30 Oct 2008
زيادات ابن رجب: ح50: حديث عبد الله بن بسر: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عز وجل) أ
قال الحافظ عبد الرحمن ابن رجب الحنبلي (ت: 795هـ): (
50- عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ قالَ: أَتى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم رَجلٌ، فَقَالَ: يا رَسولَ اللهِ , إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيْنَا، فَبَابٌ نَتَمَسَّكُ بِهِ جامعٌ؟ قال:((لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)). خَرَّجَه الإمامُ أحمدُ بهذا اللَّفظِ.
جامع العلوم والحكم للحافظ: عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي
قال الحافظ عبد الرحمن ابن رجب الحنبلي (ت: 795هـ): (
(1)وخَرَّجَهُ
التِّرمِذيُّ، وابنُ ماجهْ، وابنُ حِبَّانَ في (صحيحِهِ) بمعناهُ، وقالَ
التِّرمذيُّ: حسَنٌ غريبٌ، وكُلُّهم خَرَّجَهُ مِن روايَةِ عمرِو بنِ قَيسٍ
الكِنديِّ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ بُسرٍ.
وخَرَّجَ
ابنُ حِبَّانَ في (صحيحِهِ) وغيرُه مِن حديثِ مُعاذِ بنِ جَبَلٍ، قالَ:
آخِرُ ما فَارَقْتُ عَلَيْهِ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ قُلتُ لَهُ: أَيُّ الأَعْمالِ خَيْرٌ وَأَقْرَبُ إِلَى
اللَّهِ؟ قالَ: ((أَنْ تَمُوتَ وَلِسانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)).
وقد سَبَقَ في هذا الكتابِ مُفَرَّقًا ذِكْرُ كثيرٍ مِن فضائلِ الذكْرِ، ونَذكرُ ها هنا فَضْلَ إِدامتِهِ، والإكثارِ منه.
قد أَمَرَ اللَّهُ سبحانَهُ المؤمنينَ بأن يَذكُرُوهُ ذِكْرًا كثيرًا، ومَدَحَ مَن ذَكَرَهُ كذلك، قالَ تعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب:41]، وقالَ تعالَى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة:10]، وقالَ تعالَى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:35].
وقالَ تعالَى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}
[آل عمران:191].
وفي
(صحيحِ مسلمٍ) عن أبي هُريرةَ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَرَّ علَى جَبَلٍ يُقالُ لَهُ: جُمْدَانُ، فَقالَ: ((سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ، قَدْ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ)).
قالُوا: وَمَنِ الْمُفَرِّدُونَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: ((الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ)). وروَى موسَى
بنُ عُبيدةَ، عن أبي عبدِ اللَّهِ القَرَّاظِ، عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ قالَ:
(بينَما نَحْنُ مَعَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَسيرُ بِالدَّفِّ مِنْ جُمْدانَ إِذ استَنْبَهَ، فقالَ: ((يَا مُعَاذُ، أَيْنَ السَّابِقُونَ؟)) فَقُلتُ: قَدْ مَضَوا، وَتَخلَّفَ نَاسٌ، فَقالَ: ((يَا مُعَاذُ، إِنَّ السَّابِقِينَ الَّذِينَ يُسْتَهتَرُونَ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ))) خَرَّجَهُ جَعفرٌ الفِرْيابيُّ. قالَ (والمرادُ بالْمُفَرِّدِينَ علَى هذه الروايَةِ: مَن انْفرَدَ بالعُمْرِ عن الْقَرنِ الذي كان فيهِ.
وخَرَّجَهُ الإِمامُ أحمدُ، ولَفْظُهُ:
((سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ)) قالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ؟ قالَ: ((الَّذِينَ يُهْتَرُونَ في ذِكْرِ اللَّهِ)).
وخَرَّجَهُ التِّرمِذيُّ، وعندَهُ: قالُوا: يا رسولَ اللَّهِ، وَمَا الْمُفَرِّدُونَ؟ قالَ: ((الْمُسْتَهْتَرُونَ في ذِكْرِ اللَّهِ، يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُم أَثْقالَهُمْ، فَيَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِفَافًا)).
ومِن
هذا السِّياقِ يَظهرُ وَجهُ ذِكْرِ السابقينَ في هذا الحديثِ، فإنه لَمَّا
سَبَقَ الرَّكْبُ، وتَخَلَّفَ بعضُهم، نَبَّهَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَى أنَّ السابقينَ علَى الحقيقةِ هم الذين يُدِيمُونَ
ذِكْرَ اللَّهِ، ويُولَعُونَ به؛ فإنَّ الاستهتارَ بالشيءِ: هو الوُلوعُ
به والشَّغَفُ، حتَّى لا يَكادَ يُفارِقُ ذِكْرَهُ.
وهذا علَى روايَةِ مَن رواهُ: ((الْمُسْتَهْتَرُونَ)).
ورواهُ بعضُهم، فقالَ فيهِ: ((الَّذِينَ أُهْتِرُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ)).
وفَسَّرَ ابنُ قُتيبةَ (الْهَترَ) بالسَّقْطِ في الكلامِ، كما في الحديثِ: ((الْمُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ يَتَكَاذَبَانِ وَيَتَهَاتَرَانِ)).
قالَ: (والمرادُ مِن هذا الحديثِ مَن عُمِّرَ وَخَرِفَ في ذِكْرِ اللَّهِ وطاعتِهِ).
وبهذا الإسنادِ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ:
((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْتَعَ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ، فَلْيُكْثِرْ ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ)).وخرَّجَ الإمامُ أحمدُ
والنَّسائيُّ، وابنُ حِبَّانَ في (صحيحِهِ)، مِن حديثِ أبي سعيدٍ
الْخُدريِّ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:((اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ))، قيلَ: وَمَا هُنَّ يَا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: ((التَّكْبِيرُ، وَالتَّسْبِيحُ، وَالتَّهْلِيلُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ)).
وفي (المسنَدِ) و(صحيحِ ابنِ حِبَّانَ) عن أبي سعيدٍ الخدريِّ أيضًا، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ حَتَّى يَقُولُوا: مَجْنُونٌ)).
وروَى أبو نُعَيْمٍ في (الْحِلْيَةِ) مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ مَرفوعًا: ((اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ: إِنَّكُمْ تُرَاءُونَ)).
