والسلام هو أفضل من اتصف بهذه الصفات؛ فهو
أصبر الصابرين وأصدق الصادقين من الخلق، وكذلك أفضل القانتين، وهو أجود
المنفقين، حتى إنه يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ويبيت طاوياً عليه الصلاة
والسلام، وأما استغفاره فناهيك به كان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم
مائة مرة، وكان يقوم الليل حتى تتورم قدماه ويقول: ((أفلا أكون عبداً شكوراً)). نعم).
القارئ: ("وفي مثل قوله: {محمد رسول الله والذين معه }أبو بكر، {أشداء على الكفار} عمر، {رحماء بينهم} عثمان، {تراهم ركعاً سجداً} علي").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذا من التوزيع، لكن هذا ما هو بتفسير الرافضة، هذا تفسير لكن تفسير قاصر بلا شك، يقول:{محمد رسول الله والذين معه}؛ لأن أبا بكر معه في الغار {إذا يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}، و{عمر أشداء على الكفار}؛ لأن أشد الناس في دين الله عمر. عثمان مشهور بالرحمة واللين والعطف.
و{ركعاً سجداً} علي بن أبى طالب رضي الله عنه من الراكعين الساجدين، لكن عثمان أيضاً شهر عنه أنه كان يقوم الليل وأنه كثير القيام.
والمهم أن هذا خطأ، وأن قوله:{والذين معه} يشمل كل الصحابة، نعم، وقوله:{أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً } ينطبق على الجميع (غير مسموع).
القارئ: ("وأعجب من ذلك قول بعضهم:{والتين} أبو بكر، {والزيتون} عمر، {وطور سينين}عثمان، {وهذا البلد الأمين }علي").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (والله عجائب!صحيح مثل ما قال الشيخ والله {التين} أبو بكر، هذا فسر هذا كتاب تفسير ياجماعة، الشيخ ينقل عن تفسير، نعم، {الزيتون} عمر، {وطور سينين} عثمان، {وهذا البلد الأمين}
علي بن أبي طالب، سماهم كلهم بمأكول ومسكون، نعم، نسأل الله العافية ( غير
مسموع ) لعله لما قدم التين وكان أبو بكر رضي الله عنه مقدماً بدأ به قال:
مادام أبو بكر أفضلهم والله بدأ بالتين، ثم بالزيتون، على حسب ترتيبهم في
الخلافة والأفضلية.نعم.
قال سائل:
{وطور سينين}؟
الشيخ:
هذا عثمان، هو قال هذه أربع كلمات وهؤلاء أربعة، وهم مرتبون هكذا: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، يمكن يحي{والشمس وضحاها} يقول: هذا الرسول {والقمر إذا تلاها} أبو بكر{والنهار إذا جلاها} عمر {والليل إذا يغشاها} يجي بعد رافض يقول: هذا عثمان. ليل مظلم، وإيش بعده؟{ونفس وما سواها}
هذا علي، مخرفين والعياذ بالله. هو رأى أن هذه الكلمات مرتبة قال:
(نخليها) على هؤلاء الأربعة؛ لأنهم مرتبون. ما فيه مناسبة أبداً. نعم).
القارئ: ("وأمثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللفظ بما لا يدل عليه بحال، فإن هذه الألفاظ لا تدل على هؤلاء الأشخاص بحال.
وقوله:{والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً}
كل ذلك ( غير مسموع) للذين معه، وهى التي يسميها النحاة خبراً بعد خبر،
والمقصود هنا أنها كلها صفاتٌ لموصوف واحد وهم الذين معه، ولا يجوز أن يكون
كل منها مراداً بها شخص واحد، وتتضمن تارة جعلَ اللفظ المطلق العام
منحصراً في شخص واحد كقولهم: إن قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} أريد بها علي وحده، وقول بعضهم إن قوله:{والذي جاء بالصدق وصدق به}أُرِيدَ بها أبو بكر وحده").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذه قال بها بعض المفسرين قالوا: {والذي جاء بالصدق وصدق به}
هذه نزلت في أبي بكر، ولكن سبق لنا أن قوله: نزلت في كذا يعني أنه داخل
(هه) في معناها، فيكون تفسيراً، وعلى هذا فمن قال: إنها نزلت في أبي بكر
يعني معناها أن أبا بكر رضي الله عنه يدخل في هذا الوصف {والذي جاء بالصدق وصدق به}،
ولا شك أن أول من يدخل فيها الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فإنه جاء بالصدق
وصدق به، شهد لنفسه عليه الصلاه والسلام أنه رسول الله حقاً وأنه عليه
الصلاة والسلام مرسل إلى جميع الناس، وأُمر أن يقول ذلك {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً} فكان جاء بالصدق وصدق به أيضاً. نعم).
القارئ: ("وقوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} أريد بها أبو بكر وحده ونحو ذلك، وتفسير ابن عطية وأمثاله أتبع للسنة...").
