الدروس
course cover
الدرس الثالث: أنواع التلخيص العلمي
27 Dec 2015
27 Dec 2015

6467

0

0

course cover
تلخيص الدروس العلمية

القسم الأول

الدرس الثالث: أنواع التلخيص العلمي
27 Dec 2015
27 Dec 2015

27 Dec 2015

6467

0

0


0

0

0

0

0

الدرس الثالث: أنواع التلخيص العلمي


أنواع التلخيص العلمي

مما ينبغي أن يُعلم أن التلخيص له أنواع معلومة بالاستقراء وسبر مختصرات أهل العلم وملخّصاتهم، وما استفيد من الاطلاع على أخبارهم في طلب العلم وطرائقهم في دراسته وتدريسه، ولهم في ذلك مناهج متنوّعة بتنوّع مقاصدهم من التلخيص والاختصار ، ومتباينة بتباين أساليبهم وطرقهم في ذلك.
وسأعرّف بما تيسّرت لي معرفته من هذه الأنواع، ثم أذكر النوع الذي يعنينا في هذا البرنامج ، وتقوَّم على أساسه ملخّصات الطلاب وأبيّن معايير التقويم، والله المستعان.

أنواع التلخيص:
1: تلخيص الدراسة والتعلّم
وهو التلخيص الذي يراد به ضبط مسائل الكتاب الذي يدرسه الطالب لغرض الدراسة والتعلّم، وهو النوع الذي نُعنى به في هذه المرحلة.
وهذا النوع من التلخيص قائم على فقه مقاصد الدرس، واستخلاص مسائله، ثم النظر في المعلومات المتعلّقة بكلّ مسألة؛ ومحاولة جمعها ولو كانت في مواضع متفرقة من الدرس، وتصنيف تلك المعلومات إلى أصناف يعرف بها مفاصل الكلام في تلك المسألة، ثم التعبير عن ذلك بعبارة وافية مختصرة؛ فتجمع بين استيعاب المطلوب، واختصار الكلام بما لا يخلّ باكتمال المادّة العلمية.
وهذه الطريقة تصلح للكتب التعليمية المعتمدة لتدريس ذلك العلم، وهي على أنواع يأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى.

2: تلخيص الانتخاب والانتقاء.
وهو التلخيص الذي يكون مراد الملخّص منه أن ينتخب الفوائد اللطيفة، والمسائل والتنبيهات المهمة، والأقوال التي يستحسنها من الكتاب الذي يلخّصه، وهذه طريقة يسلكها بعض طلاب العلم والعلماء، وهي مفيدة في بعض الكتب التي ليست بعمدة في التعلّم، وإنما تحوي فوائد كثيرة وربما كان في بعضها ما ينتقد فينتخب الطالب ما يصلح للانتقاء وما يستحسنه من الجمل والفوائد.


3: التلخيص النوعي
والمراد به أن يعمد الطالب لكتاب من الكتب التي تحوي أنواعاً من العلوم فيلخّص ما يتعلّق بنوع منها.
ومن أمثلته: تلخيص مسائل توجيه القراءات من تفسير ابن عطية، وتلخيص مسائل التفسير من كتاب بدائع الفوائد لابن القيم، ونحو ذلك.
فهو تلخيص متجّه لنوع من الأنواع لا يلوي على غيره.

4: تلخيص الاختصار والتهذيب
وهو الذي يكون مراد الملخّص منه أن يختصر كتاباً طويلاً فيبقي على أصول ما تضمّنه الكتاب من الأبواب والفصول ويختصر إسهاب المؤلف في كلامه في تلك الأبواب والفصول، وربما حذف بعض الأبواب والفصول اختصاراً إذا كان ما يبقيه كافياً لفهم أصل فكرة الكتاب وما تضمّنه من المسائل المهمة، وقد يكون فيه ما يشكل أو ينتقد فيحذف منه ذلك مع إرادة الاختصار، ومن أمثلته: مختصر الصواعق المرسلة للموصلي، ومختصر زاد المعاد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.

