المثال الثاني: فهرسة مسائل رسالة "أمراض القلوب وشفاؤها" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
الكتاب: هنا
مقدمات في أحوال القلوب
· القلوب إنما خلقت لأجل حبّ الله تعالى وعبادته، وهذه هي الفطرة التي فُطر الناس عليها.
· إذا تركت الفطرة بلا فساد كان القلب عارفاً بالله محبّا له عابداً له وحده.
· إذا كان القلب محبّا لله تعالى وحده لم يُبتل بحبّ غيره أصلاً.
· فساد الفطرة يكون بسبب مرض القلب أو موته؛ ثمّ قد يعود القلب إلى فطرته إذا يسّر الله تعالى لعبده السعي في إعادته لفطرته.
· القلب له موت وحياة ومرض وشفاء، وهو أعظم من حياة البدن وموته ومرضه وشفائه.
· للقلب عوارض وأدواء، ومن العوارض ما يؤذيه ويؤلمه كالغيظ والغمّ، ومنها ما يفتنه إذا كان في القلب مرض.
· القلب يحيا، ويخشع، ويخبت، وينيب، ويصلح، ويمرض، ويُشفى، ويقسو، ويفسد، ويموت، ويتقلّب.
· اعتنى
العلماء ببيان أحوال القلوب وأمراضها وشفائها فيما كتبوا من التفاسير
وشروح الأحاديث والوصايا والسير، ومنهم من أفردها بالتصنيف كما فعل
الخرائطي في كتابه "اعتلال القلوب".
أنواع القلوب
· قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: (القلوب أربعة:
- قلب أجرد فيه سراج يزهر فذلك قلب المؤمن.
- وقلب أغلف؛ فذاك قلب الكافر.
- وقلب منكوس؛ فذاك قلب المنافق.
- وقلب فيه مادتان: مادة تمده الإيمان ومادة تمده النفاق؛ فأولئك قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا).
صحة القلب
· صحّة القلب هي سلامته من الآفات والعلل، وارتواؤه بما يغذّيه ويقوّيه.
· صحّة القلب تقوّيه وتحميه من التأثر بكثير من العوارض التي يُفتن بها مريض القلب.
· يصحّ القلب ويقوى ويتزكّى بتعدّد أسباب قوّته وسلامته من الأمراض والعلل.
· عماد صحّة القلب وقوّته على أمرين: البصيرة التي تحصل بها صحّة العلم، والرشاد الذي يكون بسبب صحّة الإرادة.
مرض القلب
· مرض القلب هو نوع فسادٍ في تصوّره وإرادته.
- أ: فساد التصوّر يحصل به الافتتان بالشبهات.
- ب: وفساد الإرادة يحصل به الافتتان بالشهوات.
· من فساد التصوّر أن لا يبصر الحقّ فيحتار ويتردد، أو يرى الحقّ باطلاً والباطل حقّا.
· مرض القلب يضعفه ويُنهكه حتى يتأثر بعوارض يسيرة، ويفتتن بأدنى فتنة.
· مرض القلب يكون بالغفلة عن غذائه، أو إصابة القلب بشعبة من شعب الفسق أو الكفر أو النفاق.
· يزداد المرض بتعدّد أسبابه وتزايد آثاره.
· قوله
تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في
المدينة} مرضى القلوب لم تمت قلوبهم كموت قلوب الكفار والمنافقين، وليست
صحيحة كصالح قلوب المؤمنين، بل فيها مرض شبهة وشهوات.
· قوله
تعالى: {فيطمع الذي في قلبه مرض} دليل على أنّ صحيح القلب لو تعرّضت له
المرأة لم يلتفت إليها، بخلاف القلب المريض بالشهوة؛ فإذا خضعت المرأة
بالقول حرّكت شهوته.
· مرض القلب منه ما يكون بسبب ذنب يقع فيه العبد، ومنه عقوبة كما قال الله تعالى: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً} .
· إذا
وردت الفتنة على قلب مريض كان ذلك أسرع في فتنته؛ كما قال تعالى: {ليجعل
ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم}.
قسوة القلب
· قسوة
القلب يُبسه وعدم انتفاعه بمواعظ الله وآياته، وذلك بسبب استفحال مرضه،
وقحطه مما يغذّيه من العلم النافع والمواعظ الحسنة والأعمال الصالحة.
· القلب القاسي كالأرض الجرداء لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ.
· قسوة القلب أخطر من ضعفه لأنها تورث صاحبها فساد التصوّر، والجسارة على الباطل، والإمعان في الغواية.
· قسوة القلب علامة بيّنة على ضلال العبد: {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين}.
ظلمة القلب
· ظلمة القلب تكون بفساد الاعتقاد والتصوّر وما يتبعه من الأعمال المترتبة عليه.
· كلما عظم الفساد ازدادت الظلمة؛ حتى يحتجب عن القلب إبصار الحق.
· المؤمن
المتّقي كلما عرض له شيء من أنواع الفساد في الاعتقاد والتصوّر أو الفساد
في الإرادة والعمل بادر إلى تطهير قلبه لتعود إليه بصيرته، كما قال الله
تعالى: {إن الذين اتّقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكّروا فإذا هم
مبصرون}.
· من
البصيرة أن يدرك المؤمن عاقبة المعصية وقبحها وسوء أثرها ويبصر البرهان
على ذلك بقلبه فيزدجر عن المعصية، كما قال الله تعالى عن يوسف عليه السلام:
{ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه كذلك لنصرف عنه السوء
والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين}.
· الظلم من أسباب ظلمة القلب، وهو على ثلاثة أنواع: الشرك وهو الظلم العظيم، وظلم الخلق، وظلم النفس.
· كل
معصية هي من ظلم المرء لنفسه، لأنه لم يعدل في حقها عليه بإلزامها طاعة
الله؛ فظلمها إذ عرّضها لسخط الله وعقابه، وحرمها فضله وثوابه.
· القلب يظلم وينير بحسب ما فيه من الإيمان والنفاق، وإنارته إبصاره للحق، وإظلامه عمايته عنه.
· استحكام ظلمة القلب إنما يكون للكفّار والمنافقين، وهم على صنفين:
- صنف زُيّن لهم سوء أعمالهم فرأوها حسنة؛ فهم أصحاب جهل مركّب، ممعنون في الغواية والضلال.
- وصنف أصحاب جهل بسيط يتخبّطون في الظلمات؛ من حيرتهم وتردّدهم.
· ضرب
الله تعالى مثلين لهذين الصنفين في قوله تعالى: {والذين كفروا أعمالهم
كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده
فوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج
من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل
الله له نورا فما له من نور}.
موت القلب
· يموت القلب بالجهل المطلق، ويمرض بنوع من الجهل.
· يموت القلب إذا فقد غذاءه وشفاءه وكثرت علله وأمراضه.
· الشرك من أعظم أسباب موت القلب، {وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة}
· يموت
القلب وإن كان البدن حيّاً، قال الله تعالى عن الكفار: { وَقَالُوا
قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا
وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} فذكروا الموانع على القلوب
والأسماع والأبصار، وأبدانهم حيّة تسمع الأصوات وتبصر الأشخاص وتفهم
الخطاب، لكنّها حياة بَدَنٍ لا حياة قلب.
· القلب
الميّت هو الذي لا يستجيب لما يحييه؛ فلا يسمع سمعاً ينفعه، ولا يتكلّم
بما ينفعه، ولا يبصر ما ينفعه، {صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون}.
· قال
الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ
الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ
إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ
(43)}
· صاحب
القلب الميّت تتسلّط عليه الشياطين بسبب إعراضه عن ذكر الله فتضلّه وتغويه
حتى يظنّ أنه مهتدٍ وهو في ضلال مبين، ويرى أعماله السيئة حسنة، كما قال
الله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ
شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ
السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37)} وقال تعالى: {
أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ
يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ
عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}
· صاحب
القلب الميّت ينفر من الحقّ من شدّة إعراضه عنه، وبغضه له، ولا يطيق
سماعه، كما قال الله تعالى: { وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ
لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ
عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101)} وقال تعالى: {
يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا
كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ
وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (21) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي
الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (22)}
· تنبيه:
الآيات الواردة في ذمّ القلوب الميّتة والمريضة وإن كانت نازلة في الكفار
فهي تتناول بالتنبيه من في قلبه شعبة من شعب النفاق أو الكفر الأصغر.
حياة القلب
· حياة
القلب لا تكون إلا بتوحيد الله تعالى والاستجابة له؛ فالتوحيد يزيل إلهية
ما سوى الحقّ من القلب، والاستجابة لله تعصمه من الهوى واتّباع الشيطان
- دليل الأول قوله تعالى: {أومن كان ميتا فأحييناه} أي: بتوحيد الله .
- ودليل الثاني: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}.
· القلبُ
المنوّر يسمع ويبصر ويعقل، والقلب الميّت لا يسمع ولا يبصر ولا يعقل،
{فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} {ولوشاء الله
لأسمعهم} {لهم قلوب لا يعقلون بها}.
· القلب الحيّ ينتفع بالتذكير والوعظ والترغيب والترهيب {لينذر من كان حيا} {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب}.
· القلب الحيّ يمتنع مما يؤذيه ويضرّه بخلاف القلب الميّت الذي يتناول ما يضرّه ولا يشعر بضرره.
· القلب
الحيّ يجعل الله فيه نوراً يمشي به صاحبه، وفرقاناً يفرّق به بين الحقّ
والباطل، وكلما كانت حياة القلب أتمّ كان نوره أعظم، وفرقانه أظهر، حتى
يتبيّن له الحقّ من الباطل، والهدى من الضلال، والغيّ من الرشاد، فلا تلتبس
عليه؛ {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ
صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ
لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ
مُبِينٍ (22)}.
· القلب الحيّ ينجذب إلى ما يزيده حياة ونوراً وزكاة فيألف الطاعات ويحبّها ويأنس بها، وينفر من المعاصي والغفلات ويستوحش منها.
أدواء القلوب
· القلب له أدواء إذا أصيب ببعضها أمرضته، والمؤمن يشعر بمرض قلبه ويجد أثره؛ فيبادر إلى مداواته.
· أدواء القلوب منها ما يفسد التصوّر، ومنها ما يفسد الإرادة، وصلاح القلب إنما يكون بصحّة العلم، وصلاح العمل.
· من أدواء القلوب: الجهل والعيّ، والشكّ والارتياب، والشحّ والبخل، والكبر والخيلاء، والحقد والحسد، والشهوة والعشق، والهوى والوَهَن.
· أسهب
شيخ الإسلام ابن تيمية في الحديث عن بعض هذه الأدواء، وأشار إلى بعضها،
وسألخّص ما ذكره في مسائل، وقد أضيف إضافات يسيرة للتنبيه على ما يحسن
ذكره.
■ الجهل والعيّ
· الجهل هو أصل علل القلوب، لفقدان صاحبه البصيرة بما ينفع، ابتداء أو عقوبة.
· الجهل الأصلي فتنة لصاحبه، والجهل الذي يكون بعد قيام الحجة والإعراض عن الذكر عقوبة لصاحبه.
· السائر
بلا بصيرة يحصل له من الأذى بسبب التخرّص والتوهّم والتردد ما يجعله غير
مطمئنّ القلب في ذلك الشأن، وفي الحديث الصحيح: (إنما شفاء العيّ السؤال).
· الجهل مرض في القلب شفاؤه التبصّر باتّباع هدى الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وسؤال أهل العلم.
■ الشك والارتياب
· الشكّ والارتياب من أخطر أمراض القلوب، ويحصل لصاحبه ألم لا يزول إلا بالعلم واليقين.
· يقع الشك والارتياب بسبب عدم تصديق الله تعالى وتصديق رسوله صلى الله عليه وسلم.
· من لا يتّبع الرسول يقع في حيرة وشكّ يلازمانه، ولا يزولان عنه إلا بتحقيق الإيمان والاتّباع.
■ الحسد
· الحسد مرض غالب من أمراض القلوب لم يسلم منه إلا قليل من الناس.
· من
وجد في نفسه شيء من الحسد؛ فليكتمه وليبرّك لصاحبه، وليكره ذلك من نفسه،
وليتّق الله حتى لا يقول ولا يعمل بمقتضى ما وجده في نفسه من الحسد.
· من عمَّى الحسد في نفسه، وفعل ما أُرشد إليه أعين على ترك الحسد، وحصلت له السلامة من إثمه وآثاره.
· من الواجب أيضاً على المسلم نصرة المحسود بما يستطيع من قول أو عمل.
