10 Dec 2008
الدرس الثامن: مراحل الطلب
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (
مراحل الطلب
وقد
كان الطلَبُ في قُطْرِنا بعدَ مَرحلةِ الكتاتيبِ والأخْذِ بحفْظِ القرآنِ
الكريمِ يَمُرُّ بِمَراحلَ ثلاثٍ لدى المشايِخِ في دُروسِ المساجدِ :
للمبتدئينَ ثم الْمُتَوَسِّطِينَ ، ثم الْمُتَمَكِّنِينَ .
ففي التوحيدِ : ( ثلاثةُ الأصولِ وأَدِلَّتُها ) و( القواعدُ الأربَعُ ) ،
ثم (
كشْفُ الشُّبهاتِ ) ثم ( كتابُ التوحيدِ ) أربَعَتُها للشيخِ محمَّدِ بنِ
عبدِ الوَهَّابِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، هذا في توحيدِ العِبادةِ .
وفي توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ :
( العقيدةُ الوَاسِطِيَّةُ ) ، ثم ( الْحَمَوِيَّةُ ) و (
التَّدْمُرِيَّةُ )؛ ثلاثتُها لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ
تعالى ، فـ ( الطحاوِيَّةُ ) مع ( شَرْحِها).
وفي النحوِ :
( الآجُرُّومِيَّةُ ) ثم ( مُلْحَةُ الإعرابِ ) للحَريريِّ ، ثم ( قَطْرُ
النَّدَى ) لابنِ هِشامٍ ( وألْفِيَّةُ ابنِ مالِكٍ ) مع ( شَرْحِها )
لابنِ عَقيلٍ .
وفي الحديثِ :
( الأربعينَ ) للنوويِّ ، ثم ( عُمْدَةُ الأحكامِ ) للمَقْدِسِيِّ ، ثم (
بُلوغُ الْمَرامِ ) لابنِ حَجَرٍ ، و ( الْمُنْتَقَى ) للمَجْدِ ابنِ
تَيميةَ ؛ رَحِمَهم اللهُ تعالى ، فالدخولُ في قراءةِ الأمَّهاتِ السِّتِّ
وغيرِها .
وفي الْمُصطَلَحِ : ( نُخبَةُ الفِكَرِ ) لابنِ حَجَرٍ ، ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
وقالَ الحافظُ عثمانُ بنُ خُرَّزَاذَ (م سنة 282 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَحتاجُ صاحبُ الحديثِ إلى خَمْسٍ ، فإن عُدِمَتْ واحدةٌ فهي نَقْصٌ : يَحتاجُ إلى عَقْلٍ جَيِّدٍ ، ودِينٍ ، وضَبْطٍ ، وحَذَاقَةٍ بالصِّناعةِ مع أَمانَةٍ تُعْرَفُ منه ) . قلتُ : أي الذهبيُّ : ( الأمانةُ جزءٌ من الدينِ ، والضبْطُ داخلٌ في الْحِذْقِ ، فالذي يَحتاجُ إليه الحافظُ أن يكونَ تَقِيًّا ، ذَكِيًّا ، نَحْوِيًّا ، لُغَوِيًّا ، زَكِيًّا ، حَيِيًّا ، سَلَفِيًّا يَكفِيه أن يَكتُبَ بيَدَيْهِ مِئَتَي مُجَلَّدٍ ، ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ وأن لا يَفْتُرَ من طلَبِ العِلْمِ إلى الْمَمَاتِ بِنِيَّةٍ خالِصَةٍ ، وتوَاضُعٍ وإلا فلا يَتَعَنَّ ) اهـ .
وفى الفِقْهِ مَثَلًا :
( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ ، ثم (
زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى أو ( عُمْدَةُ
الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و ( الْمُغْنِي )
للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى .
وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها ، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ ) .
وفي التفسيرِ ( تفسيرُ ابنِ كثيرٍ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وفي أصولِ التفسيرِ : ( الْمُقَدِّمَةُ ) لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي السيرةِ النبوِيَّةِ :
( مُخْتَصَرُها ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ وأَصْلُها لابنِ
هِشامٍ ، وفي ( زادِ الْمَعادِ ) لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
.... وهكذا من مَراحلِ الطلَبِ في الفُنونِ .
وكانوا مع ذلك يَأخذون بجَرْدِ الْمُطَوَّلَاتِ ؛ مثلِ ( تاريخِ ابنِ جَريرٍ ) وابنِ كثيرٍ ؛ وتفسيرِهما ، ويُرَكِّزُون على كُتُبِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ، وتلميذِه ابنِ القَيِّمِ رَحِمَهما اللهُ تعالى . وكُتُبِ أئِمَّةِ الدعوةِ وفتاوِيهم لا سِيَّمَا مُحَرَّرَاتِهم في الاعتقادِ .
وهكذا كانت الأوقاتُ عامرةً في الطلَبِ ومجالِسِ العِلْمِ ، فبعدَ صلاةِ الفَجْرِ إلى ارتفاعِ الضُّحَى ، ثم تكونُ القَيلولةُ قُبَيْلَ صلاةِ الظهْرِ ، وفي أعقابِ جَميعِ الصلواتِ الخمْسِ تُعْقَدُ الدروسُ ، وكانوا في أَدَبٍ جَمٍّ وتَقديرٍ بعِزَّةِ نفْسٍ من الطَّرَفَيْنِ على مَنهجِ السلَفِ الصالِحِ رَحِمَهُم اللهُ تعالى ، ولذا أَدْرَكُوا وصارَ منهم في عِدادِ الأئِمَّةِ في العِلْمِ جَمْعٌ غَفيرٌ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .فهل من عودةٍ إلى أصالةِ الطلَبِ في دِراسةِ المختَصَراتِ الْمُعتَمَدَةِ لا على المذَكَّرَاتِ ، وفي حِفْظِها لا الاعتمادِ على الفَهْمِ فحَسْبُ ، حتى ضاعَ الطلَّابُ فلا حِفْظَ ولا فَهْمَ .وفي خُلُوِّ التلقينِ من الزَّغَلِ والشوائبِ والكَدَرِ ، سيْرٌ على مِنْهَاجِ السلَفِ ؟ واللهُ الْمُستعانُ .
تلَقِّي العِلْمِ عن الأشياخِ :
الأصلُ في الطلَبِ أن
يكونَ بطريقِ التلقينِ والتلَقِّي عن الأساتيذِ والْمُثَافَنَةِ للأشياخِ ،
والأخْذِ من أفواهِ الرجالِ لا من الصحُفِ وبُطونِ الكُتُبِ والأَوَّلُ من
بابِ أَخْذِ النَّسيبِ عن النَّسيبِ الناطقِ ، وهو الْمُعَلِّمُ، أمَّا
الثاني عن الكتابِ ، فهو جَمادٌ ، فأَنَّى له اتِّصَالُ النَّسَبِ ؟ .
وقد قيلَ : ( مَن دَخَلَ
في العِلْمِ وَحْدَه ، خَرَجَ وَحْدَه ) أي : مَن دَخَلَ في طَلَبِ
العِلْمِ بلا شيخٍ ، خَرَجَ منه بلا عِلْمٍ ، إذ العلْمُ صَنعةٌ ، وكلُّ
صَنعةٍ تَحتاجُ إلى صانعٍ ، فلا بُدَّ إِذَنْ لتَعَلُّمِها من مُعَلِّمِها
الحاذِقِ .
وهذا يَكادُ يكونُ مَحَلَّ
إجماعِ كلمةٍ من أهلِ العلمِ ؛ إلا مَن شَذَّ مِثلَ : عَلِيِّ بنِ رِضوانَ
الْمِصرِيِّ الطبيبِ ( م سنة 453 هـ ) وقد رَدَّ عليه علماءُ عَصْرِه ومَن
بَعْدَهم .
قالَ الحافظُ الذهبيُّ رَحِمَه اللهُ تعالى في تَرجمتِه له :
( ولم يكنْ له شيخٌ ، بل
اشْتَغَلَ بالأَخْذِ عن الكُتُبِ ، وصَنَّفَ كتابًا في تَحصيلِ الصناعةِ من
الكتُبِ ، وأنها أَوْفَقُ من الْمُعَلِّمِينَ وهذا غَلَطٌ ) اهـ .
وقد بَسَطَ الصَّفَدِيُّ
في ( الوافِي ) الردَّ عليه ، وعنه الزَّبِيدِيِّ في ( شرْحِ الإحياءِ ) عن
عددٍ من العُلماءِ مُعَلِّلِينَ له بعِدَّةِ عِلَلٍ ؛ منها ما قالَه ابنُ
بَطْلانَ في الردِّ عليه :
( السادسةُ : يُوجَدُ في
الكتابِ أشياءُ تَصُدُّ عن العلْمِ ، وهي مَعدومةٌ عندَ الْمُعَلِّمِ وهي
التصحيفُ العارضُ من اشتباهِ الحروفِ مع عَدَمِ اللفظِ ، والغلَطِ
بزَوَغَانِ البصَرِ، وقِلَّةِ الْخِبرةِ بالإعرابِ أو فَسادِ الموجودِ منه
وإصلاحِ الكتابِ وكتابةِ ما لا يُقْرَأُ وقِراءةِ ما لا يُكْتَبُ ومَذهبِ
صاحبِ الكِتابِ وسُقْمِ النَّسْخِ ورَداءةِ النقْلِ ، وإدماجِ القارئِ
مواضِعَ الْمَقاطِعِ وخلْطِ مَبادئِ التعليمِ وذِكْرِ ألفاظٍ مُصْطَلَحٍ
عليها في تلك الصناعةِ وألفاظٍ يُونانِيَّةٍ لم يُخَرِّجْها الناقِلُ من
اللغةِ ؛ كالنَّوْروسِ ، فهذه كلُّها مُعَوِّقَةٌ عن العِلْمِ وقد استراحَ
المتعلِّمُ من تَكَلُّفِها عندَ قراءتِه على الْمُعَلِّمِ ، وإذا كان
الأمْرُ على هذه الصورةِ فالقراءةُ على العُلماءِ أَجْدَى وأَفْضَلُ من
قراءةِ الإنسانِ لنفسِه وهو ما أَرَدْنَا بيانَه ... قالَ الصَّفَدِيُّ :
ولهذا قالَ العُلماءُ : لا تَأْخُذ العِلْمَ من صَحَفِيٍّ ولا من
مُصْحَفِيٍّ ؛ يعني : لا تَقرأ القُرآنَ على مَن قَرأَ من الْمُصْحَفِ ولا
الحديثَ وغيرَه على مَن أَخَذَ ذلك من الصُّحُفِ ... )اهـ .
والدليلُ المادِّيُّ
القائمُ على بُطلانِ نَظرةِ ابنِ رِضوانَ أنك تَرَى آلافَ التراجِمِ
والسِّيَرِ على اختلافِ الأزمانِ ومَرِّ الأعصارِ وتَنَوُّعِ المعارِفِ ،
مشْحُونةً بتَسميةِ الشيوخِ والتلاميذِ ومُسْتَقِلٌّ من ذلك ومُسْتَكْثِرٌ ،
وانْظُرْ شَذَرَةً من المكْثِرِينَ من الشيوخِ حتى بَلَغَ بعضُهم الأُلوفَ
كما في ( الْعُزَّابِ ) من ( الإسفارِ ) لرَاقِمِه .
وكان أبو حَيَّانَ محمَّدُ يوسفَ الأندلسيُّ ( م سنةَ 745 هـ ) إذا ذُكِرَ عندَه ابنُ مالِكٍ ؛ يقولُ : ( أينَ شُيوخُه ؟ ) .
وقالَ الوليدُ : كان الأوزاعيُّ يَقولُ :
كان هذا العِلْمُ كَرِيمًا يَتَلَاقَاهُ الرجالُ بينَهم فلمَّا دَخَلَ في
الكُتُبِ ؛ دَخَلَ فيه غيرُ أَهْلِه .
ورَوَى مثْلَها ابنُ المبارَكِ عن
الأَوْزَاعِيِّ . ولا ريبَ أنَّ الأَخْذَ من الصُّحُفِ وبالإجازةِ يَقَعُ
فيه خَلَلٌ ، ولا سِيَّمَا في ذلك العَصْرِ ، حيث لم يكنْ بعدُ نَقْطٌ ولا
شَكْلٌ فتَتَصَحَّفُ الكلمةُ بما يُحِيلُ المعنى ولا يَقَعُ مثلُ ذلك في
الأَخْذِ من أفواهِ الرجالِ، وكذلك التحديثُ من الْحِفْظِ يَقَعُ فيه
الوَهْمُ ؛ بخِلافِ الروايةِ من كتابٍ مُحَرَّرٍ ) اهـ.
ولابنِ خَلدونَ مَبحثٌ نَفيسٌ في هذا ؛ كما في ( الْمُقَدِّمَةِ ) له .