5: تلخيص التقريب والتيسير
وهو التلخيص الذي يكون مراد العالم منه تقريب كتاب من الكتب المطوّلة أو التي في أسلوب كاتبها عسر أو صعوبة أو في ترتيبه ما يضعف الانتفاع به، وقد يكون في بعضها ما ينتقد فيلخّص العالم الكتاب تلخيصاً يقرّب به فوائده لطلاب العلم لينتفعوا به ويتجنّب ما فيه من المسائل المنتقدة أو يذكرها لغرض التنبيه، وييسّر عرض مسائل الكتاب بما يراه مفيداً لطلاب العلم.
ومن أمثلة هذا النوع: التقريب والتيسير للنووي، وتقريب التدمرية لابن عثيمين، وموعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين لجمال الدين القاسمي.

6: تلخيص المقاصد
وهو من أرفع أنواع التلخيص وأدقّها مسلكاً، وهو التلخيص الذي يراد به تقريب مقاصد الكتاب وإبرازها وتجنب الإسهاب في بعض التفصيلات التي ليست من غرض الملخِّص، وهذا النوع مهم جدّا في فهم مراد المؤلف ومآخذ كلامه ومصادر استمداده ودوافع تأليف الكتاب.
ومن أمثلة هذا النوع: القول السديد في مقاصد التوحيد للسعدي، والتنبيهات اللطيفة فيما حوته الواسطية من المباحث المنيفة له أيضاً.

7: التلخيص الجمعي
وهو نوع من أنواع التأليف التي يسلكها العلماء، فيطّلع العالم على عدد من الكتب في علم من العلوم، ثمّ يلخّص مسائلها بعبارات مختصرة وافية بمسائل كل باب من الأبواب التي يذكرها في كتابه، من الكتب التي استمدّ منها، ومن أمثلة هذا النوع: كتاب جمع الجوامع للسبكي، لخّصه من مائتي كتاب في أصول الفقه.
ومما ألّفه بعض أهل العلم من المختصرات والتهذيبات والتقريبات ما يجمع خصائص نوعين أو أكثر من هذه الأنواع، وإنما فصّلت أنواعها ليعلم ما يمتاز به كلّ نوع.
والذي يعنينا من هذه الأنواع هو النوع الأول الذي يراد به ضبط مسائل الدرس وإحسان تعلّمها ومعرفة أدلّة المسائل وأنواعها وترتيبها، وهذا النوع من أهمّ الأنواع لأن الطالب يستفيد به ضبط مسائل العلم إذا أحسن طريقة التلخيص وداوم عليها؛ فلذلك يجب أن يفرّق الطالب بينه وبينه الأنواع الأخرى.
وهذا النوع من التلخيص له معايير من وفّى بها فقد أحسن التلخيص وأجاده؛ فمن أحسن الوفاء بها من أوّل الأمر فلديه ملكة حسنة في التلخيص، ومن كان عليه بعض الملحوظات فينبغي أن يتدرّب على تحقيق هذه المعايير حتى يكتسب هذه الملَكة ويعتادها في تلخيصاته لينتفع بها بإذن الله تعالى.