· كثير
من الناس الذين عندهم دين لا يعتدون على المحسود ولا يعينون من ظلمه،
لكنّهم لا يقومون بحقّ نصرته مع قدرتهم على ذلك؛ فهؤلاء يعاقبون بالخذلان
وبخس حقوقهم.
· الحسد هو كراهة ما يراه الحاسد من حسن حال المحسود.
· الحاسد
يتألّم من وجود النعمة على محسوده وزوال تلك النعمة يرفع عنه هذا الألم؛
فيلتذّ بزوال النعمة عنه وإن لم يكن له نفعٌ بزوالها.
· أكثر
ما يُحسد عليه الناس المال والجاه، ولذلك يقع على العلماء من الحسد ما لا
يقع على العُبَّاد؛ لأنهم رؤوس الناس يعلّمونهم ويُفتونهم.
· أكثر
ما يكون التحاسد بين الشركاء في منفعة أو مال، وإذا استرسل الحاسد مع حسده
انتقل إلى البغضاء وهي الحالقة، ثم إلى الظلم والعدوان.
· الحسد عمل قلبيّ؛ فإذا صدر عن الحاسد بمقتضى حسده قولٌ أو فعلٌ فهو ظالم متعدٍّ؛ وتجب عليه التوبة من الحسد.
· المحسود مبتلى مظلوم، وهو مأمور بالصبر والتقوى، وموعود بالنصر والرزق إذا صبر واتّقى.
· التحقيق في معنى حسد الغبطة أن يكره فضل صاحبه عليه من غير أن يتمنّى زوال النعمة عنه؛ بل يريد أن يكون مثله أو أحسن منه.
· سمّيت الغبطة حسداً لأنّ الحامل عليها هو نظره إلى إنعام الله على غيره مع كراهته أن يتفضّل عليه ذلك الغير.
· هذا
الكره إذا لم يصحبه تمنّي زوال النعمة؛ فلا يلام عليه صاحبه، وذلك كما
يكره كل واحد من المتسابقين أن يسبقه صاحبه، من غير أن يكون حاسداً له،
ويقال مثل ذلك في المنافسة في الخيرات.
· العامل
الذي يحبّ أن ينعم الله عليه من غير أن يكون في قلبه التفات إلى أحوال
الناس ليس في قلبه من الحسد شيء، وهو أفضل حالاً من الذي إنما يحمله على
العمل الغبطة، وملاحظة إنعام الله على غيره.
· من لم يسرّه ما يسرّ المؤمنين ويسوئه ما يسوئهم فليس منهم.
■ الشحّ
· الشحّ داء دويّ، يمنع صاحبه من أداء الحقوق، وبذل الإحسان، ويحرمه خيراً كثيراً.
· ترك الشحّ من أسباب الفلاح كما قال الله تعالى: {ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون}.
· الشحّ
داء يمرض القلب، ويعرّضه لفتنة كثيرة؛ إذ يزداد طمعه وحرصه على حظّ نفسه
فيحمله ذلك على إمساك ما يجب عليه بذله، والتعدّي على ما لا يحلّ له.
· الشحّ يكون بالحرص على المال والمنفعة، والمنافع كثيرة متنوّعة.
· يترتّب على الشحّ أعمال سيّئة كثيرة قولية وعملية وقلبية باعثها الحقيقي إنما هو الشحّ.
· كان
عبد الرحمن بن عوف يكثر من الدعاء في طوافه بقوله: (اللهم قني شُحّ نفسي).
فقال له رجل: ما أكثر ما تدعو بهذا فقال: إذا وقيت شح نفسي وقيت الشح
والظلم والقطيعة.
· الإيثار من دلائل سلامة القلب، واتّصاف صاحبه بالأمانة لانتفاء الطمع من القلب.
■ الكِبْر
· الكبر من أعظم أدواء القلوب، ومن أعظم ما يفسد التصوّر، وينحرف بالإرادة.
· من دلائل خطر الكبر أنه لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّة منه.
· الكبر هو بطر الحقّ وغمط الناس.
■ الهوى
· اتّباع الهوى مفسد للقلب.
· النفس تنشط في اتّباع ما تهوى لأجل ما يحصل لها من اللذة بذلك.
· من
أحبّ محبّة مذمومة أو أبغض بغضاً مذموماً وعمل بمقتضى هذا الحبّ والبغض أو
تكلّم به كان آثماً، ومن كتمه ونهى النفس عنه كان متّقياً صابراً.
· الهوى
يفسد الحبّ والبغض في القلب؛ فيحبّ ما يهوى ويحبّ لأجل ما يهوى ما تضرّه
محبّته، ويبغض ما لا يهوى وإن كان نافعاً له، ويبغض لأجل بغضه ما قد يضرّه
بغضه ويحرمه خيراً كثيراً.
· إذا استحكم الهوى في القلب أفسد التصوّر والإرادة.
· من
ترك ما تطلبه نفسه مما يبغضه الله فينهاها خشية لله تعالى كان ممن دخل في
قوله تعالى: {وأمّا من خاف مقام ربّه ونهى النفس عن الهوى فإنّ الجنّة هي
المأوى}.
■ الغضب
■ الشهوة
■ العشق
· العشق هو الحبّ الزائد المفرط المتعدّي لحدود الله.
· حقيقة العشق حبّ النفس لما يضرّها، وهو مرض نفسانيّ، وإذا قوي أثّر في البدن والعقل.
· العشق
مرض لأنّ فيه تعدّياً لحدود الله، ولو كان المعشوق مما تباح محبّته في
الأصل كالزوجة، وإذا كان في محبّة الممنوع كان ضرره وإفساده أعظم.
· الإفراط
في الحبّ يكون بسببه طغيان المحبوب على القلب، واستيلاؤه على التفكير؛
فيؤثره بالحبّ والتذكّر والطاعة، حتى يرتكب لأجله بعض المحرّمات، أو يفرّط
في بعض الواجبات لأجله.
· العشق من الأمراض التي تفسد دين صاحبها وعرضه ثمّ قد تفسد عقله وجسمه.
· العاشق كالمريض الذي يشتهي ما يضرّه فإن تناوله أضرّه، وإن منع منه تألّم لحرمانه منه.
· يزداد العشق باتّصال العاشق بمعشوقه مشاهدةً أو ملامسةً أو سماعاً، ويضرّه التفكير فيه، والتخيّل له.
· واليأس يزيل الطمع؛ فتضعف الإرادة؛ فيضعف الحبّ.
· شفاء المريض إنما هو بزوال مرضه، وشفاء العاشق بزوال الحبّ المذموم من قلبه.
· اختلف في العشق؛ فقيل هو فساد في الإرادة وهو المشهور، وقيل: فساد في التصوّر.
· من ابتُلي بالعشق فعفّ وصبر أثيب على تقواه لله.
· إذا كان القلب محبّا لله تعالى وحده لم يُبتل بحبّ غيره أصلاً فضلاً أن يبتلى بالعشق.
· من ابتلي بالعشق فلنقصٍ محبّته لله وحده، وتوحيده إيّاه، ولذلك سلم يوسف عليه السلام من العشق، وشقيت به امرأة العزيز مدّة من عمرها.
· القلب الصالح فيه صارفان يصرفانه عن العشق: إنابته إلى الله ومحبّته له، وخوفه من الله.
· الحبّ الفاسد يُزال بحبّ ما هو أعظم منه مما ينفع العبد؛ وبخوف عاقبة ذلك الحبّ الفاسد.
· العبد لا يترك محبوباً إلا لمحبوب أعظم منه أو خوف ضرر تجرّه عليه تلك المحبّة.
شفاء القلب
· أصل شفاء القلوب إنما هو بالقرآن الذي جعله الله شفاء لما في الصدور من أمراض الشبهات والشهوات.
- ففيه من البصائر والبيّنات ما يشفي القلب من مرض كلّ شبهة.
- وفيه من الحكمة والموعظة ما يشفي القلب من مرض كلّ شهوة.
· شفاء القلوب قائم على أصلين:
- البصيرة في الدين، وتحصل بصحّة العلم؛ ومن أثرها أن يرى الحقّ حقاً، والباطل باطلاً، والحسن حسناً، والقبيح قبيحاً.
- الرشاد،
ويحصل بالاستقامة على أمر الله واتّباع هداه؛ فيرغب فيما رغّب الله فيه،
ويرهب مما رهّب الله منه، ويحبّ ما أحبّه الله، ويبغض ما أبغضه الله.
· القرآن شفاء للعلل المفسدة للتصوّر والإرادة؛ فيصلح القلب، ويعود إلى فطرته التي فطر عليها.
· القلب لا بدّ له من غذاء يقوّيه، وحماية تقيه من الآفات والعلل؛ وبذلك تحصل له الحياة والزكاة.
· حاجة القلب إلى التغذية والحماية أعظم من حاجة البدن؛ وأثرها فيه أسرع من أثر غذاء البدن.
· أصل صلاح القلب هو حياته واستنارته.
إصلاح القلب
· العبد مأمور بالسعي في إصلاح قلبه.
· يصلح القلب بتصحيح العلم، ورشاد العمل.
· يصلح
القلب بتحقيق التوحيد والإيمان، والقيام بالفرائض، والكفّ عن المحرمات،
وتلاوة القرآن، والتوبة والاستغفار، والصبر والشكر، والتفكّر في آيات الله،
وكثرة الذكر، والدعاء، والصدقة، والتعويذات الشرعية.
■ تحقيق التوحيد والإيمان
· القلب خلق لعبادة الله وحدته، فمفتاح صلاحه إنما هو بالإيمان بالله وإفراده بالعبادة.
· صحة القلب تحفظ بالإيمان.
· الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
· القلب الموحّد منيب إلى الله تعالى، وجلٌ منه، مفتقر إليه، مطمئنٌّ بذكره.
· قال سهل بن عبد الله التستري: (ليس بين العبد وبين ربه طريق أقرب إليه من الافتقار).
■ أداء الفرائض
· تقديم
الواجبات والحرص على إكمال الفرائض ظاهراً وباطناً ثم التقرّب إلى الله
تعالى بما يتيسّر من النوافل من أعظم أسباب نيل محبّة الله تعالى وإصلاح
القلوب.
■ الكفّ عن المحرّمات
· اجتناب الفواحش الظاهرة والباطنة من أعظم أسباب زكاة القلوب، لأنها أخلاط رديئة تضعف الروح، وتوهن النفس، وتفسد القلب.
· قال الله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون}.
■ تلاوة القرآن
· تلاوة القرآن وتدبّره من أعظم أسباب صلاح القلوب.
· بصائر القرآن تصحح التصوّر، ومواعظه تقوّم الإرادة.
■ التوبة والاستغفار
· التوبة مطهرة للقلب والنفس من آثار الذنوب والمعاصي؛ وكلما كانت التوبة أحسن كان التطهير أعظم.
· من استغفر الله ثمّ تاب إليه متّعه الله متاعاً حسناً إلى أجل مسمّى {وأن استغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه ...}
■ الصبر
· الصبر من أعظم أسباب إصلاح القلوب؛ وهو على أنواع: صبر على طاعة الله ، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة.
· الصبر على البلاء على نوعين:
- صبر
اضطراريّ من لم يصبر فيه صبر الكرام سلا سلوّ البهائم، وهو الصبر على ما لا
اختيار للعبد فيه؛ كالصبر على موت القريب، وذهاب المال، وفقد نعمة من
النعم.
-وصبر اختياري، وهو مجاهدة الأعداء الذين يُبتلى بهم بما أرشد الله إليه من أنواع المجاهدة ومراتبها.
· الصبر
الاختياري أفضل من الاضطراري من جهة أن العبد له اختيار في الفعل والترك،
فيصبر نفسه على اتّباع الهدى، وإلزامها التقوى، ومجانبة الهوى، وحفظ حدود
الله تعالى.
· الذي يؤذى على طاعة الله ورسوله، وهو صابر محتسب؛ يثاب على كلّ ما يناله من أذى صغير أو كبير في سبيل الله، ويكتب له به عمل صالح.
· النصر مع الصير، والفرج مع الكرب، ومع العسر يسر.
· لم ينل أحدٌ شيئاً من جسيم الخير نبيٌّ فما دونه إلا بالصبر .
■ الشكر
· الشكر من أسباب صلاح القلوب؛ لأنه يحصل به التوفيق لمزيد من الأعمال الصالحة، والسلامة من العذاب.
· الشكر من أسباب رفع العذاب، {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم}.
· الشكر من أسباب زيادة فضل الله تعالى على عبده، كما قال تعالى: {وإذ تأذّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنّكم}.
■التفكّر في آيات الله
· التفكّر في آيات الله يورث القلب البصيرة واليقين، وحسن المعرفة بعواقب الأعمال؛ فيعينه ذلك على الاستقامة والرشاد.
■ كثرة الذكر
· كثرة الذكر من أسباب الفلاح كما قال الله تعالى: {واذكروا الله كثيراً لعلكم تفحلون}
· الأوراد من الأذكار في طرفي النهار وعند النوم والاستيقاظ من أحسن غذاء القلوب.
· الإكثار من "لا حول ولا قوة إلا بالله" له أثر عظيم في تحمّل المشاقّ، وإطاقة الأعمال العظيمة، ونيل المراتب الرفيعة.
■الدعاء
· المداومة على الدعاء من أعظم أسباب الإجابة، وليحذر العبد من الاستعجال.
■الصدقة
· الصدقة تطفئ الخطيئة وتنمّي اليقين في القلب؛ فيحصل بها التطهير والتزكية {خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكّيهم بها}.
■التعويذات الشرعية
· التعويذات الشرعية من أحسن الوقاية للقلوب.
علامات صلاح القلب
· من علامات صلاح القلب تحقيق التوحيد لله تعالى.
- قال أحمد بن حنبل لبعض الناس: (لو صححت لم تخف أحدا).
- قال ابن تيمية: أي خوفك من المخلوق هو من مرض فيك كمرض الشرك والذنوب.
· من علامات صلاح القلب صحّة التصوّر، واستقامة الإرادة.
· صلاح الجوارح من آثار صلاح القلب.
· استقامة اللسان وكثرة الذكر من دلائل صلاح القلب.
· حياء القلب من الإيمان ومن دلائل حياة القلب، لأن الحياء يمنع من القبائح، والقلب الحيّ يمنع ما يؤذيه بخلاف القلب الميّت.
- من حُرم الحياء استمرأ القبائح، ومن مات قلبه اجترأ على الموبقات.
· من سرته حسنته وساءته سيّئته فهو مؤمن، وذلك لأجل صلاح التصوّر والإرادة.
· صلاح القلب يتفاضل فيه الصالحون على درجات كثيرة.
زكاة القلب
· زكاة القلوب والنفوس من فضل الله تعالى ورحمته، {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبداً}.
· الزكاة سبب الفلاح، وقد قال الله تعالى: {قد أفلح من تزكّى}
· زكاة القلب تحصل بأمرين:
- شفاء القلب من أمراضه وعلله، وتخلّصه من آثار الذنوب والمعاصي.
- تغذية القلب بما يقوّيه؛ وأعظم غذاء للقلب: تحقيق التوحيد، وازدياد اليقين، وفعل الطاعات.
تقلّب القلب
· القلب يتقلّب، وحاجة المرء إلى سؤال الله تعالى التثبيت والهداية دائمة متجددة.
· في قول المؤمن في كل صلاة {اهدنا الصراط المستقيم} دليل على عظم الحاجة إلى هذا الدعاء.
· المؤمن بحاجة إلى البصيرة والإعانة على الطاعة في كلّ أمر من أموره؛ وبهما تحصل الهداية وتكمل.
· دخول المسلم في الإسلام هو أصل الهداية؛ لكنّه يحتاج إلى هدايات كثيرة متنوّعة.
· الفتن التي تعترض المؤمن في يومه وليلة كثيرة متنوّعة ومن لم يهده الله ضلّ بها.
· مجرّد العلم بالحقّ لا يحصل به الاهتداء إن لم يعمل بعلمه.
· الذين هداهم الله من هذه الأمّة حتى صاروا من أولياء الله المتقين كان من أعظم أسباب ذلك دعاؤهم الله بهذا الدعاء.
· حاجة
المؤمن إلى هذا الدعاء أشدّ الحاجات ولذلك فرضه الله تعالى على المؤمنين
في كلّ ركعة من صلواتهم، ومحبّة الله تعالى لهذا الدعاء عظيمة تعرف بدلالة
فرضه بهذا القدر العظيم.
· إذا حصلت الهداية حصل ما يترتب عليها من النصر والرزق والتوفيق وأنواع الفضائل والبركات، وما تطلبه النفس من أحوال السعادة.