الدروس
course cover
تفسير سورة القلم[ من الآية (6) إلى الآية (16) ]
18 Jan 2015
18 Jan 2015

5552

0

0

course cover
تفسير جزء تبارك

القسم الأول

تفسير سورة القلم[ من الآية (6) إلى الآية (16) ]
18 Jan 2015
18 Jan 2015

18 Jan 2015

5552

0

0


0

0

0

0

0

تفسير قوله تعالى: {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16)}



تفسير قوله تعالى: (بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فستبصر ويبصرون (5) بأيّيكم المفتون} أي: فستعلم يا محمّد، وسيعلم مخالفوك ومكذّبوك: من المفتون الضّالّ منك ومنهم. وهذا كقوله تعالى: {سيعلمون غدًا من الكذّاب الأشر} [القمر: 26]، وكقوله: {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مبينٍ} [سبإٍ: 24].
قال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ في هذه الآية: ستعلم ويعلمون يوم القيامة.
وقال العوفيّ، عن ابن عباس: {بأيّيكم المفتون} أي: الجنون. وكذا قال مجاهدٌ، وغيره. وقال قتادة وغيره: {بأيّيكم المفتون} أي: أولى بالشّيطان.
ومعنى المفتون ظاهرٌ، أي: الّذي قد افتتن عن الحقّ وضلّ عنه، وإنما دخلت الباء في قوله: {بأيّيكم المفتون} لتدلّ على تضمين الفعل في قوله: {فستبصر ويبصرون} وتقديره: فستعلم ويعلمون، أو: فستخبر ويخبرون بأيّكم المفتون. واللّه أعلم).
[تفسير القرآن العظيم: 8/190] (م)

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (فلَمَّا أَنْزَلَه اللَّهُ في أَعْلَى الْمَنازِلِ مِن جَميعِ الوُجوهِ، وكانَ أعداؤُه يَنْسُبونَ إليه أنه مجنونٌ مَفتونٌ، قالَ: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ}.
وقد تَبَيَّنَ أنَّه أَهْدَى الناسِ، وأَكْمَلُهم لنفْسِه ولغيرِه، وأنَّ أعداءَه أضَلُّ الناسِ وَشَرُّ الناسِ للناسِ، وأنَّهم هم الذينَ فَتَنُوا عِبادَ اللَّهِ، وأَضَلُّوهم عن سَبيلِه، وكَفَى بعِلْمِ اللَّهِ بذلك؛ فإِنَّه هو المحاسِبُ الْمُجَازِي). [تيسير الكريم الرحمن: 879] (م)


تفسير قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} أي: هو يعلم تعالى أيّ الفريقين منكم ومنهم هو المهتدي، ويعلم الحزب الضّالّ عن الحقّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/190]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} وهذا فيه تَهديدٌ للضالِّينَ، ووَعْدٌ للمُهتدِينَ، وبيانٌ لحكمةِ اللَّهِ حيثُ كانَ يَهْدِي مَن يَصْلُحُ للهدايةِ دُونَ غيرِه). [تيسير الكريم الرحمن: 879]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (7-{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ} أيْ: يَعلَمُ مَن هو في الحقيقةِ الضالُّ، أنتَ أمْ مَن اتَّهَمَكَ بالضلالِ، والمعنى: بل هم الضالُّونَ، لمخالَفَتِهم لِمَا فيه نَفْعُهم في العاجِلِ والآجِلِ، واختيارِهم ما فيه ضُرُّهم فيهما.
{وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} إلى سبيلِه الْمُوَصِّلِ إلى تلك السعادةِ الآجِلَةِ والعاجلةِ). [زبدة التفسير: 564]


