الدروس
course cover
الدرس الخامس: خطوات تلخيص الدروس العلمية
31 Dec 2015
31 Dec 2015

8655

0

0

course cover
تلخيص الدروس العلمية

القسم الأول

الدرس الخامس: خطوات تلخيص الدروس العلمية
31 Dec 2015
31 Dec 2015

31 Dec 2015

8655

0

0


0

0

0

0

0

الدرس الخامس: خطوات تلخيص الدروس العلمية


خطوات تلخيص الدروس العلمية

هذا الدرس في بيان طريقة مقترحة لإحسان تلخيص الدروس العلمية؛ أرجو أن يستعين بها طالب العلم على ضبط مسائل الدرس وإحسان فهمها، ويستفيد بها التدرّب على معرفة أصول دراسة المسائل العلمية، وينتج له بالمداومة على ذلك خبرة قيّمة تعينه على إدراك خفايا المسائل والتفطّن لعلل الأقوال الخاطئة فيها، وحسن الموازنة بين الأقوال ومعرفة نظائر المسائل، وهذه الملكات العلمية من أخص معايير التفاضل بين العلماء وطلاب العلم في فهم المسائل العلمية.

والسبيل إلى اكتساب هذه الملكات والتمهّر فيها يمرّ بمرحلتين:
المرحلة الأولى: التدرب على إتقان تلخيص الدروس العلمية.
والمرحلة الثانية: المداومة على تلخيص عدد كبير من الدروس حتى يكتسب الطالب أصلاً علمياً شاملاً في العلم الذي يدرسه.
وقد يجد الطالب المبتدئ في التلخيص في المرحلة الأولى شيئاً من المشقة والصعوبة لكنّه ما إن يتدرّب عليها حتى يتعرّف على ما يختصر عليه بعض الجهد والوقت من أنواع الوسائل العلمية والأدوات المعرفية.
ثمّ يتعرف في المرحلة الثانية على عدد من الأدوات العلمية التي تضيف إلى تلخيصه قيمة علمية كبيرة فيكون هذا الملخّص مرجعاً علمياً مهما له.
وقد كان لكثير من العلماء أصولهم العلمية الخاصة التي يجمعون فيها مسائل العلم ويصنفونها على حسب عنايتهم العلمية حتى إذا أرادوا التأليف استخرجوا من أصولهم ما يصلح للنشر وزادوه تحريراً وتحبيراً.
وقد ابتكر أهل الحديث هذه الطريقة العلمية القيّمة بأن كتبوا أصولا خاصّة بهم في الأحاديث والآثار وأدمنوا النظر فيها والإضافة عليها حتى حفظوها، وقد عرفت عنهم أنواع من أعمال التصنيف والترتيب لأصولهم بما يعينهم على حسن المعرفة واكتشاف العلل والأقوال الخاطئة وتمحيص المرويات.
لكنّهم في حال التصنيف للناس ولطلاب العلم ينتقون من أصولهم ما يصلح للنشر من باب التخفيف والتقريب والاقتصار على ما يحسبون فيه الكفاية عن التطويل.
والمقصود أنّ أولئك الأئمة الأعلام لم يحصّلوا تلك الأصول الجامعة إلا بإحسان التصنيف والمداومة على الكتابة مدّة طويلة من الزمن؛ واستفادوا من كثرة مطالعتها والإضافة إليها والنهل منها رسوخ معرفتها في نفوسهم واستظهار ألفاظها وفهم معانيها.

مراحل تلخيص الدرس العلمي:
لتلخيص الدرس العلمي خطوات مهمّة ينبغي للطالب أن يعتني بضبطها وإتقانها، والتمهّر فيها.
وهذه الخطوات وإن كان شرحها فيه شيء من الطول النسبي إلا أنّ تطبيقها أيسر على الطالب إذا تمهّر فيها.

أولا: استخلاص عناصر الدرس
وهو أوّل خطوات تلخيص الدرس، وقاعدة تأسيس الملخّص؛ فينظر الطالب في الدرس نظرة شاملة، ويتأمّل تناسب مباحثه، ثمّ يجتهد في تقسيمه إلى عناصر معدودة بحسب محتواه، وهذا التقسيم يفيد الطالب في تجزئة العمل وتنظيمه، ويفيده أخذ تصوّر أوّلي شامل لما تضمّنه ذلك الدرس.

ثانياً: استخلاص المسائل العلمية
سيجد الطالب أن كل عنصر من عناصر الدرس يتضمّن جُملة من المسائل غالبا؛ فيستخلصها من تضاعيف الشرح، ويجمع ما يتّصل بهذه المسائل ولو كان متفرقاً في أوّل الدرس وأوسطه وآخره.
وإذا كان الطالب يطالع عددا من الشروح لذلك الدرس؛ فهذه المرحلة تزداد أهميّتها له، لأجل ما يزيد به بعض العلماء على بعض في عدد المسائل العلمية وطريقة تعرضهم لها وإفاضتهم فيها.
ومداومة الطالب على إعمال الذهن في استخلاص المسائل العلمية في عدد من الدروس ينمّي لديه مَلَكة السؤال العلمي، حتى يجد من نفسه القدرة على اقتراح أسماء عدد من المسائل بمجرّد تعرّفه على العنصر قبل دراسته لتفاصيل ما قيل فيه، ومن وصل إلى هذا المستوى من طلاب العلم وتمكّن من اكتشاف غالب مسائل العنصر فقد أوتي فهماً في مسائل العلم.
وملكة السؤال العلمي من أهمّ الملكات التي يحتاجها طالب العلم، والسؤال دليل على فقه صاحبه.
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ما سألني رجل عن مسألة إلا عرفت: فقيه هو أو غير فقيه) رواه ابن أبي شيبة.
لأنّ السؤال قبل أن يجري على اللسان أصله في القلب، وهو مترجم عن فهم المرء ومبلغ علمه؛ فسؤال الفقيه يدلّ على فقهه وفهمه؛ فيسأل حين يسأل وهو يعرف سبب السؤال وفائدته ويدرك حاجته لمعرفة جوابه، ويصيب بسؤاله المحزّ ويطبّق المفصل، ويستدلّ بجواب المسألة على معرفة نظائرها وأشباهها.
وقد يطرح السؤال على عالم ليفيده بجوابه، وقد يسأل نفسه ليبحث عن جواب سؤاله حتى يجده بالنظر والتأمّل وقراءة كتب أهل العلم، وهو المقصود هنا.
ومن جمع بين حسن السؤال وحسن الفهم والضبط وداوم على ذلك فإنه يصيب علماً كثيراً بإذن الله تعالى.
وقد كانت هذه طريقة كبار الأئمة وحذّاق العلماء كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (كان لي لسان سَؤول وقَلب عَقُول، وما نزلت آية إلا علمت فيم نزلت، وبم نزلت، وعلى من نزلت). رواه ابن سعد في الطبقات والبيهقي في القضاء والقدر واللفظ له وأبو نعيم في حلية الأولياء.
وروى الإمام أحمد في فضائل الصحابة عن مغيرة بن مقسم قال: قيل لابن عباس: كيف أصبت هذا العلم؟
قال: (بلسان سؤول وقلب عقول).
وفي البداية والنهاية لابن كثير أن مغيرة روى هذا الخبر عن الشعبي.
وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر: ألا تدعو أبناءنا كما تدعوا ابن عبّاس!
قال: ( ذاكم فتى الكهول، له لسان سؤول وقلب عقول ).
فمن جمع قلباً يعي مسائل العلم ويعقلها، ولساناً سؤولاً فإنّه يحصّل علماً غزيراً مباركاً بإذن الله تعالى، وبيان ذلك من وجهين:
الوجه الأول: أن المداومة على الأسئلة الحسنة وضبط جواباتها بالعقل والفهم والتقييد سبب لكثرة العلم وبركته؛ فإنّ أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ، وطلب العلم من أحبّ الأعمال إلى الله؛ فمن داوم عليه فقد داوم على عمل من أحبّ الأعمال إلى الله، فيرجى له البركة في علمه؛ فهو كمثل من يريد أن يبني بناء كبيراً ، وينجز كلّ يوم مرحلة منه ؛ ويداوم على ذلك فإنّه يتمّ بنيانه بإذن الله ويجمد عاقبة عمله ومداومته عليه.
والوجه الثاني: أنّ من يعقل أنواع المسائل ويحسن ترتيبها وتصنيفها ومعرفة أوجه التناسب بينها، فإنّ مداركه تتوسّع، وذهنه يتمرّن على استثارة المسائل ومعرفة أحكام المسائل المستجدّة، فيعرف أحكامها بنظائرها وأشباهها، ويعرف أحكام ما يضادّها وينافيها، ويعرف كيف يرجع المسائل إلى أصولها، ويعرف كيف يستدل لها، ومن أين يستخرج أقوال العلماء فيها؛ فلا يحصر علمه فيما يدرسه بالتلقين أو بالتلخيص المباشر من الكتب.
وإذا جمع الدارس بين هذين الأمرين فإنّه يرزق غزارة العلم وحسن الفهم مع ما يُرجى له من البركة العظيمة في العلم بالمداومة والتفهّم.
ودراسته لمسائل العلم بهذه الطريقة تفيده فيما تفيده الدلالة على حاجته لدراسة بعض العلوم لكثرة ما يرى من اعتماد الدراسة عليها في عدد كبير من المسائل؛ فيعتني بضبط مختصر في ذلك العلم ليعرف أصوله وقواعده وطريقة دراسة مسائله فيستفتح بذلك أبواباً من العلم النافع.