ولبعضِهم :
مَن لم يُشَافِهْ عالِمًا بأصُولِهِ ... فيَقِينُه في الْمُشكِلاتِ ظُنُونُ
وكان أبو حَيَّانَ كثيرًا ما يُنْشِدُ:
يَظُنُّ الغَمْرُ أنَّ الكُتُبَ تَهْـدِي ... أَخَـا فَهْـمٍ لإدراكِ العلـومِ
وما يَدْرِي الْجَهولُ بأنَّ فيهـا ... غوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الْفَهِيـمِ
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ .. ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى ... تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )
تلَقِّي العِلْمِ عن الأشياخِ
المتن:
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (الأصلُ في الطلَبِ أن
يكونَ بطريقِ التلقينِ والتلَقِّي عن الأساتيذِ والْمُثَافَنَةِ للأشياخِ ،
والأخْذِ من أفواهِ الرجالِ لا من الصحُفِ وبُطونِ الكُتُبِ والأَوَّلُ من
بابِ أَخْذِ النَّسيبِ عن النَّسيبِ الناطقِ ، وهو الْمُعَلِّمُ، أمَّا
الثاني عن الكتابِ ، فهو جَمادٌ ، فأَنَّى له اتِّصَالُ النَّسَبِ ؟ .
وقد قيلَ : ( مَن دَخَلَ
في العِلْمِ وَحْدَه ، خَرَجَ وَحْدَه ) أي : مَن دَخَلَ في طَلَبِ
العِلْمِ بلا شيخٍ ، خَرَجَ منه بلا عِلْمٍ ، إذ العلْمُ صَنعةٌ ، وكلُّ
صَنعةٍ تَحتاجُ إلى صانعٍ ، فلا بُدَّ إِذَنْ لتَعَلُّمِها من مُعَلِّمِها
الحاذِقِ .
وهذا يَكادُ يكونُ مَحَلَّ
إجماعِ كلمةٍ من أهلِ العلمِ ؛ إلا مَن شَذَّ مِثلَ : عَلِيِّ بنِ رِضوانَ
الْمِصرِيِّ الطبيبِ ( م سنة 453 هـ ) وقد رَدَّ عليه علماءُ عَصْرِه ومَن
بَعْدَهم .
قالَ الحافظُ الذهبيُّ رَحِمَه اللهُ تعالى في تَرجمتِه له :
( ولم يكنْ له شيخٌ ، بل
اشْتَغَلَ بالأَخْذِ عن الكُتُبِ ، وصَنَّفَ كتابًا في تَحصيلِ الصناعةِ من
الكتُبِ ، وأنها أَوْفَقُ من الْمُعَلِّمِينَ وهذا غَلَطٌ ) اهـ .
وقد بَسَطَ الصَّفَدِيُّ
في ( الوافِي ) الردَّ عليه ، وعنه الزَّبِيدِيِّ في ( شرْحِ الإحياءِ ) عن
عددٍ من العُلماءِ مُعَلِّلِينَ له بعِدَّةِ عِلَلٍ ؛ منها ما قالَه ابنُ
بَطْلانَ في الردِّ عليه :
( السادسةُ : يُوجَدُ في
الكتابِ أشياءُ تَصُدُّ عن العلْمِ ، وهي مَعدومةٌ عندَ الْمُعَلِّمِ وهي
التصحيفُ العارضُ من اشتباهِ الحروفِ مع عَدَمِ اللفظِ ، والغلَطِ
بزَوَغَانِ البصَرِ، وقِلَّةِ الْخِبرةِ بالإعرابِ أو فَسادِ الموجودِ منه
وإصلاحِ الكتابِ وكتابةِ ما لا يُقْرَأُ وقِراءةِ ما لا يُكْتَبُ ومَذهبِ
صاحبِ الكِتابِ وسُقْمِ النَّسْخِ ورَداءةِ النقْلِ ، وإدماجِ القارئِ
مواضِعَ الْمَقاطِعِ وخلْطِ مَبادئِ التعليمِ وذِكْرِ ألفاظٍ مُصْطَلَحٍ
عليها في تلك الصناعةِ وألفاظٍ يُونانِيَّةٍ لم يُخَرِّجْها الناقِلُ من
اللغةِ ؛ كالنَّوْروسِ ، فهذه كلُّها مُعَوِّقَةٌ عن العِلْمِ وقد استراحَ
المتعلِّمُ من تَكَلُّفِها عندَ قراءتِه على الْمُعَلِّمِ ، وإذا كان
الأمْرُ على هذه الصورةِ فالقراءةُ على العُلماءِ أَجْدَى وأَفْضَلُ من
قراءةِ الإنسانِ لنفسِه وهو ما أَرَدْنَا بيانَه ... قالَ الصَّفَدِيُّ :
ولهذا قالَ العُلماءُ : لا تَأْخُذ العِلْمَ من صَحَفِيٍّ ولا من
مُصْحَفِيٍّ ؛ يعني : لا تَقرأ القُرآنَ على مَن قَرأَ من الْمُصْحَفِ ولا
الحديثَ وغيرَه على مَن أَخَذَ ذلك من الصُّحُفِ ... )اهـ .
والدليلُ المادِّيُّ
القائمُ على بُطلانِ نَظرةِ ابنِ رِضوانَ أنك تَرَى آلافَ التراجِمِ
والسِّيَرِ على اختلافِ الأزمانِ ومَرِّ الأعصارِ وتَنَوُّعِ المعارِفِ ،
مشْحُونةً بتَسميةِ الشيوخِ والتلاميذِ ومُسْتَقِلٌّ من ذلك ومُسْتَكْثِرٌ ،
وانْظُرْ شَذَرَةً من المكْثِرِينَ من الشيوخِ حتى بَلَغَ بعضُهم الأُلوفَ
كما في ( الْعُزَّابِ ) من ( الإسفارِ ) لرَاقِمِه .
وكان أبو حَيَّانَ محمَّدُ يوسفَ الأندلسيُّ ( م سنةَ 745 هـ ) إذا ذُكِرَ عندَه ابنُ مالِكٍ ؛ يقولُ : ( أينَ شُيوخُه ؟ ) .
وقالَ الوليدُ : كان الأوزاعيُّ يَقولُ :
كان هذا العِلْمُ كَرِيمًا يَتَلَاقَاهُ الرجالُ بينَهم فلمَّا دَخَلَ في
الكُتُبِ ؛ دَخَلَ فيه غيرُ أَهْلِه .
ورَوَى مثْلَها ابنُ المبارَكِ عن
الأَوْزَاعِيِّ . ولا ريبَ أنَّ الأَخْذَ من الصُّحُفِ وبالإجازةِ يَقَعُ
فيه خَلَلٌ ، ولا سِيَّمَا في ذلك العَصْرِ ، حيث لم يكنْ بعدُ نَقْطٌ ولا
شَكْلٌ فتَتَصَحَّفُ الكلمةُ بما يُحِيلُ المعنى ولا يَقَعُ مثلُ ذلك في
الأَخْذِ من أفواهِ الرجالِ، وكذلك التحديثُ من الْحِفْظِ يَقَعُ فيه
الوَهْمُ ؛ بخِلافِ الروايةِ من كتابٍ مُحَرَّرٍ ) اهـ.
ولابنِ خَلدونَ مَبحثٌ نَفيسٌ في هذا ؛ كما في ( الْمُقَدِّمَةِ ) له .
ولبعضِهم :
مَن لم يُشَافِهْ عالِمًا بأصُولِهِ ... فيَقِينُه في الْمُشكِلاتِ ظُنُونُ
وكان أبو حَيَّانَ كثيرًا ما يُنْشِدُ:
يَظُنُّ الغَمْرُ أنَّ الكُتُبَ تَهْـدِي ... أَخَـا فَهْـمٍ لإدراكِ العلـومِ
وما يَدْرِي الْجَهولُ بأنَّ فيهـا ... غوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الْفَهِيـمِ
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ .. ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى ... تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
القارئ: (بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد:
الأمر السابع عشر: تلقي العلم عن الأشياخ
الأصلُ
في الطلَبِ أن يكونَ بطريقِ التلقينِ والتلَقِّي عن الأساتيذِ
والْمُثَافَنَةِ للأشياخِ ، والأخْذِ من أفواهِ الرجالِ لا من الصحُفِ
وبُطونِ الكُتُبِ والأَوَّلُ من بابِ أَخْذِ النَّسيبِ عن النَّسيبِ
الناطقِ ، وهو الْمُعَلِّمُ، أمَّا الثاني عن الكتابِ ، فهو جَمادٌ ،
فأَنَّى له اتِّصَالُ النَّسَبِ ؟
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذا أيضاً مما ينبغي لطالب العلم مراعاته , أن يتلقى العلم عن الأشياخ لأنه يستفيد بذلك فائدتين : بل أكثر .
الفائدة الأولى :
اختصار الطريق بدلا من أن يذهب يقلب في بطون الكتب وينظر ما هو القول
الراجح , وما سبب رجحانه ؟ وما هو القول الضعيف ؟ وما سبب ضعفه ؟ بدلا من
ذلك يمد المعلم هذه لقمة سائغة، يقول : واختلف العلماء في كذا على قولين أو
ثلاثة أو أكثر , والراجح كذا , والدليل كذا . وهذا لا شك أنه نافع لطالب
العلم .
الفائدة الثانية :
السرعة . يعني سرعة الإدراك , لأن الإنسان إذا كان يقرأ على عالم فإنه
يدرك بسرعة أكثر مما لو ذهب يقرأ في الكتب , لأنه إذا ذهب يقرأ في الكتب
ربما يردد العبارة أربع أو خمس مرات لا يفهمها, وربما فهمها أيضا على وجه
خطأ غير صحيح .
الفائدة الثالثة : الرابطة بين طالب العلم ومعلمه , فيكون ارتباط بين أهل العلم من الصغر إلى الكبر .
فهذه من فوائد تلقي العلم على الأشياخ , لكن سبق أن قلنا أن الواجب أن يختار الإنسان من العلماء من هو ثقة أمين قوي أمين , يعني عنده علم وإدراك ليس علمه سطحياً , وعنده أمانة , وكذلك أيضاً إذا كان عنده عبادة فإن الطالب يقتدي بمعلمه .
القارئ: (وقد
قيلَ : ( مَن دَخَلَ في العِلْمِ وَحْدَه ، خَرَجَ وَحْدَه ) أي : مَن
دَخَلَ في طَلَبِ العِلْمِ بلا شيخٍ ، خَرَجَ منه بلا عِلْمٍ ، إذ العلْمُ
صَنعةٌ ، وكلُّ صَنعةٍ تَحتاجُ إلى صانعٍ ، فلا بُدَّ إِذَنْ لتَعَلُّمِها
من مُعَلِّمِها الحاذِقِ .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذا صحيح وقد قيل : إن من كان دليله كتاباً خطأه أكثر من صوابه .
هذا فهو الغالب بلا شك , لكن قد يندر من الناس من يكرس جهوده تكريساً ولا سيما إذا لم يكن عنده من يتلقى العلم عنده , فيعتمد اعتماداً كاملاً على الله عزوجل ويدأب ليلا ونهارا ويحصل من العلم ما يحصل وإن لم يكن له شيخ .
القارئ: (وهذا
يَكادُ يكونُ مَحَلَّ إجماعِ كلمةٍ من أهلِ العلمِ ؛ إلا مَن شَذَّ مِثلَ :
عَلِيِّ بنِ رِضوانَ الْمِصرِيِّ الطبيبِ وقد رَدَّ عليه علماءُ عَصْرِه
ومَن بَعْدَهم .
قالَ الحافظُ الذهبيُّ رَحِمَه اللهُ تعالى في تَرجمتِه له :
( ولم
يكنْ له شيخٌ ، بل اشْتَغَلَ بالأَخْذِ عن الكُتُبِ ، وصَنَّفَ كتابًا في
تَحصيلِ الصناعةِ من الكتُبِ ، وأنها أَوْفَقُ من الْمُعَلِّمِينَ وهذا
غَلَطٌ ) اهـ .
وقد
بَسَطَ الصَّفَدِيُّ في ( الوافِي ) الردَّ عليه ، وعنه الزَّبِيدِيِّ في (
شرْحِ الإحياءِ ) عن عددٍ من العُلماءِ مُعَلِّلِينَ له بعِدَّةِ عِلَلٍ ؛
منها ما قالَه ابنُ بَطْلانَ في الردِّ عليه :
(
السادسةُ : يُوجَدُ في الكتابِ أشياءُ تَصُدُّ عن العلْمِ ، وهي مَعدومةٌ
عندَ المُُُعَلِّمِ وهي التصحيفُ العارضُ من اشتباهِ الحروفِ مع عَدَمِ
اللفظِ ، والغلَطِ بزَوَغَانِ البصَرِ ، وقِلَّةِ الْخِبرةِ بالإعرابِ أو
فَسادِ الموجودِ منه وإصلاحِ الكتابِ وكتابةِ ما لا يُقْرَأُ وقِراءةِ ما
لا يُكْتَبُ ومَذهبِ صاحبِ الكِتابِ وسُقْمِ النَّسْخِ ورَداءةِ النقْلِ ،
وإدماجِ القارئِ مواضِعَ الْمَقاطِعِ وخلْطِ مَبادئِ التعليمِ وذِكْرِ
ألفاظٍ مُصْطَلَحٍ عليها في تلك الصناعةِ وألفاظٍ يُونانِيَّةٍ لم
يُخَرِّجْها الناقِلُ من اللغةِ ؛ كالنَّوْروسِ ، فهذه كلُّها مُعَوِّقَةٌ
عن العِلْمِ وقد استراحَ المتعلِّمُ من تَكَلُّفِها عندَ قراءتِه على
الْمُعَلِّمِ ، وإذا كان الأمْرُ على هذه الصورةِ فالقراءةُ على العُلماءِ
أَجْدَى وأَفْضَلُ من قراءةِ الإنسانِ لنفسِه وهو ما أَرَدْنَا بيانَه ...