تفسير قوله تعالى: (فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يقول تعالى: كما أنعمنا عليك وأعطيناك الشّرع المستقيم والخلق العظيم {فلا تطع المكذّبين} ). [تفسير القرآن العظيم: 8/190]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ( (8 -16) {فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ * وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ * أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ * سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ *}.
يقولُ اللَّهُ تعالى لنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ: {فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ} الذين كَذَّبُوكَ وعانَدُوا الحقَّ؛ فإنَّهم لَيْسُوا أهْلاً لأنْ يُطَاعُوا؛ لأنَّهم لا يَأمُرونَ إلاَّ بما يُوافِقُ أَهواءَهم، وهم لا يُرِيدونَ إلاَّ الباطِلَ، فالْمُطيعُ لهم مُقْدِمٌ على ما يَضُرُّه.
وهذا عامٌّ في كلِّ مُكَذِّبٍ، وفي كلِّ طاعةٍ ناشئةٍ عن التكذيبِ، وإنْ كانَ السِّياقُ في شيءٍ خاصٍّ، وهو أنَّ الْمُشْرِكِينَ طَلَبُوا مِن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ أنْ يَسْكُتَ عن عَيْبِ آلِهَتِهم ودِينِهم ويَسْكُتُوا عنه.
ولهذا قالَ: {وَدُّوا}؛ أي: الْمُشْرِكونَ، {لَوْ تُدْهِنُ}). [تيسير الكريم الرحمن: 879]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (8-{فَلاَ تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ} نَهاهُ سُبحانَه عن مُلايَنَةِ الْمُشرِكينَ، وهم رُؤساءُ كُفَّارِ مَكَّةَ؛ لأنهم كانوا يَدْعُونَه إلى دِينِ آبائِه، فنَهاهُ اللهُ عن طاعَتِهم). [زبدة التفسير: 564]


تفسير قوله تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ودّوا لو تدهن فيدهنون} قال ابن عبّاسٍ: لو ترخّص لهم فيرخّصون.
وقال مجاهدٌ: ودّوا لو تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحقّ).
[تفسير القرآن العظيم: 8/190]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَدُّوا}؛ أي: الْمُشْرِكونَ، {لَوْ تُدْهِنُ}؛ أي: توافِقُهم على بعضِ ما هم عليه؛ إمَّا بالقوْلِ أو بالفعْلِ أو بالسكوتِ عمَّا يَتَعَيَّنُ الكلامُ فيه، {فَيُدْهِنُونَ}.
ولكنِ اصْدَعْ بأمْرِ اللَّهِ، وأَظْهِرْ دِينَ الإسلامِ؛ فإنَّ تَمامَ إِظهارِه بنَقْضِ ما يُضَادُّه، وعَيْبِ ما يُناقِضُه). [تيسير الكريم الرحمن: 879]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (9-{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} المعنى: وَدُّوا لو تَلِينُ لهم فَيَلِينُونَ لك، وقيلَ: المعنى: وَدُّوا لو تَرْكَنُ إليهم وتَتْرُكُ ما أنتَ عليه مِن الحقِّ، فهم يُدْهِنونَ, أيْ: يُظْهِرونَ لك الْمُلايَنَةَ لتَميلَ معهم). [زبدة التفسير: 564]


تفسير قوله تعالى: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {ولا تطع كلّ حلافٍ مهينٍ} وذلك أنّ الكاذب لضعفه ومهانته إنّما يتّقي بأيمانه الكاذبة الّتي يجترئ بها على أسماء اللّه تعالى، واستعمالها في كلّ وقتٍ في غير محلها.
قال ابن عبّاسٍ: المهين الكاذب. وقال مجاهدٌ: هو الضّعيف القلب. قال الحسن: كلّ حلّافٍ مكابرٍ مهينٍ ضعيفٍ).
[تفسير القرآن العظيم: 8/190-191]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ}؛ أي: كثيرِ الحَلِفِ؛ فإِنَّه لا يَكُونُ كذلك إلاَّ وهو كذَّابٌ ولا يكونُ كَذَّاباً إلاَّ وهو {مَهِينٍ}؛ أي: خَسيسِ النفْسِ، ناقِصِ الْهِمَّةِ، ليسَ له هِمَّةٌ في الخيرِ، بلْ إرادتُه في شَهَواتِ نفْسِه الْخَسيسةِ). [تيسير الكريم الرحمن: 879]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (10-{وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ} أيْ: كثيرِ الْحَلِفِ بالباطلِ، {مَهِينٍ} هو الحقيرُ). [زبدة التفسير: 564]


تفسير قوله تعالى: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله {همّازٍ} قال ابن عبّاسٍ وقتادة: يعني الاغتياب.
{مشّاءٍ بنميمٍ} يعني: الّذي يمشي بين النّاس، ويحرّش بينهم وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة، وقد ثبت في الصّحيحين من حديث مجاهدٍ، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقبرين فقال: "إنّهما ليعذّبان وما يعذّبان في كبيرٍ، أمّا أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأمّا الآخر فكان يمشي بالنّميمة" الحديث. وأخرجه بقيّة الجماعة في كتبهم، من طرقٍ عن مجاهدٍ، به.
وقال أحمد: حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن همّام؛ أنّ حذيفة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا يدخل الجنّة قتّات".