ثالثاً: ترتيب العناصر والمسائل
بعد أن يستخلص الطالب عناصر الدرس وأسماء المسائل العلمية منه ينتقل إلى مرحلة مهمّة، وهي النظر في تلك العناصر والمسائل وتأمّل أوجه التناسب بينها، وإفادتها لشمول مباحث الدرس، وإعادة ترتيبها، وتنظيمها حتى تتبيّن له الخريطة العلمية لمسائل الدرس، بتسلسل حسن، وتكامل مشبع يعينه على حسن الفهم، وسرعة القراءة، وجودة التصور.
وقد يجد الطالب في بعض الدروس المختصرة أن العناصر هي أسماء المسائل فقط؛ فيجمع المرحلتين الأوليين بعمل واحد.

رابعاً: التحرير العلمي لمسائل الدرس
وهذه المرحلة هي لبّ عمل التلخيص؛ فينبغي أن يعطيها الطالب حقّها من العناية والاجتهاد في الإتقان؛ فيجتهد في استيعاب ما يتصل بهذه المسألة من الأقوال والأدلة والبيان ويحرر القول فيها بتفصيل مقتضب وافٍ بالحاجة العلمية من غير تطويل.
ولتيسير عمل التحرير العلمي لأقوال العلماء في المسائل العلمية ينبغي للطالب أن يقوم بأربعة أمور مهمة:
1. جمع ما يتعلق بكلّ مسألة من أقوال العلماء في ذلك الدرس ولو كان كلامهم في تلك المسألة متفرقا في مواضع من الدرس، وذلك لأجل أن يلمّ الطالب بأطراف المسألة.
2. التعرف على أقوال العلماء في تلك المسألة؛ هل هي متّفقة أو مختلفة؟ وإذا كانت مختلفة فكم عدد الأقوال فيها؟
3. التعرّف على حجّة كلّ قول وما يتّصل بها.
4. إسناد كلّ قول إلى قائله، فإن كان القائل من الصحابة أو التابعين فيُذكر من رواه عنه إن ذكر ذلك في الدرس، وإلا اكتفى بالنصّ على من ذكره.
وترتيب الأقوال في كل مسألة ينبغي أن يكون ترتيباً له مناسبة؛ فإما أن يرتبها على التسلسل التاريخي إن تيسرت له معرفته، أو يرتبها على الأقرب فالأقرب إلى الصحة، أو إذا كانت الأقوال صحيحة ومن الأقوال قول يجمع ما قيل في تلك المسألة من الأقوال فالأحسن تأخير هذا القول الجامع.

خامساً: الصياغة العلمية
وفي هذه المرحلة يعتني طالب العلم بتصحيح صياغة ملخّصه العلمي وتحسينه، وذلك بمراعاة ما يلي:
- التحقق من سلامة النص من الأخطاء الإملائية.
- التحقق من سلامة النص من الأخطاء الأسلوبية وركاكة العبارات.
- تحلية الملخص بعلامات الترقيم التي تبيّن مفاصل الجمل، وتعين على حسن القراءة.
- محاكاة لغة أهل العلم في التعبير عن الخلاف والإجماع.
- اختلاف طرق نسبة الأقوال إلى قائليها ودرجات تلك النسبة؛ فيعرف متى يكتب: روى، وقال، وذكر، وغير ذلك من العبارات التي يسند بها القول إلى قائله.
واعتياد طالب العلم على كثرة كتابة التلخيصات العلمية كتابة محررة حسنة الصياغة تفيده فائدة كبيرة في بناء ملكة الإنشاء الصحيح، وتقويم قلمه ولسانه.