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (طيب
والذي قال: أريد بها أبو بكر مثلاً، نقول: إن أراد على سبيل الحصر(هه)
فخطأ، وإن أراد على سبيل المثال (هه) فصحيح، لنا أن نقول: نزلت في أبي بكر
يعني وفي أمثاله، ولكن إن أريد الحصر فهذا لا يجوز، وهذه قاعدة في التفسير:
أنه لا يجوز أن يخصص العام ويحصر معناه إلا بدليل، فإن جاء الدليل مثل
قوله: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم}, {إن الناس} المراد بهم: أبو سفيان، نعم {قد جمعوا لكم فاخشوهم}كما
قيل، وإلا فإن الواجب إبقاء العام على عمومه؛ لأن حصره في واحد من أفراده
قصور في التفسير، وكما نعلم جميعاً أن المفسِّر يجب أن يكون مطابقاً لإيش؟
للمفسَّر، أما أن يخصص هذا لا يجوز، نعم، كما أنه لا يجوز أن يعمم أيضاً،
لا يجوز أن يعمم، فإذا جاء نص في شيء خاص لم يجز أن نجعله له عاماً، اللهم
إلا عن طريق القياس إن كان مما يمكن فيه القياس. أي نعم).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (ت: 1430هـ): (قولُه: (ثم إنه لسببِ تَطَرُّفِ هؤلاءِ وضلالِهم)، تَطَرُّفُهم: يعني: كونَهم على طَرَفٍ، وكونَهم ضُلاَّلاً.
الرافضةُ؛
ويُسَمُّونَ أنفسَهم الإماميَّةَ؛ لأنهم يقولونَ بإمامةِ الأئمَّةِ
الاثنَيْ عَشَرَ، الذين أوَّلُهم عليٌّ وآخرُهم المنتظَرُ في زَعْمِهم،
محمَّدُ بنُ الحسنِ العسكريُّ، يقولونَ إنه دخَلَ سِردابَ سامِرَّاءَ، ولا
يَزالونَ يَنتظرونه مِن أكثرَ مِن أَلْفٍ ومائتيْ سَنَةٍ، فأئمَّتُهم اثنا
عَشَرَ، ولا يَزالونَ على هذا المعتقَدِ.
(وكذلك الفلاسفةُ)،
الفلاسفةُ هنا: يقصد بهم الفلاسفةُ الإلهيُّونَ، الذين يَعتقدون معتقَدَ
الفلاسفةِ المتقدِّمينَ، مِن أمثالِ ابنِ سينا والفارابيِّ ونحوِهم، يقولُ
حافظ الحكمي رَحِمَه اللهُ:
ولا ابـنُ سـيـنـَا وفارابـيهِ قُدْوَتُنـا = ولا الذين لربِّ الخلْقِ قد جَحَدُوا
(ثم القرامطةُ)،
وهم باطنيَّةٌ، أتباعُ حَمدانَ قُرمط، وكانوا مِن الذين استَقَرُّوا في
القطيفِ، ونُشِرَ مَذهبُهم في آخِرِ القرْنِ الثالثِ وأوَّلِ القرنِ
الرابعِ، ولهم تواريخُ بشعةٌ، وفيهم كُتُبٌ مُؤَلَّفَةٌ، (وغيرُهم فيما هو أَبلغُ مِن ذلك)، يعني: دَخَلُوا مِن هذا البابِ في تأويلِ الآياتِ وحَمَّلوها ما لا تَحتملُ، (وتفاقَمَ الأمرُ في الفلاسفةِ والقرامطةِ والرافضةِ)، يعني: صَعُبَ تأويلُهم وتحريفُهم للآياتِ تحريفاً بَليغاً.
قولُه: (فَسَّرُوا القرآنَ بأنواعٍ لا يَقْضِي منها العالِمُ عَجَباً)،أي
أن تفاسيرَهم التي فَسَّرُوا بها القرآنَ يَتعجَّبُ منها مُجَرَّدُ
الفاهمِ الذي معه فَهْمٌ لِحَمْلِهم تلك الآياتِ، ثم ذَكرَ هذه الأمثلةَ: (تفسيرَ الرافضةِ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} يقولون: يدا أبي لَهَبٍ: هما أبو بكرٍ وعمرُ)، هكذا قالوا لعَنَهم اللهُ، بمعنى أنَّ أبا بكرٍ وعمرَ هما اللذانِ يَصْلَيَانِ ناراً ذاتَ لهَبٍ، ({لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} أي: أَشركتَ بينَ أبي بكرٍ وعليٍّ في الخلافةِ)،
فالخِطابُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ أي: لا تَجعلْ أبا بكرٍ
شَريكاً لعليٍّ في الخلافةِ، فإذا أَشركتَهم حَبِطَ عملُك، - تعالى اللهُ
عن قولِهم -، مع أنَّ الشرْكَ ظاهرٌ في شِرْكِ التنديدِ،( {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} قالوا: هي عائشةُ)، هكذا قالوا لعَنَهم اللهُ، (وكذلك {قَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} أي: طلحةَ والزبيرَ)؛ لأنهم الذين قاتَلُوا في الْجَمَلِ،( {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} فَسَّرُوا البحرينِ بعليٍّ وفاطمةَ)،( {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}: الحسَنُ والحسينُ).