وخَرَّجَ
الإِمامُ أحمدُ، والتِّرمذيُّ، مِن حديثِ أبي سعيدٍ، عن النبيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سُئِلَ: أَيُّ العِبادِ أَفْضَلُ دَرَجَةً
عِندَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قالَ: ((الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا))، قيلَ: يا رسولَ اللَّهِ، وَمِنَ الغازِي في سَبِيلِ اللَّهِ؟ قالَ: ((لَوْ
ضَرَبَ بِسَيْفِهِ فِي الْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ حَتَّى يَنْكَسِرَ
وَيَتَخَضَّبَ دَمًا، لَكَانَ الذَّاكِرُونَ لِلَّهِ أَفْضَلَ مِنْهُ
دَرَجَةً)).
وخَرَّجَ الإِمامُ أحمدُ، مِن حديثِ سهلِ
بنِ مُعاذٍ، عن أبيهِ، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أَنَّ رَجُلاً سَأَلَهُ فَقالَ: (أَيُّ الجِهَادِ أَعْظَمُ أَجْرًا يَا
رَسولَ اللَّهِ؟) قالَ ((أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا))
قالَ: (فَأَيُّ الصَّائِمينَ أَعْظَمُ؟)
قالَ: ((أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا)).
ثم ذَكَرَ لنا الصَّلاةَ وَالزَّكاةَ وَالْحَجَّ وَالصَّدَقَةَ، كُلٌّ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: ((أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا)).
فقالَ أبو بكرٍ: (يا أبا حَفْصٍ، ذَهَبَ الذَّاكِرونَ بِكُلِّ خَيْرٍ).
فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَجَلْ)).
وقد خَرَّجَهُ ابنُ المبارَكِ، وابنُ أبي الدنيا مِن وُجوهٍ أُخَرَ مُرْسَلَةٍ بمعناهُ.
وفي
(صحيحِ مُسلمٍ)، عن عائشةَ قالَتْ: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيانِهِ).
وقالَ
أبو الدرداءِ: (الَّذين لا تَزالُ أَلْسِنَتُهُمْ رَطْبَةً مِن ذِكْرِ
اللَّهِ، يَدْخُلُ أحدُهم الْجَنَّةَ وهو يَضحكُ، وقيلَ له: إنَّ رَجلاً
أَعْتَقَ مِائةَ نَسَمَةٍ، فقالَ: إنَّ مِائةَ نَسمةٍ مِن مالِ رجلٍ كثيرٌ،
وأَفْضَلُ مِن ذلك إيمانٌ مَلزومٌ بالليلِ والنَّهارِ، وأنْ لا يَزالَ
لسانُ أحدِكم رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ).
وقالَ
مُعاذٌ: (لأََنْ أَذكرَ اللَّهَ مِن بُكرةٍ إلَى الليلِ أَحَبُّ إليَّ مِن
أن أَحْمِلَ علَى جِيادِ الخيلِ في سبيلِ اللَّهِ مِن بُكرةٍ إلَى
الليلِ).
وقالَ ابنُ مسعودٍ في قولِهِ تعالَى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران:102]
قالَ:
(أن يُطاعَ فلا يُعْصَى، ويُذْكَرَ فلا يُنْسَى، ويُشْكَرَ فلا يُكْفَرَ)
وخَرَّجَهُ الحاكمُ مَرفوعًا وصَحَّحَهُ، والمشهورُ وَقْفُهُ.
وقالَ
زيدُ بنُ أَسْلَمَ: (قالَ موسَى عليهِ السَّلامُ: يا ربِّ، قد أَنْعَمْتَ
عليَّ كَثيرًا، فدُلَّنِي علَى أنْ أَشكُرَكَ كثيرًا، قالَ: اذْكُرْنِي
كثيرًا، فإذا ذَكَرْتَنِي كثيرًا فقد شَكَرْتَنِي، وإذا نَسِيتَنِي فقد
كَفَرْتَنِي).
وقالَ الحسَنُ: (أَحَبُّ عِبَادِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ أَكثرُهم له ذِكْرًا، وأَتقاهُم قَلْبًا).
وقالَ أحمدُ بنُ أبي الْحَوَارِيِّ: حَدَّثَنِي أبو الْمُخارِقِ، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَرَرْتُ
لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِرَجُلٍ مُغَيَّبٍ فِي نُورِ الْعَرْشِ، فَقُلْتُ:
مَنْ هَذا، مَلَكٌ؟ قيلَ: لا، قُلتُ: نَبِيٌّ؟ قِيلَ: لا، قُلْتُ: مَنْ
هُوَ؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ كَانَ لِسَانُهُ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ،
وَقَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ، وَلَمْ يَسْتَسِبَّ لِوالِدَيْهِ
قَطُّ)).
وقالَ ابنُ مسعودٍ: (قالَ موسَى عليهِ السَّلامُ: رَبِّ، أيُّ الأعمالِ أَحَبُّ إليك أنْ أعملَ به؟ قالَ: تَذْكُرُني فلا تَنسانِي).
قالَ فتحٌ الْمَوْصِلِيُّ: (الْمُحِبُّ لِلَّهِ لا يَغفُلُ عن ذِكْرِ اللَّهِ طَرْفَةَ عينٍ).
قالَ ذو النونِ: (مَن اشْتَغَلَ قَلبُهُ ولِسانُهُ بالذِّكْرِ، قَذَفَ اللَّهُ في قَلبِهِ نُورَ الاشتياقِ إليهِ).
قالَ
إبراهيمُ بنُ الْجُنَيْدِ: (كان يُقالُ: مِن عَلامةِ الْمُحِبِّ لِلَّهِ
دوامُ الذكْرِ بالقلبِ واللسانِ، وقَلَّما وَلِعَ المرءُ بذِكْرِ اللَّهِ
عزَّ وجلَّ إلا أَفادَ منه حُبَّ اللَّهِ).
وكان بعضُ السلَفِ يَقولُ في مُناجاتِهِ: (إذا سَئِمَ البَطَّالونَ مِن بَطالَتِهم، فلن يَسأمَ مُحِبُّوكَ مِن مُناجاتِك وذِكْرِك).
قالَ
أبو جَعفرٍ الْمُحَوَّلِيُّ: (وَلِيُّ اللَّهِ الْمُحِبُّ لِلَّهِ لا
يَخلُو قلبُهُ مِن ذِكْرِ رَبِّهِ، ولا يَسأمُ مِن خِدْمَتِهِ).
وقد ذَكَرْنا قولَ عائشةَ:
(كان النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذكرُ اللَّهَ علَى كلِّ
أَحيانِهِ) والمعنَى: في حالِ قِيامِهِ، ومَشيهِ، وقُعودِهِ،
واضْطِجاعِهِ، وسواءٌ كان علَى طَهارةٍ أو علَى حَدَثٍ.
وقالَ
مِسْعَرٌ: (كانتْ دَوَابُّ البحرِ في البحرِ تَسْكُنُ، ويوسفُ عليهِ
السلامُ في السِّجْنِ لا يَسْكُنُ عن ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ).
وكان لأبي هُريرةَ خَيْطٌ فيهِ أَلْفَا عُقدةٍ، فلا يَنامُ حتَّى يُسَبِّحَ به.
وكان
خالدُ بنُ مَعدانَ يُسبِّحُ كلَّ يومٍ أربعينَ ألفَ تَسبيحةٍ سِوَى ما
يَقرأُ مِن القرآنِ، فلَمَّا ماتَ وُضِعَ علَى سريرِهِ ليُغَسَّلَ، فجَعَلَ
يُشيرُ بإِصْبَعِهِ يُحَرِّكُها بالتسبيحِ.
وقيلَ
لعُمَيْرِ بنِ هانئٍ: ما نَرَى لسانَك يَفْتُرُ، فكم تُسبِّحُ كلَّ يومٍ؟
قالَ: (مائةَ ألفِ تَسبيحةٍ، إلا أن تُخطئَ الأصابعُ) يعني أنه يَعُدُّ ذلك
بأصابِعِهِ.
وقالَ
عبدُ العزيزِ بنُ أبي رَوَّادٍ: (كانت عندَنا امرأةٌ بمكَّةَ تُسبِّحُ
كلَّ يومٍ اثنيْ عشرَ ألفَ تسبيحةٍ، فماتتْ، فلمَّا بلغَت القبرَ،
اختُلِسَتْ مِن بينِ أَيْدِي الرجالِ).
كان
الحسنُ البصريُّ كثيرًا ما يقولُ إذا لم يُحْدِثْ، ولم يكنْ له شُغْلٌ:
(سبحانَ اللَّهِ العظيمِ)، فذُكرَ ذلك لبعضِ فُقهاءِ مكَّةَ، فقالَ: (إنَّ
صاحبَكم لَفقيهٌ، ما قالَها أحدٌ سبعَ مرَّاتٍ إلا بُنِيَ له بَيتٌ في
الجنةِ).
وكان عامَّةُ كلامِ ابنِ سيرينَ: (سُبحانَ اللَّهِ العظيمِ، سُبحانَ اللَّهِ وبحمدِهِ).
كان المغيرةُ بنُ حَكيمٍ الصنعانيُّ إذا هَدَأَت العيونُ، نَزَلَ إلَى البحرِ، وقامَ في الماءِ يَذكُرُ اللَّهَ مع دوابِّ البحرِ.
نام
بعضُهم عندَ إبراهيمَ بنِ أدهمَ قالَ: (فكنتُ كلَّما استيقظتُ مِن الليلِ،
وَجَدْتُهُ يَذكرُ اللَّهَ، فأغتمُّ، ثم أُعزِّي نفسي بهذه الآيَةِ: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ} [المائدة:54]).
المحبُّ
اسمُ محبوبِهِ لا يَغيبُ عن قلبِهِ، فلو كُلِّفَ أن يَنْسَى تَذَكُّرَهُ
لَمَا قَدَرَ، ولو كُلِّفَ أن يَكُفَّ عن ذكرِهِ بلسانِهِ لَمَا صَبَرَ.
كان بلالٌ
كلَّما عذَّبَهُ المشرِكونَ في الرَّمْضاءِ علَى التوحيدِ يقولُ: (أحدٌ
أحدٌ)، فإذا قالُوا له: (قل: اللاتُ والعُزَّى)، قالَ: (لا أُحْسِنُهُ).
يـُرادُ
مِنَ القَلبِ نِسيانُكُم وتَأْبَى الطِّباعُ علَى النَّاقِلِ كلَّما
قَوِيَت الْمَعْرِفةُ، صارَ الذكرُ يَجْرِي علَى لسانِ الذاكرِ مِن غيرِ
كُلْفَةٍ، حتَّى كان بعضُهم يَجْرِي علَى لسانِهِ في مَنامِهِ: اللَّهُ
اللَّهُ، ولهذا يُلْهَمُ أهلُ الجنةِ التَّسبيحَ، كما يُلْهَمونَ
النَّفَسَ، وتَصيرُ (لا إلهَ إلا اللَّهُ) لهم، كالماءِ الباردِ لأهلِ
الدنيا.
كان الثوريُّ يُنْشِدُ:
وداعٍ دعا إذ نَحْنُ بالْخَيْفِ مِن مِنًى.... فهـَيَّجَ أشجانَ الفـُؤادِ وما يـَدرِي
دَعـابِاسم لـَيلـَى غـَيرَها فكأنَّما .... أَطارَ بِليلَى طائرًا كان في صَدْرِي
النبْضُ يَنزَعِجُ عندَ ذكرِ المحبوبِ:
إذا ذُكِر المحبوبُ عندَ حبيبِهِ ..... تـَرنَّحَ نــَشوانٌ وحـَنَّ طرُوبُ
ذِكْرُ الْمُحبِّينَ علَى خِلافِ ذِكْرِ الغافلينَ:
{إِنَّمَا الْمُؤمِنونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال:2].
وإنـي لـَتـَعـْروني لِذكْرَاكِ هِزَّةٌ .....كَما انتفضَ العُصفورُ بَلَّلهُ القَطْرُ
أحدُ السبعةِ الذين يُظِلُّهم اللَّهُ في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ:
((رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْناهُ)).
قالَ أبو الْجَلَدِ: (أوحَى اللَّهُ عزَّ وجلَّ إلَى موسَى عليهِ السلامُ: إذا ذَكَرْتَني فاذْكُرْني وأنت تَنتفِضُ أعضاؤُك، وكُنْ عندَ ذِكْرِي خاشعًا مُطْمَئنًّا، وإذا ذَكَرْتَني، فاجعلْ لِسانَك مِن وراءِ قلبِك).