رواه الجماعة -إلّا ابن ماجه-من طرقٍ، عن إبراهيم، به.
وحدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا الثّوريّ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، عن همّامٍ، عن حذيفة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا يدخل الجنّة قتّاتٌ" يعني: نمّامًا.
وحدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان أبو سعيدٍ الأحول، عن الأعمش، حدّثني إبراهيم -منذ نحو ستّين سنةً-عن همّام بن الحارث قال: مرّ رجلٌ على حذيفة فقيل: إنّ هذا يرفع الحديث إلى الأمراء. فقال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول -أو: قال-: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يدخل الجنّة قتّاتٌ".
وقال أحمد: حدّثنا هاشمٌ، حدّثنا مهديٌّ، عن واصلٍ الأحدب، عن أبي وائلٍ قال: بلغ حذيفة عن رجلٍ أنّه ينمّ الحديث، فقال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنّة نمّامٌ".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، أنبأنا معمر، عن ابن خثيم، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد بن السّكن؛ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ألا أخبركم بخياركم؟ ". قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: "الذين إذا رؤوا ذكر اللّه، عزّ وجلّ". ثمّ قال: "ألا أخبركم بشراركم؟ المشّاءون بالنّميمة، المفسدون بين الأحبّة، والباغون للبرآء العنت".

ورواه ابن ماجه، عن سويد بن سعيدٍ، عن يحيى بن سليمٍ، عن ابن خثيم، به.
وقال الإمام أحمد حدّثنا سفيان، عن ابن أبي حسين، عن شهر بن حوشبٍ، عن عبد الرّحمن بن غنم -يبلغ به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "خيار عباد اللّه الذين إذا رؤوا ذكر الله، وشرار عباد الله المشاؤون بالنّميمة، المفرّقون بين الأحبّة، الباغون للبرآء العنت"). [تفسير القرآن العظيم: 8/191-192]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({هَمَّازٍ}؛ أي: كثيرِ العَيْبِ للناسِ والطَّعْنِ فيهم بالغِيبَةِ والاستهزاءِ وغيرِ ذلك.
{مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}؛ أي: يَمشِي بينَ الناسِ بالنَّميمةِ، وهي: نَقْلُ كلامِ بعضِ الناسِ لبعضٍ؛ لقَصْدِ الإفسادِ بينَهم وإلقاءِ العداوةِ والبَغضاءِ). [تيسير الكريم الرحمن: 879]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (11-{هَمَّازٍ مَّشَاءٍ بِنَمِيمٍ} الْهَمَّازُ الذي يَذكرُ الناسَ بالشرِّ في وُجوهِهم، واللَّمَّازُ الذي يَذْكُرُهم في مَغِيبِهم، والْمَشَّاءُ بنَميمٍ الذي يَمْشِي بالنميمةِ بينَ الناسِ ليُفْسِدَ بينَهم). [زبدة التفسير: 564]

تفسير قوله تعالى: (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله {منّاعٍ للخير معتدٍ أثيمٍ} أي: يمنع ما عليه وما لديه من الخير {معتدٍ} في متناول ما أحلّ اللّه له، يتجاوز فيها الحدّ المشروع {أثيمٍ} أي: يتناول المحرّمات). [تفسير القرآن العظيم: 8/192]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} الذي يَلْزَمُه القيامُ به؛ مِن النفقاتِ الواجبةِ, والكفَّاراتِ, والزَّكَوَاتِ، وغيرِ ذلك.
{مُعْتَدٍ} على الْخَلْقِ، في ظُلْمِهم في الدماءِ والأموالِ والأعراضِ، {أَثِيمٍ}؛ أي: كثيرِ الإِثْمِ والذُّنوبِ الْمُتَعَلِّقَةِ في حقِّ اللَّهِ تعالى). [تيسير الكريم الرحمن: 879]

تفسير قوله تعالى: (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {عتلٍّ بعد ذلك زنيمٍ} أمّا العتلّ: فهو الفظّ الغليظ الصّحيح، الجموع المنوع.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع وعبد الرّحمن، عن سفيان، عن معبد بن خالدٍ، عن حارثة بن وهبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ألّا أنبّئكم بأهل الجنّة؟ كلّ ضعيفٍ متضعّف لو أقسم على اللّه لأبرّه، ألّا أنبّئكم بأهل النّار؟ كلّ عتل جوّاظ مستكبرٍ". وقال وكيع: "كلّ جوّاظ جعظري مستكبر".
أخرجاه في الصحيحين بقيّة الجماعة، إلّا أبا داود، من حديث سفيان الثّوريّ وشعبة، كلاهما عن معبد بن خالدٍ، به.
وقال الإمام أحمد أيضًا: حدّثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا موسى بن علي قال: سمعت أبي يحدّث عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص؛ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال عند ذكر أهل النّار: "كلّ جعظريٍّ جوّاظٍ مستكبرٍ جمّاعٍ منّاعٍ". تفرّد به أحمد.
قال أهل اللّغة: الجعظريّ: الفظّ الغليظ، والجوّاظ: الجموع المنوع.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيع، حدّثنا عبد الحميد، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرّحمن بن غنم، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن العتلّ الزّنيم، فقال: "هو الشّديد الخلق المصحّح، الأكول الشّروب، الواجد للطّعام والشّراب، الظّلوم للنّاس، رحيب الجوف".
وبهذا الإسناد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يدخل الجنّة الجواظ الجعظريّ، العتلّ الزّنيم" وقد أرسله أيضًا غير واحدٍ من التّابعين.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن عبد الأعلى، حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمر، عن زيد بن أسلم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "تبكي السّماء من عبدٍ أصحّ اللّه جسمه، وأرحب جوفه، وأعطاه من الدّنيا مقضمًا فكان للنّاس ظلومًا. قال: فذلك العتل الزنيم".
وهكذا رواه ابن أبي حاتمٍ من طريقين مرسلين، ونصّ عليه غير واحدٍ من السّلف، منهم مجاهدٌ، وعكرمة، والحسن، وقتادة، وغيرهم: أنّ العتلّ هو: المصحّح الخلق، الشّديد القويّ في المأكل والمشرب والمنكح، وغير ذلك، وأمّا الزّنيم فقال البخاريّ:
حدّثنا محمودٌ، حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن أبي حصين، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: {عتلٍّ بعد ذلك زنيمٍ} قال: رجلٌ من قريشٍ له زنمة مثل زنمة الشّاة.
ومعنى هذا: أنّه كان مشهورًا بالشّرّ كشهرة الشّاة ذات الزّنمة من بين أخواتها. وإنّما الزّنيم في لغة العرب: هو الدّعيّ في القوم. قاله ابن جريرٍ وغير واحدٍ من الأئمّة، قال: ومنه قول حسّان بن ثابتٍ، يعني يذمّ بعض كفّار قريشٍ:
وأنت زنيم نيط في آل هاشمٍ = كما نيط خلف الرّاكب القدح الفرد
وقال آخر:
زنيمٌ ليس يعرف من أبوه = بغيّ الأمّ ذو حسب لئيم...
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عمّار بن خالدٍ الواسطيّ، حدّثنا أسباطٌ، عن هشامٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {زنيمٍ} قال: الدعيّ الفاحش اللّئيم. ثمّ قال ابن عبّاسٍ:
زنيمٌ تداعاه الرجال زيادةً = كما زيد في عرض الأديم الأكارع
وقال العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: الزّنيم: الدّعيّ. ويقال: الزّنيم: رجلٌ كانت به زنمةٌ، يعرف بها. ويقال: هو الأخنس بن شريق الثّقفيّ، حليف بني زهرة. وزعم أناسٌ من بني زهرة أنّ الزّنيم الأسود بن عبد يغوث الزّهريّ، وليس به.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: أنّه زعم أنّ الزّنيم الملحق النّسب.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثني يونس حدّثنا ابن وهبٍ، حدّثني سليمان بن بلالٍ، عن عبد الرّحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيّب، أنّه سمعه يقول في هذه الآية: {عتلٍّ بعد ذلك زنيمٍ} قال سعيدٌ: هو الملصق بالقوم، ليس منهم.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا عقبة بن خالدٍ، عن عامر بن قدامة قال: سئل عكرمة عن الزّنيم، قال: هو ولد الزّنا.
وقال الحكم بن أبان، عن عكرمة في قوله تعالى: {عتلٍّ بعد ذلك زنيمٍ} قال: يعرف المؤمن من الكافر مثل الشّاة الزّنماء. والزّنماء من الشّياه: الّتي في عنقها هنتان معلّقتان في حلقها. وقال الثّوريّ، عن جابرٍ، عن الحسن، عن سعيد بن جبيرٍ قال: الزّنيم: الّذي يعرف بالشّرّ كما تعرف الشّاة بزنمتها. والزّنيم: الملصق. رواه ابن جرير.
وروى أيضًا من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال في الزّنيم: قال: نعت فلم يعرف حتّى قيل: زنيمٌ. قال: وكانت له زنمةٌ في عنقه يعرف بها. وقال آخرون: كان دعيًا.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن أصحاب التّفسير قالوا هو الّذي تكون له زنمة مثل زنمة الشّاة.
وقال الضّحّاك: كانت له زنمة في أصل أذنه، ويقال: هو اللّئيم الملصق في النّسب.
وقال أبو إسحاق: عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: هو المريب الّذي يعرف بالشّرّ.
وقال مجاهدٌ: الزّنيم الّذي يعرف بهذا الوصف كما تعرف الشّاة. وقال أبو رزين: الزّنيم علامة الكفر. وقال عكرمة: الزّنيم الّذي يعرف باللّؤم كما تعرف الشّاة بزنمتها.
والأقوال في هذا كثيرةٌ، وترجع إلى ما قلناه، وهو أنّ الزّنيم هو: المشهور بالشّرّ، الّذي يعرف به من بين الناس، وغالبًا يكون دعيًا وله زنًا، فإنّه في الغالب يتسلّط الشّيطان عليه ما لا يتسلّط على غيره، كما جاء في الحديث: "لا يدخل الجنّة ولد زنًا" وفي الحديث الآخر: "ولد الزّنا شرّ الثّلاثة إذا عمل بعمل أبويه").
[تفسير القرآن العظيم: 8/192-194]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ}؛ أي: غَليظٍ شَرِسِ الْخُلُقِ، قاسٍ غيرِ مُنْقَادٍ للحَقِّ.
{زَنِيمٍ}؛ أي: دَعِيٍّ ليسَ له أصْلٌ ولا مَادَّةٌ يُنْتَجُ منها الخيرُ، بل أخلاقُه أقبَحُ الأخلاقِ، ولا يُرْجَى مِنه فَلاحٌ، له زَنَمَةٌ؛ أي: عَلاَمَةٌ في الشَّرِّ يُعْرَفُ بها.
وحاصِلُ هذا أنَّ اللَّهَ تعالى نَهَى عن طاعةِ كلِّ حَلاَّفٍ كَذَّابٍ، خَسيسِ النفْسِ، سَيِّئِ الأخلاقِ، خُصوصاً الأخلاقَ الْمُتَضَمِّنَةَ للإعجابِ بالنفْسِ، والتكبُّرِ عن الحقِّ وعلى الخَلْقِ، والاحتقارِ للناسِ؛ كالغِيبَةِ والنميمةِ والطعْنِ فيهم، وكَثرَةِ الْمَعاصِي.
وهذه الآياتُ - وإنْ كانَتْ نَزَلَتْ في بعضِ الْمُشرِكينَ؛ كالوليدِ بنِ المُغيرةِ أو غيرِه؛ لقولِه عنه: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}). [تيسير الكريم الرحمن: 879-880]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (13-{عُتُلٍّ} هو الشديدُ الْخَلْقِ الفاحشُ الْخُلُقِ.
وقالَ الزَّجَّاجُ: هو الغَليظُ الجافِي،{بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٌ} أيْ: هو بعدَ ما عَدَّ مِن مَعَايِبِه زَنيمٌ، والزَّنيمُ: الدَّعِيُّ الْمُلْصَقُ بالقوْمِ وليس هو منهم). [زبدة التفسير: 564]


