الدروس
course cover
زيادات ابن رجب: ح44: حديث عائشة: (الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة) خ م
30 Oct 2008
30 Oct 2008

7477

0

0

course cover
الأربعون النووية

القسم السابع

زيادات ابن رجب: ح44: حديث عائشة: (الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة) خ م
30 Oct 2008
30 Oct 2008

30 Oct 2008

7477

0

0


0

0

0

0

0

زيادات ابن رجب: ح44: حديث عائشة: (الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة) خ م


قال الحافظ عبد الرحمن ابن رجب الحنبلي (ت: 795هـ): (

44- عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ عَنْها , عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قالَ:((الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلاَدَةُ)). خَرَّجَه البُخاريُّ ومُسلمٌ.

عبد العزيز بن داخل المطيري

#2

24 Jul 0008

الكشاف التحليلي


حديث عائشة رضي الله عنها -مرفوعاً-: (الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)
تخريج حديث عائشة
الإجماع على العمل بحديث عائشة
المراد بالتحريم في الحديث: تحريم النكاح
معنى الحديث: كل ما يحرم من النسب فإنه يحرم نظيره من الرضاع
أقسام المحرمات من النسب
القسم الأول: المحرمات على التأبيد، وهن نوعان:
النوع الأول: المحرمات بمجرد النسب
1- الأصول وإن علت
المراد: الأمهات وإن علون، من جهة أبيه، ومن جهة أمه؛ كجداته لأمه، وجداته لأبيه
2- الفروع وإن نزلت
المراد: البنات، وبنات الأولاد، وبنات البنات، وإن نزلن
3- فروع الأصل الأدنى وإن نزلت
المراد: الأخوات من الأبوين أو من أحدهما، وبناتهن، وبنات الإخوة، وبنات أولاد الإخوة، وإن نزلن
4- فروع الأصول البعيدة دون فروعهن
المراد: العمات، والخالات، وعمات الأبوين، وخالاتهما، وإن علون
المراد بقوله: (دون فروعهن): بنات العمات، وبنات الخالات
النوع الثاني: ما يحرم بالنسب مع سبب آخر (وهو المصاهرة)
1- حلائل الآباء وإن علوا
2- حلائل الأبناء وإن نزلوا
3- أمهات الزوجات وإن علون
يدخل في ذلك: أم الزوجة، وجداتها من جهة الأم، وجداتها من جهة الأب
4- بنات الزوجات المدخول بهن
يدخل في ذلك: بنات الزوجة المدخول بها، وبنات بناتها، وبنات أبنائها، وإن نزلن
الربيبة: هي بنت امرأة الرجل من زوج غيره
المرأة كالرجل في النوعين السابقين
القسم الثاني: ما يحرم على الاجتماع دون الانفراد
هذا القسم يختص بالرجال دون النساء، لأن المرأة لا تجمع بين رجلين
الضابط في القسم الثاني : (أن لا يجمع بين امرأتين بينهما نسب محرم ، بحيث لو كانت إحداهما رجلاً حرمت عليه الأخرى)
مسألة: هل يجمع بين زوجة رجل، وابنته من غيرها؟
تفصيل سريان التحريم بالرضاعة
تكون المرضعة أماً للرضيع
1- تحرم عليه مرضعته لأنها أمه من الرضاعة
2- يحرم عليه ما يحرم على أبنائها
يكون صاحب اللبن أباً للرضيع
1- تحرم عليه إن كان الرضيع أنثى
2- يحرم عليه ما يحرم على أبنائه
ينتشر التحريم بالرضاع إلى ما حرم بالنسب مع المصاهرة
المحرمات بالرضاعة مع النسب والمصاهرة
أ- ما يحرم على الرجل:
1- امرأة أبيه من الرضاعة
2- امرأة ابنه من الرضاعة
ب- ما يحرم على المرأة
1- زوج أمها من الرضاعة
2- زوج ابنتها من الرضاعة
ينتشر التحريم بالرضاعة إلى ما حرم جمعه لأجل نسب المرأة
ما يحرم جمعه لأجل الرضاعة مع نسب المرأة
1- الجمع بين أختين من الرضاعة
2- الجمع بين امرأة وعمتها من الرضاعة
3- الجمع بين امرأة وخالتها من الرضاعة
استثنى كثير من الفقهاء مما يحرم في النسب ولا يحرم في الرضاع
مسألتين:
المسألة الأولى: أم الأخت؛ فتَحْرُمُ مِن النَّسَبِ دون الرَّضَاعِ
المسألة الثانية: أُخْتُ الابْنِ، فتَحْرُمُ مِن النَّسَبِ دُونَ الرَّضَاعِ
مسائل في الحديث:
مسألة: امرأة ثاب لها لبن من غير وطء فأرضعت رضيعاً، فهل يعتبر في الحرمة؟
الجواب: تكون أماً له من الرضاعة، وينتشر التحريم من جهتها، وإن لم يكن له أب من الرضاعة
مسألة: امرأة أرضعت رضيعاً من لبن سفاح، فهل يعتبر في الحرمة؟
الجواب: تكون أماً له من الرضاع، ولا يعتبر صاحب اللبن في الحرمة
مسألة: تفسير قوله تعالى: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم)
مسألة: لو قال رجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي من الرضاع، هل يكون ذلك ظهاراً؟
القول الأول: يكون ظهاراً، وهو قول الجمهور
القول الثاني: لا يكون ظهاراً، وهو قول الشافعي

هيئة الإشراف

#3

24 Nov 2008

جامع العلوم والحكم للحافظ: عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي

قال الحافظ عبد الرحمن ابن رجب الحنبلي (ت: 795هـ): (

(1) هذا الحديثُ خَرَّجَاهُ في (الصَّحِيحَيْنِ) منْ روايَةِ عَمْرَةَ عنْ عائشةَ.

وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ أيضًا منْ رِوايَةِ عُرْوَةَ عنْ عائشةَ، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ))

وَخَرَّجَاهُ أيضًا منْ روايَةِ عُرْوَةَ عنْ عائشةَ منْ قَوْلِهَا.

وَخَرَّجَاهُ منْ حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ منْ حديثِ عَلِيٍّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقدْ أَجْمَعَ العلماءُ على العملِ بهذهِ الأحاديثِ في الجُمْلَةِ، وأنَّ الرَّضَاعَ يُحَرِّمُ ما يُحَرِّمُهُ النَّسَبُ.
وَلْنَذْكُر المُحَرَّمَاتِ مِن النَّسبِ كُلَّهُنَّ؛ حَتَّى يُعْلَمَ بذلكَ ما يَحْرُمُ من الرَّضَاعِ، فنقولُ: الولادةُ والنَّسَبُ قدْ يُؤَثِّرَانِ التحريمَ في النِّكَاحِ.
وهوَ على قِسْمَيْنِ:
أحدُهُمَا: تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ على الانفرادِ. وهوَ نَوْعَانِ:


أحدُهُمَا: ما يَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ النَّسَبِ.
فَيَحْرُمُ على الرجلِ أُصُولُهُ وإنْ عَلَوْنَ، وفُرُوعُهُ وإنْ سَفَلْنَ، وَفُرُوعُ أَصْلِهِ الأَدْنَى وإنْ سَفَلْنَ، وفُرُوعُ أُصُولِهِ البعيدةِ دُونَ فُرُوعِهِنَّ.

فَيَدْخُلُ في أُصُولِهِ أُمَّهَاتُهُ وإنْ عَلَوْنَ منْ جِهَةِ أبيهِ وأُمِّهِ، وفي فُرُوعِهِ بَنَاتُهُ وَبَنَاتُ أَوْلادِهِ وإنْ سَفَلْنَ، وفي فُرُوعِ أَصْلِهِ الأَدْنَى أَخَوَاتُهُ من الأَبَوَيْنِ، أوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَبَنَاتُهُنَّ وَبَنَاتُ الإِخوةِ وأوْلادُهُم وإنْ سَفَلْنَ.

وَدَخَلَ في فروعِ أُصُولِهِ البعيدةِ العَمَّاتُ والخالاتُ وَعَمَّاتُ الأَبَوَيْنِ وخالاتُهُمَا وإنْ عَلَوْنَ، فلمْ يَبْقَ من الأقاربِ حَلالاً للرَّجُلِ سِوَى فُرُوعِ أُصُولِهِ البعيدةِ، وهُنَّ بَنَاتُ العَمِّ وَبَنَاتُ العَمَّاتِ، وبناتُ الخالِ وبناتُ الخالاتِ.
والنوعُ الثاني: ما يَحْرُمُ بالنَّسَبِ معَ سَبَبٍ آخَرَ، وهوَ المُصَاهَرَةُ.


فَيَحْرُمُ على الرجلِ حَلائِلُ آبائِهِ، وحلائلُ أبنائِهِ، وأُمَّهَاتُ نِسَائِهِ، وَبَنَاتُ نِسَائِهِ المَدْخُولِ بِهِنَّ، فَيَحْرُمُ على الرجلِ أُمُّ امْرَأَتِهِ وَأُمَّهَاتُهَا منْ جهةِ الأمِّ والأبِ وإنْ عَلَوْنَ، وَيَحْرُمُ عليهِ بَنَاتُ امرأتِهِ، وهُنَّ الرَّبَائِبُ، وَبَنَاتُهُنَّ وَإِنْ سَفَلْنَ، وكذلكَ بَنَاتُ بَنِي زَوْجَتِهِ، وهُنَّ بَنَاتُ الرَّبَائِبِ.
نَصَّ عليهِ الشَّافعيُّ وأحمدُ، ولا يُعْلَمُ فيهِ خِلافٌ.

وَيَحْرُمُ عليهِ أنْ يَتَزَوَّجَ بامْرَأَةِ أَبِيهِ وإنْ عَلا، وَامْرَأَةِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ.

وَدُخُولُ هؤلاءِ في التحريمِ بالنَّسَبِ ظاهرٌ؛ لأنَّ تَحْرِيمَهُنَّ منْ جِهَةِ نَسَبِ الرجلِ معَ سَبَبِ المُصَاهَرَةِ.
وأمَّا أُمَّهَاتُ نِسَائِهِ وَبَنَاتُهُنَّ، فَتَحْرِيمُهُنَّ معَ المُصَاهَرَةِ بسببِ نَسَبِ المرأةِ، فلمْ يَخْرُج التحريمُ بذلكَ عنْ أنْ يكونَ بالنَّسَبِ معَ انضمامِهِ إلى سَبَبِ المصاهرةِ؛ فإنَّ التحريمَ بالنَّسَبِ المُجَرَّدِ والنَّسَبِ المُضَافِ إلى المُصَاهَرَةِ يَشْتَرِكُ فيهِ الرجالُ والنساءُ، فَيَحْرُمُ على المرأةِ أنْ تَتَزَوَّجَ أُصُولَهَا وإنْ عَلَوْا، وَفُرُوعَهَا وإنْ سَفَلُوا، وَفُرُوعَ أَصْلِهَا الأَدْنَى وَإِنْ سَفَلُوا منْ إِخْوَتِهَا، وَأَوْلادَ الإِخوةِ وَإِنْ سَفَلُوا، وفروعَ أُصُولِهَا البَعِيدَةِ، وهُم الأعمامُ والأخوالُ وإنْ عَلَوْا دُونَ أَبْنَائِهِم.


فهذا كُلُّهُ بالنَّسَبِ المُجَرَّدِ.
وأمَّا بالنَّسَبِ المُضَافِ إِلى المُصَاهَرَةِ، فَيَحْرُمُ عليها نِكَاحُ أَبِي زَوْجِهَا وإنْ عَلا، وَنِكَاحُ ابْنِهِ وإنْ سَفَلَ بِمُجَرَّدِ العَقْدِ، وَيَحْرُمُ عليها زَوْجُ ابْنَتِهَا وإنْ سَفَلَتْ بالعَقْدِ، وَزَوْجُ أُمِّهَا وَإِنْ عَلَتْ، لَكِنْ بِشَرْطِ الدُّخُولِ بها.
والقسمُ الثاني: التحريمُ المُؤَبَّدُ على الاجتماعِ دونَ الانفرادِ.
وَتَحْرِيمُهُ يَخْتَصُّ الرِّجَالَ؛ لاستحالةِ إباحةِ جَمْعِ المرأةِ بينَ زوجَيْنِ.
فَكُلُّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا رَحِمٌ مُحَرَّمٌ يَحْرُمُ الجَمْعُ بَيْنَهُمَا، بحيثُ لوْ كانتْ إِحْدَاهُمَا ذَكَرًا لمْ يَجُزْ لهُ التَّزَوُّجُ بالأُخْرَى؛ فإنَّهُ يَحْرُمُ الجمعُ بَيْنَهُمَا بعَقْدِ النِّكَاحِ.