وَصَفَ
عليٌّ يومًا الصحابةَ، فقالَ: (كانوا إذا ذَكَرُوا اللَّهَ مَادُوا كما
يَميدُ الشجرُ في اليومِ الشديدِ الريحِ، وجَرَتْ دُموعُهم علَى ثيابِهم).
قالَ
زُهيرٌ البابيُّ: (إنَّ لِلَّهِ عِبادًا ذَكَرُوهُ، فخَرَجَت نفوسُهم
إعظامًا واشتياقًا، وقومٌ ذَكَروهُ، فوَجِلَتْ قلوبُهم فَرَقًا وهَيْبَةً،
فلو حُرِّقُوا بالنَّارِ، لم يَجِدُوا مَسَّ النارِ، وآخَرونَ ذَكَرُوهُ في
الشتاءِ وبَرْدِهِ، فارْفَضُّوا عَرَقًا مِن خَوْفِهِ، وقومٌ ذَكَرُوهُ،
فحالتْ ألوانُهم غبرًا، وقومٌ ذَكَروهُ، فجفَّتْ أعينُهم سَهَرًا).
صلَّى
أبو يزيدَ الظهْرَ فلَمَّا أراد أن يُكبِّرَ، لم يَقْدِرْ إجلالاً لاسمِ
اللَّهِ، وارْتَعَدَتْ فرائصُهُ حتَّى سُمِعَتْ قعقعةُ عِظامِهِ.
كان
أبو حَفصٍ النَّيسابوريُّ إذا ذَكَرَ اللَّهَ تَغيَّرتْ عليهِ حالُهُ حتَّى
يرَى ذلك جميعُ مَن عندَهُ، وكان يقولُ: (ما أَظُنُّ مُحِقًّا يَذكرُ
اللَّهَ عن غيرِ غَفلةٍ، ثم يَبقَى حَيًّا إلا الأنبياءَ، فإنَّهم
أُيِّدُوا بقوَّةِ النبوَّةِ وخواصَّ الأولياءِ بقوَّةِ وَلايتِهم).
إذا سمِعَتْ باسمِ الحَبيبِ تَقعقعتْ ...... مـَفاصـِلـُها مـِنْ هـَوْلِ مـا تَتذَكَّرُ
وَقَفَ أبو
يزيدَ ليلةً إلَى الصباحِ يَجتهدُ أن يقولَ: (لا إلهَ إلا اللَّهُ)، فما
قَدَرَ إجلالاً وهَيْبَةً، فلما كان عندَ الصباحِ نَزَلَ، فبالَ الدَّمَ.
ومـا ذَكـَرْتـُكــُمُ إلـَّا نـَسِيتُكـُمُ..... نِسيانَ إجلالٍ لا نِسيانَ إِهمالِ
إِذَاتــَذكــَّرتُ مـَنْ أنـتُم وكيف .... أَنا أجْلَلْتُ مِثلَكُم يَخطُرْ علَى بالي
الذكْرُ لذَّةُ قلوبِ العارفينَ قالَ عزَّ وجلَّ:
{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
قالَ مالكُ بنُ دينارٍ: (ما تَلذَّذَ الْمُتَلذِّذوُنَ بمِثْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ).
وفي بعضِ الكتُبِ السالفةِ: (يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: مَعشرَ الصِّدِّيقينَ، بي فافْرَحُوا، وبِذِكْرِي فتَنَعَّموا).
وفي أَثَرٍ آخرَ سَبَق ذِكْرُهُ: (ويُنِيبونَ إلَى الذِّكْرِ كما تُنيبُ النُّسورُ إلَى وُكُورِها).
وعن
ابنِ عمرَ قالَ: (أَخْبَرَنِي أهلُ الكتابِ أنَّ هذه الأمَّةَ تُحِبُّ
الذِّكْرَ كما تُحبُّ الحمامةُ وَكْرَها، وَلَهُمْ أسرعُ إلَى ذكرِ اللَّهِ
مِنَ الإِبل إلَى وِرْدِها يومَ ظَمَئِها، قلوبُ المحبينَ لا تَطمئنُّ إلا
بذكْرِهِ، وأرواحُ المشتاقينَ لا تَسكُنُ إلا برؤيتِهِ).
قالَ ذو النونِ: (ما طابتِ الدُّنيا إلا بذِكْرِهِ، ولا طابتِ الآخرةُ إلا بِعَفْوِهِ، ولا طابتِ الجنةُ إلا برؤيتِهِ):
أبدًا نُفوسُ الطَّالبينَ إلى طلُولِكمُ تَحِنُّ... وكَذَا القُلُوبُ بذكرِكُم بَعْدَ المَخافةِ تَطمئنُّ
جُنَّتْ بحُبِّكُمُ ومَنْ يَهوَى الحَبيبَ ولا يُجَنُّ؟ .... بِحياتِكُميا سادتي جُودُوا بِوَصْلِكُمُ ومُنُّوا
قد سَبَقَ حديثُ: ((اذْكُرُوا اللَّهَ حَتَّى يَقُولُوا: مَجْنُونٌ))
ولبعضِهم: (لقد أكثرتُ من ذِكراكَ حَتَّى قِيلَ وَسْوَاسُ).
كان
أبو مسلمٍ الخولانيُّ كثيرَ الذِّكرِ، فرآه بعضُ الناسِ فأنْكَرَ حالَهُ،
فقالَ لأصحابِهِ: (أمجنونٌ صاحبُكم؟ فسمِعَهُ أبو مسلمٍ، فقالَ: لا يا أخي،
ولكن هذا دواءُ الْجُنونِ).
وحُرمـَةِ الـودِّ ما لي مـِنكُمُ عِوَضُ ..... ولَيسَ لي في سِواكُم سَادتِي غَرَضُ
وقَدْ شَرَطْتُ علَى قومٍ صَحِبْتُهُمُ ..... بأنَّ قلبـيلَكُمْ مِن دونـِهم فَرَضُوا
ومِنْ حديثي بكُم قالُوا: به مَرَضُ ..... فـقـُلـْتُ:لا زالَ عني ذلك المَرَضُ
الْمُحِبُّونَ يَستوحشونَ مِن كلِّ شاغلٍ يَشغَلُ عن الذكْرِ، فلا شيءَ أحبُّ إليهم مِن الْخَلْوَةِ بحَبِيبِهم.