أنواع الكتب التعليمية:
الكتب التي يتخذها طلاب العلم منهجاً للدراسة على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: المتون والمنظومات العلمية، وهي كتب صغيرة الحجم، مقسّمة على الأبواب، جامعة لمسائل الفنّ، مختصرة العبارات جداً، بل بعضها كأنه فهرس لأسماء المسائل، وفي بعضها تعقيد لفظي ومعنوي، وكان من العلماء من يعتني بحفظها ليستظهر بها مسائل العلم الذي يدرسه.
وهذه المتون والمنظومات يحتاج الطالب إلى دراسة شروحها بما يوضح له عباراتها، ويحلّ مشكلها، ويبسط مختصرها، حتى يحسن دراسة ما تضمّنته من مسائل.
وللعلماء في شروح المتون العلمية مناهج متعددة ينبغي لطالب العلم أن يكون على معرفة بها:
- فمنها منهج الشرح الإجمالي؛ الذي يعتني فيه صاحبه بتوضيح عبارات المتن؛ توضيحاً موجزاً، وربّما نبّه على مسائل تتعلّق بمقاصد الباب، ونحو ذلك، وهذا المنهج يفيد الطالب في اكتساب التصور الإجمالي السريع لمسائل المتن، لكن لا يصلح أن يكتفى به طالب العلم عند دراسته لذلك المتن، وذلك بسبب إغفال أصحاب هذا المنهج لكثيرٍ من تفاصيل المسائل، ومن اقتصر من الطلاب على هذا النوع من الشروح كان تأسيسه العلمي ضعيفاً.
- ومن شرّاح المتون العلمية من انتهج منهج الشرح التحليلي، الذي لا يكاد يغادر صاحبه لفظة من ألفاظ المتن إلا ويعلّق عليها، ويشرحها، ويسهب في تفصيلها، وهذا المنهج أنفع من سابقه كثيراً، وأغزر مادّة علمية، لكن يغلب على أصحاب هذا المنهج الاسترسال في المسائل الاستطرادية، وكثرة التفصيل التي قد تشتت أذهان بعض الطلاب عن المقصود الأصلي للباب.
وتلخيص هذا النوع من الشروح عظيم النفع لطالب العلم؛ لأن الملخّص يحذف بتلخيصه المسائل الاستطرادية التي لا يتوقّف عليها فهم مسائل الدرس، ويتجاوز المعلوم بداهة من معاني العبارات، ويركّز على ضبط المسائل العلمية، وما يتّصل بها، بعبارات مختصرة وافية بما يتعلّق بتلك المسائل من تفصيلات.
- ومن العلماء من يسلك مسلك الشرح التأصيلي الذي يعتني فيه بمقاصد الدرس، وقواعده، وأنواع مسائله وأدلّتها، دون التقيّد بعبارات المتن، وهو من أعظم المناهج نفعاً، لأنّه يعين الطالب على بناء الملكة العلمية التي يتمكن بها من فهم مسائل العلم، واستخلاص أصولها وقواعدها، وطرق الاستدلال لها.
وللعلماء مناهج أخرى في شرح المتون العلمية، بيّنتها في مقالة نشرتها في موقع معهد آفاق التيسير على الشبكة العالمية ( هنا ).
والمقصود أنّ الطالب قد يحتاج في دراسته لبعض المتون العلمية إلى الاطلاع شرحين أو ثلاثة أو أكثر، ليتيسّر له فهم مسائل ذلك المتن، ومن الخطأ أن يقتصر على الشروح الإجمالية، ويفضّل عند الاختيار أن يجمع بين شرح تأصيليّ وشرح تحليلي على الأقلّ.
فإذا اطّلع الطالب على عدد من الشروح ووازن بينها، واستخلص مسائل الدرس وتفاصيلها من مجموع تلك الشروح، وأعاد ترتيبها وتنظيمها؛ فإنّه يخرج بملخّص قيّم لذلك الدرس.
النوع الثاني: الكتب المتوسّطة التي حوت جلّ أبواب ومباحث العلم الذي أُلّفت فيه، بتفصيل غير مطوّل، ككتاب روضة الناظر لابن قدامة في أصول الفقه، ومقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث، والاقتراح في فنّ الاصطلاح لابن دقيق العيد، وقطر الندى في النحو، ونحو هذه الكتب؛ التي يمكن تلخيصها تلخيصاً يسيراً، وقد يحتاج الطالب إلى الاطلاع على بعض شروحها ليضيف إلى تلخيصه ما يحتاج إليه مما يعينه على ضبط المسائل العلمية.
والنوع الثالث: الكتب المختصرة الميسّرة، التي أعدّت إعداداً محكماً يصعب معه اختصارها وتلخيصها؛ لأنّها في حقيقة الأمر كالملخّص، ومن هذا النوع: كتاب الفقه الميسّر، وكتاب دروس البلاغة، وشذا العرف في فنّ الصرف، ونحوها.
فهذا النوع من الكتب أعدّ لغرض التعليم ليكفى فيه الطالب مؤونة التلخيص حتى يكون تركيز جهده على دراسة المسائل وضبطها.
ويمكن أن يدرس الطالب هذه الكتب بإحدى طريقتين:
الأولى: أن يتخذها ملخصاً، فيقتصر عليها، ويدرسها دراسة حسنة تحت إشراف علمي؛ حتى يتمّها في مدّة وجيزة؛ ثمّ ينتقل إلى كتب أوسع منها، ويضيف إلى هذا الكتاب ما يستجد من مسائل تلك الكتب.
والثانية: أن يطالع شروح هذا الكتاب – إن وجدت – كما في شروح دروس البلاغة، ويضيف إلى الكتاب ما يحتاج إلى تقييده مما نبّه عليه الشراح.