سادساً: حسن العرض
من العوائد الحسنة التي ينبغي لطالب العلم أن يعتادها إحسان عرض المادة العلمية، والتمرّن على طريقة ميسّرة لتنسيقه بما يحبّب إليه مداومة مطالعة ملخّصه، ويعينه على سهولة قراءته، وحسن فهمه، وسرعة مراجعته؛ لأنّه سيتّخذه أصلاً علمياً يرجع إليه.
وتنسيق التلخيصِ وإحسان عرضه قضية ذوقية تختلف فيها الاجتهادات، لكن يوصى الملخِّصُ بأن يراعى المعايير التالية:
1. توحيد منهج التنسيق؛ فإذا اختار لأسماء المسائل لوناً أو شكلاً فليحاول الثبات عليه لأجل أن يرتسم في ذهنه معرفة المسائل من أوّل نظرة إلى ملخّصه عند المراجعة، وهذا يعين على رسوخ المعلومة بإذن الله تعالى مع مداومة المراجعة.
2. الوضوح؛ فالتنسيقات التي تزيد النص تعقيداً ولا تعين على وضوحه تعدّ مخالفة لمعايير العرض الجيّد للملخَّص؛ إذا المراد بالتنسيق إبراز المسائل العلمية والجمل الرئيسة وفقرات النص بما يحقق وضوح النص.
3. التنظيم، وذلك بترتيب فقرات النص وإبراز الجمل الرئيسة، وأسماء المسائل، ومراعاة مواضع البدء من أول السطر.
4. التناسب، وذلك بأن تكون أحجام الخطوط وألوانها متناسبة فيوضع للجمل الرئيسة وأسماء المسائل ما يناسبها، وللشروح والتفصيلات ما يناسبها.
5. أن يكون النص مريحاً لنظر العين، ولا يزعجها، ولذلك يوصى بالابتعاد عن الألوان والأشكال المزعجة وشديدة السطوع وعكسها.
فالتلخيص الذي يكون منهج التنسيق فيه موحَّداً، والنصوص فيه واضحة ومنظمة ومتناسبة وعرضها مريح لنظر العين = هو التنسيق الذي أُحسن عرضه، وإن اختلفت الأذواق والاجتهادات في التفاصيل فيما وراء ذلك.

سابعاً: المراجعة والتهذيب
إذا أتمّ الطالب الخطوات السابقة بإتقان فقد أحسن كتابة التلخيص، ويبقى عليه أن ينمّي المادّة العلمية التي تضمّنها هذا الملخّص بنموّ تحصيله العلمي، ومما يسهّل عليه ذلك:
- أن يضمّ هذا الملخّص إلى موضعه المناسب في أصوله العلمية.
- وأن يجعل لأصله العلمي فهرساً يسهل عليه سرعة الوصول إلى موضوعاته.
- وأن يرتّب موضوعات أصله العلمي ترتيباً حسناً يسهّل عليه التصوّر الشمولي لمحتوياته.
وأنا أوصي طلاب العلم في هذا الزمان بالاستفادة من تقنية المعلومات، وأن يجعلوا أصولهم العلمية في ملفات "إلكترونية" لسهولة تنسيقها وتحريرها والإضافة إليها، والاستفادة من خاصيتي النسخ واللصق التي تريح الطالب من كثير من عناء الكتابة باليد.
فلو جعل الطالب لكلّ علم مجلّداً، وفي كلّ مجلدٍ مجلدات فرعية للموادّ العلمية التي يدرسها في ذلك العلم، ثم لكل مادة ملف إلكتروني لحفظ ملخصاتها.
وبعد أن يدرس الطالب عدداً من الموادّ العلمية في ذلك العلم، ويلخّص عدداً من الكتب المهمّة فيه؛ سيتبيّن له اشتراك تلك الكتب في عدد من الأبواب والمباحث العلمية؛ فيصنع من مجموع ملخصاته في ذلك العلم أصلاً علمياً كبيراً يرتّبه على أبواب ذلك العلم؛ قد بناه بناء علمياً منظماً.

تنبيه:
هذه المراحل والخطوات التي يمرّ بها عمل التلخيص قد تبدو طويلة مع الشرح والتمثيل؛ لكنّ الطالب إذا تدرّب عليها وتمهّر فيها وجدها سهلة ميسورة بإذن الله تعالى.
ثمّ إذا اجتمع جماعة من الطلاب المتقنين للتلخيص أمكنهم أن يسرعوا في بناء أصل علمي بالتعاون الجادّ وحسن تنظيم العمل وترتيبه.

أنواع الدروس العلمية

ومما ينبغي أن يعلم أنَّ الدروس العلمية على أنواع؛ فمنها دروس سهلة قصيرة حسنة الترتيب والتقسيم؛ فلا يجد الملخّص مشقة في تلخيصها لوضوح مفاصل الكلام فيها، وقصر الدرس، وحسن أسلوب ملقيه أو كاتبه.
ومنها دروس يتخلف عنها أحد هذه العناصر فقد تكون طويلة أو صعبة أو غير ظاهرة التقسيم؛ فيحتاج الطالب إلى إعمال الذهن في خطوات التلخيص؛ فإذا أحسن التلخيص وجد الدرس سهلاً ميسوراً بإذن الله تعالى.

أنواع المسائل العلمية

ومما ينبغي أن يعلم كذلك أن مسائل الدروس العلمية منها مسائل عماد، ومنها مسائل استطراد، وبينهما مرتبة تتجاذبها هاتان المرتبتان، والطالب اللبيب هو الذي تكون عنايته لضبط مسائل عماد الدرس؛ ثمّ يُثنّي بالمرتبة التي تليها في الأهمية، وأما مسائل الاستطراد فيكفيه أن يعرف اسم المسألة وخلاصة ما قيل فيها دون تفصيل وإسهاب إن كان في دراسة تلك المسألة فائدة علمية له، وإلا فيكفيه الاطلاع عليها.
وأمّا مسائل عماد الدرس وهي التي يقوم عليها بناء الدرس العلمي فينبغي له أن يعتني بها عناية حسنة.
ولذلك فإنّ من الأخطاء الشائعة أن يشتغل الطالب بالمسائل الاستطرادية وبعض الملح والطرائف التي تكون في بعض الدروس حتى تشغله عن مسائل عماد الدرس؛ فيرجع من درسه ولا يكاد يرسخ في ذهنه إلا ذلك النوع من المسائل فلا تبني له علماً ولا تفيده فائدة ذات بال.
وقيمة كلّ درس – على الحقيقة - هي فيما تضمنه من المسائل العلمية وحسن تحريرها؛ فإذا فاتت الطالب فقد فاته لبّ الدرس ومقصوده، وغابت عنه فائدته وثمرته.
وقيمة دراسة الطالب هي فيما يحصّله من المسائل العلمية المحررة، وقد كان من هدي أهل العلم في دراستهم أنهم لا يجاوزون الدرس حتى يعلموا ما فيه؛ وأوّل ذلك هدي الصحابة رضي الله عنهم في تعلمهم القرآن؛ كما قال ابن مسعود رضي الله عنه : (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن). رواه ابن جرير بإسناد صحيح.
وقد أثنى الله على أولي الألباب من عباده بصفة من أخصّ صفاتهم التي جعلها سبباً لهدايتهم بقوله: {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب}
والاتّباع مسبوق بالمعرفة.
ولذلك كان من علامات توفيق طالب العلم وهدايته حرصه على ضبط مسائل الدرس وتفهّمها بنيّة صالحة، وذلك من الأخذ بما هدى الله إليه من اتّباع أحسن القول.
وقد كان بعض أهل العلم إذا استغلق عليه باب من أبواب العلم اهتمّ لذلك واغتمّ؛ حتى يتّضح له فيسرّى عنه؛ وقد نُقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنّه إذا استغلقت عليه مسألة أكثر الاستغفار جداً ، ودعا "يا معلّم آدم وإبراهيم علّمني، ويا مفهّم سليمان فهّمني"
وذُكر عن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله أنه إذا درس باباً من أبواب العلم لا ينام حتى يضبط مسائله جيداً، وتتّضح له كوامنه، ويتبيّن له مشكله.
سأعرض - بعون الله تعالى - ثلاثة أمثلة متنوعة في تلخيص الدروس العلمية، أرجو أن يتبين بها الطالب أهمية التلخيص في تقريب مسائل العلم وتيسير فهمها وضبطها، وأن تكون أنموذجا يتمكن من محاكاته حتى يتمهّر في تلخيص الدروس العلمية، وكم من تلميذ فاق أستاذه.
وسأتبع هذه الأمثلة بتطبيقين يؤديهما الطالب ثمّ يعرضهما على عالم أو طالب علم متمكّن في صنعة التلخيص العلمي ليقوّم له تلخيصه، ويرشده لإصلاح مواضع النقص والخلل لديه إن وُجدت، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

أولاً: الأمثلة

المثال الأول: تلخيص درس المطلق والمقيّد من دروس «منظومة الزمزمي في علوم القرآن»، وهي نظم لما يتعلق بعلوم القرآن من كتاب «النقاية» لجلال الدين السيوطي.
وهو ملخّص من ثلاثة كتب:
1. «إتمام الدراية لقراء النقاية» لجلال الدين السيوطي(ت:911هـ)، وهي شرح للسيوطي على كتابه «النقاية» الذي هو أصل «منظومة الزمزمي».
2. «نهج التيسير في شرح منظومة التفسير»، للشيخ محسن بن علي المساوي(ت:1354هـ)، وكان - رحمه الله - مدرساً بالمسجد الحرام بمكة المكرمة.
3. شرح معالي الشيخ عبد الكريم الخضير على منظومة الزمزمي، وهو شرح نفيس.
المثال الثاني: تلخيص درس «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب»، وهو من دروس مقدّمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وهو ملخّص من خمسة شروح:
1. شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
2. شرح فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين رحمه الله.
3. شرح معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ.
4. شرح فضيلة الشيخ مساعد بن سليمان الطيار.
5. شرح فضيلة الشيخ: خالد بن عثمان السبت.
المثال الثالث: تلخيص شرح حديث ابن عباس: «ألحقوا الفرائض بأهلها...».
وهو تلخيص لشرح الحافظ ابن رجب لهذا الحديث في كتابه القيّم «جامع العلوم والحكم»، وهو شرح مطوّل، وفيه عناصره تداخل.
والمطلوب من دارس هذه الدورة أن يتأمّل هذه الأمثلة، ويراجع خطوات التلخيص ومعايير جودته، ثم يؤدّي التطبيقات المطلوبة.

ثانياً: التطبيقات:

أقترح على دارس هذه الدورة أداء التطبيقين التاليين:
التطبيق الأول: تلخيص شرح حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «من رأى منكم منكراً فليغيّره ...» الحديث.
وذلك من الشروح التالية:
1. شرح الحافظ ابن رجب في كتابه «جامع العلوم والحكم».
2. شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
3. شرح معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ.
التطبيق الثاني: تلخيص درس العامّ والخاصّ من شرح منظومة الزمزمي.
وذلك من المراجع التالية:
1. إتمام الدراية لقراء النقاية لجلال الدين السيوطي(ت:911هـ)، وهي شرح للسيوطي على كتابه «النقاية» الذي هو أصل منظومة الزمزمي.
2. نهج التيسير في شرح منظومة التفسير، للشيخ محسن بن علي المساوي(ت: 1354هـ)، وكان - رحمه الله - مدرساً بالمسجد الحرام بمكة المكرمة.
3. شرح معالي الشيخ عبد الكريم الخضير على منظومة الزمزمي.

معايير تقويم كلّ تطبيق:
1: الشمول[ 10 درجات ]
2: الترتيب [ 5 درجات ]
3: التحرير العلمي[ 20 درجات ]
4: حسن الصياغة[ 10 درجات ]
5: حسن العرض[ 5 درجات ]


المثال الأول: تلخيص درس المطلق والمقيّد

من دروس منظومة الزمزمي

عناصر الدرس:

معنى المطلق

معنى المقيّد

حكم المطلق والمقيّد

معنى حمل المطلق على المقيّد

هل كل مطلق يُحمل على المقيّد؟

صور المطلق مع المقيد

تنافي التقييد


التفصيل:

معنى المطلق

- المطلق: هو اللفظ الدّال على الماهية بلا قيد.

معنى المقيّد

المقيد: هو ما دّل على جزء من أجزاء الماهية.

حكم المطلق والمقيّد

- الحكم هو أن يُحمل المطلق على المقيّد إن أمكن الحمل بأن يتحد الحكم والسبب أو أحدهما.

معنى حمل المطلق على المقيّد

- هو أن يعطى المطلق حكم المقيّد.

هل كل مطلق يُحمل على المقيّد؟

الجواب: لا.

صور المطلق مع المقيد

1. الاتحاد في الحكم والسبب.

حكمه: يحمل المطلق على المقيّد باتّفاق.

مثاله: تقييد تحريم الدم في قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم} بأن يكون الدم مسفوحاً، لقوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً}

توضيح المثال: يُحمل المطلق هنا على المقيّد ؛ فيكون الذي يحرم من الدم هو المسفوح، وأما ما يبقى مع اللحم وفي عروق الذبيحة بعد موتها فلا يحرم.

2. الاختلاف في الحكم والسبب.

حكمه: لا يُحمل المطلق على المقيّد.

مثاله: إطلاق ما يقطع من يد السارق في قوله تعالى: {فاقطعوا أيديهما} وتقييد ما يغسل من اليد في الوضوء بقوله تعالى: {وأيديكم إلى المرافق}

توضيح المثال: في الوضوء حد مكان ما يغسل إلى المرافق، وفي السرقة أطلق، لكن الحكم هنا مختلف فالأول القطع والثاني الغسل، والسبب أيضاً مختلف فالأول سببه السرقة، والثاني سببه: الحدَث الذي أوجب الوضوء.

فلا يحمل المطلق على المقيّد هنا؛ فلا يقال: إن يد السارق تقطع من المرافق.

3. الاتفاق في الحكم دون السبب.

حكمه: يحمل المطلق على المقيّد عند جمهور أهل العلم.

مثاله: كفارة القتل وكفارة الظهار؛ الحكم واحد وهو وجوب العتق، لكن السبب مختلف فسبب وجوب العتق في كفارة القتل هو القتل، وسبب وجوب العتق في كفارة الظهار هو الظهار.

توضيح المثال:

- قيد إيمان الرقبة ذكر في كفارة القتل في قوله تعالى: {ومن قتل مؤمنا خطأ فدية مسلّمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة} فقيّدت الرقبة بأنها مؤمنة فلا يجزئ عتق رقبة كافرة.

- وفي قول الله تعالى في كفارة الظهار: {والذين يظاهرون من نسائهم ثمّ يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسّا} أطلقت الرقبة في كفارة الظهار ولم تقيّد بكونها مؤمنة.

- قال جمهور أهل العلم: يُحمل المطلق هنا على المقيّد هناك؛ فلا يجزئ في كفارة الظهار إلا عتق رقبة مؤمنة.

4. الاتفاق في السبب دون الحكم.

حكمه: لا يحمل المطلق على المقيّد عند الجمهور.

مثاله: اليد في آية التيمم مطلقة {فتيمموا صعيداً طيّبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا} ، واليد في آية الوضوء مقيّدة بالمرافق {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق}

توضيح المثال: السبب واحد في المسألتين وهو الحدَث، ولكن الحكم مختلف ففي الوضوء الحكم هو الغسل، وفي التيمم الحكم هو المسح؛ فلا يمسح على اليد إلى المرفق في التيمم.

تنافي التقييد

- القيدان المتنافيان هما اللذان لا يمكن الجمع بينهما.

- إذا ورد حكم مطلق في موضع، وقيّد في موضعين بقيدين متنافيين فما الحكم؟

مثال ذلك: قوله تعالى في قضاء رمضان: {فمن منكم مريضا أو على سفر فعدّة من أيّام أخر} لم تقيّد هذه الأيام بكونها متتابعة أو غير متتابعة.

- وفي قوله تعالى في كفارة الظهار: {فصيام شهرين متتابعين} قيّد بالتتابع.

- وفي قوله تعالى في صوم التمتع في الحجّ لمن لم يجد الهدي: {فصيام ثلاثة أيام في الحجّ وسبعة إذا رجعتم} قيّد بالتفريق.

- التتابع والتفريق قيدان متنافيان؛ فلا يمكن الجمع بينهما.

الحكم في هذه الحالة: أن يبقى المطلق على إطلاقه لامتناع تقييده بهما لتنافيهما، وامتناع تقييده بواحد منهما لانتفاء مرجحه على الآخر؛ فحينئذ لا يجب في قضاء رمضان تتابع ولا تفريق.



المثال الثاني: تلخيص درس "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" ،

وهو من دروس مقدّمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية.


عناصر الدرس:
موضوع الدرس
أدلة القاعدة
أنواع الخصوص
درجات دلالات اللفظ العام الوارد على سبب
أحوال الألفاظ العامّة الواردة على سبب معيّن
أنواع الخصوص المنفي في القاعدة
الإجماع على أن عمومات الكتاب والسنّة لا تختصّ بالأشخاص
أنواع الآيات الواردة لسبب
خلاصة الدرس

التلخيص

موضوع الدرس
موضوع الدرس هو شرح قاعدة "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"

أدلّة قاعدة "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"
1: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّ رجلاً أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره؛ فأنزل الله عزّ وجلّ: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات}؛ فقال الرجل: يا رسول الله ألي هذا؟ قال: « لجميع أمّتي كلهم » رواه البخاري، وفي رواية في الصحيحين: « لمن عمل بها من أمّتي ».
2:
الاستدلال بآيات نزلت في المشركين على أحوال بعض المسلمين ؛ كما في حديث علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة، فقال: «ألا تصلون؟» فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت له ذلك، ثم سمعته وهو مدبر، يضرب فخذه، ويقول: (( {وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلًا} )). رواه البخاري ومسلم.
3: تعدّد أسباب النزول للآية الواحدة؛ كما في آية اللعان صحّ في رواية أنها نزلت في عويمر العجلاني حين لاعن امرأته، وفي رواية أخرى أنها نزلت في هلال بن أميّة حين لاعن امرأته.
4: قول بعض الصحابة والتابعين في بعض الآيات: هذه الآية نزلت في كذا وكذا لغير سبب النزول.

أنواع الخصوص
أ: خصوص الفرد، ويسمّى أيضا: خصوص الشخص.
- المراد بخصوص الشخص أن يُخصص عموم المعنى الوارد في لفظ الآية بالشخص الذي نزلت فيه الآية ولا يتعدّى لغيره.
-
[لفظ الفرد أجود من لفظ الشخص لأنه يشمل الأشخاص والوقائع والأحوال].
- قد يرد اللفظ عامّا ويراد به شخص بعينه لأسباب بلاغية.
مثال ذلك: قوله تعالى:
{ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له ما لاً ممدوداً ...} الآيات.
ب: خصوص النوع
- المراد بخصوص النوع أن عموم الحكم الوارد في لفظ الآية يخص من كان بمثل حال من نزلت فيه الآية؛ فيجمعهم نوع واحد يختصّ به المعنى.

مثال الفرق بين خصوص النوع وخصوص الشخص:
- حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رجلاً قد اجتمع الناس عليه وقد ظلل عليه؛ فقال:
« ما له؟ »
قال: "رجل صائم" ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« ليس البر أن تصوموا في السفر » رواه مسلم.
لو قيل: إن ما يفهم من الحديث من النهي عن الصوم في السفر خاصّ بذلك الشخص لانتفت دلالة النهي عن غيره، وهذا لا يقول به أحد من العلماء لأن اللفظ ورد عامّا.
ولو قيل: إن النهي يتناول كل من كان في مثل حاله بحيث يجهده الصوم في السفر أو لا تقبل نفسه الرخصة التي جعلها الله للصائم إذا سافر أن يفطر فأراد أن ينال البرّ بالصوم على هذه الحالة فهو مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
ولو قيل: بعموم اللفظ مطلقاً لنهي عن الصوم في السفر مطلقاً لأي سبب من الأسباب، ولكن لمّا صحّ أن النبي صلى الله عليه وسلم رخّص في الصوم في السفر لمن قوي عليه ولم يجد حرجاً من قبول الرخصة علمنا أن لفظ النهي ليس على عمومه المطلق وإنما هو مخرّج على سببه فيختص بذلك النوع.

درجات دلالات اللفظ العام الوارد على سبب
1: دلالته على الأفراد الذين هم سبب ورود النص؛ فدخولهم في معنى النصّ دخول أوّلي؛ بلا خلاف؛ فالرجل الذي صام وقد أجهده الصوم في السفر داخل في معنى النص دخولاً أولياً.
2: دلالته على النوع، وهو من كان على مثل حال من ورد فيه النص؛ فهذا داخل في معنى النص قطعاً.
3: دلالته اللفظ على عموم معناه بإطلاق؛ وهذا تحكمه القواعد الأصولية المعروفة فيقال:
- الأصل بقاء اللفظ العامّ على عمومه ما لم يرد نصّ يقضي على عمومه بتخصيص أو نسخ.

أحوال الألفاظ العامّة الواردة على سبب معيّن
1. أن يقترن بلفظ الآية ما يدلّ على الخصوص؛ فتحمل على الخصوص باتفاق العلماء.
مثال ذلك: قول الله تعالى:
{وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين} فقوله: {خالصة لك من دون المؤمنين} دليل على إرادة الخصوص؛ فلا يقال بالعموم في هذه الآية.
2. أن يقترن بلفظ الآية ما يدلّ على العموم؛ فالعبرة هنا بعموم اللفظ باتفاق العلماء.
مثال ذلك: قول الله تعالى:
{والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله} ؛ نزلت هذه الآية فيمن سرق درع صفوان بن أميّة؛ ولفظ الآية وذكر السارق والسارقة ولفظ الأيدي وتعليل الحكم كل ذلك دالّ على عموم الحكم للسرّاق كلّهم على ما بيّنته السنّة.
3. أن لا يقترن بلفظ الآية ما يؤكّد العموم ولا ما يدلّ على الخصوص؛ فهذا هو القسم الذي وقع فيه خلاف بين العلماء على قولين:
القول الأول: العبرة بخصوص السبب، وهؤلاء لم يريدوا خصوص الأشخاص والأفراد وإنما أرادوا خصوص النوع.
والقول الآخر: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهو قول الجمهور، وهو القول الراجح.

أنواع الخصوص المنفي في القاعدة
الخصوص المنفي في قول العلماء "
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" تارة يريدون به خصوص الفرد ، وتارة يريدون به خصوص النوع.
- فيُنفى به خصوص الفرد إذا أرادوا عموم اللفظ لمن يشملهم نوع ذلك الفرد.
- ويُنفى به خصوص النوع؛ إذا أرادوا به دلالة اللفظ على عمومه المطلق.
مثال ذلك:
قول الله تعالى:
{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} ؛ ورد في سبب نزول الآية أنها نزلت في الأمر بإعادة مفاتيح الكعبة إلى آل شيبة؛ لمّا طلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم مفاتيح الكعبة ليدخلها يوم الفتح.
1. فخصوص الفرد هنا هم آل شيبة.
2. وخصوص النوع: كلّ من أُخذ منه شيء على أن يُعاد إليه؛ فهذه أمانة يجب أن تؤدّى إليه.
3. وعموم اللفظ يدلّ على وجوب أداء الأمانات كلها على اختلاف أنواعها.
فهنا يُنفى اختصاص اللفظ العام بخصوص الفرد وخصوص النوع، ويبقى اللفظ على عمومه المطلق لأنه لا مخصص له.

ومثال ما دخله التخصيص:
حديث "
ليس من البر الصوم في السفر" اللفظ عامّ، لكنه ورد على سبب مخصوص، ووردت نصوص أخرى صحيحة صريحة ترخّص في الصوم في السفر فحمل جمهور أهل العلم هذا الحديث على خصوص النوع الذي ورد الحديث بسببه، ولو كان اللفظ العام لا مخصص له لَنُهِيَ عن الصوم في السفر مطلقاً.

الإجماع على أن عمومات الكتاب والسنّة لا تختصّ بالأشخاص
- لم يقل أحد من علماء المسلمين بأن عمومات الكتاب والسنّة تختص بالأشخاص.
- لو قيل بأنها تختصّ بالأشخاص لبطل الاستدلال بكثير من الآيات.
مثال: لو قيل: إن آية اللعان نزلت في عويمر لبطل اللعان فيما بعد، ولكنّ لفظ الآية عام {والذين يرمون أزواجهم...} الآية.
مثال آخر: قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمّدا فجزاؤه جهنّم} نزلت في رجل قتل مسلماً ثم ارتدّ ورجع إلى الكفر، ولكنّ الآية على عمومها.
مثال آخر: قول الله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله} ؛ لو قيل بأن الآية تخص الشخص الذي نزلت فيه لبطل حدّ السرقة.
مثال آخر: آية الظهار نزلت في أوس بن الصامت حين ظاهر من امرأته، ولو قيل بأنها خاصّة به لبطل الاستدلال بها في أحكام الظهار للمظاهرين.

أنواع الآيات الواردة لسبب
- الآية التي لها سبب معيّن إما أن تكون خبراً أو إنشاء:
أ: فالخبر كالمدح والذمّ يتناول ذلك الشخص وغيره ممن كان بمنزلته.
مثال المدح: قول الله تعالى: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله} نزلت هذه الآية في صهيب رضي الله عنه، وتعمّ كلَّ من يفعل مثل فعله.
- مثال آخر: قول الله تعالى:
{وسيجنبها الأتقى} نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
ومثال الذمّ: قول الله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} نزلت في أحد المنافقين، وهي عامّة لكل من كان مثله.
ب: والإنشاء كالأمر والنهي؛ وهو يتناول ذلك الشخص وغيره ممن كان بمنزلته.
مثال الأمر: قول الله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} ورد أن سبب نزولها في تسليم مفاتيح الكعبة لآل شيبة، وهي عامّة في كل أمانة.
ومثال النهي: قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدّموا بين يدي الله ورسوله} نزلت في أناس ولفظها عام في النهي عن ذلك الفعل.
- يُستفاد من استعراض هذه الأنواع وضوح دلالتها على أنها لا يراد بها خصوص الأشخاص الذين نزلت تلك الآيات بسببهم.

خلاصة الدرس
- أن قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب قاعدة جليلة من أجل قواعد التفسير.
- أن الخصوص المنفي في القاعدة يراد به تارة خصوص الفرد وتارة خصوص النوع.
- لم يقل أحد من علماء المسلمين بأنّ النص العام الوارد على سبب يراد به خصوص الفرد.
- القول بأنّ اللفظ العام الوارد على سبب يراد به خصوص الفرد يبطل دلالة كثير من النصوص ويعطّل أحكام الشريعة، وهو قول باطل قطعاً.
- العلماء الذين قالوا إن العبرة بخصوص السبب لم يريدوا خصوص الفرد، وإنما أرادوا خصوص النوع.


المثال الثالث: تلخيص شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما

-مرفوعاً-: (ألحقوا الفرائض بأهلها)


عناصر الدرس:
تخريج حديث ابن عباس
منزلة حديث ابن عباس
شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها)
- المراد بالفرائض
- معنى إلحاق الفرائض بأهلها.
شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (فما أبقت فلأولى رجل ذكر)
- المراد بالأولى.
- الخلاف في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر)
مسألة: هلك عن بنت وأخت وعم
1. توريث الأصول والفروع
أ: توريث الأولاد
مسألة: هل ابن الابن يعصب أخته مع وجود بنات الصلب؟
مسألة: بنت، وبنات ابن، وابنا ابن
أحوال ابن الابن مع بنات الابن
تفسير قول الله تعالى: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف)
- الخلاف في فرض البنتين
مسألة انفراد الأبناء
ب: توريث الأبوين
تفسير قول الله تعالى: (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث)
ج: توريث الجد والجدة
- توريث الجد
- توريث الجدة
مسألة: أم، وجد، وزوج
مسألة: الجد والإخوة
2: توريث الإخوة والأخوات
معنى الكلالة
توريث الأخت
توريث الأخ
توريث الأخ لأب مع الأخ الشقيق
توريث الإخوة لأم
فروض الإخوة لأم
3: توريث الأزواج
توريث الزوج
توريث الزوجة
4: توريث الأرحام
المراد بالأرحام.
أحوال توريث الأرحام
إشكال: قوله في الحديث: (فلأولى رجل ذكر) والرجل لا يكون إلا ذكراً؟


التلخيص:
تخريج حديث ابن عباس
- أخرجه البخاري ومسلم من رواية وهيب وروح بن القاسم عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس.
- وأخرجه مسلم من رواية معمر ويخيى بن أيوب عن ابن طاووس به.
- ورواه الثوري وابن عيينة وابن جريج وغيرهم عن ابن طاووس عن أبيه مرسلاً من غير ذكر ابن عباس.
- ورجّح النسائي إرساله.

منزلة حديث ابن عباس
- الحديث مشتمل على أحكام المواريث وجامع لها.

شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها)
المراد بالفرائض: الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى
إلحاق الفرائض بأهلها: إعطاؤها لمن سمى الله تعالى

شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (فما أبقت فلأولى رجل ذكر)
- أي فما بقي من المال بعد هذه الفروض فيستحقه أولى الرجال.
- المراد بالأولى: الأقرب
- مأخوذ من قولهم: هذا يلي هذا، أي يقرب منه.
- يرث أقرب الرجال ما بقي من الفرائض تعصيباً
- فسر الحديث بهذا المعنى جماعة من الأئمة منهم أحمد وإسحاق

مسألة: هلك عن بنت وأخت وعمّ
- البنت فرضها النصف.
- والأخت والعمّ لا فرض لهما؛ فاختلف فيهما:
القول الأول: يأخذ العمّ الباقي بعد نصف البنت، وهو قول ابن عباس.
- استدل ابن عباس بهذا الحديث، ووافقه الظاهرية.
- واستدل بقوله تعالى: (إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك).
وجه الاستدلال: أن الأخت لا ترث النصف إلا مع عدم الولد.
القول الثاني: إن كان مع البنت والأخت عصبة فالعصبة أولى، وإلا أخذت الباقي.
- قال بهذا القول: إسحاق.
القول الثالث: الأخت مع البنت عصبة لها ما فضل.
- قال بهذا القول: عمر وعلي وابن مسعود وتابعهم جماهير العلماء.
- استدلوا بحديث ابن مسعود.
- جوابهم عن الاستدلال بالآية: عدم استحقاقها للإرث فرضاً لا يمنع توريثها تعصيباً.
- إذا كانت الأخت ترث مع أخيها فكيف يسقطها مَن هو أبعد منه كالعمّ وابنه.
- البنت تمنع حيازة الأخ للميراث ولا تمنعه ما بقي؛ فكذلك تمنع الأخت النصف دون ما بقي.

الخلاف في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر)
القول الأول: المراد العصبة البعيدة خاصة كبني الإخوة والأعمام وبنيهم
- بدليل اشتراك الذكور والإناث فيما بقي إذا كانت العصبة قريبة كالأولاد والإخوة.
- وكذلك توريث الأخت مع البنت بالنص.
- وكذلك توريث المعتِقة بالاتفاق.
القول الثاني: المراد بالفرائض ما يستحقه ذوو الفروض سواء أخذوه بفرض أو تعصيب
- فيحمل قوله: (فلأولى رجل ذكر) على العصبة الذين ليس لهم فرض بحال
- استدل له بحديث: (اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله)
- يدخل في أهل الفرائض من يرث منهم بالتعصيب
- مثال: ترث الأخت تعصيباً مع وجود البنت لأنها من أهل الفرائض في الجملة
القول الثالث: المراد بأهل الفرائض جميع من يرث فرضاً أو تعصيباً
- كل من ورَّثه الله فهو من أهل الفرائض سواء كان فرضه مقدراً أو غير مقدر
- سمي فرضاً لأن الله تعالى فرضه لهم، وذلك يشمل ذوي الفرض والتعصيب
- يدل على ذلك قوله تعالى: (فريضة من الله)
- قوله: (ألحقوا الفرائض بأهلها) يشمل توريث ذوي الفرض والتعصيب.
- إذا فضل بعد القسمة شيء فلأولى رجل ذكر.
- تنبيه: التحقيق أن كل ما دل عليه القرآن ولو بالتنبيه فليس هو مما أبقته الفرائض.

1. توريث الأصول والفروع
أ: توريث الأولاد
- إذا اجتمع البنون والبنات فللذكر مثل حظ الأنثيين
- مسألة: هل ابن الابن يعصب أخته مع وجود بنات الصلب؟
- معنى (يعصب أخته): أي ترث معه ما بقي تعصيباً، للذكر مثل حظ الأنثيين
- مثال: بنتان، وابن ابن، وبنت ابن.
- اتفقوا على أن للبنتين فرضهما: الثلثين، واختلفوا في ابن الابن وأخته على قولين:
القول الأول: يعصب ابن الابن أخته فيقتسمان الثلث الباقي له سهمان، ولها سهم.
- قال بهذا القول عمر، وعلي، وزيد، وابن عباس، والأئمة الأربعة، وذهب إليه عامة العلماء
القول الثاني: لا يعصب أخته، بل يرث هو ما بقي تعصيباً، ولا شيء لها.
- قال بهذا القول: علقمة، وأبو ثور، وأهل الظاهر.

مسألة: بنت، وبنات ابن، وابنا ابن.
في المسألة قولان:
قول ابن مسعود: للبنت النصف، والباقون لهم ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين إلا في حالة واحدة

- استثنى ابن مسعود أن تزيد المقاسمة بنات الابن على السدس، فيفرض لهن السدس، والباقي لابني الابن
قول الجمهور: للبنت النصف، والباقون لهم الباقي مطلقاً، للذكر مثل حظ الأنثيين.

أحوال ابن الابن مع بنات الابن
- عند تساوي الدرجة: يعصب ابن الابن من في درجته مطلقا
- عند نزول درجته عنهن: يرث ما فضل عنهن تعصيبا
- عند نزول درجتهن عنه: يحجبهن

تفسير قول الله تعالى: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف)
- الإجماع على أن فرض البنت النصف
- الإجماع على أن فرض الثلاث فما أكثر: الثلثان
الخلاف في فرض البنتين:
القول الأول: لهما النصف، وروي عن ابن عباس
- استدل بمفهوم المخالفة من قوله تعالى: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك)
القول الثاني: لهما الثلثان، وهو قول جماهير العلماء، وحكى ابن المنذر الإجماع عليه
- استدل له بحديث ابن مسعود في توريث بنت الابن تكملة الثلثين.
- واستدل له بحديث جابر في توريث بنتي سعد بن الربيع الثلثين.
- إذا كان الأختان لهما الثلثان، فاستحقاق البنتين للثلثين أولى.
- البنت مع أخيها لها الثلث بنص القرآن، فأخذها للثلث مع أختها أولى.
الجواب عن استدلال أصحاب القول الأول بالآية: أنه مخالف للمفهوم من قوله: (فإن كانت واحدة فلها النصف).

مسألة انفراد الأبناء
- يأخذ أقرب الأبناء درجةً ما فضل من المال بعد توزيع الفروض
إذا اجتمع: ابن وابن ابن؛ حاز الابن ما بقي دون ابن الابن.
توريث الابن ما بقي داخل في حكم حديث ابن عباس.

ب: توريث الأبوين
1. إذا كان للميت ولد (ذكر أو أنثى).
- فلكل من الأبوين السدس فرضاً
.
- إن كان ولد الميت ذكراً فما بقي فهو له، وإن كان أنثى فالباقي للأب تعصيباً.
2. إذا لم يكن للميت ولد
أ: إذا ورث الميتَ أبواه (أي لم يكن له إخوة ولا زوج): فللأم الثلث، والباقي للأب
ب: إذا كان للميت إخوة: فللأم السدس
ج: إذا كان للميت زوج: فللأب الثلث وللأم ثلث ما بقي

تفسير قول الله تعالى: (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث)
القول الأول: تفسيرها: أنه إذا لم يكن للميت ولد فللأم الثلث مطلقاً، وهو قول ابن عباس.
القول الثاني: تفسيرها: أن الأم تأخذ الثلث بشرطين:
- الشرط الأول: ألا يكون للميت ولد
- الشرط الثاني: أن يرثه أبواه، أي يتمحض الورث لهما فلا يرثه غيرهما
... - قال بهذا القول: عمر وتابعه جماهير العلماء
- توجيه آخر للقول الثاني: تفسيرها: أن للأم الثلث مما يرثه الأبوان، وثلثيه للأب.

ج: توريث الجد والجدة
توريث الجد
- الاتفاق على أن الجد يقوم مقام الأب في أحواله المذكورة.
أ: يرث مع الولد السدس
ب: مع عدم الولد يرث بالتعصيب
توريث الجدة
القول الأول: فرضها السدس مطلقاً
القول الثاني: الجدة بمنزلة الأم عند فقد الأم، وهو قول ابن عباس
- لم يتابع العلماء ابن عباس على قوله

مسألة: أم، وجد، وزوج
القول الأول: الجد بمنزلة الأب، فللأم ثلث ما بقي كالعمرية.
- روي عن عمر وابن مسعود.
القول الثاني: للزوج فرضه: النصف، وما بقي يتناصفه الجد والأم.
- رواية أخرى عن ابن مسعود.
القول الثالث: للأم الثلث مع الجد مطلقاً
- قال بهذا القول علي وزيد وابن عباس وتابعهم الجمهور
الأم أقرب إلى الميت من جده، فلا يجعل الجد بمنزلة الأب مع وجود الأم

مسألة: الجد والإخوة
1. إذا كان الإخوة لأم فإن الجد يحجبهم.
2. إذا كان الإخوة لأب أو أشقاء فالخلاف في توريثهم قديم وقوي:
القول الأول: الجد بمنزلة الأب، فيحجب الإخوة، وهو قول أبي بكر ومعاذ وابن عباس
القول الثاني: التشريك بين الجد والإخوة في تفصيل طويل، وهو قول جمع من الصحابة، وتابعهم كثير من الفقهاء على اختلاف في طريقة التشريك بينهم

2. توريث الإخوة والأخوات
معنى الكلالة
قال أبو بكر: الكلالة من لا ولد له ولا والد
إذا اجتمع الإخوة والأخوات في الكلالة فللذكر مثل حظ الأنثيين
دليله قوله تعالى: (وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين)

توريث الأخت
1. إذا كان للميت ولد فلها أحوال:
الحال الأولى: أن يكون ولد الميت ذكراً: فيحجبها حينئذ.
- إذا كان الابن مبعضاً فترث الأخت الربع.
الحال الثانية: أن يكون ولد الميت أنثى واحدة: فترث الأخت السدس تكملة الثلثين.
الحال الثالثة: أن يكون للميت بنتان فأكثر: فيحجبن الأخت.
2. إذا لم يكن للميت ولد
- ترث الأخت النصف فرضاً في الكلالة.

- ترث الأختان فأكثر الثلثين فرضاً في الكلالة.

توريث الأخ
1. إذا كان للميت ولد
الحالة الأولى: أن يكون ولد الميت ذكراً، فلا يرث.
الحالة الثانية: أن يكون ولد الميت أنثى واحدة فللبنت النصف وله ما بقي تعصيباً
الحالة الثالثة: أن يكون للميت بنتان فأكثر، فلهما الثلثان وله ما بقي تعصيباً
2. إذا لم يكن للميت ولد
- يرث الأخ في الكلالة ما بقي تعصيباً.
- توريث الأخ لأب مع الأخ الشقيق.
- ما بقي من المال يرثه الأخ الشقيق دون الأخ لأب.
- الأخت لأب مع الأخت الشقيقة بمنزلة الأخت مع البنت.

توريث الإخوة لأم
رجالهم ونساؤهم بمنزلة واحدة في الإرث
فروض الإخوة لأم:
الفرض الأول: السدس، للفرد من الإخوة لأم
الفرض الثاني: الثلث، إذا كانوا جماعة فإنهم شركاء في الثلث

3. توريث الأزواج
توريث الزوج
- إذا لم يكن للميت ولد: فللزوج النصف
- إذا كان للميت ولد: فللزوج الربع
توريث الزوجة
- إذا لم يكن للميت ولد: فللزوجة الربع
- إذا كان للميت ولد: فللزوجة الثمن

4. توريث الأرحام
المراد بالأرحام
- الأرحام: كابن الأخ، والعم، وابن العم، ونحوهم

أدلة توريث الأرحام
الدليل الأول: قوله تعالى: (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)
الدليل الثاني: قوله تعالى: (ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون)
الدليل الثالث: حديث ابن عباس: (ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت فلأولى رجل ذكر)

أحوال توريث الأرحام
الحال الأولى: ألا يكون للميت وارث غيرهم فيرثه أقربهم منه تعصيباً
- لو كان أقربهم منزلة رجالٌ ونساء -في درجة واحدة-: اقتسمه الرجال دون النساء
الحال الثانية: إذا وجدت فروض لا تستغرق المال وهم أقرب من بقي.

إشكال وجوابه
إشكال : قوله في الحديث : (فلأولى رجل ذكر) ، والرجل لا يكون إلا ذكراً.

الجواب: حتى لا يفهم دخول الأنثى في معنى الرجل على مقتضى الأصل في خطاب الشارع كقوله: (من وجد ماله عند رجل...) فتدخل الأنثى في الخطاب إذ لا فرق.



تمّت دروس هذه الدورة

وأسأل الله تعالى أن ينفع بها ويبارك فيها إنه حميد مجيد

وصلى الله على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.