تفسير قوله تعالى: (أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أن كان ذا مالٍ وبنين (14) إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوّلين} يقول تعالى: هذا مقابلة ما أنعم اللّه عليه من المال والبنين، كفر بآيات اللّه وأعرض عنها، وزعم أنّها كذب مأخوذٌ من أساطير الأوّلين، كقوله: {ذرني ومن خلقت وحيدًا (11) وجعلت له مالا ممدودًا (12) وبنين شهودًا (13) ومهّدت له تمهيدًا (14) ثمّ يطمع أن أزيد (15) كلا إنّه كان لآياتنا عنيدًا (16) سأرهقه صعودًا (17) إنّه فكّر وقدّر (18) فقتل كيف قدّر (19) ثمّ قتل كيف قدّر (20) ثمّ نظر (21) ثمّ عبس وبسر (22) ثمّ أدبر واستكبر (23) فقال إن هذا إلا سحرٌ يؤثر (24) إن هذا إلا قول البشر} قال اللّه تعالى: {سأصليه سقر} [المدثر: 11 -26]. قال تعالى هاهنا: {سنسمه على الخرطوم} ). [تفسير القرآن العظيم: 8/194]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) :(وهذه الآياتُ - وإنْ كانَتْ نَزَلَتْ في بعضِ الْمُشرِكينَ؛ كالوليدِ بنِ المُغيرةِ أو غيرِه؛ لقولِه عنه: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}؛