قالَ الصَّفَدِيُّ : ولهذا قالَ العُلماءُ : لا تَأْخُذ العِلْمَ من
صَحَفِيٍّ ولا مُصْحَفِيٍّ ؛ يعني : لا تَقرأ القُرآنَ على مَن قَرأَ من
الْمُصْحَفِ ولا الحديثَ وغيرَه على مَن أَخَذَ ذلك من الصُّحُفِ ) اهـ
والدليلُ
المادِّيُّ القائمُ على بُطلانِ نَظرةِ ابنِ رِضوانَ أنك تَرَى آلافَ
التراجِمِ والسِّيَرِ على اختلافِ الأزمانِ ومَرِّ الأعصارِ وتَنَوُّعِ
المعارِفِ ، مشْحُونةً بتَسميةِ الشيوخِ والتلاميذِ ومُسْتَقِلٌّ من ذلك
ومُسْتَكْثِرٌ ، وانْظُرْ شَذَرَةً من المكْثِرِينَ عن الشيوخِ حتى بَلَغَ
بعضُهم الأُلوفَ كما في ( الْعُزَّابِ ) من ( الإسفارِ ) لرَاقِمِه .
وكان أبو حَيَّانَ محمَّدُ يوسفَ الأندلسيُّ ( المتوفى سنةَ 745 هـ ) إذا ذُكِرَ عندَه ابنُ مالِكٍ ؛ يقولُ : ( أينَ شُيوخُه ؟ ) .
وقالَ
الوليدُ : كان الأوزاعيُّ يَقولُ : كان هذا العِلْمُ كَرِيمًا يَتَلقاهُ
الرجالُ بينَهم فلمَّا دَخَلَت الكُتُبِ ؛ دَخَلَ فيه غيرُ أَهْلِه .
ورَوَى
مثْلَها ابنُ المبارَكِ عن الأَوْزَاعِيِّ . ولا ريبَ أنَّ الأَخْذَ من
الصُّحُفِ وبالإجازةِ يَقَعُ فيه خَلَلٌ ، ولا سِيَّمَا في ذلك العَصْرِ ،
حيث لم يكنْ بعدُ نَقْطٌ ولا شَكْلٌ فتَتَصَحَّفُ الكلمةُ بما يُحِيلُ
المعنى ولا يَقَعُ مثلُ ذلك في الأَخْذِ من أفواهِ الرجالِ، وكذلك التحديثُ
من الْحِفْظِ يَقَعُ فيه الوَهْمُ ؛ بخِلافِ الروايةِ من كتابٍ مُحَرَّرٍ )
اهـ.
ولابنِ خَلدونَ مَبحثٌ نَفيسٌ في هذا ؛ كما في ( الْمُقَدِّمَةِ ) له .
ولبعضِهم :
مَن لم يُشَافِهْ عالِمًا بأصُولِهِ = فيَقِينُه في الْمُشكِلاتِ ظُنُونُ
وكان أبو حَيَّانَ كثيرًا ما يُنْشِدُ: يَظُنُّ الغَمْرُ أنَّ الكُتُبَ تَهْـدِي= أَخَـا فَهْـمٍ لإدراكِ العلـومِ يَظُنُّ الغَمْرُ أنَّ الكُتُبَ تَهْـدِي= أَخَـا فَهْـمٍ لإدراكِ العلـومِ وما يَدْرِي الْجَهولُ بأنَّ فيهـا = غوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الْفَهِيـمِ ( توما الحكيم ) : مشهور بالغباوة لكنه يدعي العلم وقال على حاله بعض الشعراء : وهنا يقول : إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ= ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وما يَدْرِي الْجَهولُ بأنَّ فيهـا = غوامِضَ حَيَّرَتْ عَقْلَ الْفَهِيـمِ
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ = ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى= تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذه
الكلمات فيها ما أشرنا إليه من قبل , أن الأخذ عن العلماء والمشايخ أفضل من
الأخذ من الكتب , وبين فيما نقله هنا في الرد على ابن بطلان . قال : ( يوجد في الكتاب أشياء تصد عن العلم , وهي معدومة عند المعلم وهي التصحيف العارض من اشتباه الحروف مع عدم النقط ) وكانوا فيما سبق يكتبون بلا نقط فيخطئ الإنسان , فمثلاً ربما تجد كلمة ( بز ):
اشتريت
بزا بصاع من تمر بدون مقابضة . إذا لم يكن فيها نقطه ( برا ) ومعلوم أنك
إذا اشتريت برا بتمر بدون مقابضة فالبيع غير صحيح , فتختلف الأحكام باختلاف
النقط , كذلك الغلط بزوغان البصر يعني يزيغ بصره فيرى الكلمة على صورة غير
حقيقتها لا سيما إذا كان الكتاب ليس جيدا , فمثلا بعض الناس إذا كتب كلمة
زين ربط طرف النون بطرفها الأول فتكون كأنها زيوه أليس كذلك؟ فيحصل الخطأ
كذلك ( قلة الخبرة بالإعراب , والإعراب له أثر في تغيير المعنى . فإذا قرأ
مثلا: (وكلم اللهَ موسى تكليما) وهو إنسان لا يعرف الإعراب والكلمة ما
شكلت، ربما يقول: (وكلم اللهَ موسى تكليما) فيختلف المعنى اختلافا عظيما،
(أو فساد الموجود منه) في علم الإعراب و( إصلاح الكتاب , وكتابة ما لا يقرأ
, وقراءة ما لا يكتب) كل هذا يعتري من يأخذ العلم عن الكتاب , كذلك ( مذهب
صاحب الكتاب ) ربما يكون مذهبه مذهب معتزلي أو جهمي أو غيره وأنت لا تدري ,
وكذلك ( سقم النسخ , رداءة النقل , إدماج القارئ مواضع المقاطع) , وكل هذا
خلل عظيم (إدماج القارئ مواضع المقاطع) يعني معناه أن الكلمة لا بد أن تقف
عليها , فيأتي القارئ ليقرأ الكتاب فيقرأها مع ما بعدها فيختلف المعنى (
وخلط مبادئ التعليم ) بحيث لا يميز بعضها عن بعض , بمعنى أن
الكاتب
قد لا يكون متقناً فيغلط هذا مع هذا , والمبتدئ لا يعرف (ذكر ألفاظ مصطلح
عليها في تلك الصناعة) وهو لا يدري مثلا تأتيك كلمة في المصطلح ( معضل،
منقطع ) ما معنى المعضل؟ إذا لم يكن عنده علم أشكل عليه هذا الشيء .
يقول :
( ألفاظ يونانية لم يخرجها الناقل من اللغة كالنوروس ), هذه العباره لا بد
أن تفهم! ما هو النوروس ؟ طائر؟ والله ما أدري , لأن الطائر ما يكون ألفاظ
يونانية فلعله اسم لعلم من العلوم
يقول :
( فهذه كلها معوقة عن العلم , وقد استراح المتعلم من تكلفها عند قراءته
على المعلم وإذا كان الأمر على هذه الصورة فالقراءة على العلماء أجدى وأفضل
من قراءة الإنسان لنفسه وهو ما أردنا بيانه )
ثم نقل عن بعض العلماء أنه قال : ( لا تأخذ العلم من صحفي ولا عن مُصحفي يعني لا تقرأ القرآن على من قرأ من المصحف , ولا الحديث وغيره على من أخذ ذلك من الصحف) .
وهذا
كله فيما إذا كانت الكتب التي يقرأ منها ليس فيها بيان , أما إذا كان فيها
بيان , كالموجود الآن من المصاحف والحمد لله فهو واضح ما فيه إشكال ،
يعني معناه أن الإنسان يلحق كلمة غير مكتوبة ظنا منه أن المعنى لا يتم إلا بها فيقرأ ما ليس مكتوبا
فيه أيضاً الأبيات التي ذكر:
من لم يشافه عالماً بأصوله = فيقينه في المشكلات ظنون
يعني إذا وردت المشكلة وقال الحكم كذا وكذا يقيناً فهو ظن حتى يقول أنا عالم .
أما:
من هو الغمر : الصغير.
إذا رُمْتَ العلومَ بغيـرِ شيـخٍ = ضَلَلْتَ عن الصراطِ المستقيـمِ
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى= تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )
حمار الحكيم توما = لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جاهل بسيط = وصاحبي جاهل مركب
أفهمتم ؟
يقول : لو أنصف الدهر - طبعاً الكلمة هذه غير مقبولة لكن هذا الشاعر يقولها.
(كنت أركب) يعني هذا الحمار يركب على صاحبه وليس العكس.
لأنني جاهل بسيط = وصاحبي جاهل مركب
وتَلْتَبِسُ الأمورُ عليـك حتـى= تصيرَ أَضَلَّ من ( تُومَا الحكيمِ )
تمت المقابلة الصوتية بواسطة: محمد أبو زيد
تم التهذيب بواسطة زمزم
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد : نواصل ما كنا
ابتدأنا بقراءته من كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد
رحمه الله تعالى .
القارئ: ( بسم الله الرحمن
الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين أما بعد : قال المؤلف غفر الله له ولشيخنا
السابع عشر تلقي العلم عن الأشياخ:
الأصل
في الطلب أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأساتيذ ، و المثافنة للأشياخ
، والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف وبطون الكتب ، والأول من باب أخذ
النسيب عن النسيب الناطق ، وهو المعلم أما الثاني عن الكتاب ، فهو جماد ،
فأنّـى له اتصال النسب؟
وقد
قيل:"من دخل في العلم وحده ؛ خرج وحده " ؛ أي : من دخل في طلب العلم بلا
شيخ ؛ خرج منه بلا علم ، إذ العلم صنعة ، وكل صنعة تحتاج إلى صانع ، فلا بد
إذاً لتعلمها من معلمها الحاذق.
وهذا
يكاد يكون محل إجماع كلمة من أهل العلم ؛ إلا من شذ مثل: علي بن رضوان
المصري الطبيب (م سنة 453هـ) ، وقد رد عليه علماء عصره ومن بعدهم.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في ترجمته له :
"ولم يكن له شيخ ، بل اشتغل بالأخذ عن الكتب ، وصنّف كتاباً في تحصيل الصناعة من الكتب ، وأنها أوفق من المعلمين ، وهذا غلط"اهـ.
وقد
بسط الصفدي في الوافي الرد عليه ، وعنه الزبيدي في "شرح الإحياء " عن عدد
من العلماء معللين له بعدة علل ؛ منها ما قاله ابن بطلان في الرد عليه.
السادسة : يوجد في الكتاب أشياء تصد
عن العلم ، وهى معدومة عند المعلم ، وهى التصحيف العارض من اشتباه الحروف
مع عدم اللفظ ، والغلط بزوغان البصر ، وقلة الخبرة بالإعراب ، أو فساد
الموجود منه ، وإصلاح الكتاب ، وكتابة ما لا يقرأ ، وقراءة ما لا يكتب ،
ومذهب صاحب الكتاب ، وسُقم النسخ ، ورداءة النقل ، وإدماج القارئ مواضع
المقاطع ، وخلط مبادئ التعليم ، وذكر ألفاظ مصطلح عليه في تلك الصناعة ،
وألفاظ يونانية لم يخرجها الناقل من اللغة ، كالنوروس ، فهذه كلها معوقة عن
العلم ، وقد استراح المتعلم من تكلفها عند قراءته على المعلم ، وإذا كان
الأمر على هذه الصورة ، فالقراءة على العلماء أجدى وأفضل من قراءة الإنسان
لنفسه ، وهو ما أردنا بيانه ، قال الصَّفَدي : ولهذا قال العلماء : لا تأخذ
العلم من صحفي ولا من مصحفي ، يعنى : لا تقرأ القرآن على من قرأ من المصحف
ولا الحديث وغيره على من أخذ ذلك من الصحف "ا هـ.
والدليل
المادي القائم على بطلان نظرة ابن رضوان : أنك ترى آلاف التراجم والسير
على اختلاف الأزمان ومر الأعصار وتنوع المعارف ، مشحونة بتسمية الشيوخ
والتلاميذ ومستقل من ذلك ومستكثر ، وانظر شذرة من المكثرين عن الشيوخ حتى
بلغ بعضهم الألوف كما في "العُزّاب " من "الإسفار " لراقمه.
وكان أبو حيان محمد يوسف الأندلسي (م سنة 745 هـ) إذا ذكر عنده ابن مالك ، يقول:"أين شيوخه ؟".
"وقال الوليد : كان الأوزاعي يقول : كان هذا العلم كريماً يتلاقاه الرجال بينهم ، فلما دخل في الكتب ، دخل فيه غير أهله.
وروى مثلها ابن المبارك عن الأوزاعي.
ولا
ريب أنّ الأخذ من الصحف وبالإجازة يقع فيه خلل ، ولا سيما في ذلك العصر ،
حيث لم يكن بعد نقط ولا شكل ، فتتصحف الكلمة بما يحيل المعنى ، ولا يقع مثل
ذلك في الأخذ من أفواه الرجال ، وكذلك التحديث من الحفظ يقع فيه الوهم ،
بخلاف الرواية من كتاب محرر " اهـ. و لابن خلدون مبحث نفيس في هذا ، كما في
"المقدمة " له.
ولبعضهم :
من لم يشافه عالماً بأصوله ... ... فيقينه في المشكلات ظنون
وكان أبو حيان كثيراً ما ينشد:
يظن الغمر أنّ الكتب تهدى ... ... أخاً فهم لإدراك العلوم
وما يدرى الجهول بأنّ فيها ... ... غوامض حيرت عقل الفهيم
إذا رمت العلوم بغير شيخ ... ... ضللت عن الصراط المستقيم
وتلتبس الأمور عليك حتى ... ... تصير أضل من "توما الحكيم"
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (ذكر المؤلف ها هنا الأدب السابع عشر من آداب طالب العلم
وهو أن يتلقى طالب العلم ، العلم عن الأشياخ ، وذلك أنّ هذا العلم ينقله
سلف الأمة إلى خلفها بالنقل والرواية ، و لذلك فإنّ من أدب طلب العلم أخذه
عن العلماء والأشياخ لا تلقيه من الكتب ، وذلك لعدد من الأسباب :
أول هذه الأسباب :
أنّ ما يكتب في الكتب تختلف قدرات الناس في معرفة كيفية تشكيله و قراءته ،
فإذا درسه على معلم نبّه إلى الأخطاء التي تقع في طريقة نطق هذه الكلمات ،
ومثال هذا : عند قراءتنا لهذا الكتاب نجد أننا نخطئ في طريقة نطق بعض
الكلمات ، فيأتي الشيخ و ينبه عليها سواء نبه عليها مباشرة أو أعاد نطقها
مرة أخرى ، بحيث تستقر الكلمة على طريقة نطق الشيخ ، وضربنا لذلك أمثلة.
الأمر الثاني : التمييز بين أنواع الروايات فإنّ الروايات منها ما هو صحيح ومنها ما ليس بكذلك.
الأمر الثالث :
متعلق بالقدرة على فهم التراتيب من الكلام ، فإنّ المرء إذا قرأ الكتاب
وحده قد يُدخل جملة في جملة ، ومن ثَمَّ ينتقض عليه المعنى الذي أراده
المؤلف.
الأمر الرابع : أنّ الطالب إذا تلقى العلم عن شيخه استفاد من سمته و من هديه ، وبالتالي أثّر في سلوكه.
الأمر الخامس :
أنَّ الطالب قد يشكل عليه مسائل ، فإذا كان الشيخ عنده سأله عن تلك
المسائل المشكلة ، وإذا لم يكن عنده شيخ فإنه حينئذ لن يتمكن من إتقان جميع
الكتاب ، وكم من مرة وجدنا أخطاء مطبعية في الكتب ، فإذا كان عند الإنسان
شيخ أرشده إلى الخطأ في ذلك الكتاب ، و إذا لم يكن عنده شيخ فإنه قد يظن
أنَّ ما في الكتاب صواب ، وهو من الأخطاء الإملائية أو الطباعية.
الأمر السادس : أنَّ هناك مصطلحات تختلف ما بين موطن وموطن آخر ، فإذا قرأ الإنسان العلم على شيخ بيَّن له معاني تلك المصطلحات .
قال المؤلف : (الأصل في الطلب ) الأصل يراد به القاعدة المستمرة ، (أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأساتيذ) جمع أستاذ ، (والمثافنة للأشياخ)
بأن يأتي عندهم قريبا منهم حتى يكون ثِفنُه قريب من ثِفنِه ، و الثفن في
الأصل ما يكون في صدر البعير من الجسم البارز في صدره ، قال : (والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف) جمع صحيفة ، (وبطون الكتب والأوّل الذي هو التلقي عن الأشياخ ، من باب أخذ النسيب عن النسيب الناطق وهو المعلم) لأنّ الحي إذا أخذ عن الحي استفاد منه حياة ، (أما الثاني فهو أخذ عن الكتاب وهو جماد)
ومن ثَمّ لا يكون هناك اتصال بالنسب ، والمراد بالنسب هنا سلسلة الرواية
والإسناد ، لأنك إذا أخذت الكتاب من شيخك اتصل الإسناد حتى يصل إلى الشيخ
الأعلى قال : (من دخل في العلم وحده) أي بلا شيخ ، (خرج منه وحده)
أي بلا علم ، لو دخلت في المطبخ وأنت لا تحسن الطبخ ووجدت أنواع ما يجهز
به الطعام ، حينئذ لن تتمكن من الطبخ إلا أن يكون عندك طباخ ماهر يرشدك إلى
كيفية الطبخ ، هكذا في العلم عندك مؤلفات وعندك كتابات متنوعة ، ما هو
الأنسب لك ؟ وكيف تتعلم ؟ وما الكتب المناسبة لك ؟ وما هي مبادئ العلوم
التي يحسن أن تبتدئ بها ؟ لا يمكن أن تعرفه بنفسك.
ابن رضوان عالم من
علماء مصر طبيب يقول : بأنه يُرَغِّب في تحصيل العلم من الكتب ، ولذلك رد
العلماء عليه ، ومن هنا قال عنه الذهبي : (لم يكن له شيخ) ، (صَنَّف كتاب في تحصيل الصناعة من الكتب وأنها أوفق من المعلمين)
وهذه الطريقة (غلط) ، ولعل مثل ذلك إنما يكون في أصحاب المهن والعلوم
الأخرى ، ابن رضوان هذا طبيب ولذلك يظن أنه سيحصل العلم الشرعي بطريق
القراءة من الكتب ، الزَّبيدي شرح الإحياء وهو من علماء اليمن وله تحقيقات وكتب كثيرة ، قال : (في الكتاب أشياء تصد عن العلم) من مثل الأخطاء المطبعية وأخطاء النسّاخ ، واشتباه الحروف بعضها مع بعض ، واحتمالية زوغان البصر تجد الإنسان يقرأ ثم يطمر
سطرا من زوغان بصره ، وقد يكون يقرأ ويجد كلمة فينتقل إلى نفس الكلمة في
السطر الذي بعدها ، ومن ثَمَّ يؤدي إلى معنى مغاير للمعنى الذي يريده
المؤلف.
قال كذلك قد يكون في الكتاب : (مذهب صاحب الكتاب) وسيتبعه المقلد
القارئ بدون أن يعرف هل هو مذهب صواب أو مذهب خطأ ، وقد يكون في النقولات
شيء من الملحوظات فكم من عالم ومؤلف وفقيه أراد أن ينقل من غيره فحصل تغيير
فيما يُنقل ، وكذلك قد (يدمج القارئ مواضع المقاطع) فيٌدخل جملة في جملة ، (ويخلط في مبادئ التعليم)
، وذكر أيضا المصطلحات التي يمكن أن تكون خاصة بفن فيجهلها القارئ فيكون
ذلك صادا له عن الاستمرار في التعلم بينما من كان عنده معلم فإنه لا تنطلي
عليه هذه الأمور ، قال العلماء : (لا تأخذ العلم من صحفي ولا من مصحفي)
، الصحفي : من أخذ علمه من الصحف ، و المصحفي : من أخذ قراءته من المصحف ،
ولابد من شيخ يقرأ الإنسان عليه ، ولذلك تواتر عند علماء الأمة أنَّ
الإنسان يبحث عن أشياخ له ، وقد ألّف جماعات كثر مؤلفات في معاجم شيوخهم ،
وقد أوصل بعضهم شيوخه إلى ألف شيخ.
انقطاع في التسجيل
يقول : إنّ كون العلم
في الكتب يجعل غير المتأهلين ينقلون في الحديث عن مسائل العلم ، وهذا مشاهد
خصوصا في عصرنا فلما وجدت هذه الأشرطة وهذه الضواغط التي تضغط المكتبات
العلمية في الأشرطة ، فاكتفى أناس بها ولم يطلبوا العلم عن العلماء ، فكان
ذلك سببا من أسباب ولوج غير المؤهلين في الحديث في علوم الشرع فخبَّطوا ،
وجاءوا بكلام لا يستسيغه صاحب دين أو صاحب عقل ، قال : (ولا ريب أنّ الأخذ من الصحف وبالإجازة يقع فيه خلل) الرواية بالإجازة نوع من أنواع الرواية ، الرواية لها مراتب :
الرتبة الأولى : أن يقرأ الشيخ والتلميذ يسمع عنه ، وهذه يقال لها قراءة الشيخ.
الثاني : أن يقرأ التلميذ والشيخ يسمع فيُثبت السماع أو يسكت ، وهذه يقال لها القراءة على الشيخ ، أو يسميها البعض العرض.
الثالث :
الإجازة بأن يرويَ عن كتبه التي أجاز له الرواية عنها ، يقول : أجيز لك أن
تروي عني الحديث الفلاني ، فهذه إجازة لم يسمع بها جميع الحديث لا بقراءة
الشيخ ولا بقراءة التلميذ.
قال : (ولاسيما في ذلك العصر حيث لم يكن بعد نقط ولا شكل)
إذا لم يأخذ الإنسان عن شيخه فقد يقع في أخطاء بسبب تغير النُقط أو بتغير
الشكل فتتصحف الكلمة بما يحيل المعنى ، تعرفون نماذج من هذا قرأ بعضهم
(المؤمن كيس قطن) ، وقرأ الآخر فقال : (الحية السوداء دواء من كل داء) ، من
أين وقع ؟ وقع الخطأ من عدم اختيار الشكل الذي يُقرأ عليه ، ثم ذكر أشعارا
لبعضهم تدل على نفس المعنى ، نعم.
مراحل الطلب
المتن:
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ت:1429هـ): (وقد
كان الطلَبُ في قُطْرِنا بعدَ مَرحلةِ الكتاتيبِ والأخْذِ بحفْظِ القرآنِ
الكريمِ يَمُرُّ بِمَراحلَ ثلاثٍ لدى المشايِخِ في دُروسِ المساجدِ :
للمبتدئينَ ثم الْمُتَوَسِّطِينَ ، ثم الْمُتَمَكِّنِينَ .
ففي التوحيدِ : ( ثلاثةُ الأصولِ وأَدِلَّتُها ) و( القواعدُ الأربَعُ ) ،
ثم (
كشْفُ الشُّبهاتِ ) ثم ( كتابُ التوحيدِ ) أربَعَتُها للشيخِ محمَّدِ بنِ
عبدِ الوَهَّابِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، هذا في توحيدِ العِبادةِ .
وفي توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ :
( العقيدةُ الوَاسِطِيَّةُ ) ، ثم ( الْحَمَوِيَّةُ ) و (
التَّدْمُرِيَّةُ )؛ ثلاثتُها لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ
تعالى ، فـ ( الطحاوِيَّةُ ) مع ( شَرْحِها).
وفي النحوِ :
( الآجُرُّومِيَّةُ ) ثم ( مُلْحَةُ الإعرابِ ) للحَريريِّ ، ثم ( قَطْرُ
النَّدَى ) لابنِ هِشامٍ ( وألْفِيَّةُ ابنِ مالِكٍ ) مع ( شَرْحِها )
لابنِ عَقيلٍ .
وفي الحديثِ :
( الأربعينَ ) للنوويِّ ، ثم ( عُمْدَةُ الأحكامِ ) للمَقْدِسِيِّ ، ثم (
بُلوغُ الْمَرامِ ) لابنِ حَجَرٍ ، و ( الْمُنْتَقَى ) للمَجْدِ ابنِ
تَيميةَ ؛ رَحِمَهم اللهُ تعالى ، فالدخولُ في قراءةِ الأمَّهاتِ السِّتِّ
وغيرِها .
وفي الْمُصطَلَحِ : ( نُخبَةُ الفِكَرِ ) لابنِ حَجَرٍ ، ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
وقالَ الحافظُ عثمانُ بنُ خُرَّزَاذَ (م سنة 282 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَحتاجُ صاحبُ الحديثِ إلى خَمْسٍ ، فإن عُدِمَتْ واحدةٌ فهي نَقْصٌ : يَحتاجُ إلى عَقْلٍ جَيِّدٍ ، ودِينٍ ، وضَبْطٍ ، وحَذَاقَةٍ بالصِّناعةِ مع أَمانَةٍ تُعْرَفُ منه ) . قلتُ : أي الذهبيُّ : ( الأمانةُ جزءٌ من الدينِ ، والضبْطُ داخلٌ في الْحِذْقِ ، فالذي يَحتاجُ إليه الحافظُ أن يكونَ تَقِيًّا ، ذَكِيًّا ، نَحْوِيًّا ، لُغَوِيًّا ، زَكِيًّا ، حَيِيًّا ، سَلَفِيًّا يَكفِيه أن يَكتُبَ بيَدَيْهِ مِئَتَي مُجَلَّدٍ ، ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ وأن لا يَفْتُرَ من طلَبِ العِلْمِ إلى الْمَمَاتِ بِنِيَّةٍ خالِصَةٍ ، وتوَاضُعٍ وإلا فلا يَتَعَنَّ ) اهـ .