قالَ الشَّعْبِيُّ: كانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولونَ: لا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بينَ امْرَأَتَيْنِ، لوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا رَجُلاً لمْ يَصْلُحْ لهُ أنْ يَتَزَوَّجَهَا، وهذا إذا كانَ التحريمُ لأَجْلِ النَّسَبِ، وبذلكَ فَسَّرَهُ سفيانُ الثَّوْرِيُّ وأكثرُ العلماءِ.

فلوْ كانَ لغيرِ النَّسَبِ، مِثْلُ أنْ يَجْمَعَ بينَ زوجةِ رَجُلٍ وابنتِهِ منْ غَيْرِهَا، فإنَّهُ يُبَاحُ عندَ الأَكْثَرِينَ، وَكَرِهَهُ بَعْضُ السَّلَفِ.
فإذا عُلِمَ ما يَحْرُمُ من النَّسَبِ، فَكُلُّ مَا يَحْرُمُ منهُ فإنَّهُ يَحْرُمُ من الرَّضَاعِ نَظِيرُهُ.
فَيَحْرُمُ على الرجلِ أنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَاتِهِ من الرَّضَاعَةِ وإنْ عَلَوْنَ، وَبَنَاتِهِ من الرضاعةِ وإنْ سَفَلْنَ، وَأَخَوَاتِهِ من الرضاعةِ، وَبَنَاتِ أَخَوَاتِهِ من الرضاعةِ، وَعَمَّاتِهِ وَخَالاتِهِ من الرضاعةِ وإنْ عَلَوْنَ، دُونَ بَنَاتِهِنَّ.
ومَعْنَى هذا أنَّ المرأةَ إذا أَرْضَعَتْ طِفْلاً الرَّضاعَ المُعْتَبَرَ في المُدَّةِ المُعْتَبَرَةِ، صَارَتْ أُمًّا لهُ بنَصِّ كتابِ اللَّهِ، فَتَحْرُمُ عليهِ هِيَ وَأُمَّهَاتُهَا وإنْ عَلَوْنَ منْ نَسَبٍ أوْ رَضَاعٍ، وَتَصِيرُ بَنَاتُهَا كُلُّهُنَّ أخواتٍ لهُ من الرضاعةِ، فَيَحْرُمْنَ عليهِ بنصِّ القرآنِ.
وَبَقِيَّةُ التحريمِ من الرضاعةِ اسْتُفِيدَ مِن السُّنَّةِ، كَمَا اسْتُفِيدَ من السُّنَّةِ أنَّ تَحْرِيمَ الجَمْعِ لا يَخْتَصُّ بالأُخْتَيْنِ، بل المرأةُ وَعَمَّتُهَا، والمرأةُ وَخَالَتُهَا كذلكَ.
وإذا كَانَ أولادُ المُرْضِعَةِ منْ نَسَبٍ أوْ رَضَاعٍ إِخْوَةً لِلْمُرْتَضِعِ فَيَحْرُمُ عليهِ بناتُ إِخْوَتِهِ أَيْضًا.
وقد امْتَنَعَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منْ تَزْوِيجِ ابنةِ حمزةَ وابنةِ أبي سَلَمَةَ، وَعَلَّلَ بأنَّ أَبَوَيْهِمَا كانَا أَخَوَيْنِ لهُ من الرَّضاعةِ.
وَيَحْرُمُ عليهِ أيضًا أخواتُ المُرْضِعَةِ؛ لأنَّهُنَّ خَالاتُهُ.
ويَنْتَشِرُ التحريمُ أيضًا إلى الفَحْلِ صَاحِبِ اللَّبَنِ الذي ارْتَضَعَ منهُ الطِّفْلُ، فَيَصِيرُ صاحبُ اللَّبَنِ أَبًا للطِّفْلِ، وَتَصِيرُ أوْلادُهُ كُلُّهم من المُرْضِعَةِ أوْ منْ غَيْرِهَا، مِنْ نَسَبٍ أوْ رَضَاعٍ، إخوةً لِلمُرْتَضِعِ، وَيَصِيرُ إِخْوَتُهُ أَعْمَامًا للطِّفْلِ المُرْتَضِعِ.
وهذا قولُ جمهورِ العلماءِ من السلفِ، وَأَجْمَعَ عليهِ الأَئِمَّةُ الأربعةُ وَمَنْ بَعْدَهُم.
وقدْ دَلَّ على ذلكَ من السُّنَّةِ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ، أنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عليها بعدَمَا أُنْزِلَ الحِجَابُ.
قالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: (واللَّهِ لا آذَنُ لهُ حتَّى أَسْتَأْذِنَ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإنَّ أَبَا القُعَيْسِ ليْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، ولكنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ).
قالَتْ: (فَلَمَّا دَخَلَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْتُ ذلكَ لهُ) فَقَالَ: ((ائْذَنِي لَهُ؛ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ)).


وكانَ أبو القُعَيْسِ زَوْجَ المرأةِ التي أَرْضَعَتْ عَائِشَةَ.
خَرَّجَاهُ في (الصَّحِيحَيْنِ) بِمَعْنَاهُ.
وَسُئِلَ ابنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ جَارِيَتَانِ، أَرْضَعَتْ إِحْدَاهُمَا جَارِيَةً، والأُخْرَى غُلامًا، أَيَحِلُّ للغُلامِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْجَارِيَةَ؟ فَقَالَ: لا؛ اللِّقَاحُ وَاحِدٌ.
وَلَوْ كَانَ اللَّبَنُ الذِي ارْتَضَعَ بِهِ الطِّفْلُ قَدْ ثَابَ للمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ وَطْءِ فَحْلٍ، بأَنْ تَكُونَ امْرَأَةً لا زَوْجَ لَهَا قَدْ ثَابَ لَهَا لَبَنٌ أوْ هِيَ بِكْرٌ أوْ آيِسَةٌ، فأَكْثَرُ العُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الرَّضَاعُ بِهِ، وتَصِيرُ المُرْضِعَةُ أُمًّا للطِّفْلِ.

وَقَدْ حَكَاهُ ابنُ المُنْذِرِ إِجْمَاعًا عَمَّنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وهوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ومَالِكٍ والشَّافِعِيِّ وإِسْحَاقَ وغَيْرِهِم.
وذَهَبَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي المَشْهُورِ المَنْصُوصِ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ لا يَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ بِهِ بِحَالٍ، حَتَّى يَكُونَ لَهُ فَحْلٌ يَدُرُّ اللَّبَنَ مِنْ رَضَاعِهِ.
وحُكِيَ للشَّافِعِيِّ قَوْلٌ مِثْلُهُ.
وَلَو انْقَطَعَ نَسَبُهُ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ اللَّبَنِ، كوَلَدِ الزِّنَا، فَهْلْ تَنْتَشِرُ الحُرْمَةُ إِلَى الزَّانِي صَاحِبِ اللَّبَنِ؟ هَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ البِنْتَ مِن الزِّنَا هَلْ تَحْرُمُ عَلَى الزَّانِي؟ ومَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وأَحْمَدَ ومَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ، خِلافًا للشَّافِعِيِّ.
وبَالَغَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الإِنْكَارِ عَلَى مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ.

فعَلَى قَوْلِهِم: هَلْ يَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ إِلَى الزَّانِي صَاحِبِ اللَّبَنِ فيَكُونَ أَبًا للمُرْتَضِعِ أمْ لا؟ فِيهِ قَوْلانِ هُمَا وَجْهَانِ لأَِصْحَابِنَا. واخْتَارَ ابنُ حَامِدٍ أَنَّ التَّحْرِيمَ لا يَنْتَشِرُ إِلَيْهِ، واخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ والقَاضِي أَبُو يَعْلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ يَنْتَشِرُ إِلَى الزَانِي، وَهُوَ نَصُّ أَحْمَدَ، وحَكَاهُ عَن ابنِ عَبَّاسٍ، وهوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بنِ رَاهُويَهْ، نَقَلَهُ عنهُ حَرْبٌ ويَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ بالرَّضَاعِ إِلَى مَا حَرُمَ بالنَّسَبِ مَعَ الصِّهْرِ: إِمَّا مِنْ جِهَةِ نَسَبِ الرَّجُلِ، كامْرَأَةِ أَبِيهِ وابْنِهِ، أوْ مِنْ جِهَةِ نَسَبِ الزَّوْجَةِ، كَأُمِّهَا وابْنَتِهَا.

وإِلَى مَا حَرُمَ جَمْعُهُ لأَِجْلِ نَسَبِ المَرْأَةِ أَيْضًا، كالْجَمْعِ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ، والمَرْأَةِ وعَمَّتِهَا أوْ خَالَتِهَا.

فيَحْرُمُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِن الرَّضَاعِ كَمَا يَحْرُمُ مِن النَّسَبِ؛ لدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ)).
وَتَحْرِيمُ هَذَا كُلِّهِ لِلنَّسَبِ، فبَعْضُهُ لِنَسَبِ الزَّوْجِ، وبَعْضُهُ لِنَسَبِ الزَّوْجَةِ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ، وَلا يُعْلَمُ بَيْنَهُم فِيهِ اخْتَلافٌ.
ونَصَّ عَلَيْهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ، واسْتَدَلَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ: ((يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ)).
وأَمَّا قولُهُ عزَّ وجلَّ: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء:23]، فقَالُوا: لَمْ يُرِدْ بذَلِكَ أنَّهُ لا يَحْرُمُ حَلائِلُ الأَبْنَاءِ مِن الرَّضَاعِ، إِنَّمَا أَرَادَ إِخْرَاجَ حَلائِلِ الَّذِينَ تُبُنُّوا ولَمْ يَكُونُوا أَبْنَاءً مِن النَّسَبِ، كَمَا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوْجَةَ زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ بَعْدَ أَنْ كَانَ قَدْ تَبَنَّاهُ.

وهَذَا التَّحْرِيمُ بالرَّضَاعِ يَخْتَصُّ بالمُرْتَضِعِ نَفْسِهِ، ويَنْتَشِرُ إِلَى أَوْلادِهِ، وَلا يَنْتَشِرُ تَحْرِيمُهُ إِلَى مَنْ فِي دَرَجَةِ المُرْتَضِعِ مِنْ إِخْوَتِهِ وأَخَوَاتِهِ، ولا إلى مَنْ هوَ أَعْلَى منهُ مِنْ آبَائِهِ وأُمَّهَاتِهِ وأَعْمَامِهِ وعَمَّاتِهِ وأَخْوَالِهِ وخَالاتِهِ، فتُبَاحُ المُرْضِعَةُ نَفْسُهَا لأَِبِي المُرْتَضِعِ مِن النَّسَبِ ولأَخِيهِ، وتُبَاحُ أُمُّ المُرْتَضِعِ مِن النَّسَبِ وأُخْتُهُ مِنْهُ لأَِبِي المُرْتَضِعِ مِن الرَّضَاعِ وَلأَِخِيهِ.
هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ العُلَمَاءِ، وقَالُوا: يُبَاحُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ أَخِيهِ مِن الرَّضَاعَةِ، وأُخْتَ ابْنَتِهِ مِن الرَّضَاعَةِ، حَتَّى قَالَ الشَّعْبِيُّ: هيَ أَحَلُّ مِنْ مَاءِ قَدَسٍ.
وصَرَّحَ بإِبَاحَتِهَا حَبِيبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ وأَحْمَدُ.

ورَوَى أَشْعَثُ عَن الحَسَنِ، أنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِنْتَ ظِئْرِ ابْنِهِ، ويَقُولُ: أُخْتُ ابْنِهِ، وَلَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا، يَعْنِي ظِئْرَ ابْنِهِ.

ورَوَى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَن الحَسَنِ، أَنَّهُ سُئِلَ عَن الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ أُخْتَ أَخِيهِ مِن الرَّضَاعَةِ، فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ شَيْئًا.
وهَذَا يَقْتَضِي تَوَقُّفَهُ فِيهِ، ولَعَلَّ الحَسَنَ إِنَّمَا كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ تَنْزِيهًا لا تَحْرِيمًا؛ لِمُشَابَهَتِهِ للمَحْرَمِ بالنَّسَبِ فِي الاسْمِ، وهَذَا بِمُجَرَّدِهِ لا يُوجِبُ تَحْرِيمًا.
وقَد اسْتَثْنَى كَثِيرٌ مِن الفُقَهَاءِ منْ أَصْحَابِنَا وغَيْرِهِم مِمَّا يَحْرُمُ مِن النَّسَبِ صُورَتَيْنِ، فَقَالُوا: لا يَحْرُمُ نَظِيرُهُمَا مِن الرَّضَاعِ:
إِحْدَاهُمَا: أُمُّ الأُخْتِ، فتَحْرُمُ مِن النَّسَبِ وَلا تَحْرُمُ مِن الرَّضَاعِ.
والثَّانِيَةُ: أُخْتُ الابْنِ، فتَحْرُمُ مِن النَّسَبِ دُونَ الرَّضَاعِ. وَلا حَاجَةَ إِلَى اسْتِثْنَاءِ هَذَيْنِ وَلا أَحَدِهِمَا.
أَمَّا أُمُّ الأُخْتِ، فَإِنَّمَا تَحْرُمُ مِن النَّسَبِ لِكَوْنِهَا أُمًّا أوْ زَوْجَةَ أَبٍ، لا لِمُجَرَّدِ كَوْنِهَا أُمَّ أُخْتٍ، فَلا يُعَلَّقُ التَّحْرِيمُ بِمَا لَمْ يُعَلِّقْهُ اللَّهُ بهِ.
وحِينَئذٍ فَيُوجَدُ فِي الرَّضَاعِ مَنْ هِيَ أُمُّ أُخْتٍ لَيْسَتْ أُمًّا وَلا زَوْجَةَ أَبٍ، فَلا تَحْرُمُ؛ لأَِنَّها لَيْسَتْ نَظِيرًا لِذَاتِ النَّسَبِ.
وَأَمَّا أُخْتُ الابْنِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا حَرَّمَ الرَّبِيبَةَ المَدْخُولَ بأُمِّهَا، فتَحْرُمُ لكَوْنِهَا رَبِيبَةً دُخِلَ بأُمِّهَا، لا لكَوْنِهَا أُخْتَ ابْنِهِ.
والدُّخُولُ فِي الرَّضَاعِ مُنْتَفٍ فَلا يَحْرُمُ بِهِ أَوْلادُ المُرْضِعَةِ.
ومِمَّا قَدْ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: ((يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ))، لوْ ظَاهَرَ مِن امْرَأَتِهِ، فَشَبَّهَهَا بِمُحَرَّمَةٍ مِن الرَّضَاعِ، فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي مِن الرَّضَاعِ، فَهَلْ يَثْبُتُ بذَلِكَ تَحْرِيمُ الظِّهَارِ أَمْ لا؟ فِيهِ قَوْلانِ:
أَحَدُهُما: أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ تَحْرِيمُ الظِّهَارِ.
وهوَ قَوْلُ الجُمْهُورِ؛ مِنْهُم مَالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، وأَبُو حَنِيفَةَ، والأَوْزَاعِيُّ، والحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، وعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، وهوَ المَشْهُورُ عنْ أَحْمَدَ.
والثَّانِي: لا يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ.
وهوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وتَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِيهِ فِي رِوَايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ.

عبد العزيز بن داخل المطيري

#4

24 Nov 2008

العناصر


حديث عائشة رضي الله عنها -مرفوعاً-: (الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة)
تخريج حديث عائشة
الإجماع على العمل بحديث عائشة
المراد بالتحريم في الحديث: تحريم النكاح
معنى الحديث: كل ما يحرم من النسب فإنه يحرم نظيره من الرضاع
أقسام المحرمات من النسب
القسم الأول: المحرمات على التأبيد، وهن نوعان:
النوع الأول: المحرمات بمجرد النسب
النوع الثاني: ما يحرم بالنسب مع سبب آخر (وهو المصاهرة)
المرأة كالرجل في النوعين السابقين
القسم الثاني: ما يحرم على الاجتماع دون الانفراد
تفصيل سريان التحريم بالرضاعة
تكون المرضعة أماً للرضيع
يكون صاحب اللبن أباً للرضيع
ينتشر التحريم بالرضاع إلى ما حرم بالنسب مع المصاهرة
ينتشر التحريم بالرضاعة إلى ما حرم جمعه لأجل نسب المرأة
ما يحرم جمعه لأجل الرضاعة مع نسب المرأة
استثنى كثير من الفقهاء مما يحرم في النسب ولا يحرم في الرضاع مسألتين:
مسائل في الحديث:
مسألة: امرأة ثاب لها لبن من غير وطء فأرضعت رضيعاً، فهل يعتبر في الحرمة؟
مسألة: امرأة أرضعت رضيعاً من لبن سفاح، فهل يعتبر في الحرمة؟
مسألة: تفسير قوله تعالى: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم)
مسألة: لو قال رجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي من الرضاع، هل يكون ذلك ظهاراً؟