12 Jan 2015
تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله:
{قل هو الّذي أنشأكم} أي: ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئًا مذكورًا،
{وجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة} أي: العقول والإدراك، {قليلا ما
تشكرون} أي: ما أقلّ تستعملون هذه القوى الّتي أنعم اللّه بها عليكم، في
طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره). [تفسير القرآن العظيم: 8/182] قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (23-{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ} أمَرَ سُبحانَه رَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُخْبِرَهم بأنَّ اللهَ هو الذي أَنْشَأَهم النشأةَ الأُولَى، وَجَعَلَ لهم {السَّمْعَ} ليَسمَعُوا به، قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل
هو الّذي ذرأكم في الأرض} أي: بثّكم ونشركم في أقطار الأرض وأرجائها، مع
اختلاف ألسنتكم في لغاتكم وألوانكم، وحلاكم وأشكالكم وصوركم، {وإليه
تحشرون} أي: تجمعون بعد هذا التّفرّق والشّتات، يجمعكم كما فرّقكم ويعيدكم
كما بدأكم). [تفسير القرآن العظيم: 8/182] قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (24- {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ} خَلَقَهم في الأرْضِ ونَشَرَهم فيها وفَرَّقَهم على ظَهْرِها). [زبدة التفسير: 563] قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ
قال مخبرًا عن الكفّار المنكرين للمعاد المستبعدين وقوعه: {ويقولون متى
هذا الوعد إن كنتم صادقين} أي: متى [يقع] هذا الّذي تخبرنا بكونه من
الاجتماع بعد هذا التّفرّق؟). [تفسير القرآن العظيم: 8/182] قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (25- {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} الذي تَذْكُرُونَه لنا مِن الْحَشْرِ والقيامةِ والنارِ والعذابِ، {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} في ذلكَ فَأَخْبِرُونا به، أو فبَيِّنُوهُ لنا، أو فَأْتُونَا به). [زبدة التفسير: 563] قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل
إنّما العلم عند اللّه} أي: لا يعلم وقت ذلك على التّعيين إلّا اللّه، عزّ
وجلّ، لكنّه أمرني أن أخبركم أنّ هذا كائنٌ وواقعٌ لا محالة فاحذروه،
{وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ} وإنّما عليّ البلاغ، وقد أدّيته إليكم). [تفسير القرآن العظيم: 8/182] قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (26-{قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللهِ} أيْ: إنَّ وقتَ قيامِ الساعةِ علْمُه عندَ اللهِ لا يَعلمُه غيرُه، {وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ}
أُنْذِرُكم وأُخَوِّفُكم عاقبةَ كُفْرِكم، وأُبَيِّنُ لكم ما أَمَرَنِي
اللهُ ببَيانِه، ولم يَأْمُرْنِي أنْ أُخْبِرَكم بوقْتِ قيامِ الساعةِ). [زبدة التفسير: 563] قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال
اللّه تعالى: {فلمّا رأوه زلفةً سيئت وجوه الّذين كفروا} أي: لمّا قامت
القيامة وشاهدها الكفّار، ورأوا أنّ الأمر كان قريبًا؛ لأنّ كلّ ما هو آتٍ
آتٍ وإن طال زمنه، فلمّا وقع ما كذّبوا به ساءهم ذلك، لما يعلمون ما لهم
هناك من الشّرّ، أي: فأحاط بهم ذلك، وجاءهم من أمر اللّه ما لم يكن لهم في
بالٍ ولا حسابٍ، {وبدا لهم من اللّه ما لم يكونوا يحتسبون وبدا لهم سيّئات
ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} [الزّمر: 47، 48]؛ ولهذا يقال لهم
على وجه التّقريع والتّوبيخ: {هذا الّذي كنتم به تدّعون} أي: تستعجلون). [تفسير القرآن العظيم: 8/182] قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (27-{فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} رَأَوُا العذابَ قَريباً. قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يقول
تعالى: {قل} يا محمّد لهؤلاء المشركين باللّه الجاحدين لنعمه: {أرأيتم إن
أهلكني اللّه ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذابٍ أليمٍ} أي:
خلّصوا أنفسكم، فإنّه لا منقذ لكم من اللّه إلّا التّوبة والإنابة،
والرّجوع إلى دينه، ولا ينفعكم وقوع ما تتمنّون لنا من العذاب والنّكال،
فسواءٌ عذّبنا اللّه أو رحمنا، فلا مناص لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع
بكم). [تفسير القرآن العظيم: 8/182] قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (28-{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ} بِمَوتٍ أو قَتْلٍ، كما تَتَمَنُّونَ لِي ذلك وتَتَرَبَّصونَ بِيَ الْمَصائبَ والهلاكَ. قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ
قال: {قل هو الرّحمن آمنّا به وعليه توكّلنا} أي: آمنا برب العالمين
الرحمن الرحيم، وعليه توكّلنا في جميع أمورنا، كما قال: {فاعبده وتوكّل
عليه} [هودٍ: 123]. ولهذا قال: {فستعلمون من هو في ضلالٍ مبينٍ}؟ أي: منّا
ومنكم، ولمن تكون العاقبة في الدّنيا والآخرة؟). [تفسير القرآن العظيم: 8/182-183] قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (29-{قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ} وحْدَه لا نُشرِكُ به شيئاً. قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ
قال: {قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورًا} أي: ذاهبًا في الأرض إلى أسفل، فلا
ينال بالفئوس الحداد، ولا السّواعد الشّداد، والغائر: عكس النّابع؛ ولهذا
قال: {فمن يأتيكم بماءٍ معينٍ} أي: نابعٍ سائحٍ جارٍ على وجه الأرض، لا
يقدر على ذلك إلّا اللّه، عزّ وجلّ، فمن فضله وكرمه [أن] أنبع لكم المياه
وأجراها في سائر أقطار الأرض، بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلّة
والكثرة، فللّه الحمد والمنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/183] قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ثم أَخْبَرَ عن انفرادِه بالنِّعَمِ، خُصوصاً بالماءِ الذي جَعَلَ اللَّهُ منه كلَّ شيءٍ حَيٍّ، فقالَ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً}؛ أي: غائِراً، {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ}. تَشْرَبُونَ منه، وَتَسْقُونَ أنعامَكم وأشجارَكم وزُروعَكم. قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (30-{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ}
أي: أَخْبِرُونِي إنْ صارَ مَاؤُكم الذي مَنَّ اللهُ عليكم به في العُيونِ
والآبارِ والأنهارِ غَائراً في الأرضِ، بحيث لا يَبقى له وُجودٌ فيها
أَصْلاً، أو صارَ ذاهباً في الأرضِ إلى مكانٍ بَعيدٍ بحيث لا تَنالُه
الدِّلاءُ.
تفسير
قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ
وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23) )
يقولُ تعالى مُبَيِّناً أنَّه المعبودُ وَحْدَه، وداعياً عِبادَه إلى شُكْرِه وإفرادِه بالعبادةِ: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ}؛
أي: أَوْجَدَكُم مِن العَدَمِ، ومِن غيرِ مُعاوِنٍ له ولا مُظاهِرٍ،
ولَمَّا أَنْشَأَكُمْ كَمُلَ لكُمُ الوُجودُ بالسَّمْعِ والأبصارِ
والأفئدةِ التي هي أنْفَعُ أعضاءِ البَدَنِ، وأَكْمَلُ القُوَى
الْجُسمانيَّةِ، ولكنَّه معَ هذا الإنعامِ {قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} اللَّهَ؛ قليلٌ منكم الشاكرُ، وقليلٌ منكم الشكْرُ). [تيسير الكريم الرحمن: 878]
{وَالْأَبْصَارَ} ليُبْصِروا بها.
{وَالْأَفْئِدَةَ} وهي القلوبُ التي يَتفكَّرُونَ بها في مَخلوقاتِ اللهِ.
{قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} يعني أنكم لا تَشكرونَ ربَّ هذه النِّعَمِ بتَوحيدِه إلاَّ شُكراً قَليلاً). [زبدة التفسير: 563]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) )
تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) )
وقدْ أقامَ اللَّهُ
مِن الأَدِلَّةِ والبَراهينِ على صِحَّتِه ما لا يَبْقَى معَه أَدْنَى
شَكٍّ لِمَن أَلْقَى السمْعَ وهو شَهيدٌ). [تيسير الكريم الرحمن: 878]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) )
وقدْ أقامَ اللَّهُ
مِن الأَدِلَّةِ والبَراهينِ على صِحَّتِه ما لا يَبْقَى معَه أَدْنَى
شَكٍّ لِمَن أَلْقَى السمْعَ وهو شَهيدٌ). [تيسير الكريم الرحمن: 878] (م)
تفسير
قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) )
يَعنِي أنَّ مَحَلَّ تكذيبِ الكُفَّارِ وغُرورِهم به حينَ كانوا في الدنيا، فإذا كانَ يومُ الجزاءِ ورَأَوُا العذابَ منهم {زُلْفَةً}؛ أي: قريباً، ساءَهُم ذلك وأَفْظَعَهم، وقَلْقَلَ أفْئِدَتَهم.
فتَغَيَّرَتْ لذلك
وُجوهُهم، ووُبِّخُوا على تَكذيبِهم، وقيلَ لهم: هذا الذي كُنْتُم به
تُكَذِّبونَ، فاليومَ رَأَيْتُمُوهُ عِياناً، وانْجَلَى لكم الأمْرُ،
وتَقطَّعَتْ بكم الأسبابُ، ولم يَبْقَ إلاَّ مُباشَرَةُ العذابِ). [تيسير الكريم الرحمن: 878]
{سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: اسْوَدَّتْ، وعَلَتْها الكآبةُ، وغَشِيَتْها الذِّلَّةُ.
{وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ} أيْ: الذي كُنتمْ في الدنيا تَطْلُبُونَه وتَستعجلونَ به استهزاءً). [زبدة التفسير: 563]
تفسير
قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ
أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) )
فإذنْ تَعَبُكم وحِرْصُكم على هَلاكِي غيرُ مُفيدٍ، ولا مُجْدٍ عنكم شَيئاً.
ومِن قولِهم: إِنَّهم
على هُدًى، والرسولَ على ضَلالٍ، أعَادُوا في ذلك وأَبْدَوْا، وجادَلُوا
عليه وقَاتَلُوا، فأمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أنْ يُخْبِرَ عن حالِه وحالِ
أَتباعِه، ما به يَتَبَيَّنُ لكلِّ أحَدٍ هُدَاهم وتَقْوَاهُم، وهو أنْ
يَقولوا: {آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا}). [تيسير الكريم الرحمن: 878]
{وَمَن مَّعِيَ} مِن المؤمنينَ.
{أَوْ رَحِمَنَا} بتَأخيرِ ذلك إلى أَجَلٍ، فلو فُرِضَ أنه وَقَعَ بنا ذلك.
{فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِن عَذَابٍ أَلِيمٍ} أيْ: لا يُنْجِيهِم مِن ذلك أحَدٌ، سواءٌ أَهْلَكَ اللهُ رَسولَه والمؤمنينَ معه كما كان الكفارُ يَتَمَنَّوْنَه أو أَمْهَلَهم). [زبدة التفسير: 563]
تفسير
قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ
تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) )
فإذنْ تَعَبُكم وحِرْصُكم على هَلاكِي غيرُ مُفيدٍ، ولا مُجْدٍ عنكم شَيئاً.
ومِن قولِهم: إِنَّهم
على هُدًى، والرسولَ على ضَلالٍ، أعَادُوا في ذلك وأَبْدَوْا، وجادَلُوا
عليه وقَاتَلُوا، فأمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أنْ يُخْبِرَ عن حالِه وحالِ
أَتباعِه، ما به يَتَبَيَّنُ لكلِّ أحَدٍ هُدَاهم وتَقْوَاهُم، وهو أنْ
يَقولوا: {آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا}). [تيسير الكريم الرحمن: 878] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (والإيمانُ
يَشمَلُ التصديقَ الباطِنَ، والأعمالَ الباطنةَ والظاهِرَةَ، ولَمَّا
كانَتِ الأعمالُ - وُجُودُها وكَمَالُها - مُتَوَقِّفَةً على التوكُّلِ،
خَصَّ اللَّهُ التوَكُّلَ مِن بينِ سائرِ الأعمالِ، وإلاَّ فهو داخلٌ في
الإيمانِ، ومِن جُملةِ لَوازمِه كما قالَ تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
فإذا كانَتْ هذه حالَ
الرسولِ وحالَ مَنِ اتَّبَعَه، وهي الحالُ التي تَتَعَيَّنُ للفلاحِ،
وتَتوقَّفُ عليها السعادةُ، وحالةُ أعدائِه بضِدِّها، فلا إيمانَ لهم ولا
تَوَكُّلَ ـ عُلِمَ بذلك مَن هو على هُدًى، ومَن هو في ضَلالٍ مُبينٍ). [تيسير الكريم الرحمن: 878]
{وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} لا على غيرِه، والتوكُّل تَفويضُ الأمورِ إليه عَزَّ وجلَّ.
{فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} مِنا ومِنكم). [زبدة التفسير: 563]
تفسير قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30) )
وهذا استفهامٌ بمعنَى النفْيِ؛ أي: لا يَقْدِرُ أحَدٌ على ذلك غيرُ اللَّهِ تعالى.
تَمَّتْ وللهِ الحمْدُ). [تيسير الكريم الرحمن: 878]
{فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ} أيْ: بماءٍ كثيرٍ جارٍ لا يَنقَطِعُ؟
أيْ: لا يَأتيكم به أحَدٌ إلاَّ اللهُ تعالى، بالأمطارِ والأنهارِ حتى أنتم بها تَنْعَمُونَ). [زبدة التفسير: 563]
* للاستزادة يُنظر: هنا