هذه عجائبُ،أن ذَهَبُوا إلى هذه التفاسيرِ؟!
وهذه
التفاسيرُ مَوجودةٌ؛ ذَكَرَ بعضُ الزملاءِ أنه اطَّلَعَ على كتابٍ مِن
كُتُبِهم في إيرانَ، وفيه هذه العجائبُ التي لا يَقْضِي منها العالِمُ
عَجَباً، وهذا الكتاب مطبوعٌ ومُشْتَهِرٌ بينَهم، معترِفونَ به ويَعتنونَ
به، ويُكْثِرونَ قِراءتَه ويُقِرُّونَه، ومع ذلك يقالُ: أين العقولُ؟ هل
كانت هذه الأمورُ موجودةً عندَما نَزلتْ هذه الآياتُ، لَمَّا نَزَلَ: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} القصةُ مذكورة في قصةِ موسى، فكيف يَحْمِلُونَها على عائشةَ؟! قاتَلَهم اللهُ، كذلك: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} معلومٌ أنَّ السورةَ نَزلتْ في أبي لَهَبٍ الذي ذَكَرَه اللهُ، وقالَ: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}، فكيف يَجعلونَ يديهِ: أبا بكرٍ وعمرَ؟! (كذلك قولُهم: {وَكُلُّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}، قالوا: الإمامُ هنا: عليٌّ)، الآيةُ نَزلتْ في مكةَ في سورةِ يس، وهي مكيةٌ، وعليٌّ في ذلك الوقتِ كان صغيراً، فكيف يقولونَ: إنه هو إمامٌ مبينٌ،( {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ} قالوا: النَّبَأُ الْعَظِيمُ هو عليٌّ).
وكلُّ هذه أقوالٌ بعيدةٌ عن الصوابِ، لا يَقْضِي منها العالِمُ عَجَباً، (وكذلك قولُه: {إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ
الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ})، يقولُ ابنُ المطَهَّرِ: أَجْمَعوا على أنها (نَزلتْ في عليٍّ)
لَمَّا تَصدَّقَ بخاتَمِهِ وهو راكعٌ، وناقشَهُ شيخُ الإسلامِ في
الْمِنهاجِ- (مِنهاجِ السُّنَّةِ)- وبَيَّنَ أنها بعيدةٌ أن تَنْزِلَ في
عليٍّ، وأنَّ التصَدُّقَ في الركوعِ غيرُ مشروعٍ؛ وذلك لأن الراكعَ في
عِبادةٍ، والحركةُ قد تُقَلِّلُ أَثَرَ العبادةِ.
(يَذكرونَ حديثاً موضوعاً بإجماعِ أهلِ العلْمِ، في تَصَدُّقِهِ بخاتَمِهِ في الصلاةِ).
(كذلك قولُه: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} أنها نَزلتْ في عليٍّ لَمَّا أُصيبَ بحمزةَ)،
مصابُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ بحمزةَ أَعظمُ مِن غيرِه؛ لأنه
مِن أوَّلِ مَن أَسْلَمَ مِن أقارِبِه، فكيف يقولونَ: إنها نَزلتْ في عليٍّ
خاصَّةً؟!
ثم ذَكَرَ أيضاً أنَّ هناكَ مَن قاربَهم في مثلِ هذه الحكاياتِ،أي: في مَن حمل الآياتِ على ما لا تَحتمِلُ، (ومما
يُقارِبُ هذا مِن بعضِ الوجوهِ ما يَذْكُرُه كثيرٌ مِن المفَسِّرينَ، - مع
أنهم مِن أهلِ السنَّةِ أو نحوِهم-، فيُفَسِّرونَ قولَه تعالى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ}
- في سورةِ آلِ عِمرانَ-: أنَّ الصابرينَ: رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه
وسَلَّمَ، والصادقينَ: أبو بكرٍ، والقانتينَ: عمرُ، والمنفقينَ: عثمانُ،
والمستغفرينَ: عليٌّ)، وهذا خطأٌ، الآيةُ عامَّةٌ لكلِّ مَن كان مُتَّصِفاً بهذه الصفاتِ، سواءٌ مِن الصحابةِ أو مَن بعدَهم، (وكذلك يُفَسِّرونَ قولَه في سورةِ الفتْحِ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}: أبو بكرٍ، {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}: عمرُ، {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}: عثمانُ، {تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً}: عليٌّ)، وهذا أيضاً خطأٌ؛ فالآية عامَّةٌ في الصحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، ليست في هؤلاءِ الخلفاءِ خاصَّةً.
(وأعجَبُ مِن ذلك قولُ بعضِهم: {وَالتِّينِ}: أبو بكرٍ، {وَالزَّيْتُونِ}: عمرُ، {وَطُورِ سِنِينَ}: عثمانُ، {وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ}: عليٌّ)، الآيةُ مكِّيَّةٌ، وليس فيها تَطَرُّقٌ لهؤلاءِ، وإنما أَقْسَمَ اللهُ تعالى بهذا، أَقْسَمَ بهذا النباتِ: {التِّينِ وَالزَّيْتُونِ} التينُ: نباتٌ معروفٌ له ثَمَرٌ معروفٌ، {وَالزَّيْتُونِ} كذلك أيضاً معروفٌ، {وَطُورِ سِنِينَ}: الجبَلُ المعروفُ، الذي هو طُورُ سَيناءَ، {وَهَذَا الْبَلَدِ}: مكَّةُ.
