2 Aug 2011
وصايا لمن اجتاز دورة شرح ثلاثة الأصول وأدلتها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي منَّ علينا بإتمام دراسة رسالة (ثلاثة الأصول وأدلتها ) لشيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله.
وقد تبيَّن بدراسة هذه الرسالة القيّمة اشتمالها على أهمّ مسائل أصول الدين، وتبيّن حسن معرفة مؤلّفها بانتقاء تلك المباحث وترتيبها.
ورسالة (ثلاثة الأصول) رسالة وجيزة وسهلة العبارات،
وأكثر ما اشتملت عليه أدلة من الكتاب والسنة، وكان يكفي الطالب لفهم هذه
الرسالة شرح يسير يوضح ما يحتاج إلى توضيحه بعبارات موجزة لكنني حرصت على
التوسع بقَدَرٍ في الشرح ليكون هذا الشرح لَبِنَةً في إعداد طلاب علم
مؤهلين للدعوة إلى الله تعالى لهم نصيب وافر من التأصيل العلمي وفهم مسائل
أصول الدين بأدلتها.
واشتمال هذه الرسالة على تلك المباحث المهمة، وكونها
من أوّل ما يدرسه الطالب عادة؛ دعاني إلى أن أجمع في تلك المباحث أهم
الأدلة والآثار عن الصحابة والتابعين وأنتقي أهم النقول عن العلماء،وأقرّب
تلك المعلومات بالتقسيمات والقواعد التي توضحّها وتعين على حسن فهمها,
لتكون عُدَّةً للطالب في دراستها وتدريسها عند تأهّله لذلك بإذن الله
تعالى.
وأنا أوصي طلاب العلم الذين منّ الله عليهم بإتمام دراسة هذا الشرح وأذكرهم بأمور:
أولاً: الدعوة
إلى دين الإسلام قائمة على فقه مسائل الاعتقاد فقهاً حسناً، وطالب علم
الاعتقاد بحاجة إلى عِلْمَين جليلين من قصَّر في أحدهما أثَّر تقصيره في
الانتفاع من علمه:
العلم الأول: علم السلوك، وهو علم يُعنى بتزكية النفس وإحسان عبادة الله عز وجل، وهذا العلم قد أُلِّفَت فيه رسائل وكتب جليلة القدر عظيمة النفع
فينبغي لطالب العلم أن يعتني بها.
العلم الآخر: فقه الدعوة إلى الله تعالى، وهذا
أمر يحتاجه طالب العلم كثيراً؛ فإن معرفته بأحكام المسائل وأدلتها ينبغي
أن يصاحبه معرفة بفقه الدعوة وحسن تبليغها والاحتجاج لها، والحذر من الآفات
والأخطاء التي قد يكون لها آثار غير محمودة على طالب العلم وعلى دعوته.
وإذا كمَّل طالب العلم هذه المقامات الثلاث:
فقه مسائل الاعتقاد، وفقه السلوك، وفقه الدعوة كان إماماً من أئمة الهدى،
ومن الدعاة إلى الله على بصيرة، ومن العلماء الربانيين.
فإنه يدعو إلى ما عَرف صحته من الحق بأدلته، ويرد الباطل ويبين بطلانه ويحذر منه.
وهو في نفسه قائم بما يقتضيه فقه السلوك من حسن التعبد
لله جل وعلا والعمل بالعلم النافع، وفي معاملته لغيره قائم بما يقتضيه فقه
الدعوة إلى الله من الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن؛ فيكون عالماً صالحاً في نفسه ساعياً في إصلاح غيره.
والأمة بحاجة ماسة إلى هؤلاء؛ فهم عدة الأمة.
ثانياً: دراسة
المتون العلمية مهمة في تحصيل التأصيل العلمي، لكنها بحاجة إلى روافد
ترفدها من القراءة المنظمة في الكتب والرسائل المهمة؛ فينبغي لطالب العلم
أن ينظّم قراءته في كتب الاعتقاد وكتب السلوك وأن يعتني بدراسة الدعوات
الإصلاحية وكتب أئمة الهدى عناية جيّدة؛ لتكون عوناً له على فهم مسائل
التوحيد، والتعرف على مناهج الأئمة في عرض مسائل الاعتقاد وتدريسها،
والدعوة إليها، وتوضيح الحجج وكشف الشبه التي يثيرها بعض الجهلة وعلماء
السوء.
ثالثاً: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله} [المائدة: 8]، فلا
يكن همّ الطالب الاقتصار على فهم المعلومات التي تلقى إليه في الدروس، أو
يقرؤها في الكتب، بل ينبغي أن يكون همّه مع ذلك التعرف على ما يمكنه بذلُه
للدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، والتعرف على الأبواب التي يحتاج إلى
فقهها للدعوة في مجتمعه، وهذا يكون في كل مجتمع بحسبه، فمن كان في مجتمعه
مظاهر للشرك وعبادة غير الله عز وجل، فليتفقه في مسائل الاعتقاد، وليعتنِ
بحجج التوحيد وكشف شبهات المشركين عناية كبيرة، وليبدأ بما يتيسر له من
الأسباب.
ومن كان في مجتمع يُدعى فيه للنصرانية فليعتنِ بما يتعلق بهذا الباب من مسائل، ولْيدعُ إلى الله بما يتيسر له من الأسباب.
وهكذا فليفعل كل من وجد في مجتمعه حاجة إلى فقه باب من
أبواب الاعتقاد؛ بسبب فتنة متفشية أو ابتلاء بملة أو نحلة لها تأثيرها في
بلده، ليقومَ بواجبه من الدعوة إلى الله عز وجل على بصيرة، ويُحسِنَ أخذ
العدّة لهذه المهمّة الجليلة.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، لا إله إلا هو، عليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير.