11 Dec 2008
الدرس التاسع عشر: المحاذير ( 1 / 2 )
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (
الفصلُ السابعُ: الْمَحاذِيرُ
54- حِلْمُ اليَقَظَةِ :
إيَّاك و ( حِلْمَ اليَقَظَةِ ) ، ومنه بأن تَدَّعِيَ العلْمَ لِمَا لم تَعْلَمْ ، أو إتقانَ ما لم تُتْقِنْ ، فإن فَعَلْتَ ؛ فهو حِجابٌ كَثيفٌ عن الْعِلْمِ .
55- احْذَرْ أن تكونَ ( أبا شِبْرٍ ) :
فقد قيلَ : العلْمُ ثلاثةُ أَشبارٍ ، مَن دَخَلَ في الشبْرِ الأَوَّلِ ؛ تَكَبَّرَ ؛ وَمَنْ دَخَلَ في الشبْرِ الثاني ؛ تَواضَعَ ، ومَن دَخَلَ في الشبْرِ الثالثِ ؛ عَلِمَ أنه ما يَعْلَمُ .
56- التَّصَدُّرُ قبلَ التأَهُّلِ :
احْذَرِ التَّصَدُّرَ قبلَ التأَهُّلِ ؛ فهو آفةٌ في العِلْمِ والعَمَلِ .
وقد قيلَ : مَن تَصَدَّرَ قبلَ أَوانِه ؛ فقد تَصَدَّى لِهَوَانِهِ .
57- التَّنَمُّرُ بالعِلْمِ :
احْذَرْ ما يَتَسَلَّى به الْمُفْلِسُونَ من العِلْمِ ، يُراجِعُ مسألةً أو مسألتين، فإذا كان في مَجلسٍ فيه مَن يُشارُ إليه ؛ أثارَ البحثَ فيهما ؛ ليُظْهِرَ عِلْمَه ، وكم في هذا من سَوْأَةٍ ، أقَلُّها أن يَعلمَ أنَّ الناسَ يَعلمونَ حقِيقَتَه . وقد بَيَّنْتُ هذه مع أخواتٍ لها في كتابِ ( التعالمِ ) والحمْدُ للهِ رَبِّ العالمينَ .
58- تَحْبِيرُ الكَاغَدِ :
كما
يكونُ الحذَرُ من التأليفِ الخالي من الإبداعِ في مَقاصِدِ التأليفِ
الثمانيةِ، والذي نِهايتُه ( تَحبيرُ الكاغَدِ ) فالْحَذَرَ من الاشتغالِ
بالتصنيفِ قبلَ استكمالِ أَدواتِه ، واكتمالِ أهْلِيَّتِكَ ، والنضوجِ على
يَدِ أشياخِك ؛ فإنك تُسَجِّلُ به عارًا ، وتُبْدِي به شَنَارًا .
أمَّا
الاشتغالُ بالتأليفِ النافعِ لِمَن قامَتْ أهْلِيَّتُه ، واستَكْمَلَ
أَدواتِه وتَعَدَّدَتْ مَعارِفُه ، وتَمَرَّسَ به بَحْثًا ومُراجعةً
ومُطالَعَةً وجَرْدًا لِمُطَوَّلاتِه وحِفْظًا لِمُخْتَصَرَاتِه ،
واستذكارًا لمسائلِه ؛ فهو من أَفْضَلِ ما يَقومُ به النُّبلاءُ من
الفُضلاءِ .
ولا تَنْسَ قولَ الْخَطيبِ : ( مَن صَنَّفَ ؛ فقد جَعَلَ عقْلَه على طَبَقٍ يَعْرِضُه على الناسِ ) .
59- مَوْقِفُكَ مِن وَهْمِ مَن سَبَقَكَ :
إذا
ظَفِرْتَ بوَهْمٍ لعالِمٍ ؛ فلا تَفْرَحْ به للحَطِّ منه ، ولكن افْرَحْ
به لتصحيحِ المسألةِ فقطْ ؛ فإنَّ الْمُنْصِفَ يَكادُ يَجْزِمُ بأنه ما من
إمامٍ إلا وله أغلاطٌ وأوهامٌ ، لا سِيَّمَا الْمُكْثِرِين منهم .
وما يُشَغِّبُ بهذا ويَفْرَحُ به للتَّنَقُّصِ ؛ إلا مُتعالِمٌ ( يُريدُ أن يُطِبَّ زُكامًا فيُحْدِثَ به جُذَامًا ) .
نعمْ ؛ يُنَبِّهُ على خَطأٍ أو وَهْمٍ وَقَعَ لإمامٍ غُمِرَ في بَحْرِ عِلْمِه وفَضْلِه لكن لا يُثيرُ الرَّهَجَ إليه بالتنَقُّصِ منه والْحَطِّ عليه فيَغْتَرَّ به مَن هو مِثْلُه .
60- دَفْعُ الشُّبُهَاتِ :
لا تَجْعَلْ قلبَك كالسِّفِنْجَةِ تَتَلَقَّى ما يَرِدُ عليها فاجْتَنِبْ إثارةَ الشُّبَهِ وإيرادَها على نفسِك أو غيرِك ، 61- احْذَر اللَّحْنَ :
فالشُّبَهُ خَطَّافةٌ والقلوبُ ضَعيفةٌ وأَكْثَرُ مَن يُلْقِيهَا حَمَّالَةُ الْحَطَبِ – المبتَدِعَةُ – فتَوَقَّهُم .
ابْتَعِدْ
عن اللحْنِ في اللفظِ والكُتُبِ؛ فإنَّ عَدَمَ اللحْنِ جَلالةٌ وصفاءُ
ذوقٍ ووُقوفٌ على مِلاحِ المعاني لسلامةِ الْمَبانِي ؛ فعن عمرَ رَضِي
اللهُ عَنْهُ أنه قالَ : ( تَعَلَّمُوا العربيَّةَ ؛ فإنها تَزيدُ في
الْمُروءةِ ) .
وقد وَرَدَ عن جَماعةٍ من السلَفِ أنهم كانوا يَضْرِبُونَ أولادَهم على اللَّحْنِ .