قولُه: (وأمثالُ هذه الخرافاتِ التي تَتضمَّنُ تارةً تفسيرَ اللفظِ بما لا يَدُلُّ عليه بِحَالٍ) بمعنًى بعيدٍ؛ (فإنَّ هذه الألفاظَ لا تَدُلُّ على هؤلاءِ الأشخاصِ)، بل عامَّةٌ للمؤمنينَ، (قولُه: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً} نَعْتٌ للذينَ معه، {الَّذِينَ مَعَهُ} ) يعني: من كانوا مع محمدٍ كلُّهم، {أَشِدَّاءُ} ولم يَقُلْ شديداً، {رُحَمَاءُ} ولم يَقُلْ رحيماً، {تَرَاهُمْ} ولم يقلْ تَراهُ.
قولُه: (وهي التي يُسَمِّيهَا النحاةُ: خَبَراً بعدَ خبرٍ والمقصودُ هنا أنها كلَّها صفاتٌ لموصوفٍ واحدٍ، وهم الذين مع محمدٍ) {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِين مَعَهُ}، (لا يَجوزُ أن يكونَ كلٌّ منها مراداً به شخصٌ واحدٌ، وتَتضمَّنُ تارةً جَعْلَ اللفظِ المطلَقِ العامِّ مُنحصراً في شخْصٍ واحدٍ)، فاللفظُ العامُّ لا يُمْكِنُ أن يُخَصَّ به شخصٌ واحدٌ، (قولُه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا})، لو كان عَلِيًّا وحدَه لقالَ: والذي آمَنَ، وقالَ: الذي يَتصدَّقُ وهو راكعٌ، لو أُريدَ بها عليٌّ وحدَه، (وقولُ بعضِهم: إن قولَه: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} أُريدَ بها أبو بكرٍ وَحْدَه)، هذا قد يكونُ قريباً؛ أنها نَزلتْ في أبي بكرٍ؛ لأنه قالَ: {وَصَدَّقَ بِهِ}، ولم يقلْ وصَدَّقُوا به، ولكن مع ذلك هي عامَّةٌ، (وكذلك قولُه: {لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} أُريدَ بها أبو بكرٍ)، والصوابُ أنها عامَّةٌ).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)
القارئ: (بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ن والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى وأتم التسليم... أما بعـد:
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
(ثم إنه بسبب تطرق هؤلاء وضلالهم دخلت....).
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: (تطرف هؤلاء بالفاء هو أحسن).
القارئ: (ثم إنه بسبب تطرف هؤلاء وضلالهم دخلت الرافضة الإمامية ثم الفلاسفة، ثم القرامطة، وغيرهم فيما هو أبلغ من ذلك.
وتفاقم الأمر في الفلاسفة والقرامطة والرافضة فإنهم فسروا القرآن بأنواع لا يقضي منها العالم عجبه.
فتفسير الرافضة كقولهم: {تبت يدا أبي لهب} هما أبو بكر وعمر.
و {لئن أشركت ليحبطن عملك } أي: بين أبي بكر وعمر وعلي في الخلافة.
و {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} هي عائشة.
و {فقاتلوا أئمة الكفر} طلحة والزبير.
و {مرج البحرين} علي وفاطمة.
و {اللؤلؤ والمرجان} الحسن والحسين.
و {كل شيء أحصيناه في إمام مبين} في علي بن أبي طالب.
و {عم يتساءلون عن النبأ العظيم} علي بن أبي طالب.
و {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} هو علي، ويذكرون الحديث الموضوع بإجماع أهل العلم وهو تصدقه بخاتمه في الصلاة.
وكذلك قوله: {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة} نزلت في علي لما أصيب بحمزة. ومما يقارب هذا من بعض الوجوه: ما يذكره كثير من المفسرين في مثل قوله: {الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار} إن الصابرين رسول الله، والصادقين أبو بكر، والقانتين عمر، والمنفقين عثمان، والمستغفرين علي.
وفي مثل قـولـه: {محمد رسول الله والذين معه} أبو بكر {أشداء على الكفار} عمر، {رحماء بينهم} عثمان {تراهم ركعاً سجداً } علي. وأعجب من ذلك قول بعضهم {والتين} أبو بكر، {والزيتون} عمر، {وطور سينين } عثمان {وهذا البلد الأمين} علي.
وأمثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللفظ بما لا يدل عليه بحال فإن هذه الألفاظ التي لا تدل على هؤلاء الأشخاص بحال.
وقوله: {والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً} كل ذلك نعت للذين معه، وهي التي يسميها النحاة خبراً بعد خبر.
والمقصود
هنا أنها كلها صفات لموصوف واحد، وهم الذين معه، ولا يجوز أن يكون كل منها
مراداً به شخص واحد وتتضمن تارة جعل اللفظ المطلق العام منحصراً في شخص
واحد كقوله: إن قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} أريد بها علي وحده. وقول بعضهم: {والذي جاء بالصدق وصدق به} أريد بها أبو بكر وحده وقوله: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} أريد بها أبو بكر وحده ونحو ذلك.
وتفسير
ابن عطية وأمثاله أتبع للسنة والجماعة، وأسلم من البدعة من تفسير الزمخشري
ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن
وأجمل فإنه كثيراً ما ينقل من تفسير محمد بن جرير الطبري – وهو أجل
التفاسير المأثورة وأعظمها قدراً – ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف
لا يحكيه بحال ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين وإنما يعني بهم طائفة من أهل
الكلام، الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت المعتزلة أصولهم، وإن
كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة لكن ينبغي أن يعطى كل ذي حق حقه، ويعرف
أن هذا من جملة التفسير على المذهب، فإن الصحابة والتابعين والأئمة إذا كان
لهم في تفسير الآية قول وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر لأجل مذهب اعتقدوه
وذلك المذهب ليس مذاهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان صار مشاركاً للمعتزلة
وغيرهم من أهل البدع في مثل هذا.
وفي
الجملة: من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان
مخطئاً في ذلك، بل مبتدعاً وإن كان مجتهداًَ مغفوراًَ له خطأه.
فالمقصود
بيان طرق العلم وأدلته، وطرق الصواب، ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة
والتابعون وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم
بالحق الذي بعث الله به رسول صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم، فمن خالف قولهم
وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعاً ومعلوم أن
كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها إما عقلية وإما سمعية كما هو مبسوط في
موضعه.
والمقصود
هنا: التنبيه على مثار الاختلاف في التفسير، وأن من أعظم أسبابه: البدع
الباطلة التي دعت أهلها إلى أن حرفوا الكلم عن مواضعه وفسروا كلام الله
ورسوله صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم بغير ما أريد به، وتأولوه على غير
تأويله.
فمن
أصول العلم بذلك: أن يعلم الإنسان القول الذي خالفوه، وأنه الحق، وأن يعرف
أن تفسير السلف يخالف تفسيرهم، وأن يعرف أن تفسيرهم محدث مبتدع.
ثم
أن يعرف بالطرق المفصلة فساد تفسيرهم بما نصبه الله من الأدلة على بيان
الحق. وكذلك وقع من الذين صنفوا في شرح الحديث وتفسيره من المتأخرين من جنس
ما وقع فيما صنفوه من شرح القرآن وتفسيره) ).
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ: (بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه... أما بعد:
فهذا
السياق الطويل من شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى – أراد به أن يمثل على نوع
من أنواع التفسير بالرأي المذموم وبيان بطلان ذلك من طريق مجمل وكذلك
الإشارة إلى أنه يبطل بالطريق المفصل هذا التفسير بالرأي المذموم هو كما
ذكرت لكم هو أن يفسره بما يعتقده من خالف نهج الصحابة والتابعين ونهج سلف
هذه الأمة مثل: تفاسير الرافضة فيما ذكر من أنواع التفسير الذي نقله شيخ
الإسلام – رحمه الله – عن تفاسيرهم ولاشك أن هذه التفاسير التي فسروها باطلة لأوجه:
1- أولاً: لأن اللفظ لا يحتمل ذلك فكونهم يفسرون آية ما بأنها علي واللفظ لا يدل عليه مثل: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}،
وتفسيرهم للجبت والطاغوت بأنهما: أبو بكر وعمر ونحو ذلك هذه التفاسير لا
يدل عليها اللفظ كونهم فسروا معنىً معروفاً معناه في اللغة بأن المراد به
معين من الصحابة هذا باطل من أوجه كما ذكرت، الأول أن هذا لا يدل عليه معنى
اللفظ في اللغة يقولون إن هذا تأويل والتأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره
المتبادر منه إلى معنى آخر لقرينة تدل على ذلك ويقولون صرفناه للقرينة التي
دلت على ذلك والقرينة عندهم حججهم التي بين أيديهم الحجج الباطلة التي
فيها الأمر بذبح أبي بكر – مثلاً – أو بذبح عثمان أو بذبح عمر – رضِي اللهُ
عَنْه ونحو ذلك أو أن الجبت والطاغوت هما اللذان أضلا الناس وهما أبو بكر
وعمر لكن التأويل عند العلماء ثلاثة أنواع:
أ- منه تأويل صحيح. ب- ومنه تأويل مرجوح.
ج_ ومنه تأويل باطل: وهو من اللعب؛ وذلك إذا كان التأويل لغير قرينة تدل عليه من اللغة أو من نص الشارع الصحيح.
فهذه
التفاسير التي فسروها إذا سموها تأويلاً يقولون خرجنا عن ظاهر اللفظ
للتأويل كما يزعمه الرافضة، الجواب عنه أن هذا تأويل باطل هو من اللعب
والتلاعب بالقرآن وبنصوص الكتاب والسنة لأن هذا تأويل لم يأتِ عليه دليل بل
الأدلة تبطل ذلك فإن فضل أبي بكر وفضل عمر وأنهما أفضل الصحابة على
الإطلاق هذا جاءت به الأدلة فكيف يصرفونه عن ظاهره إلى غيره.
المقصود وأن هذا وإن سموه تأويلاً فإنه تأويل من نوع اللعب وهذا كفر عند كثير من العلماء.
2- الوجه الثانـي:
أن هذه التفاسير باطلة لأن معتمدها الهوى فهم فسروا القرآن الذي أنزل على
النبي صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم بما أحدث من الاعتقادات بعد أكثر من قرن
من وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فتلك الاعتقادات من اعتقادات الرافضة
واعتقادات المعتزلة ومن شابه هؤلاء وهؤلاء تلك الاعتقادات أحدثت ولم يكن
شيء منها في الصحابة ولا في كبار التابعين وإنما أحدثت بعد ذلك فكيف يكون
المراد بالقرآن الذي أنزل على النبي صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم يكون
المراد به التأويلات أو الاعتقادات المحدثة بعد أكثر من قرنٍ من نزول هذا
القرآن ومن وفاة النبي عليه الصلاة والسلام.
3- الوجه الثالث: من
إبطال هذه التفاسير أنها تفاسير خرجت عن تفسير الصحابة والتابعين وهذا هو
الأصل العظيم الذي يريد شيخ الإسلام – رحمه الله – تقريره هذه التفاسير
خرجت عما فسر به الصحابة والتابعون لهم بإحسان تلك الآيات، فالصحابة
تفاسيرهم لتلك الآيات محفوظة كذلك التابعون تفاسيرهم لتلك الآيات محفوظة
فمن خرج عن تفاسيرهم وأتى بمعنى يناقض ما قالوه فإنه مردود قطعاًَ لأن أعلم
الأمة بالقرآن هم صحابة رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم ولا يجوز
أن يقال إن هناك معنى في القرآن حجب عن الصحابة وحجب عن التابعين لهم
بإحسان وأدركه من بعدهم يكون المعنى من أصله حجبوا عنه وأدركه من بعدهم هذا
باطل وذلك لأن النبي صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم بين أن خير الأمة قرنه
عليه الصلاة والسلام فقال: ((خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم))
والخيرية لها جهات ومن أعظم جهات الخيرية العلم فالعلم بالكتاب وبالسنة
كان محفوظاًَ في الصحابة – رضوان الله عليهم – ولم يحجب عن مجموع الصحابة
علم مسألة من الكتاب والسنة، نعم قد يكون بعض الصحابة يجهل بعض معاني
الكتاب والسنة لكن يعلمه بعض الصحابة الآخرون، أما بعمومهم فلا يجهل
الصحابة بمجموعهم معنى آية أو معنى سنة عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيهِ
وسَلَّم لهذا نقول هذا الطريق مجمل كما ذكر طيق مجمل في بيان بطلان تلك
الأقوال من أصلها، ما هذا الطريق المجمل؟
أن
تلك الأقوال خرجت عن أقوال الصحابة والتابعين في تفاسيرهم، تفاسير الصحابة
والتابعين محفوظة لدينا وليس فيها شيء من تلك البدع والضلالات التي يذكرها
الرافضة أو يذكرها أهل الاعتزال.
الطريق الثاني
طريق مفصل: وهذا أشار إليه شيخ الإسلام وهو أن الأقوال التي تخالف أقوال
الصحابة والتابعين في التفسير تخالفها، بمعنى أن أقوال الصحابة لا تدل
عليها ولا تشمل ذلك التفسير المحدث مثل تفاسير آيات الصفات بالمعاني
والمؤولة والمحرفة ومثل تفاسير الرافضة ومثل تفاسير الصوفية في إشارياتهم
ومثل تفاسير أهل البدع والإسماعيلية والباطنية ونحو ذلك.
هذه
التفاسير باطلة أيضاً على التفصيل وذلك أنه ما من قول إلا وفي الكتاب
والسنة من الدلائل ما يدل عليه بطلان ذلك القول الذي أحدثه المبتدعة فكل
قول له دليل يبطله.
فإذا قالوا مثلاً الجبت والطاغوت عمر وأبو بكر – رضِي اللهُ عَنْهما – أو قال المعتزلة إن قوله: {الرحمن الرحيم}
المراد به الإنعام، أو نفوا الحوض في السنة، أو نفوا الميزان الذي جاء
ذكره في القرآن وقالوا لا ميزان أو نفوا الصراط هذه كلها أقوال لأهل
الاعتزال ومن شابههم إذا أتت آية فيها ذكر الصراط فإنهم ينفون أن ثم صراط
على متن جهنم.
كذلك الميزان في قوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} وفي قوله: {فأما من ثقلت موازينه}
ونحو ذلك، ينفون وجود الميزان الحسي ويقولون هذه تشبيهات هذه الأقوال كل
قول منها ثم أدلة من الكتاب والسنة مفصلة على بطلان ذلك القول بخصوصه.
فمثلاً في الصفات: الأدلة من الكتاب والسنة على إثبات صفة الرحمة أكثر من
أن تحصر وهذا جواب مفصل يعني رد مفصل على تأويلاتهم الباطلة التي هي من جنس
اللعب وشر التحريف لآيات القرآن. كذلك الذين نفوا الميزان هناك أدلة كثيرة
من الكتاب والسنة تمنع ذلك وهذا هو الدليل المفصل.
فإذاً
نقول على وجه الاختصار من خالف تفاسير الصحابة والتابعين وأتى بمعنى جديد
لا يشمله تفاسير الصحابة والتابعين لهم بإحسان فهذا قوله مردود عليه من جهتين:
أ- الجهة الأولى:
مجملة، الدليل الأول مجمل وذلك الدليل أن ما خرج عن تفاسير الصحابة
والتابعين فهو مردود لأن العلم محفوظ فيهم ولا يمكن أن يدخر لمن بعدهم علم
ويحجب عن الصحابة لأنهم خير هذه الأمة.
ب- الثانـي
دليل مفصل ووجه مفضل: وهو ما من تفسير يخالف تفاسيرهم ويأتي بمعنى محدث
إلا وثم أدلة كثيرة من الكتاب والسنة تبطل ذلك التفسير المعين).
شرح مقدمة التفسير للشيخ: مساعد بن سليمان الطيار
قال الشيخ مساعد بن سليمان الطيار: (قولُه: (ثُمَّ
إنَّهُ بِسَبَبِ تَطَرُّفِ هَؤُلاَءِ وَضَلالِهِم دَخَلَتِ الرَّافضةُ
الإماميَّةُ ثُمَّ الفَلاَسِفَةُ ثُمَّ القَرَامِطَةُ وَغَيْرُهُم فِيمَا
هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذلِكَ، وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ في الفَلاَسِفَةِ
وَالقَرَامِطَةِ وَالرَّافضةِ؛ فَإِنَّهُم فَسَّرُوا القُرْآنَ بِأَنْواعٍ
لاَ يَقْضِي مِنْهَا العَالِمُ عَجَبًا، فَتَفْسِيرُ الرَّافِضَةِ
كَقَوْلِهِم: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب ٍ} وَهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ! و: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُك} أَيْ: بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْخِلاَفَةِ !{إِِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } هِيَ عَائِشَةُ! وَ: {قَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} طَلْحَةُ وَالزُّبيرُ! و: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ، و َ: {اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ! .{ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ } فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. و :{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ } عليُّ بنُ أبي طالبٍ. و: {إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} ،
هُوَ عَلِيٌّ، وَيَذْكُرُونَ الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ
الْعِلْمِ، وَهُوَ تَصَدُّقُه بِخَاتَمِهِ فِي الصَّلاةِ، وكذلك قولُهُ: {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} ، نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ لمَّا أُصِيبَ بِحَمْزَةََ).
هذه
التفسيراتُ المنكَرَةُ لا تُوجدُ في مثلِ كتابِ " مَجمعِ البيانِ " لأنها
لو وُجِدَتْ لاستَنكَرَها أهلُ السُّنةِ، وإن كانت منها بعضُ الأشياءِ
القليلةِ، لكن مثلُ هذه التفسيراتِ تجِدُها في كُتُبِهم الأخرى التي
اعتمَدوا عليها في التفسيرِ.
وشيخُ
الإسلامِ هنا ينَبِّهُ إلى أنَّ المعتزلةَ كان لَهم أَثرٌ كبيرٌ جدًّا
فيمَن جاءَ بعدَهم؛ لأنَّهم اعتمَدوا مبدأَ التأويلِ فصاروا يأوِّلون كلامَ
اللَّهِ سبحانه وتعالى على حسَبِ ما يعتقدون.
وقد
دخلَ مِن هذا البابِ - بابِ التأويلِ - الرافضةُ الإماميةُ أو الفلاسفةُ أو
القرامطةُ، ووسَّعُوا دائرةَ التأويلِ والأخذِ بالمجازِ, وتوسيعُ هذه
الدائرةِ بهذا الأسلوبِ يُجيزُ لكلِّ أحدٍ أن يفسِّرَ القرآنَ بما يشاءُ من
غيرِ ضابِطٍ.
فإذا كان المقصودُ بـ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} أبا بكرٍ وعُمرَ فعلَى أيِّ شيءٍ يَرجِعُ الضَّمِيرُ في قولِه: {ما أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ ومَا كَسَبَ}؟!
تأويلاتٌ غريبةٌ يتعجَّبُ منها الإنسانُ ولا ينقضي عَجَبُه فهي لا
تَلتَئِمُ إطلاقًا مع السياقِ ولا يَقبَلُها عاقلٌ، وإنما يَقبَلُها
الجُهَّالُ من أصحابِها، لا شكَّ أنَّ هذا افتراءٌ على اللَّهِ سبحانه
وتعالى.
والفلاسفةُ
أيضًا اعتَمَدوا على مبدأِ التأويلِ الذي قال به المعتزلةُ وقال به
الأشاعرةُ وأوَّلُوا حتى نصوصَ المَعادِ، فما جَعلوا شيئًا في الشريعةِ من
بابِ الحقائِقِ، فصارت الشريعةُ كُلُّها من بابِ المجازاتِ عندَهم؛ ولهذا
يَرَوْنَ أنه لا تُوجدُ جنَّةٌ ولا نارٌ، وإنما أَخْبَرَ الرسولُ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسَلَّمَ بذلك من بابِ المجازِ، وليس له وجودٌ في الحقيقةِ.
والمقصودُ
أنَّ هذه الطوائفَ دَخلَتْ من هذا البابِ الذي اعتمَدَه المعتزلةُ وهو
بابُ التأويلِ، وإذا انفتحَ بابُ التأويلِ الفاسِدِ فإنَّ الشريعةَ لا يبقى
منها شيءٌ، فكلٌّ يقولُ ما شاءَ ويجعلُه من بابِ التأويلِ، ويَقْلِبُ به
حقائقَ الشريعةِ.
قولُه: (ومِمَّا يُقارِبُ هَذَا مِنْ بَعْضِ الوُجُوهِ مَا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِن الْمُفسِّرِينَ في مِثْلِ قولِهِ: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} :
إنَّ الصَّابرين رَسُولُ اللَّهِ، وَالصَّادِقِينَ أَبُو بَكْرٍ،
وَالقَانِتِينَ عُمَرُ، وَالْمُنفِقِينَ عُثْمَانُ، وَالْمُسْتَغْفِرِينَ
عليٌّ.
وَفِي مِثْلِ قَولِهِ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ }: أَبُو بَكْرٍ , {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}: عُمَرُ، {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}: عُثمانُ، {تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّدًا }: عليٌّ .
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِِهِم: {وَالتِّينِ}: أَبُو بَكْرٍ، {وَالزَّيْتُونِ} : عُمَرُ، {وَطُورِ سِينِينَ}: عُثْمَانُ , { وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ }: عليٌّ .
وَأَمْثَالُ
هَذِهِ الْخُرَافَاتِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ تَارَةً تَفْسِيرَ اللَّفْظِ
بِمَا لاَ يَدُلُّ عَليْهِ بِحَالٍ، فَإِنَّ هَذِهِ الأَلْفَاظََ لاَ
تَدُلُّ عَلَى هَؤُلاَءِ الأَشْخَاصِ ِبحالٍ، وَقَوْلُُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا }.
كُلُّ ذَلِكَ نَعْتٌ لِلَّذِينَ مَعَهُ، وَهِيَ الَّتِي يُسَمِّيها
النُّحَاةُ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا أنَّهَا كُلَّهَا
صِفَاتٌ لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍٍٍِ وَهُم الَّذِين مَعَهُ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ
يَكُونَ كُلٌّ مِنْهَا مُرَادًا بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ).
هنا
يُلاحِظُ المصنِّفُ أنَّ هذه التفسيراتِ التي قطَّعتِ الآيةَ، وجعلَتْ كلَّ
واحدٍ من الأوصافِ المذكورةِ فيها مُرادًا به شخصٌ بعينِه، أنَّ هذا
تحكُّمٌ من غيرِ دليلٍ، ولكن لو أنَّ مفسِّرًا قال: {والَّذِين مَعَهُ أَشدَّاءُ على الكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُم}
الآيةَ كلَّها، قال: أبو بكرٍ، فإنَّ هذا التفسيرَ يُقبَلُ منه على أنه
مثالٌ، ولكن لو قال: إنه أبو بكرٍ على سبيلِ التخصيصِ، فإنه يُقالُ له: أين
دليلُ التخصيصِ؟
فيُقبلُ هذا التفسيرُ إذا كان من بابِ المثالِ، ولا يُقبلُ إذا كان مِن بابِ التخصيصِ، والفرقُ بينَهما ظاهِرٌ .
قولُه: (وَتَتَضَمَّنُ
تَارَةً جَعْلَ اللَّفْظِ الْمُطْلَقِ العَامِّ مُنْحَصِرًا فِي شَخْصٍ
وَاحِدٍ , كَقَوْلِهِم: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا } أُرِيدَ بِهَا عَلِيٌّ وَحْدَهُ. وَقَوْلِ بَعْضِهِم: إِنَّ قَوْلَهُ: { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } أُرِيدَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ وَحْدَهُ.
وَقَوْلَهُ: { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ } أُرِيدَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ وَحْدَهُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ).
المصنِّفُ
هنا يريدُ أن يُنَبِّهَ على أنَّ هذا التخصيصَ ليس صحيحًا، لكن لو ذُكِرَت
على سبيلِ المثالِ لجازَ ذلك، يقولُ بعضُ المفسِّرينَ يقولُ: إنما أُريدَ
به عليٌّ وحدَه أو أبو بكرٍ وحدَه، فهذا تخصيصٌ ليس عليه دليلٌ، وإنما هو
راجعٌ إلى التفسيرِ بالمثالِ).