أي: لأَجْلِ كَثرةِ مالِه ووَلَدِه، طَغَى واستكبَرَ عن الحَقِّ، ودَفَعَه حينَ جاءَه، وجَعَلَه مِن جُملةِ أساطيرِ الأَوَّلِينَ التي يُمْكِنُ صِدْقُها وكَذِبُها ـ فإِنَّها عامَّةٌ في كُلِّ مَن اتَّصَفَ بهذا الوصْفِ؛ لأنَّ القرآنَ نَزَلَ لهدايةِ الخلْقِ كُلِّهم، ويَدْخُلُ فيه أوَّلُ الأُمَّةِ وآخِرُهم، ورُبَّما نَزَلَ بعضُ الآياتِ في سببٍ أو في شخْصٍ مِن الأشخاصِ؛ لتَتَّضِحَ به القاعدةُ العامَّةُ، ويُعْرَفُ به أمثالُ الجزئياتِ الداخلةِ في القضايا العامَّةِ). [تيسير الكريم الرحمن: 880]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (14-{أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينٍ} والمعنى:لا تُطِعْهُ لِمَالِه وبَنِيهِ. وقيلَ: المرادُ به التوبيخُ والتقريعُ، حيث جَعَلَ مُجازاةَ النِّعَمِ التي خَوَّلَه اللهُ مِن المالِ والبنينَ أنْكَفَرَ به وبرَسولِه). [زبدة التفسير: 564]


تفسير قوله تعالى: (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أن كان ذا مالٍ وبنين (14) إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأوّلين} يقول تعالى: هذا مقابلة ما أنعم اللّه عليه من المال والبنين، كفر بآيات اللّه وأعرض عنها، وزعم أنّها كذب مأخوذٌ من أساطير الأوّلين، كقوله: {ذرني ومن خلقت وحيدًا (11) وجعلت له مالا ممدودًا (12) وبنين شهودًا (13) ومهّدت له تمهيدًا (14) ثمّ يطمع أن أزيد (15) كلا إنّه كان لآياتنا عنيدًا (16) سأرهقه صعودًا (17) إنّه فكّر وقدّر (18) فقتل كيف قدّر (19) ثمّ قتل كيف قدّر (20) ثمّ نظر (21) ثمّ عبس وبسر (22) ثمّ أدبر واستكبر (23) فقال إن هذا إلا سحرٌ يؤثر (24) إن هذا إلا قول البشر} قال اللّه تعالى: {سأصليه سقر} [المدثر: 11 -26]. قال تعالى هاهنا: {سنسمه على الخرطوم} ). [تفسير القرآن العظيم: 8/194] (م)