وفى الفِقْهِ مَثَلًا :
( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ ، ثم (
زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى أو ( عُمْدَةُ
الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و ( الْمُغْنِي )
للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى .
وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها ، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ ) .
وفي التفسيرِ ( تفسيرُ ابنِ كثيرٍ ) رَحِمَه اللهُ تعالى ، وفي أصولِ التفسيرِ : ( الْمُقَدِّمَةُ ) لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي السيرةِ النبوِيَّةِ :
( مُخْتَصَرُها ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ الوَهَّابِ وأَصْلُها لابنِ
هِشامٍ ، وفي ( زادِ الْمَعادِ ) لابنِ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
.... وهكذا من مَراحلِ الطلَبِ في الفُنونِ .
وكانوا مع ذلك يَأخذون بجَرْدِ الْمُطَوَّلَاتِ ؛ مثلِ ( تاريخِ ابنِ جَريرٍ ) وابنِ كثيرٍ ؛ وتفسيرِهما ، ويُرَكِّزُون على كُتُبِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ، وتلميذِه ابنِ القَيِّمِ رَحِمَهما اللهُ تعالى . وكُتُبِ أئِمَّةِ الدعوةِ وفتاوِيهم لا سِيَّمَا مُحَرَّرَاتِهم في الاعتقادِ .
وهكذا كانت الأوقاتُ عامرةً في الطلَبِ ومجالِسِ العِلْمِ ، فبعدَ صلاةِ الفَجْرِ إلى ارتفاعِ الضُّحَى ، ثم تكونُ القَيلولةُ قُبَيْلَ صلاةِ الظهْرِ ، وفي أعقابِ جَميعِ الصلواتِ الخمْسِ تُعْقَدُ الدروسُ ، وكانوا في أَدَبٍ جَمٍّ وتَقديرٍ بعِزَّةِ نفْسٍ من الطَّرَفَيْنِ على مَنهجِ السلَفِ الصالِحِ رَحِمَهُم اللهُ تعالى ، ولذا أَدْرَكُوا وصارَ منهم في عِدادِ الأئِمَّةِ في العِلْمِ جَمْعٌ غَفيرٌ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .فهل من عودةٍ إلى أصالةِ الطلَبِ في دِراسةِ المختَصَراتِ الْمُعتَمَدَةِ لا على المذَكَّرَاتِ ، وفي حِفْظِها لا الاعتمادِ على الفَهْمِ فحَسْبُ ، حتى ضاعَ الطلَّابُ فلا حِفْظَ ولا فَهْمَ .وفي خُلُوِّ التلقينِ من الزَّغَلِ والشوائبِ والكَدَرِ ، سيْرٌ على مِنْهَاجِ السلَفِ ؟ واللهُ الْمُستعانُ .
شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
القارئ: (وقد
كان الطلَبُ في قُطْرِنا بعدَ مَرحلةِ الكتاتيبِ والأخْذِ بحفْظِ القرآنِ
الكريمِ يَمُرُّ بِمَراحلَ ثلاثٍ لدى المشايِخِ في دُروسِ المساجدِ :
للمبتدئينَ ثم الْمُتَوَسِّطِينَ ، ثم الْمُتَمَكِّنِينَ .
ففي التوحيدِ :
( ثلاثةُ الأصولِ وأَدِلَّتُها ) و( القواعدُ الأربَعُ ) ، ثم ( كشْفُ
الشُّبهاتِ ) ثم ( كتابُ التوحيدِ ) أربَعَتُها للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ
الوَهَّابِ رَحِمَه اللهُ تعالى ، هذا في توحيدِ العِبادةِ .
وفي توحيدِ الأسماءِ والصِّفاتِ :
( العقيدةُ الوَاسِطِيَّةُ ) ، ثم ( الْحَمَوِيَّةُ ) و (
التَّدْمُرِيَّةُ )؛ ثلاثتُها لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ
تعالى ، فـ ( الطحاوِيَّةُ ) مع ( شَرْحِها ) .
وفي النحوِ :
( الآجُرُّومِيَّةُ ) ثم ( مُلْحَةُ الإعرابِ ) للحَريريِّ ، ثم ( قَطْرُ
النَّدَى ) لابنِ هِشامٍ ( وألْفِيَّةُ ابنِ مالِكٍ ) مع ( شَرْحِها )
لابنِ عَقيلٍ .
وفي الحديثِ :
( الأربعينَ ) للنوويِّ ، ثم ( عُمْدَةُ الأحكامِ ) للمَقْدِسِيِّ ، ثم (
بُلوغُ الْمَرامِ ) لابنِ حَجَرٍ ، و ( الْمُنْتَقَى ) للمَجْدِ ابنِ
تَيميةَ ؛ رَحِمَهم اللهُ تعالى ، فالدخولُ في قراءةِ الأمَّاتِ السِّتِّ
وغيرِها .
وفي الْمُصطَلَحِ : ( نُخبَةُ الفِكَرِ ) لابنِ حَجَرٍ ، ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفى
الفِقْهِ مَثَلًا : ( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ
الوَهَّابِ ، ثم ( زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى
أو ( عُمْدَةُ الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و (
الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ
تعالى .
وفي
أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم (
رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى .
وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها ، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ )
وفي
التفسيرِ ( تفسيرُ ابنِ كثيرٍ ) رَحِمَه اللهُ تعالى وفي أصولِ التفسيرِ : (
الْمُقَدِّمَةُ ) لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي
السيرةِ النبوِيَّةِ : ( مُخْتَصَرُها ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ
الوَهَّابِ وأَصْلُها لابنِ هِشامٍ ، وفي ( زادِ الْمَعادِ ) لابنِ
القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ تعالى .
وفي
لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ )
والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (يقول
رحمه الله وأطال حياته في طاعته يقول: (ففي التوحيد: ثلاثة الأصول وأدلتها
والقواعد الأربع ثم كشف الشبهات ثم كتاب التوحيد أربعتها للشيخ محمد بن
عبد الوهاب رحمه الله) هذا في توحيد العبادة يعني يبدأ بالأصغر فالأصغر،
ثلاثة الأصول تدور عليها من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ أربعة قواعد أيضا
تدور على قوله تعالى: { والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .
كشف
الشبهات شبهات بعض أهل الشرك التي أوردوها وأجاب عنها الشيخ رحمه الله بما
تيسر وفي توحيد الأسماء والصفات العقيدة الواسطية التي ألقها شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله وهي من أخصب كتب العقيدة وأحسن كتب العقيدة وسميت
الواسطية نسبة إلى واسط لأن بعض قضاتها قدم إلى الشيخ رحمه الله وطلب منه
أن يكتب ملخصا في عقيدة السلف فكتب هذه العقيدة المباركة. كتاب التوحيد
للشيخ محمد بن عبد الوهاب .
قال :
(ثم الحموية ثم التدمرية) والحموية والتدمرية: رسالتان أوسع من العقيدة
الواسطية لكنها أجمع منهما لأنه ذكر فيها الأسماء والصفات والكلام على
الإيمان باليوم الآخر وطريقة أهل السنة والجماعة ومنهجهم في الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر وغير ذلك فهي أجمع من التدمرية والحموية لكن التدمرية
والحموية تمتازان بأنهما أوسع منها في باب الصفات يقول : (فـ) الفاء
للترتيب (الطحاوية مع شرحها) . وهي معروفة وصارت شائعة منتشرة بين الناس
الآن حيث قررت في الجامعة .
(في
النحو الآجرومية) كتاب صغير في النحو لكنه مبارك وجامع، مقسم، سهل وأنا
أنصح به كل مبتدئ في النحو أن يقرأها، كذلك أيضا ملحة الإعراب للحريري ثم
قطر الندى لابن هشام وألفية ابن مالك مع شرحها لابن عقيل هكذا قال الشيخ
بكر لكني أقول الآجرومية ثم (...) إلى الألفية أما أن نحشوا أذهاننا بكتب
تعتبر كالتكرار لأولها فلا حاجة (ملحة الإعراب) هذه نظم فيها بيت مشهور عند
الناس وهو قوله:
إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا
هذا منها وهو مشهور كثير من الكتاب الذين يكتبون الكتب العملية بالذات فيها سبق إذا انتهت قال
إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا
هذا منها وهو مشهور، كثير من الكتاب الذين يكتبون الكتب العلمية (...) فيما سبق إذا انتهى قال:
إن تجد عيبا فسد الخللا = فجل من لا عيب فيه وعلا
المهم
أنا أختار الآجرومية ثم ألفية ابن مالك احفظها واستشرحها من رجل عالم
بالنحو وفيها الخير الكثير، في الحديث الأربعين النووية وهذا طيب هذا
الكتاب طيب لأن فيه آدابا ومنهجا جيدا وقواعد مفيدة جدا في حديث واحد يمكن
أن يبني الإنسان حياته عليه (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) هذه قاعدة لو جعلتها هي الطريق الذي تمشي عليه وتسير لكانت كافية وفي النطق (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت))
فهي من أحسن ما ألف، ثم عمدة الأحكام للمقدسي ثم بلوغ المرام ) وأرى أن
يقتصر على بلوغ المرام لأن عمدة الأحكام داخلة في بلوغ المرام أكثر أحاديثه
موجودة في بلوغ المرام، بلوغ المرام أوسع منه وأشد تحريرا لكن:
إذا لم تستطع شيء فدعه = وجاوزه إلى ما تستطيع
إذا قال: أنا ما أستطيع أني أحفظ بلوغ المرام لاسيما وأن فيه رواه فلان وصححه فلان وضعفه فلان هذه (...)
قلنا
له إذا لم تستطع شيئا فدعه عندك عمدة الأحكام زبدة، أي ساعة تريد أن تستدل
خذ حديثا منها ولا حاجة أن تبحث عن صحته لأن أحاديثه منتخبة من البخاري
ومسلم، (والمنتقى للمجد بن تيمية رحمهم الله) المنتقى أكبر من بلوغ المرام
بكثير لكنه أضعف منه من حيث بيان مرتبة الحديث لا يذكر رحمه الله بيان
مرتبة الحديث . نعم.
قال : (فالدخولُ في قراءةِ الأمَّهاتِ السِّتِّ وغيرِها) ما
هي الأمهات الست؟ البخاري، ومسلم، أبو داود، الترمذي، النسائي، ابن ماجة،
وسميت أمهات لأنها مرجع الأحاديث ولهذا قال بعض العلماء: إذا رأيت حديثا في
غير الأمهات فلا تحكم عليه حتى تحرره تخريجا لأن هذه الأمهات هي التي
اشتهرت بين المسلمين وأخذوها وتلقوها بالقبول وإن كان فيها الضعيف وربما
الموضوع أيضا، لكن اشتهرت واعتبرت عند المسلمين .
في
المصطلح: نخبة الفكر لابن حجر، ثم ألفية العراقي رحمه الله) نخبة الفكر
أظنها ثلاث صفحات تقريبا لكنها نخبة، يعني الإنسان إذا فهمها تماما وأتقنها
تغني عن كتب كثيرة في المصطلح لأنها مضبوطة تماما وله طريقة غريبة في
تأليفها وهي السبر والتقسيم، أكثر المؤلفات يأتي الكلام مرسلا يعني سلسلا
لكن هو رحمه الله اخترع هذه الطريقة الخبر إما أن يكون له طرق محصورة بعدد
أو غير محصورة والمحصورة بعدد كذا وكذا وكذا ثم (...) فتجد أن الإنسان إذا
قرأها يجد نشاطا لأنها مبنية على إثارة العقل وأنا أشير على كل الطلبة أن
تحفظوها لأنها خلاصة (...) نعم.
يقول: (ثم ( أَلْفِيَّةُ العِراقيِّ ) ألفية العراقي مطولة لكن أرى أن الإنسان يقتصر على فهمها وأنه لا حاجة إلى حفظها ثم قد يكون هناك متون أهم منها.
(وفى
الفِقْهِ مَثَلًا : ( آدابُ المشيِ إلى الصلاةِ ) للشيخِ محمَّدِ بنِ عبدِ
الوَهَّابِ ، ثم ( زادُ المستَقْنِعِ ) للحَجَّاويِّ رَحِمَه اللهُ تعالى
أو ( عُمْدَةُ الفِقْهِ ) ثم ( الْمُقْنِعُ ) للخِلافِ المذهبيِّ ، و (
الْمُغْنِي ) للخِلافِ العالي ؛ ثلاثتُها لابنِ قُدامةَ رَحِمَه اللهُ
تعالى ).
ثلاثتها يعني بذلك عمدة الفقه، المقنع، المغني.
لكن غيره ذكر أربعة وهي العمدة، ثم المقنع، ثم الكافي ثم المغني.
كفى الناس بالكافي وأقنع طالبا = بمقنع فقه عن كتاب مطول
وأغنى بمغني الفقه من كان طالبا = وعمدته من يعتمدها يحصل
ذكرت هذه الأربع في البيتين (...) فالعرب تقرأ القصيدة أكثر من خمسين بيتا ثم ينصرفون وقد حفظوها. نعم أعيدها؟ يقول:
كفى الناس بالكافي -يغني الموفق- وأقنع طالبا = بمقنع فقه عن كتاب مطول
وأغنى بمغني الفقه من كان طالبا = وعمدته من يعتمدها يحصل
أو قال: وأغنى بمغني الفقه من كان عالما نسيت أنا . (...)
(وفي أصولِ الفقهِ : ( الوَرَقَاتُ ) للجُوَيْنيِّ رَحِمَه اللهُ تعالى ، ثم ( رَوضةُ الناظِرِ ) لابنِ قُدامةَ) قفزة جيدة الورقات ورقات صغيرة لكن بعد هذا إلى روضة الناظر الفرق
بينهما
كبير لكن هناك كتب مختصرة في أصول الفقه وجيدة يمكن أن يعتمد الإنسان عليها
وربما تغنيه أيضا عن روضة الناظر وأصول الفقه هي عبارة عن قواعد وضوابط
يتوصل الإنسان بها إلى معرفة استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية.
(وفي الفرائضِ : ( الرَّحْبِيَّةُ ) ثم مع شُروحِها، و ( الفوائدُ الجلِيَّةُ ) أما
الرحبية فهي للرحبي وشروحها متعددة والفوائد الجلية للشيخ عبد العزيز بن
باز لكن أرى أن البرهانية أحسن من الرحبية، البرهانية أجمع من الرحبية من
وجه وأوسع معلوماتا من وجه آخر ففي مقدمتها ذكر الحقوق المترتبة على التركة
.. أو المرتبة في التركة من بعد موت الإنسان يعني المتعلقة بالتركة ذكرها
ولم تذكر في الرحبية ذكر أركان الإرث وشروط الإرث ولم تذكر في الرحبية ذكر
(...) وذوي الأرحام ولم تذكر في الرحبية على أنها أخصر من الرحبية وأجمع،
في باب الثلثين الرحبي ذكر أربعة أبيات والبرهاني ذكر بيتا واحدا فقال:
الثلثان لاثنتين استوتا = فصاعدا ممن له النصف أتى
بيت واحد
(الثلثان لاثنتين استوتا = فصاعدا ممن له النصف أتى
كل واحد له النصف إذا صار معها نظيرها صار لهما الثلثان ( طيب ) ولها شرح لابن سلوم مطول ومختصر مفيد جدا ولذلك أنا أرى أن البرهانية أحسن من الرحبية
من
الوجوه التي ذكرتها . نعم.
في التفسير يقول : (تفسير ابن كثير) وهو جيد بالنسبة للتفسير بالآثر لكنه قليل الفائدة بالنسبة لأوجه الإعراب والبلاغة وخير ما قرأت في أوجه الإعراب والبلاغة
(الكشاف) للزمخشري وكل من بعده فهم عيال عليه أحيانا تجد عبارة
الزمخشري منقولة نقلا، لكن تفسير الزمخشري فيه بلايا من جهة العقيدة لأنه
معتزلي .
في أصول التفسير: (المقدمة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى) معروفة المقدمة في التفسير وهي كتاب مختصر جيد مفيد.
(في
السيرة النبوية مختصرها للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأصلها لابن
هشام وفي زاد المعاد لابن القيم رحمه الله) لكن السيرة النبوية المختصرة
والأصل مجرد تاريخ أما زاد المعاد فإنه تاريخ وفقه، فقه من السيرة قد يكون
في التوحيد وقد يكون في الفقه في الأمور العملية.
(وفي لِسانِ العَرَبِ : العنايةُ بأشعارِها ؛ كـ ( المعلَّقَاتِ السبْعِ ) والقراءةُ في ( القاموسِ ) للفيروزآباديِّ رَحِمَه اللهُ تعالى) .
(العناية بأشعارها كالمعلقات السبع) المعلقات السبع قصائد من أجمع القصائد وأحسنها وأروعها اختارتها قريش لتعلق في الكعبة ولهذا تسمى المعلقات ولما ذكر ابن كثير رحمه الله اللامية لأبي طالب قال: هذه اللامية يحق أن تكون مع المعلقات لأنها أقوى منها وأعظم وفيها يقول أبو طالب:
لقد علموا أن ابننا لا مكذب = لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
يعني الرسول عليه الصلاة والسلام وهذه شهادة للرسول عليه الصلاة والسلام بأنه صادق لكن هذه الشهادة من أبي طالب لم تستلزم القبول والإذعان فلذلك لم تنفعه، وخذل عند موته بل كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: قل لا إله إلا الله ولكن لم يقل نسأل الله العافية.
يقول
أيضا (القراءة في القاموس) لكن هل نقرأ في القاموس أو نراجع القاموس ؟
الثاني نراجع . أما نقرأ القاموس مهما قرأت ما تستفيد الفائدة المرجوة، لكن
فيه مقدمات مشروحة جيدة في الصرف لو قرأها الإنسان يكون ذلك طيبا.
وهكذا من مراحل الطلب في الفنون.
(...)
سؤال:
عندنا هنا من أصعب العلوم على أكثر الشباب علم اللغة (النحو والصرف)
ودائما المشايخ ينصحوننا بأن نبدأ بالنحو في علم اللغة ولكن كثير من الشباب
يتكاسل ولا يستمر فهل يبدأ بغيره قبله، كالفقه والأصول والمصطلح؟
الجواب:
نعم ، لا بأس أن يبدأ بغيره قبله ولا يضر، كم من علماء فقهاء يشار إليهم
بالأصابع يلحنون في فقههم لكن لا شك أن علم العربية يعينك على فهم القرآن
والسنة ويجمل كلامك لأنك لو سمعت رجلا يقول: جاء زيدا راكبٌ، مججت هذا
الكلام مع أن المعنى واضح عنده هو، وكثير من الناس يضيق صدره جدا إذا سمع
قارئًا يلحن، ولكن قل للإخوان: إن النحو كما قاله مشائخنا عن النحو بابه من
حديد وجوفه من قصب يعني أنه سهل ادخل الباب والباقي يكون سهلا عليك ، وهذه
حقيقة لاسيما إذا وفق الإنسان لمعلم يكثر ضرب الأمثلة فإنه يسهل عليه علم
النحو.
السؤال
الثاني : كما بينتم حفظكم الله أن قراءة الشعر تقوي الجانب اللغوي عند
الطالب، ما حكم قراءة أشعار العرب وفيها من الغزل وغيره ؟
جواب الشيخ :
أما الإنسان الذي لا يحركه هذا الغزل ، فلا بأس .
وأما الذي يحركه ويخشى على نفسه منه فليتجنبه.
سؤال :
ما حكم وضع القرآن الآن في بدالة الهاتف بحيث يكون في وقت الانتظار أو وقت
تحويل مكالمة إلى مكالمة يسمع المتصل شيء من القرآن أو أحيانا شريط موعظة
أو غيره ؟
جواب الشيخ :
أما
القرآن فلا أرى ذلك ، لأن هذا ابتذال للقرآن حيث نقضي به غرضا فقط ، ثم قد
يستمع إليه من لا يقدره ولا يعظمه ويكرهه، لكن من الممكن أن تضع حكمة من
الحكم . أو إذا كنت في مصلحة أو جهة تبين عمل هذه الجهة أو المؤسسة في
أثناء الانتظار .
سؤال
لأحد التجار: يقول إن عنده بضاعة من سراويل الرجال فوق الركبة قليلا وكذلك
أغراض للنساء يمكن أن تستخدم داخل البيت ويمكن أن تستخدم خارج البيت يعني
إذا استخدمت خارج البيت تكون فتنة وأما داخل البيت فتكون للزوج أو بين
النساء فهل يجوز له أن يبيع مثل هذه الأغراض؟
الجواب:
الشيء الذي يخشى أن يكون فتنة لا يجوز ، وأما السروال القصير للرجال فإذا
كان من عادة الناس أن يلبسوا فوقه قميصا ساترا فلا بأس ، أما إذا كانوا لا
يلبسون إلا قمصا خفيفة يتبين من ورائها لون الجلد فإنه لا يبيع هذه
السراويل إلا على من تستر منه ما بين السرة والركبة.
(...)
سؤال: (...)
الجواب:
أما المسألة الأولى فلا بد أن يكون للقصر ولي يتصرف بما يراه أنفع ، من
قسم المال أو إبقائه على ما هو عليه وكل إنسان منهم يحتاج يعطى ما يحتاجه
لكن يقيد من نصيبه وليس من الجميع. وأما الثانية فإنه إذا تنازل الأب فله
أن يرجع لأن الأب يجوز له أن يرجع في هبته لابنه وأما الأم فليس لها أن
ترجع (...) الجد ليس له أن يرجع ولا الأم.
سؤال: (...)
الجواب: إذا لم يكن لم ولي فوليهم القاضي.
سؤال: (...)
الجواب:
هل آتاك الله علما؟ هل هو وحي؟ (...) يعني ما آتاه مثله في وجوب العمل
ولهذا قال: (لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري يقول لا
ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ) فأراد عليه الصلاة والسلام أنه مثله
في العمل أي في وجوب العمل. (...) المماثلة متعذرة ليس مثل القرآن لا في
الإعجاز ولا في الاحترام ولا في تحريمه على الجنب (...) لأن الرجل يقول:
(ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه) يعني ولا ألتفت للسنة، فقال: (ألا إني
أوتيت الكتاب ومثله معه) (...) الرسول ما أوحي إليه فيها أشياء حكم بها
وأنكرها الله عليه (...) بالعكس الأصل أن ما قاله ليس بوحي إلا ما دل عليه
الدليل، لكن إقرار الله له يجعله حجة بمنزلة الوحي.
القارئ: (بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد:
.... وهكذا من مَراحلِ الطلَبِ في الفُنونِ .
وكانوامع ذلك يَأخذون بجَرْدِ الْمُطَوَّلَاتِ ؛ مثلِ ( تاريخِ ابنِ جَريرٍ ) وابنِ كثيرٍ ؛وتفسيرِهما ، ويُرَكِّزُون على كُتُبِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميةَ ، وتلميذِه ابنِالقَيِّمِ رَحِمَهما اللهُ تعالى . وكُتُبِ أئِمَّةِ الدعوةِ وفتاوِيهم لا سِيَّمَامُحَرَّرَاتِهم في الاعتقادِ .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (الشيخ
بكر يتحدث عن الطلب في قطرنا ، وليس عن الطلب عموما ، ولهذا هذه الكتب
التي عينها إنما هي في قطرنا وقد يكون ما يساويها أو يشابهها في الأقطار
الأخرى على هذا النمط.
وأما
قوله: (يركزون على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما
الله) ، فهذا صحيح ، غالب المتأخرين يركزون عليهما ، وكان شيخنا عبد الرحمن
بن سعدي رحمه الله يحثنا على قراءتهما ، أي قراءة كتب شيخ الإسلام ابن
تيمية وتلميذه ابن القيم لأن فيهما من التحقيق والتحرير والتقعيد ما لا
يوجد في غيرهما.
وتحس وأنت تقرأ بأن كلامهما ينبع من القلب ، ولهذا يؤثر في زيادة الإيمان .
وأما
تمثيله أيضا بتاريخ ابن جرير وابن كثير ، فهذا أيضا عند المراجعة لا بأس ،
أما كون الإنسان يجعله قراءة يقرؤها فهذا طويل ربما يقطع عليه وقتا كثيرا .
وقوله: (كتب أئمة الدعوة) ، المراد بهم شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وبنوه وأحفاده ، ومن تتلمذ عليهم .
القارئ: (وهكذاكانت الأوقاتُ عامرةً في الطلَبِ ومجالِسِ العِلْمِ ، فبعدَ صلاةِ الفَجْرِ إلى ارتفاعِالضُّحَى ، ثم تكونُ القَيلولةُ قُبَيْلَ صلاةِ الظهْرِ ، وفي أعقابِ جَميعِالصلواتِ
الخمْسِ تُعْقَدُ الدروسُ ، وكانوا في أَدَبٍ جَمٍّ وتَقديرٍ بعِزَّةِ
نفْسٍ من الطَّرَفَيْنِ على مَنهجِ السلَفِ الصالِحِ رَحِمَهُم اللهُ تعالى
، ولذا أَدْرَكُوا وصارَ منهم في عِدادِ الأئِمَّةِ في العِلْمِ جَمْعٌ
غَفيرٌ والحمدُللهِ ربِّ العالمينَ .فهلمن عودةٍإلى أصالةِ الطلَبِ في دِراسةِ المختَصَراتِ الْمُعتَمَدَةِ لا على المذَكَّرَاتِ ،وفي حِفْظِها لا الاعتمادِ على الفَهْمِ فحَسْبُ ، حتى ضاعَ الطلَّابُ فلا حِفْظَولا فَهْمَ.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (لا
حول ولا قوة إلا بالله، قوله وفقه الله : الاعتماد على هذه المتون الأصيلة
لا على المذكرات ، هذا صحيح ، لأن المذكرات قد يكون واضعها ممن لا يعرف من
هذا الفن إلا معرفة سطحية ، فتجده يلتمس كلمات من هذا وكلمات من هذا وكلمات
من هذا ، ولا يكون الكلام محررا متناسقا ، لكن هذه الكتب القديمة الأصيلة
محررة متناسقة مخدومة.
وكذلك
أيضا الحفظ هو الأصل ، علم بلا حفظ يزول سريعًا ، وكانوا بالأول يلعبون
علينا لما كنا في الطلب ، يقولون لا تتعب نفسك في حفظ المتن عليك بالفهم ،
الفهم الفهم، لكن وجدنا أننا ضائعون إذا لم يكن عندنا حفظ .
ما
نفعنا الله تعالى إلا بما حفظنا من المتون ، ولولا أن الله نفعنا بذلك لضاع
علينا علم كثير، فلا تغتر بمن يقول الفهم ، ولهذا هؤلاء الدعاة إلى الفهم
لو سألتهم أو ناقشتهم لوجدتهم ضحلاء، ليس عندهم إلا علم ضحل ، (كسراب بقيعة
يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا} .
القارئ: (وفي خُلُوِّ التلقينِ من الزَّغَلِ والشوائبِ والكَدَرِ ،سيْرٌ على مِنْهَاجِ السلَفِ، واللهُ الْمُستعانُ.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (قوله:
(خلو التلقين) : يعني تلقين العلم ، (من الزغل والشوائب والكدر ، سير على
منهاج السلف) ، يعني ينبغي للعالم والمتعلم أن يكون التعليم والتعلم منهما
خاليا من هذه العيوب، بل ينبغي أن يكون صافيا ، بحيث يكون المعلم يريد بذلك
إيصال العلوم إلى الطلاب دون الاستعلاء عليهم أو إظهار علمه عليهم أو ما
أشبه ذلك ، ويكون التلميذ كذلك واثقا مطمئنا إلى ما يقوله معلمه، لأنه إذا
كان يتعلم منه يقول أنا أتعلم الآن ولكن إذا خرجت أبحث عن عالم آخر فكأنه
لم يأخذ عن هذا العالم أخذ واثق ، أو (...) وهذا يضيعه بلا شك .
لكن
إذا أخذ عن العلم أخذ مستفيد واثق ، ثم بعد ذلك إذا كبر وترعرع في العلم
وصار عنده ملكة ، فلا مانع أن يخالف شيخه فيما يرى أن الصواب في خلافه .
لكن مادام في زمن الطلب فليتكأ على من يتعلم على يديه وليأخذ كلامه بثقة
واطمئنان ، حتى يرسخ، أما أن يأخذ ويقول: إذا خرج أبحث مع أناس أو مع طلاب
علم هذا لا يصح أبدا ولا يستقيم للطالب طلب على هذا الوجه.
القارئ: (وقالَالحافظُ عثمانُ بنُ خُرَّزَاذَ (المتوفى سنة 282 هـ ) رَحِمَه اللهُ تعالى : ( يَحتاجُصاحبُ الحديثِ إلى خَمْسٍ ، فإن عُدِمَتْ واحدةٌ فهي نَقْصٌ : يَحتاجُ إلى عَقْلٍ جَيِّدٍ
، ودِينٍ ، وضَبْطٍ ، وحَذَاقَةٍ بالصِّناعةِ مع أَمانَةٍ تُعْرَفُ منه.
(قلتُ: أي الذهبيُّ : ( الأمانةُ جزءٌ من الدينِ ، والضبْطُ داخلٌ في
الْحِذْقِ ، فالذييَحتاجُ إليه الحافظُ أن يكونَ تَقِيًّا ، ذَكِيًّا ، نَحْوِيًّا ، لُغَوِيًّا ،زَكِيًّا ، حَيِيًّا ، سَلَفِيًّا يَكفِيه أن يَكتُبَ بيَدَيْهِ مِئَتَي مُجَلَّدٍ، ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ وأن لايَفْتُرَ من طلَبِ العِلْمِ إلى الْمَمَاتِ بِنِيَّةٍ خالِصَةٍ ، وتوَاضُعٍ وإلافلا يَتَعَنَّ ) اهـ.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ): (هذه ثقيلة من الذهبي رحمه الله ، لو بقينا على كلام الحافظ عثمان بن خرزاد لكان أحسن.. يعني أهون علينا.
- الأمانة جزء من الدين ، فتدخل في قوله : (تحتاج إلى عقل جيد ودين).
-
والضبط داخل في الحفظ ، يعني حذق الشيء بمعنى فهمه وأدركه جيدا. كم يبقى من
الخمس؟ يبقى ثلاثة لكن دخل علينا أكثر من الثلاثة، - يحتاج إلى أن يكون
تقيا ، هذا صحيح، والتقوى رأس كل عبادة وهي الأصل، والتقوى هي فعل أوامر
الله واجتناب نواهيه لأن بذلك تكون الوقاية من عذاب الله.
-
ذكيا يعني ليس غبيا ، ضد الذكاء الغباء بأن يكون عنده فطنة وكم من إنسان
حافظ وليس بذكي ، وكان رجل ممن سبق حافظا جدا، سريع الحفظ، بطيء النسيان ،
حفظ (الفروع) لابن مفلح ، وهي ثلاث مجلدات كبار، وهو حاوي لجميع الوفاق
والخلاف وكان يحفظه كما يحفظ الفاتحة ، لكن لا يفهم منه شيئا لأنه غير ذكي ،
فكانوا يلقبونه بحمار الفروع : لقوله تعالى : {كمثل الحمار يحمل أسفارا }
لكن لا ينتفع به وكانوا يأتون إليه على اعتبار أنه نسخة ، إذا اختلفوا في
شيء راجعوه ، ماذا قال ابن مفلح في المسألة الفلانة؟ ، ثم يسرد لهم، فيكون
مراجعة، يعني كتاب مراجعة، فبعض الناس يكون عنده حفظ قوة حافظة ، إدراكا
وإبقاء ولكن ليس عنده ذكاء .
وبعض الناس بالعكس ذكاءه متوقد لكن ليس عنده حافظة .
-
نحويا لغويا : النحوي هو الذي يعتني بالإعراب والبناء وهذا يختص بأواخر
الكلمات، اللغوي يدخل فيه من تعلم علم الصرف وعلم مفردات اللغة ، وعلى هذا
فلا بد من مراجعة كتب النحو : كتب الصرف وكتب اللغة كالقاموس ولسان العرب
وغير ذلك .
- زكيا تقيا : الزكي والتقي معناهما متقارب ، فإن ذكرا فينبغي أن يحمل التقي على من ترك المحرمات والزكي على من قام بالمأمورات .
ويعجبني
أن أذكر لكم كلمة قالها شيخ الإسلام رحمه الله في أهل الكلام قال: (إنهم
أوتوا فهوما وما أوتوا علوما) يعني عندهم فهم لكن ليس عندهم علم . (وأوتوا
ذكاء وما أوتوا زكاء ). يعني أذكياء لكن ليسوا أزكياء.
-
حييّا : لكن بشرط : أن لا يمنعه حياؤه من طلب العلم ، ولهذا قال بعضهم : لا
ينال العلم حيي ولا مستكبر . يكون حيي ولكن لا يمنعه ذلك من أن يطلب الحق.
قالت
أم سليم للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (إن الله لا يستحي من الحق ،
هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟) قال : ((نعم إذا هي رأت الماء)).
- سلفيا : يعني يأخذ بطريقة السلف في العقيدة والأدب والعمل والمنهج وفي كل شيء لأن السلف هم صدر هذه الأمة الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )).
(يكفيه
أن يكتب بيديه مائتي مجلد )، ونعزي أنفسنا بأن المجلدات عندهم قليلة ، أي
قد تكون خمسين صفحة عندهم مجلدا ، فإن كان هذا هو المراد فلعل الله أن
يعيننا عليه ، وإن كان المراد بالمجلد أنه ستمائة صفحة ، فالواحد منا لو
يبقى ليلا ونهارا ما أظنه يكتب مائتي مجلد . مائتي مجلد * ستين صفحة كم؟
اثنا عشر ألف.
وقوله : (ويُحَصِّلَ من الدواوينِ الْمُعْتَبَرَةِ خَمْسَ مِئَةِ مُجَلَّدٍ)، ومن الذي عنده مكتبة بها خمسمائة مجلد؟!
على كل حال هم يقولون على قدر حالهم ونقول : الله المستعان .
(وألا يفتر عن طلب العلم إلى الممات) : هذا صحيح ، يعني أن طالب العلم يجب أن لا يفتر ، لأنه إذا عود نفسه الفتور والكسل اعتاد ذلك ،
ومن طلب العلا سهر الليالي
لا تفتر، ويقال : أعط العلم كلك تدرك بعضه ، وأعطه بعضك يفتك كله .
العلم يحتاج إلى تعب وعناء ، لكني أقول لكم: إن الإنسان إذا ترعرع في العلم سهل عليه أن يعلم أشياء قد لا تكون في بطون الكتب . لا سيما مع النية الخالصة وإرادة الحق والحكم بشرع الله فإن الله تعالى يهبه علما لا يطرأ على باله ، ولا يجده في بطون الكتب، وكثيرا ما نقف عند مسألة من المسائل في الكتب في مظانها ولا نجدها، ثم إذا فكرنا في آية من كتاب الله أو في حديث من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجدنا الحل ، لأن بركة القرآن والسنة لا يضاهيها أي بركة ، يقول: (بنية خالصة وتواضع) ، التواضع هذا من أهم ما يكون ، أسأل الله أن يرزقني وإياكم التواضع للحق وللخلق ، من أهم شيء لطالب العلم التواضع ، لأن التواضع خلق من الأخلاق العظيمة التي قال الله تعالى فيها لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : { وإنك لعلى خلق عظيم } فأعظم الناس تواضعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه أشرفهم مقاما عند الله ورتبة، قال : (وإلا فلا يتعن) ، يعني لا يتعب نفسه إن لم يتصف بهذا فلا يتعب نفسه ، ولكن نقول عفا الله عنك يا ذهبي، ارجع إلى قول الله تعالى : { فاتقوا الله ما استطعتم } ولنعامل الناس بما يمكن أن يقوموا به ، وإلا لنفر الناس ، لو قلنا للطالب يكفيك أن تكتب مائتي مجلد بيديك، هذه كفاية ، والأكمل خمسمائة أو ستمائة ، وله يكفيك أن يكون عندك من الدواوين خمسمائة مجلد ، والأكمل ألف مجلد، يعني لو قلنا للطالب هكذا لثقل عليه الطلب ، لكن نقول: يكفيك أن تكتب بيديك ما تقدر عليه بشرط أن يكون عندك حرص ونشاط في طلب العلم ، والله الموفق .
(...)
سؤال: (...) شريط يشمل أحاديث فقط
الجواب:
الأحاديث بارك الله فيك أهون لكن عندكم من الحكم الكثيرة ارجعوا إلى ديوان
المتنبي ارجعوا إلى روضة العقلاء تجدون من الحكم ما يملأ البدالة
والبدالتين.
تمت المقابلة الصوتية بواسطة: محمد أبو زيد
شرح الشيخ سعد بن ناصر الشثري حفظه الله
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: (ذكر المؤلف حال علماء هذه
البلاد وكيف كانوا يسيرون ، وابتدأ بعلم المعتقد والتوحيد لأنّ التوحيد
يقدم على غيره من الفنون وذلك لأنه أصل الأصول ، ولأنّ النبي صلى الله عليه
وسلم يعلم من دعاه أول ما يعلمه إفراد الله بالعبادة ، ولأنّ هذا هو الذي
يجعل الإنسان من أهل دين الإسلام ، ولأنّ النبي صلى الله عليه وسلم إذا
أرسل المعلمين يأمرهم بأن يبتدؤوا بهذا الأصل قال : (يا معاذ إنك تأتي قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله) ، وفي رواية (إلى شهادة أن لا إله إلا الله) .
ذكر المؤلف الكتب المؤلفة في هذا وهي كتب نافعة قيمة وكثير منها محل عناية أهل العلم في كثير من الأقطار.
قال المؤلف : (وكانوا مع ذلك -أي: مع دراستهم للمتون وتفهمها- يأخذون بجرد المطولات)
أي : بقراءتها بدون شرحها وقد يعلقون تعليقا خفيفا على شيء من هذه
المطولات ، و أدركنا ممن يقرأ المطولات وتُجرد في مجالسه كالشيخ عبد العزيز
بن باز غفر الله له.
ومثّل المؤلف بالكتب التي كانت تدرس: (بتاريخ ابن جرير ، وتفسير بن جرير ، وتاريخ بن كثير ، وتفسير بن كثير ، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية) ، فإنهم كانوا يحرصون على قراءتها ويبذلون من أوقاتهم من أجل تعلمها ، (وكتب أئمة الدعوة وفتاواهم لا سيما محرراتهم في الاعتقاد)
، وأعطيكم فائدة متعلقة بهذا وهي أنّ أهل العقيدة الصحيحة يبارك الله لهم
في أذهانهم و فهومهم ، ولذلك تجد عندهم من الفوائد مالا تجده عند غيرهم ،
فيكون عندهم من الاختصار في اللفظ ما ليس عند غيرهم ، فالأقوال القليلة
عندهم تدل على المعاني الكثيرة ، و ذلك أنهم لما جردوا عباداتهم لله وجردوا
مقاصدهم لله بارك الله في علومهم ، وبارك الله في أقوالهم ، ولذلك كلما
كان الإنسان صاحب معتقد صحيح فإنّ الله جل وعلا يجعلك تستفيد منه أكثر من
الاستفادة من غيره ، ولهذا انظر إلى كتب الشيخ محمد قرأنا منها كتابين في
الأسبوعين الماضيين ألفاظ مختصرة تدل على معان كثيرة ، وهذا من بركة ما
آتاه الله لذلك الإمام غفر الله له ، ثم إنه ينبهك إلى جزئيات تكون منطلقا
لك في حياتك كلها بكلام سهل يسير لا تجد مثل هذه التنبيهات عند غيرهم ، و
عند غيرهم تجد الكلام كثيرا طويلا وفائدته وزبدته قليلة ، ولذلك كان من فضل
الله جل وعلا على هذه البلاد أن جعل فيها من العلماء من يكون محل ثقة عند
العالم الإسلامي ككل ، وذلك أنهم ينطلقون في علمهم من معتقد صحيح ويؤسسون
علمهم على أصول صحيحة وقواعد للتعلم صحيحة ، وكذلك يستندون ويعتمدون في
كلامهم على أدلة شرعية واضحة من القرآن والسنة ونحوهما.
ثم ذكر المؤلف
كيف كان أولئك يشغلون جميع أوقاتهم بالتعلم فكانت الأوقات كلها عامرة في
الطلب ومجالس العلم ، ذكر المؤلف صفتهم في هذا والناظر في تراجمهم يجد هذا
واضحا جليا ، فحينئذ لا ينبغي للإنسان أن يلتفت إلى هذه المشغلات التي
تشغله من أنواع الألعاب أو أنواع المجالس أو أنواع الأحاديث الجانبية في
غير طلب العلم الشرعي ، ثم ذكر المؤلف ما هم فيه من هذه الحلقات من أدب جم
وتقدير فيما بينهم وعزة نفس للإنسان ، بحيث لا يذهب إلى سفاسف الأمور ، (مع التزامهم بطريقة ونهج سلفنا الصالح ولذلك أدركوا)
يعني: أنّ أهل هذه البلاد أصبح فيهم علماء أدركوا ، وصار منهم في عداد
الأئمة في العلم جمع غفير ، ولذلك لا زال أهل العلم يستندون إلى أقوال
علماء هذه البلاد ويرجعون إليهم ، وهذا من فضل الله جل وعلا ، وحينئذ طالب
المؤلف بالعودة إلى أصالة الطلب في دراسة المختصرات المعتمدة وأن يُرجع
إلى كتب أهل العلم ، أما الكلام والحديث والمحاضرات العامة و التي ليس لها
أساس ومنهج فإنها لا تضبط ، وبالتالي ينبغي أن نرجع في دروسنا إلى المتون
العلمية حتى نضبط العلوم ونعرفها ، وأما الكلام الذي يكون بدون رجوع إلى
كلام أهل العلم فإنه لا ينضبط ولا يؤسس طالبا للعلم ، لأنه يحفظ ما في هذه
المذكرات وينساها بعد مرور أوقات الاختبار فيها ، أو بعد مضي زمن ثم بعد
ذلك يصبح هو والعامي في مرتبة واحدة ، و لكن من ضبط العلم بمراجعة متونه
وأصوله ، فإنه حينئذ يتمكن من ذلك العلم ، ولذلك أيضا نعرف مواطن بحث
المسائل ، ومن هنا لا ينبغي أن نعتمد على مجرد الفهم وينبغي أن يكون لنا
طريقة في حفظ الأصول الشرعية كتابا وسنة ومتون أهل العلم فإنه بمضي الوقت
يضيع الفهم ويبقى الحفظ ، فالحفظ إذا بقي استعدت الفهم لأنّ الآلة عندك
موجودة ، ولكن إذا كان عندك فهم ولم يكن عندك الأصل فإنّ المفهوم يضيع
وتكون عندك الآلة لكن ليس عندك الأصل الذي ترجع إليه في الفهم.
قال : (وفي خلو التلقين من الزغل والشوائب والكدر سير على منهاج السلف)
، الزغل : ما يكون من الشوائب في أنواع الأقمشة والقطن ونحوه ، الشوائب :
ما يدخل في أنواع الحبوب من السنبل أو القشرة هذه يقال لها شوائب ، و الكدر
: هذا غالبا يكون في المياه الشيء غير الصافي ، فينبغي أن تكون المتون
والكتب التي نقرأها خالية من مثل هذا ، وهذه المذكرات قالها إنسان وتكلم
بها لكنه مرات يتكلم بكلمة ويَنِدّ ذهنه يريد أن يتكلم بكلمة فتخرج منه
كلمة أخرى ، وتجدون هذا عند كثير من المعلمين والمدرسين بينما الكتب حرص
أصحابها على ضبطها ثم بعد ذلك وُجد أناس كثر يتدارسونها وينبهون على ما
فيها من مثل هذا ، بخلاف هذه المذكرات فإنها لا تشتمل على مثل هذا ، ولازال
سلفنا وأئمتنا يسيرون على هذه الطريقة بمراجعة المتون العلمية ، فحينئذ لا
ينبغي أن تغرنا مثل هذه الدعايات التي تُنَفِرّ من كتب أهل العلم
المتقدمين .
ذكر المؤلف صفات طالب صفات راوي الحديث وصاحب الحديث:
أولها : (العقل الجيد) الذي يعرف به عواقب الأمور ويميز به بين المتشابهات ،
و(يحتاج إلى دين وورع) بحيث لا يعتمد على الظنة ، أو يكون كاذبا في حديثه أو يعتمد على رواية من لا يصح أن يعتمد على روايته .
والثالث : يحتاج إلى (الضبط) وهو تمام الحفظ .
والرابع : يحتاج إلى (حذاقة بالصناعة) ، معرفة القواعد التي يسار عليها في التعلم مع (وجود الأمانة) لكي لا يدخل في العلم ما ليس منه ، وينبغي أن يعرف بذلك حتى يوثق بكلامه ، فمن لم يعرف بأنه أمين لم يعتمد على قوله ، وذكر المؤلف أيضا كلام الذهبي فقال : (الأمانة جزء من الدين) ، بحيث يرجع بعض هذه الصفات السابقة الخمس إلى بعضها فالأمانة راجعة إلى الدين ، والضبط راجعة إلى الحفظ ، قال : ينبغي أن يكون (تقيا) وهو التقوى الٌإقدام على الطاعة والهرب من المعصية لله من أجل الآخرة ، وأن يكون (ذكيا) يعرف حقائق الأمور وضوابطها ، (نحويا) يعرف قواعد ضبط أواخر الكلمات (لغويا) يفهم معاني الكلام ، (زكيا) يعني طاهرا ليس في نفسه خبث ولا طوية غير محمودة ، (حييا) يستحي مما لا يليق به (سلفيا) سائرا على نهج سلفنا الصالح يبتعد عن البدع وعن أهلها ، (يكفيه أن يكتب بيديه مائتي مجلد) يعني أنّ طالب العلم حتى يصل يكتب بيديه مائتي مجلد من الفوائد ، ومن أنواع العلم ، (ويحصل من الدواوين المعتبرة خمس مائة مجلد) ، فإذا قرأ خمس مائة مجلد وكتب مائتي مجلد من الفوائد فقد أحرز العلم ، وتأهل للتعليم ، وعليه أيضا (ألا يفتر من طلب العلم) أي لا يتوقف يستمر ولا يمل (إلى الممات) إذا توقف وظن أنه قد علم أصبح ينتقل إلى الجهل ، ولابد أن يكون ذلك (بنية خالصة لله) لا يريد الدنيا ولا يريد مراءاة الخلق ولا يريد أن يكون له سمعة عندهم (وتواضع) بحيث لا يترفع ولا يتكبر ، قال المؤلف : (وإلا فلا يتعن)
في هذه الكلمة في النفس ما فيها وذلك أنّ طلب العلم قربة وعبادة ، فلو
فرضنا أنّ إنسانا كان بليد الذهن أو كان حفظه ضعيفا لا ينبغي أن يكون ذلك
صادا له عن التعلم ، لأنّ كل حرف يتعلمه يؤجر به عند الله جل وعلا ، فحينئذ
كيف يفوت على نفسه هذا الأجر ، ومن سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له
به طريقا إلى الجنة ، ولا يشترط في هذا أن يكون صاحب عقل جيد ، ولا أن يكون
صاحب حفظ وضبط ، ولا أن يكون حاذقا للصناعة، فبمجرد تعلمه يؤجر ولو لم يكن قادرا على الحفظ ، فهذه الصفات ينبغي أن نحرص على تحصيلها ، وإذا لم نتمكن من تحصيلها كاملة فلا يعني أن يكون ذلك صارفا لنا عن التعلم.
أسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح ،
اللهم يا حي يا قيوم فهمنا وعلمنا اللهم إنا نسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين ،
اللهم علمنا طرائق التعلم وفقهنا في ذلك وعرفنا بمراتبه واجعلنا ممن يتدرج في تعلمه ،
اللهم اجعلنا من أهل الرفق
والتأمل والثبات والتثبت وأبعدنا عن مجالس اللغو و الهيشات هذا والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السائل : فضيلة شيخنا .......
الشيخ :
هذا شيء يتعلق بالدرس ؟ لا تورد علينا إلا ما يتعلق بالدرس هذا مجلس تعلم
وليس مجلس فتيا ، حينئذ لا تورد علينا إلا ما يتعلق بالدرس ، فهمتم هذه
الفائدة في مجلس التعلم نفرق بينه وبين مجلس الفتيا فنحن هنا نتعلم
وبالتالي انظر ما يتعلق بموضوع بحثنا و دراستنا فأورده ، و مالا يتعلق به
فإنه يكون من خلط العلوم بعضها ببعض.
السائل : أحسن الله إليكم شيخنا .....
الشيخ : الكلمة استبدل العبارة بالكلمة ، نعم ، والجملة ، نعم ، يقول النبي الله صلى الله عليه وسلم : (أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : ألا كل ما خلا الله باطل) ما قال عبارة ، نعم.
السائل : أحسن الله إليكم شيخُنا .....
الشيخ مصححا : شيخَنا لأنّ شيخَنا منادى لتكون منادى مضاف وتكون منصوبة
السائل : أحسن الله إليكم شيخَنا ......
الشيخ : كما
تقدم أوردت عليكم ثلاث أو أربع صفات ، الأولى : الخطأ في نطق الكلمات ،
والثانية : عدم معرفة معاني المصطلحات ، و الثالثة : الخلط بين المسائل و
إدخال بعضها في بعض ، والرابعة : الخلط في أقوال أهل العلم بدون معرفة منشأ
الخلاف وتحرير محل النزاع ، نعم ، هذه علامات الشيخ الصحفي الذي يأخذ من
الصحف ولا يكون عنده إتقان للعلم ، نعم.
السائل : أحسن الله إليكم ......
الشيخ :
إني أنصحك بإعادة دراستها ففيها من الفوائد ما لا تعرفه من المرة الأولى
ولا من الدراسة الأولى ، فدراستك لهذه المتون مرة أخرى ينتج عنه ضبط ما
أخذته ، وينتج عنه معرفة فوائد جديدة لم تعرفها في المرة الأولى ، وينتج
عنه أيضا معرفة والقواعد الأصول العلمية في مسائل المعتقد ، خصوصا هذين
الكتابين أخص بالذكر هذين الكتابين كشف الشبهات ومسائل الجاهلية فإنّ فيهما
من الفائدة والعلم الكبير مالا يدركه الإنسان في الغالب من دراسته مرة
واحدة ، نعم.
السائل : أحسن الله إليكم .....
الشيخ : كما
تقدم أنه يتعلم العربية ليتكلم بها في أول أمره لتكون سليقة في كلامه ، ثم
بعد ذلك يتعلم القرآن ، و بتعلمه للقرآن يكون قد عرف شيئا من لغة العرب و
أساليب كلامها ، ثم يعود فيعرف قواعد النحو ويعرف القواعد المتعلقة
بالبلاغة ونحو ذلك ، نعم.
السائل : أحسن الله إليكم .......
الشيخ :
التدرج في القواعد الفقهية الأصل فيه أن يؤتى بعالم متقن فينتقل معه من
كتاب إلى كتاب ، و بفضل الله عز وجل علينا في القواعد الفقهية أننا كنا
ندرس أولا قواعد متن المنظومة للشيخ ابن سعدي ، وقد يسر الله جل وعلا طبع
أحد الشروح التي شرحناها لهذه المنظومة ، ثم بعد ذلك يقرأ في كتاب ابن سعدي
اختصار قواعد ابن رجب تحفة أهل الطلب هو كتاب جيد ومتين ، ثم بعد ذلك
ينتقل إلى مطولاته كقواعد ابن رجب ونحوه ، هذا تدرج سرنا عليه مع طلابنا ،
وهناك من يتدرج بتدرج آخر وكل على طريقته ومنهجه ، في الأصول أيضا تدرجنا
بكتاب الورقات ، ثم بعد ذلك قواعد الأصول ، ثم بعد ذلك المختصر لابن
اللّحام ، ثم بعد ذلك ما يتعلق بروضة الناظر .
نسأل الله عز و جل أن
يزقنا وإياكم علما نافعا وعملا صالحا اللهم يا حي يا قيوم نسألك أن تهدي
ولاة أمورنا لكل خير ، وأن تجعلهم من أسباب الهدى والتقى والصلاح و
السعادة ، هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .