3 Mar 2017
تمهيد
الحمد لله الذي علّم
بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وصلى الله على النبيّ المعلَّم، والكريم
المكرَّم، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم ، أما بعد:
فلا يخفى على مشتغل
بالعلم حاجة طلابه إلى القراءة، وصلتهم الوثيقة بالكتب على اختلاف أنواعها
ومراتبها، وقد بلغني من شكوى كثير ممن لهم رغبة في طلب العلم واشتغالٍ به
من العشوائية في القراءة، وكثرة التذبذب والتنقّل بين الكتب والمناهج،
واستيلاء الملل والفتور على بعضهم، وكثرة الخطأ في فهم المسائل العلمية،
وضعف التحصيل العلمي، وغير ذلك من الآفات التي توجب على المشتغلين برعاية
طلاب العلم وتوجيههم الاجتهادَ في نصيحتهم، وتعريفهم بمناهج أهل العلم في
القراءة، وشرح طرائقهم فيها، والكشف عن أسباب تمكّنهم، وتحذير طلاب العلم
من الآفات التي تحول بينهم وبين ما يأملون من الانتفاع بالقراءة وإحسان
التحصيل العلمي، وبيان ما يعينهم على القراءة الصحيحة النافعة، ويشدّ من
عزائمهم، ويهوّن عليهم كثيراً مما يجدون من المشقّة واللأواء.
ولتحقيق هذه المقاصد
الجليلة حرصت على إقامة دورة في بيان أصول القراءة العلمية، اشتملت دروسها
على التذكير بفضائل القراءة، والحديث عن عناية العلماء بها، وبيان أصول
القراءة النافعة، وأنواعها، والكشف عن مراحل التحصيل المعرفي بالقراءة،
وأركان عملية القراءة، والتعريف بجملة من المهارات المعينة على تحسين
استفادة الطالب من الكتاب الذي يقرأه، والأدوات العلمية المعينة على
استكشاف ما وراء الكتاب من الفوائد التي قد تكون أنفع للقارئ من مجرّد فهم
محتوى الكتاب، وتعريف الطالب بالطريقة المثلى لتنظيم قراءته، ورسم خطّته
المعينة على إتمام بنائه العلمي، وتقريب الأدوات التي تعينه على قياس مستوى
تحصيله العلمي من القراءة.
وكنت قد شرعت في إعداد
مسوّدة هذه الدورة عام 1430هـ، وألقيت بعض ما فيها في دورات متفرقة، وكنت
أزيد فيها ما يتيسّر لي من قراءات متنوّعة على سنوات عدة، وأضيف ما أقف
عليه من الفوائد واللطائف حتى أجمعت أمري في أوّل شهر ربيع الثاني من عام
1439هـ على إتمام دروس هذه الدورة؛ فتفرّغت لها نحو شهرين حتى أتممتها بفضل
الله تعالى ليلة الجمعة 28 من شهر جمادى الآخرة عام 1439هـ.
ثمّ عدت إليها بالمراجعة في أواخر شهر رجب من العام نفسه لتخرج في كتاب يسهل نشره وتداوله، والله المستعان وبه التوفيق.