قالَ
عيسَى عليهِ السَّلامُ: (يا معشرَ الحوارِيِّينَ، كَلِّموا اللَّهَ كثيرًا،
وكَلِّمُوا الناسَ قليلاً، قالُوا: كيف نُكلَّمُ اللَّهَ كثيرًا؟ قالَ:
اخْلُوا بمناجاتِهِ، اخْلُوا بدُعائِهِ).
وكان
بعضُ السلَفِ يُصلِّي كلَّ يومٍ ألفَ ركعةٍ حتَّى أُقْعِدَ مِن رِجليهِ،
فكان يُصَلِّي جالسًا ألفَ ركعةٍ، فإذا صَلَّى العصرَ احْتَبَى واستقْبَلَ
القِبلةَ، ويقولُ: عَجِبْتُ للخليقةِ كيف أنِسَتْ بسواكَ، بل عَجِبْتُ
للخَليقةِ كيف استنارَتْ قلوبُها بذِكْرِ سِواكَ.
وكان بعضُهم يَصومُ الدَّهرَ، فإذا كان وقتُ الفُطورِ، قالَ: (أُحِسُّ نفسي تَخرُجُ لاشتغالِي عن الذكرِ بالأكلِ).
قيلَ لمحمدِ بنِ النضرِ: (أمَا تَستوحِشُ وَحْدَك؟) قالَ: (كيف أَستوحِشُ وهو يقولُ: أنا جليسُ مَن ذَكَرَني؟).
كَتَمْتُ اسمَ الحبيبِ مِن العبادِ ورَدَّدْتُ .... الصَّبابــةَ فـي فـُؤادِي
فـَواشـَوقـًا إلـَى بَلدٍ خَلِيٍّ ..... لعلِّي باسمِ مـَنْ أهـوَى أُنـَادي
فإذا
قَوِيَ حالُ المحبِّ ومعرِفتُهُ، لم يَشغَلْهُ عن الذكرِ بالقلبِ واللسانِ
شاغلٌ، فهو بَينَ الخلْقِ بجِسمِهِ، وقلبُهُ مُعَلَّقٌ بالْمَحَلِّ
الأعلَى.
كما قالَ عليٌّ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ في وَصْفِهم: (صَحِبُوا الدُّنيا بأجسادٍ، أرواحُها مُعَلَّقَة بالْمَحَلِّ الأعلَى).
جِسْمِي معي غيرَ أنَّ الروحَ عندَكمُ .... فالجِسمُ في غُرْبَةٍ والـرُّوحُ فـي وَطَنِ
وقالَ غيرُهُ:
ولقَد جَعـَلـْتـُكَ في الفؤادِ مُحدِّثي ..... وأَبـَحـْتُ جِسْمِي مَن أرادَ جُلوسِي
فـالجـِسمُ مِنِّي للجـَليسِ مُؤَانِسٌ ...... وحـَبيبُ قلبـي في الفؤادِ أَنيـسِي
وهذه كانت حالةَ الرُّسُلِ والصدِّيقينَ، قالَ تعالَى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الأنفال: 45].
وفي (التِّرمذيِّ) مَرفوعًا: ((يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ عَبْدِي كُلَّ عَبْدِي الَّذِي يَذْكُرُنِي وَهُوَ مُلاقٍ قِرْنَهُ)).
وقالَ تعالَى: {فَإِذَا قَضَيتُمُ الصَّلاةَ فاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء:103]، يعني: الصلاةَ في حالِ الخوفِ، ولهذا قالَ: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}[النساء:103].
وقالَ تعالَى في ذِكْرِ صلاةِ الجمعةِ: {فَإِذَا
قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ
اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة:10]، فأَمَرَ بالجمعِ بينَ الابتغاءِ مِن فَضْلِهِ، وكَثرةِ ذِكْرِهِ.
ولهذا
وَرَدَ فضلُ الذكْرِ في الأسواقِ ومَواطنِ الغَفلةِ كما في (المسنَدِ)،
و(التِّرمذيِّ)، و(سُننِ ابنِ ماجَهْ) عن عمرَ مَرفوعًا: ((مَنْ
دَخَلَ سُوقًا يُصَاحُ فِيهَا وَيُبَاعُ، فَقالَ: لا إِلَهَ إِلَّّا
اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ،
يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ،
وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ
دَرَجَةٍ)).
وفي حديثٍ آخَرَ:
((ذَاكِرُ
اللَّهِ فِي الْغَافِلِينَ كَمَثَلِ الْمُقَاتِلِ عَنِ الْفَارِّينَ،
وَذَاكِرُ اللَّهِ فِي الْغَافِلِينَ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ فِي
وَسَطِ شَجَرٍ يَابِسٍ)).
قالَ أبو
عُبيدةَ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ: (ما دامَ قلبُ الرجُلِ يَذكُرُ
اللَّهَ، فهو في صلاةٍ، وإنْ كان في السوقِ، وإنْ حَرَّكَ به شَفَتَيْهِ
فهو أَفضلُ).
وكان بعضُ السلَفِ يَقْصِدُ السُّوقَ ليَذكرَ اللَّهَ فيها بينَ أهلِ الغَفلةِ.
والتقَى
رَجلانِ منْهم في السوقِ، فقالَ أحدُهما لصاحبِهِ: (تعالَ حتَّى نَذْكُرَ
اللَّهَ في غَفْلةِ الناسِ، فخَلَوَا في مَوضعٍ، فذَكرَا اللَّهَ، ثم
تَفَرَّقَا، ثم ماتَ أحدُهما، فلَقِيَهُ الآخَرُ في مَنامِهِ، فقالَ له:
أَشَعَرْتَ أنَّ اللَّهَ غَفَرَ لنا عَشِيَّةَ الْتَقَيْنَا في السُّوقِ).
فَصْلٌ
والنافلةُ: الزِّيادةُ، فيكونُ ذلك زيادةً علَى الصلواتِ الخمسِ، وهو نوعانِ:
أحدُهما: ما هو مِن جِنسِ الصلاةِ، فشَرَعَ لهم أن يُصَلُّوا مع الصَّلواتِ الخمسِ قَبْلَها، أو بعدَها، أو قَبلَها وبعدَها سُنَنًا، فتكونُ زيادةً علَى الفريضةِ، فإن كان في الفريضةِ نَقْصٌ، جُبِرَ نقْصُها بهذه النوافلِ، وإلا كانت النوافلُ زِيادةً علَى الفرائضِ.
وقولِهِ: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم:17].
وقولِهِ: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} [غافر:55].
وقولِهِ: {وَاذْكُر
رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ
الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف:205].
وقولِهِ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه:130].
وقولِه: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق:39].
وأفضلُ ما فُعِلَ في هذين الوقتينِ مِن الذكْرِ: صلاةُ الفجرِ وصلاةُ العصرِ، وهما أفضلُ الصلواتِ.
ثم
إذا قامَ إلَى الوُضوءِ والتهَجُّدِ، أتَى بذلك كلِّهِ علَى ما وَرَدَ عن
النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويَختِمُ تَهَجُّدَهُ
بالاستغفارِ في السَّحَرِ، كما مَدَحَ اللَّهُ الْمُستغفرينَ بالأسحارِ،
وإذا طَلَعَ الفجرُ صلَّى رَكْعَتَيِ الفجرِ، ثمَّ صلَّى الفجرَ، ويَشتغلُ
بعدَ صلاةِ الفجرِ بالذِّكْرِ المأثورِ إلَى أن تَطْلُعَ الشمسُ علَى ما
تَقَدَّم ذِكْرُهُ، فمَن كان حالُهُ علَى ما ذَكَرْنا، لم يَزَلْ لسانُهُ
رَطْبًا بذكرِ اللَّهِ، فيَستصحبُ الذكْرَ في يَقظتِهِ حتَّى يَنامَ عليهِ،
ثم يَبدأُ به عندَ استيقاظِهِ، وذلك مِن دَلائلِ صِدْقِ الْمَحَبَّةِ، كما
قالَ بعضُهم:
وآخِرُ شيءٍ أنتَ في كلِّ هَجْعَةٍ .... وأوَّلُ شـيءٍ أنتَ وقتَ هُبُوبِي
وأوَّلُ
ما يَفعلُهُ الإنسانُ في آناءِ الليلِ والنهارِ مِن مَصالِحِ دِينِهِ
ودُنياهُ، فعامَّةُ ذلك يُشْرَعُ ذِكْرُ اسمِ اللَّهِ عليهِ، فيُشرَعُ له
ذكرُ اسمِ اللَّهِ وحَمْدُهُ علَى: أَكْلِهِ، وشُرْبِهِ، ولِباسِهِ،
وجِماعِهِ لأهلِهِ، ودُخولِهِ مَنْزِلَهُ، وخُروجِهِ منه، ودُخولِهِ
الْخَلاءَ، وخُروجِهِ منه، ورُكوبِهِ دابَّتَهُ، ويُسمِّي علَى ما
يَذْبَحُهُ مِن نُسُكٍ وغيرِهِ.
ويُشْرَعُ
له حَمْدُ اللَّهِ تعالَى علَى: عُطاسِهِ، وعندَ رؤيَةِ أهلِ البلاءِ في
الدِّينِ أو الدُّنيا، وعندَ التقاءِ الإخوانِ، وسؤالِ بعضِهم بعضًا عن
حالِهِ، وعندَ تَجَدُّدِ ما يُحِبُّهُ الإنسانُ مِن النِّعَمِ، واندفاعِ ما
يَكرهُهُ مِن النِّقَمِ، وأَكْمَلُ مِنْ ذلك أن يَحْمَدَ اللَّهَ علَى
السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ، والشِّدَّةِ والرَّخاءِ، ويَحْمَدَهُ علَى كلِّ
حالٍ.
ويُشْرَعُ له دُعاءُ اللَّهِ تعالَى:
ويُشْرَعُ أيضًا ذِكْرُ اللَّهِ ودُعاؤهُ:
عندَ نُزولِ الكَرْبِ وحُدوثِ الْمَصائبِ الدُّنيويَّةِ، وعندَ الخروجِ للسفرِ، وعندَ نُزولِ الْمَنازِلِ في السَفَرِ، وعندَ الرجوعِ مِن السفَرِ.ويُشْرَعُ التعوُّذُ بِاللَّهِ:
عندَ الغضبِ، وعندَ رؤيَةِ ما يَكْرَهُ في مَنامِهِ، وعندَ سَمَاعِ أصواتِ الكلابِ والْحَميرِ بالليلِ.وتُشْرَعُ استخارةُ اللَّهِ عندَ العَزْمِ علَى ما لا يَظهرُ الْخِيَرَةُ فيهِ.
وتَجِبُ التَّوبةُ إلَى اللَّهِ والاستغفارُ مِن الذنوبِ كلِّها صَغيرِها وكبيرِها، كما قالَ تعالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُم ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران:135]، فمَن حافظَ علَى ذلك لم يَزَلْ لسانُهُ رَطْبًا بِذِكْرِ اللَّهِ في كلِّ أحوالِهِ.
فَصْلٌ: قد
ذَكَرْنا في أوَّلِ الكتابِ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بُعِثَ بجوامِعِ الكَلِمِ، فكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُعجِبُهُ جَوامِعُ الذكْرِ، ويَختارُهُ علَى غيرِهِ مِن
الذكْرِ، كما في (صحيحِ مسلمٍ)، عن ابنِ عبَّاسٍ، عن جُوَيْرِيَةَ بنتِ
الحارثِ، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ
عِنْدِها بُكرةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِها، ثُمَّ
رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقالَ: ((مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟)) قالَتْ: نَعَم، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَقَدْ
قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا
قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ
عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ
كَلِمَاتِهِ)).
وخَرَّجَهُ النَّسائيُّ، ولفظُهُ: ((سُبْحَانَ
اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ
أَكْبَرُ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ،
وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ)).
وخرَّجَ أبو
دَاوُدَ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ مِن حديثِ سعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ،
أنَّهُ دَخَلَ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَى امرأةٍ
وبَينَ يَدَيْها نَوًى - أو قالَ: حَصًى - تُسبِّحُ به، فقالَ: ((أَلا
أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ هَذا وَأَفْضَلُ؟ سُبْحَانَ اللَّهِ
عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّماءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ
فِي الأَرْضِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ
اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ،
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا
بِاللَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ)).
وخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ
مِن حديثِ صَفِيَّةَ، قالَتْ: (دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ يَدَيَّ أَرْبَعَةُ آلافِ نَواةٍ
أُسَبِّحُ اللَّهَ بِها، فَقُلتُ: لَقَدْ سَبَّحْتُ بِهَذِهِ، فَقالَ: ((أَلا أُعَلِّمُكِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَبَّحْتِ بِهِ؟)) فَقُلتُ: عَلِّمْني، فَقالَ: ((قُولِي: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ))).