وأَسْنَدَ
الخطيبُ عن الرَّحْبيِّ قالَ : ( سَمِعْتُ بعضَ أصحابنِا يَقولُ : إذا
كَتَبَ لَحَّانٌ ، فكَتَبَ عن اللَّحَّانِ لَحَّانٌ آخَرُ ؛ صارَ الحديثُ
بالفارِسِيَّةِ ) !. وأَنْشَدَ الْمُبَرِّدُ :
النحوُ يَبْسُطُ من لسانِ الأَلْكَنِ ... والمرءُ تُكْرِمُه إذا لـم يَلْحَـنِ
فإذا أرَدْتَ من العلومِ أَجَلَّها ... فأَجَلُّها منها مُقيـمُ الأَلْسُـنِ
ولا
بقولِ بِشْرٍ الحافِي رَحِمَه اللهُ تعالى : ( لَمَّا قيلَ له : تَعَلَّم
النحْوَ قالَ : أَضِلُّ ، قالَ : قلُ: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا . قالَ بِشْرٌ
: يا أخي ! لِمَ ضَرْبُه ؟ قالَ : يا أبا نَصْرٍ ! ما ضَرَبَه، وإنما هذا
أصْلٌ وُضِعَ . فقالَ بِشْرٌ : هذا أَوَّلُه كَذِبٌ ، لا حاجةَ لي فيه )
.رواهما الخطيبُ في ( اقتضاءِ العِلْمِ العَمَلَ ) .
حِلْمُ اليَقَظَةِ
المتن:
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (الفصلُ السابعُ: الْمَحاذِيرُ
54- حِلْمُ اليَقَظَةِ:
إيَّاك و ( حِلْمَ اليَقَظَةِ ) ، ومنه بأن تَدَّعِيَ العلْمَ لِمَا لم تَعْلَمْ ، أو إتقانَ ما لم تُتْقِنْ ، فإن فَعَلْتَ ؛ فهو حِجابٌ كَثيفٌ عن الْعِلْمِ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
القارئ: (الفصلُ السابعُ: الْمَحاذِيرُ
الرابع والخمسون: حِلْمُ اليَقَظَةِ :
إيَّاك
و ( حِلْمَ اليَقَظَةِ ) ، ومنه بأن تَدَّعِيَ العلْمَ لِمَا لم تَعْلَمْ ،
أو إتقانَ ما لم تُتْقِنْ ، فإن فَعَلْتَ ؛ فهو حِجابٌ كَثيفٌ عن
الْعِلْمِ .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذا صحيح.. وما أسرع أن
يغتر الإنسان ، أحيانا بعض الناس يري الحاضرين بأنه عالم مطلع، فتجده إذا
سئل.... يسكت قليلا- يعني كأنه يتأمل ويطلع على الأسرار ثم يرفع رأسه
ويقول: هذه المسألة فيها قولان للعلماء !! ، ولو قلت له ما هما القولين؟
يأتي بالقولين من عنده أو يقول تحتاج إلى مراجعة ، فالمهم أنك لا تدعي
العلم ولا تنصب نفسك عالما مفتيا وأنت لا علم عندك؛ لأن هذا من السفه في
العقل والضلال في الدين. ولهذا قال : «فإن فعلت فهو حجاب كثيف عن العلم». لأن الإنسان إذا فعل هذا ، يقول خلاص أنا صرت عالم لا أحتاج إلى ان أطلب العلم فينحجب عن العلم بهذا الاعتقاد الباطل.
تمت المقابلة الصوتية بواسطة: محمد أبو زيد
تم التهذيب بواسطة : زمزم
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله
القارئ: (قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
الفصل ُالسابعُ : الْمَحاذِيرُ
54- حِلْمُ اليَقَظَةِ :
إيَّاك
و ( حِلْمَ اليَقَظَةِ ) ، ومنه بأن تَدَّعِيَ العلْمَ لِمَا لم تَعْلَمْ ،
أو إتقانَ ما لم تُتْقِنْ ، فإن فَعَلْتَ ؛ فهو حِجابٌ كَثيفٌ عن
الْعِلْمِ .
55- احْذَرْ أن تكونَ ( أبا شِبْرٍ) :
فقد
قيلَ : العلْمُ ثلاثةُ أَشبارٍ ، مَن دَخَلَ في الشبْرِ الأَوَّلِ ؛
تَكَبَّرَ ؛ وَمَنْ دَخَلَ في الشبْرِ الثاني تَواضَعَ ، ومَن دَخَلَ في
الشبْرِ الثالثِ ؛ عَلِمَ أنه لا يَعْلَمُ .
56- التَّصَدُّرُ قبلَ التأَهُّلِ :
احْذَرِ التَّصَدُّرَ قبلَ التأَهُّلِ ؛ فهو آفةٌ في العِلْمِ والعَمَلِ .
وقد قيلَ : مَن تَصَدَّرَ قبلَ أَوانِه ؛ فقد تَصَدَّى لِهَوَانِهِ .
...
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (لما انتهى المؤلف رحمه الله من آداب طالب العلم ذكر عددا من المسائل التي ينبغي لطالب العلم أن يحذرها :
أول هذه الأمور :
حلم اليقظة ، بأن يتمنى على الله الأماني وهو لم يفعل الأسباب فحينئذ
يوقعه ذلك في المهالك ، يجعل نفسه تزهو وتظن أنّ لديها شيئا، وهكذا أيضا
إذا لم يتقن الإنسان العلم فقد تغرّه نفسه ، ويعجب بها لأنه لم يعرف العلم.
وكذلك من المحاذير أن يتصدّر الإنسان للتعليم أو الإقراء أو التأليف قبل أن يكون متأهلا ، مثل جلوسي بين يديكم اليوم ، نسأل الله السلامة.
احْذَرْ أن تكونَ ( أبا شِبْرٍ )
المتن:
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (فقد
قيلَ : العلْمُ ثلاثةُ أَشبارٍ ، مَن دَخَلَ في الشبْرِ الأَوَّلِ ؛
تَكَبَّرَ ؛ وَمَنْ دَخَلَ في الشبْرِ الثاني ؛ تَواضَعَ ، ومَن دَخَلَ في
الشبْرِ الثالثِ ؛ عَلِمَ أنه ما يَعْلَمُ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
القارئ: (الخامس والخمسون: احْذَرْ أن تكونَ ( أبا شِبْرٍ ) :
فقد
قيلَ : العلْمُ ثلاثةُ أَشبارٍ ، مَن دَخَلَ في الشبْرِ الأَوَّلِ ؛
تَكَبَّرَ ؛ وَمَنْ دَخَلَ في الشبْرِ الثاني ؛ تَواضَعَ ، ومَن دَخَلَ في
الشبْرِ الثالثِ ؛ عَلِمَ أنه ما يَعْلَمُ .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (الشبر
الأول يتكبر لأنه ما عرف نفسه حقيقة، الثاني تواضع، لكن متواضع وهو يرى
نفسه عالما، الأول يرى نفسه عالما لكن متكبر ، والثاني يرى نفسه عالما لكنه
متواضع ، والثالث أنه جاهل لا يعلم. وبالضرورة فلن يتكبر وهو يرى نفسه
جاهلا، لكن
هل هذه الأخيرة محمودة أم لا؟ أن ترى نفسك جاهلا؟ إذا رأيت نفسك جاهلا
فاعلم أنك لن تقدم على عزم في الفتيا مثلا، ولهذا تجد بعض طلبة العلم لا
يعطيك جزما يقول: الذي يظهر... أو يحتمل ...
