الدروس
course cover
الدرس العشرون: المحاذير ( 2 / 2 )
11 Dec 2008
11 Dec 2008

6170

0

0

course cover
حلية طالب العلم

القسم الرابع

الدرس العشرون: المحاذير ( 2 / 2 )
11 Dec 2008
11 Dec 2008

11 Dec 2008

6170

0

0


0

0

0

0

0

الدرس العشرون: المحاذير ( 2 / 2 )

قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (

62-الإجهاضُ الفكريُّ :

احْذَر ( الإجهاضَ الفِكْرِيَّ ) ؛ بإخراجِ الفِكرةِ قبلَ نُضُوجِها .
63- الإسرائيلياتُ الجديدةُ :

احْذَر الإسرائيليَّاتِ الجديدةَ في نَفَثَاتِ المستشرقين من يهودَ ونَصَارَى ؛ فهي أشدُّ نِكايةً وأعظَمُ خَطَرًا من الإسرائيليَّاتِ القديمةِ ؛ فإنَّ هذه قد وَضَحَ أمْرُها ببيانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الموْقِفَ منها ؛ ونَشْرِ العُلماءِ القولَ فيها ، أمَّا الجديدةُ الْمُتَسَرِّبَةُ إلى الفِكْرِ الإسلاميِّ في أعقابِ الثورةِ الحضارِيَّةِ واتِّصالِ العالَمِ بعضِه ببعضٍ ، وكَبْحِ المدِّ الإسلاميِّ ؛ فهي شرٌّ مَحْضٌ وبلاءٌ متَدَفِّقٌ ، وقد أخذَتْ بعضَ المسلمينَ عنها سِنَةٌ ، وخَفَضَ الْجَناحَ لها آخَرونَ فاحْذَرْ أن تَقَعَ فيها ، وَقَى اللهُ المسلمينَ شَرَّهَا.


64- احْذَرْ الْجَدَلَ البِيزَنْطيَّ :

أي الجدَلَ العقيمَ أو الضئيلَ ، فقد كان البيزنطِيُّونَ يَتَحَاوَرُونَ في جِنْسِ الملائكةِ والْعَدُوُّ على أبوابِ بَلْدَتِهم حتى دَاهَمَهم .
وهكذا الْجَدَلُ الضئيلُ يصُدُّ عن السبيلِ .
وهَدْيُ السلَفِ كان الكَفَّ عن كَثرةِ الخِصامِ والْجِدالِ ، وأنَّ التوَسُّعَ فيه من قِلَّةِ الوَرَعِ ؛ كما قالَ الحسَنُ إذ سَمِعَ قَوْمًا يَتجادلونَ : ( هؤلاءِ مَلُّوا العِبادةَ وخَفَّ عليهم القولُ ، وقَلَّ وَرَعُهم فتَكَلَّموا ) . رواه أحمدُ في ( الزهْدِ ) وأبو نُعَيْمٍ في ( الْحِلْيَةِ ).


65- لا طائفِيَّةَ ولا حِزبيَّةَ يُعْقَدُ الولاءُ والبَرَاءُ عليها :

أهلُ الإسلامِ ليس لهم سِمَةٌ سَِوى الإسلامِ والسلامِ : فيا طالبَ العلْمِ ! بارَكَ اللهُ فيك وفي عِلْمِك ؛ اطْلُب العِلْمَ واطْلُب العملَ وادْعُ إلى اللهِ تعالى على طَريقةِ السلَفِ .
ولا تَكُنْ خَرَّاجًا وَلَّاجًا في الجماعاتِ ، فتَخْرُجَ من السَّعةِ إلى القوالِبِ الضيِّقَةِ فالإسلامُ كلُّه لك جَادَّةً ومَنْهَجًا والمسلمونَ جَميعُهم هم الجماعةُ وإنَّ يدَ اللهِ مع الجماعةِ ، فلا طائفِيَّةَ ولا حِزبيَّةَ في الإسلامِ .
وأُعِيذُكَ باللهِ أن تَتَصَدَّعَ ، فتكونَ نَهَّابًا بينَ الفِرَقِ والطوائفِ والْمَذاهِبِ الباطلةِ والأحزابِ الغاليةِ ، تَعْقِدُ سُلطانَ الوَلاءِ والبَرَاءِ عليها فكُنْ طالِبَ عِلْمٍ على الْجَادَّةِ ؛ تَقْفُو الأَثَرَ ، وتَتْبَعُ السُّنَنَ ، تَدْعُو إلى اللهِ على بَصيرةٍ ، عارفًا لأهلِ الفَضْلِ فَضْلَهم وسابِقَتَهم .
وإنَّ الحزبيَّةَ ذاتَ المساراتِ والقوالِبِ الْمُستحدَثَةِ التي لم يَعْهَدْها السلَفُ من أَعْظَمِ العوائقِ عن العِلْمِ ، والتفريقِ عن الجماعةِ ، فكم أَوْهَنَت حَبْلَ الاتِّحادِ الإسلاميِّ وغَشِيَت المسلمينَ بسَبَبِها الغَوَاشِي .
فاحْذَرْ رَحِمَكَ اللهُ أَحزابًا وطَوائفَ طافَ طائفُها ونَجَمَ بالشرِّ ناجِمُها فما هي إلا كالْمَيَازِيبِ؛ تَجْمَعُ الماءَ كَدَرًا ، وتُفَرِّقُه هَدَرًا ؛ إلا مَن رَحِمَه ربُّك ، فصارَ على مِثْلِ ما كان عليه النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابُه رَضِي اللهُ عَنْهُم .
قالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى عندَ عَلَامَةِ أهلِ العُبودِيَّةِ : ( العَلامةُ الثانيةُ : قولُه : ( ولم يُنْسَبُوا إلى اسمٍ ) ؛ أي : لم يَشْتَهِروا باسمٍ يُعرَفون به عندَ الناسِ من الأسماءِ التي صارَتْ أعلامًا لأهلِ الطريقِ ) .
وأيضًا ؛ فإنهم لم يَتَقَيَّدُوا بعَمَلٍ واحدٍ يُجْرَى عليهم اسْمُه ، فيُعْرَفون به دونَ غيرِه من الأعمالِ ؛ فإنَّ هذا آفةٌ في العُبوديَّةِ ، وهي عُبودِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ .
وأمَّا العُبوديَّةُ المطلَقَةُ ؛ فلا يُعْرَفُ صاحبُها باسمٍ مُعَيَّنٍ من معاني أسمائِها ؛ فإنه مُجيبٌ لداعيها على اختلافِ أنواعِها ، فله مع كلِّ أهلِ عُبودِيَّةٍ نصيبٌ يَضْرِبُ معهم بسَهْمٍ ؛ فلا يَتَقَيَّدُ برَسْمٍ ولا إشارةٍ ولا اسمٍ ولا بِزِيٍّ ولا طريقٍ وَضْعِيٍّ اصطلاحيٍّ ، بل إن سُئِلَ عن شَيخِه ؟ قالَ : الرسولُ . وعن طريقِه ؟ قال : الاتِّباعُ . وعن خِرْقَتِه قال : لِباسُ التَّقْوَى ، وعن مَذْهَبِه ؟ قالَ : تَحكيمُ السُّنَّةِ . وعن مَقْصِدِه ومَطْلَبِه ؟ قالَ : { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } . وعن رِباطِه وعن خَانْكَاهُ ؟ قالَ : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ } وعن نَسَبِه ؟ قالَ :

أبي الإسلامُ لا أبَ لي سِوَاهُ ... إذا افْتَخُروا بقيْسٍ أو تَمِيمِ

 وعن مَأْكَلِه ومَشْرَبِه ؟ قال : ( ما لك ولها ؟ معها حِذاؤُها وسِقاؤُها ، تَرِدُ الماءَ وتَرْعَى الشَّجَرَ حتى تَلْقَى رَبَّهَا ) .

واحسرتاه تَقَضَّى  العُمْرُ  وانْصَرَمَتْ ... ساعاتُه بينَ ذُلِّ العَجْـزِ  والْكَسَـلِ
والقوْمُ قد أَخَذُوا دَرْبَ النجاةِ  وقدْ ... ساروا إلى الْمَطْلَبِ الأَعْلَى على مَهَلِ

ثم قالَ : ( قولُه : ( أولئك ذخائرُ اللهِ حيث كانوا ) ؛ ذخائرُ الْمُلْكِ : ما يُخَبَّأُ عندَه ويَذْخَرُه لِمُهِمَّاتِه ، ولا يَبْذُلُه لكلِّ أحدٍ ؛ وكذلك ذَخيرةُ الرجُلِ : ما يَذْخَرُه لحوائجِه ومُهِمَّاتِه ، وهؤلاءِ ؛ لَمَّا كانوا مَسْتُورِينَ عن الناسِ بأَسبابِهم ، غيرَ مُشارٍ إليهم ، ولا مُتَمَيِّزِينَ بِرَسْمٍ دونَ الناسِ ، ولا مُنتسبينَ إلى اسمِ طريقٍ أو مَذهَبٍ أو شيخٍ أو زِيٍّ؛ كانوا بِمَنْزِلَةِ الذخائرِ المخبوءةِ، وهؤلاءِ أَبْعَدُ الْخَلْقِ عن الآفاتِ ؛ فإنَّ الآفاتِ كلَّها تَحتَ الرسومِ والتقَيُّدِ بها ، ولزومِ الطرُقِ الاصطلاحيَّةِ والأوضاعِ المتداوَلَةِ الحادِثَةِ .
هذه هي التي قَطَعَتْ أكثرَ الخلْقِ عن اللهِ وهم لا يَشعرون .
والعَجَبُ أنَّ أَهْلَها هم الْمَعروفون بالطلَبِ والإرادةِ ، والسيْرِ إلى اللهِ وهم – إلا الواحدَ بعدَ الواحدِ – الْمَقطوعون عن اللهِ بتلك الرسومِ والقُيودِ .
وقد سُئِلَ بعضُ الأئِمَّةِ عن السُّنَّةِ ؟ فقالَ : ما لا اسمَ له سِوَى ( السُّنَّةِ ) .
يعني : أنَّ أهلَ السُّنَّةِ ليس لهم اسمٌ يُنْسَبُون إليه سِواهَا .
فمِن الناسِ مَن يَتَقَيَّدُ بلِباسِ غيرِه ، أو بالجلوسِ في مَكانٍ لا يَجْلِسُ في غيرِه أو مِشْيَةٍ لا يَمْشِي غيرَها أو بِزِيٍّ وهيئةٍ لا يَخْرُجُ عنهما ، أو عبادةٍ مُعَيَّنَةٍ لا يَتَعَبَّدُ بغيرِها وإن كانت أَعْلَى منها أو شيخٍ مُعَيَّنٍ لا يُلْتَفَتُ إلى غيرِه، وإن كان أَقْرَبَ إلى اللهِ ورسولِه منه .
فهؤلاءِ كلُّهم مَحجوبون عن الظَّفَرِ بالمطلوبِ الأعلى مَصْدُودُون عنه، قد قَيَّدَتْهُم العوائِدُ والرُّسومُ والأوضاعُ والاصطلاحاتُ عن تَجريدِ المتابَعَةِ فأَضْحَوْا عنها بِمَعْزِلٍ، ومَنزِلتُهم منها أبْعَدُ مَنْزِلٍ ، فتَرَى أحدَهم يَتَعَبَّدُ بالرياضةِ والْخَلْوَةِ وتَفريغِ القَلْبِ ويَعُدُّ العِلْمَ قاطعًا له عن الطريقِ فإذا ذُكِرَ له الْمُوالاةُ في اللهِ والْمُعاداةُ فيه والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكَرِ ؛ عَدَّ ذلك فُضولًا وشَرًّا ، وإذا رَأَوْا بينَهم مَن يَقومُ بذلك أَخْرَجُوه من بينِهم وَعَدُّوه غَيْرًا عليهم ، فهؤلاءِ أَبْعَدُ الناسِ عن اللهِ ، وإن كانوا أكثرَ إشارةً . واللهُ أَعْلَمُ ) اهـ .


66- نَوَاقِضُ هذه الْحِلْيَةِ :

يا أخي – وَقَانا اللهُ وإيَّاكَ العثراتِ – إن كنتَ قَرَأْتَ مَثَلًا من ( حِليةِ طالبِ العِلْمِ ) وآدابِه وعَلِمْتَ بعضًا من نواقِضِها ؛ فاعْلَمْ أنَّ مِن أَعْظَمِ خَوارِمِها الْمُفْسِدَةِ لنظامِ عِقْدِها:

إفشاءَ السرِّ .

ونَقْلَ الكلامِ من قومٍ إلى آخرينَ .

والصلَفَ واللسانَةَ .

وكثرةَ الْمِزاحِ .

والدخولَ في حديثٍ بينَ اثنينِ .

والحقْدَ .

والحسَدَ .

وسوءَ الظنِّ .

ومُجالَسَةَ المبتَدِعةِ .

ونَقْلَ الْخُطَى إلى الْمَحَارِمِ .

فاحْذَرْ هذه الآثامَ وأخواتِها واقْصُرْ خُطاكَ عن جميعِ الْمُحَرَّمَاتِ والْمَحارِمِ فإن فعلتَ وإلا فاعْلَمْ أنك رَقيقُ الدِّيانةِ خَفيفٌ لَعَّابٌ مُغْتَابٌ نَمَّامٌ فأَنَّى لك أن تكونَ طالبَ عِلْمٍ ، يُشارُ إليك بالبَنانِ ، مُنَعَّمًا بالعِلْمِ والعمَلِ .
سَدَّدَ اللهُ الْخُطَى ، ومَنَحَ الجميعَ التقْوَى وحُسْنَ العاقِبَةِ في الآخرةِ والأُولَى .
وصَلَّى اللهُ على نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه وسَلَّمَ .

بكرُ بنُ عبدِ اللهِ أبو زَيْدٍ
25/10/1408

هيئة الإشراف

#2

8 Feb 2009

الإجهاض الفكري والإسرائيليات الجديدة

المتن:

قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (

62-الإجهاضُ الفكريُّ :

احْذَر ( الإجهاضَ الفِكْرِيَّ ) ؛ بإخراجِ الفِكرةِ قبلَ نُضُوجِها .
63- الإسرائيلياتُ الجديدةُ :

احْذَر الإسرائيليَّاتِ الجديدةَ في نَفَثَاتِ المستشرقين من يهودَ ونَصَارَى ؛ فهي أشدُّ نِكايةً وأعظَمُ خَطَرًا من الإسرائيليَّاتِ القديمةِ ؛ فإنَّ هذه قد وَضَحَ أمْرُها ببيانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الموْقِفَ منها ؛ ونَشْرِ العُلماءِ القولَ فيها ، أمَّا الجديدةُ الْمُتَسَرِّبَةُ إلى الفِكْرِ الإسلاميِّ في أعقابِ الثورةِ الحضارِيَّةِ واتِّصالِ العالَمِ بعضِه ببعضٍ ، وكَبْحِ المدِّ الإسلاميِّ ؛ فهي شرٌّ مَحْضٌ وبلاءٌ متَدَفِّقٌ ، وقد أخذَتْ بعضَ المسلمينَ عنها سِنَةٌ ، وخَفَضَ الْجَناحَ لها آخَرونَ فاحْذَرْ أن تَقَعَ فيها ، وَقَى اللهُ المسلمينَ شَرَّهَا.


شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

القارئ: (الثاني والستون: الإجهاضُ الفكريُّ :
احْذَر ( الإجهاضَ الفِكْرِيَّ ) ؛ بإخراجِ الفِكرةِ قبلَ نُضُوجِها .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذا بمعنى ما سبق، أنك لا تتعجل من حين ما يتبين لك شيئا تخرجه، لا سيما إذا كان هذا الشيء الذي أنت تريد أن تخرجه مخالفا لقول أكثر العلماء أو مخالفا لما تقتضيه الأدلة الأخرى الصحيحة، لأن بعض الناس يمشي مع بنيات الطريق، فتجده إذا مر بحديث -ولو كان ضعيفا شاذا- أخذ به، ثم قام يتكلم به في الناس، فيظن الناس لهذا أنه أدرك من العلم ما لم يدركه غيره. فنقول الذي بينك وبين الله: إذا رأيت حديثا يدل على حكم تعارضه الأحاديث الصحيحة التي هي عماد الأمة، والتي تلقتها الأمة بالقبول فلا تتعجل، وكذلك إذا رأيته يدل على حكم خالف الجمهور، لا تتعجل. لكن إذا تبين لك الحق فلا بد من القول به. هذا سماه الشيخ بكر: (الإجهاض الفكري) يعني كأن امرأة وضعت حملها قبل أن يتم.

القارئ: (الثالث والستون: الإسرائيلياتُ الجديدةُ : احْذَر الإسرائيليَّاتِ الجديدةَ في نَفَثَاتِ المستشرقين من يهودَ ونَصَارَى ؛ فهي أشدُّ نِكايةً وأعظَمُ خَطَرًا من الإسرائيليَّاتِ القديمةِ ؛ فإنَّ هذه قد وَضَحَ أمْرُها ببيانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الموْقِفَ منها ؛ ونَشْرِ العُلماءِ القولَ فيها ، أمَّا الجديدةُ الْمُتَسَرِّبَةُ إلى الفِكْرِ الإسلاميِّ في أعقابِ الثورةِ الحضارِيَّةِ واتِّصالِ العالَمِ بعضِه ببعضٍ ، وكَبْحِ المدِّ الإسلاميِّ ؛ فهي شرٌّ مَحْضٌ وبلاءٌ متَدَفِّقٌ ، وقد أخذَتْ بعضَ المسلمينَ عنها سِنَةٌ ، وخَفَضَ الْجَناحَ لها آخَرونَ فاحْذَرْ أن تَقَعَ فيها ، وَقَى اللهُ المسلمينَ شَرَّهَا .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (يريد بهذا الأفكار الدخيلة التي دخلت على المسلمين بواسطة اليهود والنصارى، فهي ليست إسرائيليات إخبارية، بل إسرائيليات فكرية دخل على كثير من الكتاب الأدبيين، وغير الأدبيين، أفكار دخيلة في الواقع، منها ما يتعلق بالمعاملات، ومنها ما يتعلق بالعبادات، ومنها ما يتعلق بالأنكحة، حتى إن بعض الكتاب ينكر تعدد النساء الذي ذهب كثير من العلماء إلى أن التعدد أفضل من الإفراد، وينكر التعدد ويقول هذا في زمن ولى وراح، ولم يدر أن التعدد في هذا الزمن أشد إلحاحا منه فيما سبق لكثرة النساء وكثرة الفتن واحتياج النساء إلى من يُحَصن فروجهن. كذلك أيضا من بعض الأفكار ما يتعلق بحال النبي عليه الصلاة والسلام وتعدد الزوجات في حقه ، ومن الأفكار أيضا ما يتعلق بالخلافة والإمامة، كيف كان أبو بكر يبايع له بدون أن يستشار الناس كلهم، حتى العجوز والطفل.... وما أشبه ذلك.
المهم أن هناك أفكارا جديدة واردة اشتبهت على بعض كتاب المسلمين فيجب على الإنسان الحذر منها وأن يرجع إلى الأصول في هذه الأمور فإنها خير.


تمت المقابلة الصوتية بواسطة: محمد أبو زيد
تم التهذيب بواسطة زمزم


شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (كذلك يحذر الإنسان من الخطأ في النحو ، ويحاول أن يقرأ الشيء مرة وثنتين وثلاثا قبل قراءته في الدرس ليضبط ما يقرؤه ، وليتعلم منه الناس والحضور الصواب فيما يتكلمه من الكلام.
إذا كان طلبة العلم يخطئون في النحو أو يخطئون في طريقة كلام في طريقة لفظ بعض الكلمات ، فحينئذ ينتشر مثل هذا ، وتوجد نُفرة من الناس لمن يُخطئ في النحو.
كذلك لا ينبغي بك أن تتكلم بكلمة إلا إذا تفكّرت فيها ، وعرفت أدلتها وأقوال أهل العلم فيها ، و وازنت فيها ، و نظرت إلى عواقبها ومآلاتها ، أما إذا جاءت في ذهنك كلمة ، مباشرة قلتها ، وأنت لا تعلم هل هي من وساوس الشياطين ، أو هي من الشبهات ؟ هذا لا ينبغي بطالب العلم ، لأنه قد يتكلّم الإنسان بكلمة ويأتي جوابها بعد قليل ، وقد تتكلّم بالشبهة والجواب عنها في ثنايا الدرس.
هكذا في زماننا ، وُجد من يحاول أن يبثّ أفكارا خاطئة ، ويبثّ قصصا كاذبة ، ويبثّ قناعات باطلة ، فينبغي للإنسان أن لا يستثيره ذلك ، فيجعله يتقبّل بها بدون أن يفكّر في حقيقتها ، لأنّ مثل هذه المقالات ليس لها إسناد صحيح ، وإنما هي شبهات وبالتالي لا يستعجل الإنسان بتصديقها ويراجع أهل الشأن فيها.
مما يتعلق بهذا أن نجتنب الكلام في المسائل التي لا فائدة فيها ، وهنا قاعدة : وهي أنّ المسائل التي لا يترتب عليها عمل ، لا تحرص على الترجيح فيها ، اعرف الأقوال وشيئا من الأدلة وانطلق منها ، ولا تتعب نفسك فيها ، هل جنّة آدم هي الجنّة المعتادة أو جنّة على الأرض؟ ما الثمرة وما الفائدة ؟ ، أيهما أرجح وأفضل الملائكة أو بنو آدم؟ ما ثمرتنا من هذا ، ونحو هذا من المسائل.

هيئة الإشراف

#3

8 Feb 2009

احْذَرْ الْجَدَلَ البِيزَنْطيَّ

المتن:

قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (أي الجدَلَ العقيمَ أو الضئيلَ ، فقد كان البيزنطِيُّونَ يَتَحَاوَرُونَ في جِنْسِ الملائكةِ والْعَدُوُّ على أبوابِ بَلْدَتِهم حتى دَاهَمَهم .

وهكذا الْجَدَلُ الضئيلُ يصُدُّ عن السبيلِ .
وهَدْيُ السلَفِ كان الكَفَّ عن كَثرةِ الخِصامِ والْجِدالِ ، وأنَّ التوَسُّعَ فيه من قِلَّةِ الوَرَعِ ؛ كما قالَ الحسَنُ إذ سَمِعَ قَوْمًا يَتجادلونَ : ( هؤلاءِ مَلُّوا العِبادةَ وخَفَّ عليهم القولُ ، وقَلَّ وَرَعُهم فتَكَلَّموا ) . رواه أحمدُ في ( الزهْدِ ) وأبو نُعَيْمٍ في ( الْحِلْيَةِ ).


شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

القارئ: (64- احذر الجدل البيزنطي:

أي الجدل العقيم، أو الضئيل، فقد كان البيزنطيون يتحاورون في جنس الملائكة والعدو على أبواب بلدتهم حتى داهمهم. وهكذا الجدل الضئيل يصد عن السبيل.
وهدي السلف: الكف عن كثرة الخصام والجدال، وأن التوسع فيه من قلة الورع، كما قال الحسن، إذا سمع قوما يتجادلون. «هؤلاء ملوا العبادة، وخف عليهم القول، وقل ورعهم، فتكلموا». رواه أحمد في «الزهد»، وأبو نعيم في «الحلية».
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (وهذا مهم، الحذر من الجدل البيزنطي، وهو الجدال العقيم، الذي لا فائدة منه، أو الجدل الذي يؤدي إلى التنطع في المسائل والتعمق فيها بدون أن يكلفنا الله ذلك، فدع هذا الجدل واتركه، لأنه لا يزيدك إلا قسوة في القلب وكراهة للحق، إذا كان مع خصمك وغلبك فيه، فلهذا دع هذا النوع من الجدل.
أما الجدل الحقيقي الذي يقصد به الوصول إلى الحق، ويكون جدل مبني على السماحة، وعدم التنطع. فهذا أمر مأمور به. قال الله تعالى : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (سورة النحل: 125).
ثم ذكر المؤلف – وفقه الله- مثالا للجدل العقيم: جنس الملائكة ما هم؟ يجادل هؤلاء المتكلمون: جنسهم من كذا، وجنسهم من كذا.
ونحن نعلم أنهم خلقوا من نور وأنهم أجسام وأنهم لهم أجنحة وأنهم يصعدون وينزلون إلى آخر ما ذكره الله في الكتاب أو ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة من أوصافهم، ولا نتعد في أمور الغيب غير ما بلغنا، ولا نسأل: كيف ولم؟ لأن هذا أمر فوق العقل، وأيضا سمعنا قصة مماثلة، كان العدو على أبواب المدينة، وكان الناس يتجادلون: أيما خلق أولا: الدجاجة أم البيضة؟.
ومن ذلك أيضا، ما ابتلي به أهل الكلام فيما يتعلق بالعقيدة وصاروا يتنطعون ويقولون -مثلاً-: كلام الله هل هو صفة فعلية أم ذاتية؟
وهل هو حادث أو قديم؟
وما أشبه ذلك من الكلام،
وهل نزول الله إلى السماء الدنيا حقيقة أو مجاز؟
وهل أصابعه حقيقة أم مجاز؟
وكم أصابعه؟
وما أشبه ذلك.
والله يا أخوة إن هذا البحث يقسي القلب وينتزع الهيبة- هيبة الله عز وجل- وتعظيمه وإجلاله من القلب.
إن كان الإنسان يريد أن يتكلم عن صفات الله كأنه يشرح جثة ميت!!
سبحان الله !! الناس قبل أن يدخلوا في هذا الأمر تجدهم إذا ذكر الله اقشعر جلده من هيبة الله وعظمته.
كل هذا البحث فيه عقيم، كن كما كان الصحابة رضي الله عنهم لا يسألون عن مثل هذه الأمور، لأنهم إذا سألوا وبحثوا ونقبوا، فإن الضريبة هي قسوة القلب، مؤكد. لكن إذا بقي الرب عز وجل محل الإجلال والتعظيم في قلبك، وعدم البحث في هذه الأمور صار هذا أجل وأعظم، فاستمسك به فهذا إن شاء الله هو الحق.


تم التهذيب بواسطة زمزم


شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (كذلك يحذر الإنسان من الخطأ في النحو ، ويحاول أن يقرأ الشيء مرة وثنتين وثلاثا قبل قراءته في الدرس ليضبط ما يقرؤه ، وليتعلم منه الناس والحضور الصواب فيما يتكلمه من الكلام.
إذا كان طلبة العلم يخطئون في النحو أو يخطئون في طريقة كلام في طريقة لفظ بعض الكلمات ، فحينئذ ينتشر مثل هذا ، وتوجد نُفرة من الناس لمن يُخطئ في النحو.
كذلك لا ينبغي بك أن تتكلم بكلمة إلا إذا تفكّرت فيها ، وعرفت أدلتها وأقوال أهل العلم فيها ، و وازنت فيها ، و نظرت إلى عواقبها ومآلاتها ، أما إذا جاءت في ذهنك كلمة ، مباشرة قلتها ، وأنت لا تعلم هل هي من وساوس الشياطين ، أو هي من الشبهات ؟ هذا لا ينبغي بطالب العلم ، لأنه قد يتكلّم الإنسان بكلمة ويأتي جوابها بعد قليل ، وقد تتكلّم بالشبهة والجواب عنها في ثنايا الدرس.
هكذا في زماننا ، وُجد من يحاول أن يبثّ أفكارا خاطئة ، ويبثّ قصصا كاذبة ، ويبثّ قناعات باطلة ، فينبغي للإنسان أن لا يستثيره ذلك ، فيجعله يتقبّل بها بدون أن يفكّر في حقيقتها ، لأنّ مثل هذه المقالات ليس لها إسناد صحيح ، وإنما هي شبهات وبالتالي لا يستعجل الإنسان بتصديقها ويراجع أهل الشأن فيها.
مما يتعلق بهذا أن نجتنب الكلام في المسائل التي لا فائدة فيها ، وهنا قاعدة : وهي أنّ المسائل التي لا يترتب عليها عمل ، لا تحرص على الترجيح فيها ، اعرف الأقوال وشيئا من الأدلة وانطلق منها ، ولا تتعب نفسك فيها ، هل جنّة آدم هي الجنّة المعتادة أو جنّة على الأرض؟ ما الثمرة وما الفائدة ؟ ، أيهما أرجح وأفضل الملائكة أو بنو آدم؟ ما ثمرتنا من هذا ، ونحو هذا من المسائل.

هيئة الإشراف

#4

8 Feb 2009

نَوَاقِضُ هذه الْحِلْيَةِ

المتن:

قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (يا أخي – وَقَانا اللهُ وإيَّاكَ العثراتِ – إن كنتَ قَرَأْتَ مَثَلًا من ( حِليةِ طالبِ العِلْمِ ) وآدابِه وعَلِمْتَ بعضًا من نواقِضِها ؛ فاعْلَمْ أنَّ مِن أَعْظَمِ خَوارِمِها الْمُفْسِدَةِ لنظامِ عِقْدِها:

إفشاءَ السرِّ .

ونَقْلَ الكلامِ من قومٍ إلى آخرينَ .

والصلَفَ واللسانَةَ .

وكثرةَ الْمِزاحِ .

والدخولَ في حديثٍ بينَ اثنينِ .

والحقْدَ .

والحسَدَ .

وسوءَ الظنِّ .

ومُجالَسَةَ المبتَدِعةِ .

ونَقْلَ الْخُطَى إلى الْمَحَارِمِ .

فاحْذَرْ هذه الآثامَ وأخواتِها واقْصُرْ خُطاكَ عن جميعِ الْمُحَرَّمَاتِ والْمَحارِمِ فإن فعلتَ وإلا فاعْلَمْ أنك رَقيقُ الدِّيانةِ خَفيفٌ لَعَّابٌ مُغْتَابٌ نَمَّامٌ فأَنَّى لك أن تكونَ طالبَ عِلْمٍ ، يُشارُ إليك بالبَنانِ ، مُنَعَّمًا بالعِلْمِ والعمَلِ .
سَدَّدَ اللهُ الْخُطَى ، ومَنَحَ الجميعَ التقْوَى وحُسْنَ العاقِبَةِ في الآخرةِ والأُولَى .
وصَلَّى اللهُ على نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلى آلِه وصَحْبِه وسَلَّمَ .

بكرُ بنُ عبدِ اللهِ أبو زَيْدٍ
25/10/1408


شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذه النواقض والخوارم التي ذكرها هي في الحقيقية خدش عظيم لطالب العلم وللعامة أيضا .
1- إفشاء السر محرم : لأنه خيانة للأمانة . فإذا استكتمك الإنسان حديثا فلا يحل لك أن تفشيه لأي أحد كان ، واحذر أن يخدعك أحد لأن بعض الناس يظن أنه أفشي إليك ثم يأتي إليك وكأن الأمر مسلَم أنه علم بذلك فيقول مثلا: ما شاء الله، من أدراك عن كذا وكذا، فيبهت الآخر، فيظن أنه قد علن ثم يفضي له السر وهذه طريقة تجسس من بعض الناس.
فاحذر هذا، فما دمت استكتمك صاحبك فإذا جاء أحد يبهتك بمثل هذا الأسلوب، فلا تخف. قل: أبدا، ما صار هذا، وأنا أبرىء إلى الله منه- وتقصد منه – هذا الكلام الذي قلت، لأنه تجسس.
قال العلماء: وإذا حدثك الإنسان بحديث والتفت، فقد استأمنك، فهو أمانة وسر، فلا يجوز أن تفشيه. حتى وإن لم يقل لا تخبر أحدا. لأن التفاته يعني أنه لا يريد أحدا يسمعه. فإذا أفشيته فهذا من إفشاء السر.
2- ونقل الكلام من قوم إلى آخرين: وهذه هي النميمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا يدخل الجنة قتات». أي: نمام، ومر بقبرين يعذبان، وذكر أن أحدهما كان يمشي بالنميمة. فهي من كبائر الذنوب.
يأتي الشخص لآخر ويقول: فلان يقول فيك كذا وكذا. لكن إذا كان المقصود بذلك النصيحة. كيف النصيحة؟! يعني: أن هذا الرجل مغتر بالشخص ويفضي إليه أسراره ويستشيره في أموره، فجاء إنسان وقال: يا فلان، أنا رأيتك تفضي سرك إلى فلان وتثق به، والرجل ليس بأمين، الرجل يفشي كل ما تقول. فهل يعتبر هذا نميمة؟ هذه نصيحة!
3- والصلف واللسانة: الصلف: يعني التشدد في الشيء، يكون الإنسان غير لين لا بمقاله ولا بحاله. بل هو صلت ولسن، يعني رفيع الصوت، أو يعني عنده بيانا يبدي به الباطل ويخفي به الحق.
وأما قوة الصوت وارتفاعه, فإنه ليس إلى اللسانة، هذه من خلقة الله عز وجل، ولما أنزل الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) (سورة الحجرات: 2). كان ثابت بن قيس رضي الله عنه- وهو من أحد الشعراء والخطباء- كان جهوري الصوت، فلزم بيته يبكي، ولم يكن له وجه يخرج إلى الناس، ويقابل الناس به، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنه وأرسل إليه رسولا، فقال:«إن الله أنزل هذه الآية وإني خفت أن يحبط عملي وأنا لا أشعر». فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:«إنه يحيى سعيدا، ويقتل شهيدا، ويدخل الجنة»
4- كثرة المزاح : ولم يقل المزاح لأن المزاح في الكلام، كالملح في الطعام إن أكثرت منه فسد الطعام، وإن لم تجعل فيه الملح لم يشته إليه الطعام. فكثرة المزاح تذهب الهيبة، وتنزل مرتبة طالب العلم. أما المزاح القليل الذي يقصد به إدخال السرور على صاحبك فهو من السنة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقا.
جاء رجل يريد أن يحمله على بعير يجاهد عليها في سبيل الله،فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إنا حاملوك على ولد الناقة» قال الرجل كيف؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «وهل تلد الإبل إلا النوق» . فهذا مزاح ولكنه حق.
وقال لأبي عمير- غلام صغير- معه طير يلعب به، فمات الطير. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم عليه ذات يوم فقال: «يا أبا عمير ما فعل النغير» .
أما ما يفعله بعض الناس، كل كلامه مزح، فهذا كما أنه لا يليق بالرجل العاقل فضلا عن طالب العلم، فإنه يجعل كلامه مزحا حتى أن المخاطبين يقولون له أنت صادق أم تمزح؟ لأنه يجعل كل كلامه مزحا.
5- الدخول في حديث بين اثنين : فإن بعض الناس إذا رأى اثنين يتحدثان، دخل بينهما وهذا كالمتسلق للجدار، لم يأت البيوت من أبوابها.
ولهذا كان من آداب حاضر صلاة الجمعة ألا يفرق بين اثنين كما جاءت به السنة، فالتفريق بين اثنين في الكلام وفي الحديث من خوارم المروءة، وكذلك أيضا لا ينبغي إذا رأيت اثنين يتحدثان أن تقترب منهما، بل من الأدب والمروءة أن تبتعد، لأنه ربما يكون بينهما حديث السر ويخجلان أن يقولا لك أبعد، فالحديث سر، أو إذا كانا لا يستطيعان ذلك عدلا عن حديث السر فقطعت حديثهما.
6-الحقد: والحقد يعني الكراهية والبغضاء، فإن بعض الناس إذا رأى أن الله أنعم على غيره نعمة حقد عليه، مع أن هذا الذي أنعم عليه لم يتعرض له بسوء، لكن حاقد عليه. وما قصة ابني آدم بغريب علينا.
قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر. فقال الذي لم يتقبل منه إلى الذي تقبل منه لأقتلنك. كرهه وحقد عليه إلى حد أنه أودى بحياته، فقال له ذلك: (إنما يتقبل الله من المتقين) [سورة المائدة: 27] وليس بيدي تزكية نفسي أو لثناء عليها.
وإنما يريد أن يحث ذلك على التقوى حتى يقبل منه. كأنه قال له: اتق الله يقبل منك. ولكن : (فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله) [سورة المائدة: 30].
فلا يجوز للإنسان أن يحقد على أخيه المسلم، ولا سيما أن يكون سبب الحقد ما من الله عليه من النعمة سواء دينيا أو دنيويا.
7- الحسد: من أخلاق اليهود، وبئس الخلق خلق الحسد، فما هو الحسد.
الحسد قيل هو: أن يتمنى زوال نعمة الله على غيره.
يتمنى فقره إذا كان أنعم الله عليه بالمال، ونسيانه وجهله إذا كان أنعم الله عليه بالعلم، وفقد أولاده وعقم زوجته إذا كان الله من عليه بالأولاد وما أشبه ذلك.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله:«الحسد كراهة نعمة الله على غيره». يعني ما يتمنى زوالها، لكن يكره أن الله أنعم على هذا الإنسان بهذه النعمة، فأما لو تمنى أن يرزقه الله مثلها، فليس هذا من الحسد بل هذا من الغبطة، التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا حسد إلا في اثنتين».
ومضار الحسد إحدى عشرة وهي:
1- أنه من كبائر الذنوب.
2- أنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. والحديث ضعيف.
3- أنه من أخلاق اليهود.
4- أنه ينافي الإخوة الإيمانية.
5- أنه فيه عدم الرضا بقضاء الله وقدره.
6- أنه سبيل للتعاسة.
7- الحاسد متبع لخطوات الشيطان.
8- يورث العداوة والبغضاء بين الناس.
9- قد يؤدي إلى العدوان على الغير.
10- فيه إزدراء لنعمة الله على الحاسد.
11- يشغل القلب عن الله.

8- سوء الظن: أن يظن بغيره ظنا سيئا، مثل أن يقول: لم يتصدق هذا إلا رياء، لم يلق هذا الطالب هذا السؤال إلا رياء ليعرف أنه طالب. وكان المنافقون إذا أتى المتصدق من المسلمين بالصدقة- إن كانت كثيرة- قالوا: مرائي، وإن كانت قليلة.
قالوا: إن الله غني عن صدقة هذا، فهم يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات، ويلمزون الذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم. فإياك وسوء الظن.
فالواجب إحسان الظن بمن ظاهره العدالة، أما من ظاهره غير العدالة فلا حرج أن يكون في نفسك سوء الظن به، لكن مع ذلك عليك أن تتحقق حتى يزول ما في نفسك من هذا الوهم. لأن بعض الناس قد يسيء الظن بشخص ما بناء على وهم كاذب لا حقيقة له.
قال الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن) (سورة الحجرات: 12). ولم يقل كل الظن، لأن بعض الظنون لها أصل ولها مبرر (إن بعض الظن إثم) (سورة الحجرات: 12). وليس كل الظن، فالظن الذي يحصل فيه العدوان على الغير هذا لا شك أنه إثم، والظن الذي لا مستند له، هو أيضا إثم.
9- ومجالسة المبتدعة: وليته عمم: مجالسة كل من تخرم مجالستهم المروءة، سواء كان ذلك لابتداع أو سوء أخلاق أو انحطاط رتبة عن المجتمع أو ما أشبه ذلك.
فينبغي لطالب العلم أن يكون مرتفعا عن مجالسة من تخدش مجالستهم المروءة أو تخدش الدين. لكن كأنه خص ذلك بالمبتدعة لأن المقام مقام تعليم، فإذا وجدنا مبتدعا عنده طلاقة في اللسان، وسحر في البيان، فإنه لا يجوز أن يجلس إليه، لأنه مبتدع. لماذا لا يجوز؟
أولا- لأننا نخشى من شره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن من البيان لسحرا» . قد يسحر عقولنا حتى نوافقه على بدعته.
ثانيا- أن فيه تشجيع لهذا المبتدع أن يكثر الناس حوله أو أن يجلس إليه فلان وفلان من الوجهاء والأعيان، فهذا يزيده رفعة واغترارا بما عنده من البدعة وغرورا في نفسه.
ثالثا- إساءة الظن بهذا الذي اجتمع إلى صاحب البدعة، وقد لا يتبين هذا إلا بعد حين.
10- نقل الخطى إلى المحارم : يعني أن يمشي الإنسان على الأمور المحرمة، فإن هذا من خوارم هذه الحلية: إذ أن الذي ينبغي لطالب العلم أن يتجنب هذا، بل إن بعض العلماء يقول يتجنب حتى الخطى إلى أمر ينتقده الناس فيه، كما لو ذهب طالب العلم إلى ميع النساء. النساء لها أسواق للبيع، فذهب طالب العلم لأسواق النساء، هل هذا مما يحمد عليه أو مما يذم عليه؟ مما يذم عليه، يقال فلان طالب العلم يروح لأسواق النساء، حتى لو قال أنا أريد أن أذهب لأسواق النساء حتى أشتري لأهلي من هذه الأثواب التي تباع بالأسواق. قلنا وكل من يشتري عنك، أما أنت طالب علم ينتقد عليك هذا الفعل، ويقتدي بك من نيته سيئة.
ثم قال: «فاحذر هذه الآثام وأخواتها، واقصر خطاك عن جميع المحرمات والمحارم، فإن فعلت، وإلا فأعلم أنك رقيق الديانة، خفيف، لعاب، مغتاب، نمام، فإنى لك أن تكون طالب علم، يشار إليك بالبنان، منعما بالعلم والعمل؟
يعني: ينبغي للإنسان أن ينزل منزلتها وألا يدنسها بالأخلاق، لأن طالب العلم شرفه الله تعالى بالعلم وجعله قدوة، حتى إن الله تعالى رد أمور الناس عند الإشكال إلى العلماء. فقال: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (سورة النحل: 43).
فالحاصل إنك يا طالب العلم محترم فلا تنزل نفسك إلى ساحة الذل والضعة، بل كن كما ينبغي أن تكون.

فهذه الحلية لا شك أنها مفيدة ونافعة لطالب العلم وينبغي للإنسان أن يحرص عليها ويتبعها، لكن لا يعني ذلك أن يقتصر عليها بل هناك كذلك كتب أخرى صنفت في آداب العلم ما بين قليل وكثير ومتوسط، وأهم شيء أن الإنسان يترسم خطى النبي صلى الله عليه وسلم ويمشي عليها، فهي الحلية الحقيقية التي ينبغي للإنسان أن يتحلى بها، كما قال سبحانه وتعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) (سورة الأحزاب: 21).
نسأل الله تعالى أن يختم لنا ولكم بصالح الأعمال، وأن يوفقنا للعمل بما يرضيه.


تم التهذيب بواسطة زمزم


شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (ثم ذكر المؤلف بعض العثرات ومنها :
إفشاء الأسرار ، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "المجالس بالأمانة" وإفشاء السر نوع من أنواع الخيانة ، والخيانة بئست البطانة.
كذلك لا يكون المؤمن طالب العلم من أهل النميمة ، ينقل كلام هؤلاء إلى هؤلاء ، وكلام هؤلاء إلى هؤلاء ، ليفسد بينهم فهذا من أكبر المحرّمات ، وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا يدخل الجنة قتات" يعني : نمام.
من العوارض والعثرات : الصَّلف بأن يتكلم الإنسان بالكلام الغليظ غير الرقيق اللين ، وكذلك اللسانة والرطانة ، اللسانة : بأن يتكلم بلسان قوي يتخلل في لسانه ليظهر قدرته على الناس وليس ذلك الكلام مبنيا على أصول علمية.
كذلك كثرة المزاح يجتنبه الإنسان ، يجتنبه طالب العلم ، لأنه يُخِف من منزلته ويجعل الناس لا يقبلون ما لديه من العلم.
هكذا أيضا الدخول في حديث بين اثنين ، لأنهما لم ينعزلا إلا لحديث خاص بينهما ، فدخول طالب العلم بينهما يقلّ من منزلته.
كذلك حقد الآخرين ، والحقد والحسد فإنّ هذه ليست من صفات طالب العلم ، سواء كان حسدا لطلب العلم ، الحسد المذموم بتمنّي زوال النعمة عن الآخرين ، أو كان بالحسد على ما أوتيه البعض في أمور الدنيا.
وكذلك يجتنب سوء الظن في الآخرين ، يشتغل بما ينفع ويترك سوء الظن ، وكذلك يجتنب طالب العلم مجالسة المبتدعة ، لأنه سيُظن أنه منهم ، وقد يعلق بقلبه بعض بدعهم من حيث لا يشعر ، ثم إنهم يتقوّوْن بذلك ، فلانا يزورنا وفلانا يجالسنا.
كذلك يجتنب طالب العلم المعاصي والذنوب لأنها تطمس العلم طمسًا ، وتطمس على القلب كما قال تعالى : {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}.
هذا شيء مما ذكره المؤلف واختصرنا فيما يتعلّق بالمحاذير لقلّة الوقت ، فلعلّكم تعذروننا في هذا ، نسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم علما نافعا وعملا صالحا ، كما نسأله سبحانه أن يصلح أحوال الأمة ، وأن يردهم إلى دينهم ردّا جميلا ، هذا والله أعلم وصلّى الله على نبينا محمد.

هيئة الإشراف

#5

28 Feb 2009

لا طائفِيَّةَ ولا حِزبيَّةَ يُعْقَدُ الولاءُ والبَرَاءُ عليها

المتن:

قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (أهلُ الإسلامِ ليس لهم سِمَةٌ سَِوى الإسلامِ والسلامِ : فيا طالبَ العلْمِ ! بارَكَ اللهُ فيك وفي عِلْمِك ؛ اطْلُب العِلْمَ واطْلُب العملَ وادْعُ إلى اللهِ تعالى على طَريقةِ السلَفِ .
ولا تَكُنْ خَرَّاجًا وَلَّاجًا في الجماعاتِ ، فتَخْرُجَ من السَّعةِ إلى القوالِبِ الضيِّقَةِ فالإسلامُ كلُّه لك جَادَّةً ومَنْهَجًا والمسلمونَ جَميعُهم هم الجماعةُ وإنَّ يدَ اللهِ مع الجماعةِ ، فلا طائفِيَّةَ ولا حِزبيَّةَ في الإسلامِ .
وأُعِيذُكَ باللهِ أن تَتَصَدَّعَ ، فتكونَ نَهَّابًا بينَ الفِرَقِ والطوائفِ والْمَذاهِبِ الباطلةِ والأحزابِ الغاليةِ ، تَعْقِدُ سُلطانَ الوَلاءِ والبَرَاءِ عليها فكُنْ طالِبَ عِلْمٍ على الْجَادَّةِ ؛ تَقْفُو الأَثَرَ ، وتَتْبَعُ السُّنَنَ ، تَدْعُو إلى اللهِ على بَصيرةٍ ، عارفًا لأهلِ الفَضْلِ فَضْلَهم وسابِقَتَهم .
وإنَّ الحزبيَّةَ ذاتَ المساراتِ والقوالِبِ الْمُستحدَثَةِ التي لم يَعْهَدْها السلَفُ من أَعْظَمِ العوائقِ عن العِلْمِ ، والتفريقِ عن الجماعةِ ، فكم أَوْهَنَت حَبْلَ الاتِّحادِ الإسلاميِّ وغَشِيَت المسلمينَ بسَبَبِها الغَوَاشِي .
فاحْذَرْ رَحِمَكَ اللهُ أَحزابًا وطَوائفَ طافَ طائفُها ونَجَمَ بالشرِّ ناجِمُها فما هي إلا كالْمَيَازِيبِ؛ تَجْمَعُ الماءَ كَدَرًا ، وتُفَرِّقُه هَدَرًا ؛ إلا مَن رَحِمَه ربُّك ، فصارَ على مِثْلِ ما كان عليه النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابُه رَضِي اللهُ عَنْهُم .
قالَ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى عندَ عَلَامَةِ أهلِ العُبودِيَّةِ : ( العَلامةُ الثانيةُ : قولُه : ( ولم يُنْسَبُوا إلى اسمٍ ) ؛ أي : لم يَشْتَهِروا باسمٍ يُعرَفون به عندَ الناسِ من الأسماءِ التي صارَتْ أعلامًا لأهلِ الطريقِ ) .
وأيضًا ؛ فإنهم لم يَتَقَيَّدُوا بعَمَلٍ واحدٍ يُجْرَى عليهم اسْمُه ، فيُعْرَفون به دونَ غيرِه من الأعمالِ ؛ فإنَّ هذا آفةٌ في العُبوديَّةِ ، وهي عُبودِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ .
وأمَّا العُبوديَّةُ المطلَقَةُ ؛ فلا يُعْرَفُ صاحبُها باسمٍ مُعَيَّنٍ من معاني أسمائِها ؛ فإنه مُجيبٌ لداعيها على اختلافِ أنواعِها ، فله مع كلِّ أهلِ عُبودِيَّةٍ نصيبٌ يَضْرِبُ معهم بسَهْمٍ ؛ فلا يَتَقَيَّدُ برَسْمٍ ولا إشارةٍ ولا اسمٍ ولا بِزِيٍّ ولا طريقٍ وَضْعِيٍّ اصطلاحيٍّ ، بل إن سُئِلَ عن شَيخِه ؟ قالَ : الرسولُ . وعن طريقِه ؟ قال : الاتِّباعُ . وعن خِرْقَتِه قال : لِباسُ التَّقْوَى ، وعن مَذْهَبِه ؟ قالَ : تَحكيمُ السُّنَّةِ . وعن مَقْصِدِه ومَطْلَبِه ؟ قالَ : { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } . وعن رِباطِه وعن خَانْكَاهُ ؟ قالَ : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ } وعن نَسَبِه ؟ قالَ :

أبي الإسلامُ لا أبَ لي سِوَاهُ ... إذا افْتَخُروا بقيْسٍ أو تَمِيمِ

 وعن مَأْكَلِه ومَشْرَبِه ؟ قال : ( ما لك ولها ؟ معها حِذاؤُها وسِقاؤُها ، تَرِدُ الماءَ وتَرْعَى الشَّجَرَ حتى تَلْقَى رَبَّهَا ) .

واحسرتاه تَقَضَّى  العُمْرُ  وانْصَرَمَتْ ... ساعاتُه بينَ ذُلِّ العَجْـزِ  والْكَسَـلِ
والقوْمُ قد أَخَذُوا دَرْبَ النجاةِ  وقدْ ... ساروا إلى الْمَطْلَبِ الأَعْلَى على مَهَلِ

ثم قالَ : ( قولُه : ( أولئك ذخائرُ اللهِ حيث كانوا ) ؛ ذخائرُ الْمُلْكِ : ما يُخَبَّأُ عندَه ويَذْخَرُه لِمُهِمَّاتِه ، ولا يَبْذُلُه لكلِّ أحدٍ ؛ وكذلك ذَخيرةُ الرجُلِ : ما يَذْخَرُه لحوائجِه ومُهِمَّاتِه ، وهؤلاءِ ؛ لَمَّا كانوا مَسْتُورِينَ عن الناسِ بأَسبابِهم ، غيرَ مُشارٍ إليهم ، ولا مُتَمَيِّزِينَ بِرَسْمٍ دونَ الناسِ ، ولا مُنتسبينَ إلى اسمِ طريقٍ أو مَذهَبٍ أو شيخٍ أو زِيٍّ؛ كانوا بِمَنْزِلَةِ الذخائرِ المخبوءةِ، وهؤلاءِ أَبْعَدُ الْخَلْقِ عن الآفاتِ ؛ فإنَّ الآفاتِ كلَّها تَحتَ الرسومِ والتقَيُّدِ بها ، ولزومِ الطرُقِ الاصطلاحيَّةِ والأوضاعِ المتداوَلَةِ الحادِثَةِ .
هذه هي التي قَطَعَتْ أكثرَ الخلْقِ عن اللهِ وهم لا يَشعرون .
والعَجَبُ أنَّ أَهْلَها هم الْمَعروفون بالطلَبِ والإرادةِ ، والسيْرِ إلى اللهِ وهم – إلا الواحدَ بعدَ الواحدِ – الْمَقطوعون عن اللهِ بتلك الرسومِ والقُيودِ .
وقد سُئِلَ بعضُ الأئِمَّةِ عن السُّنَّةِ ؟ فقالَ : ما لا اسمَ له سِوَى ( السُّنَّةِ ) .
يعني : أنَّ أهلَ السُّنَّةِ ليس لهم اسمٌ يُنْسَبُون إليه سِواهَا .
فمِن الناسِ مَن يَتَقَيَّدُ بلِباسِ غيرِه ، أو بالجلوسِ في مَكانٍ لا يَجْلِسُ في غيرِه أو مِشْيَةٍ لا يَمْشِي غيرَها أو بِزِيٍّ وهيئةٍ لا يَخْرُجُ عنهما ، أو عبادةٍ مُعَيَّنَةٍ لا يَتَعَبَّدُ بغيرِها وإن كانت أَعْلَى منها أو شيخٍ مُعَيَّنٍ لا يُلْتَفَتُ إلى غيرِه، وإن كان أَقْرَبَ إلى اللهِ ورسولِه منه .
فهؤلاءِ كلُّهم مَحجوبون عن الظَّفَرِ بالمطلوبِ الأعلى مَصْدُودُون عنه، قد قَيَّدَتْهُم العوائِدُ والرُّسومُ والأوضاعُ والاصطلاحاتُ عن تَجريدِ المتابَعَةِ فأَضْحَوْا عنها بِمَعْزِلٍ، ومَنزِلتُهم منها أبْعَدُ مَنْزِلٍ ، فتَرَى أحدَهم يَتَعَبَّدُ بالرياضةِ والْخَلْوَةِ وتَفريغِ القَلْبِ ويَعُدُّ العِلْمَ قاطعًا له عن الطريقِ فإذا ذُكِرَ له الْمُوالاةُ في اللهِ والْمُعاداةُ فيه والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكَرِ ؛ عَدَّ ذلك فُضولًا وشَرًّا ، وإذا رَأَوْا بينَهم مَن يَقومُ بذلك أَخْرَجُوه من بينِهم وَعَدُّوه غَيْرًا عليهم ، فهؤلاءِ أَبْعَدُ الناسِ عن اللهِ ، وإن كانوا أكثرَ إشارةً . واللهُ أَعْلَمُ ) اهـ .


شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذا فصل مهم، وهو تخلي طالب العلم عن الطائفية والحزبية، بحيث يعقد الولاء والبراء على طائفة معينة أو على حزب معين، فإن هذا لا شك خلاف منهج السلف، السلف الصالح ليس عندهم حزبية كلهم حزب واحد، كلهم ينضمون تحت قول الله تعالى : (هو سماكم المسلمين من قبل) (سورة الحج: 78).
فلا حزبية ولا تعدد ولا موالاة ولا معاداة إلا على حسب ما جاء في الكتاب والسنة.
فمن الناس مثلا من يتحزب إلى طائفة معينة، يقرر منهجها ويستدل عليه بالأدلة التي قد تكون دليل عليه، وقد تكون دليل له ويحامي دونه، ويضلل من سواه حتى ولو كانوا أقرب إلى الحق منها ويأخذ بمبدأ: من ليس معي فهو علي.
وهذا مبدأ خبيث، يعني بعض الناس يقول: إذا لم تكن معي فأنت علي، هناك وسط بين أن يكون لك أو عليك، وإذا كان عليك في الحق فليكن عليك فإنه في الحقيقة معك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «انصر أخاك ظالما أو مظلوما». ونصر الظالم أن تمنعه من الظلم، فلا حزبية في الإسلام. ولذلك لما ظهرت الأحزاب في المسلمين تنوعت الطرق وتفرقت الأمة، وصار بعضهم يضلل بعضا ويأكل لحم أخيه ميتا، فالواجب عدم ذلك.
الآن مثلا يكون بعض الناس طالب علم عند شيخ من المشايخ، ينتصر لهذا الشيخ بالحق وبالباطل. وما في سواه يضلله ويبدعه ويرى أنه- شيخه- العالم المصلح، ومن سواه إما جاهل وإما مفسد، وهذا غلط كبير، خذ الحق من أي إنسان، وإذا استروحت نفسك لشخص من الناس فالزم مجلسه، لكن لا يعني ذلك أن تكون معه على الحق والباطل، وأن تضلل من سواه وتزدريهم أو ما أشبه ذلك فإن هذا غلط.
يقول الشيخ : «أهل الإسلام ليس لهم سمة سوى الإسلام والسلام» صحيح. (هو سماكم المسلمين من قبل) (سورة الحج: 78). كلنا مسلمون، فهذه سمة المسلم وعلامته: مسلما لله، مستسلما له، قائما بأمره تابعا لرسوله. هذا هو سمة المسلم.
فيا طالب العلم بارك الله فيك وفي علمك اطلب العلم واطلب العمل، لا تكن مثل بعض الناس، ليس إلا كتب مجموعة، يحفظ كثيرا ويفهم كثيرا، لكنه يعمل قليلا. فهذا لا ينتج.
كن طالبا للعلم عاملا به، داعيا إلى الحق. ثلاثة أشياء: صدق الطلب، العمل به، الدعوة. لا بد من هذا، أما مجرد أن تحشر العلوم ولا ينتفع الناس بعلمك، فهذا نقص كبير.
وادع إلى الله على طريقة السلف. وما هي طريقة السلف في الدعوة إلى الله؟ هي التي أرشدهم الله إليها بقوله : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (سورة النحل: 125). لين في موضع اللين، وشدة في موضع الشدة.
قال: «ولا تكن خراجا ولاجا في الجماعات، فتخرج من السعة إلى القوالب الضيقة، فالإسلام كله لك جادة ومنهج».
يقول: إن بعض الناس يكون ولاجا خراجا، بينما تجده منضما إلى قوم أو فئة، اليوم تجده خارجا منها ووالجا في جهة أخرى، وهذا مضيعة للوقت، ودليل على أن الإنسان ليس له قاعدة يبني عليها حياته.
يقول: «المسلمون جميعهم هم الجماعة، وأن يد الله مع الجماعة، فلا طائفية ولا حزبية في الإسلام». بل يجب أن نكون أمة واحدة، وإن اختلفنا في الرأي، أما أن نكون أحزابا: هذا إخواني- يعني من الإخوان المسلمين- وهذا سلفي، وهذا تبليغي.
وهذا لا يجوز، الواجب أن كل هذه الأسماء ينبغي أن تزول. وتكون أمة واحدة، وحزب واحد على أعدائنا.
قال: «وأعيذك بالله أن تتصدع، فتكون نهابا بين الفرق، والطوائف، والمذاهب الباطلة، والأحزاب الغالية، تعقد سلطان الولاء والبراء عليها». هذه أيضا طريق سيئة، أن يكون الإنسان نهابا بين الفرق والطوائف، يأخذ من هذا، ومن ثم لا يستقر على رأي.
فإن هذه آفة عظيمة، والواجب على الإنسان أن يكون مختارا ما هو أنسب في العلم والدين ويستمر عليه وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:«من بورك له في شيء فليلزمه». وهذه في الحقيقة قاعدة لمنهاج المسلم يجب أن يسير عليها، من بورك له في شيء فليلزمه وليستمر عليه حتى لا تتقطع أوقاته يوما هنا ويوما هنا.
يقول: «فكن طالب علم على الجادةـ تقفوا الأثر، وتتبع السنن، تدعوا إلى الله على بصيرة عارفا لأهل الفضل فضلهم وسابقتهم».
هذه أيضا وصية نافعة، أن الإنسان ينبغي له أن يتبع الأثر وأن يدع الأهواء والأفكار الواردة على الإسلام والتي هي في الحقيقة دخيلة على الإسلام وبعيدة الوضوح.
ثم نقل كلام ابن القيم: (العلامة الثانية) قوله: «ولم ينسبوا إلى اسم» أي: لم يشتهروا باسم يعرفون به عند الناس من الأسماء التي صارت أعلاما لأهل الطريق.
وأيضا، فإنهم لم يتقيدوا بعمل واحد يجري عليهم اسمه، فيعرفون به دون غيره من الأعمال، فإن هذا آفة في العبودية، وهي عبودية مقيدة.
وأما العبودية المطلقة، فلا يعرف صاحبها باسم معين من معاني أسمائها.
هذا هو الصحيح، العبودية المطلقة أن يعبد الإنسان ربه على حسب ما تقتضيه الشريعة. مرة من المصلين، ومرة من الصائمين، ومرة من المجاهدين ومرة من المتصدقين حسب ما تقتضيه المصلحة، ولذلك تجد النبي صلى الله عليه وسلم هكذا حاله، لا تكاد تراه صائما إلا وجدته صائما ولا مفطرا إلا وجدته مفطرا، ولا قائما إلا وجدته قائما.
يتبع المصلحة، أحيانا يترك الأشياء التي يحبها من أجل مصلحة الناس، فإياك أن تكون قاصرا على عبادة معينة، بحيث لا تتزحزح عنها.
قال: «فإنه مجيب لداعيها على اختلاف أنواعها»، فله مع كل أهل عبودية نصيب يضرب معهم بسهم، فلا يتقيد برسم ولا إشارة، ولا اسم ولا بزي، ولا طريق وضعي اصطلاحي، بل إن سئل عن شيخه؟ قال: الرسول. وعن طريقه؟ قال: الاتباع. وعن خرقته؟ قال: لباس التقوى. وعن مذهبه؟ قال: تحكيم السنة.
وعن مقصده ومطلبه؟ قال : (يريدون وجهه). وعن رباطة وعن خانكاه؟ قال: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال (36) رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة) (سورة النور: 36-37). وعن نسبه؟ قال:

أبي الإسلام لا أب لي سواه=إذا افتخروا بقيس أو تميم

وعن مأكله ومشربه؟ قال: «مالك ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء، وترعى الشجر، حتى تلقى ربها».
هذه قالها النبي صلى الله عليه وسلم في ضالة الإبل، لما سئل عن إلتقاطها غضب عليه الصلاة والسلام. وقال: «ما لك ولها؟ دعها فإن معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وترعى الشجر حتى تلقى ربها».
ابن القيم- رحمه الله- نقلها إلى هذا المعنى الجليل، يعني: هؤلاء العباد الذين تفنوا في العبادة وأخذوا لكل نوع منها نصيب. لو سئل من أين يجري عليك الرزق.
يجيب: مالك ولها دعني!! يرزقني الله عز وجل.

واحسرتاه تقضى العمر  وانصرمت ... ساعاته بين ذل  العجز  والكسـل
والقوم قد أخذوا درب النجاة وقد ... ساروا إلى المطلب الأعلى على مهل

ثم قال: قوله: «أولئك ذخائر الله حيث كانوا، ذخائر الملك: ما يخبأ عنده، ويذخره لمهماته، ولا يبذله لكل أحد، وكذلك ذخيرة الرجل: ما يذخره لحوائجه ومهماته. وهؤلاء لما كانوا مستورين عن الناس بأسبابهم، غير مشار إليهم، ولا متميزين برسم دون الناس، ولا منتسبين إلى اسم طريق أو مذهب أو شيخ أو زي، كانوا بمنزلة الذخائر المخبوءة. هؤلاء أبعد الخلق عن الآفت، فإن الآفات كلها تحت الرسوم والتقيد بها، ولزوم الطرق الاصطلاحية، والأوضاع المتداولة الحادثة. هذه هي التي قطعت أكثر الخلق عن الله، وهم لا يشعرون».
صحيح هذا.. لا شك أن الأمر كما قال الإمام ابن القيم- رحمه الله- هؤلاء الذين لهم مراسم معينة، ولهم طقوس معينة، وأشكال معينة، هؤلاء لا شك أنهم ينقطعون عن الله عز وجل بحسب ما معهم من هذه الرسومات الإصطلاحية وما أشبهها، تجد الواحد منهم إذا رأيته قلت: من هذا الرجل؟ من هذا العالم. لكنه عالم بالزي والشكل فقط، وليس عنده علم راسخ، بل وربما نقول إيمانه ضعيف أيضا، وإلا لكان يعتمد على ما عنده من العلم والإيمان والدعوة والصلاح. قال:
«والعجب أن أهلها هم المعروفون بالطلب والإرادة، والسير إلى الله، وهم- إلا الواحد بعد الواحد- المقطوعون عن الله بتلك الرسوم والقيود».
العجب من أن الإنسان يستغرب أن يكون هؤلاء الذين أخذوا العلم بالرسوم والاصطلاحات الحادثة، هم المعروفون بالطلب والإرادة لأنهم يغرون الناس بلباسهم ونبرات كلامهم، وغير ذلك.
ثم قال: «وقد سئل بعض الأئمة عن السنة؟ فقال: ما لا اسم له سوى «السنة». يعني: أن أهل السنة ليس لهم اسم ينسبون إليه سواها. فمن الناس من يتقيد بلباس غيره، أو بالجلوس في مكان لا يجلس في غيره، أو مشية لا يمشي غيرها، أو بزي وهيئة لا يخرج عنهما، أو عبادة معينة لا يتعبد بغيرها وإن كانت أعلى منها، أو شيخ معين لا يلتفت إلى غيره وإن كان أقرب إلى الله ورسوله منه. فهؤلاء كلهم محجوبون عن الظفر بالمطلوب الأعلى، مصدودون عنه، قد قيدتهم العوائد والرسوم، والأوضاع، والاصطلاحات عن تجريد المتابعة، فأضحوا عنه بمعزل، ومنزلتهم منها أبعد منزل، فترى أحدهم يتعبد بالرياضة، والخلوة، وتفريغ القلب، ويعد العلم قاطعا له عن الطريق، فإذا ذكر له الموالاة في الله، والمعاداة فيه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، عد ذلك فضولا وشرا، وإذا رأوا بينهم من يقوم بذلك، أخرجوه من بينهم، وعدوه غيرا عليهم، فهؤلاء أبعد الناس عن الله، وإن كانوا أكثر إشارة. والله أعلم» اهـ.
قوله:«يتعبد بالرياضة» المراد: الرياضة القلبية على زعمهم، فتجدهم منعزلين عن الناس، بعيدين عن الناس، لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ولا يتعلمون ظنا منهم أن هذا هو الخير، ولكنهم في الواقع ضلوا، الخير أن تتبع الخير حيث ما كان.
فتارة في مجالس العلم، وتارة في مصارف الجهاد، وتارة في الحسبة، وتارة في الصلاة وتارة في القرآن، حسب ما ترى أنه أنفع لعباد الله وأخشى لقلبك، لكن من الناس من لا يتحمل، فتجده يركن إلى شيء معين من العبادة يدعي أن فيه صلاح قلبه ويستمر عليه.


تم التهذيب بواسطة زمزم


شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (كذلك نحذر كل الحذر من تفريق أهل الإسلام ، نحن أمة واحدة من جاء يريد أن يفرّق كلمتنا فلا يجوز أن نلتفت إليه ، لا يجوز أن نستجيب له ، بل الواجب إسكاته ، من دعا إلى طائفة أو إلى حزب أو إلى جماعة ليكون الولاء والبراء عليها ينبغي إسكاته وعدم الإلتفات إليه ، مهما كانت هذه الطائفة ، ينبغي بل يجب أن يكون ولاؤنا لله ، وعداؤنا لله ، ليس من أجل فلان ولا من أجل فلان ، وإنما لله و لرسوله صلى الله عليه وسلم.
وبالتالي هذه الجماعات وهذه الحزبيات لا يجوز للإنسان أن ينضم فيها ، أو يكون واحدا منها ، أو أن يعاهد ويبايع فيها ، أو أن يكون مناصرًا لها وإنما النصرة تكون لله و لرسوله صلى الله عليه وسلم و لأهل الإيمان ، وأما من جاءنا يريد أن يكون الولاء والبراء على أمور مغايرة لذلك ، فحينئذ لا يصح منا أن ننضوي تحت لوائه ، وكم من صاحب بدعة أو صاحب تحزّبات يحاول أن يضمّ الناس إليه من أجل أن يفاخر بهم ، وأن يذكر أنّ جماعته وحزبه وطريقته هي الأقوى ، وأنّ أتباعها الأكثر ، وبالتالي فكل من أرادنا أن نجتمع على غير منهاج شرعي فلن نقبل منه.
وكذلك بعض الناس يظهر جزءا من أجزاء الشريعة من أجل أن يضم الناس إليه ، يقول : تعالوا نحن أهل الصلاة ، هل معنى هذا ، أن نترك بقية الأحكام، إن كان يريد منا أن نترك بقية أركان الشريعة فلا يجوز أن نقبل منه.
وكذلك إذا جاءنا يريد منا أن يكون العمل والاجتماع على شيء لم ترد به الشريعة فلا يجوز لنا أن نلتفت إليه.
قال المؤلف : (وعن خَانْكَاهُ) و الرباط ، هذه المواطن تجعلها بعض الطوائف للعبادة أو للتقرب لله ، وحينئذ نحن لا نلتفت إلى هذا ، نلتفت إلى بيوت الله إلى المساجد ، كذلك لا ينبغي أن يكون ولاؤنا وتحزّبنا لزيد من الناس مهما كانت منزلته ، وإنما نتحزّب لكتاب الله ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.