وخَرَّجَ
النَّسائيُّ، وابنُ حِبَّانَ في (صحيحِهِ)، مِن حديثِ أبي أُمامةَ، أنَّ
النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ به وهو يُحَرِّكُ
شَفَتَيْهِ، فقالَ: ((مَاذَا تَقُولُ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟)) قالَ: أَذْكُرُ رَبِّي، قالَ: ((أَلا
أُخْبِرُكَ بِأَكْثَرَ وَأَفْضَلَ مِنْ ذِكْرِكَ اللَّيلَ مَعَ
النَّهَارِ، وَالنَّهَارَ مَعَ اللَّيْلِ؟ أَنْ تَقولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ
عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَسُبْحَانَ
اللَّهِ عَدَدَ مَا فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ
مَا فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى
كِتَابُهُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَسُبْحَانَ
اللَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ،
وَتَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ)).
وخَرَّجَ الْبَزَّارُ نحوَهُ مِن حديثِ أبي الدرداءِ.
وخَرَّجَ ابنُ أبي الدنيا بإسنادٍ له، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ لِمُعاذٍ: ((يَا مُعَاذُ، كَمْ تَذْكُرُ رَبَّكَ كُلَّ يَوْمٍ؟ تَذْكُرُهُ كُلَّ يَوْمٍ عَشْرَةَ آلافِ مَرَّةٍ؟)) قالَ: كُلُّ ذَلِكَ أَفْعَلُ، قالَ: ((أَفَلا
أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَاتٍ هُنَّ أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ عَشْرَةِ آلافٍ
وَعَشْرَةِ آلافٍ، أَنْ تَقُولَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ عَدَدَ مَا
أَحْصَاهُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ عَدَدَ كَلِمَاتِهِ، لا إِلَهَ إِلا
اللَّهُ عَدَدَ خَلْقِهِ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ زِنَةَ عَرْشِهِ، لا
إِلَهَ إِلا اللَّهُ مِلْءَ سَمَاوَاتِهِ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مِلْءَ
أَرْضِهِ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مِثْلَ ذَلِكَ مَعَهُ، وَاللَّهُ
أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ مَعَهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ
مَعَهُ)).
ويإسنادِهِ
أنَّ ابنَ مَسعودٍ ذُكِرَ له امرأةٌ تُسَبِّحُ بخيوطٍ مُعَقَّدَةٍ، فقالَ:
ألا أدلُّكِ علَى ما هو خيرٌ لكِ منه؟ (سُبحانَ اللَّهِ مِلءَ الْبَرِّ
والبحرِ، سُبحانَ اللَّهِ مِلءَ السماواتِ والأرضِ، سُبحانَ اللَّهِ عددَ
خَلْقِهِ، ورِضا نفسِهِ، فإذا أنتِ قد ملأتِ البرَّ والبحرَ والسماءَ
والأرضَ).
وبإسنادِهِ
عن الْمُعْتَمِرِ بنِ سُليمانَ التيميِّ قالَ: (كان أبي يُحَدِّثُ خمسةَ
أحاديثَ ثم يقولُ: أَمْهِلُوا، سُبحانَ اللَّهِ والحمدُ لِلَّهِ ولا إلهَ
إلا اللَّهُ، واللَّهُ أكبرُ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ، عددَ ما
خَلَقَ، وعددَ ما هو خالقٌ، وزِنةَ ما خَلقَ، وزِنَةَ ما هو خالقٌ، ومِلءَ
ما خَلَقَ، ومِلءَ ما هو خالقٌ، ومِلءَ سماواتِهِ، ومِلءَ أرضِهِ، ومِثلَ
ذلك، وأَضعافَ ذلك، وعددَ خلقِهِ، وزِنةَ عرشِهِ، ومُنْتَهَى رحمتِهِ،
ومِدادَ كَلماتِهِ، ومَبْلَغَ رِضاهُ حتَّى يَرْضَى وإذا رَضِيَ، وعددَ ما
ذَكَرَهُ به خَلْقُهُ في جميعِ ما مَضَى، وعددَ ما هم ذاكِرُوهُ فيما
بَقِيَ، في كلِّ سَنَةٍ وشهرٍ وجُمعةٍ ويومٍ وليلةٍ وساعةٍ مِن الساعاتِ،
وتَنَسُّمٍ وتَنَفُّسٍ مِن أَبَدٍ إلَى الأَبَدِ أبدَ الدُّنيا والآخِرَةِ،
أَمَدٌ مَن ذلك لا يَنقطِعُ أُولاهُ، ولا يَنْفَدُ أُخْرَاهُ).
وبإسنادِهِ،
عن الْمُعْتَمِرِ بنِ سُليمانَ قالَ: (رأيتُ عبدَ الملِكِ بنِ خالدٍ بعدَ
موتِهِ، فقلتُ: ما صَنَعْتَ؟ قالَ: خيرًا، فقلتُ: تَرْجُو للخَاطِئِ
شَيئًا؟ قالَ: يَلتمسُ عِلْمَ تَسبيحاتِ أبي الْمُعْتَمِرِ، نِعْمَ
الشيءُ).
قالَ
ابنُ أبي الدُّنيا: (وحَدَّثَنِي محمَّدُ بنُ الحسينِ، حَدَّثَنِي بعضُ
البَصرِيِّينَ، أنَّ يُونُسَ بنَ عُبيدٍ رأَى رجلاً فيما يَرَى النَّائمُ
كان قد أُصيبَ ببلادِ الرُّومِ، فقالَ: ما أَفضلُ ما رأيتَ ثَمَّ مِن
الأعمالِ؟ قالَ: رأيتُ تَسبيحاتِ أبي الْمُعْتَمِرِ مِن اللَّهِ بمكانٍ).
وكذلك
كان النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعجِبُهُ مِن الدعاءِ
جوامِعُهُ، ففي (سُننِ أبي داوُدَ) عن عائشةَ، قالَتْ: (كَانَ النَّبيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الجَوامِعُ مِنَ الدُّعاءِ،
وَيَدَعُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ).
وخَرَّجَ الفِرْيَابِيُّ وغيرُهُ، مِن حديثِ عائشةَ أيضًا، أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ لها: ((يَا
عَائِشَةُ، عَلَيْكِ بِجَوامِعِ الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا
لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ
وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ مُحَمَّدٌ عَبْدُكَ
وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ
وَنَبِيُّكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ
إِلَيْها مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا
قَرَّبَ إِلَيْها مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ مَا قَضَيْتَ لِي
مِنْ قَضَاءٍ، أَنْ تَجْعَلَ عَاقِبَتَهُ رُشْدًا))
وخَرَّجَهُ الإمامُ أحمدُ، وابنُ مَاجَهْ، وابنُ حِبَّانَ في
(صحيحِهِ)والحاكمُ، وليس عندَهم ذكْرُ جوامِعِ الدعاءِ، وعندَ الحاكمِ: ((عَلَيْكِ بِالْكَوَامِلِ)) وذَكَرَهُ.
الكشاف التحليلي
حديث عبد الله بن بسر - مرفوعًا-: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عز وجل) تخريج حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه
فضائل الذكرسبب لمحبة الله تعالى
عدة السابقين
شرح حديث: (سبق المفردون)
المراد بالمفردين
لذة قلوب العارفين
الذكر أفضل من مطلق الجهاد
ذكر الله تعالى من دلائل شكر العبد لربه جل وعلا
يعين على الصبر على البلاء
فضل إدامة الذكر والإكثار منه
كثرة الذكر براءة من النفاق
كثرة ذكر الله تعالى علامة حب العبد لربه جل وعلا
معنى الاستهتار بالذكر
الترغيب في كثرة الذكر
الأدلة من القرآن الكريم على الترغيب في كثرة الذكر
الأدلة من السنة النبوية على الترغيب في كثرة الذكر
معنى الباقيات الصالحات
ذكر ما يعين على كثرة الذكر
قوة معرفة الله عز وجل
محبة الله عز وجل
الاتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم
قراءة سير الصالحين
معرفة فضائل الذكر
التخلص من المشاغل
إقامة الصلاة
استشعار ثواب الذاكرين
آداب الذكر
الذكر بخشوع وحضور قلب
إجلال الله تعالى حال الذكر
فضل الذكر حين غفلة الناس
الذكر في جوف الليل
الذكر في الأسواق
الذكر عند ملاقاة العدو
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الذكر
كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه
ذكر بعض أخبار الصالحين في كثرة الذكر
فصل في وظائف الذكر الموظفة في اليوم والليلة النوع الأول: الذكر الواجب كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار جوامع الذكر على غيره
أنواع الذكر
المراد بالذكر الواجب: الصلوات الخمس
النوع الثاني: نافلة الذكر، وهي على نوعين:
النوع الأول: صلاة النافلة
الوتر، وهو آكد النوافل
قيام الليل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم عليه في الحضر والسفر
صلاة الضحى، وفي الترغيب فيها أحاديث صحيحة
النفل المطلق
النوع الثاني: الذكر باللسان، وهو مشروع في جميع الأوقات
يتأكد استحبابه عقيب الصلوات المفروضة، ولا سيما بعد الفجر والعصرالليل
بيان ما يدخل في معنى الذكر
الصلوات المفروضة
صلاة النافلة
تلاوة القرآن الكريم، وتعلمه وتعليمه
المفاضلة بين الذكر المطلق وقراءة القرآن بعد الفجر وبعد العصر
تعلم العلم النافع وتعليمه
أذكار اليوم والليلة
أذكار الصباح والمساء
أذكار النوم
أذكار الأكل والشرب
أذكار اللباس
أذكار الجماع
أذكار دخول المنزل والخروج منه
أذكار دخول الخلاء والخروج منه
ذكر النسك
ذكر العطاس
ما يقوله عند رؤية أهل البلاء
الدعاء عند دخول السوق
الدعاء عند سماع أصوات الديكة بالليل
الدعاء عند سماع الرعد
الدعاء عند نزول المطر
الدعاء عند اشتداد هبوب الرياح
الدعاء عند رؤية الأهلة
الدعاء عند رؤية باكورة الثمار
الدعاء عند الكرب ونزول المصائب
أدعية السفر والحل والقفول
التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، ونحوها من الأذكار المطلقة
الاستغفار والتوبة
فضل الاستغفار بالأسحار
دعاء الاستخارة
ذكر بعض مواضع مشروعية التعوذ
عند الغضب
عند رؤية ما يكره في منامه
عند سماع أصوات الكلاب والحمر بالليل
وجوب التوبة والاستغفار من الذنوب كلها
من حافظ على هذه الأمور لم يزل لسانه رطباً بذكر الله في كل أحواله
النبي صلى الله عليه وسلم بعث بجوامع الكلم
ذكر بعض جوامع الذكر
حديث جويرية مرفوعاً: (لقد قلت بعدك أربع كلمات...)
حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعاً: (ألا أخبرك بما هو أيسر من هذا وأفضل...)
حديث عائشة مرفوعاً: (اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله...)
حديث أبي أمامة مرفوعاً: (اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه نبيك)
حديث أم سلمة مرفوعاً: (اللهم إني أسألك فواتح الخير وخواتمه...)
ذم الاعتداء في الدعاء
معنى الاعتداء في الدعاء
العناصر
حديث عبد الله بن بسر - مرفوعًا-: (لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله عز وجل)
تخريج حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه
فضائل الذكر
فضل إدامة الذكر والإكثار منه
معنى الاستهتار بالذكر
الترغيب في كثرة الذكر
معنى الباقيات الصالحات
ذكر ما يعين على كثرة الذكر
آداب الذكر
فضل الذكر حين غفلة الناس
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الذكر
ذكر بعض أخبار الصالحين في كثرة الذكر
فصل في وظائف الذكر الموظفة في اليوم ولليلة
أنواع الذكر
بيان ما يدخل في معنى الذكر
ذكر بعض مواضع مشروعية التعوذ
وجوب التوبة والاستغفار من الذنوب كلها
من حافظ على هذه الأمور لم يزل لسانه رطباً بذكر الله في كل أحواله
فصل: في الترغيب في جوامع الذكر والدعاء
النبي صلى الله عليه وسلم بعث بجوامع الكلم
كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار جوامع الذكر على غيره
ذكر بعض جوامع الذكر
ذم الاعتداء في الدعاء