لا يا أخي ما دام الله قد
فتح عليك وكنت عالما حقا، فاعتبر نفسك عالما.. اجزم بالمسألة، لا تجعل
الإنسان السائل طريح الاحتمال، وإلا ما أفدت الناس.
أما الإنسان الذي ليس عنده علم متمكن فهذا ينبغي أن يرى نفسه غير عالم.
تمت المقابلة الصوتية بواسطة: محمد أبو زيد
تم التهذيب بواسطة زمزم
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله
القارئ: (قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
الفصل ُالسابعُ : الْمَحاذِيرُ
54- حِلْمُ اليَقَظَةِ :
إيَّاك
و ( حِلْمَ اليَقَظَةِ ) ، ومنه بأن تَدَّعِيَ العلْمَ لِمَا لم تَعْلَمْ ،
أو إتقانَ ما لم تُتْقِنْ ، فإن فَعَلْتَ ؛ فهو حِجابٌ كَثيفٌ عن
الْعِلْمِ .
55- احْذَرْ أن تكونَ ( أبا شِبْرٍ) :
فقد
قيلَ : العلْمُ ثلاثةُ أَشبارٍ ، مَن دَخَلَ في الشبْرِ الأَوَّلِ ؛
تَكَبَّرَ ؛ وَمَنْ دَخَلَ في الشبْرِ الثاني تَواضَعَ ، ومَن دَخَلَ في
الشبْرِ الثالثِ ؛ عَلِمَ أنه لا يَعْلَمُ .
56- التَّصَدُّرُ قبلَ التأَهُّلِ :
احْذَرِ التَّصَدُّرَ قبلَ التأَهُّلِ ؛ فهو آفةٌ في العِلْمِ والعَمَلِ .
وقد قيلَ : مَن تَصَدَّرَ قبلَ أَوانِه ؛ فقد تَصَدَّى لِهَوَانِهِ .
...
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (لما انتهى المؤلف رحمه الله من آداب طالب العلم ذكر عددا من المسائل التي ينبغي لطالب العلم أن يحذرها :
أول هذه الأمور :
حلم اليقظة ، بأن يتمنى على الله الأماني وهو لم يفعل الأسباب فحينئذ
يوقعه ذلك في المهالك ، يجعل نفسه تزهو وتظن أنّ لديها شيئا، وهكذا أيضا
إذا لم يتقن الإنسان العلم فقد تغرّه نفسه ، ويعجب بها لأنه لم يعرف العلم.
وكذلك من المحاذير أن يتصدّر الإنسان للتعليم أو الإقراء أو التأليف قبل أن يكون متأهلا ، مثل جلوسي بين يديكم اليوم ، نسأل الله السلامة.
التَّصَدُّرُ قبلَ التأَهُّلِ
المتن:
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (احْذَرِ التَّصَدُّرَ قبلَ التأَهُّلِ ؛ فهو آفةٌ في العِلْمِ والعَمَلِ .
وقد قيلَ : مَن تَصَدَّرَ قبلَ أَوانِه ؛ فقد تَصَدَّى لِهَوَانِهِ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
القارئ: (56- التصدر قبل التأهل:
احذر التصدر قبل التأهل،فهو آفة في العلم والعمل. وقد قيل: من تصدر قبل أوانه، فقد تصدى لهوانه.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذا أيضا مما يجب الحذر منه، أن يتصدر الإنسان قبل أن يكون أهل للتصدر؛ لأنه إذا فعل ذلك كان هذا دليلا على أمور:
الأول- إعجابه بنفسه، حيث تصدر فهو يرى نفسه علم الأعلام.
الثاني- أن ذلك يدل على عدم فقهه ومعرفته بالأمور، وإذا الناس رأوه متصدرا، أوردوا عليه من المسائل ما يبين عواره.
الثالث-
إنه إذا تصدر قبل أن يتأهل، لزمه أن يقول على الله ما لا يعلم، لأن غالب
من كان هذا قصده الغالب أنه لا يبالي أن يحطم العلم تحطيما وأن يجيب عن كل
ما سئل عنه.
الرابع-
أن الإنسان إذا تصدر فإنه في الغالب لا يقبل الحق، لأنه يظن بسفهه أنه إذا
خضع لغيره، وإن كان معه الحق كان هذا دليلا على أنه ليس بأهل في العلم.
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله
القارئ: (قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا :
الفصل ُالسابعُ : الْمَحاذِيرُ
54- حِلْمُ اليَقَظَةِ :
إيَّاك
و ( حِلْمَ اليَقَظَةِ ) ، ومنه بأن تَدَّعِيَ العلْمَ لِمَا لم تَعْلَمْ ،
أو إتقانَ ما لم تُتْقِنْ ، فإن فَعَلْتَ ؛ فهو حِجابٌ كَثيفٌ عن
الْعِلْمِ .
55- احْذَرْ أن تكونَ ( أبا شِبْرٍ) :
فقد
قيلَ : العلْمُ ثلاثةُ أَشبارٍ ، مَن دَخَلَ في الشبْرِ الأَوَّلِ ؛
تَكَبَّرَ ؛ وَمَنْ دَخَلَ في الشبْرِ الثاني تَواضَعَ ، ومَن دَخَلَ في
الشبْرِ الثالثِ ؛ عَلِمَ أنه لا يَعْلَمُ .
56- التَّصَدُّرُ قبلَ التأَهُّلِ :
احْذَرِ التَّصَدُّرَ قبلَ التأَهُّلِ ؛ فهو آفةٌ في العِلْمِ والعَمَلِ .
وقد قيلَ : مَن تَصَدَّرَ قبلَ أَوانِه ؛ فقد تَصَدَّى لِهَوَانِهِ .
...
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (لما انتهى المؤلف رحمه الله من آداب طالب العلم ذكر عددا من المسائل التي ينبغي لطالب العلم أن يحذرها :
أول هذه الأمور :
حلم اليقظة ، بأن يتمنى على الله الأماني وهو لم يفعل الأسباب فحينئذ
يوقعه ذلك في المهالك ، يجعل نفسه تزهو وتظن أنّ لديها شيئا ، وهكذا أيضا
إذا لم يتقن الإنسان العلم فقد تغرّه نفسه ، ويعجب بها لأنه لم يعرف العلم.
وكذلك من المحاذير أن يتصدّر الإنسان للتعليم أو الإقراء أو التأليف قبل أن يكون متأهلا ، مثل جلوسي بين يديكم اليوم ، نسأل الله السلامة.
التَّنَمُّرُ بالعِلْمِ
المتن:
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (احْذَرْ ما يَتَسَلَّى به الْمُفْلِسُونَ من العِلْمِ ، يُراجِعُ مسألةً أو مسألتين، فإذا كان في مَجلسٍ فيه مَن يُشارُ إليه ؛ أثارَ البحثَ فيهما ؛ ليُظْهِرَ عِلْمَه ، وكم في هذا من سَوْأَةٍ ، أقَلُّها أن يَعلمَ أنَّ الناسَ يَعلمونَ حقِيقَتَه . وقد بَيَّنْتُ هذه مع أخواتٍ لها في كتابِ ( التعالمِ ) والحمْدُ للهِ رَبِّ العالمينَ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
القارئ: (السابع والخمسون: التَّنَمُّرُ بالعِلْمِ :
احْذَرْ
ما يَتَسَلَّى به الْمُفْلِسُونَ من العِلْمِ ، يُراجِعُ مسألةً أو
مسألتين، فإذا كان في مَجلسٍ فيه مَن يُشارُ إليه ؛ أثارَ البحثَ فيهما ؛
ليُظْهِرَ عِلْمَه ، وكم في هذا من سَوْأَةٍ ، أقَلُّها أن يَعلمَ أنَّ
الناسَ يَعلمونَ حقِيقَتَه . وقد بَيَّنْتُ هذه مع أخواتٍ لها في كتابِ ( التعالمِ ) والحمْدُ للهِ رَبِّ العالمينَ .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذا مثله ، التنمر بالعلم ،
يعني أن يجعل الإنسان نفسه نمرا، تعرفون النمر، أخو الأسد، فيأتي مثلاً
إلى مسألة من المسائل ويبحثها ويحققها بأدلتها ومناقشتها مع العلماء، وإذا
حضر مجلس عالم يشار إليه بالبنان، ماذا تقول أحسن الله إليك في كذا وكذا؟
قال: هذا حرام مثلا.
قال: كيف؟ بماذا نجيب عن
قوله صلى الله عليه وسلم كذا، عن قول فلان كذا، ثم يأتي من الأدلة التي لا
يعرفها العالم؛ لأن العالم ليس محيطا بكل شيء، لكي يظهر نفسه أنه أعلم من
هذا العالم، ولذلك تجد العوام يتحدثون: والله فلان البارحة جالس مع فلان
-الذي هو كبير من العلماء- وأفحمه في مسألة (...) بلغ مبلغا عظيما، صار
كبير كبار العلماء.
لأن العالم لا يدري وهذه
تقع كثير جدا ، كثيرا ما يأتي إنسان يكون بحث مسألة بحثا دقيقا جيدا، ثم
يباغت العلماء بمثل هذا ، وهذا لا شك أنه كما قال الشيخ حفظه الله تنمر،
لكنه من مفلس ، لكن ما دواء هذا؟ (...) نقول: أعرب قول الشاعر، حينئذ (...)
، أو اقسم هذه المسألة الفرضية، يتبين أنه ليس عنده شيء، ومن قاتلك بسكين
فقاتله بسيفك، وهذا واقع كثير من
العلماء الآن ومن طلبة العلم، يكون له اختصاص في شيء معين مثل أن يدرس
كتاب النكاح مثلا ويحقق فيه. لكن لو تخرج به إلى كتاب البيع -الذي هو قبل
باب النكاح في الترتيب عند الفقهاء- لن تجده عنده شيئا، كثير من الناس الآن
يتنمر في الحديث، يعرض حديث فيقول رواه فلان عن فلان، وفيه انقطاع،
وانقطاعه كذا. ثم يضفي على هذا ظلالا من كبريات العلم ثم لو تسأله عن آية
من كتاب الله ما أجاب.
والحاصل أن الإنسان يجب أن يكون أديبا مع من هو أكبر منه ،
يجب أن يتأدب، وإذا كان من هو أكبر منه أخطأ في هذه المسألة ، فالخطأ يجب
أن يبين لكن بصيغة لبقة أو ينتظر حتى يخرج مع هذا العالم ويمشي معه ويتكلم
معه بأدب ، والعالم الذي يتقي الله إذا بان له الحق فإنه سوف يرجع إليه
وسوف يبين للناس أنه رجع. (...) لكن المهم ألا يكون هم طالب العلم أن يكون
رئيسا في الناس لأن هذا من ابتغاء الدنيا بالدين.
تمت المقابلة الصوتية بواسطة: محمد أبو زيد
تم التهذيب بواسطة زمزم
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (وأيضا التّنمر بالعلم
؛ بأن يحاول الإنسان إبراز نفسه أن عنده علما وهو لم يعرف إلا مسألة أو
مسألتين ، فإذا وجد عالما أراد أن يردّ على ذلك العالم في هذه المسألة ،
وكلما وجد حلقة علميّة كتب سؤالا في تلك المسألة من أجل أن يناقش العالم
بعد الدرس ، أنت لم تفهم المسألة ، هذه المسألة قد قال فيها فلان كذا وكذا
من أجل أن يبرز نفسه.
ومما يتعلّق بهذا: المبادرة
للتأليف بدون أن يكون هناك هدف صحيح في الكتابة والتأليف ، أو يكون هناك
عدم قدرة للكتابة في هذا العلم والإحاطة به فيكتب حينئذ ، ولكن لابد أن
يكون لنا هدف في المؤلفات قبل أن نكتب فيها.
كذلك إذا وجدنا وهما أو خطأً لبعض أهل العلم
لا ينبغي أن نبادر فيه ، وأن نعليه وأن نشهره رغبة في إظهار أنفسنا ،
وإنما نحاول تصحيح الأمر بما يكون مظهرا للعلم ومبيّنا للحق ، وبما لا يكون
منقصا لمقدار ذلك العالم ، فإنه ما من أحد إلا ويحتمل أن يقع في خطأ وزلل.
تَحْبِيرُ الكَاغَدِ
المتن:
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (كما
يكونُ الحذَرُ من التأليفِ الخالي من الإبداعِ في مَقاصِدِ التأليفِ
الثمانيةِ، والذي نِهايتُه ( تَحبيرُ الكاغَدِ ) فالْحَذَرَ من الاشتغالِ
بالتصنيفِ قبلَ استكمالِ أَدواتِه ، واكتمالِ أهْلِيَّتِكَ ، والنضوجِ على
يَدِ أشياخِك ؛ فإنك تُسَجِّلُ به عارًا ، وتُبْدِي به شَنَارًا .
أمَّا
الاشتغالُ بالتأليفِ النافعِ لِمَن قامَتْ أهْلِيَّتُه ، واستَكْمَلَ
أَدواتِه وتَعَدَّدَتْ مَعارِفُه ، وتَمَرَّسَ به بَحْثًا ومُراجعةً
ومُطالَعَةً وجَرْدًا لِمُطَوَّلاتِه وحِفْظًا لِمُخْتَصَرَاتِه ،
واستذكارًا لمسائلِه ؛ فهو من أَفْضَلِ ما يَقومُ به النُّبلاءُ من
الفُضلاءِ .
ولا تَنْسَ قولَ الْخَطيبِ : ( مَن صَنَّفَ ؛ فقد جَعَلَ عقْلَه على طَبَقٍ يَعْرِضُه على الناسِ ) .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
القارئ: (58- تحبير الكاغد:
كما
يكون الحذر من التأليف الخالي من الإبداع في مقاصد التأليف الثمانية، والذي
نهايته «تحبير الكاغد»، فالحذر من الاشتغال بالتصنيف قبل استكمال أدواته،
واكتمال أهليتك، والنضوج على يد أشياخك، فإنك تسجل به عارا، وتبدي به
شنارا.
أما
الاشتغال بالتأليف النافع لمن قامت أهليته، واستكمل أدواته، وتعددت معارفه،
وتمرس به بحثا، ومراجعة، ومطالعة، وجردا لمطولاته، وحفظا لمختصراته،
واستذكارا لمسائله، فهو من أفضل ما يقوم به النبلاء من الفضلاء.
ولا تنس قول الخطيب:«من صنف، فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس».
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذه الشروط التي ذكرها،
الآن متعذرة. الآن تجد رسائل في مسألة معينة يكتبها أناس ليس لهم ذكر ولا
معرفة، وإذا تأملت ما كتبوه وجدت أنه ليس صادرا عن علم راسخ، وأن كثيرا منه
نقولات، وأحيانا ينسبون النقل إلى قائله، وأحيانا لا ينسبون، وعلى كل حال
نحن لا نتكلم عن النيات، فالنية علمها عند الله عز وجل. لكن نقول:
انتظر.... انتظر.
وإذا كان لديك علم وقدرة فاشرح هذه الكتب الموجودة شرحا لأن بعض هذه الكتب لا يوجد فيه الدليل على وجه كامل.
تم التهذيب بواسطة زمزم
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (وأيضا التّنمر بالعلم
؛ بأن يحاول الإنسان إبراز نفسه أن عنده علما وهو لم يعرف إلا مسألة أو
مسألتين ، فإذا وجد عالما أراد أن يردّ على ذلك العالم في هذه المسألة ،
وكلما وجد حلقة علميّة كتب سؤالا في تلك المسألة من أجل أن يناقش العالم
بعد الدرس ، أنت لم تفهم المسألة ، هذه المسألة قد قال فيها فلان كذا وكذا
من أجل أن يبرز نفسه.
ومما يتعلّق بهذا: المبادرة
للتأليف بدون أن يكون هناك هدف صحيح في الكتابة والتأليف ، أو يكون هناك
عدم قدرة للكتابة في هذا العلم والإحاطة به فيكتب حينئذ ، ولكن لابد أن
يكون لنا هدف في المؤلفات قبل أن نكتب فيها.
كذلك إذا وجدنا وهما أو خطأً لبعض أهل العلم
لا ينبغي أن نبادر فيه ، وأن نعليه وأن نشهره رغبة في إظهار أنفسنا ،
وإنما نحاول تصحيح الأمر بما يكون مظهرا للعلم ومبيّنا للحق ، وبما لا يكون
منقصا لمقدار ذلك العالم ، فإنه ما من أحد إلا ويحتمل أن يقع في خطأ وزلل.
مَوْقِفُكَ مِن وَهْمِ مَن سَبَقَكَ
المتن:
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (إذا
ظَفِرْتَ بوَهْمٍ لعالِمٍ ؛ فلا تَفْرَحْ به للحَطِّ منه ، ولكن افْرَحْ
به لتصحيحِ المسألةِ فقطْ ؛ فإنَّ الْمُنْصِفَ يَكادُ يَجْزِمُ بأنه ما من
إمامٍ إلا وله أغلاطٌ وأوهامٌ ، لا سِيَّمَا الْمُكْثِرِين منهم .
وما يُشَغِّبُ بهذا ويَفْرَحُ به للتَّنَقُّصِ ؛ إلا مُتعالِمٌ ( يُريدُ أن يُطِبَّ زُكامًا فيُحْدِثَ به جُذَامًا ) .
نعمْ ؛ يُنَبِّهُ على خَطأٍ أو وَهْمٍ وَقَعَ لإمامٍ غُمِرَ في بَحْرِ عِلْمِه وفَضْلِه لكن لا يُثيرُ الرَّهَجَ إليه بالتنَقُّصِ منه والْحَطِّ عليه فيَغْتَرَّ به مَن هو مِثْلُه .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
القارئ: (59- موقفك من وهم من سبقك:
إذا
ظفرت بوهم لعالم، فلا تفرح به للحط منه، ولكن افرح به لتصحيح المسألة فقط؛
فإن المنصف يكاد يجزم بأنه ما من إمام إلا وله أغلاط وأوهام، لا سيما
المكثرين منهم.
وما يشغب بهذا ويفرح به للتنقص، إلا متعالم «يريد أن يطب زكاما فيحدث به جذاما».
نعم؛ ينبه على خطأ أو وهم وقع لإمام غمر في بحر علمه وفضله، لكن لا يثير الرهج عليه بالتنقص منه، والحط عليه فيغتر به من هو مثله.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذا أيضا مهم جدا، وهو موقف الإنسان من وهم من سبقه أو من عاصره أيضا. هذا الموقف له جهتان:
الجهة الأولى-
التصحيح وهذا أمر واجب، ويجب على كل إنسان عثر على وهم إنسان- ولو كان من
أكابر العلماء في عصره- أو فيمن سبقه- يجب عليه أن ينبه على هذا الوهم وعلى
هذا الخطأ، لأن بيان هذا الوهم أمر واجب، ولا يمكن أن يضيع الحق لاحترام
من قال بالباطل، لأن احترام الحق أولى من مراعاته.
لكن هل يصرح بذكر قائل
الخطأ أو الوهم، أو يقول: توهم بعض الناس وقال كذا وكذا؟ هذا ينظر إلى
المصلحة. قد يكون من المصلحة ألا يصرح، كما لو كان يتكلم عن عالم مشهور في
عصره، موثوق عند الناس محبوب إليهم. فيقول: قال فلان كذا وكذا خطأ، فإن
العامة لا يقبلون منه شيئا بل يسخرون به، ويقولون: من أنت حتى ترد على
فلان، ولا يقبلون الحق. ففي هذه الحال يجب أن يقول: من الوهم أن يقول
القائل كذا وكذا. ولا يقل: فلان.
وقد يكون هذا الرجل- الذي
توهم- متبوعا يتبعه شرذمة من الناس، وليس له قدر في المجتمع، فحينئذ يصرح،
لئلا لا يغتر الناس به، فيقول: قال فلان كذا وكذا وهو خطأ.
الجهة الثانية- في موقف الإنسان من وهم من سبقه أو من عاصره أن يقصد بذلك بيان معايبه لا إظهار الحق من الباطل.
وهذه إنما تقع من إنسان
حاسد- والعياذ بالله- يتمنى أن يجد قولا ضعيفا أو خطأ لشخص ما، فينشره بين
الناس ولهذا نجد أهل البدع يتكلمون في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
وينظرون إلى أقرب شيء يمكن أن يقدح به، فينشرونه ويعيبونه، فيقولون: خالف
الإجماع في أن الثلاث طلقات واحدة، فيكون هو شاذا. ومن شذ شذ في النار،
يحكم بأن الإنسان إذا قال لامرأته أنت طالق، بأن يكفر كفارة يمين، مع أنه
لم يتكلم باليمين إطلاقا، وإنما قال: إذا فعلت كذا فأنت طالق مثلا.
يقول بأن الله تعالى لم
يزل فعالا ولم يزل فاعلا، وهذا يستلزم أن يكون مع الله قديم، لأن هذه
المقولات الواقعة بفعل الله، إذا جعل فعل الله قديما لم يزل، لزم أن تكون
المفعولات قديمة، فيكون قد قال بوجود إلهين.... وما أشبهها من هذه الكلمات
التي يأخذونها زلة من زلاته يشيعونها بين الناس، مع أن الصواب معه.
لكن الحاسد الناقم- والعياذ بالله- له مقام آخر.
فأنت في وهم من سبقك يجب
أن يكون قصدك الحق، ومن كان قصده الحق وفق للقبول، أما من كان قصده أن يظهر
عيوب الناس، فإن من تتبع عورة أخيه، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته
فضحه ولو في بيت أمه.
ثم يقول :«إذا ظفرت بوهم لعالم فلا تفرح به للحط منه، ولكن افرح به لتصحيح المسألة فقط».
والحقيقة إني أقول: لا تفرح به إطلاقا، إذا عثرت على وهم عالم فحاول أن
تدفع اللوم عنه وأن تذب عنه، لا سيما إذا كان من العلماء المشهود لهم
بالعدالة والخير ونصح الأمة.
أما أن أفرح بها، فهذا لا
ينبغي حتى وإن كان قصدي تصحيح الخطأ. ولهذا لو كانت العبارة «إذا ظفرت بوهم
عالم فلا تفرح به للحط منه ولكن التمس العذر له وصحح الخطأ» هذا صواب
العبارة.
ثم قال:«فإن المنصف يكاد يجزم بأنه ما من إمام إلا وله أغلاط وأوهام، ولا سيما المكثرين منهم». والأفصح أن يقول :«لا سيما المكثرون منهم».
يقول أن المنصف يعني الذي
يتكلم بالعدل ويتتبع أقوال العلماء يعلم أنه ما في عالم إلا وله أوهام
وأخطاء، ولا سيما المكثر الذي يكثر الكتابة والفتوى. ولهذا قال بعضهم: من
كثر كلامه، كثر سقطه. ومن قل كلامه، قل سقطه.
ثم قال :«وما يشغب بهذا ويفرح به للتنقص، إلا متعالم» يريد أن يطب زكاما فيحدث به جذاما.
في الحقيقة لا يفرح به
للتنقص إلا إنسان معتدي لا متعالي. معتدي يريد العدوان على الشخص نفسه،
ويريد العدوان على العلم الصحيح، لأن الناس إذا وجدوا هذا العالم أخطأ في
مسألة ضعف قوله، أو ضعفت قوة قوله عندهم حتى في المسائل الصحيحة.
تم التهذيب بواسطة زمزم
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (وأيضا التّنمر بالعلم
؛ بأن يحاول الإنسان إبراز نفسه أن عنده علما وهو لم يعرف إلا مسألة أو
مسألتين ، فإذا وجد عالما أراد أن يردّ على ذلك العالم في هذه المسألة ،
وكلما وجد حلقة علميّة كتب سؤالا في تلك المسألة من أجل أن يناقش العالم
بعد الدرس ، أنت لم تفهم المسألة ، هذه المسألة قد قال فيها فلان كذا وكذا
من أجل أن يبرز نفسه.
ومما يتعلّق بهذا: المبادرة
للتأليف بدون أن يكون هناك هدف صحيح في الكتابة والتأليف ، أو يكون هناك
عدم قدرة للكتابة في هذا العلم والإحاطة به فيكتب حينئذ ، ولكن لابد أن
يكون لنا هدف في المؤلفات قبل أن نكتب فيها.
كذلك إذا وجدنا وهما أو خطأً لبعض أهل العلم
لا ينبغي أن نبادر فيه ، وأن نعليه وأن نشهره رغبة في إظهار أنفسنا ،
وإنما نحاول تصحيح الأمر بما يكون مظهرا للعلم ومبيّنا للحق ، وبما لا يكون
منقصا لمقدار ذلك العالم ، فإنه ما من أحد إلا ويحتمل أن يقع في خطأ وزلل.
دَفْعُ الشُّبُهَاتِ
المتن:
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (لا تَجْعَلْ قلبَك كالسِّفِنْجَةِ تَتَلَقَّى ما يَرِدُ عليها فاجْتَنِبْ إثارةَ الشُّبَهِ وإيرادَها على نفسِك أو غيرِك ، فالشُّبَهُ خَطَّافةٌ والقلوبُ ضَعيفةٌ وأَكْثَرُ مَن يُلْقِيهَا حَمَّالَةُ الْحَطَبِ – المبتَدِعَةُ – فتَوَقَّهُم .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
القارئ: (60- دفع الشبهات:
لا
تجعل قلبك كالإسفنجة تتلقى ما يرد عليها، فاجتنب إثارة الشبه وإيرادها على
نفسك أو غيرك، فالشبه خطافة، والقلوب ضعيفة، وأكثر من يلقيها حمالة الحطب-
المبتدعة- فتوقهم.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذه الوصية أوصى بها شيخ
الإسلام ابن تيمية تلميذه ابن القيم قال: «لا تجعل قلبك كالإسفنجة يشرب
ويقبل كل ما ورد عليه، ولكن اجعله زجاجة صافية تبين ما وراءها ولا تتأثر
بما يرد عليها».
كثير من الناس يكون قلبه
غير مستقر ويورد شبهات. وقد قال العلماء رحمهم الله قولا حقا وهو: أننا لو
طاوعنا الإيرادات العقلية ما بقي علينا نص إلا وهو محتمل مشتبه، ولهذا كان
الصحابة رضي الله عنهم يأخذون بظاهر القرآن وبظاهر السنة، ولا يوردون: ولو
قال قائل.
نعم إن كان الإيراد قويا
أو كان هذا الإيراد قد أورد من قبل فحينئذ يبحث الإنسان، أما أن يجعل يفكر
إذا نام على فراشه «إنما الأعمال بالنيات» أفلا يحتمل بالأعمال العبادات
الأم: كالصلاة والزكاة والحج والصوم، والباقي لا نية له. يمكن، فيه احتمال
عقليا؛ ثم يبني على الاحتمال الذي أورده على نفسه احتمالات أخرى.
وما أكثر هذا في بعض الناس، نجده دائما يورد إيرادات وهذا في الواقع ثَلْمٌ عظيم في تلقي العلم.
اترك الإيرادات وامش على
الظاهر فهو الأصل، ولهذا اقرأوا الآن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة
الصحابة والأحاديث تجدون المسألة على ظاهرها.
لما حدث النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بأن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير.
قالوا: يا رسول الله كيف ينزل؟ وهل السماء تسعه؟ وهل يخلو من العرش؟ هل قالوا هكذا؟! أبدا.
لما حدثهم أن الموت يؤتى
به يوم القيامة على صورة كبش، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل
النار خلود بلا موت، ثم يذبح بين الجنة والنار.
قالوا: كيف يكون الموت كبشا؟ ما قالوا هذا !!
لذلك أنصح نفسي وإياكم ألا
توردوا هذا على أنفسكم، لا سيما في أمور الغيب المحضة، لأن العقل بحار
فيها، ما يدركها، فدعها على ظاهرها ولا تتكلم فيها.
قل سمعنا وآمنا وصدقنا، وما وراءنا أعظم مما نتخيل. فهذا مما ينبغي لطالب العلم أن يسلكه.
تم التهذيب بواسطة زمزم
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (كذلك من المحاذير أن تحذر من الشبهات ، الشيطان حريص على قلبك يُلقي فيه شبهة بعد شبهة ، ودعاة الضلالة يتكلّمون عنك يمينا وشمالا ، فاحذر لا يتعلّق قلبك بهذه الشبهات ، لا تكن كالإسفنجة كلما جاءها شبهة التقطتّها ، وإنما كن كالزجاجة تشاهد الشبهات ثم بعد ذلك لا تتشبّع بها ، ثم بعد ذلك اعرف أنه ما من شبهة إلا و في كتاب الله جوابها ، و في كلام أهل العلم جوابها ، و لا تستعجل إذا كان عندك أمر يقيني وألقى إنسان عليك شبهة في ذلك ، فقل : انتظر ، عندي أمور يقينية كيف أتركها من أجل شبهة.
احْذَر اللَّحْنَ
المتن:
وقد وَرَدَ عن جَماعةٍ من السلَفِ أنهم كانوا يَضْرِبُونَ أولادَهم على اللَّحْنِ .
وأَسْنَدَ
الخطيبُ عن الرَّحْبيِّ قالَ : ( سَمِعْتُ بعضَ أصحابنِا يَقولُ : إذا
كَتَبَ لَحَّانٌ ، فكَتَبَ عن اللَّحَّانِ لَحَّانٌ آخَرُ ؛ صارَ الحديثُ
بالفارِسِيَّةِ ) !. وأَنْشَدَ الْمُبَرِّدُ :
النحوُ يَبْسُطُ من لسانِ الأَلْكَنِ ... والمرءُ تُكْرِمُه إذا لـم يَلْحَـنِ
فإذا أرَدْتَ من العلومِ أَجَلَّها ... فأَجَلُّها منها مُقيـمُ الأَلْسُـنِ
وعليه
، فلا تَحْفَلْ بقولِ القاسمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ رَحِمَه اللهُ تعالى : (
تَعَلُّمُ النَّحْوِ : أوَّلُه شُغْلٌ وآخِرُه بَغْيٌ ) .
ولا
بقولِ بِشْرٍ الحافِي رَحِمَه اللهُ تعالى : ( لَمَّا قيلَ له : تَعَلَّم
النحْوَ قالَ : أَضِلُّ ، قالَ : قلُ: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا . قالَ بِشْرٌ
: يا أخي ! لِمَ ضَرْبُه ؟ قالَ : يا أبا نَصْرٍ ! ما ضَرَبَه، وإنما هذا
أصْلٌ وُضِعَ . فقالَ بِشْرٌ : هذا أَوَّلُه كَذِبٌ ، لا حاجةَ لي فيه )
.رواهما الخطيبُ في ( اقتضاءِ العِلْمِ العَمَلَ ) .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
القارئ: (61- احذر اللحن:
ابتعد
عن اللحن في اللفظ والكتب، فإن عدم اللحن جلالة، وصفاء ذوق، ووقوف على ملاح
المعاني لسلامة المباني: فعن عمر رضي الله عنه أنه قال :«تعلموا العربية،
فإنها تزيد في المروءة». وقد ورد عن جماعة من السلف أنهم كانوا يضربون
أولادهم على اللحن. وأسند الخطيب. عن الرحبي قال: «سمعت بعض أصحابنا يقول:
إذا كتب لحان، فكتب عن اللحان لحان آخر، صار الحديث بالفارسية» ! وأنشد
المبرد.
النحـو يسبـط مـن لسـان الألـكـن ... والـمـرء تكـرمـه إذا لــم يلـحـن
فـإذا أردت مــن العـلـوم أجلـهـا ... فأجلـهـا منـهـا مقـيـم الألـسـن
وعليه، فلا تحفل بقول القاسم بن مخيمرة- رحمه الله تعالى-: «تعلم النحو: أوله شغل، وآخره بغي».
ولا بقول بشر الحافي- رحمه الله تعالى-: «لما قيل له: تعلم النحو قال: أضل.
قال:
قل ضرب زيد عمرا. قال بشر: يا أخي! لم ضربه؟ قال: يا أبا نصر ! ما ضربه
وإنما هذا أصل وضع. فقال بشر: هذا أوله كذب، لا حاجة لي فيه». رواهما
الخطيب في «اقتضاء العلم العمل».
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (اللحن معناه: الميل سواء
كان في قواعد التصريف أو في قواعد الإعراب. قواعد الإعراب يمكن الإحاطة
بها، فيعرف الإنسان القواعد ويطبق لفظه أو كتابته عليها.
قواعد التصريف هي المشكلة، أحيانا يأتي الميزان الصرفي على غير قياس، يأتي سماعيا بحتا، وحينئذ لا يخلو إنسان في الغلط فيه.
عندك جموع التكسير، تحتاج
إلى ضبط. عندك أبنية المصادر تحتاج إلى ضبط، ومع هذا لو ضبطها سوف تجد شاذا
كثيرا عنها، ولكن نقول: سدد وقارب. فعليك بأن تعدل لسانك وأن تعدل بنانك،
وأن لا تكتب إلا بعربية، ولا تنطق إلا بعربية، فإن عدم اللحن جلالة وصفاء
لون ووقوف على ملامح المعاني لسلامة المباني. كلما سلم المبنى اتضح المعنى.
وعن عمر رضي الله عنه قال
:«تعلموا العربية فإنها تزيد في المروءة». هذه يقولها في عهده، يأمر بتعلم
العربية خوفا من أن تتغير بلسان الأعاجم بعد الفتوحات.
لكن مع الأسف أننا في هذا
الزمن- الذي ليس لنا شخصية وصرنا أذيالا وأتباعا لغيرنا- صار منا من يرى أن
من تكلم بالإنجليزية أو بالفرنسية هو ذو مروءة، ويفخر إذا كان الإنجليزية
أو الفرنسية، بل إن بعضنا يعلم أولاده اللغة غير العربية.
بعض الصبيان يأتي يقول مع السلامة، فيقول : باي باي.
في الهاتف يقول: آلو.
لماذا لم تقل: السلام عليكم، لأنك الآن تستأذن، فهذه أشياء – مع الأسف- لما
كنا ليس لنا شخصية، ويجب أن يكون لنا شخصية، لأننا والحمد لله أهل دين
وشريعة، لكن صار بعضنا أذيالا.
عمر يقول : «تعلموا العربية فإنها تزيدكم مروءة»، وبناء على ذلك : كلما كان الإنسان أعلم بالعربية صار أكبر مروءة وأكثر.
قال: «وقد ورد عن جماعة من
السلف أنهم كانوا يضربون أولادهم على اللحن، واللحن قليل في ذلك الوقت،
ومع ذلك يضربونهم عليه. عندنا الآن لا أحد يضرب على اللحن ولا أولاده ولا
تلاميذه ولا غيره، على الأقل بالنسبة للتلاميذ إذا أخطأ الإنسان في العربية
فرد عليه حتى لا يكون أخطأ، وظن أن سكوتك يدل على صحة ما نطق به.
تم التهذيب بواسطة زمزم
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (كذلك يحذر الإنسان من الخطأ في النحو
، ويحاول أن يقرأ الشيء مرة وثنتين وثلاثا قبل قراءته في الدرس ليضبط ما
يقرؤه ، وليتعلم منه الناس والحضور الصواب فيما يتكلمه من الكلام.
إذا كان طلبة العلم
يخطئون في النحو أو يخطئون في طريقة كلام في طريقة لفظ بعض الكلمات ،
فحينئذ ينتشر مثل هذا ، وتوجد نُفرة من الناس لمن يُخطئ في النحو.
كذلك لا
ينبغي بك أن تتكلم بكلمة إلا إذا تفكّرت فيها ، وعرفت أدلتها وأقوال أهل
العلم فيها ، و وازنت فيها ، و نظرت إلى عواقبها ومآلاتها ، أما إذا جاءت
في ذهنك كلمة ، مباشرة قلتها ، وأنت لا تعلم هل هي من وساوس الشياطين ، أو
هي من الشبهات ؟ هذا لا ينبغي بطالب العلم ، لأنه قد يتكلّم الإنسان بكلمة
ويأتي جوابها بعد قليل ، وقد تتكلّم بالشبهة والجواب عنها في ثنايا الدرس.
هكذا في زماننا ، وُجد
من يحاول أن يبثّ أفكارا خاطئة ، ويبثّ قصصا كاذبة ، ويبثّ قناعات باطلة ،
فينبغي للإنسان أن لا يستثيره ذلك ، فيجعله يتقبّل بها بدون أن يفكّر في
حقيقتها ، لأنّ مثل هذه المقالات ليس لها إسناد صحيح ، وإنما هي شبهات
وبالتالي لا يستعجل الإنسان بتصديقها ويراجع أهل الشأن فيها.
مما يتعلق بهذا
أن نجتنب الكلام في المسائل التي لا فائدة فيها ، وهنا قاعدة : وهي أنّ
المسائل التي لا يترتب عليها عمل ، لا تحرص على الترجيح فيها ، اعرف
الأقوال وشيئا من الأدلة وانطلق منها ، ولا تتعب نفسك فيها ، هل جنّة آدم
هي الجنّة المعتادة أو جنّة على الأرض؟ ما الثمرة وما الفائدة ؟ ، أيهما
أرجح وأفضل الملائكة أو بنو آدم؟ ما ثمرتنا من هذا ، ونحو هذا من المسائل.