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (وهذه الآياتُ - وإنْ كانَتْ نَزَلَتْ في بعضِ الْمُشرِكينَ؛ كالوليدِ بنِ المُغيرةِ أو غيرِه؛ لقولِه عنه: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}؛

أي: لأَجْلِ كَثرةِ مالِه ووَلَدِه، طَغَى واستكبَرَ عن الحَقِّ، ودَفَعَه حينَ جاءَه، وجَعَلَه مِن جُملةِ أساطيرِ الأَوَّلِينَ التي يُمْكِنُ صِدْقُها وكَذِبُها ـ فإِنَّها عامَّةٌ في كُلِّ مَن اتَّصَفَ بهذا الوصْفِ؛ لأنَّ القرآنَ نَزَلَ لهدايةِ الخلْقِ كُلِّهم، ويَدْخُلُ فيه أوَّلُ الأُمَّةِ وآخِرُهم، ورُبَّما نَزَلَ بعضُ الآياتِ في سببٍ أو في شخْصٍ مِن الأشخاصِ؛ لتَتَّضِحَ به القاعدةُ العامَّةُ، ويُعْرَفُ به أمثالُ الجزئياتِ الداخلةِ في القضايا العامَّةِ). [تيسير الكريم الرحمن: 880]


تفسير قوله تعالى: (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({سنسمه على الخرطوم} قال ابن جريرٍ: سنبين أمره بيانًا واضحًا، حتّى يعرفوه ولا يخفى عليهم، كما لا تخفى السّمة على الخراطيم وهكذا قال قتادة: {سنسمه على الخرطوم} شينٌ لا يفارقه آخر ما عليه.
وفي روايةٍ عنه: سيما على أنفه. وكذا قال السّدّيّ.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {سنسمه على الخرطوم} يقاتل يوم بدرٍ، فيخطم بالسّيف في القتال. وقال آخرون: {سنسمه} سمة أهل النّار، يعني نسوّد وجهه يوم القيامة، وعبّر عن الوجه بالخرطوم. حكى ذلك كلّه أبو جعفر ابن جريرٍ، ومال إلى أنّه لا مانع من اجتماع الجميع عليه في الدّنيا والآخرة، وهو متّجه.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ في سورة {عمّ يتساءلون} حدّثنا أبي، حدّثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني اللّيث حدّثني خالدٌ عن سعيدٍ، عن عبد الملك بن عبد اللّه، عن عيسى بن هلالٍ الصّدفيّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّ العبد يكتب مؤمنًا أحقابًا ثمّ أحقابًا ثمّ يموت واللّه عليه ساخطٌ. وإنّ العبد يكتب كافرًا أحقابًا ثمّ أحقابًا، ثمّ يموت واللّه عليه راضٍ. ومن مات همّازًا لمّازًا ملقّبا للناس، كان علامته يوم القيامة أن يسميه اللّه على الخرطوم، من كلا الشّفتين").
[تفسير القرآن العظيم: 8/194-195]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ثم تَوَعَّدَ تعالى مَن جَرَى منه ما وَصَفَ اللَّهُ، بأنَّ اللَّهَ سيَسِمُه على خُرطومِه في العذابِ، وليُعَذِّبَه عَذاباً ظاهِراً يكونُ عليه سِمَةٌ وعَلاَمَةٌ في أَشَقِّ الأشياءِ عليه, وهو وَجْهُهُ). [تيسير الكريم الرحمن: 880]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (16-{سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} أيْ: سوفَ نَجعلُ الوَسْمَ بالسوادِ على أَنْفِه، وذلك أنه يَسْوَدُّ وَجْهُهُ بالنارِ قَبلَ دُخولِ النارِ، فيكونُ له على أَنْفِه عَلامةٌ، ونُلْحِقُ به شَيْنًا لا يُفَارِقُه يُعْرَفُ به). [زبدة التفسير: 564]



* للاستزادة ينظر: هنا